جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الفيديو

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام للجميع
شكرا يا مازن على المناولة.
الشكر موصول للصديقة الفنانة التي نبهتني لأن الفيديو موجود في يوتيوب و لم يحذف منه شيئ [ الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=XtUrpX7F964

فمعذرة للقراء على إختلال السمع، سمعي.و السمع [ سمعي أنا على الأقل] باب يستحق التأني في واحدة من عطفات جيوبوليتيك الحواس ]. لكن المهم في هذا الامر هو ان انصار نظام الإنقاذ و عملاء أمنه ما زالوا يلاحقون هذه الشابة بالشتائم عبر الاسافير لأنها تجاسرت و كسرت حاجز تابو اللغة . و هذا الموقف يفتح الباب لريح التغيير في هذه المنطقة التي لا تسري فيها آليات الخطاب السياسي المعارض المبذول للسودانيين، و في نظري الضعيف فالمعارضة الحقيقية لمجمل الثقافة التي انتجت نموذج الإنقاذ تبدأ هنا من حيث يسمّي السودانيون وظائف الجسد.و الغريب في الامر ان اغلب المعلقين لا يستغربون موقف رجال امن هذا النظام المتسربل بسرابيل الدين و الذين يزعمون نصرة الإسلام بأحاليلهم. ترى كيف تكافئ هذه الدولة المسلمة موظفيها على هذا النوع من العهر الرسمي؟


سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

رجال الدولة القوّادة

مشاركة بواسطة حسن موسى »


رجال الدولة القوّادة

ظاهرة إعتقال و إذلال و إغتصاب الفتيات المعارضات لسياسات نظام الخرطوم روّعت خواطر سودانيي الاسافير فكتبوا و سوّدوا شاشات الحواسيب بملايين الملايين من تراب البكاسل. و هم على حق فسيرة الاغتصاب التي كانت، في السابق ، ترد ضمن وقائع قهر نساء الهوامش في "ارض الحرب" التي فرضها نظام الخرطوم على الاهالي بذرائع شتى بينها نصرة الدين ، صارت من وقائع العاصمة اليومية حيث يقيمون و ظهرهم [ ترجم " عرضهم " ] مكشوف لعوارض السياسة السودانية..
من بين تعليقات السودانيين تجاه ظاهرة اعتقال و إغتصاب الفتيات بواسطة عناصر جهاز الامن سعى بعض كتاب الاسافير الموالين للنظام لإرهاب الضحايا و توعّدهن و التشهير بهن. و فيهم من تجاسر على شتمهن لمنعهن من كشف ما تعرضن له على يد عناصر جهاز الامن. و هناك من اكتفى بالتشكيك في مصداقية دعوي الفتيات على زعم أن الامر صادر عن المعارضين السياسيين. و هناك من طالبهن بكشف هوية المعتدين لإثبات إن كنّ قد تعرضن بالفعل لما يدعين.و هكذا يتواصل مسلسل إذلال الضحايا لغاية إقتراح صديقنا القانوني حاتم الياس الذي كتب " أقترح ان تحاول الضحية مع مجموعة من شباب كلية الفنون رسم صور تقريبية للمجرمين الذين قاموا باغتصابها و عرضها للجميع " . و حتى بين الكتاب المنتسبين لتيار الإسلاميين هناك من راعه الامر مثل هذا الكاتب المتسمي بـ " بدر الدين اسحاق أحمد " و الذي يبدو أنه على صلة قربى آيديولوجية مع سدنة النظام، كونه كتب مخاطبا والي الخرطوم و نصحه بمراعاة الخلق السوداني الكريم و الإحتشام في الخصومة السياسية. كتب بدر الدين اسحق مخاطبا عبد الرحمن الخضر ، والي الخرطوم ، في موقع سودانيز اون لاين بتاريخ 24/3/2011 :" بنت من بناتك خرجت من بيت اهلها مطمئنة " .." ثم تعود قرب منتصف الليل تشكو عرضها المنتهك..". و قد طالب هذا الأخ المسلم والي العاصمة بتكوين لجنة تحقيق برئاسته " مهمتها الكشف عن المغتصبين.. ".أي و الله " الكشف عن المغتصبين " سيما و أن " شباب كلية الفنون"[ القالهم حاتم الياس] سيوظفون مواهبهم في رسم" ضل الفيل" الواقف أمامنا منذ أكثر من عقدين من الزمان. هذا الفيل الذي يتعامى عنه أهل البر الإسفيري إسمه عمر البشير و عمر عثمان طه و عمر نافع و عمر عطا و و عمر أخذ و وعمر نهب و جملة أعمار نظام الإنقاذ الذين كتموا انفاس الشعب و انتهكوا الحقوق و عذبوا و قتلوا و قطعوا اوصال الوطن و سرقوا ثرواته و مرّغوا كرامة اهله في التراب. هؤلاء هم المغتصبون الحقيقيون.
و كون قرار الإعتقال و الإغتصاب [ " الإعتصاب "؟] يصدر في المقام الاول من راسمي سياسة النظام الذين يستخدمون الإغتصاب كسلاح سياسي غايته إرهاب المعارضين السياسيين فإن هذا الواقع لا يعفي الرجال البلهاء الذين يوظفهم جهاز أمن عمرالبشير من مسؤوليتهم القانونية تجاه من يقع بين براثنهم. و آجلا أم عاجلا سيجيئ اليوم الذي يحاسبهم فيه الشعب على ما اقترفوا في حق ابنائه و بناته.
إن إغتصاب الفتيات المعارضات في مكاتب أمن الدولة و بواسطة رجال جهاز الامن سابقة أخلاقية و سياسية بالغة الخطورة. و هؤلاء الزبانية المنعظون بأمر المخدّم الرسمي ، هم حالة نادرة في تجسّد العهر كبلاء جديد في مسرح السياسة السودانية. فالدولة القوّادة تقود عناصر جهاز الامن و ترخـّص لهم هتك الاعراض و تكسب من ذلك إرهاب المعارضين. ورجال أمنها يقومون بالواجب و في خاطرهم قناعة المعايش الجبارة إياها، كونهم يعرفون أن رزقهم و قوت عيالهم يتوقفا على رضاء هذا المخدّم القوّاد الذي انتحل صفة موظف الدولة ليقهر معارضيه في ساحة السياسة. هذا المخدم القوّاد الذي انتهز السلطة بذريعة إنقاذ المجتمع السوداني و قيادة المشروع الحضاري الإسلامي بلا بلا بلا... انتهى به الامر لقوادة تعيسة مشروعها الأوحد هو البقاء على سدة الحكم بأي ثمن.
و فيما وراء تمثلات مشروع الإنحطاط الحضاري ـ الإسم الحقيقي لمشروع اسلاميي الإنقاذ ـ يبقى للسودانيين ان ينظموا أنفسهم لمقاومة و تحييد و دحر سياسات القهر و الإذلال و مكائد الاجهزة القمعية التي تستهدف الشخص المعارض ماديا و نفسيا.و هذا مسار طويل لكن للسودانيين فيه إنجازات و مآثر و خبرات تراكمت عبر سنوات النضال ضد الإستبداد.و لعل أكثر ما يبعث على التفاؤل في منظور المقاومة الشعبية هو خروج الفتيات السودانيات لساحة المواجهة السياسية و تجاسرهن على تملّك نوع جديد من الفصاحة السياسية التي تكسر تابو اللغة و تفتح لرياح التعبير الحر اكثر من باب فلا يستريح سلطان و لا يأمن رجاله على ديمومة الحظوة الذكورية الرمزية الموروثة بذرائع التقليد و الدين و العرق و الجنس
..
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

العوجة وين؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »

في خيط التضامن مع الفنانة و الناشطة صفية اسحق قرأت قصيدة صديقنا المسرحي و الشاعر و القاص [ و تحت تحت التشكيلي] منعم الجزولي. و استرعى انتباهي قوله:
" .. العوجة يا بت
في الكلام الما تمام
في الإنصياع الأعمى للوالي
الوقف مفنوس و يترقـّص كما خنثى الحمام .."
سأعود
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

سلام يا حسن

توقفت أيضاً عند آخر كلمات قصيدة منعم الجزولي:


ولا لبَّس أبوك العار،
هداكَ، وللأسف، لِبْسَنُّو أُمَّاتو.


ليه يا منعم، أماتو شِنْ سوّن؟ العار ده يتشال من مرة عشان تلبسو مرة
غيرها؟ العار يلبسه وحّدو وبراهو وتلبسو أجهزة قمعه.

نجاة

ÓÇÑÉ ÍÓÈæ
مشاركات: 116
اشترك في: الجمعة يونيو 08, 2007 11:26 pm

مشاركة بواسطة ÓÇÑÉ ÍÓÈæ »

نجاة محمد علي كتب:
العار ده يتشال من مرة عشان تلبسو مرة
غيرها؟



سلام وود

هذا هو الامر بالضبط يااستاذة نجاة ... لولا اننا سننتبه
ÓÇÑÉ ÍÓÈæ
مشاركات: 116
اشترك في: الجمعة يونيو 08, 2007 11:26 pm

Re: رجال الدولة القوّادة

مشاركة بواسطة ÓÇÑÉ ÍÓÈæ »

حسن موسى كتب:
لعل أكثر ما يبعث على التفاؤل في منظور المقاومة الشعبية هو خروج الفتيات السودانيات لساحة المواجهة السياسية و تجاسرهن على تملّك نوع جديد من الفصاحة السياسية التي تكسر تابو اللغة و تفتح لرياح التعبير الحر اكثر من باب فلا يستريح سلطان و لا يأمن رجاله على ديمومة الحظوة الذكورية الرمزية الموروثة بذرائع التقليد و الدين و العرق و الجنس
..


سلام استاذ حسن موسى
هذا هو الامر ايضا ... لاراد لخطوة مشت
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سلام يا سارة

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا سارة و شكرا على القراءة
و هذا الامر كما يقول اهلنا ما ينمسك بيد واحدة.
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

كلام الشعراء

مشاركة بواسطة حسن موسى »


كلام الشعراء
سلام يا منعم و هذا كلام أعود إليه بعد إنقطاعة طالت فمعذرة على المحرقة و قيل" المحركة" [ وهي التسويف في بلاغة الاهالي و الله أعلم]

في قصيدتك التي تتضامن فيها مع الفنانة الناشطة الجسورة صفية اسحق في محنتها لمست عندك إشارة سلبية في حق الرقص باعتباره ممارسة تشين الرجال " الضكور " كونها تنطوي على تعبير اللين و التكسّر و التثنـّي و غير ذلك من أحوال الجسد المنسوبة لجنس النساء. طبعا حيّرني كون صديقي منعم الجزولي الراقص [ و المسرحي ] الذي يعايش تعبيرات تقليد الرقص المعاصر في أمريكا لا يمكن أن يجهل واقع ان الرقص الذي يعتمد على تعبير الخنوثة ما هو إلا إحتمال بين أساليب الرقص الكثيرة المبذولة على خشبة مسرح الكوريغرافيا المعاصرة. و نظرة سريعة على نوع الـ " هيب هوب " [أو الـ " بريك " ] الواسع الإنتشار بين الشباب تكذّب دعاوى إختزال الرقص لقيم الخنوثة التي روّجت لها الإتجاهات المعادية لتعبير الجسد في ثقافة اولاد العربسلاميين. بل أن معظم راقصي [ و راقصات ] الـ "هيب هوب " درجوا في السنوات الاخيرة على تنظيم منافسات الرقص في شكل نوع من مواجهة حربية
Battle of the year
أنظر الرابط
https://www.wat.tv/video/battle-of-the-y ... g2ix_.html
و الرابط
https://www.dailymotion.com/video/xd6sr4 ... -yea_music
و البعد القتالي لمبارزات راقصي الـ "هيب هوب " يظهر في
قوامها الحركي الذي يستفيد من انواع العروض الجسدية القتالية [ كابويرا اللاتينية] و تقاليد فنون الصراع الأسيوي [ كونغ فو ] و تراث الأكروبات و الجمباز مع تقنيات التعبير الجسدي التشكيلي في التقليد المشهدي المعاصر.و دي يا منعم جزء من صناعتكم يا ناس المسرح، و لا شنو؟.
عبارتك يا منعم التي ورد فيها ذكر " خنثى الحمام " تذكرني بفئة الذكور الذين يحيضون في قصيدة الشاعر و المسرحي عزالدين هلالي التي ورد فيها توصيف إنحطاط المناضلين الضكور بصورة " أشباه الرجال " في عبارته " و صرنا نحيض كشبه الرجال ".. ذلك ان كلاكما اضطر لإختراع مصنـّف جديد من كيمياء الهرمونات الأنثوية التي تخالط قيم الذكورة فتنحط بها في مسوخ بيولوجية جديدة ينتفع بها الشاعر المعارض في إهانة خصومه السياسيين بنفيهم عن مقام الرجولة و الفتوة التي تليق بالذكور . فهذه الفئة السياسية المعرّفة بـ " أشباه الرجال " تمثـُل ، من جهة أولى ، كمصنف جديد أزرط من فئة النساء، و ذلك بحكم كونها فئة تقف خارج تصانيف " الرجال/النساء" النهائية التي بنى عليها الذكور المهيمنون مفهومهم لعالم يتمتعون فيه بحظوة الهيمنة على جنس النساء. و من جهة ثانية ،ففئة "أشباه الرجال" تمثل ايضا كفتنة تتهدّد إستقرار الهندسة الجندرية التي شيدها الذكور و جملة الإناث المتواطئات و المستفيدات من النظام الجندري السائد. و من يتأمل في عبارتك يا منعم عن "عَوَجَة" " الوالي الوقف مفنوس و يترقـّص كما خنثى الحمام " يلمس فيها نوعا من التضامن الرمزي بين فئة " خنثى الحمام " و فئة " اشباه الرجال " عند عز الدين هلالي. ورغم أن معنى التخنـّث يدل على أحوال الإناث عامة إلا أن عبارة "الخـُنثى"، " جمع خـُناثى و خِناث تدل على من له عضو الرجال و النساء معا"[ المنجد في اللغة] و في هذا المقام تنجح يا منعم في ان تستنبط من حالة إختلال الهرمونات ، التي يمكن ان تصيب أي شخص على الإطلاق، تستنبط منها فئة سياسية " سودانية؟" تمكنك من الحط من قدر الخصوم السياسيين.
و في نهاية التحليل يمكن القول بأن السهولة و العفوية و الثقة الظاهرة التي بذلتم بها ،عز الدين هلالي و أنت ، صورة المناضل السابق الذي صار يحيض كـ " شبه الرجال" و الوالي الراقص في هيئة " خنثى الحمام " تؤشر لكون فضاء الخطاب السياسي السوداني ـ حتى بين المثقفين التقدميين ـ ما زال محكوما بقيم الثقافة الذكورية الإيرية [ الفالوقراطية] التي تعودت إسقاط الخيار الإيروسي على الموقف السياسي للخصوم، و ذلك على قناعة صلدة بكون الخصم السياسي هو بالضرورة لوطي و معرّص و ود حرام و ود شرموطة إلى آخر كلام الشعراء.. و خلاص الشعراء المعارضون إنما يكون في الإنتباه النقدي لخامة هذه اللغة المقدسة الحية المتماوتة التي تموّه في ثناياها البلاغية فخاخ القهر و الإستبعاد الطبقي و الجندري و العرقي ، و التي تملك ان تلتف على من يلمسها كما تلتف الحية على من يمسك ذيلها فتردية. و خلاصة هذا كلة إنما تكون في الإقتناع بكون الحرب ضد نظام الصيارفة المسلحين بذرائع العقيدة و العرق و الجندر في الخرطوم إنما يكسبها الرجال و النساء المتضامنون على صيانة كرامة الإنسان فيما وراء تصانيف الرجال و النساء و أشباه هؤلاء و أولئك.
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جسد الوالي و جسد الولايا

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جسد الوالي و جسد الولايا


و رقيص الرئيس
قلت في مطلع حديثي أن عبارتك يا منعم تشي عن موقف سلبي من الرقص باعتباره مشين في حق الرجال. بل لقد لمست في عبارتك اصداء من فتوى الأصولي السوداني د. عبد الحي يوسف في صدد الرقص بوصفه:
" من رذائل الأعمال التي يقبح بالرجل العاقل الوقوع فيها او التظاهر بها ، و هو من الخصال التي لا تليق إلا بالنساء.".." فما اقبح ذا لحية سيّما إذا كان ذا شيبة يرقص و يصفق على توقيع الالحان و القضبان خصوصا إذا كانت اصوات نسوان و ولدان .." [ شايف " ولدان" دي؟].
انظر الرابط
https://www.meshkat.net/index.php/meshka ... 42/content
و فتوى د. عبد الحي يوسف في موضوع الرقص تستحق التأني ، من جهة أولى ، لأنها تصدر عن مسلم سوداني سليل تقليد ثقافي يقبل الرقص بصنفيه الديني و الدنيوي ويدمجة في الطقوس المشهدية لمحافل التأهيل الإجتماعي، و من جهة ثانية، ففتوى د. عبد الحي يوسف تستحق التأني لأنها تتعلق بموقف ديني ناقد ـ بشكل غير مباشر ـ لمسلك رئيس النظام الذي يرعى الإسلاميين السلفيين و يمكّنهم في اوصال المجتمع ماديا و رمزيا. و فتوى د. عبد الحي يوسف ، إذا نظرنا إليها من منظور آخر أبعد من منظور السياسة السودانية فهي تندرج في إشكالية سؤال الثقافة التقليدية الذي يقض مضاجع الإصلاحيين السلفيين الذين يحلمون بتربية إسلامية منزهة من شوائب التقليد السابق للإسلام.و في هذا المشهد يمكن للمراقب ان يلمس في تناقض المفتي و الرئيس اصداء المنازعة الفقهية السياسية التي انفجرت في المملكة السعودية على اثر الإنتقادات التي وجهها الإسلاميون السلفيون لعرضة الملك عبد الله و عرضة الشيخ العبيكان. و الشيخ عبد المحسن العبيكان من العلماء المقربين لدوائر السلطان منذ ان عينه الملك فهد بن عبد العزيز في 2005 "مستشارا بالمرتبة الممتازة" في وزارة العدل
انظر الرابط
https://www.ruba3.com/vb/showthread.php?p=21708

أنظر الروابط
https://www.youtube.com/watch?v=w9NgnthZ ... re=related
و
https://www.youtube.com/watch?v=3eogBbmv-S0
و من يتأمل في ردود الافعال التي أثارتها عرضة الملك عبد الله و عرضة العبيكان وسط المتشددين يلمس ان معظم السلفيين المعادين لتعبير الجسد قد آثروا السلامة و تجنبوا الإشتطاط في إدانة الرقص خوفا من عواقب إنتقاد رموز السلطة. ومن جهة أخرى فممارسة الملك للعرضة اطلقت يد نفر من السعوديين " الوطنيين" لتمجيد العرضة كملمح اصيل من ملامح الهوية الثقافية المحلية.أنظر الرابط
https://als7raa.com/vb/showthread.php?t=16480
و إلتفات السعوديين لسؤال الهوية الثقافية الوطنية في هذا الوقت من تطور جيوبوليتيك العولمة في منطقة الشرق الاوسط يملك ان ينطوي على عواقب سياسية بالغة التركيب. و هذه كما ترون فولة جبارة تفيض عن سعة مكيالنا الراهن في خصوص البعد السياسي للرقص لكني اعد بالعودة في خيط مستقل كان الله رفع القلم.
عرضة عمر البريئ
العرضة تعبير جسدي أصيل داخل تقليد الـ " كوريغرافيا" السودانية لأهل وادي النيل الاوسط ، و ذلك سواء سكنوا البوادي أو كانوا من أهل الحواضر. و كون أهل وادي النيل الاوسط اشتهروا بالعرضة فذلك لا يعنى أن أقوام السودان الاخري لا تعرف العرضة. ذلك أن العرضة تتنوع في طبيعتها الكوريغرافية بتنوّع الوسط الثقافي الذي تتم فيه بما يغريني بالقول بأن العرضة تطرح نفسها في السودان كنوع من قاسم كوريغرافي مشترك بين ذكور السودان كافة. والعرضة كنوع حركي تتصنف كوجه من تعبيرات الخطاب الكوريغرافي الذكوري طالما اقتصرت ممارستها على الذكور الذين يعرضون فحولتهم و قوتهم و شجاعتهم داخل حلبة تتفرّج فيها جماعة الإناث التي يخاطبها العارض . و الخط الحركي للعرضة الذي يعتمد على تمثـّل الإختيال و التقافز و التلوّي و إيماء الفتوة مقصود منه أن يتيح للحضور تقدير قوة و مرونة جسد الرجل المبارز الذي لا يهاب خصمه. و محورية فكرة المبارزة في العرضة هي التي تفرض على العارض أن يحمل سلاحا ، سيفا كان أو سوطا أم عصا [ و في بعض الحالات بندقية كلاشينكوف ].
لقد "اختار" الرئيس عمر البشير صورة الرجل المبارز في مواجهة خصومه في ساحة السياسة السودانية.و أقول " إختار " من باب المجاز ذلك ان من يتأمل في مجمل سلوك عمر البشير و لغته و أسلوبه في تدبير أحوال حركته و سكونه في المجال العام يملك ان يستنتج غلبة طبع البراءة الريفية على شخصية تجهل القسمة النفسية التي تنتاب كل معاصريه ممن ادركتهم جرثومة الحداثة و افسدت عليهم تماسك منظومة القيم الرمزية الموروثة من ثقافة القليد قبل الرسمالي. و فيما وراء حالة عمر البشير فشخصية الراقص عموما تقتضي من صاحبها نوعا من التماسك النفسي الذي يسمح له أن يعبر ، بغير قسمة ، عن لغة الجسد الحيوان المتحرر من ضوابط الادب و لائحة الرقابة الجمعية. هذا التماسك النفسي الذي نلحظه عند الطفل المنخرط في الرقص بلا تردد، هو تماسك الفطرة البريئة المودعة في دخيلة الطفل الذي لا يعرف العار ولا يبالي بضوابط المجتمع و الأخلاق. و هو مثل نبتة هشة تملك ان تتيبّس و تسقط في وهدة النسيان بفعل الإهمال، مثلما تملك أن تتفتت بفعل المنع و الرقابة المتوجسة من تعبير الجسد الحر. و من يفقد وديعة التعبير الجسدي الفطري ، على صورة ذلك الشاعر البارودي[ ياله من اسم!] الذي يفاخر بكونه ينتمي لجمهور " لا يملك سمعيه اليراعه المثقب " ينتهي به الامر في عصاب التوجس من حياة جسده .و تلك حالة مرضية يمكن الخروج منها بإعادة تربية تستهدف بناء رصيد الثقة بالجسد في خاطر الشخص. و مسار تعليم الجسد ينطرح كفعل تربوي إجتماعي غايته إعادة توطين الشخص في جسده و ردّه لأناه الفطرية. و في منظور التربية الجسدية يصبح الرقص مشروعا واعيا غايته إعادة تعليم الجسد و تذكيره بما نسيه ..
و هذا مسار بالغ التشعب لكنه ممكن التحقق لأن الجسد لا ينسى. أوكما عبر استاذنا المسّاح في واحدة من مسحاته الملهمة:
"الأجساد لا تخطئ و لكن تخطئ العقول "
[ محمود محمد طه، الإسلام و الفنون، محاضرة في كلية الفنون 24/9/1968، الطبعة الاولى مارس 1974] .
و تحليل اسلوب وجود عمر البشير في المجال العام فولة أخرى تحتاج لمكيال مستقل بذاته، لكني انوّه بها تنويها يسوّغ لي استبعاد فكرة " الإختيار " الواعي من جملة المواقف التي ينخرط فيها هذا النوع من الأشخاص. فعمر البشير يرقص ببساطة لأنه لم يغادر فطرة أناه الطفلة ابدا. و على المستوى النفسي للفرد " الزول " فالمسلك الفطري خصيصة " محمودة؟" تكشف عن براءة بدائية للمزاج النفسي الذي يؤهل عمر البشير للإندماج في أي عشيرة ريفية من جماعات منطقته الريفية. أما على المستوى المؤسسي لقيمة هذا الشخص الذي وضعته ملابسات السياسة السودانية على رأس جهاز الدولة فالبراءة الفطرية هي آخر ما ينتظره المواطنون في بلد التعدد العرقي و الثقافي من رئيسهم.
هذا الرئيس الإنقلابي الذي توصّل للسلطة لأنه قبل منطق المقامرة بحياته و التعريض بجسده ضمن لعبة العنف العسكري ما يزال ـ حتى بعد عقدين من إستقرار سلطته ـ ما زال في موقف التأهب للقتال و المواجهة مع خصومه.و موقف التربص و التأهب يموضع عمر البشيرفي "آليغوري" المبارز. و في هذا الأفق يمكن قراءة إصرار عمر البشير على أداء عرضاته المتكررة ،بمناسبة و بغيرمناسبة ، كحيلة في إحالة كل تعقيد تناقضات السياسة السودانية لبساطة المبارزة البدائية بين خصمين يحملان السلاح و يحسمان خلافهما بمنطق قاتل أو مقتول. و لعل هذا التلخيص هو الذي جعله يقبل مفاوضة الخصوم الذين حملوا السلاح في وجهه بل و التنازل لهم عن جزء مهم من غنائم الثروة و السلطة ناهيك عن التنازلات الرمزية على صعيد المشروع الآيديولوجي الذي حفـّزه على الإستيلاء على السلطة في مبتدأ أمره. و اليوم بعد أن أخذ حاملوا السلاح في الجنوب نصيبهم من الثروة و السلطة و " فرزوا عيشتهم "، ما زلنا نتفرّج على الرئيس البشير يعرض في هيئة المبارز على خشبة مسرح السياسة السودانية شاهرا سلاحه في وجه خصوم سياسيين عزّل إلا من سلاح الأدب السياسي. ربما لأن هذا الرئيس الذي بنى مجده السياسي من خبرته كعسكري محترف، خدم في جنوب السودان في فترة الحرب، لا يفهم من إشكالية السياسة السودانية سوى وجهها العنيف.و في مثل هذا الموقف فالرئيس عمر البشير الذي يتحدّى معارضيه العزل من السلاح أن "يطالعوه " " في الشارع " يجد نفسه في حال من " يعرض برة الحلبة " كما تعبر بلاغة الشعب الصابر الذي يعرف أن عمر البشير لم يتجاسر على " مطالعة" مسلحي "حركة العدل و المساواة" الذين عبروا السودان و وصلوا حتى الخرطوم دون ان يعترضهم مبارز!

ماذا يعرض علينا هذا الرئيس الراقص في عرضته المتجددة مرة بذريعة النكاية بالمعارضين المحليين ، و مرة لـ "مكاواة " الخصوم الدوليين و مرة ثالثة لمداهنة العاطفة الذكورية للعوام من مؤيدي النظام و مرة رابعة بذريعة الطرب الذي يأسر الخاطر الريفي البريئ؟
لدى الوهلة الأولى يرى الناظر ان الرئيس يعرض جسده على الملأ في الفضاء العام. لكن جسد الرئيس ـ مطلق رئيس ـ الذي يعرض في الفضاء العام لا يفلت من طائلة أدب "جسد الملك المزدوج " الذي يفرز بين جسد الرئيس كمؤسسة عامة و جسد الرئيس كشخص فرد خصوصي هو فلان ابن فلان و أمه فلانة بنت فلان و أهله ناس فلان إلخ . هذا الجسد الشخصي الذي يأكل الطعام و يمشي في الأسواق و يمرض و يموت ،لا علاقة له بالجسد الآخر العام المؤسسي الذي يمثـُل كأيقونة للسلطة و كتجسيد للدولة .و هو جسد لا يمرض ولا يموت لأن الدولة لا تستغني عن الإستمرارية و لا تطيق الإنقطاع في إتصال الوعاء المؤسسي الذي يجسده الرئيس. ذلك ان الإنقطاع يعني الفوضى و الفتنة. " و من كان يعبد محمدا فإن محمد قد مات و من كان يعبد الله فإن الله حي لا يمت" بهذه البلاغة السياسية صان ابو بكر الصديق إستمرارية المؤسسة بإعلان دولة الله وفق مقتضى الصالح العام لمجتمع المسلمين. بعدها بعهود انتبه الاوروبيون في القرون الوسطى لضرورة صيانة إستمرارية الدولة من خلال مكيدة الجسد المزدوج للملك.و قد نبه المؤرخ الالماني الامريكي "كانتوروفيتش" في مبحثه في الثيولوجيا السياسية، الجسد المزدوج للملك لأن موضوعة الجسد المزدوج للملك تخارج الأوروبيين من نظرية الحق الإلهي في السلطة بإختراع عقيدة براغماتية للدولة الحديثة مفرغة من المحتوى الديني القديم الذي كان يكرس الملك خليفة لله في أرض السياسة.
E .Kantorowicz,Les deux corps du Roi
The King's Two Bodies: a study in mediaeval political theology, Princeton University Press, 1997
.و هكذا فحين يعرض الرئيس جسده المؤسسي على الملأ فهو ،في نفس الوقت ، يعرّض بجسده الخاص في الفضاء العام .و هذا بعض مما يسميه السودانيون " كشف الحال ". و في مقام كشف حال الجسد الخاص فالأذي الرمزي الذي ينال من الجسد الشخصي ينتهي ، بطريقة او بأخرى إلى النيل من صورة الهيبة والإحتشام المفترضة في الجسد المؤسسي. و الهيبة و الإحتشام من المستلزمات الضرورية في صورة الجسد المؤسسي ، بل هي في موضع القلب من هذا الجسد الذي هو الدولة. و ما الدولة إن لم تكن ادبا تصنعه التصاوير و تعضده الطقوس و تسوغه العادات و التقاليد ؟ " الدولة أنا " كما جرت العبارة المنسوبة للملك لويس الرابع عشر حين زجر البرلمانيين الفرنسيين الذين كانوا ينازعونه السلطة في 1655 . و إذا كان في وسع ملك فرنسا أن ينتحل الدولة لشخصه في منتصف القرن السابع عشر فقد شهدنا ، في القرن العشرين،ذلك الرئيس المبارز و الدكتاتور " الفتوة " جعفر نميري الذي لم يكتف بإنتحال صفة الدولة فحسب بل طاب له إنتحال الشعب بحاله في عبارته المشهودة " شكرا شعبي !" عقب فشل إنقلاب هاشم العطا في يوليو 1971. و رغم أن عمر البشير و جعفر النميري قد توصلا للسلطة عن طريق الإنقلاب العسكري إلا أن لكل طريقته في إنتحال السلطة و تملّك الدولة. وربما امكن فهم الفرق بين اسلوب جعفر نميري وأسلوب الرئيس عمر البشير يكمن في كون الاول هو ابن المدينة الحديثة التي تتطلّع نحو يوتوبيا العدالة الإجتماعية على مراجع التقليد الثقافي الأوروبي [ التقدم العلمي الديموقراطية و التنمية الإقتصادية العادلة و الإندماج في الإقتصاد العالمي ] بينما يمثـُل الثاني كتجسيد الثقافة الريفية التي تحلم باستعادة مجد الإسلام الاول المفقود.و في هذا السياق فجعفر النميري لا يستشعر غربة في معية اولاد المدينة اليساريين مثلما ان عمر البشير يرتاح في " دفء العشيرة " الريفية التقليدية التي يستمد منها قناعاته الرمزية مثلما يستمد منها السند المادي للمارسة السياسية. و على صعيد خطاب الجسد الذي يهمنا هنا، يلتقي كل من عمر البشير و جعفر نميري في كونهما تضامنا على هدم صورة "جسد الملك " المؤسسي و فرضا على مسرح السياسة السودانية قبول صورة واحدة يتغول فيها البعد الشخصي لجسد الرئيس على بعده العام، بل و يسخـّره لأهواءه و نزواته و تقلبات مزاجه بأسلوب يضرب عرض الحائط بلوائح البروتوكول و اعراف السلوك و ضوابط الذوق العام.و قد شاع في خرطوم السبعينات أن الرئيس نميري كان يحتد مع معاونيه و لا يتردد في ضربهم [الرابط :
https://www.sudanradio.info/php/vb.353/s ... 3&langid=2
و قد سمعت ـ مثل غيري ـ شائعة مهندس هيئة الإدارة المركزية للكهرباء الذي رد الصفعة على وجه الرئيس نميري فناله عقاب رهيب من قبل رجال جهاز الامن. و لكن مهما كانت مصداقية هذه الإشاعات فهي تكشف عن ان تغول الجسد الخاص للرئيس على الجسد المؤسسي يهدر رصيد الحصانة الرمزية العفوية التي يتمتع بها جسد الرئيس.
و الجسد المؤسسي للرئيس ـ في نهاية تحليل ما ـ هو جسد للدولة التي تملك ـ باسم الصالح العام ـ أن تؤممه كملكية عامة و ترسم لصاحبه " بروتوكولات" تعرف أحوال حركته و سكونه ضمن امكنة و ازمنة سياسة الدولة.و الدولة في هذا الموقف تحمي سيادتها من مخاطر اهواء الجسد الخاص. فالرئيس الذي يلعب كرة القدم ـ مثل جعفر نميري ـ يعرض جسده لمخاطر العطب و العطل و الموت التي تملك ان تعيق استمرارية عمل الدولة. لكن جعفر نميري كان هو الدولة حتى و هو يجري وراء الكرة وسط اللاعبين مثلما كان هو الدولة و هو يتجول بين خطوط النار متوسطا بين الفرقاء في بعض نزاعات الشرق الاوسط بين الفلسطينيين و الاردنيين و غيرهم . و هذه المخاطرة المجانية في حق الدولة التي يجسدها إنما تكشف عن غياب الوعي بالمسؤولية التي يمثلها موقع رأس الدولة في العالم المعاصر. أو هي تكشف عن مستوى وعي بدوي بالعلاقة مع الدولة ، على صورة دولة صدر الإسلام. كما في الخرافة الشهيرة المنسوبة للخليفة عمر بن الخطاب الذي كان ينام في موضع عام مكشوف فاستحق قولة " أمنت فنمت". أو صورة النبي في حكاية ركانة الذي دعاه الرسول للإسلام فاشترط عليه ركانة أن يصارعه فصرعه الرسول اكثر من مرة حتى آمن. انظر الرابط
https://mathuba.org/vb1/showthread.php?t=20

و بعد..
لا بد ان عمر البشير سيظل يستخدم جسده كوسيلة من وسائل الخطاب السياسي السوداني طالما استشعر ان الجمهور يستحسن هذا المستوى من الخطاب و لا جناح... لكن الجناح يتربص بعمر البشير حين يستنفذ خطاب الجسد طاقته ، إما لأن الأسئلة السياسية المطروحة لم تعد تطيق البساطة الغوغائية لخطاب الجسد ، أو لأن الجسد الخاص المعرض للترهل و للمرض و للعجز يفقد فصاحته الكوريغرافية بمرور الزمن أو لمجرد ان الجمهور في الصالة قد بدأ يستشعر الملل من العرض المتكرر بغير تنويع . عندها سينمسخ المبارز لمجرد مهرّج في سيرك امام جمهور ضجر يستقبل عرضه بالسخرية و الإستهجان.
سأعود
صورة العضو الرمزية
عبد العزيز عبد الماجد
مشاركات: 111
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:34 pm
مكان: الرياض - السعودية
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد العزيز عبد الماجد »

سلامات يا حسن موسى..وجميع المتداخلين والمتابعين..

أسمح لي في مشهد حديثك عن "العرضة" ببعض الإضافات.
ومن خلال إنتمائي لمنطقة، رقصة العرضة فيها هي التعبير الجسدي الوحيد للرجل. كما وأنني في إجازتي الأخيرة للسودان، في عيد الأضحى الماضي، كنت محظوظاً أن عايشت عدداً كبيراً من حفلات زواج مختلفة في قرى وحلاّل منطقتنا، منطقة (المحمية) بوسط الجعليين.
هذه المعايشة الممتعة، لتلك المهرجانات الشعبية، قصدت منها النظر الى مشهد حفلات أهلي الجعليين، أغانيهم وحركاتهم.وفوق هذا وذاك حنين أرجعني لايام خوالي عشتها في تلك البيئة.
فطالما أننا سنتحدث عن رقصة العرضة، أسمح لي بالمرور على متطلبات مناخ العرضة، اي الغناء والإيقاع والذي على ضوئه تتم ممارسة طقس الرقص.
بشكل عام ما زال الغناء الشعبي بنفس ملامحه. إيقاعياً فالغناء هناك يخدم رقصة العرضة، بشقيها الثقيل والتي تعرف بـ"الصقرية"، والخفيف "العرضة".
فالغالب في مشهد حفلة الجعليين يبدأ الفنان بإفتتاح الغناء بنم أبيات من الدوبيت، وهو في شكله يحمل نفس صفات الدوبيت المعروفة، وتحديداً في منطقة البطانة، مع الإختلاف في بعض الكلمات التي تخص تلك البيئة، ومثال لذلك:
(يا سِيدي الحسن يا الجِّدك العباس
تجمعو شملي بي زولاً صغير حسّاس
أنا ما بخليهو أكان انضرِب رصاص
سِم من إيدا أخيرلَيْ من عسل عِن ناس)
-----
(مالكَن شيبنا بِتدُورَن تخربَن كُبرُو
مالُو قلِبنا عوّدتنُوا علي قيد صبرُو
نسيتننا الموت والشِبِر في قَبرو
خليتننا اللّعوج نَسِي وما نخبرُو)
-----
(مشتول القرير السيدو متّن دربو
إسم ما بجيبو الناس تشيلو تخربو
سهمك مدفع ألمانيا الـ بي قوتو أعلن حربو
قصدي أنا منك شبال واحد أتسحّربو)
(عمر الحواري- منطقة كبوشية)
-----
(فِيْ جرحاً مِنوسِر مالِقيتلُو مضمِّد
دا ما لان ..يسيل نامِن بَراهُو يجمِّد
من السهَمُو ضارِب في القلِب مِتعمِّد
تنوم السُقدة كان عيني تنوم وتغمِّد)
(عبدالرحيم الدامر)
---------

هذا الدوبيت الإفتتاحي للحفلة، تلازمه رقصة تعرف هناك بـ "المقص"،وهي عبارة عن قفزات عالية، متتالية، تتبع إيقاع الدوبيتة من خلال اللحن.
مثل ان يقوم أحدهم ويوقِّت لقفزات عالية أمام الفنان، مع إنتهاء البيت الثاني او الأخير للدوبيتة، بحسب زمن اللحن وإيقاعه.وقد يكتفي آخر فقط بضربة قوية برجله على الارض (او حتى بيده).مع رفع العصا، او ما يحمله في يده مبشّراً.
وبالطبع هذا الدوبيت الإفتتاحي لا تتبعه أي إيقاعات ، ربما بعض النقرات على "الشَتم"، او "الدلوكة" إن لزم المشهد ذلك.
بعد هذا الدوبيت يشرع الفنان في الغناء على الإيقاع الثقيل، وهو إيقاع يخدم رقصة "الصقرية"، والتي كما أوضحت أنت، تقوم على التباري بين شخصين. وكثيراً ما كنت اشاهد في الحفلات الأكثر ترتيباً، تترك هذه الرقصة لأشخاص محددين، لهم دراية بفنون
"التَـبَّـة" والقفزات الموزونة الحركة مع إستخدام العصا او السيف، في التباري والوصول الى الخصم ضرباً وصرفاً.وساعتها حيث تكون ساحة الرقص "الدَارة" فيه أكثر هدوءاً وأكثر إتساعاً حتى يأخذ راقصي الصقرية المساحة والمناسبة.
وفي بعض الإحيان يضع المتبارييّن في رقصة الصقرية، يضعان "طاقية" مثلا في وسط الدارة، فيقومان بالتباري عليها وصولاً ومنعاً.
(حسب ظني أن هذا الضرب من الرقص -الصقرية-لا يجيده كل الجعليون، وإنما الأكثر بدواة فيهم، او قل أهل ثقافة الرعي، تحديداً. هذا بحسب تصنيف ما ينشغل به الجعليون إما رعي او زراعة.فأهل الزراعة لهم صفاتهم ولهم تقاليدهم وثقافتهم وهي تختلف من اهل الرعي. او هو ما يعرف هناك بتصنيف جعليين البحر وجعليين الخلا.!!!).
الذي يدعم هذا القول هو أن رقصة الصقرية -وهي مأخوذة من مشية وقدلة الصقر، بكامل دلالته- هذه الرقصة وبحسب مشهد حركتها تحتاج الى أزياء محددة. فجلابية "جعليين البحر" لا تسمح بهذا الضرب من الرقص والحركة. بينما "جعلي الخلا" وبعراقيّه وسرواله مع السديرية، والتوب العشاري، في بعض الأحيان، يسهل عليه أداء هذه الرقصة.
و الملاحظ أن الغناء الذي يماثل رقصة الصقرية، غالباً ما تحمل كلماته مدحاً وشكراً. تمكِّن الراقص أن يدخل في شخصية الممدوح المشار إليه في الأغنية، بينما أغاني رقصة العرضة يمكن أن تشمل الغزل والعاطفة وغيرها.

(في الفترة الأخيرة ظهرت فرقة تتبع لقبيلة البطاحين، تقوم بأداء رقصات على إيقاع الدلوكة، من ضمنها رقصة الصقرية-ورغم تحفظي على ما تبدو به رقصة تلك الفرقة- لكن بلا شك هي تمنح صوراً لمشهد رقصة الصقرية بشكل عام.).

قلنا كل ذلك يقوم على إيقاع الأغنية الإفتتاحية الثقيلة، ثم بعدها ينتقل الفنان عبر ما يعرف بالـ "الكَسرة" وذلك بتخفيف الإيقاع وتسريعه، إنتقال الى إيقاع يخدم رقصة العرضة التقافزية.والتي في غالبها الأعم تتم بين شخصين متقابلين. يقفزون أربع او خمس قفزات، يراعى فيها الإتزان والإنضباط مع الإيقاع.
ثم يتم تبال الأماكن بين هذه الشخصين لتكرار نفس العدد من القفزات. ومن خلال ملاحظاتي للعرضة في مناطق الجعليين، تبدو لي بعض الإختلافات بحسب كل منطقة، حيث يلاحظ ان قفزات العرضة في الجزء الشمالي لمنطقة الجعليين يهتمون بمدى إرتفاع القفزة الى أعلى.
ومثلاً في مناطق وسط الجعليين يهتمون بالقفزة المنضبطة مع الإيقاع أكثر من إرتفاع القفزة. وفي جنوب المنطقة تلاحظ المقصود فقط هو الرقص والإهتزاز في شكل العرضة، دون الإنتباه للقفزة العالية او عدد قفزاتها، كما في بعض المناطق تغيب فكرة تبادل الأماكن بين العارضين.
وعلى اي حال الرجل الخفيف الوزن القفّاز والوثاب، هو الأوفر حظاً في مشهد عرضة الجعليين.

ولا يفوتني ان أشير الى ملاحظة أن الجعليين ووفقاً لرقصة العرضة، اول ما يهمهم هو الإيقاع، في المقام الأول، ثم بعدها تأتي كلمات الأغنية. وهذا ما إنتبهت له (فرقة حِميرا)الفرقة النسائية و(العظيمة -علي قول صديقنا محسن خالد)، فحِميرا أسست لها مكانة وسط غناء الجعليين الشعبي، بخلقها لإيقاع من دلوكة، يقول البعض أنها مجلّدة بجلد الكلب.!!!!.

وحقيقة الذي يعايش حفلات فرقة حِميرا ، ويلاحظ ما يفعله إيقاع دلوكتها والتي يقوم على عزفها الرجل الوحيد وسط الفرقة، آخرهم كان عازف ماهر إسمه "دَوْدَوْ".
نعم حِميرا إنتبهت تماماً لمتطلبات خطاب الطرب عند الجعليين، فبعد إيقاع الدلوكة الأقرب للنحاس في فعله، إنتبهت أيضاً لخطاب الأغنية، ولذلك جاءت أغانيها ما بين المدح والشكر وتعديد صفات الكرم والشهامةوغيرها، مما يروق للجعلي أن يسمعه.
ولا يفوتنا ان حِميرا غنّت كثيراً للسادة الختمية، ورغم من ذلك يتقبل حتى الأنصار من الجعليين يتجاوبون مع هذه الأغاني بكل رحابة صدر، وفقاً لمشهد الطرب داخل دارة
حفلة حِميرا "المرأة" المغنية، والراقصة أيضاً فقد كانت بعض عضوات فرقتها يقومن بالرقص ، فتنهمر عليهن قروش الجعليين، "الطرابى"، بنفس طريقة "النُقطة" المعروفة، فلا زلت اذكر مشاهدتي لأحدهم وهو يهز فوق فرقة حِميرا، يثم يخرج "جزلانه" فيلصلق على جبهة كل واحدة منهن ، ورقة مالية، بينما يرتفع الإيقاع "والشتم" شاكراً للمانح "نُقطته".
قلنا أن حِميرا إنتبهت لنفسية وثقافة الجعلي، لذلك إستهدفت في غنائها عِلية القوم، وغنّت لبعض الشخصيات المعروفة من عمد ومشايخ في منطقة الجعليين.
لكن كان واضحاً تغنيها للسادة الختمية وخصّهم ببعض الأغنيات، نذكر منها على سبيل المثال أغنيتها "طاهر العُمامة" والتي تقوم على إيقاع رقصة الصقرية:
(طاهر العُمامة بجِينا
الليلة ليهو..
الليلة يا دُخرينا
ود عِثمان مِنوِّي الجيَّة
وقالوا مِشِّرف المِكنيَّة
الخايلة فوقو الليَّة
وسمحة الجلسة في الحولية
ود سيدي جِيد لي بلدو
سمّوهُو البَحر للـ وَردوا
الختمية هاشوا وعَرَضوا
الفِي الكون يلوح نُور ولدُو
شدولُو فوق همّامُو
وشالُوا السباين وقامُو
ناس ود سِيدي ما بِتلامُو
دا كل العالمين خُدَّامُو
شَدولُو فوق مَربَيتُو
والزين والسَمِح سوِّيتو
العاجِبني انا دابي لِقيتُو
لي زيارة الحبيب في بيتو
دا طاهر العُمامة الزِينة
الليلة ياحِليلُو قال طارينا).
-------
وكذك غنّت حِميرا، وللسادة الختمية أيضاً:
(العظيم في الشان
جانِي القاش ملان
جناح جبرين فوق الخَتِم عِثمان

شدولو فوق خيلُو
ومرقوا النحاس هِيلُو
البياباكُن يا ويلو
وِداعة الله يا حليلو

يا يابا أب عصا يا قُبة الجوير
يا مرَت سِنكات أُم باعاً طويل
قول لأولاد بشير
كلِّموا أولاد نصير
إن شاء الله الداعي خير
يُمة آريد الخير
بلحق هواي بالليل
في الطليان بغير
نشلني من البير

جانا سايق الفون والنحاس شمسان
الليلة قاموا الخُلفاء وقفوا ريقان
شال الفاتحة ليهم طيّر الطليان

يا سِت الشرَف
سِت الجبل السرَف
جونا كَف و كف
وقّفونا صف
والبيازانا يا سيدي أديهو كف
او (البِيابانا يا سيدي أديهو كَف)

جَرجَرتا وبَنِم
فوق طاهر الجِسِم
أب جاهاً بِعِم
واب حوشاً بِلِم
يا خَتِم ..يا خَتِم
إن شاء الله ما نِنقَسِم
الأمان يا خَتِم
إن شاء الله ما نِنقسِم.
-(لاحظ للإشارة من شر "الإنقسام". والأغنية تخص الختمية.!!!!!).

الجميل والمبدع في بعض أغنيات حميرا، أنها إبتدعت في بعضها بناء لحني مختلف عن السائد، وهي انها تبدأ بإيقاع رقصة الصقرية،
ثم تنتقل الى الإيقاع الخفيف، ثم ترجع مرة أخرى للإيقاع الثقيل، وهكذا.وكل ذلك في أغنية واحدة.
وفي ظني ان ذلك يشير الى مدى إنتباه هذه المرأة المبدعة، بحق وحقيقة الى فعلها الإبداعي.وهذا ما كان يصدّقه مشهد دَارة حفلة حِميرا.
-------------------
في الرقيص سوِّيتي البِدع
شــرّفتي هذا المجــتمع ..
يا بِتّـنا ..


بخصوص رقصة عمر البشير، الملاحظ أن المتأسلمين الجعليين، والمتنفذون منهم، وفي محاولاتهم لجر أغنية الجعليين ضمن خطابهم التعبوي، ومن خلال سماتها ومميزاتها، حاولوا فرز ما يصلح لبرنامجهم في التجييش، والسَوق الى محرقة الحرب، فحاولوا أن يأخذوا من أغنية الجعليين ما يصلح أن يكون أغنية جهادية، لذلك تربع الفنان محمد الحسن قيقم، على أغنيات التجييش والجهاد، ووفق إيقاع عرضة الرئيس البشير. وبالتالي قصد الإسلاميون ان يرقص رئيسهم على الإيقاع الذي يعرفه.حتى أن قيقم أصبح يظهر ويغني في مواقع العمليات في الجنوب.بأغنيات أسموها بالجهادية.
محمد الحسن قيقم، هو فنان شعبي، عرفته مناطق الجعليين من قبل الإنقاذ. منطلقاً من عطبرة. وهو فنان يجيد التغني بأغنيات الحقيبة المعروفة. والغريبة أن قيقم هذا كان قبل الإنقاذ معروف بتغنيه لأغنيات تهز مشاعر "الأنصار" خاصة أغنيته التي ترد فيها عبارة "الموت في كرري الضِحىَ".التي يعتبرها الأنصار انها تحكي عنهم.
وأذكر أن قيقم هذا، وانا طالب في مدرسة الدامر الثانوية، حضرت له حفلة زواج في منطقة العالياب، فغنى فيها رائعة "بابكر ود السافل" أحد رواد أغنية التراث الجعلي، التي يقول فيها:
(الجَدي العام وإنفدع يا بِتنا
شوف عيني السُكر نقَع
يا السمحة وكت الليل هجع
ليكي اللبيب غنى السَمع
في الرقيص سوِّيتي البِدع
شــرّفتي هذا المجــتمع
ديسِك لاحِم كاسي الضلع
ووجهك القمر الطلع
الخدود نوارن فَقع
والسِنون برَّاقِن شلع
وجهك عالي والنهد إرتفع
والضمير زي صيد القلع
هزّ بي شبالو ولكًع
كل الشافِك جنىَّ ووقع
لي سداد مالِك دفـع
ميتين جنيه غير القِطع
جبتا اللجاويد ليك ما نفع
قالو ابوها للخُطاب منع
يا قِصيبة السكر نقع
المروية من نيل مُو تُرع
قلبي هديتك وما رجع
أرضي بالنار والولع
فيها روًّح و ما رجع
وفوق سرير النوم إنجدع
قلبو خالي وانا قلبي في وجع)..

نعم لن يسمح إسلاميو الإنقاذ والجعليون منهم، لن يسمحوا لقيقم أن يغني مثل هذه الأغنيات في أجهزة إعلامهم. أو قل قد إختاروا أن يغني قيقم للبشير :
(عزة السودان نحن حُراسا
وعركة الميدان نحن فُراسا
نادوا لي ناسا..)
كما غنى للميل أربعين.
يغني لهم ذلك حتى يرقص ويعرض و"يتضرّع" البشير وزمرته، إن كان قيقم يغني لهم ذلك، فالواقع يقول أن قيقم وبقية فناني الجعليين لا زالوا يغنون، أغنيات لم تنطمس كلماتها ولم "ينطمس " مغنوها او متلقييها، فالجعليون لا زالوا يعرضون ويصقِّرون على أنغام:
(في الرقيص بي صديرا
تِتفنن تقلِّب لي رفاقة طيفا جادعا بديرا
زي الموج تلاعبو صديرا
عليها إسم الله يا بديرا
دي المفدوعة ورُخسة
وبالوضيب مردوعة
دي بي ثناها مي مخدوعة
عِن رب العِباد مودُوعة
المرنوعة
زي شمس الغمام
في طلوعا
إتنين..)

عند قيقم نفسه.وكذلك:
(جنا الوِزين طمبرولُو وعام
حيّر الافكار جملة خاص والعام
البِطير بالجو والعلي الاقدام
كل الشافوهُو صابتُن أوهام
...
....
ما بنوم الليل يا زميل مالي
جِدي الصيد الشغل بالي)

هذا هو قيقم في حفلات الجعليين، وكذلك:

(شوفوا المايحة طربانا
بِِتترنَح والقوام بانة
بي نشَّابا ضاربنا
والبِنقُولا غالبانا
الملكة يا فلانة
....
....
دي الخِجِّـيلة
ريّسوها فوق جِيلا
الملكة يا حليلا).

نعم هذه هي أغنيات قيقم الفنان الذي ركب موجة أهل الإنقاذ فأصبح فناناً جهادياً، هذه هي أغانيه عندما كان يغني لجمهوره في مناطق الجعليين، قبل أن "ينطمِس" و"يتطرطش" بغناء التهليل والتكبير والتجييش للمحرقة، وحتى يرقص على إيقاعه، إسلاميو الإنقاذ وعلى رأسهم البشير.
فغناء الجعليين مثل غيره، حافل بكثير من النصوص التي تجعل من "دَارة" الحفلة- المختلطة بالطبع- دارة "لِعِب" عامرة، بما فيها غناء الغزل الصريح. لذلك إختار الإنقاذيون من غناء الجعليين إيقاعه، وبعيداً عن كلماته.
ولا زالت في ذاكرتي صورة ذكل الفنان الشعبي، من إحدى حلاّل الريف الشمالي لمدينة شندي، وأذكر أن إسمه "ود النِزيهة" ، كان يأتي للحفلة وهو يحمل عصاً خفيفة لا تفارق يده، حتى أثناء الغناء، ود النزيهة مربوط في ذاكرتي بدوبيتة يفتتح بها حفلاته، يقول في آخرها (والمابي البنات حد الله بيّنا وبينوُ)!!!. وأذكره عندما يقول هذه العبارة، يضع خطاً "شخيت" على الأرض بعصاته التي يحملها.وكأنه يقول هذا حد فاصل بيننا وبين من لا يريد ذكر النساء في الغناء.!!!.

هذا مع خالص التحايا لكم جميعاً..

[align=right]
آخر تعديل بواسطة عبد العزيز عبد الماجد في السبت إبريل 09, 2011 11:52 am، تم التعديل 5 مرات في المجمل.
صورة العضو الرمزية
عبد العزيز عبد الماجد
مشاركات: 111
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:34 pm
مكان: الرياض - السعودية
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد العزيز عبد الماجد »

صورة
-----------
هذه لقطات مأخوذة من فيلم زواجي، بالمحمية عام 2005. ففي صبيحة يوم الزواج وأمام منزلنا العامر، تمت لعبة خفيفة لرقصة الصقرية، بين بعض أبناء عمي. رغم أنها كانت صغيرة تأخذ شكل التمرين، ولكن أتمنى ان تمنحنا بعض المشاهد لرقصة "الصقرية" وحركات راقصيها..
(مع ملاحظة ان العريس يظهر في لقطة عرضة..:))..

-----------
صورة
هذه صورة من زواج أحد أبناء عمي في عيد الأضحى الماضي. ويبدو مشهد البُطان، ويلاحظ إصطفاف الصبيان "الراكزين" للسوط.
من خلال مشاهداتي الأخيرة، لاحظت ان عادة البُطان، أصبحت حاضرة في حفلات الجعليين، بشكل مخيف. مخيف لأنها تبدو ليست كما السابق. وإنما الشباب الممارسين لهذا الطقس، يمارسونه فقط كتأكيد لإنتمائهم القبلي في زمن إستشراء الخطاب القبلي في السنين الأخيرة. فحتى شباب جعليين البنادر، الذين كانوا بعيدين عن هذا الطقس، أصبحوا أكثر ممارسة له. هذا الطقس الذي كان قد إنحصر فقط على الجعليين المستقرين في مناطقهم. عاد البطان وإن كان قد فقد كثير من مميزاته وصفاته. فبنات الجعليين الآن لا يكترثن كثيراً للشاب او "الجرِّق" الذي يركز للسوط. على اي حال بدأ لي في حفلات الجعليين في السنين الأخيرة، أن الأمر واضح أنه متأثر بالخطاب القبلي القبيح. ولي عودة لهذه النقطة.!!!.

---------
صورة

هنا تبدو دَارة، حفلة الجعليين، ويلاحظ المساحة الشاسعة، التي تسمح بالعرضة والرقص والصقرية. كما تبدو جموع المشاركة الإجتماعية في الإحتفاء بالزواج. وملاحظة الترتيب لفكرة الإحتفال نفسها.


ولكم التحايا
ãÃãæä ÃÍãÏ ãÍíí ÇáÏíä
مشاركات: 101
اشترك في: الاثنين ديسمبر 26, 2005 9:15 am
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÃãæä ÃÍãÏ ãÍíí ÇáÏíä »

يا عزيز
مداخلتك ذكرتني رحلة الي العبيدية لمشاركة المصمم هارون عبد الرحيم احتفالات زواجه في عام 1983، وقد كنت سعيدا اذ ازور المنطقة لاول مره بدأ الحفل بعد الغروب حيث تجمعت النساء في جانب مستدير والرجال في جانب مواجه، وكان الكل مبتهجا ثم دخل المغني المحلي وفرقته وبدأ مطلقا الجملة الاولى من أغنيته:

شتلة الموزة
طلقت النار فينا البلوزة

ومع المفتتح هذا دخلت الحلبة مجموعة متراصة من الفتيات في رقصة مجموع جميلة لم ينتظر الشباب كثيرا اذ سرعان ما اندفعوا متقافزين للرقص حول الفتيات.. وكلهم يحملون عصى يهزون بها عين السماء.
ثم بدا الاحتكاك اذ دخلت مجوعة اخرى من الشبان المتحمسين للرقص.. وفي لحطة خاطفة تعمرت معركة وساد هرج سرعان ماخلف دماءا،، توقف معها المغني عن ولوج المقطع التالي.. ثم دخل الناس لفض الاشتباك مع انسحاب سريع للحمامات الراقصات.. وكان انفضاض الحفل ،، وكان الليل والقمر والنسيم على موعد مع اللغط والضجيج والتلاسن،،

المهم خرجنا مع مجموعة من شاب اهل العريس الي قوز بارد لمواصلة الجلسة والانس البديع.. وعرفنا ان بالبلد فريقين: ناس فوق وناس تحت، وان مجموعة الراقصات كن من احد الفريقين ودخل شباب فريقهن للرقص حولهن باعتزاز،
لكن المجوعة التي تلت من الراقصين الشباب كانت من الفريق الآخر لذلك شعر شباب الفريق الاول بالغيرة و (الحمشنة) فكان العراك وكانه دفاع عن اعتداء!
لكن بعد ذلك كان الفريقين في كامل الود والضحك

انظر الي الدلالات في الاغنية:
تشبيه جسد البنت وكانه شتلة موز
كذلك زي (البلوزة) ذو الدلالات الحداثية في قرانا وقتها
وكيف انها (طلقت النار) التي اهاجت الشباب

وكيف حُملت رقصة الفتيات كل صراعات القرية التقليدية
انه جيبولتيك جسد مصغر نصادفه في كل اريافنا العتيقة

التحية للزميل هارون ولاهالي العبيدية لكرمهم الجميل
(في نفسي ذعر من جميع المهن)
آرتور رامبو
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

عرضة عبد العزيز و شكلة شباب العبيدية

مشاركة بواسطة حسن موسى »

عرضة عبد العزيز و شكلة شباب العبيدية

سلام للجميع و تحية خاصة و عرفان للتشكيليين [عبد العزيز و مأمون و آخرين] اللذين اتقاسم معهم فكرة الرقص كتعبير تشكيلي وسيلته[ و غايته] حياة الجسد. فحديث الجسد لا يكون ما لم نتضامن عليه كل بحسب نظرته. و حديثك و تصاويرك يا عبد العزيز كنز عظيم اتأمل فيه كل يوم و أمنـّي النفس بالمزيد فلا تبخل علينا ينوبك ثواب.
رغم إحتفاء مغني العرضة أمام العارضين الذكور بقدر الإناث كقيمة جمالية مركزية في سبيلها يقتحم الذكور حلقة المبارزة و البطان:
" المابي البنات حد الله بينـّا و بينو " [ ود النزيهة] ، إلا أن من ينظر في مجموعة الصور الفتوغرافية التي توثق للعرضة و للبطان يلاحظ غياب النساء من المحفل. و لا أدري ما إذا كان تفسير هذا الغياب يكمن في خيار زاوية إلتقاط الصور أم أن غياب النساء من محفل العرضة و البطان أمر مؤقت و رهين بالملابسات السياسية [ الإسلاموية] التي ألهمت الناس ان يعيدوا صياغة بنية المحفل التقليدي التي كانت تشمل الجنسين في الماضي ، فما رأيك ؟
لا شك ان العرضة ـ مثلها مثل أوجه التعبير الثقافي الأخرى التي تتم في الفضاء العام ـ لا تنجو من تأثيرات التوجه السياسي للسلطات . و قد تطرقت في مطلع هذا الخيط لبعض من هذا في الرابط
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... b4cef76b3b
يا مأمون مشاجرات الشباب الشعائرية في حفلات الاعراس جزء اصيل من بنية محفل العرس، و ربما كانت محاولة ملتوية لرأب الصدع الذي صنعته الحياة الحديثة في جسم المحفل التقليدي الذي يكون البطان فيه مرتبطا بجملة من المواقف التأهيلية التي غايتها مساعدة الشاب اليافع على عبور القنطرة الممتدة بين ضفتي الطفولة و الرجولة و مقاربة الإناث و تأسيس العلاقة معهن ضمن التأطير الذي ترتضيه الجماعة. و" لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى حتى..إلخ
"..
سأعود
ãäÚã ÇáÌÒæáí
مشاركات: 118
اشترك في: الثلاثاء مارس 17, 2009 2:07 am
مكان: واشنطون دى س

مشاركة بواسطة ãäÚã ÇáÌÒæáí »

أخانا الذى فى باريس
تحياتى
رغم أننى كنت اتابع هذا الخيط .. ولفترة طويلة، إلا أن طوارئ المعايش ابعدتنى فترة عن كافة الأسافير، ولم يعد متاح الوقت يكفى، إلا إلى بعض ونسات جانبيات فى الفيس بوك، وربما نظرة هنا ونظرة هناك... وواحدة اخرى.. وكنت على عجل، حنى لفتت انتباهتى الصديقة نجاة محمد على الى العمليات الجراحية النقدية الدقيقة والتى اجريتموها فوق جسد أغنيتنا المسكينة، قيل، لإستئصال ورم سوسيوبولياتيكى إحتاج من وجهة نظركم الى مبضع النقد.

يازول، قد جئت جاريا أرى ماذا يريد منى حسن موسى، فوجدت أن القراءات السالبة، تشاركت معك فيها الصديقتين نجاة وسارة حسبو!!! حسبى الله ونعم الوكيل!!

من نافلة القول ( يعجبنى هذا التعبير كثيرا ولم تسنح لى فرصة لاستخدامه... فشكرا.. للفرصة)
أقول أن من نافلة القول، وللأسف العميم أن ملاحظاتكم جميعا جاءت صائبة، من حيث الموضوع، أما من حيث الشكل، فيمكننا أن نتغالط حتى السنة القادمة فى أن تلكم الاستخدامات، رغم فلتانها البائن، انما ركبت بالضبط حيث يجب لها أن تركب!!


" .. العوجة يا بت
في الكلام الما تمام
في الإنصياع الأعمى للوالي
الوقف مفنوس و يترقـّص كما خنثى الحمام .."


الإشارة هنا ليست للرقص أو الرقيص. وإنما ( للتِرِقِصْ ) وليس أى ترقص، وانما ترقص الوالى الذى جاءنا يدحرج شرع الله امامه، وراح، قال، يأمرنا بالمعروف، ولم يتمخض معروفه هذا سوى النظر فى كسوة النساء، وبنطال تلك وطرحة هذى. وهاك ياجلد ومرمطة، قيل لأجل اقامة مجتمع معافى من كل عيوب الملاهى الدنيوية!! ثم راح، بالضبط يترقص كما خنثى الحمام!! مفنوسا كما العروس فى بهاء ليلة دخلتها!! موشحا بالأصفر والأحمر والمقصب والمذهَّب. هذا هو المنظر الذى طاف بخاطرى وأنا أنجر تلك الكلمات.

وانت نفسك قد جبت المفيد هنا

ففتوى د. عبد الحي يوسف تستحق التأني لأنها تتعلق بموقف ديني ناقد ـ بشكل غير مباشر ـ لمسلك رئيس النظام الذي يرعى الإسلاميين السلفيين و يمكّنهم في اوصال المجتمع ماديا و رمزيا

ففيم نحن متغالطان؟؟
ربما سلبية ارتباط الأمر بالجندر، هى التى أثارت حفيظتك النقدية، وعموما اتفق فى إن الامر لايخلو من الإشارات السالبة.


نجئ لنجاة

ليه يا منعم، أماتو شِنْ سوّن؟ العار ده يتشال من مرة عشان تلبسو مرة
غيرها؟ العار يلبسه وحّدو وبراهو وتلبسو أجهزة قمعه.


لا يانجاة، عليك الله عاينى للنصف الآخر من الكوب. الأم التى تنجب مثل هؤلاء الأبناء، ولاتحسن تربيتهم ثم تطلقهم فينا مثل كلاب لهب، تستحق أن تلبس العار الذى يحاول ابناءها إلباسه لبنات الناس التانيين!!

ولم نسمع بواحدة قالت لولدها ( سأقطع شطرى إن لم تترك هذه الشغلة المايلة ) بل تراهن مبسوطات من اشتغال ابنائهن بأمور إزلال خلق الله. وعليه فليس لهن حق الاستفادة من وضعهن كإناث..أو حتى كبشر!! ولاتجوز عليهن الرحمة.

إن الغرض الرئيسى من كل تلك العملية هو كسر عين الفتاة وأهلها!! فلنرد اليهم بضاعتهم !!

ثم تعالوا هنا تسألكم بالله، هذا هو الجزء السالب من الأغنية. فهل أفهم أن بقية الأغنية ايجابى؟؟ وطالما هو كذلك لماذا لم تقولا به!!!؟ خاصة، وكما قالت سارة حسبو

لولا اننا سننتبه

يعنى انتباه النقد عندنا لاينظر إلا الى الجوانب السلبية من المسألة ويهمل حتى الإشارة الى الجوانب الإيجابية؟؟

على العوم ...الله فى.

منعم الجزولى
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سميرة ابراهيم في وجه الغول العسكري

مشاركة بواسطة حسن موسى »

ÇáÝÇÊÍ ÅÈÑÇåíã æÏíÏí
مشاركات: 30
اشترك في: الأحد إبريل 30, 2006 7:52 am
مكان: الخرطوم - السودان
اتصال:

مشاركة بواسطة ÇáÝÇÊÍ ÅÈÑÇåíã æÏíÏí »

...
آخر تعديل بواسطة ÇáÝÇÊÍ ÅÈÑÇåíã æÏíÏí في الخميس ديسمبر 29, 2011 4:57 pm، تم التعديل مرة واحدة.
ÇáÝÇÊÍ ÅÈÑÇåíã æÏíÏí
مشاركات: 30
اشترك في: الأحد إبريل 30, 2006 7:52 am
مكان: الخرطوم - السودان
اتصال:

عام الجسد

مشاركة بواسطة ÇáÝÇÊÍ ÅÈÑÇåíã æÏíÏí »

عن (الشرق الأوسط) الاربعـاء 03 صفـر 1433 هـ 28 ديسمبر 2011 العدد 12083

عام الجسد
مأمون فندي
بدأ عام 2011 بشاب تونسي يضرم النار في جسده في العلن في سيدي بوزيد، تلك المدينة التونسية المهمشة، وقامت الثورة في تونس على رماد جسد محمد البوعزيزي، وانتقلت النيران من جسد البوعزيزي إلى كل الجسد السياسي العربي إلا قليلا، وهاهو العام ينتهي بجسد فتاة مصرية يعريه جنود الجيش المصري في الشارع وفي قلب الميدان ولا نعرف ما الحريق الذي يليه، أم أن النيران لا تنتقل عدواها من أجساد النساء كما تنقلها أجساد الرجال؟ إنه على ما يبدو عام الجسد العربي حريقا وتعرية.
الجسد والسياسة حالة عالمية، لكنها تتخذ منحى خاصا في الحالة العربية؛ فمعركة الحداثة في تركيا مثلا كانت على علامات الجسد، ممثلة في لباس الرأس (الطربوش)، الحال نفسه كان بالنسبة للباس ماو تسي تونغ في الصين، فما يوضع على الجسد أو ما يخلع عنه كلها رموز سياسية لها دلالتها؛ فالجسد هو لوحة الإعلانات الأولى في معظم الحضارات.
عندنا اللحية والزبيبة والعمامة كلها رمزيات دينية في أعلى لوحة الإعلانات وهي رأس الإنسان، وعندنا الحجاب أيضا، وغالبا لا تتحدث الحضارات عن أدنى اللوحة أو حتى وسطها؛ فليس هناك تحريم أو تجريم للبس الأحذية مثلا من عدمه؛ لأن العين تعترف بما في مستواها وما يقابلها؛ لذا تجد التشديد في معظم الحضارات على الجزء العلوي من الجسد.
النقطة الأساسية هنا هي أن الجسد سياسة، وما قام به البوعزيزي في تونس أو ما قام به الجنود في مصر من تعرية جسد الفتاة كان في صميم السياسة، كما أن الحديث المصري الذي انشغل بملابس الفتاة على حساب الجريمة هو حديث الجسد وحديث السياسة في الوقت ذاته.
الجسد هو حكاية العرب الأولى والأخيرة في السياسة والثقافة، هو مركزية التناقض العربي، هو المقدس والمدنس في النفس ذاته والجملة ذاتها والرجل ذاته والمرأة ذاتها، وفي حرقه إنهاء لهذا التناقض، كما في تعريته أيضا وسيلة أسهل للقضاء على التناقض ذاته، جسد المرأة وجسد الرجل وجسد السياسة وجسد الوطن.. كلها مدنية في الصباح ومقدسة في المساء أو العكس.. إن مأساة العرب الأولى هي مأساة الجسد. من حالة الخلط بين جسد المرأة وشرف القبيلة والعائلة إلى تفخيخ الجسد كحالة استشهادية جهادية شاهدناها في فلسطين والعراق، إلى ضرب الجسد في احتفالات الشيعة، إلى التعذيب في السجون، إلى الرجم وإلى جرائم الشرف.. كلها معضلة جسد، وإذا كان الأمر كذلك فما الذي يجعل هذا العام عام الجسد، إذا كانت للقصة أبعاد عالمية وكذلك أمور سبقتها محليا؟
الإجابة ببساطة هي أن تناقل الصور الجسدية هذه المرة بوسائل الإعلام الحديثة جعلها أكثر تركيزا وتعظيما، وكانت آخرها تلك الصورة للفتاة المصرية العارية تماما، المتداولة على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت). كانت سياسة الجسد في السابق محصورة في حدث صغير أو محدود، أما هذا العام فتأثير الجسد أحدث ثورات وحشد الملايين في الشوارع من النساء والرجال، جميعهم مدفوعون بسياسة الجسد في قلب جسد السياسة. ومن هنا جاءت الخصوصية هذه المرة.
فك الارتباط مع إشكالية الجسد هو بداية تفكيك الحالة الثقافية والسياسية. فض الاشتباك مع ما يشدنا كثيرا إلى الأرض ويثقل خطانا هو ما قد يأخذنا إلى المرحلة الثانية، إما عقلانية وإما روحانية، لكنها منطقة ومجال أعلى من مجال الجسد الذي بقينا فيه لقرون طويلة. الجسد هو الثلث المعطل للحياة العربية سياسيا وثقافيا. يأخذ منا حيزا أكبر في الحوار مما يجب ويجعلنا حضارة مظهر لا حضارة جوهر. نركز كثيرا على كل ما هو معروض على لوحة الإعلانات البدائية الأولى حجابا ونقابا وزبيبة ولحية ولباسا. هذا كله يجعل النفاذ إلى عوالم العقل والنفس والروح أمرا صعبا بالنسبة لنا.
لو كانت هناك ثورة حقيقية ستقوم يوما ما في عالم العرب فهي ثورة فض إشكالية العربي مع الجسد وحسم أمره تجاهه، هل هو مقدس أم مدنس؟ هل هو مركزية الفضيلة أم بؤرة الرذيلة؟ كي ننتقل إلى فضاءات أرحب وحتى لا نكون مشدودين دائما بثقل المادة إلى الأرض دونما أن نحلق في مدارات أسمى، فالحياة واحدة، والبقاء كل هذه القرون في سجن الجسد ربما هو ما أوصل البوعزيزي إلى إضرام النار فيه دونما وعي منه، وربما هو الأمر ذاته الذي حرك الجموع إلى الشوارع والشاشات لمناقشة قضايا الجسد.
يتحرر جسد السياسة فقط عندما يتحرر الإنسان من أعباء الجسد، وذلك ينطبق على الحضارات كلها، والحضارة العربية ليست الاستثناء في ذلك، وإن كانت تبدو كذلك فلن يدوم الاستثناء كثيرا.
البوعزيزي وفتاة الميدان رمزان لأمور أكبر وأعمق. لم يكن يقصد البوعزيزي إشعال ثورات من تونس مرورا بليبيا ومصر واليمن وسوريا، وبالتأكيد لم يكن يقصد الجنود في مصر أن يشعلوا ثورة الجسد التي قد تحدث أو لا تحدث، لكنه قانون التبعات غير المقصودة للحدث، التي غالبا ما تدهشنا وتفوق توقعاتنا. فهل يحمل إلينا العام الجديد مزيدا من الدهشة؟ أعتقد ذلك فالعرب الآن، على الرغم من كل ما نرى من حولنا، هم فقط على حافة الدهشة ولم يجرفهم التيار إلى مركزها بعد.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

ثورة الجسد و جسد الثورة

مشاركة بواسطة حسن موسى »

شكرا يا الفاتح على بذل نص فندي فهو ، على قصره ،حافل برؤوس مواضيع كثيرة مهمة.و جدل القطع و التواصل بين جسد الثورة و ثورة الجسد العربي ينتظر مساهمات العرب و غير العرب.ربما لأن المعركة الفاصلة القادمة ضد قوى الظلام الكوني الكبير، و التي ستخوضها القوى التي تسمى اليوم بـ " الثورات العربية "، هي معركة ستتم على أرض الجسد بمستوييه المادي و الرمزي. و هي ـ كان ما نخاف الكضب ـ معركة تتجاوز هموم الجسد العربي الصغيرة لتعانق هموم الجسد الإنساني المعاصر، لكن خسائر العرب فيها ستكون بالغة الفداحة بحكم تقاعسهم الطويل عن العناية بمطالب الجسد.
لا بد من عودة متأنية لتفاكير مامون فندي.


صورة
إيمان أحمد
مشاركات: 774
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:27 pm

مشاركة بواسطة إيمان أحمد »

سلام عليكم


يا حسن والجميع، شكرا على الخيط الغني.

" و صرنا نحيض كشبه الرجال "

بالإشارة للعبارة أعلاه التي أوردتها من قصيدة الأستاذ عز الدين هلالي وتأويلك لها، حبيت إضافة رأيي في فكرة انحطاط "الحيض". هذا النشاط الجسدي الفسيولوجي الذي تتميز به المرأة عن الرجل (أو ربما لا تميز هنا بل تأخُر في رأي البعض) هو نشاط لم تختاره المرأة ولم يشاورها فيه أحد حينما جُعل من أحد خصائصها الفسيولوجية وتقابله أنشطة عند الرجل بالتأكيد لكن لا أحد يتحدث عن هذه الأخيرة كثيراً ولم أسمع بها تستخدم للحط من قدر الرجل أبداً! مش قصة عجيبة دي؟! ده من ناحية تركيب تشريحي، وتكوين بايولوجي، وفسيولوجي.

هناك ثقل اجتماعي يلاحق البنات طوال سنوات البلوغ والمراهقة بأن مسألة الحيض هذه فيها شيء غلط ونقيصة. شيء محرج لابد من إخفائه. لعنة تصيب البنت ولا تتخلص منها حتى تبلغ سن "اليأس" فتنقطع عادة الحيض عندها والمفروض بأن تستريح. وقتها، تكتسب المرأة مقام الحكمة في بعض المجتمعات، ويبقى رأيها مسموع وتجلس في مجالس الرجال بأريحية أكثر. لكن السوط يظل على ظهرها وقبل أن تتنفس الصعداء تجد نفسها في مواجهة غول أكبر وهو خروجها من سوق الsex appeal. وذلك بالطبع باب آخر للحط من قدرها. يعني كده ووب، وكده ووبين.

المدرسة دي بتستخدم طبيعتنا للحط من قدرنا.. ولاحظ إنه في الجزء الأوردته من النص فوق سيرة النسوان ماوردت بصورة مباشرة. فقط هي إشارة ل"أشباه الرجال".

ربما ارتكزت فكرة انحطاط الحيض جزئيا على مرجعية دينية إسلامية تصف المرأة الحائض بأنها "نجسة"، لابد أن تغتسل لتطهر. أو ربما انبنى الدين على هذه الأفكار!!! مين عارف؟

يا ترى هل الولادة برضو نشاط وضيع يليق بشبه الرجال؟!

إيمان
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

تحرير جسد اللغة

مشاركة بواسطة حسن موسى »

بلاغة اللغة التي يستخدمها أدباء العربية " الضكور" التقدميون المعاصرون تخلّقت تحت شروط ثقافة تقليدية عمادها الإستعلاء العرقي و الجندري و الثقافي. و هي بلاغة ملغومة بالخوف و الهواجس و أنواع العصاب الإيري التي تتربص بالأدباء و تأخذهم في فخاخها المتنوعة أخذ الفجاءة و ما تديهم نفس و لو كورك حمار الوادي!
هؤلاء الأدباء المتوجسون من الحيض و من قدر الأنوثة و من مخاطر الخنوثة و من غوايات الشياطين هم في نهاية المطاف ضحايا نفس ثقافة الجسد التي تلهمهم احتقار جنس النساء عامة. و في ظن آثم ـ و الله يكضب الشينة ـ فـ "هؤلاء الناس" مقيمون بشكل مؤبّد[align=left] في حفرة البلاغة الذكورية العرقية و الدينية القديمة و لا فرصة لهم في المخارجة من قدر الضحية إلا في إختراع بلاغة جديدة لنج من خامة الخروج و المعارضة المستديمة..و في حسن ظني فأنا متفائل بالـ " كسرة" الظاهرة التي يعمل عليها نفر من الكتاب العاكفين على الإنحراف بلغة القرآن لطلاسم عجيبة [و حية] ما أنزل الله بها من سلطان! و ما أدراني فسيد الرايحة يفتح خشم البقرة و لا جناح!
يا إيمان " النجاسة" موضوعة جوهرية في تأسيس الإعتقاد الديني و بالذات عند أهل الكتب السماوية و لكن هذه فولة تفيض عن سعة هذا المقام.
شكرا على نبش الموضوع و لا بد من عودة .
أضف رد جديد