وداعاً عصمت العالم

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

وداعاً عصمت العالم

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


وداعاً عصمت العالم

وإذْ صِيحَ فيهِ بالرّحِيلِ، فهُتّكَتْ ...... عَلى عَجَلٍ أسْتَارُهُ وَسَتَائِرُهْ
وَوَحْشَتُهُ، حَتّى كأنْ لَمْ يُقِمْ بِهِ ...... أنيسٌ، وَلمْ تَحْسُنْ لعَينٍ مَنَاظِرُهْ
وَلمْ تَجْمَعِ الدّنْيَا إلَيهِ بَهَاءَهَا ...... وَبَهجَتَها، والعيشُ غَضٌّ مكاسرُهْ

البحتري

(1)

أي صوت أحزنني بالخبر؟ حزيناً كأن به سُكرُ مُنفلت، فرّت العصافير من موجوع فقده، وألجمت السماء دموعها الطرية بالندى، وعمرت شياطين الوحشة بيتنا .أبى صديقنا "عصمت" إلا أن نتشارك وشعب السودان أحزاناً وبيلة. غدى الليل حالك السواد، وزمجرت البروق بصراخ الرعد. لم أره إلا في الصورة، ولكني اشتركت معه المفارح والمصائب العظام .لم أزل أذكر الملف الضخم الذي أفردناه في مدونة سودانيات ومعي الراحل " خالد الحاج " والراحل " عصمت العالم" حول مجزرة بيت الضيافة 1971. صديق ولد من رحم صداقة التواصل الاجتماعي. عرفته وعجمت أخلاقه وسيرته الأم درمانية، وبين أصدقائه الذين يشتركون أخوتنا. كان سمح السيرة ورفيق المعاملة وأخلاقه ديدن معرفتنا به. عرفته من سيرة قلمه الحنون بيننا. فانسابت جداول مزماره ، بألحان الكلام، ووثبنا للمعرفة ثم الصداقة التي في درجتها ومعناها الفاضلة، لا يشوبها مصلحة ولا تُخدرها لذة. صديقة بلا أثمان. تهب لنجدة صديقك لأن في غرزك ميراث الفضيلة ثابت، ومعيار النقاء فوق الشبهات.

(2)

كتب" عصمت " في مدونة ( سودانيات ) الإلكترونية عام 2007:

{ وهل تخطت.. أعمارنا.. زمان الحب..؟؟
ومضى الربيع باخضراره. وندى قطراته.. وتفتح ازهاره.. وعبق عطره الشذى والدعاش.. ومضت الأيام في تلاحق المطاردة وهى كل يوم تطوى صحائف صور الذكريات، وتغرق الاحساس بذلك الغياب المتواصل. والعمر يمضى بركابه وهو يحمل ثقل بواكير الصبا ..والشباب. وايراق كل ذلك النضار.. وانحسار تدفق الحيا’..وتتبدل الملامح..؟ وتختلط القسمات بتداخل تقدم العمر.. وسنوات الحياة.. وتختلف ايقاعات الترديد في أنغام ترديدها.. ورنين جرسها.. واصطفاق صراعاتها...وتتغير معالم الكون...والاحساس يكبر ويشيخ . ويعتليه الهرم والعجز, وتتداخل ارتعاشات الدفق وهى في تباين ذلك التوتر بين التحديق والتصديق والفكرة...ويطل الخريف بسحب ظلامه.. ودوي رعوده...وقمطرير أيامه.. وتتضح مسافات الفوارق والابعاد، بين ربيع وصبا.. وخريف وشيخوخته.. وهرم... ترى هل في حواشي تلك الدواخل ..ترنيم يواكب زمن ارتعاش خريف العمر.. الذى يتجول بين ضعف. ومرض عضال.. وخواء وعدم...اللهم نسالك حسن الختام..}

https://sudanyat.net/vb/showthread.php?t ... A%C7%E1%E3

(3)

مداده الإلكتروني متدفق الأرجاء. نهر لا تحاصره الضفاف، ولا ترجف العواصف مسيره، كوادي نهر النيل ، أزرق كلون السماء ، طيب كطعم الأرض والبلل، متكور كحبات الندى. ينتقل كفراشات الأزهار، تنقل هجينات الإخصاب في أرجلها.

حمل ماكينة في صدره لضبط نبضات القلب، ولم يشتكي. كتوم الغضب رغم ما جناه من صلف الإخوان المسلمين، فاحتوته المنافي، ليقضي بقية عمره في عاصمة الضباب. وديع وداعة غزال بري ، يستشعر خطر المفترسات، ويمضي في طريقه. يضمّد جراحك حين تلقاه، ويعصف بك الحنين إلى الوطن، حين تسمع كتاباته مُنمنمة بالعطر العاطفي، وتمتلئ بالشجن.
طيب لا تقابل منه ألا طيباً.

(4)

نقتات من لحم الحزن عله يشفي ما بنا. وقد استوطننا الليل بسواد وشاحه، ولم نعد نحفل بالألوان، وليست الدنيا تستبقينا على يقين، ودموعنا شراب لوعتنا. بدأنا نرى الحياة في صورتها، داكنة السواد ، متوشحة الدماء، وبها تغتسل: قتلى بالرصاص وبغيره، وغرقي في النهر عمداً كي لا يشاهد أحد الجرم، ونرى الجرم ثابت بالصوت والصورة. فخلف كل حجر، أذن مبثوثة، وعين ترى ما لا يراه المجرمون.
غادر دنيانا "عصمت" ونحن في أمس الحاجة لكتف حانٍ، يقبلُ عويلنا الصامت. فما عدنا نرى من بين الجفون فجوة سعد. هاتيك الصخرة الصماء ترتجف في حضرة الماء الزلال، ويئن صوت الجذور من تحت التربة، وتخضر الساحة، وتزهر الأشجار وتغني العصافير من جديد. غناء وجيع غمرت بهجته الأحزان الثقال. هل أتى على الإنسان حيناً من الدهر، ليخفي حزنه في حدقات الجفون، أو ترائب الصدر؟

بأنك ربيع وغيث مريع، سكنت الأرض التي كنت عليها تمشي، وأنت زاهد. غمرتنا بهجة حين لفّتنا بشارتك بالألق. وكنا نظن أن الليل الأسود الطويل قد رحل، أو أن الشقاوة قد فارقتنا فراق ( الطريفي لجمله ). وحضر الحق الذي تذوب كل الخيلاء بين أجنحه. وغطّتنا الحقيقة بثوبها الثقيل، الذي لا مندوحة أنّا شاربي الكأس مرة، بل مرات.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

عبدالله الشقليني
6 يونيو 2019
*
منصور المفتاح
مشاركات: 239
اشترك في: الأحد مايو 07, 2006 10:27 am

مشاركة بواسطة منصور المفتاح »

هل حقاً رحل عصمت العالم أحد الدراويش فى دراويش فى بوادى الكبابيش التى مشاها معنا ومشى فى ربوعها ووهادها
ونجادها وشقّ معنا شخاثيرها ووديانها وأياديها، شوقر معنا فيها ونشق وأستجم فى الدمره ومشى رحلة المواطاة شمالاً حيث
النباتات الصحروايه والواحات النوادر والأفق الهلامى والسراب الخداع، جالس معنا الشيخ وتسمّر صاغياً فى أدبٍ لافتٍ متعطش
للمعرفةِ وسبر أغوار البدوان ومعرفة حقيقتهم المدهشه، تناول معنا الطعام مطالةً وداقريس باللبن والثريد وشرب معنا فناجيل
السمن الزاكى والبانجقلى لبنا خالصاً كُتِح عليه الشاى بالقنديله لا بل قربة حوار لا يصقع إلا أربعة من أم قرين الطلساويه
ومعنا ملك الطيلسان الموج صانع الدقق وراويها وعقاد القٌصص الأممى ويحى عبدالكريم المحامى ويتحلق حولنا العربان وكاننا
أهل الكهف فى الغرابه، شرب معنا الحسوة والبقتية والعسليه عَروضاً يُقدم فى البيشان مع اللحم الهُبر مسلوقاً ومشوياً وكبدة الإبل
الطازجة الطرية كما التبش والعجور وعلى أنغام الحكامات وغناء الجرارى والتويه وكرير الطنابره وخوجال الفناجره والجناييت
خطف الشبال كما الهرع فى السرعة والتصويب وأمات قرقدن ممرون كما الخيل الجوامح فى الحركة والرزم وكما البريب
الكحيل الأبرق جمالاً عبران البوادى القواسىأقرب إليك وداداً وأبعد من المستحيل منالاً إلا بخشم البيت وكم فعلن فى ذلكم
العصمت الفواعل وأعتصم بالآهة والوله الجميل سار معنا لكبور الصيد بطقوس العربان ورأى صيد الأرنوب بالسفروق وكباش
الصيد بالكلاب والطير حباراً وقطا بالشبك، يا لها من أيامٍ روائع ويا لها من رفقة نبيله فقد سرب منا خلسة الموج ويحى برفقة
شباب من البدوان وأنفقا الليل كله غياً وغواء وأنساً ونحن نتقلب شوقاً لرجوعهم سالمين فعمق البادية مخيف
إن لم يكن معل دليل عارف. فكم أنفقنا الليالى الطوال فى الأنس المعافى مع شبابها أناثاً وذكران وكم كلِفنا بهم وببساطتهم الواعيه
اللافته وكم أعجبتهم طرائقنا فى القول والحراك والتأمت أرواحنا وكاننا خُلقنا لبعضنا البعض حضرنا بوش ود الشيخ وياله من بوش
جُزرت فيه النياق والبقر والخراف بلا عدد ولكل تاية حقها من اللحم وقدرها وصاجها والبهار فأكلنا حتى بركنا كما الإبل وشربنا
ولعبت بنت الزريعة بالرؤوس حتى كدنا أن نقول للجمل بس وأنتشينا بالغناء والطرب والرقيص الما خمج الذى تتخنق دلاليكه وتختنق
أرواحنا شوقاً إلى حسناواته الحادقات كما عسل السدر كل ذلك وفى معيتنا ذلكم العصمت الذى ترجل الآن للقاء ربه تاركاً فينا
غصة حزنٍ دفينٍ على ما سبقته من قصة فقد الثوار فى حرم قيادة القوات المسلحه حامية حمى الوطن بالقوة وآكلة كباد الثوار بالفعل،
اللهم أرحم عبدك وحبيب الكل عصمت العالم اللهم عفوك ورضاك عنه اللهم أغفر له وأنت العفو الغفور، اللهم تب عليه وأرحمه وأنت
التواب الرحيم، اللهم أغدق عليه فى رحمتك وأكفه بها يا رحمن الدنيا والآخره، اللهم لطفك به وأنت اللطيف الخبير القادر، اللهم أوسع
له فى القبر ودرجه عند صراطك وتخطفه بطيور رحمتك لأعلى الفراديس اللهم لا تحرمنا وأهله من أجره ولا تفتنا ولا تفتنهم من بعده
وأغفر لنا ولهم وله ولا حول ولا قوة إلا بالله والعزاء لأسرته والأبناء والأهل والصحاب وللإخوه الموج ويحى والشقلينى
ولا حول ولا قوة إلا بالله.



منصور المفتاح
مشاركات: 239
اشترك في: الأحد مايو 07, 2006 10:27 am

مشاركة بواسطة منصور المفتاح »

العزيز عبدالله الشقلينى لك وعليك من الله السلام ولك صادق العزاء فى ذلك الفقد الذى نحسبه شهيداً لموته فى زمن الثورة
العملاقة الفتيه والتى يتوق ويتطلع لنجاحها وتحقيقها لأمانى الثوار وأمانى الثورة وأمانى السودان ويا له من فقد كبير أسهم كما
أشرت فى إضافات ثره فى شتى المناحى بلغته الأدبية الرقيقة الراقيه والتى أرتقت بنا فى شتى الجوانب فقد بكاه غيرنا كل
أصدقائه فى المنابر والمهاجر والملاذات وفى الوطن وبكاه أهله والصحاب بالسودان بكاءً حاراً وصادقاً فقد طالع ما كتبناه نفرٌ لا
يعرفونه ولكنهم تأثروا بما عرفوه عنه وذهبوا لأداء العزاء وتقدم كل أولئك من أهلى بالسروراب الفريق أول جلال الشيخ الطيب
عضو المجلس العسكرى لا بل صاحب المبادرة فى الإنقضاض على الحكومة السابقه وإلزامها بالتنحى حقناً للدماء ولو لا إستقالته
باكراً لما حدث ما حدث من فوضةٍ وقتلٍ وإستباحةٍ لدماء الشباب الثائر والتعدى على حرمات الأسر فى الخدور
وصاحبه فى ذلك المقصد النبيل الدكتور اللواء طيار محمد عظيم النور قائد طيران الشرطه والعقيد الجيلى تاج الدين أبوشامه
والأستاذ محمد عظيم البشير أبوشامه لأداء العزاء لأسرته فى فقدهم الكبير بأمدرمان ولأهله آل العالم أنزل الله عليهم الصبر
جزى الله عنا كل خير الإخوة بقيادة سعادة الفريق أول جلال فهم حقاً من الأخيار أبداً ودوماً، كما أعزى أسرته المكلومة فيه
مبتدئاً برفيقة دربه وسنده وعضده فى الغربه وفى التنشئه سلوى يوسف الفرغلى ولأبنائه وليد، ولاء، وائل وزينب وأسأل الله
أن يتنزل عليهم بالسلوان ويمطرهم بالصبر واليقين والإحتساب وأن لايريهم مكروها فى عزيز ويقويهم لتقبل الإبتلاء ولا حول
ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون ولك جزيل الشكر يا شقلينى.
أضف رد جديد