نموذج للنعي المترفع عن النفاق:الصادق المهدي في نعي منصورخالد

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

نموذج للنعي المترفع عن النفاق:الصادق المهدي في نعي منصورخالد

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


نعي الصادق المهدي لمنصور خالد ترفع عن النفاق السياسي والاجتماعي. يحفظ فيه للخصم ما يستحق التثمين في سيرته ويودع فيه للتاريخ موقفه تجاه هذا الخصم ورأيه في ما يراه فيه من مواقف سالبة، مقدماً نموذجا للنعي المرتقي لحجم المسؤولية، الخالي من النفاق، المترفع عن المدح الزائف.
ولو جئنا للحق، فقد كان الصادق المهدي رحيما بمنصور خالد الذي لن يغسل عنه الموت مخازي حقبته النميرية، على وجه الخصوص، حين كان العقل الذي يفكر للدكتور الغاشم في فترة من أعتى فترات بطشه، فكان وراء تأسيس حزبه الواحد، الاتحاد الاشتراكي، ووراء تأسيس وزارة شبابه وصنع كتائبه التي كان النشء ينضوي تحت صفوفها من باب الإغراء أو من باب التقية. وكان الوجه الذي يسعى لتحسين صورة الدكتاتور في المحافل الدولية. وذهبت به مساندته للطاغية إلى درجة أن كان حاضراً محاكمات الشجرة المؤسفة دون أن تطرف له عين أو يوخزه ضمير.
التاريخ لا يرحم من يحاولون محو الجوانب السالبة أو تزيين البشاعات. فكونوا يقظي الضمائر حين يتوجب تسجيل المواقف المبدئية.*


* هذه العبارة الأخيرة أعني بها الكتابات التي أغرقت مواقع التواصل، المادحة لمنصور خالد
وكأنه دخل الساحة السياسية السودانية نقياً وخرج عنها نقياً.
آخر تعديل بواسطة نجاة محمد علي في الأحد إبريل 26, 2020 10:50 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

نقلاً عن صفحة الأستاذة رباح الصادق المهدي في فيسبوك


الإمام الصادق المهدي يكتب في نعي الدكتور منصور خالد

بسم الله الرحمن الرحيم
24 أبريل 2020م

نعي دكتور منصور خالد

توفي دكتور خالد المثقف السوداني الذي أكمل كل مراحل التعليم داخل الوطن وخارج الوطن في الولايات المتحدة وفرنسا، ولم يكتف بالتأهيل الأكاديمي كما يفعل كثيرون بل حرص على ارتقاء سلم ثقافي طويل، وخلط ما بين الحصيلة الثقافية والسياسية والدبلوماسية. ومع تقديري لقدراته لم يقم بيننا في حياته ود لأنني عتبت عليه بشدة دوره في دعم نظام مايو الاستبدادي، ودوره في الزج بقيادة الحركة الشعبية نحو تطلعات وهمية، بينما كان يمكن أن ترفد الصحوة الوطنية السودانية برافد بناء. كما عتبت عليه تركيزه على نصف الكوب الفارغ في تناول العطاء الوطني السوداني.

وفي حياته لم أبادله ما أصابني بقوله وفعله من تجريح، وفي مماته استمطر له رحمة الله الذي وسعت رحمته كل شيء، ولأسرته الخاصة وأصدقائه في المجالات المختلفة حسن العزاء.

إنسانيات أهل السودان لا تنكر الاختلافات، ولكنها تتجاوز حدتها بالتسامح الذي حافظ على درجة من الوصال رغم ويلات الاستبداد وجراحات الحروب الأهلية.

ليحفظ الله لنا في السودان ما غرسته تقاليدنا من إنسانيات.

(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[1].


الصادق المهدي

[1] سورة البقرة الآية رقم 156

صورة العضو الرمزية
الوليد يوسف
مشاركات: 1854
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 12:25 am
مكان: برلين المانيا

الذكاء الغبي... ذهنية الانسان المتفوق

مشاركة بواسطة الوليد يوسف »

في مقابلة له على قناة الجزيرة (منصور خالد) و حين بادره مدير الحوار ومقدم البرنامج متسائلاً. عن موقفه الخاص من النخبة السياسية الوطنية في السودان وبتحديد اكثر عن موقفه من الاحزاب اليسارية واليمنية. فجاء رد منصور الخالد مستدلاً بمقولة لشارل ديغول قالها حين سئل نفس السؤال عن موقفه من اليمين واليسار الفرنسي وكانت إجابته : انا فوقهما. ثم رددها منصور مرتين ان فوقهما..انا فوقهما.
اقول ربما كان بعض الافراد الأذكياء رغم حدة ذكائهم، قد يصبحون أغبياء عندما يحاولون التعالي او الخروج عن مسار الأفكار والمعتقدات الثابتة في الواقع الاجتماعي نسبي الحركة، مطلق التحولات. في هذه الحالة يسقط الإنسان الذكي داخل انحراف التأكد والصمدية الفردية ويبدأ في اختيار وانتقاء البيانات داخل دائرة او منظومة فكره الداخلية. ويصبح منفصل عن العالم الخارجي مثل الأصم والأعمى. وفي نفس الوقت يصبح مهوساً بتجميع المعلومات، البيانات، التقارير والأدلة خارج دائرة الاختبار والتجريب، المتعالية عن معترك الصراع الاجتماعي، العملي، التطبيقي. كل ذلك لتأكيد المعتقدات المسبقة لديه كمتفوق خارق الذكاء، ويفضلها بشكل مطلق على استخدام العقل وجدله أو الوقوف ضد الذكاء الاخر أو قلة المعلومات....

شخصية منصور خالد له الرحمة والمغفرة في تقديري الخاص، قامت باسقاط ابعادها الفردانية الذكية، الصمدية، المتسلطة "بغباء" في البحث عن القائد الفرد الذي يطابقها معناً ويجسدها فعلاً ليسقطها عمودياً فيه، ويستخدمه كدمية مسرح عرائس، يحركها وفق أهوائه لتاكيد ذاتيته الصمدية ، فتصنع لنا الديكتاتور كحليف تاكتيكي او جسد مزيف (افاتار) يتوارى خلفه، مضحياً بذكائه الفردي في سبيل الشعور بالتميز و "التفوق" على مجموع النخبة الوطنية في السودان.

بطريقة اخرى نقل انه معكوس شخصية نياز ليف "الأبله" في رواية الروسي فيودور ديستويفسكي بنفس الاسم، او معكوس شخصية الزين في رواية عرس الزين للروائي السوداني الطيب صالح ، كلاهما يكشفان عن زيف التصنيف الاجتماعي وبنى الوعي السائدة لتحديد درجات التفوق، الذكاء، الغباء وما الى ذلك، في خضم النزاعات والرغبات، العواطف في ظل المجتمع البشري. وايضاً تخرج شخصية منصور خالد من حيز بنية الوعي الخلاق الى حيز الجنون نتيجة اعلان تفوقه على العقل الجمعي بلسانه (انا فوقهما). وحتى شخصية المثقف عالي الذكاء(انتليكشوال) الذي يحتويها بمعارفه وثقافته الغذيرة تخرجه عن فكرة مثقف غرامشي العضوي. فهو يضع نفسه خارج مجموعته الاجتماعية، متوحداً في مملكة سائمه الشاسعة مترامية الاطراف.
السايقه واصله
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

كود: تحديد الكل

وفي حياته لم أبادله ما أصابني بقوله وفعله من تجريح، وفي مماته استمطر له رحمة الله الذي وسعت رحمته كل شيء، ولأسرته الخاصة وأصدقائه في المجالات المختلفة حسن العزاء. 

إنسانيات أهل السودان لا تنكر الاختلافات، ولكنها تتجاوز حدتها بالتسامح الذي حافظ على درجة من الوصال رغم ويلات الاستبداد وجراحات الحروب الأهلية. 

ليحفظ الله لنا في السودان ما غرسته تقاليدنا من إنسانيات
*
ربما كثير من السياسيين في السودان يثقلون أكتافهم بأخطاء لأنهم ليسوا مقدسين ، أما الصادق المهدي فهو أرذلهم. كان في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي ، حتى تم رفده بتخفيض النفقات.. وإلى اليوم لا يذكر محمد نور سعد الذي قام بالانقلاب نيابة عن الصادق!
*
تحية لك أستاذة نجاة
صورة العضو الرمزية
الوليد يوسف
مشاركات: 1854
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 12:25 am
مكان: برلين المانيا

مشاركة بواسطة الوليد يوسف »

الصديق الشقليني. الصادق المهدي شخصية لم نستطع تجاوزها... لماذا ؟!!
السايقه واصله
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

عندما حيّرتنا الصفوة
الحبيب وليد
والله ليك وحشة
لك شكري وجزيل تقديري لما تفضلت به من مشاركة الأستاذة نجاة الملف، وهي قد قدمت صورة منصور وعيوبه . فخيرا أن نستهدي بآراء بعضنا حين يغُمّ علينا فهم شخصيات من رموزنا السياسية. الصادق المهدي يحمل انتمائه لأسرة المهدي، وبالرجوع لقول منصور: إن إشكالية الصادق تجاذبه بين الشخصية التي درست في أعرق الجامعات الإنجليزية وبين الجزيرة أبا .

وقبله عمه الهادي المهدي درس في كلية فكتوريا الثانوية بالإسكندرية وتم إلحاقه أثناء الحرب العالمية الثانية بغردون التذكارية وتخرج منها، ولكنه استوطن الجزيرة أبا وصار مزارعا !. وصار يعتمد على الزكاة التي تأتيه من كردفان ودارفور، وقد منع الإنجليز والده عبد الرحمن وأبدلوه عام 1925 بمبلغ 4500 جنيه وصارت بعد عام منحة!, وتوقفت آخر ماشية الزكاة التي كانت ترد إلى الجزيرة أبا عند اندلاع حربه مع نميري وأغلب أعضاء المجلس الخاص به من القوميين العرب.
عمل الصادق في وزارة المالية ستة أشهر ، ثم رئيس الوزراء 1967 ، وهي طفرة جينية طائفية، ليست من عبقريات الصادق بل لتمكن الطائفية كما أوضحنا.
أما أننا لم نتجاوز الصادق فالأسباب كثيرة، أهمّها طائفة الأنصار التي تمثل أغلبية أهلنا البسطاء في الأرياف، فانتخابات وست منستر توافق الطائفية توافق شن وطبقه. وعند الانتخابات عام 1985 مول القزافي حزب الأمة والصادق بـ 25 مليون دولار! ليفوز بـ 101 مقعدا!!( المال عقدة الديمقراطية)
أما فضائحه مع الثورة السودانية فهي مبذولة على قفا من يستطيع .
*
أما منصور فلم يستطع تبرير وجوده في محاكمات الشجرة الصورية بعد انقلاب يوليو1971 ،وتصدره ترجمة مؤتمرات النميري الصحفية، رغم أنه لم يكن في وظيفة سياسية!!. وقد دخل مايو69 لفيف من الصفوة منهم: دكتور منصور خالد ودكتور جعفر بخيت ودكتور بهاء الدين وجمال محمد أحمد ودكتور أبو ساق وفاروق أبو عيسى ودكتور موريس سدرة وأبل ألير وبونا ملوال وإبراهيم منعم منصور ودكتور محمد عبد الحي و دكتور بشير عبادي ومرتضى أحمد إبراهيم ودكتور حسن عابدين وكتورالترابي وأصحابه...
*
حقيقة عموم الصفوة احترنا في فهمهم!!

صورة العضو الرمزية
الوليد يوسف
مشاركات: 1854
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 12:25 am
مكان: برلين المانيا

مشاركة بواسطة الوليد يوسف »

ما تشوفش وحش العزيز الشقليني :)
اعتقد غير جازماً ان حيرتنا مع البيوتات "الكبيرة" ستظل حيرة أزلية، مالم ينتقل السودان ويهتدي الى وثيقة دستورية، تعبر عن واقع عقده الاجتماعي بلا عنف، يسحب فيها السلطات المطلقة لهذه البيوت مع المحافظة على امتيازاتهم المكتسبة في زمان دولتهم السيادية، لا تأميم ولا مصادرة، حتى نتمكن من فرز مؤسسات الدولة وتجفيف منابع المؤسسة الدينية، صحيح ما عندنا كنيسة والمسجد لا يشارك في سلطة الحكم بصورة مباشرة. لكن عندنا قباب وأضرحة، زوايا ومشايخ، خلاوي... هذه المؤسسات هي مكامن الاستغلال وان هم بارونات الحرب ومغامري الانقلابات في المؤسسة العسكرية بسحب السلطات من هذه البيوت أدخلونا في مصادرة الحريات وقهر الانسان وصناعة الديكتاتوريات وعبادة الفرد وأعادتنا للمربع صفر او الدائرة الشيطانية سيئة الصيت... انتقال دستوري وممارسة ديمقراطية تعددية. غير ذلك لا مخرج ولا مخارجة من أمثال الصادق المهدي فهو ليس مجرد شخصية بل ظاهرة اجتماعية كاملة. في فرنسا تم الانتقال من النظام القديم عن طريق ثورة شعبية عارمة وفِي بريطانيا تم الانتقال بسلاسة عبر مسيرة طويلة تمخضت عنها ما يعرف بالوثيقة العظمى* (الماغنا كارتا) ونحن في السودان الانجلوفنيكي اقرب في تقديري لنموذج الانتقال البريطاني؟


* https://ar.m.wikipedia.org/wiki/%D8%A7% ... 9%85%D9%89

.
السايقه واصله
حامد بشرى
مشاركات: 137
اشترك في: الخميس يوليو 23, 2009 2:21 am

مشاركة بواسطة حامد بشرى »

يظهر وفاة الدكتور منصور خلقت حراك كتابي خاصة بعد نعي السيد الصادق الفيه مخالفة للحديث " أذكروا محاسن موتاكم "فجاء النعي في صورة نقد .

اليكم مقالة العزيز طارق الشيخ في هذا المنحي

منصور خالد .. السياسة والثقافة بعيداً عن الشعب
ملحوظة العنوان الذي كتبته للمقال ( في غياب المفكر السوداني منصور خالد )
طارق الشيخ
25 أبريل 2020
غيّب الموت السياسي والوزير والمستشار الخاص لزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان الراحل جون قرنق والكاتب السوداني الدكتور منصور خالد، بعد عشرة أيام من خسارة الحقوقي فاروق أبو عيسى، والاثنان لعبا أدواراً مهمة في الحياة السياسية والاجتماعية في السودان عقوداً. وكلاهما قانونيان ضليعان، وينتسبان إلى جيل فريد من السودانيين، موسوعي المعرفة متعدد الاهتمامات، ممن ولجوا الميدان السياسي، وعملوا بتفانٍ في معركة السودان الكبرى لنشر الوعي وإحداث التغيير والتقدم. بهذا المعنى، شأن كثيرين من أبناء جيله الذين تربوا في بيئة دينية ودرسوا اللغة العربية، وتفقهوا في علومها، مثلما تفقهوا في علوم الدين، ثم صقلوا ذلك كله بالعلم والمعرفة في أوروبا في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، تجد في منصور خالد اللغة الأدبية الرفيعة، وبالقدر نفسه الثقافة الواسعة المتشعبة ومن الوزن الثقيل في القانون والسياسة والاجتماع والفن. وقد جعلت صفاته أحد خصومه السياسيين، عبد الله علي إبراهيم، يعترف بقدراته ومميزاته، فيقول عنه "يولد بعضهم بملعقة من ذهب، وولد الدكتور منصور خالد بملعقة من حسن العبارة ومضائها".
ومع ما كانت تحيط بالراحل مما يحيط بأترابه من أبناء جيله من استنارة ووعي، فإنه كان متهافتاً على السلطة، وراضياً بسوء الاختيار غير متبرئ منه. تجده مؤيداً متحمساً مدافعاً صلداً عن نظام الرئيس جعفر النميري في سنواته الأولى، بل وما بعدها أيضاً، ثم المبالغة في هجائه. تقرب من النميري، حتى أصبح أحد ثلاثة أحاطوا به، مع رفيقيه عمر الحاج موسى وجعفر بخيت، إلى درجة أنه قرّ في أذهان كثيرين أن ثلاثتهم هم من صنعوا منه ذلك الفرعون البشع الذي تبرأ منه منصور خالد نفسه فيما بعد. تقافز في المواقع وتنعم بالسلطة، فها هو يعمل سكرتيراً لمكتب رئيس الوزراء الأول، عبد الله خليل، على الرغم من ارتباط هذا الرجل بالطائفية السياسية. وفي الوقت نفسه، يطرح نفسه أحد رواد التجديد والحداثة. عين وزيراً للشباب في حكومة النميري الأولى، ثم وزيراً للخارجية، وأرسى أسس دبلوماسية سودانية حديثة عصرية مواكبة، وهو ما جعل وزارة الخارجية السودانية تذكر في في بيان نعيها له مآثره الدبلوماسية. وقد دافع بقوة عن اتفاقية أديس أبابا للسلام في جنوب السودان التي وقعها النميري عام 1972، ثم ما لبث أن جعل من خروج النميري عليها سبباً معلناً أصبح بموجبه أبرز السياسيين الشماليين المنضمين لصفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق عام 1984، ليصبح الشمالي القادم من أقصى الشمال السوداني، المؤيد المتحمس للجنوبيين في نضالهم ضد الشمال.
كانت له حواراته الفكرية الثرية في السبعينيات مع الوزير الدكتور جعفر بخيت، وكانت مفعمة بالمعرفة الثرة واللغة الذربة، تتقاذفه أمواج ثقافة أوروبية فرنسية أنجلو ساكسونية، فتحسبه منهم لفرط معرفته بالتاريخ والسياسة الأوروبية، ثم تحمله أمواج العروبية، وتعلو به أفريقانيته، وتقذف به على تخوم قرية أروشا كأفضل ما يكون الأعجاب بتجربة الرئيس جوليوس نيريري في تنزانيا. وقد عرف عن الدكتور منصور خالد حبه الواضح الحياة المرفهة والعيش الرغيد. وقد سألت أحد المقربين من جون قرنق عن سر هذه العلاقة غير المفهومة بين قرنق ومنصور خالد، على اختلاف مشاربهما السياسية، فأجابني أن قرنق ذكي، ويعرف حب منصور الحياة والعيش في مستوى راق، ويدرك حبه للثروة والمال. ولهذا أوعز لكل قيادات الحركة الشعبية بأن يتركوا منصور خالد في حاله. كما استغل قرنق التقدير والاحترام اللذين كان يحظى بهما هذا المثقف اللامع في الولايات المتحدة، فكثيرون من تلامذته في جامعة جورج تاون أصبحوا أعضاء في الكونغرس، وكان له معارفه الكثيرون في أروقة الأمم المتحدة التي عمل فيها سنوات مساعدا للأمين العام للشؤون القانونية. وفوق هذا كله، كانت علاقته بسوق السلاح من خلال صداقاته المعروفة مع تجارها الكبار، عدنان خاشقجي وغيره، مما كان مصدر بيع وتجارة السلاح التي كانت ترفد الحركة الشعبية بما تحتاجه، وهذا كله وغيره مما يفسر، إلى حد كبير، قربه الوثيق من قرنق.
وبعيدا عن ذلك، منصور خالد مثقف من الطراز الأوروبي الراقي، المحب للفنون واللغة والموسيقى بدرجة تجذب فيها الخرطوم في عهد توليه وزارة الشباب المغنيتين، الغامبية فيكي بلين والجنوب أفريقية ماريام ماكيبا. وتبقى مؤلفاته الرصينة الموسوعية التي شرح فيها أمراض السياسة والمجتمع عامة في السودان مراجع مهمة لا غنى عنه لكل باحث في الشأن السوداني. وقد أثار كل واحد منها جدلاً كثيراً منذ كتابه الأول "حوار مع الصفوة"، ثم ما تبعها من مؤلفات "لا خير فينا إن لم نقلها" و"السودان والنفق المظلم" و "جنوب السودان في المخيلة العربية" و"النخبة السودانية وإدمان الفشل" و"السودان، أهوال الحرب وطموحات السلام - قصة بلدين"، و"الثلاثية الماجدية.. صور من أدب التصوف في السودان". وقد استطاع الراحل أن يخضع كل كتاباته لما أسميه الفلتر السياسي والأخلاقي الذي أحسن توظيفه، فهو ينتقد "النخبة السودانية
وإدمان الفشل" لكنه بريء منها بكل ما تعانيه من أمراض وشوائب. وقد أعمل فلتره الخاص، فلم يغشَ في كل ما كتبه عن جعفر النميري اللحظات الشخصية، ومنها التي كان جالسا في أحد أكثر الوقائع مأساوية في تاريخ السودان الحديث، في "محاكمات الشجرة" في يوليو/ تموز 1971، والتي اختصت بزعامات وقيادات من اليسار السوداني، كتب عنها الفرنسي الشجاع أريك رولو، فيما صام منصور خالد تماما عن كتابة شهادته عما رآه، وكان جالسا أمام عضو مجلس قيادة الثورة ونائب رئيس الاتحاد الاشتراكي السوداني، أبو القاسم محمد إبراهيم، لحظة تعذيب النقابي الشيوعي، الشفيع أحمد الشيخ، حتى الموت. وهو فلتر يذكر بفلتر الكاتب الألماني شتيفان هرملين في تبرير صمته على مجازر ستالين "لقد تحالفت مع سفاح ضد سفاح آخر متوحش". بهذا المعنى، استخدم منصور خالد فلتره الخاص ليسجل اسمه من طينة الأرواح النبيلة من السياسيين السودانيين الذين خرجوا سالمين، لأنهم آثروا الصمت وسلامتهم الشخصية، فتجنبوا سبل الأذى والضرر، وآثروا العيش والسلامة بعيدا عن الضرر. وهنا مأساة جيل الاستقلال والأجيال التي أعقبته، فلم يتركوا أثرا يوسع من دائرة الوعي والتقدّم بقدر ما تركوا إرثا من طائفية مقيتة وتخلف وواقع بائس، وهو ما تدور حوله هذه الأيام معارك الثورة السودانية.
ومهما كان، سيذكر التاريخ السوداني منصور خالد مثقفاً عتيداً عاش حياة لا تخلو من تناقضات بين ما آمن به وواقع فشل في أن يختار فيه المكان المناسب له بين صفوف الشعب، مفكّراً مدركاً هموم عامة الناس. وعاش حياته في جدل مرهق بين الصفوة المثقفة، من دون أن يتخذ موقفاً أكثر وضوحاً وجرأة والتصاقاً بحركة الشعب والشارع. ولهذا ظلت كتبه وأعماله هاجساً لدى الصفوة، ولم تعن كثيراً عامة الناس الذي خبروه في أروقة حكم جعفر النميري وأوساط جون قرنق. لا جدال في أنه، رحمه الله، ترك إرثاً ثقافياً وموسوعياً من المعرفة التي حتماً ستكون مصدراً مهماً لكل من يهتم بالتحديث والتجديد في السودان.
( العربي الجديد )


صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

كان منصور خالد مع نميري في كل لحظات محاكمات الشجرة. وكان جالساً إلى يمينه أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده النميري في أيام تلك المحاكمات التي حضرتها الصحافة الأجنبية ووثقت مشاهدها وكالة أسوشييتد بريس.
لماذا سُمِح للصحافة الأجنبية بالحضور، أو بالأحرى لماذا دُعيت؟ وما الذي يستفيده النميري من إظهار بشاعته للعالم؟ أبحثوا عن الأمريكان تجدون الإجابة، فمن كان يريد أن يطمئنهم أن القضاء على الشيوعية يجري على قدم وساق؟


https://www.youtube.com/v/lOHTclDxbqI

مقطع من المؤتمر الصحفي الذي عقده النميري في الشجرة بحضور منصور خالد

صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

سلام يا وليد
فعلا، في علاقته مع النميري، جعل منصور خالد من الدكتاتور حليفاً يتوارى خلفه، ليس كأفاتار، وإنما كدكتاتور آخر بقفازٍ من حرير، ينفذ عبر الدكتاتور العسكري مشروعه وتصوره لنظام الحكم. حكم الحزب الواحد الذي لا يرى فيه نظاماً دكتاتورياً وإنما نموذجاً سبق تطبيقه في بلدان أخرى وأراد هو نقله للسودان، وتكون السلطة الحقيقية بذلك في يده. وقد نجح إلى حد كبير في مسعاه بصنع الاتحاد الاشتراكي وتأسيس وزارة الشباب وطلائع مايو، كمستودع لتأهيل كوادره وتمكينها وإعداد كوادر المستقبل. إلى جانب مخططه في وضع أسس جديدة لسياسة السودان الخارجية التي نجح في ربطها بمؤسسات رأس المال العالمية (البنك الدولي، صندوق النقد الدولي...) وبقوى الاستعمار الحديث (الولايات المتحدة، غرب أوروبا، الأمم المتحدة....). حينما سأله الطاهر حسن التوم (في الفيديو أدناه ابتداءً من الدقيقة 3 و54 ثانية) عن سر علاقته بالعسكر (عبد الله، خليل، النميري، قرنق، لكن الطاهر حسن التوم لم يجرؤ على سؤاله عن علاقته بالبشير الذي أصبح مستشاراً له بعد موت قرنق) وأعاد عليه عبارة عبد الرحمن مختار بأن "منصور خالد من الممسكين بالنجوم"، كان رده: "أنا نجم ولست بحاجة للأمساك بأي نجم آخر".هذه العبارة لا تعكس فقط مدى الغرور عنده وشكر النفس، لكنه توضح أيضاً قدرته على المراوغة ومحاولته التنصل من تهمة الإمساك بالعسكر، فالنجوم التي يعنيها عبد الرحمن مختار هي نياشين العسكر، القاسم المشترك بين الشخصيات الثلاث، عبد الله خليل، النميري، قرنق، وليس أي نجوم أخرى كما يحاول منصور خالد تحريف معناها.
باختصار، منصور خالد "ممسك بالنجوم"، أو قل بالنياشين، حتى وإن أنكر. وسيلته لتنفيذ تصوره للحكم ولتنفيذ أجندات القوى الكبرى التي تربطه بها علاقات قوية واضحة. وليس اتهام عبد الله علي إبراهيم له الذي سكت عن دفعه عن نفسه ببعيد.


https://www.youtube.com/v/ZrItYqA1TO8


.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

سلام يا بيكاسو
كتبت
ربما كثير من السياسيين في السودان يثقلون أكتافهم بأخطاء لأنهم ليسوا مقدسين ، أما الصادق المهدي فهو أرذلهم. كان في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي ، حتى تم رفده بتخفيض النفقات.. وإلى اليوم لا يذكر محمد نور سعد الذي قام بالانقلاب نيابة عن الصادق!
الخطأ هو فعل عابر، لكن حينما يضع السياسي مشروعه وتصوره للحكم حيز التنفيذ، مغمضاً عينيه عن بشاعات حليفه الطاغية، فإن هذا السلوك يصل إلى درجة الجريمة في حق شعب السودان، وليس مجرد خطأ. وأستغرب للكلام الذي يدور حول اعتذار منصور خالد عن علاقته بمايو أو نقده لهذه التجربة. الاعتذار يُقدم لمن يقبله، ولا يُقدم لشعب ناله دمار كبير.
أما دخول الصادق المهدي للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، فقد تمَّ في إطار المصالحة الوطنية في عام 1976، وهي مصالحة مرحلية تاكتيكية ما كان من الممكن لها أن تنجح لأن الظروف السياسية لم تكن تسمح بعقد مصالحة في ذلك الوقت، سواءً بين النميري والصادق المهدي، أو بينه وبين القوى السياسية الأخرى. هذا النوع من المصالحات أمر دارج في الحياة السياسية، في السودان وغير السودان، ومثل هذه التحالفات دائماً ما تحمل في طياتها بذور فنائها، تماماً كما حدث مع اتفاقية السلام الشامل، رغم الاحتفاء الواسع بها والذي تجلى في الاستقبال التاريخي لجون قرنق عند وصوله للخرطوم. أن تقول أن الصادق المهدي "تمَّ رفده بتخفيض النفقات" ـ وعبارتك ما واقعة لي ـ، كلام مجحف. فالاتفاقية قد فشلت لأسباب سياسية وكان من تبعات فشلها ونهايتها أن تعرض الصادق المهدي للسجن ثم للمنفى. والسجن لا يكون بدعوى تخفيض النقات. وعلى كل حال، لا تحضرني كل تفاصيل تلك الفترة لأتحدث عن أسباب فشل المصالحة الوطنية بشكلٍ واضح. لكن من المؤكد أن تخفيض النفقات لم يكن سبباً. وعلى كل حال أجد أن الهجوم على الصادق المهدي ووصفه بعبارات جارحة مثل "فهو أرذلهم"، يجافي روح التعامل الديمقراطي. للصادق المهدي أخطاء فادحة، ونقدها واجب. أما الهجوم ومجافاة الانصاف والتجريح فهي ممارسات لا بد من الامتناع عنها.

صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

سلام حامد بشرى

وشكراً على إضافة مقال طارق الشيخ. وهو أيضاً من نوع النقد الذي يبرىء ذمة كاتبه من عدم السكوت عن الجوانب السالبة في تجارب الراحلين من السياسيين، في نفس الوقت الذي يتحرى فيه إنصافهم.
بالنسبة للصادق المهدي، وكما كتبت في البداية، أجد أنه ترفع عن النفاق السياسي، لكنه أيضاً لم يقصِّر في مدحه لمنصور خالد: "ولم يكتف بالتأهيل الأكاديمي كما يفعل كثيرون بل حرص على ارتقاء سلم ثقافي طويل، وخلط ما بين الحصيلة الثقافية والسياسية والدبلوماسية". وفي رأيي أن الصادق المهدي توقف عند نقطتين مهمتين في حياة منصور خالد السياسية: دوره في مايو وتعاليه على "النخبة" السياسية السودانية من منظور من يربأ بنفسه عن الفشل. بخصوص علاقة منصور خالد بمايو كانت عبارات الصادق المهدي صريحة، بينما كانت إشارته لـ"النخبة السودانية وإدمان الفل مبطنة: "كما عتبت عليه تركيزه على نصف الكوب الفارغ في تناول العطاء الوطني السوداني". وأعتقد أن الصادق كان محقاً في هذا "العتاب". فالنخب الحاكمة السودانية كان من بين أسباب فشلها الانقلابات التي تطيح بالديمقراطيات الوليدة، والنفوس المدفوعة بشهوة الحكم التي تدعم الدكتاتوريات وتسد بذلك الطريق أمام رياح التغيير. ولمنصور خالد نصيب وافر في هاتين الناحيتين.

عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

https://sudaneseonline.com/board/510/ms ... 60379.html


الأستاذة نجاة
تحية طيبة وود كثير
رجاء الاطلاع على هذا الملف عن الصادق المهدي وأن الصور القديمة لا تكذب
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

تحياتي لك يا نجاة..
أعتقد ان السيد الصادق المتمهدوي، ضرب إنموذجا سيئا في نعيه أعلاه، للراحل منصور خالد، فهو أدخل السم، في الدسم، فماذا يعني إن يقول بأن الراحل، كان مثقفا، أكمل تعليمه في السودان وخارجه... لاب لاب لا.. الخ. هذا معلوم لدي القاص، والداني، ولكنه ما أراد - في رأيي- إلا أن يصل إلي: عتبت عليه بشدة دوره في دعم نظام مايو الإستبدادي. حسناً، أنظمة مثل مايو، ونظام عصابة الأخوان المسلمين، في تقديري، لا يجب التفاوض معها أبدا، بسبب كونها أنظمة غير شرعية، كورونية، وأي تفاوض، أو تصالح معها، يضفي عليها، نوع من الشرعية، بصورة، أو باخري، وقد فعل ذلك السيد الصادق مع النظامين المذكورين.

أما قوله: ودوره- يقصد الراحل منصور خالد - في الزج بقيادة الحركة الشعبية نحو تطلعات وهمية... الخ، فهو قول عنصري، حسب فهمي للعبارة، من الدرجة الأولي.
الصادق، رجل بائس، ذو قدرات متواضعة، ولا أظن أن كان سيكون له شأن كبير في الحياة السياسية في بلدنا العزيز، لولا إنتماؤه لأسرة الإمام المتمهدوي.
آخر تعديل بواسطة عادل السنوسي في الأربعاء إبريل 29, 2020 8:30 pm، تم التعديل مرة واحدة.
الفكر الديني ضعيف، لذا فإنه يلجأ الي العنف عندما تشتد عليه قوة المنطق، حيث لايجد منطقاً يدافع به، ومن ثم يلجأ الي العنف.( ... )
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

سلام يا بيكاسو وعادل

موضوعي هنا عن النعي المترفع عن النفاق السياسي والاجتماعي، سواءً جاء من الصادق المهدي أو من غيره. وقلت "نموذجا". وما دعاني لطرحه هو هذا التبجيل العام لمنصور خالد، وهو تبجيل، في رأيي، لا يستحقه، نظراً للدور الذي لعبه في ترسيخ نظام النميري، مساهماً بذلك في التأخر الذي لحق ببلادنا، ولمواقف مخزية أخرى في تاريخه تحدثت عنها هنا. قلت في معرض مداخلاتي أن للصادق المهدي أخطاء فادحة نقدها واجب، لكن هذا ليس الموضوع المطروح هنا. لا أدافع عن الصادق المهدي ولست من الموالين له، وأنتما تعلمان، وغيركما يعلم، ولا أدافع عن سياسته، لا الماضية ولا الحاضرة، فلماذا الانحراف بموضوعي عن وجهته بهذه الطريقة التي تغمض العين عن النقطة الأساسية، بل وتنحرف بها بعيداً عن مقصدها؟
ترك عدد من المتداخلين في البوست الذي ابتدرته في فيسبوك في نفس المعنى كلامي، وذهبوا إلى تحريفه حينا وتقويلي ما لم أقله حينا آخر، لدرجة أن حرَّفت متداخلة كلامي الواضح في العنوان لتبدأ متسائلة في ما معناه متين الصادق بقى رفيع؟ بينما كلمة "رفيع" كانت لوصف نعي الصادق المهدي وليس شخصه. نفس المتداخلين سبق لهم أن قرأوا وأن تداخلوا معي في فيسبوك عن مواضيع انتقدت فيها الصادق المهدي نقداً شديداً، حبرها لم يجف بعد، خاصة في خصوص عدم إلغائه قوانين سبتمبر التي وصفها بنفسه بأنها لا تساوي الحبر الذي كُتبت به، حينما كان رئيساً للوزاء. ثم يرون في هذا الموضوع الحالي دفاعاً عنه أو إجحافاً في حق منصور خالد. قليل من القراءة البعيدة عن التأويلات المقصودة وعن التقويل لا بد منها.

اطلعت يا بيكاسو على موضوع أبو الريش في سودانيزأون لاين في الرابط الذي وضعته. وهو يختلف في مدخله عن ما طرحته هنا.

يا عادل، الصادق المهدي جزء من خارطتنا السياسية ويربطنا به فضاء العمل السياسي السوداني، يلزمنا تجاهه واجب احترام المخالف مثلما يربطنا به حقنا في نقده لا إساءته. وصفك له بعبارة "رجل بائس" يدخل في حيز الإساءة. أما قولك أنه "ذو قدارات متواضعة"، أو "لا أظن أن كان سيكون له شأن كبير في الحياة السياسية لولا انتمائه" لأسرة المهدي، ضرب من المغالاة. فالرجل سياسي متمرس تشهد له تجربته السياسية التي استمرت لأكثر من نصف قرن. انتماء الصادق لبيت المهدي ما كان من الممكن أن يجعل منه رئيساً لحزب سياسي له حضوره طوال هذه المدة، أو أن يجعل منه رئيس وزراء مرتين لو أنه لم يكن يمتلك القدرة التي تؤهله لذلك. أنت بذلك تسيء للحياة السياسية السودانية، بأن احتل مكاناً هاماً فيها، ووصل للحكم عن طريق انتخابات ديمقراطية، رجل تصفه بالبؤس. الصادق المهدي خصمي في فضاء العمل العام، خصم من الممكن أن اتفق معه، لكن منصور خالد ليس خصماً، إنه أقرب لخانة العدو.
رأي الصادق عن دور منصور خالد في الحركة الشعبية هو رأيه الذي له حرية التعبير عنه. وفي رأيي أن قادة الحركة الشعبية بصفة عامة، لم يمهدوا الأرض بالصورة اللازمة لبناء دولة الجنوب المستقلة. لقد عجل الأمريكان والغربيون بإتمام الانفصال ولم تكن البنى التحتية للدولة الوليدة أو مؤسساتها قد تهيأت بصورة تسمح بتأسيسها تأسيساً متيناً، والنتائج نراها ماثلة أمامنا الآن، من فقر وصراعات قبلية وفساد وضعف في المؤسسات وديمقراطية هشة. هذا النقد الذي ضمَّنه الصادق نعيه لمنصور خالد هو ضمن ما أشدت به. إنه أفضل من النفاق السياسي الذي نشهده في تدبيج كلمات النعي الكاذبة.

أضف رد جديد