أنثولوجي الصورة الشخصية السودانية

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
Ahmed Elmardi
مشاركات: 1279
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:08 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Elmardi »

سلام يا نجاة
صحيح انو الأوفر سايزد فوتوز البراوزر ما بصغرها
لكن المشكلة في البوست دا الحاجة القلتها ليك دي لانها ممتدة أكتر من عرض أعرض الصور في البوست
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

الصفحة الرابعة يا أحمد حالياً عادية على الرغم من أن لينكات حسن والفاضل لا زالت موجودة. لأنها ليست ممتدة في خط واحد، وإنما مقسمة على أجزاء في خطوط متعددة.
هذا ما أراه على كل حال على شاشتي. فهل لا زالت الصفحة مفتولة بالنسبة لك؟
في هذه الحالة، سأضع لينكات حسن والفاضل بالصورة التي أشرت أنت إليها.


Ahmed Elmardi
مشاركات: 1279
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:08 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Elmardi »

رجعت للصفحات كلها
فعلا في صور ضخمة في صفحة 1 و2 و3

حأبدا أصغر ليك جزء منهم وأرسلهم ليك
حأبدا من ص 1

عموما عرض 600 بيكسل ممكن يكون معقول
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

شكراً ليك يا أحمد. والله كنت شايلة هم كبير :wink: .
عدّلت اللينك المكرر في مداخلتي حسن والفاضل.


Ahmed Elmardi
مشاركات: 1279
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:08 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Elmardi »

شكلها رجعت عادية
على الأقل بالنسبة لي هنا
صورة العضو الرمزية
äÌæì ÏÝÚ Çááå
مشاركات: 113
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 2:24 am

مشاركة بواسطة äÌæì ÏÝÚ Çááå »


الله يعدل حالكم يا نجاة والمرضي ...
ليس للترتيب أي أهمية .....
تعبنا في القراية والمتابعة ......
عملنا Cut & Paste في ويرد ، حتي
قدرنا نقرأ ..ان شاء الله ربنا ما يفتل ليكم منظوم أبدا ....لكم محبتي ...

نجوي ,,,
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

يا نجاة و يا أحمد
و الله شاكرين و مقدرين شديد إعادة البوست إلى الحياة برغم المشغوليات
أنا كنت ملاحظ سرحان التيكست أكثر من التصاوير، عشان كده بكتب
بطريقة الشعر الحديث، لكن عموما من كمبيوتري الشاشة قاعدة تشيل النصوص بارتياح لسبب ما
عموما اكرر الشكر
الملك
تاج السر حسن
مشاركات: 103
اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 21, 2006 10:08 am

مشاركة بواسطة تاج السر حسن »

يا تاج السر الملك. الإبداع
التحية لك، متأخرة كثيرا بسبب الدنيا المقدودة عندنا في الخليج
... متابع باستمتاع وتشوق لهذا الخيط وغيره من مساهماتكم الكتابية والصورية
شكرا.. شكرا
ولك كل المودة والتقدير
تاج السر حسن
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

الفنان السر حسن
تحياتي و شكري العميق على تكرمك بزيارة البوست، و المساهمات الأخري
نزداد شرفاً و امتناناً، ونتمنى أن نشهد أعمالكم الرائعة الفريدة، في سودان فوراول
تعرف أنا الناس ملخبطني معاك بسبب الاسم ( تاج السر حسن الملك)، وطبعا القصة دي نفعتني
وقشرت على حسابك مرات، عملت ما شايف ههههههههه
بعد المداخلة دي الناس عرفت اننا زولين و كده !!
تحيتي مرة ثانية و سلامي
الملك
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



عزيزى تاج السر الملك

أسمح لى أن أشارك فى "بوستك" الفخـّـيم: "أنثولوجى الصورة الشخصية السودانية" بصورة "ودَّ الطهور" هذه التى تجمع بين مظهر التقليد فى تفاصيل مناسبة الطهور السودانية متمثلة فى "إكسسوارات" "الجـِـرْتِـق" التقليدية، ذات الرموز و الدلالات الغميسة الموغلة فى إرث حضارة وادى النيل القديم - مِن هلال مذهّب يُربط على الجبهة رامزاً لقرْنـَىْ (حَمَل آمون) الوديع .. و ليس لما أصبح يرمز له لاحقاً فى ثقافة العربسلام الرعوية لقرْنـَىْ "قائد القطيع" .. و غيره من قطع "الجرتق" - و بين مظهر الحداثة المتمثـّـل فى تفاصيل الزّىْ "الـموديرن" من قميص و بنطلون و حذاء رباط .. و يتمثـّـل مظهر الحداثة أيضاً فى وَعى الطفل المُصوَّر بما يجب أن تكون عليهِ هيئة المُـتـَـصوِّر أمام الكاميرا، أعنى الـــ"Posing". كما أن ديكور الأستوديو يدخل أيضاً ضمن المظهر الحداثى فى هذه الصورة.

و "الطهور" أو الختان تقليدٌ أصيل فى أفريقيا السوداء إمتازت به دون بقية أرجاء المعمورة جمعيا. بل هى من علّمت بقية الشعوب هذه العادة التى أصبحت فى عصرنا هذا مصيبة تعانى منها الشعوب و تبحث عن وسيلة خلاص منها و لا جدوى ! و غماسة ظاهرة "الطهور" الموغلة فى تاريخ السودان القديم نجد ما يُشير إليها فى هذا الكلام:

{ .. و قد نشأت عن مقتضيات الحياة الزراعية مفاهيم، منها النظام الأمومى و الطوطمية و التنظيم الإجتماعى المتقدّم و الديانة التوحيدية. و نجمت عن ذلك مفاهيم أخرى: فالختان نابع من التوحيد؛ و فكره الإله آمون الذى لم يُخلق، و خالق كل ما فى الوجود، هى التى قادت فى الواقع إلى فكرة الخنثوية التى تجمع بين الجنسين فى جسد واحد. فبما أن آمون لم يُخلق، و بما أنه أصل الخليقة، فمعنى ذلك أنه كان الوحيد الموجود فى وقت سابق. و لذا كان يتعين، من وجهة نظر عقلية الأقدمين، أن يتضمن فى ذاته عنصرى الذكورة و الأنوثة الضروريين لكل إنجاب. و عليه فإن آمون، الإله الأعظم الزنجى فى السودان (بما فى ذلك النوبة) و بقية أفريقيا بأسرها، هو الإله الصرف المصرى، الذى ظهر فى الميثولوجيا السودانية كخـُـنـثى: و قد تولّد ختان الذكور و الإناث لدى العالم الزنجى عن تلك العقيدة الخنثوية فى حد ذاتها. و من الممكن أن نواصل تفسير كافة السمات الأساسية المميزة للروح الزنجية و حضارتها إنطلاقاً من الظروف المادية فى وادى النيل.} (1) و هذا يعنى أن المولود، وفقاً للميثولوجيا السودانية القديمة، يولد مُشركاً بالذات الإلهية بما أنه يأتى فى صورته يحمل عناصر الذكورة و الأنوثة معاً. و لمّا كان لابد من توحيد المولود بالذات الإلهية، إستلزم ذلك التخلّص من عنصر الأنوثة فى الرجل بإزالة "غِـرلته"، و التخلص فى الأنثى من عناصر الذكورة بإزالة زوائدها الذكورية، فيُحسم بذلك جنسيهما و يُعمّدان مُوحّدَين بذات الإله آمون الخُنثى. بالطبع هناك نواحى صحيّة فى ظاهرة الختان بالذات فى المناطق الحارّة لابد أن كهنة وادى النيل المُشترعين لهذه الظاهرة كانوا على علمٍ بها، فقد كانوا يعتقدون أيضاً أن الختان عامل أساسى فى النشاط الجنسى و تكاثر النسل. و قد تكون هذه الظاهرة أُشترعت عقب إنتشار وباء مُخيف يستهدف تلك الزوائد و كان أن قضى على بشرٌ كثير.

و لأن الظاهرة تقليد أفريقى أساسى فى نظامها الإجتماعى، عادةً ما نقع فى الأدب الأفريقى على مثل هذا الوصف:

{ .. فى الليلة السابقة للختان، كان هناك إحتفال غناء و رقص بجانب أكواخنا. جاءت النساء من القرى المجاورة و أخذنا نرقص على أنغام غنائهم و نصفـّـق. و كلما كانت الموسيقى ترتفع و تحْمَى، كان رقصنا يصبح أكثر حماساً و جنوناً حتى نسينا للحظات ما ينتظرنا غداً.
و فى الفجر، و النجوم لم تزل فى السماء، بدأنا إستعداداتنا. فأخذنا فى موكب إلى النهر للإستحمام فى مياهه الباردة، كطقس يُـشير إلى نقائنا قبل بدء الإحتفال. و قد كان الإحتفال فى منتصف النهار، حيث على مساحة نظيفة أُمرنا بالوقوف فى صف على مبعدة من النهر حيث تـَـجَـمْهَـرَ عددٌ من الآباء و الأمهات و الأقارب، بما فى ذلك الحاكم، بالإضافة إلى مجموعة من الزعماء و المستشارين. و قد كنا نلتحف فقط بقطعة لحاف و عندما بدأ الإحتفال بقرعات طبول قويّات، أُمرنا بالجلوس على لحاف على الأرض مع بسط ساقينا أمامنا. و قد كنتُ مضطرباً و قلقاً، غير واثق عمّا سيكون رد فعلى حين تحين اللحظة الحرجة. ذلك أنه إذا جفـَـلتَ أو بكيت فتلك نقيصة تـُـشير إلى ضعفك و ستصبح وَصْمَـةً عار تلاحقك طوال حياتك. و قد كنت مصمّماً أن لا أُعرّض نفسى أو مجموعتنا أو قائدنا للمهانة. إن الختان هو إمتحان للشجاعة و قياساً للصمود؛ و هو لا يُستخدم فيه مُخدّر؛ فالرجل يجب أن يُعانى الألم فى صمت.
إلى اليمين، و فى مجال الرؤية لزاوية عينى، كنت أستطيع رؤية رجل عجوز نحيف يتقدّم من خيمة ثم ينحنى أمام الصبى الأول. و عَـلَت عندها موجة إنفعال وسط الجمهور، بينما سرت قشعريرة خفيفة فى جسدى بعلمى أن طقس الختان قد أوشك على الإنطلاق. الرجل العجوز كان خبيراً فى الختان من منطقة (كاليكالاند)، و الذى سيستخدم رمحه (الأسيقاى) (2) ليحوّلنا من صبيان إلى رجال بضربة معلّم واحدة.
فجأة سمعت الصبى الأول يصيح بصوت عالى "نِـديـِـنْدودا !" (أنا رجل !)، و التى تم تدريبنا علي نطقها قبل ذلك لإعدادنا حين تحين لحظة الختان. بعد ثوانى، سمعت إبن الحاكم (جَسْتِسْ) بصوت مخنوق ينطقُ نفس اللفظة. أصبح هناك الآن صبيين قبل أن يصلنى "الطهّـار"، و لابد أن عقلى قد مرَّ بغيبوبةٍ ما، لأننى و قبل أن أعى ما يدور، كان الرجل العجوز ينحنى أمامى. فنظرتُ مباشرة فى عينيهِ. كان شاحباً، و رغم أن اليوم كان بارداً، إلاّ أن وجههُ كان لامعاً يرشح بالعرق. كانت يديه تتحركان بسرعة خاطفة كأنما تسيطر عليهما قوة من عالم آخر. و دون أن ينبسَ ببنت شِفة، قبض على غِـرلتى، جذبها إلى الخارج، ثم بحركةٍ واحدة مرّرَ رمح (الأسيقاى). شعرت و كأن لهيب نار إشتعل فى شرايينى؛ كان الألم من شدّته بحيث دفعنى لدفن فكىَّ داخل صدرى. و يبدو أنه قد مرّت عدّة ثوانى قبل أن أتذكر اللفظة الصرخة، بعدها إستعدت قواى و صرخت بأعلى صوتى: "نِـديـِـــنـــــدودا
!".} (3)

يبدو أن الرّسالة أطول من اللازم يا ملك .. أسمح لى بالمواصلة لاحقاً .. و دُمت


ــــــــ


1) شيخ أنتا ديوب (الأمم الأفريقية و الثقافة).
2) "الأسيقاى" هو رُمح نحيل و رفيع.
3) عن كتاب (مشوار الحرية) لمانديلا العنيد الفصل الرابع صــ31ــــ .

صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

شكرا ليك يا ياسر
مقدر لمشاركتك الممتازة لتمتين فكرة البوست الاساسية ودعمها
واصل في سردك دون مقاطعة
الملك
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »


و قبل أن يحكى لنا "ودَّ الطهور" صاحب الصورة موضوع هذه الرسالة كما حكى (الصبى مانديلا العنيد)، هناك إضافة صغيرة توضح ما يعنيهِ القول بأن الختان تقليد أفريقى يُحتفى به بشكلٍ خاص فيها و أن بقية الشعوب أخذت هذا التقليد عنها، فذاك القول إنما يُشيرُ تحديداً إلى:

{ .. و الواضح فى هذه النصوص - و مثلها كثير من التوراة المتاحة الآن - أن النبى قد جاء أرض كنعان غريباً عنها (أرض غربتك)؛ بقصد إستيطانها، و عندما وصلها، منحها له رب التوراة (إيل).
و مع متابعة النص التوراتى، نجد (إيل) يوسِّع على خليله، و يزيد من مساحة الأرض المُقطعة للنسل الإبراهيمى، و فق ميثاق وضعت فيه حدود الأرض، و نصه: و فى ذلك اليوم، قطع الرّب مع إبرام ميثاقاً قائلاً: لنسلك أعطى هذه الأرض، من نهر مصر، إلى النهر الكبير نهر الفرات.
تكوين: 15: 18.
و تم توثيق هذا العهد حسب الرواية العبرية بين (إيل) و (إبراهيم)، بعلامة شاهدة و خاتم لا يُمحى (1)، أصبح فيما بعد منسكاً و فريضة على كل يهودى، هو الختان، و قد جاء ذلك فى النص القائل:
و قال الله لإبراهيم: أما أنت فتحفظ عهدى بينى و بينكم، يختتن كل منكم، كل ذكر، فتختتنون فى لحم غرلتكم، فيكون علامة عهدٍ بينى و بينكم .. فيكون عهدى فى لحمكم عهداً أبديا.
تكوين: 16: 9 – 13
}. (2)

ويبدو فى صورة صاحبنا أعلى خدّه الأيسر آثار "ظلطة" حديثة، سبّبتها له قبيل مناسبة طهوره شقيقته التى تكبره بحوالى عامين، حين تزاحما فى إلتقاط شىءٍ ما فدفعته ناحية الحائط دون قصدٍ منها ممّا تسبّب فى إحتكاك خدّه مع الحائط، ممّا أثار جنون والدته التى كانت تعدّ العُدّة للإحتفال بختانه بعد أيام.

فى "كيلو 99"، بمشروع الجزيرة، حيث كان يعمل زوج حبوبتنا "سِتــَّــنا" بمصلحة الرّى، و بعد وفاته واصل خالىّ العمل فى نفس المصلحة، و لمَنْ لم يُشاهد قُرى مشروع الجزيرة أيام عزّه، أو لم يقرأ مقالات (د. النور حمد) و هو ينعى مشروع الجزيرة بشكلٍ مؤثّر، فهذا وصفٌ لها حسب مشهد قرية "كيلو 99" البديعة. كان هناك صفـّـين من حوالى عشر بيوت متقابلين على فسحة فى جانب من أحد طرفيها بئر ماء مُعَدْ جيداً بطلمبة ضخ يدوى كانت مصدر المياه لبيوت الموظفين العشرة، و كان يقع خلف هذه البيوت حوّاشات المشروع. و هناك منزل المفتش بحجم أكبر تحُفه الأشجار العالية و القصيرة من كل جانب و هو يقع مباشرةً إلى الشرق من هذه المنازل تعقبه إحدى التـُـرع الرئيسية للمشروع و طريق السيارات العابر. و تقع مكاتب المصلحة، المعروشة بـ"القرميد" المائل للإحمرار و تُحيط بها "برندات النـّـملى" من كل جانب، قرب هذه المنازل إلى ناحية الجنوب، و هى تُحيط بها غابة منظّمة من أشجار "الجوّافة" المثمرة و تشقها طرق مُعدّة للسيارات. و إلى الغرب من ذلك تزداد كثافة الأشجار و يقع بعدها مبنى الـ"كلوب" النادى، و هو أيضاً معروش بـ"القرميد" الإحمر و تُحيط به "برندات النـّـملى" كما هو حال منزل "المدير" الذى يقع بجانبه. و على مَبعَدة إلى الجنوب، و عند قنطرة الترعة الرئيسية حيث يجلس ممارسى صيد السمك، يوجد حَىْ "الكَـمْبو" أو المعسكر، و هو حَىْ خليط من المرتبطين بالعمل فى مشروع الجزيرة، يمر بجانبه خط سكة حديد صغير يمشى عليه قطار حجمه صغير أيضاً و يقوم بنقل محصول القطن فى الموسم من المشروع إلى المخازن. خلف هذا الخط على مَبْعَدة توجد حلالات "الفلاتة"، عصب الأيدى العاملة لمشروع الجزيرة، ثم قرية "ودّ النعيم" التى أنجبت لنا الفنان (محمّد الأمين)، حيث فيها شاهده أخوالى فى صغره و هو يبنى موهبته بالعزف و الغناء على أنغام "علب الصِّلصْ". قال (بوب مارلى):
[marq=left]I have a song to sing[/marq]
هى تيمة لحن يلعب المغنى على تنويعاته حتى ينضب، و قد لا ينضب، و قد إكتشفه ذاك الصبى فى "ودَّ النعيم".

فى البيت الواقع مبتدأ الصف الذى تعقبه حوّاشات المشروع، و الذى كانت أمامه شجرة، أعتقد، شجرة "قرَض"، تفصل بينه و بين بئر المياه، و فى عصريّة يومٍ ما .. وُضع منتصف الحوش سرير مفروش بفرش مُميّز عليه أُجلس صاحبنا "ودَّ الطهور" و كان قد نُظِفَ و تـُـمِّرَ و دُلِّكَ حتى أصبح، لمَنْ يقع نظره عليه، يشِّعُ بريقاً و لمعان كعريسٍ يُشار له بالبنان. ثم أمسكت والدته و خالاته كل بطرفٍ منه يضعن عليه الحِنـّـاء، أحسَّ بها فى أطرافه باردة كما الثلج و دغدغته فى باطن قدميه فكان يجفل متمنّعاً أمام إصرار النساء اللائى أحطن به كما ملائكة الرّحمة، فيا له من دلالٍ كان. و فى هذا البيت ذُبِحَت خراف و إنبعثت أصوات "دلوكة" و زغاريد و غناء فتيات، و نشطت حركة سكانه و إختلطت بحركة مَنْ يعاونهم من سكان كل القرية و القرى المجاورة إستعداداً لمناسبة ختان الصبى القادم من الخرطوم خصيصاً لأداء هذا الطقس.

لقد أُمِرَ الصبى عدّة مرَات من والدته و حبوبته بالجلوس فى المكان المخصّص له كالعريس لحين بدء المراسم، و لكن بعد إختباره تلك الجلسه شَعرَ بإحساس خروف الضحية، فكان يخرج و يمشى مع مجموعة من أنداده و مَنْ يكبرهم يُحضرون الكراسى من الجيران لضيافة جمهور "الطهور". و فى الطريق كان أنداده يتسلّون و هم يجتهدون فى إخافته من "الطهّار" و ألم "الطهورة"، و لكن خاله الأصغر كان يزجرهم مفتخراً أمامهم بشجاعته و أنه "راجل أرجل منهم جميعاً !". و كان الصبى يتساءل فى سره ما إذا كان خاله حقاً واثقٌ ممّا يقول .. فقد بدأ الشك يداخل نفسه بفعل حيل أنداده فى مدى صموده حين اللحظة المشهودة.

.. يتـــــبع ،،

ـــــــــــ

1) تعمّدنا هنا إستخدام تعبير: أن تلك العلامة الشاهدة (خاتم) لا يُمحى، فالخاتم هو الخِتم، و لنلحظ العلاقة اللغوية بين: (خِتن) و (خِتم)، و إستبدال الميم بالنون، و بالعكس، فكلاهما دال على الآخر، الختن هو الختم، و خاتم الختان أو الختن، بماله من إستدارة، و علاقة الكلمة بخاتم الزواج.

2) (النبى إبراهيم و التاريخ المجهول – سيّد القمنى).

ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



على حِماره جاء "الطهّار"، و قام بربطهِ على شجرة "القرض" تلك، ثم دَلفَ إلى المنزل و جلس فى الكرسى المخصّص له و ظهره إلى حائط حوش المنزل مواجهاً حَشد الذكور المُتجمهر خلف كرسى الصبى و على جانبيهِ .. و لجمهور النساء فى طرف الحوش الآخر فى الوقت الذى إرتفعت فيهِ زغاريدهم و غناءهم مصحوباً بإيقاعات "الدلاليك". و أحضر الخال الأكبر الصبى المُخضّب و هو يلبس "عَرّاقى" نظيف يستُرُ جسده العارى الصغير من تحته .. و قد يكون أتى به فى شكل زَفـّة لم تعُد ملامحها واضحة لدى الصبى لأن الإحتفال فى هذه المرحلة إختلط فيه الفرح بالخوف و الرّهبة من الآتى، و أجلسه على الكرسى قُبالة "الطهّار". حاول "الطهّار" أولاً أن يُداعب الصبى ببعض الكلام ليخفّف توتّره و ينال ثقته حتى يُسلِمَ له قياده، و لكن رغم ذلك لم يكن هناك ما يُطمئن الصبى بأن ذلك يعنى أن لا خوف من الآتى.

و بتعليماتٍ من "الطهّار" و بهدوء رفع الخال الأصغر طرف "العرّاقى" حاجباً الرؤية على الصبى، بينما ثبّتَ آخرون برفق ساعديهِ و ساقيهِ .. ثم: { و دون أن ينبسَ ببنت شِفة، قبض على غِـرلتى، جذبها إلى الخارج، ثم بحركةٍ واحدة مرّرَ (آلة القصبة)}. عندها شعر الصبى و كأن لهيب نار إشتعل فى شرايينه؛ لم يصرخ بأعلى صوته (نِديـِـندودا !) فقد كان الألم من شدّته بحيث دفعه للبكاء غير عابئاً بالجمهور الذى إرتفعت فى تلك اللحظة أصوات نسائه بالزغاريد و الغناء .. قد يكون ذلك للتغطية على فضيحة "عريسهم البكّاء" ! .. و غير عابئاً بالرَّجالة - و قيل "الرّجالة تطير" فى مثل هذا الموقف ! - أعقبَ ذلك نومٌ كثير و متقطع، يفيق منه على شبّال إحدى الفتيات اللائى لم يتوقف غنائهن و رقيصهن طوال إسبوع، و أعاقه الجُرح من مشاركتهن الرقص .. فكان يُلوّح لهن بسوط "العنج" من مرقده المفروش بـ"القرمصيص و القطيفة" و أشياء أخرى من تلك التى تعود إلى أسرار وادى النيل الغميسة. و لم يتوقّف طيلة أيام سيل الزوار اللذين يباركون له ثم يغمتون تحت مخدعه بعض المال.

عند أول إفاقة له سأل الصبى أمه بقلق: "أين غِرْلـَـتى ؟" .. فقالت له مازحة لتصرفَ إنتباهه: "أكلتها الدجاجة !". حزن الصبى فقد أخذ منه والده عهداً بأن يأتيه حين يعود "بغِرْلته" ! و إنطلت قصة الدجاجة على الصبى .. إلاّ أنه يعتقد اليوم بأنه لابد أنه كان هناك طقس ما يمارس على هذا الجزء العزيز من جسد الإنسان. فإذا كان الصبى عندما يخلع أحد أسنانه تطلب منه والدته أن يخاطب الشمس مردّداً: "يا شمس، شيلى سِن الحُمار و أدّينى سِن الغزال !" .. ثم يقذف بالسِنْ فى إتجاه الشمس، لابد أن ذاك الجزء العزيز من الجسد كان لديه طقس ما يليق بمقامه:
{.. مباشرةً بعد تمريرة (الأسيقاى) هناك مساعد "للطهّار" يتبعه و يحمل "الغِرْلَة" المُقتطعة من الأرض و يقوم بربطها فى طرف اللحاف الذى نلتحفهُ. بعد ذلك كُسِيَتْ جروحنا بنبات طبّى، ذاك الذى لديه أوراق بها أشواك من الخارج و لكنها ناعمة من الداخل، و التى تمتص الدماء و الإفرازات الأخرى ..... فى نهاية الإحتفال عدنا إلى أكواخنا ........ و فى تلك الليلة الأولى، و فى منتصف الليل، جاء حارسنا يتسلل ببطء داخل الكوخ و يوقظ بلطف كل منّا. حيث تم توجيهنا بترك الكوخ و التجوّل تحت جنح الظلام لدفن "غِرْلاتنا". التقليد خلف هذه الممارسة يُفيد بأن "غِرْلاتنا" ستـُـخفى عن الأنظار قبل أن تتمكن الساحرات من إستخدامها فى أعمال شيطانية، و لكنها رمزياً كانت أيضاً تعنى بأننا إنما كنا ندفنُ مرحلة صبانا. لم أكن أرغب أن أترك الكوخ الدافىء لأتجوّل فى الظلام بين الأعشاب، و لكنى مشيت بين الأشجار، و بعد دقائق قليلة، حللت "غِرْلتى" من طرف ملفحتى و دفنتها فى الأرض. شعرت عندها و كأننى قد تخلّصت من آخر أثر لطفولتى. }

كان "الطهّار" قبل طقس الختان مدعاة لتخويف صبى "ودَّ الطهور"، و لكن بعد تجربة "الغيار" الأول .. كان الصبى يسأل بشغف: "ألم يحن موعد الغيار ؟". الماء الدافىء و أنامل "الطهّار" الخبيرة و البودرة الحمراء كانت تجربة ينتظرها الصبى بفارغ الصبر. تقليد طهور الذكور القديم فيهِ حكمة يفتقدها الحديث، و سن السابعة مناسبة لأنها تكون تركت زمناً كافياً لإكتمال نمو العضو، على عكس ما يحدث الآن من مآسى يند لها الجبين بسبب العجلة. كم أتألم لصديقى الذى كاد أن يقضى على ذكورة إبنه ذى العامين حين أتذكر عملية ختانه بمستشفى أطفال شهير بالصحافة شرق.

{.. نظرت إلى أسفل و شاهدت قـَطْعاً دقيقاً نظيفاً و دائرياً كما الخاتم. لكننى شعرت بالحرج لأن الصبيان الآخرين بدوا أكثر قوة و صلابة ممّا بديتُ أنا؛ لقد أطلقوا تلك الصرخة بشكلٍ أكثر ثباتاً ممّا فعلت. كنت أشعر بالأسى و الحزن لأنى أصبحت لفترةٍ قصيرةٍ إلى حدٍ ما معوّقاً من الألم، و قد قمت بقصارى جهدى لإخفاء ما أشعر به من أوجاعٍ مبرّحة. الطفل يمكن له أن يبكى، و لكن الرجل يخفى آلامه. }

و لم يتجاوز صبى "ودَّ الطهور" حرج "بَكْيَتِه" ذاك اليوم .. إلاّ حين سنحت له فرصة حضور ختان أحد أقربائه الذى خُتِنَ فى سِنٍ أكبر بكثير منه. ففى صالون منزلهم أمسك والدىَّ الصبى و قريبهِ به و هو جالسٌ أمام "تمرجى شفخانة تـَـبـَـجْ"، فأخذ يصيح و يقاوم و يبكى و يرفس و يسُب "التمرجى"، و حين مرّر الأخير آلته، لم يجد "ودَّ الطهور" و هو يَجْـعَـر بالبكاء ما يقوله لهذا المُعتدى على أخص خصوصياته بغضب: "إنت تمرجى و لاّ أقوم جارى !" .. و كانت مفارقة فى وضع "ودَّ الطهور" ذاك و هو مجندل لا حول له و لا قوة و ينزفُ دماً .. أدّت لقلب جو الصالون الحذر و المتوتّر إلى نوبة من الضحك الهستيرى. و قد إستغل لاحقاً صَبيَّـنا جـِـرْسَة قريبه "ودَّ الطهور" ذاك للتخلص من رواسب "بَكْيتهِ" تلك.

{.. بعد الإحتفال عدتُ إلى النهر و راقبته ينزلق فى طريقه إلى حيث مصبه فى المحيط الهندى بعد قطعهِ لمسافة أميالٍ طويلة. لم يحدث أن عَبَرت هذا النهر، و أعلم القليل أو لا شىء عن العالم الذى يقع خلفه، عالم أعلن لى عن وجوده ذاك اليوم. و كانت الشمس على وشك المغيب، فأسرعت إلى أكواخنا التى عسكرنا فيها مع "العرّاف" إستعداداً لطقس الختان. بالرغم من أنه كان محظورٌ علينا النظر إلى الوراء و مشاهدة النار تشتعل فى أكواخ القش. و لكننى لم أستطع مقاومة فضولى. و عندما وصلت لمنطقة الأكواخ، وجدت كل ماتبقى عبارة عن هرمين من الرّماد بجانب شجرة "ميموسا" ضخمة. كان فى أكوام الرّماد تلك يرقـُـدُ عالم سعيد مضى و لن يعود إلى الأبد، إنه عالم طفولتى، عالم الأيام الحُلوة و الطليقة فى بلدة (كونو) و (مكاكازوينى). الآن أنا أصبحت رجلاً، و لن يتسنّى لى مرّة أخرى لعب الـ(ثينتى) [1] أو أن أسرق عيش الريف أو أشرب الحليب من ضرع البقرة. لقد كنت يومها أودّعُ باكياً مرحلة صباى. و لكن الآن بالنظر إلى الوراء، أدرك أننى لم أكن ذاك اليوم قد أصبحت رجلاً بَعْدْ و أننى لن أصبح ذاك الرّجل لسنين عديدة قادمات..} [2]

معذرة يا ملك لهذا التطويل .. فقد كان يكفى، لقول هذا كله و غيره الكثير، مجرّد النظر فى هذه الصورة:


صورة

ـــــــــــ

1) لعبة يلعبها الأولاد و البنات، كان يفضلها (مانديلا).
2) كل الإقتباسات عن كتاب (مشوار الحرية)، الفصل الرابع.
• أعجبتنى صورة The Moorish Chief ، حتى أننى رسمت له تمثال فى خيالى، و لا أدرى ما إذا كانت قدمه اليسرى فى عتبة السلِّم أما متكئة على الحائط. و أُرجّح أنها على السلّم لأنها كذلك أكثر وِقاراً. و نطمع أن تكرمنا بالمزيد من هذه "النامونة !".

مازن مصطفى
مشاركات: 1045
اشترك في: الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:17 pm
مكان: القاهرة
اتصال:

مشاركة بواسطة مازن مصطفى »

صورة الفنان حاجّاً

صورة
iam only responsible for what i say, not for what you understood.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و صورة الفنان مكبّرا !

مشاركة بواسطة حسن موسى »

و صورة الفنان مكبّرا !

https://www.youtube.com/watch?NR=1&featu ... mBY0oWivAU
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

الصديق ياسر عبيدي
عاجز عن التعليق على مشاركتك السخية، في السياق و تقول الحكمة الشعبية، بل في السلك.
أما فيما يخص الموريش تشيف بالله مش بشبه صورة المهدي؟؟
تحياتي و نطمع في المزيد
صورة العضو الرمزية
تاج السر الملك
مشاركات: 823
اشترك في: السبت أغسطس 12, 2006 10:12 pm
مكان: Alexandria , VA, USA
اتصال:

مشاركة بواسطة تاج السر الملك »

مازن الصديق
تحياتي و شكري على المشاركة الفتغرافية السودانية الانثولوجية
تتبعها رسالة عاتبة معتبة من أخانا صلاح شعيب، التقيته قبل يومين، و أظنه غير ماسعيد
لعدم أشارتك لمصدر الصورة، و التي أظن أنها من مجموعة (زرياب برعي محمد دفع الله)
وقام بنشرها صلاح عن طريق زرياب في عمل كتابي نشر في اونلاين، لصلاح العتبي
ولأسرة الموسيقار الراحل برعي محمد دفع الله.
إبراهيم الجريفاوي
مشاركات: 503
اشترك في: الأربعاء مايو 25, 2005 3:31 pm

مشاركة بواسطة إبراهيم الجريفاوي »

تحفة ، الشريط الزمني ، يافنان الفنانين
مازن مصطفى
مشاركات: 1045
اشترك في: الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:17 pm
مكان: القاهرة
اتصال:

مشاركة بواسطة مازن مصطفى »

يا تاج؛
لصلاح العتبى، لكن ليس هو مصدر الصورة بالنسبة لي، ولم أسمع بمجموعة زرياب إلا الآن.
بخصوص مصدر الصورة، يمكن دائماً الحصول عليه بالضغط على زر الماوس الأيمن وجلب البيانات الخاصة بالصورة كلها. عموماً، المصدر الذي جلبت منه الصورة كان الصديقة تماضر الطيب.
iam only responsible for what i say, not for what you understood.
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

الكرام تاج السر الملك ومحمد جمال الدين

لكم التحيات والإحترام

مرسل لكم 4 صور 2 من لقائى الصحفى بالممثلة السويدية/ليف اولمان 1983 لصالح جريدة الصحافة عند حضورها كسفيرة للنوايا الحسنة من قبل اليونسيف.

ثم صورة لها 2001 اخذتها من صحيف الخليج الأماراتية.

و... صورة أخيرة لى وإبنتى الصغرى 2001 وكنت ذاهبا لصيد السمك.

الكرام من كان منكما لديه فضل وقت يسمح فليتكرم بإنزال الصور بخيط الأستاذ/ تاج السر الملك ( أنوثغرافيا الشخصية السودانية) عل فيها ما يفيد الفكرة.

وفى كل الأحوال لكما التقدير والمنى الطيب

سيدأحمد العراقى

-------
أنا سأفعل يا عراقي... الصور المعنية تأتي تباعآ... تحياتي لك ولتاج السر ولضيوفه الأعزاء
أضف رد جديد