جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
محمد عبد الجليل الشفيع
مشاركات: 155
اشترك في: الجمعة إبريل 01, 2011 11:11 am

مشاركة بواسطة محمد عبد الجليل الشفيع »

يا لروعة المشهد .. ربما لكونهم لم يستطيعوا إحداث وثبة في الشوارع
فجعلوها في النيل .. وللشاعر العراقي جميل صدقي لزهاوي قصيدة طويلة صور فيها
حلمه بمعركة تدور رحاها يوم القيامة بين أهل الجنة والنار إنتصر فيها أهل النار،
تعرض على إثر نشرها لمحاكمة عاصفة سأله فيها القاضي: ما هذا الذي تكتب؟ فرد
جميل: لم أستطع إشعال حرب في الأرض فاشعلتها في السماء
محمد عبد الجليل الشفيع
مشاركات: 155
اشترك في: الجمعة إبريل 01, 2011 11:11 am

مشاركة بواسطة محمد عبد الجليل الشفيع »

محمد عبد الجليل الشفيع كتب:يا لروعة المشهد .. ربما لكونهم لم يستطيعوا إحداث وثبة في الشوارع
فجعلوها في النيل .. وللشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي قصيدة طويلة صور فيها
حلمه بمعركة دارت رحاها يوم القيامة بين أهل الجنة والنار إنتصر فيها أهل النار،
تعرض على إثر نشرها لمحاكمة عاصفة سأله فيها القاضي: ما هذا الذي تكتب؟ فرد
جميل: لم أستطع إشعال حرب في الأرض فاشعلتها في السماء
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

حرب الصبايا المائيات

مشاركة بواسطة حسن موسى »



لو كان ممارسو لعبة القفز من جنس الذكور وحدهم لكنا وجدنا الأمر عاديا، كتنويع رياضي في ممارسة السباحة التي هي، في نهاية التحليل الشعبي، لعبة من ألعاب الصبيان الذكور، لو تقحّمتها فتاة فأمرها يقوم كإستثناء نادر يؤكد القاعدة العامة.و هي ان الفتيات لا يسبحن ،عدا السباحة السودانية الفريدة و المعرفة بالألف و اللام في مشهد الرياضة السودانية، " سارة جاد الله"، و التي لا يعرف السودانيون سبّاحة غيرها!.
الصور التي شهدتها، في" فيس بوك"،لا تجيب على الأسئلة أعلاه لكنها تعرض مجموعة من الفتيات، دون العشرين غالبا، و هن، في لحظة القفز، معلقات في الفراغ الذي بين الكوبري و النيل.و من يعمل النظر في هذه الصور التي بذلها شخص مجهول يتسمّى ، في فيس بوك، باسم" أشياء بسيطة" ، لا بد أن يتأنى قليلا عند هوية هذا الشخص المتخفي وراء اسم حركي مطبوع بشبهة التواضع الإصطلاحي على خلاف معظم أهل الأسماء الحركية الإفتخارية في مواقع التواصل الإجتماعي.من هو هذا الشخص الذي تكبد مشقة إلتقاط صور القافزات من كوبري توتي ليبذلها على ملأ الأسافير؟حطر لي للحظة أن المصور، في حقيقته ،مصوِّرة يحفزّها توق مستحيل للمشاركة في هذه اللعبة الخطرة و تمنعها الكوابح الإجتماعية الزائفة عن الإنخراط في صفوف القافزات الفتـّانات ، مثلما منعتها عن التواصل باسمها الحقيقي في فيس بوك! ثم أشحت عن الخاطرة على اعتبار أن بين المصورين الذكورمن هو قمين بنفس التوق للحرية الفادحة التبعات. يبقى من كل هذا أن صور الأشخاص القافزين تنطوي جميعها على ذلك الشيء المشترك الذي يثـبـّت للأبصار و للبصائر تلك اللحظة الفريدة التي يتحدى فيها جسد الإنسان قوانين فيزياء الأجسام و يماطل قانون الجاذبية الأرضية لثوان هي، في حقيقتها الرمزية، لحظة حرية ممنوعة على غير جنس الطيور!. هذه " الحرية" المختلسة اختلاسا من عمر الزمان، هي الكلمة المفتاحية لعقلنة هذه اللعبة التي ألهمت الصبايا اليافعات ركوب مخاطرة القفز البالغة التركيب، و التي لا جائزة أو مكافأة فيها بخلاف إنجاز فعل القفز باعتباره جائزة التحرر من مجموع الاثقال الرمزية و المادية التي راكمتها الطبيعة و الثقافة و السياسة على كواهل البنيات المتمردات الخارجات من غمار شعب المدينة. و إشارتي لـ "غمار شعب المدينة"، مستنبطة من تـأملي في سحن و هيئات الجمهور الشاب المعلق على حاجز الجسر الحديدي في وضعية من يتهيأ للقفز وراء القافزات. و هي وضعية تمكنه من متابعة الحدث بأكمله، من لحظة إجتياز الحاجز الحديدي و الوقوف على شفير الهاوية، للحظة القفز، للحظة الغطس و لحظة الخروج من الماء.هذا الجمهور يمنح القافزات هوية إجتماعية شعبية و، في نفس الوقت، يصعّدهن لمقام بطولي قصير الأمد مشحون بقدر من التشويق المكثف الذي يكسب الحدث ثقله المسرحي.كم هو غريب و مشاتر هذا الحدث المسرحي الذي يسخر من وهم " الحائط الرابع" الذي يفصل الممثل عن الجمهور و يمد لسانه لكافة الإصطلاحات المدرسية التي تصنع الفعل المسرحي فيما أورثنا تقليد المسرح الأوروبي . هذا المسرح[ قل " مسرح الكوبري"! ]، هو مسرح مؤقت ، حر، مرتجل، هش، و مجاني و فاني، يخرج الممثل فيه من صفوف الجمهور، يتقدمه، و يخاطبه خطابا يستغني عن لغة الكلمات بأدب الجسد الحاضر في الزمان و المكان.هذا مسرح الممثل فيه لا يواجه الجمهور ليخاطبه بلغة الكلام المباح، فهو لا يحتاج للكلام الذي يصدر عن الوجه و العين و اللسان. الممثل هنا لا يعرف الثرثرة، إنه يولي الجمهور ظهره و هو واثق من أن الأبصار و البصائر المحتشدة من وراء ظهره تتابع كل جزيئات هذه المخاطرة المشهدية الفريدة. و أهل المسرح الحق لا يستغنون عن المخاطرة كونها تمثل بالنسبة لهم السياق المثالي الذي يتيح للفعل المسرحي ان يتحقق كشراكة في لحظة الخطر الوجودي المتخلقة، عفو الخاطر، بين الممثل و الجمهور . و " لحظةّ الخطر الوجودي" هي تلك اللحظة التي تميز الخلق المسرحي، بوصفه علاقة خاصة بين الممثل و الجمهور،تميزه عن غيره من المحافل التي تلمّ الناس في التجمعات العفوية التي تنعقد على ذرائع الغناء و الرقص او الرياضة او العمل او القتال.و هي محافل ثلم فاعليتها ركام الإتفاقات الإجتماعية و لوائح السوق و الذوق العام.أقول بأن لحظة الخطر الوجودي في مقام الفعل المسرحي ، هي لحظة أهم ما فيها أنها تتم على إختيار طوعي من قبل الطرفين، إختيار مضمونه اقتسام متعة الحدث المشهدي.فالممثل يقف على مسرحه المرتجل و هو واثق من حضور الجمهور و متابعته للحدث، و الجمهور يحضر و ينتظر و هو واثق من أن الممثل سيشرّكه في فعل المخاطرة المسرحية الفريدة، و هذه في نظري الضعيف أعلى درجات الإحسان الجمالي.
كتب محمد عبد الجليل الشفيع : " ربما لكونهم لم يستطيعوا إحداث وثبة في الشارع فجعلوها في النيل" . و هي قولة تنبه للمضمون السياسي المضمر في حركة الصبايا القافزات ، لكن ربما كان من الإنصاف تعديلها لتصبح : ربما لأنهم انتبهوا لأن الإنتفاضبة السياسية في الشارع هي وثبة آحادية البعد ، تفتقر للبعد الجمالي الذي يحفز الناس على الإنخراط فيها و تخليقها كعمل ثوري في المعنى الأصيل لمدلول الثورة. و في نظري القوي فنوع الوثبات القائمات على وصفات السياسة "اللينينية"، التي تعطي الساسة المحترفين حق القوامة السياسية على الشعب، صار مكانها دور الوثائق و متاحف التاريخ السياسي. يعني بالعربي كدا مافي طريقة لتكرار وصفة " ثورة اكتوبر 1964" في أكتوبر 2014



هؤلاء الشباب هم الوجه الآخر لجماعة الشباب الذين انخرطوا بغير نقد في مسارب العصاب الديني التي هيأتها لهم ملابسات الصراع الطبقي المتجلي في أشكال العنف السياسي، فانبتـُّوا في المتاهات المدممة للسياسة السودانية.و هم شهدوا أخوتهم الأكبر سنا يموتون غيلة في الحرب الأهلية أو في مظاهرات الحواضر السودانية مثلما خبروا مسلسل الإهانة و الإذلال اليومي في حق اهاليهم من طرف السلطات. و هم يعرفون أن ليس هناك مخارج كثيرة يعوّل عليها للخروج من الأزمة الشاملة التي تطبق على الحياة الإجتماعية في السودان.في نهاية المطاف لم يبق أمامهم سوى هذا المسرح المجاني الذي يهيء لهم فرص النجاة من الغم المقيم في المخاطرة المشهدية ، و لسان حالهم يقول: أيها الشعب المدمّم المقهور المغلوب على أمرة،انهض و خاطر ! مازالت هناك فرصة أخيرة للنجاة من الموت في المخاطرة!.و حين يصبح فعل الخلق المسرحي مخاطرة فما ذلك لأن أهله ولعون بالخطر و إنما لأن مجمل حركة الأنسان السوداني أضحت مخاطرة يومية مستمرة.

سأعود
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

.أعلى درجات الاحسان الجمالى


دى والله يا حسن دبل كيك عديل كدا


وهل لك ان تمنحنى حق
استخدامها

نقشر بيها مع ناسنا فى المسرح
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

سلام يا حسن وشكراً جزيلاً على هذه المُنَاوَلة العالية والغالية.

ظللتُ أتأمَّل هذه الصُّور-المَشَاهِد لمدة ثلاثة أيام، طافت بقلبي وذهني، طوال المُشَاهَدة ومعاودة المُشَاهَدة، أَجْنِحَةٌ جَمَّةٌ.

إحدى تلك الأجنحة جلبتْ إلى ذاكرتي فكرة أهدانيها، من بين ما أهدانيها، قبل أكثر من ربع قرن، هذا الفرع النيلي المُؤَسِّسُ - إلى جانب الفرع النيلي الأبيض - للنيل العظيم، ولي أيضاً، وأعني ب"هذا الفرع": النيل الأزرق، الذي إلى حضنه تهرعُ هؤلاء الجاسرات. وياله من حُطْنٍ! تتلخَّصُ تلك الفكرة في كتابة نَصٍّ أدبيٍّ، إقترحتُ له عنواناً: "على هامش مظاهرة العُشَّاق: بيانُ العشق". واتَتني تلك الفكرة خلال إحدى تسكُّعاتي المُتَأمِّلَة، التي غالباً ما كنت أفعلها أوَّل المساء، حيث درجتُ أحياناً على السير راجلاً، متهادياً، من جامعة الخرطوم، إِذْ كنت أعمل في مكتبتها الأساس، خارجاً من البوابة الرئيسة الخلفية للجامعة، تلك التى تفتح على النيل الأزرق، حتى أبلغ دار إتِّحاد الكُتَّاب السودانيين، الذي كان مقيماً بمقرن النيلين حينها؛ وقد كنت، كلما وقعتْ عيني الخارجية على عاشقين يفعلان العشق - وقد كانت العينان تنتعشان بالفعل برؤية نماذج منهم-منهنَّ تفعله - وكانت ثمَّة نماذج تفعله بكفاءةٍ عالية - تقول لي عيني الداخلية: "كل عاشقين كفؤين هما مظاهرة ضد قيود التخلُّف".

هؤلاء البناتنا - كم أنا فخور بهنَّ - اللاتي يَفْعَلْنَ بنا هذا العُلُوَّ - هُنَّ ناطقات (رسميَّات وشعبيَّات) رمزيَّات للمظاهرة التحريرية، أي المتعلِّقة بتحرير العقل والجسد، التي بدأتْ وسارتْ، بضمورٍ، ارتباكاتٍ ونكساتٍ للأسف - منذ ما قبل سارَّة جاد الله، لها الشكر والإمتنان، التي كانت ناطقة (رسميَّة وشعبيَّة) رمزيَّة لتلك-هذه المظاهرة، التي لن تنطفئ - رغم الضُّمور، الارتباكات والنكسات - بسقوط نظامٍ سياسيٍّ وقدوم آخر. (ملحوظة: نَسَّمَتْ في وجداني وعقلي فكرة ذلك البيان خلال إحدى سنوات حقبةٍ سياسيةٍ دَرَجَ أغلبنا على وَسْمِهَا ب"الديموقراطية الثالثة" بينما إقترحتُ أنا - وما أزال أقترحُ - وَصْمُهَا ب"شِبْهِ الديموقراطية الثالثة").

كانت إحدي عبارات ذلك البيان، الذي لم يُكْتَب، تقولُ (على لسانِ مُتَظاهِرين مُتَخَيَّلِين ومُتَظاهِرات مُتَخَيَّلَات، أي مُتَطَلَّعٌ إليهُنَّ-إليهم): "نحن الذاهبون إلى زمن الحدائق".

الجدير بالسقوط - الحقيقي - ليس النظام السياسي المُستَبِد (أكان يرتدي بِزَّة كاكية أو جلابية أو حُلَّة مدنية أو "خاطفة ألوان") - فقط - وإنما كذلك، وفي المقام الأوَّل والأخير، النظام المفهومي، الاجتماعي-الثقافي المُستَبِد، الذي يجد فيه ذلك-هذا النظام السياسي المُستَبِد - وأمثاله من الأنظمة - مُسَوِّغَاً للتواجُد، إعادة التواجُد وسنداً للاستمرار.

هؤلاء البناتنا - اللاتي لا أشك في كفاءتهنَّ في ممارسة العشق - لَسنَ ظاهرةً فحسب، وإنَّما هُنَّ قائدات كفؤات رمزيَّات للمظاهرة التحريرية المُرَكَّبَة (هكذا بتعريف الألف واللام والصِفَتين!)

أنا - إلى جانب الملايين مِنَّا - خلفكنَّ. فَلْتَعْبُرْنَ بنا إلى زمن الحدائق!
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في الثلاثاء مايو 31, 2016 3:30 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

صورة

سألتني مرة زميلة دراسة تشادية، وأنا أستعد للسفر للسودان لقضاء عطلة الصيف، أن أحضر إليها قارورة من عطر "بت السودان" لتهديه لأمها. كانت "بت السودان" العطر المفضل للنساء في تشاد ـ وربما ما جاورها من بلاد غرب أفريقيا ـ في فترة ما بعد الاستقلال. يعني "بت السودان أصيل" جابت البلدان ممثلةً للبلاد بفخر واعتزاز، بلا استحياء من رحطها أو من"برتكانها المدردم".

صورة العضو الرمزية
تماضر شيخ الدين
مشاركات: 356
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:14 pm
مكان: US

مشاركة بواسطة تماضر شيخ الدين »

الله يستر يا نجاة ما يجوا الحاقدين

يطهروها
او يشلخوها
او يدقوها
او يغتصبوها
او يرجموها
او يضبحوها


وكلو بحصل!!!!!!
صورة العضو الرمزية
تماضر شيخ الدين
مشاركات: 356
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:14 pm
مكان: US

مشاركة بواسطة تماضر شيخ الدين »

الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

الراسمالية الرقمية وبضاعة الفانتازيا او صناعة الحب الرقمي

صناعة الحب الرقمي واعادة تعريف فكرة الحميمية intimacy وضمنها علاقات الحب والجنس والبورنوغرافيا . هذه الصناعة أتاحت الواقع / الحقيقة السايبرية الان وجعلت من الممكن ممارسة كل ذلك من بين يدى الاسواق .



ماذا نفعل باستغلال الاسواق لحوائجنا الانسانية الاساسية من الشرب والأكل واللمس والحب في العصر الرقمي ؟

هذا الفيلم الوثائقي يا حسن موسي والقراء يتحرك في مناطق حساسة بين حقول جيوبولتكس الجسد واقتصاده السياسي ....


https://topdocumentaryfilms.com/digital-love-industry/


الفيلم ربما يخدش تخوم ما تود رؤيته اولا تود لكني فضلت ان ابذله هنا لخطورة الاسواق وضرورة التعامل الجاد مع آفاقها ... يمكن ان نسقط ابعاد وانحيازات عمرية ودينية الخ او حدود مثل : السودان في شنو ونحن في شنو ؟؟؟ أقول ذلك كون اي فرد هنا بصرف النظر عن عمره يشعر بفارق الدعة (كومفورت) حين يغتني جهاز (تلفون او تابليت او اي باد ) يوفر له ان يقرا كتاب او يتصفح مقال او يكتب مقال او قصيدة او يتجانس مع أصدقائه عبر ذات الجهاز ... لا انطلق هنا من بعد أخلاقي او انحياز عمري او ديني عدمي ضد الاسواق ، مطلق أسواق كتجربة اقتصادية... ربما في هذا خير إنساني لنضج انسان العصر القادم وممارسة حياة واقعية اكثر انسنة ودا مفتوح للافاق .. هذا ليس مطلق خطأ او صواب ... وليس حول هل هذه التقنية متاحة لابنائنا وبناتنا .. وليس حول نوع الدين او اللادين الذي انتمي اليه وإنما حول التربية الصحية رمزياً وماديا كما يحددها علم الاجتماع المعاصر وعلم التربية والاجتماع والطب ؟




The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
حافظ خير
مشاركات: 545
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:23 pm

مشاركة بواسطة حافظ خير »

رجعة صغيرة للنقاش القديم دا، بكوميديا المنظمات!:

:)
Saving the Squirrels and the Lesbians of Sudan



https://www.youtube.com/v/Hb2Q_ToPkqM



:) :)
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

"سياسة الجسد في السودان" في لندن

مشاركة بواسطة حسن موسى »




سياسة الجسد في السودان
[ ندوة "أجندة مفتوحة" ، لندن،أكتوبر2015]
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

أثناء معرضي في نهاية عام 2013، في "غاليري أوف آفريكان آرت" بلندن قالت لي صديقة من المتابعين لمعارض الفن الأفريقي أنهم فوجئوا بغزارة و حيوية الحضور السوداني في الإفتتاح و في المناقشة التي تلت الإفتتاح في اليوم التالي. قلت لها أن هؤلاء الحضور هم جزء من حيوية الحركة الثقافية و السياسية السودانية، و هي حيوية تسندها علاقات صداقة و قرابة آيديولوجية طويلة الأمد اصلها في السودان و فروعها في كل أنحاء العالم و لو قيض لي أن أحيي نفس المحفل الفني في سيدني أو في أبوظبي أو في واشنطون فسألتقي بحضور مشابه لهذا الحضور السوداني اللندني.
هذه المرة و أنا أستعد لزيارة انجلترا طلب مني بعض الأصدقاء الناشطين في مجموعة" أجندة مفتوحة" أن أقدم محاضرة عن مفهوم الجسد في السودان و استقر عزمي على الحديث عن" سياسة الجسد في السودان".
و أنا أحضر أوراقي للمحاضرة كنت أرى وجه لندن السوداني الحي بمجموعة الاشخاص الذين أعرفهم و أتشوق للقياهم كلما سنحت لي فرصة زيارة لندن.و حين وصلت لمكان المحاضرة تيقنت من أن الحضور قبالتي ليسوا مجرد وجه و لكنهم جسد بحاله يفكر و يتكلم و يريد.هذا الجسد الحي المثابر على المعارضة هو تعبير متقدم من وجوه سياسة الجسد في السودان. و هؤلاء الأشخاص الحاضرين هم الوجه المشرق لسياسة الجسد في السودان و أنا أحييهم و أشكرهم على سماحتهم السياسية و على أريحيتهم الإنسانية العالية.
مجموعة الملاحظات أدناه تلخص التفاكير التي استندت عليها في حديثي عن " سياسة الجسد في السودان". و أنا ابذلها هنا من باب تعميم الفائدة حتى يقرأها المهتمون الذين لم يحضروا منتدى أجندة مفتوحة، و الذين أطمع أن ينيروا عتماتها بتفاكيرهم النقدية المضيئة.




سياسة الجسد في السودان

ابدأ بتعريفي للعبارتين " السياسة" و " الجسد" , [ طبعا " السودان" الكنا عارفينو زمان داك "بقى في حق الله" و الليلة لازمنا تعريف للسودان الواقعي المتخلق أمامنا كل يوم ].
السياسة في تعريف المعاجم هي تدبير امور الحياة الجمعية في مجمل تحققاتها المادية و الرمزية. و تدبير أمر الحياة الجمعية مسئولية تفترض في من يتولاها أهلية معرفية و سياسية و أخلاقية تجعل الجماعة ترضى بمن يسوس أمرها .طبعا هذا هو الوضع الأمثل رغم أن واقع الحال السياسي يذكرنا كل يوم ببؤس الناس الذين ظلوا يدبرون أمور الجماعة السودانية منذ عهود طويلة.و في هذا المنظور أحاول مقاربة الطريقة التي دبر عليها ولاة الأمر السياسي الأجابة على أسئلة الجسد في المجتمع السوداني المعاصر.
الجسد في تعريف المعاجم هو ذلك الكيان المادي و المعنوي الحي المتحول و المتجدد و الطامح للبقاء على شرط الحرية.و أنا أوصف الجسد بصفة الكيان المادي و المعنوي لأن الجسد الإنساني هو جسد ينتج الخيرات المادية مثلما ينتج المعاني. و الجسد يمرر و يورث انتاجه المادي و المعنوي لـ "بني جلدته" ، كما تقول العبارة البليغة، مثلما هو يحيا ، او يموت،بسبيل صيانة هذا الإنتا البالغ التركيب.
ضبط الجسد
انطرح ضبط اجساد افراد الجماعة، منذ بداية المجتمع الإنساني، كأولوية سياسية و كضرورة بقاء للجسد المادي و الرمزي للجماعة.و إذا كانت المجتمعات الإنسانية قد استلهمت تنظيمها على صورة النموذج التشريحي للجسد [" الرأس المدبر" و "الصدر المتصدر" و" البطن الذي يبلع" و "اليد التي تصنع" و تبطش إلخ ..] فإن الثابت هو أن هذا التنظيم " التشريحي" لم يحدث في الغالب نتيجة للإختيار الحر لأفراد الجماعة، و إنما لأن هناك فئة داخل الجماعة حبذته على غيره كونها وجدت فيه ما يصون مصالحها. فموقع "الرأس المدبر" أفضل ألف مرة من موقع اليد التي تنتج، و اليد التي تنتج أو تبطش أفضل من "الكراع" التي تمشي. و الأهالي في السودان حين يعرِّفون انسابهم يعـُّلون من أسماء الأقوياء في شجرة نسبهم و يهملون التأكيد على اسماء الضعفاء، و قد سمعت أمي تقول في مناقشة عن انساب العشيرة " ناس فلان ديك كراع فروة ساكت"، و كراع الفروة هي الجزء غير المفيد في الفروة المصنوعة من جلد الحيوان.و كون التنظيم الإجتماعي لا ينتج عن الإختيار الحر لأفراد الجماعة ، فذلك لسبب بسيط هو أن الحياة في الجماعة تقتضي الشراكة في حاصل الخيرات المادية التي تنتجها الجماعة ككل بينما واقع تقسيم العمل داخل الجماعة يغري من يحتلون مواقع الحظوة في التنظيم الإجتماعي بالإستحواذ على ما يتجاوز نصيبهم المعلوم في الشراكة. و من هذا التعارض تتكون نواة التعارض في المصالح التي يتخلق ضمنها ما سيعرفه ماركس لاحقا بـ " تناقض المصالح" الذي سيجعل من مجمل تاريخ المجتمع الإنساني تاريخا للصراع الطبقي . و ضمن منظور الصراع فإن تاريخ ضبط الجسد هو في نفس الوقت تاريخ لتمرد الجسد على محاولات ضبطه و ضمن جدل الضبط و التمرد أحاول عقلنة سياسة الجسد في السودان العربسلامي المعاصر,
تاريخ ضبط الجسد
رغم أن موضوعي يتعلق بسياسات الجسد الحديث إلا أن هذا الجسد هو أيضا مستودع لذاكرة قديمة حفرياتها تتجاوز العصر الإنطيقي و التاريخ المكتوب.و في هذا المشهد أنوه بمظاهر ضبط الجسد بين العصر الإنطيقي و العصر الحديث بحيث يكون البعد الإجتماعي لتحولات الجسد بمثابة الخيط الذي يربط أحداث هذا التاريخ بطريقة منطقية.و أنا أبدأ بزليخة و أمر على الكنداكة و شهرزاد و عائشة و جماعةالنساء المجهولات اللواتي وقفن في وجه القهر الذكوري بطريقة أو بأخرى ، لغاية الوطنيات من فاطمة الحاج و عاشة الفلاتية لـ فاطمة أحمد ابراهيم أول نائبة برلمانية لرفيقاتها و بناتها اللواتي وقفن في وجه الغول في انتفاضات الشعب السوداني المتلاحقة التي تخلقت فيها صورة الشعب الأعزل ككائن سياسي فاعل و مريد و قادر على مواجهة الإستبداد.
إن تاريخ ضبط الجسد السوداني قديم و مركب من جملة من المكونات الطبيعية و الثقافية التي تراكمت في الذاكرة الجمعية للسودانيين.و لو أخذنا نموذج ثقافة الجسد في سودان وادي النيل الأوسط، و هي الجماعة المهيمنة داخل الفئة الأنثروبولوجية التي اسميها بالمجتمع السوداني العربسلامي.فإن السلطة الإجتماعية و الثقافية المهيمنة هي سلطة مطبوعة بالثقافة الذكورية الباترياركية حتى قبل دخول الإسلام في المنطقة.و رغم أن سودان العهد الإنطيقي يحمل عناصر من ذاكرة المجتمع الأموي الماترياركي تتبدى في سلطة الملكات إلا أن انتشار حضارة التوحيد غلـّب العناصر الأبوية بفضل المواريث اليهودية النصرانية و الإسلامية في التراكم الحضاري لسكان وادي النيل الأوسط.
و سياسة الضبط الذكوري لأجساد الإناث تتجلى بشكل مباشر في مجموعة القوانين و اللوائح الدينية و التربوية المنصوص عليها في النصوص المقدسة
في العهد القديم:

فحسب العهد القديم، تعتبر اليهوديّة أنّ نجاسة ولادة الأنثى ضعف نجاسة ولادة الذكر و عليه "إذا حبلت امرأة وولدت ذكرًا تكون نجسة سبعة أيام... ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يومًا في دم تطهيرها ... وإن ولدت أنثى، تكون نجسة أسبوعين... ثم تقيم ستة وستين يومًا في دم تطهيرها" (لاويين 12: 1 –5)
هذا الموقف نجده عند المسلمين في عادة فولكلورية نوبية تعرف بـ " المارية" حيث تخرج المرأة النفساء لتغتسل في النيل في أربعين ولادتها.
. " و في الأناجيل:
في النصرانية نقرأ في الإصحاح الحادي عشر من العهد الجديد رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس كورنثوس " و لكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح، و أما رأس المرأة فهو الرجل، و راس المسيح هو الله".
و في الإسلام
نقرأ في القرآن، نصوص تعرف مركز المرأة بالنسبة للرجل في المعاملات اليومية و الحقوق بكونها أقل من الرجل," الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم ..." [ النساء،34]، " و للرجال عليهن درجة " [ البقرة، 228].

التعليق على الصور

صورة


الكنداكة
صورة الملكة أماني و هي تنكل بأسراها تنطوي على دلالة قوية على سلطة المرأة في السودان الأنطيقي كشخصية سياسية قمينة بفرض سيادتها على أعدائها الذكور بوسيلة العنف الدموي.


زليخة رمبراندت، محفورة,

صورة


زليخة


زليخة ، امرأة عزيز مصر،هي صورة أخرى لسلطان المرأة في وادي النيل الإنطيقي ، لكن زليخة تمثل هنا، لا كممثلة لسلطان الدولة، فهي مجرد امرأة من الأرستقراطية المصرية و سلطانها مستمد من بأس طبقتها المهيمنة، لكن أهمية زليخة في مشهد العلاقة الميثولوجية للرجال و النساء في ذاكرة المجتمع المسلم [ أو النصراني أو اليهودي] تتمثل، من جهة أولى، في كونها حالة نادرة للأنثى التي تعبر عن رغبتها بلا مداورة. فهي تنظر لهذا الرجل الذي اشتهته و تقول له " هيت لك !"، ضاربة عرض الحائط بكافة اللوائح و الأعراف التي تضبط علاقة النساء و الرجال، لا في مجتمع مصر الأنطيقي وحده ، بل في كل مجتمع على الإطلاق. و من الجهة الثانية فشخصية زليخة مهمة لأنها تضرب عرض الحائط بلوائح و أعراف الفرز الطبقي كونها احبت رجلا من طبقة أدنى حتى لامتها نساء الأرستقراطية المصرية و قلن " امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه" و توصيفها بعبارة "امرأة العزيز"يموضعها في مركز اجتماعي يحرم عليها أي علاقة مع "فتاها"[و خادمها[ اقرأ: "عبدها"].لكن الأدب الديني يجد لزليخة عذرا مقبولا لأن " فتاها" ليس رجلا مثل غيره ، إنه نبي حباه ربه بجاذبية [ سيكس آبيل] لا سبيل لأنثى بمقاومتها ، حتى أن نساء مصر قطعن اياديهن و هن مأخوذات بجمال يوسف في حكاية التفاح الشهيرة.


و شهرزاد :

شهرزادساني المُلك

صورة


شهرزادليون باكست لإستعراض باليه دياغيليف

صورة
يعرف الجميع حكايات ألف ليلة و ليلة التي مكنت شهرزاد من إيقاف المذبحة و الهيمنة على زوجها الدموي بمكيدة الأدب. لكن لا أحد يعرف شيئا عن حكايات الفتيات اللواتي سبقن شهرزاد ، رغم أن كل واحدة منهن لا بد أن لها حكاية أو حكايات تسوى عناء الحكي..و بعد ان احتازت شهرزاد على السلطة و هيمنت على زوجها الأرعن كان في وسعها أن تسعى لإنصاف القتيلات البريئات و محاسبة هذا السلطان القاتل بجرجرته أمام محاكم الشريعة الإسلامية في بلاد المسلمين، كونه اغتال نصف بنات بغداد بدون اي وجه حق [ و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق] [الإسراء33]. لكن شهرزاد زاغت عن مسؤوليتها و فضلت أن تبقى زوجة وفية و تعتني بشؤون بيتها و تسهر على راحة هذا الأمير المجرم الذي لم يقتص منه أحد حتى مات في فراشه.
طبعا ليس هناك أي تفسير منطقي لموقف شهرزاد الخائنة لبنات جنسها و لتعاليم الشرع إلا بكون ألف ليلة و ليلة هي جزء من ترسانة الأدب الذكوري الذي غايتهاستخدام النساء لتسويغ شناعات الهيمنة الذكورية على جنس النساء . و الإحتفاء الكبير الذي تحظى به أيقونة شهرزاد اليوم في العالم أجمعه و من قبل الفنانين و الأدباء و الموسيقيين و أهل الفنون المشهدية ينبئ عن المسافة الطويلة التي ينبغي على المجتمع المعاصر إجتيازها قبل التفكير في بناء موقف نقدي إنساني من أحبولة ألف ليلة و ليلة.
لكن فيما وراء النصوص المقدسة فإن القهر الذكوري للنساء يتجلى في افضل حالاته عندما يوكل الذكور المهيمنون للنساء تولي مهمة التدابير القمعية لأجساد النساء.. ففي ثقافة الجسد في المجتمع السوداني التقليدي قبل الرأسمالي، تتولى النساء معظم عمليات ضبط الجسد ابتداءا من تعريف حدود فضاءات الحركة المتاحة لجسد النساء و و اعتقال الجسد في سلسلة من المحابس المادية [ الحريم/ الحجاب] و المعنوية [الحياء/ العورة/ النجاسة ] و الجمالية [تمتيع رجلها]. و في منظور الضوابط الجمالية يمكن الحديث عن تدابير القطع و الرتق[في الختان] و التشليخ و التثقيب [ في الأذن و الرشمة ] و الربط [ الملابس و الحجول ]. و قد تعلمت النساء في المجتمع التقليدي العربسلامي أن يعدن انتاج قهر النساء لأنهن يساهمن فيه بشكل نشط. فالمرأة التي يتم تزويجها تقليديا تجد نفسها مضطرة للحياة مع رجل غريب لا تعرفه، هذا الرجل الغريب هو الرجل الذي اختارته لها اسرتها بالتراضي مع اسرة زوجه[ بالتحديد مع أم زوجها]ا. هذه المرأة تبقى مجرد متاع عاطل عن أي فاعلية اجتماعية حتى تلد لزوجها و لأسرته ولدا ذكر. هذا الولد الذكر هو الرجل الوحيد الذي تعرفه في حياتها. و هو الرجل الذي يرفـّع وضعيتها الرمزية تجاه أسرة زوجها و يرفع رأسها كونه يتيح لها أن تمارس من خلاله هيمنتها على زوجته التي ستختارها له.و هكذا تصون النساء دورة القهر الجهنمية من خلال تربية ابائهن الذكور على قهر الإناث الأخريات.

شهرزاد ساني الملك 1849ـ1856 إيران

شهرزاد ليون باكست لباليه سيرج دياغيليف باريس 1910
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جسد رأس المال

مشاركة بواسطة حسن موسى »




جسد رأس المال :
في فترة المهدية شهد المجتمع السوداني آخر تمثلات الجسد ضمن الثقافة التقليدية. و في السياق المهدوي كانت الرعية تبايع الراعي على الحياة و على الموت و تبقى معه في حالة تلاحم و اندماج يجعل الراعي بمثابة الرأس الحقيقي لجسد الرعية المكون من جملة النساء و الرجال الواعين بإنتمائهم للجماعة. لكن المهدية انهارت تحت ضربات العنف الرأسمالي الذي استخدمه سدنة رأس المال الكولونيالي لدمج المجتمع السوداني قبل الرأسمالي ضمن دورة إقتصاد رأس المال.و قد شهدت عقود بناء الدولة الحديثة عنفا ممنهجا متكاملا طال كل السودانيين على المستويين الرمزي و المادي،و ذلك بغاية إعادة برمجة تعليم الجسد ليتوافق مع مقتضيات المجتمع الحديث.و هو تعليم متكامل يشمل كل أوجه ثقافة الجسد و تساهم فيه كل مؤسسات الثقافة الحديثة المادية و الرمزية، فالمدارس الحديثة و دواوين الخدمة المدنية و خدمات الصحة العامة تأسست على نموذج التنظيم العسكري الذي يسود فيه منطق الضبط و الربط العسكريين و كان موظفي الخدمة المدنية في مختلف قطاعاتها يرتدون زيا عسكريا. و قد كانت المؤسسة العسكرية في قلب حركة التغيير الحضري و صار الجنود، الذين كان جيل آباءهم يقاتل و يستشهد من أجل المثل الدينية أو القبلية، صاروا يقاتلون من أجل الراتب الشهري ، بل بلغ بهم الحال حد السفر للقتال فيحروب البلاد المستبعدة مثل حرب المكسيك في نهاية القرن التاسع عشر أو في حرب شمال أفريقيا ضد الألمان في الحرب العالمية الثانية. مع استقرار نمط الحياة الحضرية الحديثةو تعلم الناس كيف يسكنون وفق العمارة الحديثة و كيف يتنقلون في وسائل المواصلات الحديثة و كيف يأكلون وفق إرشادات التغذية الحديثة و كيف يلبسون وفق موضات الزي الأفرنجي ، فلبس الرجال الشورت و البرنيطة و سفرت النساء و قدن السيارات و ركبن الدراجات و هجرن الشلوخ ووشم الشفة و هجرت بناتهن الثوب التقليدي و خرجن للدراسة و العمل " موضة" . بل و تعلموا كيف يحبون و كيف يعبرون عن عواطفهم على نماذج الأدب الأوروبي الحديث حتى صار الشاعر الحضري يتغزل في " زهرة روما" النصرانية التي تحيا وسط الجالية الأوروبية في الخرطوم، و في الشعر الأشقر [" سال من شعرها الذهب فتدلى و ما انسكب إلخ"] و القد الرشيق. و تفرقت بهم متع الجسد الحديث فصار الرجال يرقصون أمام الفتيات بعد أن كانت غواية الفتيات تتم في ساحة البطان من أجل شبال خاطف إلخ .
ظل برنامج إعادة تعليم الجسد ليندمج في حضارة الإنتاج الرأسمالي هو المشروع المهيمن في ثقافة الحداثة التي يعيشها السودانيون منذ مطلع القرن العشرين.
أمام هيمنة نموذج الجسد المكرس للإنتاج الحديث اضمحلت صورة الجسد التقليدي و انحطت صورته لمقام الموضوع الفولكلوري الذي يحتفي به الناس احسانا و هم يعرفون أنه زمان مفقود بشكل نهائي. هذه الوضعية الجديدة خلعت السودانيين من ثقافة الجسد التقليدي التي تكونت ضمن المجتمع قبل الرأسمالي لكنها لم تؤهلهم للإندماج في ثقافة الحداثة الجسدية التي جلبها الأوروبيون. و تحت ضغط تناقضات المجتمع الحضري الحديث لجأ سودانيو الحواضر لفضاء الفولكلور الذي مكنهم من إتخاذ مسافة أمنية من جسدهم القلق المتحول و المتوجس الذي لا يعرف الثبات، فغادروا أجسادهم ينظرون إليها من مبعدة و يجلونها أو يسفلونها بإفراط حسب المصلحة التي تتبدى لهم في هذا أو ذاك. وفي عز الإضطراب الرمزي الكبير اخترع السودانيون مخرج" الجسد المـُفـلكر"
الجسد المفلكر، أو الجسد الفلكلوري ، هو الحل الذي توصلت له ثقافة الطبقة الوسطى الحضرية في السودان كتعويض زائف عن فقدان جسد البادية الطوباوي البائد و كعزاء ملتو عن تعذر الإندماج في ثقافة الجسد الحديث التي يطرحها المجتمع الصناعي.
هؤلاء الحضريون لم ينسوا جسد الزمان البائد، زمان ثقافة التقليد قبل الرأسمالي، حيث كانوا يخاطرون و يخرجون لطلب المال في تيه البلاد الواسعة. هؤلاء كانوا هم " أولاد البلد" و " عيال ابجويلي الكمبلو و عرضو في دار كردفان.." و دارفور و دار فرتيت و دار واق الواق يقومون و يقعدون " على كيفهم" دون ان يؤرق خاطرهم شك في امتيازهم أو تقلقهم اسئلة" الهويولوجيا و قضايا حقوق الإنسان إلى آخر كلام الشعراء. بل كانت اولويتهم تتلخص في جلب " المال" من" دار الحرب" و "المال" في ثقافة عربسلاميي المجتمع قبل الرأسمالي لا يقتصر على الذهب و الجواهر و العاج و الجلود و الحيوانات و إنما يشمل البشر و ما ملكت الايمان..
في ذلك الزمان كان تأهيل الجسد التقليدي يمر عبر سلسلة من طقوس العبور نحو قيمة " الرجالة". و في هذا المشهد يمكن أن نأخذ عادة الـ "البطان" التي يتجالد فيها الصبيان أمام الملأ، كطقس عبور، دخول حلقته فرض عين على كل من ينوى الإنضمام لجماعة " الرجال" في قبيلة مقسمة بين فئتي الرجال و النسوان. بين الفئة المهيمنة و الفئة المهيمن عليها.و الإنتماء لعصبة الرجال القوامين المهيمنين لا يتم إلا بعد ان يعبر الصبي المرشح للعبور جملة من الإختبارات تحت بصر و سمع الشهود و المحكّمين الذين يؤهلونه و يمنحونه الإجازة و يشهدون بجدارته كراجل امام ذاكرة العشيرة.. لكن زمان الرجالة انقضى بعد هزيمة" كرري" و هيمنة رسل حضارة رأس المال على كل شيء.بعد الهزيمة العسكرية و الرمزية صار الذكور الحضريون في حيص بيص لا يدرون فيه كوعهم من بوعهم.
و في هذا المقام اكتشف العربسلاميون الفولكلور كملجأ آمن من عواقب الزلزلة الرمزية الكبيرة التي أعقبت هزيمة الجسد التقليدي، و الفولكلور فضلا عن كونه يمنح الباحثين عن الجسد المفقود ميزة المسافة الأمنية من تراجيديا جسدهم الشخصي فهو يتيح لهم انتحال أجساد الآخرين و هم في مأمن من مخاطرالشيزوفرينيا الرمزية،و قد قرأت بعض كتاب الأسافير السودانيين المعاصرين يدافعون عن عادة ختان الفتيات باعتبارها جزء أصيل من ثقافتهم الإفريقية[ أنظر الرابط
https://sudaneseonline.com/msg/board/60/ ... rn/27.html

] مثلما قرأت بعض فتاوى ديوان الإفتاء السوداني التي تنتحل لختان الفتيات اصلا في نصوص السنة النبوية، و هي كلها فتاوى ذكور لا يراودهم الشك في كونهم ينطقون عن الحق. و قد شهدنا الرئيس الأسبق جعفر نميري في احتفالات تتويج رث الشلك يتنكر في زي زعيم شلكاوي كما شهدنا الرئيس الحالي عمر البشير يتنكر في زي زعيم دينكاوي. هذه الإنتحالات الرئاسية أملتها المناورة السياسية الغوغائية التي ألهمت هؤلاء الرؤساء أنهم يمكن أن " يخموُّا" الشعب الأمي بإرتداء ثوب فرعون الشهير. لكن ظاهرة انتحال أجساد الآخرين تتجاوز الغوغائية السياسية الغليظة لتتجلى في مستوى خصوصية التعبير الأدبي و الفني للأاباء و بنات الطبقة الوسطى العربسلاميةفي السودان الحديث. و قد انتج أدباء الطبقة الوسطى آيات فريدات من التصاوير الأدبية التي تمجد ثقافة الجسد الريفي الضائع من خلال تكريسه كأثر خالد لا يعرف التبدل. هذا التكريس اتخذ شكل" فلكرة" الثقافة التقليدية البائدة.
و لعل أفضل مثال على" فلكرة" الجسد السوداني يمثل في قصيدة الشاعر اليساري المعروف عمر الطيب الدوش المسماة بـ" سعاد" و التي يتغنى بها الكابلي . في هذا النص ينتحل الشاعر الحضري شخصية المزارع الفقيرو يتكلم في لسانه الريفي و يكاد يشتبه به فلا ندري اين ذهب الشاعر الحضري الذي نعرف أنه منخرط في النضال من أجل قيم الحداثة الثورية التي يسهر عليها رهط التقدميين السودانيين منذ أكثر من سبعة عقود.

ماذا حصل داخل المجتمع السوداني في العقود الأخيرة حتى صار الناس يبعثون الحياة في اوصال الطرف الميت من الثقافة الموروثة؟و ما الذي يحفز الشعراء الحداثيين ( وهم كثر بجانب عمر الدوش ) على الإحتفاء بالممارسات الثقافية التي تمخضت عنها مؤسسات الثقافة التقليدية التي ناصبوها العداء بقدر ما عارضت مشروع حركة التقدم و الديموقراطية في السودان؟
إن إنتحال الشاعر المديني التقدمي الحديث لحال المزارع الراكز في حلقة البطان يستحق ان نتأمله على مستوى صناعة النص الأدبي مثلما يستحق ان نتأمله على مستوى انثروبولوجيا الأدب الحضري الحديث .و في ظني ان كل نظرة قمينة بأن تعود علينا بأكثر من موعظة في خصوص ظاهرة الإحتفاء بالبطان بين اهل الحواضر السودانية اليوم.


يقول الشاعر المتباطن وسط المدينة
"..
تكّكت في الراكوبة بالحنقوقة سروالي الطويل"
..
رغم ان الشعراء ـ كما جرى في الأثر ـ
" يقولون ما لا يفعلون" إلا أن
صورة عمر الدوش في "آليغوري" المزارع الأمي الفقير في سرواله الطويل المتكك حيرتني و أفسدت علي بهجة المقاطع الشعرية عالية القيمة في نص "سعاد"..
لقد عرفت الصديق الشاعر الراحل في سبعينات العمل العام و هو في هيئة بعيدة عن هيئة المزارع الريفي الراكز في حلبة البطان..
في تلك السنوات كنا نعتني بالملبس(البنطلون الشارلستون "كراع فيل" المحزّم بحزام عريض
و القميص المشجر المخصّر ذو الياقة المستطيلة و الحذاء ذو الكعب العالي) و بهيئة الجسد ( الشعر على موضة ال"آفرو" "بلاك بانثرز") على زعم مضمر فحواه أن مجمل هيئة
الجسد في حركته ( الرقص و الرياضة) و سكونه ولباسه ما هي إلا بعض من
وجوه الإنخراط
في الخطاب الإجتماعي ( و السياسي) الرافض.
بل كان العامة
ينادون الشباب الضالع في
الغواية الجسدية المستحدثة بـ " الرافضين"".
أقول حيرتني صورة الشاب الريفي الذي
يتكّك سرواله الطويل بالحنقوقة في الراكوبة لأن عمر الدوش الذي خبرناه كان طرفا في حركة " الرفض " العفوية

التي اتخذت من المظهر الجسدي وسيلة لطرح خطاب جمالي( و سياسي بالضرورة)
قوامه التمرد على الموروث من نظم التمثيل الجسدي ضمن فضاء المجتمع السوداني.و عمر الدوش لا يكتفي
بصورة السروال المتكّك ، لكنه يقتحم حلقة البطان و يركز
" شان البت سعاد
أصلي
عارف جنها في زولا بيركز و ينستر"
و " البت" إياها الجننت الشاعر خبرنا نموذجها
على هيئة زولة بت مدينة، مثقفة، متحركة بين إجتماعات الجبهة الديموقراطية و نادي
السينما و المسرح الجامعي و حفلات معهد الموسيقى و معارض كلية الفنون إلخ لا سبيل
لها لفهم شفرة موقف البطان الذي يقفه الشاعر إلا ضمن مباحث الفولكلور البائد.هذه
" البت" التي يجرها الشاعر معه لحلبة البطان ـ لا إيدها لا كراعها ـ لا بد أنها
استشعرت وحشة كبيرة تفصلها عن هذا العاشق السكران الذي يحتمي بخدر الكحول من لسع
السياط .ترى أي شيطان من شياطين الشعر ألهم عمر الدوش ـ الشاعر الحديث ـ أن يتطفل على حلقة الرجال المتباطنين و يفسد عليهم جلال طقس البطان المتوارث عبر أجيال ثقافة التقليد؟ مندري؟


هذا الجسد المزيف هو جسد يجسد الإلتواء الأخلاقي الذي يميز صورة الجسد الحديث الذي ينتحل صفات الجسد التقليدي لييموه بها عجزه عن تحقيق حريته الإنسانية.

سأعود






صورة






صورة








صورة


ثمة قناعة رائجة بين أدباء الحواضر العربسلامية فحواها أن إناث البوادي و الأرياف يتمتعن بحرية جسدية و عاطفية أكبر من إناث الحواضر، و هي قناعة لا يسندها سند بخلاف الإسقاط الإكزوتي الإعتباطي لجماعة الأدباء الذكور المتضجرين من ضوابط الحياة ضمن الالمجتمع الحضري العربسلامي. و هم يتصورون مجتمعا حرا من الضوابط فردوس مفقود بعيد يهربون إليه من عسف الثقافة التي أنتجتهم. و للنور حمد في هذا الصدد تفاكير شيقة في مكتوبه عن الأدباء الهاربين للبوادي و الأرياف, و لا يحتاج المراقب لكثير عناء حتى يرى جملة الضوابط المادية و الرمزية التي تلجم أجساد الإناث في مجتمع البوادي و الأرياف بدءا بإلتزامات العمل اليومي مثل تهيئة الطعام و جلب الماء و الزراعة و تحويل المنتجات الحيوانية و خي كلها تقنيات تنتهي إلى ضبط أجساد النساء الريفيات في إطار العمل اليدوي اليومي أما عن ضوابط الجسد الرمزية فحدث، لأنها بلا حصر أبتداءا من تدابير الحماية[ الختان] لغاية تدابير البتر و الثقب و التشليخ و الوشم المفروض فيها تعليم جسد الفتاة كأنثى و كتابة وظيفتها ضمن المجتمع الذي تحيا فيه على مسند الجسد.


صورة


كان البطان في المجتمع التقليدي طقس عبور يتأهل من خلاله الطفل لدخول عالم الرجال يحفزه لتحمل بلاء الألم نظر النساء المعجب لكن بطان الشباب في حواضر السودان المعاصرة صار نوعا من طقس عبور نحو نظر جمهور منابر التواصل الإسفيري لأن المتباطن يدخل الحلبة و يصبر على بلاء الألم و عينه على كاميرات الفيديو التي يعرف أنها ستوصل صورته لذلك المسرع الواسع بعرض الدنيا كلها و يحفزه مانحو اللايكات في فيس بوك و خلافه.


صورة

صورة ود حبوبة و هو مقيد قبل شنقه تحدث بلسان حال الجسد عن العنف الإستعماري الذي أوقعته قوى رأس المال بأجساد السودانيين في مطلع القرن العشرين. هذا العنف، عنف رأس المال اتصل على يد السلطات الوطنية التي ورثت من المستعمرين قهر المعارضين و سحلهم و تعذيبهم. و كل من ينظر في صورة الفنان الراحل و هو يتلقى جلدات السلطة يملك أن يرى في وقفته ود حبوبة آخر في مكان اسمه الوطن.


صورة

,

.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جسد الخروج

مشاركة بواسطة حسن موسى »




جسد الخروج
أعني بالخروج فعل العصيان الواعي الذي يضطلع به النفر المتمرد على أعراف و قواعد بالية صارت مراعاتها أدخل في صيانة الرجوع و الموت.و فعل الخروج يكسب أصالته من حيث كونه يتحقق حيث لا تتوقعه السلطات المحافظة.هذا الجسد الخارج الذي يعنيني هنا هو جسد مؤنث مناقض للجسد الذكوري المنافق الذي رسم صورته عمر الدوش[ و آخرين]من أدباء الطبقة الوسطى الحضريةفي السودان العربسلامي.
هذا الجسد المتمرد يتمرد لأنه يجد نفسه في وضعية حصار لا يستطيع معها سوى التمرد و هو واع بأن فرصته في الحياة على شرط الحرية، ضيقة و وجيزة و محفوفة بالموت و العنف الذكوري المتربص عند كل منعطف. في هذا المنظور طاب لي النظر في ظاهرة حضرية جديدة اطلقها بعض الشباب الخرطومي في الأشهر الماضية و روجت لها مواقع التواصل الإسفيري، و أعني ظاهرة الشبان و الشابات الذين يقفزون في النيل من فوق كوبري توتي.
تهمني هنا صورة الجسد المؤنث الذي يخاطر بالإنعتاق، من كافة القيود الإجتماعية و الرمزية و المادية، لثوان معدودات يبقى فيها الجسد بين الكوبري و النيل. هذه الثواني هي هي ديمومة الحرية الهشة الفانية التي يستغرقها فعل القفز. [1]

لو كان ممارسو لعبة القفز من جنس الذكور وحدهم لكنا وجدنا الأمر عاديا، كتنويع رياضي في ممارسة السباحة التي هي، في نهاية التحليل الشعبي، لعبة من ألعاب الصبيان الذكور، لو تقحّمتها فتاة فأمرها يقوم كإستثناء نادر يؤكد القاعدة العامة.و هي ان الفتيات لا يسبحن ،عدا السباحة السودانية الفريدة و المعرفة بالألف و اللام في مشهد الرياضة السودانية، " سارة جاد الله"، و التي لا يعرف السودانيون سبّاحة غيرها!.
الصور التي شهدتها، في" فيس بوك"،لا تجيب على الأسئلة أعلاه لكنها تعرض مجموعة من الفتيات، دون العشرين غالبا، و هن، في لحظة القفز، معلقات في الفراغ الذي بين الكوبري و النيل.و يبقى من كل هذا أن صور الأشخاص القافزين تنطوي جميعها على ذلك الشيء المشترك الذي يثـبـّت للأبصار و للبصائر تلك اللحظة الفريدة التي يتحدى فيها جسد الإنسان قوانين فيزياء الأجسام و يماطل قانون الجاذبية الأرضية لثوان هي، في حقيقتها الرمزية، لحظة حرية ممنوعة على غير جنس الطيور!. هذه " الحرية" المختلسة اختلاسا من عمر الزمان، هي الكلمة المفتاحية لعقلنة هذه اللعبة التي ألهمت الصبايا اليافعات ركوب مخاطرة القفز البالغة التركيب، و التي لا جائزة أو مكافأة فيها بخلاف إنجاز فعل القفز باعتباره جائزة التحرر من مجموع الاثقال الرمزية و المادية التي راكمتها الطبيعة و الثقافة و السياسة على كواهل البنيات المتمردات الخارجات من غمار شعب المدينة. و إشارتي لـ "غمار شعب المدينة"، مستنبطة من تـأملي في سحن و هيئات الجمهور الشاب المعلق على حاجز الجسر الحديدي في وضعية من يتهيأ للقفز وراء القافزات. و هي وضعية تمكنه من متابعة الحدث بأكمله، من لحظة إجتياز الحاجز الحديدي و الوقوف على شفير الهاوية، للحظة القفز، للحظة الغطس و لحظة الخروج من الماء.هذا الجمهور يمنح القافزات هوية إجتماعية شعبية و، في نفس الوقت، يصعّدهن لمقام بطولي قصير الأمد مشحون بقدر من التشويق المكثف الذي يكسب الحدث ثقله المسرحي.كم هو غريب و مشاتر هذا الحدث المسرحي الذي يسخر من وهم " الحائط الرابع" الذي يفصل الممثل عن الجمهور و يمد لسانه لكافة الإصطلاحات المدرسية التي تصنع الفعل المسرحي فيما أورثنا تقليد المسرح الأوروبي . هذا المسرح[ قل " مسرح الكوبري"! ]، هو مسرح مؤقت ، حر، مرتجل، هش، و مجاني و فاني، يخرج الممثل فيه من صفوف الجمهور، يتقدمه، و يخاطبه خطابا يستغني عن لغة الكلمات بأدب الجسد الحاضر في الزمان و المكان.هذا مسرح الممثل فيه لا يواجه الجمهور ليخاطبه بلغة الكلام المباح، فهو لا يحتاج للكلام الذي يصدر عن الوجه و العين و اللسان. الممثل هنا لا يعرف الثرثرة، إنه يولي الجمهور ظهره و هو واثق من أن الأبصار و البصائر المحتشدة من وراء ظهره تتابع كل جزيئات هذه المخاطرة المشهدية الفريدة. و أهل المسرح الحق لا يستغنون عن المخاطرة كونها تمثل بالنسبة لهم السياق المثالي الذي يتيح للفعل المسرحي ان يتحقق كشراكة في لحظة الخطر الوجودي المتخلقة، عفو الخاطر، بين الممثل و الجمهور . و " لحظةّ الخطر الوجودي" هي تلك اللحظة التي تميز الخلق المسرحي، بوصفه علاقة خاصة بين الممثل و الجمهور،تميزه عن غيره من المحافل التي تلمّ الناس في التجمعات العفوية التي تنعقد على ذرائع الغناء و الرقص او الرياضة او العمل او القتال.و هي محافل ثلم فاعليتها ركام الإتفاقات الإجتماعية و لوائح السوق و الذوق العام.أقول بأن لحظة الخطر الوجودي في مقام الفعل المسرحي ، هي لحظة أهم ما فيها أنها تتم على إختيار طوعي من قبل الطرفين، إختيار مضمونه اقتسام متعة الحدث المشهدي.فالممثل يقف على مسرحه المرتجل و هو واثق من حضور الجمهور و متابعته للحدث، و الجمهور يحضر و ينتظر و هو واثق من أن الممثل سيشرّكه في فعل المخاطرة المسرحية الفريدة، و هذه في نظري الضعيف أعلى درجات الإحسان الجمالي
.
كتب بعض الاصدقاء محيلا مسلك القافزين لباب الإحباط السياسي و قال : " ربما لكونهم لم يستطيعوا إحداث وثبة في الشارع فجعلوها في النيل" . و هي قولة تنبه للمضمون السياسي المضمر في حركة الصبايا القافزات ، لكن ربما كان من الإنصاف تعديلها لتصبح : ربما لأنهم انتبهوا لأن الإنتفاضة السياسية في الشارع هي وثبة آحادية البعد ، تفتقر للبعد الجمالي الذي يحفز الناس على الإنخراط فيها و تخليقها كعمل ثوري في المعنى الأصيل لمدلول الثورة. و في نظري القوي فنوع الوثبات القائمات على وصفات السياسة "اللينينية"، التي تعطي الساسة المحترفين حق القوامة السياسية على الشعب، صار مكانها دور الوثائق و متاحف التاريخ السياسي فالثورة لن تكون بغير جمالية جديدة تمنح الجسد حقوقه التي صادرها سدنة الثبات

هؤلاء القافزون و القافزات ،الذين يحضـِّرون قفزتهم بتركيز كبير ، هم في حقيقتهم السياسية،يمثلون الوجه الآخر لجماعة الشباب الغر الذي قفز بغير نقد في مسارب العصاب الديني التي هيأتها لهم ملابسات الصراع الطبقي المتجلي في أشكال العنف السياسي، فانبتـُّوا في المتاهات المدممة للسياسة السودانية.و القافزون و القافزات الذين شهدوا أخوتهم الأكبر سنا يموتون غيلة في الحرب الأهلية أو في مظاهرات الحواضر السودانية مثلما خبروا مسلسل الإهانة و الإذلال اليومي في حق اهاليهم من طرف السلطات،صاروا يعرفون أن ليس هناك مخارج كثيرة يعوّل عليها للخروج من الأزمة الشاملة التي تطبق على الحياة الإجتماعية في السودان. وفي نهاية المطاف لم يبق أمامهم سوى هذا المسرح المجاني الذي يهيء لهم فرص النجاة من الغم المقيم في المخاطرة المشهدية ، و لسان حالهم يقول: أيها الشعب المدمّم المقهور المغلوب على أمرة،انهض و خاطر ! مازالت هناك فرصة أخيرة للنجاة في المخاطرة!.و حين يصبح فعل الخلق المسرحي مخاطرة فما ذلك لأن أهله ولعون بالخطر و إنما لأن مجمل حركة الأنسان السوداني أضحت مخاطرة يومية مستمرة
فعل القفز الذي تقوم به الفتيات السودانيات إنما يندرج ضمن سلسلة طويلة من القفزات التي اضطلعت بها النساء السودانيات لإنتزاع حقهن في الوجود و في الحركة داخل الفضاء العام.و على أثر القافزات ستتقدم مجموعات جديدة غير متوقعة من النساء السودانيات القادرات على شرعنة وجود الجسد المؤنث داخل الفضاء العام على شروط الحرية .و تاريخ الحركة النسوية السودانية عامر بأمثلة التمرد المضيئة.فبعد أكثر من عقدين من بروباغاندا الإسلاميين التي تنظر للمرأة كعورة لمجرد كونها أنثى ، تقف الشابات السودانيات المسلمات في الفضاء العام ليجهرن بمطالبهن المهنية و السياسية و الجمالية، و هو موقف ما كان له أن يكون لولا التاريخ الناصع لمسلسل التمرد الذيطبع تاريخ الحركة النسوية السودانية..

........
[1]ـ هذا الجزء من محاضرتي هو إعادة كتابة للنص الوارد ضمن مداخلات خيط" جيوبوليتيك الجسد" في المنبر فمعذرة لمن أحسوا بالتكرار في الخيط



.

صورة





.

صورة


صورة السباحة السودانية الأولى ، سارة جاد الله، هي بعض من إشراقات ذلك الزمان العامر بتناقضات الحداثة في سودان السبعينات.في ذلك الزمان ساد بين السودانيين تفاؤل كبير فحواه أن كل شيئ ممكن و أن التنمية الإقتصادية ستجعل من السودان سلة غذاء العالم و أن الفن و الأدب و ضروب التعبير الجمالي ستهزم الظلاميين و أن الديموقراطية آتية باسلوب سوداني و أن الإشتراكي السودانية في متناول اليد. بالنسبة لنا لم تكن سارة جاد الله مجرد سباحة فقك كانت أخت نجاة زميلتنا و صديقتنا في كلية الفنون كما كانت ابنة جاد الله جبارة أحد أعلام الرواد السينمائيين في السودان.و حين وقعت على صورتها في بعض منابر التواصل الإسفيري هالني التكالب العدواني على براءة الصورة، حيث بدا جليا مسعى " ستر" الجسد المؤنث من خلال سلسلة من التدابير الغرافيكية الفجة من نوع تسويد جزء من الصورة و استنساخ الكاس و موضعته بحيث يغطي جزء من الصدر.لا بد أن خاطر من قام بهذا العمل الشنيع كان موزعا بين الحس الوطنوي الذي يجعله يحرص على نشر الصورة و الحس الديني الذي يحفزه على ستر العورة.عجبي..


.

صورة


مرة سخر صديقنا و استاذنا الفنان جرجس نصيف من عبارة " الزمن الجميل" قائلا يا أخوانا إنتوا الزمن الجميل دا وين؟ أنحنا تظاهرنا بعد الإستقلال اعتقلونا بنص قانون النشاط الهدام و عارضنا نظام عبود اعتقلونا و بعده عارضنا نظام نميري برضو اعتقلونا و لي يوم الليلة دا أنحنا معتقلين! زمن جميل بتاع شنو؟! لكني رغم بلاغة جرجس اللطيفة ، انظر في صورة لاعبات فريق الهلال للباسكت في واحدة من دورات الباسكت العاصمية فيبدو لي الزمن الجميل حقيقة ماثلة لا غلاط فيها, طبعا جرجس ما حضر الزمن الجميل لأنه ببساطة كان في المعتقل. معليش ما بتدي حريف!


,

صورة


مشهد من منافسة أجمل تسريحة في أحد أندية الخرطوم في السبعينيات، برضو تقول لي "زمن جميل" مافي؟!
.









.



.
صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

حسن موسى:


"كتب بعض الاصدقاء محيلا مسلك القافزين لباب الإحباط السياسي و قال : " ربما لكونهم لم يستطيعوا إحداث وثبة في الشارع فجعلوها في النيل". وهي قولة تنبه للمضمون السياسي المضمر في حركة الصبايا القافزات ، لكن ربما كان من الإنصاف تعديلها لتصبح : ربما لأنهم انتبهوا إلى أنَّ الإنتفاضة السياسية في الشارع هي وثبة آحادية البعد ، تفتقر للبعد الجمالي الذي يحفز الناس على الإنخراط فيها و تخليقها كعمل ثوري في المعنى الأصيل لمدلول الثورة. و في نظري القوي فنوع الوثبات القائمات على وصفات السياسة "اللينينية"، التي تعطي الساسة المحترفين حق القوامة السياسية على الشعب، صار مكانها دور الوثائق و متاحف التاريخ السياسي فالثورة لن تكون بغير جمالية جديدة تمنح الجسد حقوقه التي صادرها سدنة الثبات".

إبراهيم جعفر

هذا حديثٌ فيه ابتداع وجدَّة جديرة بالتأمل، أخذاً ورداً...
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الدولة المصرية تقنن سوق الزواج الشرعي

مشاركة بواسطة حسن موسى »


زواج الدولة
العبارة " زواج الدولة" تشير إلى نوع جديد من الزيجات ابتدعه المسؤولون المصريون لتنظيم سوق الزيجات السريعة التي تنعقد في الموسم السياحي المصري.و قد استرعت الظاهرة انتباهي فأضفتها لخيط جيوبوليتيك الجسد باعتبارها أحد تجليات حضور الدولة في مقام الزواج بوصفه سوق مثله مثل غيره من الأسواق التي تستدعي حضور السلطات. لكن يبقى أن سوق الزواج يتميز عن غيره من مجالات الإستثمار بكونه يرفع عن مؤسسة الزواج خصوصيتها الرمزية كعلاقة إنسانية منفتحة على كل مخاطر العلاقة الإنسانية المحمودة منها و المرذولةليجعل منها موضوع تعاقد بين العارض و الطالب. و في هذا المحك، محك السوق ينطرح هذا النوع من الزيجات كتعبير عنيف عن طبيعة الصراع الطبقي المعولم في مجتمع العربسلاميين، لأن هذه الزيجات تطرح النساء الفقيرات في أغلب الأحوال كسلع مبذولة لمن يملك المال.و قد أثار الخبر موجة من الإحتجاجات وسط المدافعين عن حقوق الإنسان و المدافعين عن حقوق النساء في مصر:
كتب محرر موقع " وطن"

خاص – وطن
أصدر وزير العدل المصري المستشار أحمد الزند الثلاثاء قرارا أثار استياء الكثير من الجمعيات والمنظمات الحقوقية، حيث يلزم طالب الزواج الأجنبي من مصرية، بإيداع مبلغ قدره 50 ألف جنيه بالبنك الأهلي باسم الزوجة المصرية، حال جاوز فارق السن بينهما 25 عاما.
وجاء نص القرار كالتالي: يكلف طالب الزواج الأجنبي من طالبة الزواج المصرية بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دوري ممنوح/ المجموعة (ب) بالبنك الأهلي المصري بمبلغ 50 ألف جنيه باسم طالبة الزواج المصرية، استيفاء للمستندات المطلوبة لدى مكتب التوثيق، إذا ما جاوز فارق السن بينهما 25 عاما، عند توثيق الزواج.
وفي هذا السياق؛ أعربت مؤسسة ” قضايا المرأة المصرية ” عن استنكارها قرار المستشار أحمد الزند، وزير العدل – رقم 9200 لسنة 2015 – بشأن تعديلات قوانين الشهر العقاري والتوثيق و يعمل به من أول نوفمبر 2015 ، و صدر فى 12 /11 /2015، وتضمنت القوانين المعدلة تكليف طالب الزواج الأجنبي من طالبة الزواج المصرية بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دوري ممنوح / المجموعة «ب» بالبنك الأهلي المصري بمبلغ خمسين ألف جنيه باسم طالبة الزواج المصرية، استيفاء للمستندات المطلوبة لدى مكتب التوثيق، وذلك إذا ما جاوز فارق السن بينهما خمسة وعشرين سنة، عند توثيق العقد.
وأكدت المؤسسة أن بنات مصر و نسائها لسنَ للبيع، و أن مدلول القرار السابق ما هو إلا صورة من صور تسعير الزواج وربطه بمقابل مادي، وهو أمر لن يحل مشكلة الاتجار بالنساء وكذلك اتخاذ البعض ورقة الزواج كوسيلة لذلك، بل سيفتح الباب على المزايده بأن من يملك أكثر يتزوج أكثر.
و ناشدت ” قضايا المرأة ” الجهات المختصة استبدال القرار بآليات عمل وقرارات تحد من مشاكل زواج الأجانب من مصريات مثل وضع سن معين للزواج وتقنين الزواج العرفى وزواج المسيار واتخاذ الضوابط القانونية والتشريعية اللازمة لحماية المرأة من مخاطر وتبعيات ذلك الأمر.
وشددت المؤسسة على ضرورة العمل للحد من ظاهرة زواج الأجانب من مصريات عبر آليات عمل وخطة استراتيجية واضحة نظرا لما ينجم من بعض تلك الزيجات من اتجار بالنساء، وهذا ما قد رصدته المؤسسة من خلال عملها على قضايا الاتجار، وناشدت الدولة بالالتزام بتطبيق القانون للحد من تلك الظاهرة و ليس تسعيرها
Link
https://www.watanserb.com/2015/12/08/%D8 ... %84%D9%85/


سأعود
صورة العضو الرمزية
الحسن بكري
مشاركات: 605
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:51 pm

مشاركة بواسطة الحسن بكري »

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الشرق شرق و الغرب في طينو

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا الحسن و لعلك على أحسن حال.
شكرا على الرابط لكن زولك دا مارق من جنة الشرق و سقطها, أعني هذا الشرق الذي لم يعديدري هل يسير في خط مستقيم أو في في خط دائري أو حتى في زيقزاق لكنه صار يترنح كما المذبوح و دمه يشرشر من أفغانستان لليمن لليبياالماوراها ناس.بالله شوف جنس الكلام دا:
"..
يبدو الشرق أكثر إخلاصًا للحيرة، أكثر اعتزازًا بالمراوغة، لهذا يظل موطنًا للسر والإثارة بأكثر من الغرب الذي يمضي في طرق مستقيمة ويعيش النموذج المطلق للإخفاء والنموذج المطلق للكشف بتتابع يكشف عن الكثير من أسباب الضجر الذي يقود إلى المزيد من التغيير."
غايتو نترحم على روح مولانا إدوارد سعيد و نقول :يا النبي نوح!
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

صراع الزواج الطبقي في مصر

مشاركة بواسطة حسن موسى »



صراع الزواج الطبقي في مصر

ما زالت قضية تقنين زواج المصريات من الأجانب تستقطب اهتمام القوى السياسية في مصر،
و قد " انقسمت الأحزاب ـ حسب تقرير زينب القرشي في موقع " بوابة الوفد" ـ ما بين مؤيد ومعارض للقرار، وبين قوى أخرى انتصفت الطرفين نتيجة موافقتهما على تفعيل القانون ولكن مع ضرورة اضافة عدد من التعديلات له، وكانت الأحزاب المؤيدة للقرار رأت أن هذا القانون انتصار للمرأة ويحافظ عليها من الاستغلال.
فيما شن عدد من القوى المعارضة هجوما شنيعا على المستشار أحمد الزند، وزير العدل، معتبرين أن إصداره لهذا القرار يساعد على استغلال الفتيات المصريات الفقيرات ويهيأ الأمر أمام الاثرياء العرب لاهدار كرامة المصريات. وقال عاطف مغاورى، نائب رئيس حزب التجمع، أنه كان لابد من البداية من تفعيل هذا القانون لحماية حقوق الفتيات المصريات من الاستغلال، مؤكدًا أن الكثير من بلدان العالم يحفظ حقوق فتياتها من خلال وضع شروط على الأطراف الأجنبية فى ظل حالة تدنى المستوى الاجتماعى الذى تعيشه الفتيات.".."ولفت نائب رئيس حزب التجمع، الانتباه، إلى ضرورة أن تقوم الدولة بتطبيق عدد من القواعد الأساسية التى تضعها بعض البلدان كشروط لابد منها لاتمام الزواج ومنها ما يفيد معرفة كفاءة الزوج وحالته المادية ووظيفته والعديد من المعلومات الشخصية والتأكد منها مسبقًا من خلال سفارة بلاده.".."ورأى ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل، أن القرار من حيث الشكل فيه تأمين للمتزوجة المصرية من أجنبى إذا كانت فارق السن فوق الخمسة وعشرين عامًا، مكملا ان القرار فى ذات الوقت رخص بيع المصريات للاجانب لأن فارق العمر كبير ومبلغ الخمسين ألفًا، ضئيل جدًا ولا يؤمن الفتاة.وناشد «الشهابى»، وزارة العدل، رفع شهادات الاستثمار إلى أربعة أضعاف هذا الرقم وأن يكون هناك تنظيم أكثر احكاما، مطالبًا الوزير بمعالجة الثغرة الموجودة فى محافظتى بنى سويف والجيزة التى يكثر فيها مثل هذه الزيجات. وتابع، رئيس حزب الجيل، أنه لابد ان يتم التأكد بوثائق رسمية من اسم الشخص الأجنبى الراغب فى الزواج من الفتاة المصرية وجنسيته وعمله بالإضافة الى موافقة سفارته على هذه الزيجة حتى تتحمل تبعات أى مكروه يحدث للفتاة المصرية. فيما أشادت منال العبسي، رئيس مجلس إدارة الجمعية العمومية لنساء مصر، بالقرار واضافة 10 آلاف جنيه على القرار القديم، مبينة أنه يحفظ ويصون كرامة الفتيات ويؤمن مستقبلهن ويواجه بشكل صريح ظاهرة الزواج العرفي والمتاجرة بالفتيات عند الزواج من أجنبي التي كان من الواجب محاربتها."..". وتمنت «العبسي» وضع قواعد صارمة لزواج الأجنبي من المصريات، مقترحة أن تكون سفارة الأجنبي طرفا في الزواج حتى لا يكون زواجا مؤقتا خلال فترة الإجازة والزيارة، ثم يترك زوجته ويختفي ويعود لبلاده دون تأمين معيشتها.
ومن جانبه شن حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، هجوما عنيفا على وزير العدل، معتبرًا أنه اكتفى فقط برأى رئيسة المجلس القومى للمرأة، وتجاهل مناقشة الأحزاب والجمعيات الأهلية التي لها خبرات في التعامل مع هذه القضية منذ عشرات السنوات وتعمل علي ارض الواقع لمساعدة بعض الفتيات ضحايا هذه الزيجات. واعتبر الحزب، فى بيان صادر له مساء يوم الخميس، أن الهدف من تطبيق هذا القرار بالحد من ظاهرة استغلال الفتيات المصريات، لن يتحقق، لأن مبلغ 50 ألف جنيه «زهيد» بالنسبة للزواج العربي والذي عادة ما يصرفه في ليلة أو ليلتين في ملهي ليلي ولذا فيعتبر هذا المبلغ حافزا أو غطاء قانونيا توفره له الدولة وليس رادعا لهذه الزيجات. ونص البيان، على أنه كان من الأجدى أن يضع وزير العدل قيودا أكثر منطقية وجدية بأن يجبر الزوج الأجنبي علي توثيق عقد الزواج في قنصلية بلاده حتي يسهل الوصول اليه في حالة الانفصال أو اختفائه حتي تستطيع مطلقته إثبات نسب أطفالها منه، والحصول علي مستحقاتهن واثبات الضرر الجسدي وغير الجسدي الذي عادة ما يلحقه بهن. وطالب التحالف الشعبى الاشتراكى، وزارة العدل، برفع يدها عن تقنين الاتجار بالنساء المصريات، ورفع يدها عن تنظيم استغلال الفتيات في خدمات جنسية تأخذ شكل الزواج، وفقًا للبيان، كما طالبها، بالتصدي لهذه المشكلة بشكل يحفظ كرامة المرأة المصرية وتخفيض الفارق في سن الزوج والزوجة الي ١٥ سنة بدلا عن ٢٥ سنة حتي يتحقق بعض من التكافؤ.".." وهاجم، الحزب، المجلس القومى للمرأة، لموافقته على القرار، معتبرًا أن ذلك يعتبر تشجيعا على إهدار كرامة الفتيات الفقيرات، مطالبًا المجلس بأن يضع وينسق ويراقب تنفيذ خطة شاملة للنهوض بالمرأة والفتاة وأن يتيح فرص التعلم والتشغيل في القري التي تنتشر فيها مثل هذه الزيجات. واختتم البيان بأن المجلس يمكنه حماية حقوق الفتيات الفقيرات من خلال توفير مشروع صغير لكل فتاة معرضة للاستغلال في مثل هذه الزيجات يدر لها دخلا مستمرا ويكون عندئذ أكثر قبولا من المتاجرة فيها من أجل حفنة دولارات."
الرابط
https://alwafd.org/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8 ... 9%86%D8%A8

////////////////////////////

فقط فى عهد العسكر: بيع الفتيات للأثرياء العرب

على الموقع المعارض للنظام المصري " نافذة مصر"
https://egyptwindow.net/news_Details.aspx?News_ID=91022

كتب المحرر :" ..
أثار قرار وزير العدل الانقلابى أحمد الزند بدفع مبلغ 50 ألف جنيه كشرط لإتمام زواج الفتاة المصرية من زوج أجنبي يكبرها بكثير، حالة من الاستياء الشديد في مصر، حيث اتهمه كثيرون بأنه شكل من أشكال النخاسة ويقنن بيع الفتيات المصريات للأثرياء العرب.".."ورفض المجلس القومي لحقوق الإنسان (جهة حكومية) هذا القرار، وطالب بضمان كرامة المرأة المصرية وحقوقها من خلال توفير العدالة الاجتماعية، بدلا من هذا القانون. ".."وقالت الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، إن الحكومة بدلا من مواجهة ظاهرة الزواج السياحي بين الأثرياء العرب والفتيات القاصرات المصريات، قررت مباركة هذا الزواج طالما كان الزوج يملك الثمن ليتمكن من إتمام الصفقة ويشتري الفتاة في إطار قانوني. وطالبت الجمعية، في بيان صحفي الأربعاء بإلغاء هذا القرار المعيب وغير المدروس الذي يعيد المرأة المصرية إلى عصر الجواري وأسواق النخاسة من جديد. ".."وتقول منظمات حقوقية إن آلاف الفتيات الصغيرات في المناطق الريفية المصرية يتم تزويجهن لأثرياء عرب عبر سماسرة يتفقون مع أهل الفتاة على الزواج بصورة غير رسمية لعدة أسابيع مقابل مبالغ مادية كبيرة.
ويلعب الفقر دورا كبيرا في انتشار هذه الظاهرة التي أصبحت تأخذ شكلا من أشكال الاتجار بالنساء واستغلال القاصرات، بحسب منظمات مدافعة عن حقوق النساء، حيث يقضي بعض الأزواج أسبوع أو اثنين فقط مع الفتاة ثم يسافرون مرة أخرى إلى بلادهم دون التزام تجاههن بأي حقوق.وقالت مؤسسة قضايا المرأة إن بنات مصر لسن للبيع، وأن القرار الأخير ما هو إلا صورة من صور تسعير الزواج ولن يحل مشكلة الاتجار بالنساء بل سيفتح الباب للمزايدة لمن يملك أموالا أكثر.".." ويقول معارضون لهذا القرار إنه لا قيمة له، حيث يتجنب غالبية كبار السن الخليجيين الذين يتزوجون من فتيات مصريات توثيق العقود بشكل رسمي ويلجؤون إلى الزواج العرفي للإفلات من أي التزامات تجاه زوجاتهم.وقال آخرون إن الزوجة في كثير من الحالات يتم الضغط عليها حتى تتنازل عن حقوقها المادية، ولن تمنع هذه الوثيقة الزوج من إساءة معاملة زوجته."..".
وردا على الانتقادات الحادة التي واجهتها، أكدت وزارة العدل أنها تستهدف من هذا القرار تحصين الفتاة المصرية التي تتزوج من أجنبي، موضحة أن القرار كان معمولا به منذ 30 عاما، وكان مبلغ التأمين 40 ألف جنيه وتم زيادته فقط لـ50 ألف جنيه. وقال حمدي معوض، المتحدث باسم وزارة العدل، في مداخلة هاتفية مع قناة "العاصمة"، مساء الثلاثاء، إن الحكومة تتعامل مع ظاهرة موجودة ولن تنكرها، ولكهنا تعمل على التقليل من آثارها السلبية وتأمين مستقبل الفتاة المصرية.
"..".ولم تؤيد القرار إلا جهة واحد فقط هي المجلس القومي للمرأة، حيث قالت ميرفت التلاوي رئيس المجلس إن تعديل القانون سيحد من الممارسات الخاطئة التي تقترن بزواج القاصرات المصريات من أجانب.وأوضحت التلاوي في مداخلة هاتفية مع قناة "أون تي في" أن بعض الفتيات القاصرات في بعض القرى الفقيرة مثل الحوامدية بالجيزة تتزوج ثلاث مرات في الشهر الواحد!، وطالبت بتشديد الرقابة على هذه الوديعة بحيث لا يجوز الحصول على قيمتها قبل مرور خمس سنوات من بداية الزواج.
واتهم الاتحاد العام لنساء مصر الحكومة بالسعي إلى تحصيل الأموال وزياردة مواردها بأي طريقة، فهاجمت هدى بدران رئيس الاتحاد أحمد الزند وزير العدل قائلة: "عيب اللي عملته ده هو عشان نجمع فلوس نبيع بناتنا؟ الدولة تجمع الأموال على أجساد البنات الفقراء"..
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

إقتصاد جديد للزواج الإسلامي ؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »


إقتصاد جديد للزواج الإسلامي ؟

التقليد الثقافي العربي أورثنا جملة من الأشكال التي كان عرب المجتمع الجاهلي يعقدون عليها زيجاتهم. و يحفظ التاريخ انواعا شتى من الأنكحة تتعدد اصولها حسب التعدد الثقافي و العرقي للمجتمع العربي قبل الإسلامي.و القائمة طويلة تبدأ بـ "
نكاح الاستبضاع:[ استبضاع مرادف جماع وزواج. ومنه الاستفحال. باضعها أي جامعها ].
وفي الاستبضاع تنكح الزوجة من قبل رجلٍ آخر بموافقة زوجها. ولا يمسسها زوجها حتى يتبين حملها من ذلك الرجل. ويحدث الاستبضاع رغبة في صفات الرجل الآخر من شجاعةٍ وفروسية وحكمة وقيادة. فإن ضاجعت الزوجة فارساً شهيراً سُمّي ذلك الاستبضاع بـ ((الاستفحال)) بمعنى صفات الفحولة. فكأن الرجل الضعيف يستعير من الفحل القوي لنسله بعض من الصفات التي يفتقر إليها .هذا النوع من الأنكحة يندرج في باب تخليق هوية إيجابية لذرية تواجه صعوبات الحياة بكل الأسلحة الرمزية و المادية الضرورية للبقاء في مجتمع جاهلي البقاء فيه للأقوى.
نكاح الرهط:الرهط : مجموعة رجال دون العشرة . رهطيّة : مزواجة. وفي هذا النكاح يدخل على امرأةٍ واحدة عدّة رجال فيضاجعها كل منهم، وإن حملت ووضعت مولودها، ترسل في طلبهم جميعاً، وتسمّي مولودها باسم من ترغب منهم، ولا يمكن لأيّ رجل الاعتراض على ذلك .
ومن أشكال هذا النكاح :
نكاح الرهط الأخوي: وهو اشتراك عدة أخوة في زوجة واحدة و نكاح الرهط يبدو كما لوكان حيلة لتجاوز البؤس الجنسي اللاحق بالبؤس المادي لفقراء العرب الذين لا يملكون ما يتيح لهم الزواج و بناء أسرة. أما نكاح الضمد : وهو اتخاذ المرأة أكثر من خليل. وفيه إشارة إلى تعدد الخلان والأخدان، [ " تعدد الأزواج؟!"] فهو أدخل في نظام الدعارة التقليدي.

نكاح المقّت :وفيه ينكح الولد امرأة أبيه. أي إذا مات الأب، يقوم أكبر أولاده بإلقاء عباءته على امرأة أبيه، فيرث نكاحها. وإن لم يكن له فيها حاجة، يزوّجها بعض أخوته بمهر جديد. وإن شاء الأبناء زوجوها لمن رغبوا فيه، وأخذوا صداقها. وإن شاؤوا لم يزوجوها مطلقاً، ويحبسونها حتى تموت ليرثوها، أو تفتدي نفسها.و عبارة " المقت" تجسد حقيقة المصير المقيت الذي ينتظر أرملة الأب كونها تختزل لحال المتاع العادي بلا إرادة أو رغبة تخصها,

نكاح الشِّغار: يطلق على الرجل الذي يزوّج ابنته على أن يزوّجه الرجل الآخر ابنته أيضاً وبدون مهر. وقد يحصل مع الأخت أو القريبة. و هو أفضل تعبير عن البعد الإقتصادي للزواج كعملية تبادل للمنافع. " أعطيك بنتي مقابل بنتك!"


نكاح البدل: يتم بتنازل رجلين عن زوجتيهما كل واحد للآخر . أي يتبادلان نساءهما برغبة الطرفين. و هو أيضا عملية تبادل للنساء بوصفهن متاع بلا إرادة ، لبعولتهن حق التصرف فيهن.

وتحسب بعض المصادر الأنواع الأكثر رواجا في المجتمع قبل الإسلامي . و هي :
زواج المتعة : و هو الزواج المؤقت. ، وزواج التفشل: هو زواج الأباعد. أي الزواج من امرأةٍ غريبة .
وزواج الإضواء : هو زواج الأقرباء . [يقال: أضوى فلان : أي ولد له ولد ضاوٍ لزواجه من قريبته. ومنه زواج الضعل: أي ولد له ولد مشوه أو معاق لزواجه من قريبته.
و زواج الاهتجان: هو الزواج في الصغر.[يقال: اهتجنت فلانة : افتضّت قبل البلوغ أو تزوجت صغيرة. وهي الهاجن والمهتجنة. ولتزويج الذكور صغاراً يقال كذلك : التَبَأ ابنه: أي زوّجه صغيراً.
و زواج الكُورة:زواج بالجملة، مخفّض المهر.
أما زواج الأكان: نسبة إلى ((أكان)) من المجتمعات البدائية المعاصرة. وفيه يبقى الزوجان كل في بيت أهله. وتقوم الزوجة بزيارة زوجها ليلاً. ويرعى الزوجان أطفالهما في بيت والدي الزوجة أو أخوتها.فهو يندرج غالبا في نوع زواج الفقراء الذين يتجاوزون عن واقع كون الرجل لا يستطيع الوفاء بواجبات رعاية الأسرة و تأمين قوتها فيتولى أهله ، أو أهل زوجته ،أمر معاش أسرته.

من هذه القائمة يستنتج القارئ أن المصنف لا يفرز بين الزيجات على أساس أخلاقي، فهي زيجات تعبر عن طبيعة الإتفاق أو التعاقد الحر [ و لو شئت قل الـ " ليبيرتاني " حسب التعبير الفرنسي " ليبيرتان"
Libertin
التي تترجمها المعاجم الفرنسية العربية بـ " فاجر او فاسق او زنديق أو حتى ملحد " و هي ترجمة جائرة نوعا لأن المصطلح الفرنسي يدل على حركة تاريخية " ليبيرتيناج"و هي حركة فكرية تتعلق بالتحرر من الدوغما الدينية و التفكير الحر]. لكن أخلاقية الزواج تأسست ، مع الإسلام ، على أساس اقتصاد جديد للزواج فحواه تبادل الحسب و النسب بين الأكفاء و هو تبادل في مركزه موضوع الميراث.
في نمط الزيجات الإسلامية حافظت السلطة السياسية على حضور مركزي يعطيها الحق في تولي أمر النساء في حالة غياب ولي الأمرمثلا. و بشكل عام كانت السلطة السياسية دائما حاضرة ضمن مؤسسة الزواج في المجتمع المسلم ، و ذلك لأن الزواج يبدو كأحد اهم وسائل صيانة ترابط الجماعة و تكاثرها و استقرارها.و رغم أن الزيجات ظلت ـ و ما زالت ـ تتم بين الأسر كما تنعقد الأحلاف السياسية و الإقتصادية ، و ذلك على زعم مقبول بأن كل طرف مفرد إنما يمثل أسرته و عشيرته في عقد الزواج. فقد تمكن ممثلو السلطة السياسية عبر الأزمنة من إحكام قبضتهم على الزواج كشأن عام . و في هذا المنظور أمكن لممثلي السلطة السياسية أن يتدخلوا ـ باسم الصالح الجمعي ـ في الطريقة التي تنعقد بها الزيجات.بل أن السلطة السياسية العليا ممثلة في الدولة أعطت نفسها حق التصرف في الشرائع و القوانين التي تضبط الزواج .و في الأثر شهادات عن زيجات لعب فيها ممثلو السلطة السياسية دور أولي الأمر كما في حالة زينب بنت جحش التي تمثل كأفضل مرجع على تعريف السلطة السياسية لعلاقة الزواج:
كانت زينب من المسلمين الأوائل، لكن لم تذكر كُتب التراجم قصة إسلامها. هاجرت زينب إلى يثرب بعد هجرة النبي محمد إليها.[9] وفي يثرب، خطبها النبي محمد لزيد بن حارثة ، فأبت زينب في البداية، إلى أن نزل الوحي بقوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ، فقبلت زينب الزواج بزيد.
و ينظر بعض الباحثين لزواج زينب بنت جحش كمحاولة لتجاوز الفوارق الطبقية الموروثة من أنثروبولوجيا الزواج الجاهلي كون زيد كان ينتمي للموالي عكس زينب التي من نسل الأحرار.و رغم محاولات النبي رأب الصدع في العلاقة الزوجية العصيبة بين الأثنين فالتاريخ يحكي بأن زواج زينب و زيد بن حارثة لم يستمر طويلا و انتهى بالطلاق. لكن حكاية زينب و زيد تمثل في تاريخ مؤسسة الزواج المسلم كسابقة مهمة شرعنت لزواج الرجل من طليقة ابنه بالتبني. إلا أن هذا الزواج لم يسر على الوجه الأمثل، فدبّ الخلاف بين زينب وزوجها زيد، فهمّ زيد بتطليقها، فردّه النبي محمد قائلاً: «اتَّقِ اللهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ»، فنزل الوحي بقوله : " إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا الأحزاب 37
الرابط
[size=10]https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B2%D9%8A%D9%86%D8%A8
_%D8%A8%D9%86%D8%AA_%D8%AC%D8%AD%D8%B4


.في هذا المشهد العامر بذاكرة جمعية تقبل تعدد الزيجات يمكن تفهم تلك الحالة الإستثنائية التي ألهمت بعض النساء إختراع صيغة غير مألوفة من صيغ الزواج يمكن أن نسميها " زواج الهبة":
عَنْ سَهل بن سَعدٍ الساعِدِي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتَقَ صَفيةَ وَجَعَل عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.
أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم جَاءَتهُ امرَأة فَقَالت: إني وَهَبْت نَفْسي لَكَ، فَقَامَتْ طَوِيلا.
فقال رَجُل: يا رسول الله، زوجنيها إنْ لَم يَكُنْ لَك بِهَا حَاجَة.
فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكَ مِِن شيء تُصْدِقُهَا»؟ فقال: مَا عِنْدِي إلا إزاري هذَا.
فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنْ أعطَيتَهَا إزَارَكَ جَلستَ وََلا إزارَ لكَ، فَالتمس ِ شيئَاً».
قالَ: مَا أجِدُ، قالَ: «التمس ولو خاتما مِنْ حديد».
فَالتمس فََلم يَجِد شَيئاً.
فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَل مَعَكَ شيء مِنَ القُرآنِ»؟ قال: نعم.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «زَوجتُكَهَا بِما مَعَكَ مِنَ القُرْآن».
Lien :
https://www.zawjan.com/?p=2256
في حالة بنت جحش نجدنا أمام امرأة اضطرت لقبول زيجة ترفضها لمجرد الإمتثال لإرادة السلطة السياسية, و في الحالة الثانية نجدنا أمام امرأة تخاطب ممثل السلطة السياسية بمطالبها في الزواج و تطيل في الوقوف، لكن النبي ، رمز السلطة الجديدة ،لا يستطيع أن يتزوج مع كل النساء الراغبات في خطبته لأنفسهن، فيحيلها لأحد صحابته و تقبل به.و في القصة أنه رجل فقير لكن فقره المادي لا يحول بينه و بين الزواج ذلك أن الرجل يملك أن يمهر زوجته بما يملك من متاع روحي ثمين: بضعة سور قرآنية يحفظها. هذه الحادثة يمكن أن تقرأ كشكل في تقنين الزيجات باعتبار أن السلطات تملك أن تنظم الزيجات حسب تقديرها مثلما يمكن أن تقرأ على أن عقد الزواج هو في حقيقته إتفاق معنوي لا يشترط التبادل المادي.
لكن التأمل المقارن بين نوع العلاقة الحميمة التي كانت تربط النبي بصحابته و بمجموعة النساء و الرجال المتضامنين معه على هذه العقيدة الجديدة و نوع العلاقة التي تربط ممثلي الدولة الحديثة بمواطنيهم في أي من البلدان العربسلامية المعاصرة، يجعلنا نحس بالفارق الكبير بين الوضعيتين. فوضعية النبي وسط المسلمين كانت مطبوعة بطابع علاقة روحية و أبوية [ باترياركية] تجعل الراعي و الرعية في حالة تلاحم قوامها الثقة الكاملة التي يفوض عليها المسلمون أمور حياتهم و موتهم لهذا الراعي الخارج على المألوف، بينما وضعية المسؤول الوزاري الذي يتذرع بحماية الفتيات الفقيرات ليفرض الضرائب و الرسوم على الأثرياء الذين يرغبون في شراء الزيجات المؤقتة بغرض الترفيه ، هي وضعية مصلحة مادية لا مكان فيها لأي بعد روحي. هذه الوضعية تصادر البعد الرمزي للزواج كعلاقة خاصة غايتها بناء أسرة ثابتة تساهم في تقوية أواصر الأفراد و الجماعات التي تكون نسيج المجتمع ، و ذلك لأن الدولة الحديثة ـ دولة رأس المال ـ تقنن للزواج كفضاء مادي يشتري فيه الذكور الأثرياء " الجواري" من نساء الفقراء حسب قانون سوق النخاسة الجديد . و حين ينفتح باب العرض و الطلب على منطق السوق فسيجد المسلمون الفقراء أنفسهم أمام غول نهم يفترس بناتهم و يلفظهن بشكل موسمي بينما عين الدولة ساهرة تحمي المشترين.و هنا يمكن القول بأن قانون زيجات العطلات الذي أصدرته الدولة المصرية مؤخرا ما هو إلا أحد تعبيرات العنف الطبقي الرمزي و المادي الذي يكابده الفقراء في عز " دار الإسلام". و الدولة المصرية ليست نسيج وحدها في هذا الموقف ،فأثرياء مسلمي بلاد النفط تعودوا على زيجات العطلات ـ تحت تواطؤ السلطات ـ في بلاد المسلمين من المغرب لتونس للباكستان و لبنغلاديش إلخ، لكن الدولة المصرية سبقت غيرها بشرعنة هذه الممارسة التي تشتبه بالدعارة و قننتها بنص القانون.و كون الدولة الحديثة تعطي نفسها حق انتحال القوامة على النساء المصريات المبذولات في سوق الزواج السياحي فهذا الواقع لا يعني أن المجتمع المصري ـ من خلال منظماته المدنية و السياسية سيقف متفرجا على عواقب هذه الوضعية.فالمجتمع المصري المعاصر قد اجتاز حاجز الخوف القديم تجاه السلطات منذ انهيار سلطة حسني مبارك.و لا أحد يدري حاليا أي شكل من أشكال الإحتجاج يمكن أن يترتب على ظاهرة الزواج السياحي في مصر لكن هذا الشعب الذي استعاد كرامته بعد عقود من الصبر على عسف السلطات سيتوصل ، بطريقة أو أخرى ، لتجاوز هذا الإمتحان الجديد. و في ما وراء الطبيعة السياسية لإستجابة الشعب المصري لهذا البلاء الجديد القديم [ ردا على الانتقادات الحادة التي واجهتها، أكدت وزارة العدل أنها تستهدف من هذا القرار تحصين الفتاة المصرية التي تتزوج من أجنبي، موضحة أن القرار كان معمولا به منذ 30 عاما، وكان مبلغ التأمين 40 ألف جنيه وتم زيادته فقط لـ50 ألف جنيه.]. أقول فيما وراء المردود السياسي للمنازعة السياسية الحاصلة بذريعة قانون تنظيم زواج المصريات من الأجانب ، يبقى أن هذه الخطوة تفتح الباب تجاه إعادة النظر في أنثروبولوجيا الزواج الإسلامي في منظور العولمة.ذلك أن قطعان الذكورالأثرياء الراغبين في تجديد شبابهم مع الفتيات الصغيرات في بلاد المسلمين ستدفع نحو تعميم النموذج المصري في بقية مجتمعات المسلمين التي تعتمد على السياحة كمصدر رئيسي للدخلو كما جاء في الأثر " بيزينيس إز بيزينيس ".و ترجمتها : "عايرة و أدوها سوط "..
سأعود
آخر تعديل بواسطة حسن موسى في السبت مايو 28, 2016 3:11 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى..

مشاركة بواسطة حسن موسى »


[size=24]
جاء في الأخبار أن مواطنا سعوديا قام باطلاق النار على طبيب أردني في السعودية لأن الطبيب قام بتوليد زوجته
ذكرت المصادر أن الجاني استدرج الطبيب خارج العيادة، وقام بإطلاق النار عليه، بعد أن "قدم إليه داخل عيادته واستدعاه، وقال له: أريد أن أقدم لك الشكر والعرفان على ما قمت به تجاه زوجتي التي قمت بتوليدها".

وبمجرد خروج الطبيب إلى حديقة المستشفى المليئة بالأطفال، قام الجاني بإطلاق الرصاص عليه، ولاذ بالفرار، فيما تم نقل الطبيب للعناية المركزة، حيث استقرت الرصاصة في كتفه.

وأكدت الصحيفة أن قوات الأمن ألقت القبض على الجاني

.

https://www.alquds.co.uk/?p=540315

سأعود
آخر تعديل بواسطة حسن موسى في السبت مايو 28, 2016 3:01 am، تم التعديل مرة واحدة.
أضف رد جديد