و نحن من نفر عمّروا الأرض في ألمانيا أيضا

Forum Démocratique
- Democratic Forum
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و نحن من نفر عمّروا الأرض في ألمانيا أيضا

مشاركة بواسطة حسن موسى »



قبل فترة طلب مني الصديق الدكتور حامد فضل الله عمل تصاوير لكتاب يحتوي على نصوص ادبية سودانية تضامن على عمله مجموعة من السودانيين المقيمين في ألمانيا. فرحت بالمهمة الجميلة و في خاطري عبارة الشاعر محمد عثمان عبد الرحيم
ايها الناس نحن من نفر عمّروا الأرض حيثما قطنوا
و أنا منحاز بشكل تلقائي لكل جهد جمعي موضوعه الخلق الأدبي و الفني و حماسي يتنامى حين يتم الجهد بين الأشخاص المقيمين تحت شرط الشتات الرمزي و المادي و المبعثرين في أنحاء الدنيا ،ذلك لأن هذا النوع من الجهد المشترك ـ بالإضافة للأثر الفني ـ ينتهي دائما لتعضيد علاقة الود بين الأشخاص الضالعين في المشروع الأدبي المعين. و من تجربتي فأفضل صداقاتي الباقية انعقدت دوما على مشاريع العمل العام المشترك. فشكرا لحامد فضل الله و كوكبة الصحاب في ألمانيا.


هنا مقدمة البروفيسورة أنجليكا نويفرت
Angelika Neuwirth
لكتاب (كتابات سودانية: قصص قصيرة وشعر ومقالات) الصادر باللغة الالمانية عن دار الدليل ببرلين في مارس 2018.

ترجمة د. حامد فضل لله / برلين



تُقدم مجموعة من الكتاب السودانيين نفسها في هذا الكتاب للقارئ الألماني ، وهم ليسوا كلهم بكتاب محترفين، وإنما يشاركون كأفراد في الحياة العامة في ألمانيا، مثلا كأطباء أو خبراء كمبيوتر. ولا تُقدِّمْ (كتابات سودانية) توثيقا للحياة في السودان إلا عَرَضاً، إذ أن معظم أحداث حكاياتها يدور في ألمانيا، وهي لا تدور بالضرورة في بيئة المهاجرين العرب. ومع ذلك، فإن جميع المؤلفين يكتبون قصصا قصيرة، و"قصصا قصيرة جدا"، وشعرا وقصصا للأطفال تحمل بدرجات متفاوتة طابع الثنائية القومية الذي يميّز خلفية المؤلفين.

إنها من ناحية شهادات على ادراكهم للمجتمع الألماني، وخاصة ما يكتبه حامد فضل الله، أخصائي أمراض النساء والتوليد المقيم في برلين، الذي يعود بذاكرته إلى السودان عبر قصة قصيرة واحدة فقط ، تدور أحداثها في عيادة متواضعة اثناء عمله هناك ، بينما يجعل كل قصصه الأخرى تدور في المانيا والتي تدور في الغالب حول المشاكل الجنسية وما يرتبط بها من صراعات تُحكى ببساطة ، وهي مثيرة ومتعاطفة دوما مع بطلات قصصه الالمانيات.
حامد فضل الله الذي لا يكشف في قصصه عموماً عن أصله الأجنبي صراحة، تتبين نظرته كغريب بشكل غير مباشر من خلال نظرة نفسانية تسلط الضوء على “الآخر” في الشخصية الألمانية ، فهو يركز على خصائص "الآخر" وعلى الحياة العاطفية "الأخرى" المعقدة للنساء الغربيات، مقارنة بوطنه الأم.
مرة واحدة فقط يتعرض فيها لـ "اختلافه" هو عن الأخر ولكن هذا يأتي ايضا في سياق تذكر علاقة حب. أما حدة الصراع الذي يحتدم داخله تجاه البيئة الألمانية فهي تظهر في قصة وحيدة، لم تُكتب مباشرة بالألمانية وانما تُرجمت عن العربية وتدور حول صراع أيديولوجي.

قصتان لـ أمير حمد ناصر الباحث في الأدب العربي، إهداء لذكرى عاشقة فُقدت أو صديق رحل، وهما مصاغتان بحنين و مشحونتان باقتباسات من الشعر أو من الأغاني. اما محمد محمود فيستخدم في المقابل نوعا أخر من السرد، فعنوان قصته "حكاية الرجل الذي لم يصدق قصة النملة" يعدنا بمعانٍ كامنة في طبقات تحتية. إنه أدب العبثية الذي أصبح شائعا في المجتمعات ذات الحكم الشمولي منذ بداية القرن الماضي. تبدأ القصة بحادثة جاءت في القرآن الكريم ، وهي قصة الحيوانات المتكلمة في محيط الملك سليمان (الذي أصبح حسب التراث الانجيلي حاكماً للجان والحيوانات الناطقة). في وادي النمل الذي يريد الملك سليمان عبوره ، متفقدا جيشا من الجان والحيوانات، تحذر نملة رفيقاتها من الحاكم، و تدعوهم إلى الاختباء ليأمنوا بطشه. يرضي هذا التحذير كبرياء الملك العظيم ، الذي يفهم ايضا لغة الحيوانات، فيغتبط ويتعهد (بشكل غير مباشر في الصلاة) بنبذ العنف. هذه النهاية هي محور شك بطل القصة الذي لا اسم له في قصة محمد محمود. هو يرفض تصديقها. فالعنف هو الواقع الذي يعيشه، ويصبح هو نفسه ضحية لألوان متعددة منه على يد اصحاب السلطة من عيارات مختلفة، فهم يجسدون جميعا شخصية الملك سليمان الذي لا يرحم: رجال الشرطة، الأطباء، الممرضات، علماء الدين وأخيرا جلاده. إنها قصة تخلو من أي إشارة إلى مكان أو زمان ، وبدون أسماء، ولكنها تتضمن نقداً اجتماعياً صارخاً يهز المشاعر. وقد قدمت لنا عبير بشناق ترجمة ممتازة لها.

ثلاثة عشر "قصة قصيرة جدا"، مع تباين كبير في المضمون والاسلوب – تضم العديد من قصص الأدب العبثي إلى جانب تلك التي تشير بشكل صريح الى تجارب نفسية من الحياة اليومية – يتبعها قسم الشعر. تُرجمت القصائد عموما من اللغة العربية الأصلية. لا يزال الشعر أكثر من مجرد جنس أدبي في جميع انحاء العالم الناطق بالعربية ، حيث يعتنى به العديد من المتعلمين كنشاط فني ويحفظه الأكثر ثقافة منهم عن ظهر قلب. تعتمد القصائد أكثر من القصص على توصيل الطبقات الخفية الكامنة في الكلمة ، والتي يجب شرحها اولا للقارئ الذي لا ينتمي الى نفس البيئة الثقافية. تنعكس هذه الصعوبة أيضا في الاقتباسات الشعرية ، المبثوثة في القطع النثرية ، التي لا يسهل دائمًا الوصول إلى معناها الأعمق للقارئ الخارجي. وقد أولى الناشر حامد فضل الله أهمية خاصة للشعر وحرص على أن يكون حاضراً ضمن مختاراته. يُفتتح قسم الشعر بقصائد لمحمد الفيتوري ( 2015 ــ ?1930). الذي يمكن اعتباره أهم شعراء السودان. وعلى الرغم من أنه ليس معاصراً للكُتاب إلا أنه ينتمي إليهم ، فقصائده هي جزء من كنز ذاكرتهم. ومن هنا فهو يتبوأ في المختارات مكانة فريدة يبدو معها وكأنه شعار الهُوية.
يضم الكتاب أيضا مجموعة من القصائد المعاصرة لـ صلاح يوسف وأمير حمد ناصر ومصطفى بحيري - تُرجمت لأول مرة، أو مؤخراً إلى الألمانية.
يتبع ذلك قصص قصيرة للأطفال والشباب لـ حسن حميدة ، وهو جنس جديد في الأدب العربي. القصص عن الحيوانات في الوطن السوداني موجهة إلى الأطفال ، اما تلك المتعلقة بالهروب والاستقرار في أوطان جديدة فهي مصاغة من منظور البالغين وموجهة غالباً للشباب.

يقدم لنا قسم "النثر" شخصيات معاصرة مختارة. و يبدأ بقصة حياة السباحة السودانية (سارة جاد الله ـ المترجم) التي حققت ارقاما قياسية على الرغم من الاِعاقة الشديدة. ثم ينتقل إلى شهادات ذاتية لبعض الكتاب والشعراء ممثلين لأنفسهم في المختارات. فيقدم صلاح يوسف مثلا حساباً مريراً لمعاناته في الغربة ، يقابله النص الايجابي المتسامح المتوازن بقلم المحرر والمؤلف المشارك حامد فضل الله.

أما ما قدمه مجدي الجزولي حول تواصله المكثف مع الأدب الألماني ، رغم العقبات العديدة ، فهو جدير بالذكر و يوضح مرة أخرى قرب بعض المؤلفين السودانيين شخصيا من الثقافة الألمانية.
يقدم لنا الكتاب الذي يكتسب قيمة إضافية من خلال رسومات حسن موسى، نظرة صادقة الى عالم حياة وعالم فكر العديد من المفكرين السودانيين في ألمانيا، وهو يشع سلاسة بلا تكلف ، ولا يبحث عن مناطق الاختلاف ، كما أنه لا يقدم للقارئ الألماني صورة مقولبة لـ “الغريب”. أما أسلوبه فيمكن القول أنه يتأرجح ما بين النمط الألماني والنمط السوداني.

على الرغم من أن أحداث القصص تدور بعيدا عن السودان فإن العنوان "كتابات سودانية" له ما يبرره، حيث أن الكثير من هذه الكتابات السودانية ، أو بشكل أكثر عمومية، الكتابات العربية ، لها مرجعيات من التراث الشعري العربي، كما أنها تحتوي على أماكن ومشاهد عربية نموذجية وإن لم تذكر بالاسم. إن الكتاب يستحق الاعتبار كمرآة للمجتمع الألماني ، ولكن أيضا للمشاكل والتناقضات الداخلية لوجود سوداني في هذا المجتمع.

1ــ أنجليكا نويفرت أستاذة ومديرة معهد الدراسات العربية السابقة في جامعة برلين الحرة والمديرة السابقة لمعهد الشرق التابع للجمعية الشرقية الألمانية في بيروت واسطنبول.
آخر تعديل بواسطة حسن موسى في الأربعاء مايو 23, 2018 9:06 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]
السلام للجميع

وسلام عليكم، أخانا حسن موسى،

وعلّكم طيبين في أحيائكم.


قراتُ لك بي فوق: (و في خاطري عبارة الشاعر محي الدين فارس
ايها الناس نحن من نفر عمّروا الأرض حيثما قطنوا )


وَ رحم الله مُحيي الدين، شاعر لن أحيد، وكثير إبداع، لم يفته حتى: ليلٌ ولاجئة ..


لكن، حسب عِلمي، ف: أيها الناس نحنُ من نَفَرٍ عمّروا الأرضَ حيثما قطنوا ..

من إبداع، المرحوم/ محمد عثمان عبدالرحيم .. صاحب: أنا ســـوداني أنا .. والرحمة تشمل، العطبراوي ..



وبعدين نجيء للهرر والهِرّات الهركولات ..



مع التحايا
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا

مشاركة بواسطة حسن موسى »

أبو جودة
يا أخانا الذي في الآدب
لك التحايا و العتبى لشاعرنا محمد عثمان عبد الرحيم حتى يرضى و الرحمة تشمل المغنين و الشعراء و الأولياء أجمعين. و عزائي في قوله"فوق كل ذي علم عليم' و كذا.
طبعا مكاتيب السودانيين المقيمون في بلاد الجيرمان مترجمة للألمانية لكني ساسعى لدى القوم حتى نحصل على بعض النصوص العربية المختارة لبذلها لقراء سودان للجميع فتعم الفائدة
سأعود
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

ديل لي هسـّة ساكتين كِدا ..؟!

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]

مرحب حسن، وبُورِك فيكم ..

عجبتني كلمة أنجليكا،
ثم تمدّد اعجابي إلى ترجمة الدكتور حامد فضل الله، فالكلام جيرمني و"روح منطقه الداخلي" سوداني ال جوّة وِجداني، أو ال "في حَناني ذاتو 8-)" بالطبع، ما يزال هناك بلدٌ يتسمّى السودان(!) غصب عن الأسامي والتّسامي والسامية ذاتو :lol:

كذلك فقد أُعْجِبتُ كثيراً بعبارتك "وصف الخُنتَيْلة" دي:
(و أنا منحاز بشكل تلقائي لكل جهد جمعي موضوعه الخلق الأدبي و الفني و حماسي يتنامى حين يتم الجهد بين الأشخاص المقيمين تحت شرط الشتات الرمزي و المادي و المبعثرين في أنحاء الدنيا ،ذلك لأن هذا النوع من الجهد المشترك ـ بالإضافة للأثر الفني ـ ينتهي دائما لتعضيد علاقة الود بين الأشخاص الضالعين في المشروع الأدبي المعين.)،

وقد استعدتُّ قراءتها مرّات، وفي كل مَــرّة تتفتفَت عليّ منها معانٍ جاسرات، وقد تـعصّى عليّ فهمها أوّل المُنتَهىَ! حتى تساءلتُ بيني ونفسي: إمكن عشان أنا صايم ساي (بمعنى بلا سحور؟!) ففطرت ثم نظرت لكن الحال في حالو..! جِنِس معانٍ عجائب، ومع ذلك فقد شعرتُ لوَهلةٍ بأني ربما التأمتُ على ارتماءٍ معرفيٍّ منها يفيد؛ وسُرعان ما استبانَ أنّ "ما انفهَم" في حدّ ذاتو -"يا عَملات بِشّة الذي نَشّة"- لم يزد عن كونه فلقاناً ومُداواة في نفس الوقت؛ فالمفهــوم موجود موجود يا وِلداه.. بس وين؟ والأزمة مكانها وين..؟! اللهُ العليم. إنه تماماُ كـــ تعريف " تلك الحقيقة" لصاحبكم المرحوم سالم: إنها تبدو ولا تكون.

بلا أدنى ريب، فإن المرحوم، شاعرنا محمد مفتاح الفيتوري، شاعر سوداني مفوّه وإنّه لَفيلسوف، ولا تنقصه الحَالمية، وقد وُلد وعاشَ يسيراً في "غرب بلادي" ثم التحق بالسكندرية مع أبناء خالته، منهم المرحوم، شاعرنا: محي الدين فارس. وهذا ال مُحي وذاك المِفتاح، قد كانا كفَرَسَيْ رِهان، لكلٍّ منهما برزاته وتخواته وكلماته السَّنيّات. أما أن تقرر مجلة لــ كتابات سودانية في ألمانية وبالألمانية بأن الشاعر الفيتوري هو: أهم شعراء السودان، فأنا دا أقول لا.. والصحيح أنه: " من أهمّ ".
ليه يعني؟ Ummal ناس المجذوب و تجاني وجمّاع ومحي الدين، وحتى ناس توفيق! ناهيك عن شرف و كطف وتطرّف؟ هايروحوا فين يعني؟


مــَا لِعبثيات الأخ محمد محمود وتعريف الألمانيين بالسودان من قريبٍ أو بعيد؟ هل يتحدّث محمد محمود الألمانية برضو ...؟ :P وبالله عليك يا أخانا في الأدب وُ "كَترتِه و..." يا حسن، اسعى لعرض بعض المكتوب السوداني الذي تألمـَنْ، بِــ ها هُنا، ولك الثناء مُعَطّرا، عسى أن نتعرّف على الذي عبَق! أو ذاك الذي للعُنق دقْ.



ــــــــــــــــــــــــــ
ديل لي هسّة ساكتين كِدا؟ :roll:
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

محمد محمود الالماني

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سلام يا أبو جودة
ياخي محمد محمود بطنو غريقة فيها إنجليزي و ألماني و فرنساوي كمان و هو من رهط سيدنا بريخت الذين كانوا "يبدلون بلدا ببلد كما يبدلون حذاءا بحذاء "و الأجر على الله...
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

"مكالمة" أمير حمد ناصر

مشاركة بواسطة حسن موسى »

شكرا للأصدقاء د. حامد فضل الله و د. أمير حمد ناصر على تكرمهما ببذل نص " مكالمة" لقراء سودان فور أول







مكالمة


د. أمير حمد ناصر \ برلين



! برنس
مترددة أتت نبرات صوتها الناعم عبر الأثير .لم أصدق مسمعي فقد حفرت في ثنايا ذاكرتي بصوتها, بأحرف” برنس” , منقبة عن معبد حب غريق. ¬
ما من أحد سواها يدللني بهذا الاسم . لأكثر من عشرين عاماً وأنا قيد هذا الحب الغريب لامرأة. أكثر غرابة ودهشة من دهشة ابني الصغير حينما رأى البحر لأول مرة.
- برنس !
- جانيت .
- عدت من أمريكا من ( نيو أورلينس") لأراك، أنا الآن في القاعدة الأمريكية في مدينة فلدا " ولكن .... لكن .... ما هذه الأصوات حولك؟ أأمرأة معك ؟
- لا هذا صوت الاسطوانة من بعيد
لم أعش حباً حقيقياً مثل هذا الحب . عادت دون أن تخطرني من قبل . من أين أنت برقم هاتفي ؟ لم نعش معاً عدا شهرين فقط، ألا إن حباً سرمدياً ظل يدفع بي دون يوصله في يم عظيم . إلى أين !الى أين بحق السماء ؟ لم تسألني جانيت أن تزوجت أو حظيت بطفل أو ماذا طرأ في حياتي بعد أن تفارقنا، لا لخيارنا منذ عشرين عاماً ونيف . كنت أدرك في قرارة نفسي بأن هذه الأنثى سرمداً وان اتت به صدفة عابرة . امرأة سمراء لامعة الإهاب ساحرة العينين ضامرة الكشح وحلوة المبسم
. كانت تحب ان حدثها عن ثلاثة اساطين : تهراقا , عنترة , وكافور الأخشيدي
بشغف ظلت تسألني عن عراقة تاريخ السود في السودان وإفريقيا فكنت أحدثها باعجاب عن هؤلاء العظماء وتاريخ الفراعنة السود وأحياناً أضيف من عندي وأزور الحقائق من فرط إعجابي واعتزازي . كانت تتوسد ساعدي وتتألم لعدم معرفة السود بأمريكا لمثل هذه الأمجاد والشخصيات حدثتني بدورها عن توني مورسن الأديبة الأمريكية وعن ابراهام لنكولن ومأساة الهنود الحمر. والتنقيب عن الذهب في غرب امريكا
- برنس : أتسمعني مالك لا ترد ؟
- أسمعك يا جانيت
- سأكون مساءا في مطار برلين
ثم أغلقت الخط . هكذا هي لم تتغير ولم يتبدل حبي لها
دارت الأسطوانة من جديد ل "ري شارلس " وبيري وايت . أعرف أنها مثلي تحب الأخير منهما كثيراً . أشعلت أكثر من شمعة وعطرت الشقة ورتبتها وارتديت سترة السهرة الزرقاء الأنيقة وربطة العنق البيضاء. فعلت الكثير المنير في هذا المساء الوديع. انتظرتها طويلاً ... لم تأت تفحصت في وجوه المسافرين وأنا أحمل باقة ورد . ابتسمت اكثر من سيدة في وجهي فخفق قلبي لظني بانها جانيت وقد تغيرت بفعل السنين ألا سراعاً ما يخيب تيهاي اذ تنعطف لتطوق مستقبل آخر أو تركز بدعة نظراتها على باقة الورد . هاتفت, في ذات المساء , صديق أمريكي لي وسألته إن كان يعرف مكانها , أجاب ضاحكاً بأن جانيت "امرأة غريبة لم تتغير منذ عمله معها في الجيش الأمريكي
- آسف لا أستطيع مؤازرتك , ولكن سأعطيك هاتف شخص عمل معها في نيو أولينس يمكنك مهاتفته.
كنت قد قررت أن أعيش حياتي مع أسرتي بهدوء وفرح بقدر موسوعي في منأى عن هوج العاطفة والارهاق النفسي . أن أغلق دفتر الحزن. ألا إن هذا لم يكن ممكناً كما يبدو !! بعد ثلاثة أشهر على وجه التحديد من مكالمة جانيت عرفت بأنها "توفيت " في حادث حركة وهي تحاول اجتياز سيارة بدراجتها البخارية في طريقها إلى مطار فرانكفورت لتحلق من ثم الى برلين لرؤيتئ .
أدرت الأسطوانة الأخيرة لبيري وايت " التي كانت تحب الاستماع اليها ونظرت إلى شمعة أوقدتها لها تتراقص في موجات نسيم منساب عبر نافذتي المشرعة . قلت لها في آخر لقائنا بأنني أبغض الوداع . ضحكت وقالت لي وهي تردد أغنية بيري وايت :
أفضل حب , هو الحب الذي نسأل عنه , حينما ينصرم . آه لو كنت أدرك ذألك ,اه لو كنت ... لما رغبت فيه
كل شيئ حولي يذكر بها .هنا الان وحدي جوار مقعدها الشاغر اصغي لأغنيتها عينها , تنساب حزينة . كل آهة , حرف ,نغمة , وايقاع يزحم فضاء غرفتي يعيدني اليها
فأردد في سري كلمات سطرتها لها من فرط حنيني

أعوذ بك
من أرق
يا منقذي وحيرتي
حين يغلبني الحنين , إلى رؤاك
فأزفه
حلما سرمديا
على صروحه نلتقي
أعوذ بك منك
حين بصبح المساء شرفة
للعاشقين
يثمر الحنين
في رنين نخبهم
وأنا هنا
مفرد ,
أبصر السنين بيننا
أبحرت
في قار
ب من ورق
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

نص مُكالَمة..!

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »



شكراً حسن، على نص مُكالَمة،

وبالأكيد فالشكر موصول للأخ د. حامد وللأخ د. أمير..

بشكلٍ مبدئي، فالنص مناسب لعددٍ توثيقي لإبداعات سودانيين بألمانيا، بغرض التعرف والتعارف والتعريف؛ ومع أن الــPrince قد يكون "غير ســوداني" إلّا أن دوره في دراما الحديث بنصّ مُكالَمة، يشي بأنه سودانوي كامل الدّردَرة، شفيف الحُزن! يكاد يلتقيك به درامياً وفي غير دراما؛ ولو لم تره، لما أخطأك أرَجِه يملأ الأمكنة فتتسودَن.






ــــــــــــــــــــــــــــ
ربما أعود للنص، أو ما سبقه أو أتى بعده ..
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

لابد أن الراوي قد أوعز لجانيت، الساحرة التي تعشق باري وايت كما يعشقه أبناء جيلنا من المتفرنجين السبعينيين، بان اسمه العربي يعني مفردة برينس بلغة الفرنجة!... في النص الأميري أصداء من السيرة المصطفى سعيدية بالمقلوب...أو هكذا أوحى لي.
شكرًا وننتظر المزيد يا الحسن عند الشدايد... واللطائف بالطبع...
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

السيرة الطيبصالحية

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سلام يا المصطفى
تقول"في النص الأميري أصداء من السيرة المصطفى سعيدية بالمقلوب"و قولك لا يجانب الصواب إلا قليلا. و في هذه الـ"قليلا" ونسة طويلة دايرة ليها "شهرين سجن" لكن الحي بلاقي. المشكلة مع أدب الطيب صالح هي في كونه فرض على الكتاب جملة من التصاوير الأدبية الجبارة التي أمسكت بخناق الكتاب السودانيين [ و غير السودانيين] و لم تترك لهم فرقة يتنفسوا فيها.يعني أي زول داير يحكي عن مشهد العلاقة بين السودانيين و الأوروبيين يلقى الطيب صالح حارس ليه الدرب و يلكزه من ورا لمّن يقعده في القالب الطيب صالحي. ياخي خليك من سرديات العلاقة الكولونيالية المعقدة بين الشرق و الغرب، الليلة [ بخلاف ابراهيم اسحق الذي نجا في الجغرافيا] مافي زول قعد كتب عن القرية السودانية بدون ما يمرق من ود حامد العنيدة.و غير ذلك كثير. و أظن أن أصل المشكلة هو أن معظم كتابنا قرأوا الطيب صالح و تكاسلوا عن قراءة الكتاب الذين قرأهم الطيب صالح..
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

عنبر دُقدق لحامد فضل الله

مشاركة بواسطة حسن موسى »



عنبر دُقدق

قصة قصيرة




د. حامد فضل الله \ برلين




شعر بحرارة شمس الصيف الباكرة فوق رأسه فأفاق مذعوراً، استوى على السرير، كان يشعر بصداع حاد، جفاف في الريق وحموضة في المعدة، نظر إلى الفناء الواسع، جميع الأسرة خالية من الزملاء، والهدوء يخيم على الدار.
نهض بصعوبة وسار في اتجاه الحمام مترنحاً. فتح الحنفية فتدفق الماء بارداً، وقف تحت رشاش الماء طويلاً حتى استعاد حيويته وشعر بارتياح لذيذ.
استرجع في ذهنه أحداث ليلة البارحة، الاحتفال بتخرج زميله مالك في جامعة برلين وعودته إلى الوطن. اجتمع الأصدقاء في حديقة الموردة على شاطئ النيل، تذكروا أيام الدراسة، تحدثوا عن صدمة الحضارة وعن الأمسيات المرحة يوم كان صوت مالك الرخيم يصدح بأغنية "المامبو ده سوداني" فترقص الفتيات. كانت ليلة مقمرة، أكلوا سمكاً "سبكياً" وشربوا نبيذاً قبرصياً وامتدت السهرة حتى الفجر.
جفف جسمه، ارتدى القميص والبنطال، وتناول السماعة الطبية ثم اتجه إلى الخارج.

يتوسط مستشفى أم درمان التعليمي طريق يؤدي إلى ضريح ومسجد الإمام المهدي يميناً، ومنزل الزعيم الأزهري شمالاً، أما بيت أطباء الامتياز الذي يسكنه فيقوم مقابل المستشفى، يفصله عنها شارع عريض غير ممهد. قطع الشارع مسرعاً هرباً من الغبار ومن حركة السيارات العشوائية متجهاً إلى غرفة الكشف، شق طريقه عبر صالة استقبال المرضى بين أفواج من النساء والأطفال والرجال والشيوخ الذين ضاق بهم المكان، ودخل غرفة الكشف التي لا تختلف عن الصالة إلا في مساحتها، مقسمة إلى ثلاثة أقسام لثلاثة أطباء.

حيا زميله المباشر، فنظرهذا في ساعة معصمه ورد التحية باقتضاب دون أن يلتفت.
جلس على مقعده وشرع يستقبل المرضى، يؤازره الممرض في عمله، أيقظته من رتابة العمل امرأة في مقتبل العمر، أنيقة الملبس ذات عينين واسعتين، قالت إنها تشكو ألماً حاداً في الحلق يمنعها من تناول الطعام منذ الأمس. تحسس العنق، ونظر في سقف وأسفل الحلق، وطلب منها أن تتوارى خلف الستارة. وقبل أن ينهض من مقعده كانت المريضة التالية تقف أمامه، امرأة شاحبة تشكو النزيف. طلب من الممرض أن يقودها إلى غرفة الكشف الخاصة واختفى خلف الستارة. طلب من المريضة الشابة أن تستلقي على منضدة الفحص، فتطلعت إليه بابتسامة خجلى وقالت إنها تشكو فقط من ألم في الحلق.
أوضح لها، بأن التهاب اللوزتين الحاد قد يسبب مضاعفات للقلب والكلى.
فتحت أزرار قميصها فانحسر عن صدر متماسك، دفع نهدها الأيسر ووضع السماعة عند منطقة القلب، سمع ضربات القلب المتسارعة نظر إليها فوجدها هادئة تنظر إليه ببراءة، أصابته الدهشة، أبعد السماعة واكتشف أنه كان يسمع ضربات قلبه. تحسس أعلى البطن والخاصرتين وعندما شعرت بيديه تنحدران إلى أسفل البطن أبعدتهما برفق واعتدلت تصلح هندامها، مع شعور مبهم بين الدهشة والاستنكار.
عاد إلى مقعده وراء المنضدة، بينما وقفت هي تنتظر. قال:
- التهاب في اللوزتين، لا داعي للقلق. تناول واحدة من قصاصات الورق البيض ليكتب عليها وصفة من حبوب التتراسيكلين وأضاف:
- سيزول الألم سريعاً مع تناول هذا الدواء.
ـ لا أدري إذا كنت أستطيع الحصول على الدواء في هذا الزحام القاتل أمام الصيدلية.
قال الممرض وهو ينقل نظره بينهما:
لا يوجد في صيدلية المستشفى إلا حبوب السلفا ومزيج السعال.
طلب من الممرض أن يذهب "بالروشتة" ويسلمها لمحسن مدير الصيدلية من الباب الخلفي.
عاد الممرض بعد دقائق قليلة بعلبة الدواء ووضعها على المنضدة بانزعاج ظاهر.
ناولها الدواء وودعته بنظرة امتنان تاركة شيئاً من أريج عطرها في الغرفة. نبهه الممرض إلى المريضة التي تنتظر في الغرفة الخاصة، فتوجه إليها. فتح الباب فوجد الممرضة تتطلع من النافذة إلى الشارع مترنمة بأغنية "الحبيب وين؟ قالوا لي سافر".
حين انتبهت إلى وجوده شعرت بالارتباك وتقدمته متجهة إلى المريضة التي تنتظر في زاوية الغرفة. تطلع إلى المريضة وتحسس جبينها البارد. قاس درجة الحرارة وضغط الدم والنبض، ضغط على أسفل البطن بحذر، نظر بين الساقين، ولاحظ بقع الدم القاتمة على مفرش النقالة. عقد ساقيها فوق بعضهما وغرز إبرة في العضلة. ثم انصرف دقائق لملء استمارة الدخول وطمأنها. سلم الأوراق إلى الممرضة وأمرها أن تذهب مباشرة بالمريضة إلى عنبر دُقدق ــ العنبر الذي يحمل أسم ممرضة تكريماً وتقديراً لتفانيها في أداء الواجب ورعاية المرضى ــ لمراجعة طبيب الاختصاص. حين عاد إلى غرفة الفحص العامة وجد مريضاً يسعل سعالاً حاداً، ولا يستطيع الكلام إلا لاهثاً. رفع القميص المتسخ، وتطلع إلى أضلاعه البارزة، ثم كتب الوصفة وناوله إياها. نظر هذا إلى الورقة معترضاً:

- إنني أتردد على العيادة الخارجية منذ أربعة أسابيع، نفس الكشف ونفس الدواء. هذا لا يفيدني.
- لا يوجد في المستشفى غير هذا الدواء، قال الطبيب، ثم أضاف "أمامك العيادات الخاصة".

نظر المريض إليه يائساً وقبل أن يتفوه بكلمة أبعده الممرض بخشونة ليفسح الطريق لامرأة تحمل رضيعاً.

نظر الطبيب إلى الطفل ثم إلى الأم وسألها:

- كم لديك من الأطفال؟

ردت بجفاء:
- مالك ومال عدد أطفالي! هذا هو المريض أمامك.

كظم غيظه وقال: لماذا لم تأتِ به قبل أن يصل الى هذه الحالة؟

- تركته لعناية الخالق.
قال بسخرية:
-عندما كان طفلك من نصيبنا، تركتيه لعناية الخالق. وعندما أصبح من نصيب الخالق أتيتي به إلينا.
شعر باضطراب وانتابه شعور بالذنب، فاستغفر الله في سره. مسح قطرات العرق عن جبينه.، وشعر بالخجل حين رأى الدموع تسيل على خدي الأم.
نظر إلى الجسد الضامر والبشرة الشاحبة والعينين الغائرتين، تلمس الجلد الجاف وضغط على أسفل البطن المنتفخ، فزفر الطفل زفرته الأخيرة وأفرغ أمعاءه.
"سبحان الله" قال في سره، "نستقبل الحياة بالصراخ ونودعها بالبراز". الكل زائل وقبض الريح.
نهض متجهاً إلى النافذة المطلة على فناء المستشفى، هروبا من نواح الأم المكلومة وهي تحتضن طفلها بحنان. أشعل سيجارة وبدأ يدخن بشراهة. في الخارج كانت ثمة ضوضاء. وصوت الحارس الذي يقف أمام البوابة التي تفصل العيادة الخارجية عن عنابر المرضى يصرخ ويقسم بأغلظ الأيمان بأنه لن يسمح بالدخول إلا في ساعات الزيارة المحددة. بين حين وآخر تمتد يد منقبضة إلى جيبه وتخرج منبسطة، فينفرج الباب. قذف بعقب السيجارة المشتعل، أغلق النافذة متجهماً وعاد إلى مكانه. حين نظر من فتحة الباب الموارب لاحظ أن صالة الانتظار لا تزال تغص بالمرضى كما كانت في الصباح. كان عدد منهم قد دخل الغرفة وأحاط بمنضدته، ليس ثمة أمل في ابعادهم. حدج الممرض بنظرة ناقدة، فرد هذا:
"هؤلاء فقط، أما الباقون فسينتظرون نوبة المساء".
فحصهم بعجالة، لم يستغرق فحص أي منهم أكثر من دقيقة، ثم لف السماعة الطبية حول عنقه وأعاد قلمه "الباركر المذهب" إلى جيب قميصه وغادر الغرفة تلاحقه توسلات وصراخ وشتائم المرضى.
عند عتبة الباب الخارجي سمع صوتاً يناديه التفت فرأى المرأة التي فحصها من قبل تفترش الأرض و أوراق المستشفى مبعثرة حولها. رفعت يداً مرتعشة وسألته بصوت ضعيف:
"يا ولدي، بالله عليك، عنبر دُقدق1 ده وين؟".


صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

دا ال مُــبـَــرِّر فـ كيف نسائله ..؟!

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]


دا ال مُــبـَــرِّر فـ كيف نسائله ..؟!

بطلٌ آخر، يفلِق ويداوي. حَطّته الظروف ثم حَـرّكته، وكان في حالَيْ الحركة والسكون مـُستجيباً مادّياً وغير مُعانِد روحياً إلّا قليلا. من ذاك القليل المُمانِع تمحوَر شيءٌ لافتٌ من إبداع؛ وَعادةً فإنّ الإبداع ليتأتي من تهاويم الروح. أو على الأقل يبدأ من تلك الوقفات، ثم يتوكّأ على ما تجود به الطبيعة من ظروف مادّية.

من خُلل النص في قراءة أولى، لابد أن القارئ سيلحظ أن الطبيب الرّواي لــ "عنبر دُقدُق" بطلٌ تستنفد طاقاتَه التّقلّباتُ الحياتية، فهو على الدّوام بين بين، شيئٌ من هُنا وآخر من "الآخر". في ذات الآن هو كغيرِه، مهموم بالمجد الوظيفي لأجل عيون هذه الحياة. يظلّ يُعافر مادّياً وروحياً عسى أن تتكلّل المشاوير الممشاة بالوصول للقمة، حيث يُتاح غرز البيرق، كآخر ممشيات الشوط، حيثُ لابعد..!

لكن بعض القُرّاء قد يضطرّون لتقصِّي مستوى المبدئية عند هذا البطل؛ وما إن كان قد تحلّى بالشجاعة الكافية في سرد شيئٍ دالٍّ - أو فلنقل في دلالة قاطعة - أن المسرود هو واضحات المُنعَرَج؟ فالسَّهَر والتأخّر عن الدوام وباقي المتشابه، ليست على الدوام هي "كُلّ الخَيَّات"، وَ نَعَم، فالتّلصُّص بناءً على صوت الغِلمَة، بما صاحبه من انتهاز، ربما كان خَيّة مُثلَى! وأكثر من ذلك، فهل كان العنبر التكريمي، موجود في الواقع؟ أم كان من الماضي الجميل؟

بالطبع، لا أقول إن السرد مرواغ، هكذا على الإطلاق! فالنصوص غير المرواغة ربما اتّسمَتْ بالتقريرية، بالتالي، ففي القصة القصيرة، ينبغي أن يكون النص مرواغ، ولو إلى حـَدِّ معقول، أعني الحــَد الذي لا يؤدّي لتيقُّن القارئ بأنّ مراوغة النص، قصدية، لأجل أن تموّه عليه مُرتَكزات المفهوم السردي ال ممكن الاتفاق عليه؛ وعندها ستتضّح عناصر الاستمساك في سبيل الوصول إلى الــ "ما وراء" وهو المُستفاد من المحكي.

لم يدَع لي النصُّ في قراءتي الأولى له، أن أتعاطَف مليّاً مع البطل الطبيب، لكنّ ذات القراءة لم تدفعني لشيطنته؛ ذلك أن كثير من تعاطفي الجاد كقارئ أوّلي، قد ذهب توّاً إلى هؤلاء الممكونين وصابرين؛ من لدُنّ التي بعثرت أوراق إحالتها لعنبرٍ في الخيال! مروراً بتلك التي حَرِصتْ أن تأخذ "حق" الهِبِّيش وإلّا ..! ثم وصولاً إلى أولئك المصلوبين خلف الجدران الزجاجية في معية أنفاس "غير الورد" يتوسّلون نظرة واااحدة وبس، ثم لا يجدونها.

انتهت تساؤلاتي بغتةً، وربما في قراءة ثانية قد أجد ذات التبرير، وإمكِن لاااا :P




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شكراً لكم، فقد أثريتمونا، ولكن ماذا سيقول الجيرمان؟!
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

قراءة حصيفة للنص يا محمد لا شك. وأجدني أتفق معك تمامًا في أن النص يقول أكثر مما يفصح عنه السرد بكثير... لابد أن المؤلف قد قرأ تشيخوف كثيرًا، فنصوص تشيخوف تترك للقارئ فسحة كبيرة للتأويل.
أمّا "بالمقلوب" يا الحسن عند الشدايد فهي بالضبط تعني ما قصدته أنت في قولك " أظن أن أصل المشكلة هو أن معظم كتابنا قرأوا الطيب صالح و تكاسلوا عن قراءة الكتاب الذين قرأهم الطيب صالح"... فها هو حامد فضل الله يحتج بأحد الكُتّاب الذين قرأهم الطيب صالح.
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »



وافر شكري والتقدير، عزيزي مصطفى، على التعضيد؛ وسرّني أكثر إشارتك ل" تشيخوف " الذي كاد يتوارى عنّي في نص الأخ حامد، في وُسعِه التأويلي. أما بالمقلوب، فبالفعل، سريعاً ما رُدّ راسُ السوط إلى الحسن.

تشرُّب النصّ في عنبر دُقدق، من روح النصوص التشيخوفية، يبين ويتوارى؛ وإن كانت الإبانة قد بدت عندك مباشرةً، فإنّ تواريها عنّي ربما يُحال إلى عُمر النص، نصّنا هنا، مع مقارَنة أعمار نصوص الرّوسي، والزمن غلّاب في كثير الأحيان؛ وذلك من غير أن نُغَيِّب "ميسم" صاحب الموسِم.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و من لم يقرأهم الطيب صالح

مشاركة بواسطة حسن موسى »


السلام يا أهل الكتابة
و شكرا لكما على عنايتكما الرشيدة بهذا الخيط.
قلت يا المصطفى:ـ
"أمّا "بالمقلوب" يا الحسن عند الشدايد فهي بالضبط تعني ما قصدته أنت في قولك
" أظن أن أصل المشكلة هو أن معظم كتابنا قرأوا الطيب صالح و تكاسلوا عن قراءة الكتاب الذين قرأهم الطيب صالح"...
فها هو حامد فضل الله يحتج بأحد الكُتّاب الذين قرأهم الطيب صالح.

و قولك سديد، و حامد فضل الله كاتب متمرس بصناعة الكتابة منذ قديم الزمان ، قل: قبل أن يخلق أدب الإنترنيت و أظنه يمضي نهاره يكتب و يمحو حتى يستوي مكتوبه على جادة الأدب كما يراه.و على كل حال لا بد من إفراد حيز مستقل لمكاتيب حامد فضل الله فتعم الفائدة.
أما بالنسبة لمنهج الطيب صالح في صناعة الكتابة فهو ـ في نظري الضعيف ـ بسيط و معقد في آن. و فحواه أن يصبر الكاتب على القراءة فيقرأ و يقرأ و يقرأ ، ثم ينسى ما قرأ [ و هيهات] قبل أن يجلس للكتابة. و ربما لهذا السبب ظهرت مكاتيب الطيب صالح للقراء و هو في عقده الرابع.[ الليلة الشباب الناهض العنده كيبورد و مدخل للشبكة العنكبوتية الشريرة يقعد يكتب و يكتب و يكتب و ينشر و ينشر و ينشر ثم يجد من يقرأه ، و ربما وجد من يقرظ مكاتيبه و الله ما شق حنكا ضيعه]. طبعا درب الطيب صالح ـ رغم طوله ، قد لا يكون بالضرورة أكثر المناهج كفاءة لكن درب السلامة للحول قريب. و في نهاية التخليل يواجهنا [ و يواجه الطيب صالح هيمسيلف] السؤال العويص: ماذا نفعل بمن لم يقرأهم الطيب صالح؟ إما لأنه لم يتفرغ لهم " شهرين سجن" أو لأنهم ظلوا مدسوسين في حرز اللغات الأجنبيات التي لم يجد الطيب صالح إليها سبيلا.
و هكذا يا سادتي فقد ورطنا في وعوث مناهج الكتابة الأدبية عن غير قصد لكن أهلنا قالوا " كان اتبلبلت حاول تعوم" عسى و لعل,

سأعود
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

الحسن عند الشدايد قال ليك جيتني في جرح حول فكرة الكاتب يقرأ ويقرا ويقرا ثم ينسى تمامًا ... كتفسير مقبول لما اعتمد اصطلاحًا ب " التناص":
"...... هات
الدمع أنكيدو، ليبكي الميت فينا
الحي. ما أنا؟ من ينام الآن
أنكيدو؟ أنا أم أنت؟ آلهتي
كقبض الريح. فانهض بي بكامل
طيشك البشري، واحلم بالمساواة
القليلة بين آلهة السماء وبيننا. نحن
الذين نُعِّمِّر الأرض الجميلة بين
دجلة والفرات ونحفظ الأسماء
لابد أن درويش عندما كتب هذا الجزء من النص قد استعاد، في عقله ما استبطن من قراءة سابقة نسيها تمامًا، كما تقول أنت أعلاه: " أن يصبر الكاتب على القراءة فيقرأ و يقرأ و يقرأ، ثم ينسى ما قرأ [ و هيهات] قبل أن يجلس للكتابة." ... استعاد ما قرأه في كتاب بروفسور كامبل الشهير عن أسطورة جلجامش وأنكيدو Campbell: Oriental Mythology, Penguin books 1982, pp.87-91)).... ويمكننا بوضوح اكتشاف التناص التام بين أغنية سيديرو في كتاب كامبل وبين شعر درويش كأنما الأمر يتجاوز منصة التناص ليقبع في مستوى الترجمة المباشرة .... ولا أعتقد أن درويش بغافل عن ذلك:

[align=left]
Oh Gilgamesh, whither do you fare?
The life you seek, you will not find
When the gods created man,
They appointed death to mankind,
And retained life to themselves.
Oh Gilgamesh, fill your belly;
Make merry, day and night;
Make of each day a festival of joy,
Dance and play day and night

Pay heed to the little one holding into your hand,
Let your wife delight your heart.
For in this is the portion of man.
)
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

رجل وحيد و ملكة زنزبار

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا المصطفى و سيرة "التناص" عامرة بالتفاكير و لي فيها واحدة ابذلها بعد أن تكتمل وثائقي [و هيهات].
أواصل هنا مناولة جديدة من الأخ حامد فضل الله الذي تفضل و بعث ببعض مكاتيب شعراء الكتاب.
القصيدة الأولى" إلى رجل وحيد " لمصطفى بحيري المستوحش بين برلين و دمشق ، و القصيدة الثانية " ملكة زنزبار" لـصلاح يوسف.



إلى رجــل وحيــد

مصطفى بحيري \ برلين ــ دمشق


لا الخمرُ تَشفي ولا الأغاني . .
من عضة الليل . .
حل الظلام.
فعد إلى البيتِ
ولا تقلِّبِ المارةَ بحثاً عن وجهٍ أليف . .
افتحِْ . . و . . ادخلْ !
لا تنقِّبْ في البابِ على ضوءِ الكبريت
عن جملةٍ كتبها صديقٌ أتاك ولم يجدك.
لا تذرعِ الغرفة. .
فليس في دروبها دربٌ جديد. .
ولا تُفرحْكَ تلك الخشخشةُ المريبة . .
فما من لصٍّ يضيع وقتَه في سرقتِك.
لا تكسرِ الزجاجَ. .
لا تركلِ الكرسيَّ. .
لا تنهشِ الستائرَ. .
لا تفلقِ الجدران برأسك. .
أم . . رأسك بالجدران.
فلا شيء يشفي من عضة الليل.
انطفأ الشباك الأخير في البناية المقابلة ـ
انطفأت النجمة الأخيرة في السماء القاتمة ـ
وسكن آخر طبول السهارى
المرعب البارد: سريرك الأصم. .
قد. .
هدأ ..
ونام.
فاهدأ أنت، . .
اهدأ . .
و. . نمْ ّ !






..........




ملكة زنزبار

صلاح يوسف \ برلين

أختطفك من هذه البلاد
التي لا تتوجك ملكة
ونمتطي مهرة السحب السوداء..
أبني لك قصراً عربياً
بجزيرة زنزبار
يحسدك عليه
سلطان عُمان،
وأضمّخ جسدك
الذي يحاكي المانجا
بزهر القرنقل..بالمسك..
بالصندل والعنبر
ضد العين الشريرة
استجلب لك تميمة
من شيوخ تمبوكتو
عند المساء
يضج الدم في عروق الغابات
وتمتزج ألوان الغروب
في حريق خافت
ترجع طيور إفريقيا إلى أعشاشها؛
يبدأ حوار الليل
وتنفرط من عقد اللغة الكلمات







.
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

ويتتابع المدد الرصين فأهلاً به..

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »



ويتتابع المدد الرصين فأهلاً به..

ويجدُر بي أوّلاً أن أقول، إن شِعر الشاعرين مصطفى بحيري، و صلاح يوسف؛ قد صادف عندي "يوم بؤسٍ" ضد شعر القصيدة النثرية، هذا الذي لكأنه ترجمة لأشعار بعضٍ من كِبار شُعراء للأفرنج! بينما لا يمِتُّ للعربية بِصِلةٍ ولا لُحمَةٍ أو سداة.

ذات الخاطر "غير الماطر" قد التفّ بي وأنا أقرأ لـــِ الأخ مصطفى، يلفت الناس إلى خَيّات " درويش " ولكن على استحياء " كِدا " ..! نعم، هناك تقديس وتعلية غير عاديين من كُتّاب معيّنين لأسطورة " ملحَمة جِلجامش " وقد صدّعنا بها الشوام، أو بالأحْرَى، صناديدهم الذي تأوربوا، وتاقَ بعضهم أن يترَوْمَن، يتهلسن ( هلينيستية ) ناهيك عن الذين تنفَينقوا وتأوشَروا . أقول صدّعونا بها، لأنها وإن كانت لا تخلو من مثالَة إبداعية، إلّا أنها متواضعة، وكثيراً في مقارنيّات مَــا "لها" وما لل"آخر" الإبداعي.



ـــــــــــــــــــ
وسلام، إلى عودة بعد أن نجغملنا شيء :wink:
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

وبعد أن جغمتلك شيء يا محمد نعود... أتيت بمثال درويش هنا لتأكيد ما ذهب إليه الحسن عند الشدايد في أمر الكاتب يقرأ ويقرأ ويقرا وينسى ما قرأ ( وهيهات) قبل أن يشرع في الكتابة.
قرأت جدارية درويش مرارًا، وهوشاعر له أثر كبير، إن لم يكن الأثر الأكثر طغيانًا، في الشعر العربي المعاصر، وربما كان أكثر من الذين "تأوروبوا" وتفرنسوا و "تخوجنو". ورأيت فيها، ببساطة، ما جاء به الحسن عند الشدايد هنا... وقد كان ذلك منذ بداية الألفية... وكنت قد قرأت كتاب السيد كامبل مرة واحدة منذ ثمانينيات القرن المنصرم، وعدّت إليه مرارًا للبحث عن مصادر العديد من علامات "اليوننة- اليونان" "والرومنة- من الرومان" الأشرنة - من الأشوريين" وغيرهم في الكتابة العربية. وانتبهت لما أتى به درويش فيما يخص أسطورة جلجامش وإنكيدو... يبقى السؤال، غض النظر عن رايك أو رأي أنا في شعر درويش، هل هذا التخاطر بين درويش وكامبل ترجمة صريحة أم تناص...؟ لا أرى أي مبرر هنا لإيراد مفردة "سرقة".
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

التّناص ذاتو - أحياناً- سرقة بي خشم الباب..!

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »

[align=justify]



التّناص ذاتو - أحياناً- سرقة بي خشم الباب..!
لك التحايا عزيزي مصطفى، وحقيقي لأول مرة اطّلع على هذا التناص "الكامبلي/الدّرويشي" ولكنّني بالواضح، كنتُ وما أزال!! مُـعَــنَّىً بأسطورة جُلجامش، تعركها أمام عيوننا بعض فتية ثقيفيّين، شبيبة وكهول من الشرق الأوسط، حتى ظننا أنّ جُلجامش سيورِثنا..! أو سَــنُوَرَّثه:( عطرُ مِسكٍ مُفَخَّما .. يطيبُ به كُل الأدب فيتبخترا ويتيه تيها .. اللّهُمّ صَلِّي عالنّبي بأا..

لكَ أن تعمى عن رؤية دلائل السرقة في التناص الحاصل! عزيزي مصطفى - ولو في المرحلة دي! بالذات- لكنني وبعد قراءتي لشوفك منذ زمن، أراني لا أستطيع أن أُخرج المسألة السرقاتية عن كونها - At least - استلاف واستيراد كُلّي لعوالّم "جُلجامش" عسى أن يُحارب بها الناسُ عوالَم أوسلو وما بعد.

معك حق، فالحسن عند الشدايد، ظلّ مُّذكِّراً (وَ مُسيطِر ربما :lol: ) بحكاية تقرأ وتقرأ وتقرأ، ثم تنسى (بِــ هيهاتها) فتجلس للكتابة بعد أن تكون قد نسيت كل ما قرأته وَ هيهات أظرط هُنا..! ولكنني أذكر أن هذه كانت وصية أحد حُكماء الشعر في الجاهلية العربية "السّمْحَة ديك نان!" لأحد الذين كانوا يطلبون أن يكونوا شُعراء بُرَعاء؛ قالوا لهم احفظوا الشعر الذي تقدرون، ثم روّحوا حفظكم، وحينها ستكتبون مالم يُكتَب بعد (ال ما انكتَب!) يعنون؛ أما النثر، وصحيح أنه ضلفة باب الإبداع الأدبي مع الشِّعر، وقد يكون "النثر" هو الضلفة الثابتة بالترابيس فوق وتحت، وفيها - كمان - قلب الباب، رَزّته والجخنون؛ لكن الشعر أبقى، أحيانا؛ ولعل الحسن عند الشدائد، قد رأى من خلال " دليل الفالح " أن الطيـّب شاعرٌ يستنطق الصخر العصيّا، بأكثر مــنه مجرد "نثّار" يقول فيه "آل جُلجامش" أخدها الرجل الطيــِّب من "جوزيف كونراد"، ولم يزِد عليها "فرقاطة" واااحدة.

بالطبع، لا يُمكن أن تُخلي سرقة "تناصّية" واحدة، ما انبنى للشاعر "درويش" في مخطّطات الأمة العربية سريعة الدّككان، من "روعة المشهد" ومع ذلك لا أنكر أن التئامي على هذا التناص المُستّف بين درويش و كامبل حول أسطورة "جلجامشxأنكيدا" قد جعلني في حالِ مَنْ فوجيء بابنه أمام عينيه قد بلع"Shilling" فظلّ يخبط على فِقرته آملاً إخراج الشيلينق! وهو غير مُتَدَبِّر تماماً ما إن كان ملهوفاً على ال " ولد " أم "الشيلينق" :wink:




ـــــــــــــــــــ
شكراً لكما
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مارسيل دوشان سارق المبولة و النافورة

مشاركة بواسطة حسن موسى »



سلام يا المصطفى و مثله لأبوجودة

جاء في الأثر أن " الحرامي في راسو ريشة" لكن الشاعر ما عنده راس،الشاعر مراهق مجنون [ جن الأمين علي مدني داك].الشاعر يكتب بقلبه، و القلب مساحة حرية فالتة عن قبضة العقل، مساحة حرية تحفها المخاطر من كل جنب[ بما فيها مخاطرة القبول بالرضاء الغوغائي من جهة السلطات الرسميات و الشعبيات]. ربما لهذا السبب يسحرنا الشاعر من لحظة إعلانه : يا جماعة الخير أنا شاعر.
يا مصطفى أظن أن " التناص" الواعي أو الغافل ـ هو في نهاية التخليل ـ طريقة في الكتابة. و طرائق الكتابة تتعدد بتعدد الكتاب[ شوف بالله طريقة كتابة أبوجودة القدامنا دا. و الله الواحد مرات يقرّب يقول ليه : ياخي أعمل معروف، ترجم لينا كلامك دا بالعربي.عشان عربي أبوجودة مرات يغرق فيعربي الجاهلية الأولى و مرات يغرق في رندوك عربي الجاهلية الأخيرة ، لكنها كطريقة في الكتابة فهي مشروعة و نص و يبقى الرّك على طريقة القراءة.].و لو عرّجت على مولانا " مارسيل دوشان" صاحب الـ " ريدي ميد " لشرح لك أن معنى الأثر الإبداعي إنما يكمن في الطريقة التي ينظر بها الناظر أكثر منه في الثنايا المادية و التقنية للأثر الإبداعي. فبأي طريقة نقرأ درويش؟و قد روّع مارسيل دوشان معاصريه [،في 1917 ،[ و كمان معاصرينا كمان] حين وضع أمامهم مبولة من السيراميك الصناعي اشتراها من حانوت لمتاع الحمامات و عمّدها أثرا ابداعيا و سمّاها " نافورة". و من حينها تحرر الفن من قبضة الأثر " التحفة" ليصبح مخاطرة مفهومية مبذولة للغاشي و الماشي [ برضو هيهات]. و بعد هيهاتات كثيرة فمقطع درويش ربما كان وجها من وجوه الـ «  ريدي ميد » الدوشاني و لا جناح.. و بذريعة تعدد طرائق الكتابة فالترجمة ما هي إلا طريقة في الكتابة ، زيها زي غيرها.و لهذا ساغ لي إتهامك [أنت و نفر من تراجمة الشعر الكرام في هذا المنبر ]بصفة الشاعر. ذلك أن الشعر ـ حسب ما جاء في الأثر " لا يترجم" ، و لو شئت قل : « الشعر لا يترجم إلا بشعر جديد آخر". و كون هذا الشاعر اللابد وراء أكمة الترجمة لا يضع قناعه فهذا لا يغير من أمره شيئا.فهو شاعر "سيك سيك معلق فيك". و قديما انطوى إتهام العرب للنبي بقول الشعر ، انطوى على قبولهم للطريقة المغايرة التي تخلّق عليها المبنى الأدبي للقرآن بوصفها إحتمالا في الشعر [ منير العكش]. أما سابعة الأثافي سيرة التراجمة الخونة فهي في " إنتقام الترجمان" و هي رواية عجيبة للروائي الفرنسي المعاصر " بريس ماتيوسون"
Brice Matthieussent
Vengeance du Traducteur
P.O.L., 2009
و الرواية تحكي سيرة مترجم فرنسي أوكل إليه الناشر مهمة ترجمة رواية لكاتب أمريكي, فشرع يضيف الحواشي و الشروح بجانب نص الكاتب ثم تمادى لغاية شطب و إلغاء أجزاء من نص الكاتب حين لا يعجبه المكتوب ،"و هكذا دواليبك. . »ـ
يا أبو جودة، ترفق بنا عشان موضوع الترجمة دا ـ زيه زي أخوانه [ الفينقة و الأشرنة و الفرعنة و الزنوجة و العربنة و الغربنة و الشرقنة ..] محتاج لأكثر من الإدانة العجولة التي فشيت بيها غبينتك من عيال الشوام. و أصبر علينا ينوبك ثواب.
سأعود
أضف رد جديد