ربع قرن من حوار بلا حوار* مقال جورج طرابيشي عن الجابري

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ Ìãíá ÃÍãÏ
مشاركات: 411
اشترك في: الجمعة أغسطس 24, 2007 9:17 pm

ربع قرن من حوار بلا حوار* مقال جورج طرابيشي عن الجابري

مشاركة بواسطة ãÍãÏ Ìãíá ÃÍãÏ »

ربع قرن من حوار بلا حوار* [align=left]بقلم جورج طرابيشي

[align=justify]كنا زميلين ولم نكن صديقين.
ثم صرنا صديقين بدون أن نكفّ عن أن نكون زميلين، وهذا قبل أن تتطوّر بيننا تلك العلاقة الغريبة التي تمثّلت بزهاء ربع قرن من الحوار اللاحواريّ منذ شرعت بالإعداد للجزء الآوّل من مشروع "نقد نقد العقل العربي" ردّاً على مشروعه الرائد في "نقد العقل العربي".
ذلك أنّي التقيته، أوّل ما التقيته، على مقاعد الدراسة في جامعة دمشق، قسم اللغة العربية. كان ذلك سنة 1959 يوم كان كلانا طالباً يجمعنا درس مشترك هو ذاك الذي يعطيه كبير أساتذة اللغة العربية الذي كانه سعيد الأفغاني...لا أذكر أنّه في سنوات الدراسة تلك وقع بيننا أيّ صدام، ولا كذلك أيّ تفاهم.
كنّا زميلين، ولم نكن صديقين.وكان بيننا ضرب من تنافس مكتوم، أو على الأقلّ هذا ما صارحني به يوم صرنا صديقين : تنافس لا على الأولوية في الصفّ، فقد كنّا كلانا من المتفوّقين، بل على الشعبية لدى البنات في الصفّ : فقد كان خجولاً بقدر ما كنت أميل بالأحرى لى الجرأة. .
ثم انقطعت بيننا الأيام، عشرين عاماً أو حتى أكثر. لست أدري ما فعل، وما درى هو ما فعلت. كلّ ما هنالك أنّي وجدت نفسي ابتداء من عام 1972 رئيساً لتحرير مجلة"دراسات عربية" الشهرية التي كانت تصدر عن دار الطليعة في بيروت. ووجدته يبعث إليّ بأكثر من دراسة فنشرتها بلا أيّ تردد لما فيها من تميّز في المنهج كما في المداورة المعقلنة للغة العربية. ولكنّ المفاجأة الكبرى كانت في عام 1984. فيومئذ أرسل إلى دار الطليعة كتاباً برسم النشر هو المجلّد الآوّل من مشروعه لنقد العقل العربي : تكوين العقل العربي.
وبهدف نشر فصل من الكتاب في المجلة قرأت بضعة فصول من المخطوط ، وسارعت أبلغ بشير الداعوق، صاحب الدار، بأنّ ما قرأته هو من أروع ما قرأت في حقل الدراسات التراثية. وأذكر أنّي قلت له :هذا باحث ذو مستوى أوروبي، وليس محض باحث عربي.
وشاءت الصدف أن أقرّر في ذلك العام نفسه الرحيل عن بيروت التي هي أحبّ مدن العالم الى نفسي . كان ذلك في الربع الآخير من عام 1984، وكنت تعبت كلّ التعب من تلك الحرب الأهلية اللبنانية التي لا ناقة لي فيها - وأنا السوريّ – ولا جمل.
شددت الرحال الى باريس حيث كنت سأصدر، مع الراحلين إلياس مرقص ومحيي الدين صبحي، مجلة "الوحدة". وباستثناء حقيبة الملابس فإنّي لم أحمل معي في الطائرة من بيروت الى باريس سوى كتاب "تكوين العقل العربي" الذي كان خرج لتوّه من المطبعة في بيروت. قرأته في الطائرة، ثمّ عاودت قراءته لاحقاً مرّتين على التوالي.
ولا أكتم أنّ "انئخاذي" بالإشكاليات المصاغة بين دفتيه قام لي في حينه، وإلى حدّ غير قليل، مقام الترياق من قلق الهجرة والإقامة المستجدة في دار الغربة. وعلى صفحات مجلة "الوحدة" استقبلت الجابري في أوّل لقاء بعد أكثر من عشرين عاماً من الانقطاع. ثمّ استقبلته أيضاً في بيتي على العشاء في الضاحية الباريسية. وليلتئذ، ونحن نتناول قدحاً من الوسكي، صارحني بأنّه يعاني من مشكلة في القلب. ولم أتردّد بدوري في أن أصارحه بأنّي أعاني من مشكلة مماثلة. ثمّ انقطعت العلاقات بيننا . انقطعت ودّياً كما انقطعت فكرياً. ذلك أنّ خيبة كبيرة شقّت طريقها الى عقلي كما الى قلبي.
فعلى صفحات مجلة "الوحدة" دوماً كنت كتبت مقالة عن كتابه تكوين العقل العربي قلت فيها بالحرف الواحد : هذا كتاب لا يثقّف فحسب، بل يغيّر أيضاً، فمن يقرؤه لا يعود بعد أن يقرأه كما كان قبل أن يقرأه.
ولأقل، بلغة فرويدية، إني رفعت ذلك الأخ الذي صاره الجابري الى مرتبة أب مثاليّ.
وهي بكلّ تأكيد مرتبة كان يستأهلها بقدر ما أنّه أخذ بيدي، من خلال قراءتي لـ"تكوين العقل العربي"، ثمّ لـ"بنية العقل العربي"، إلى إنجاز نقلة، بل قطيعة، من الايديولوجيا الى الابستمولوجيا.
فأنا الماركسيّ السابق، والقوميّ العربيّ الأسبق، والفرويديّ المنزع لاحقاً، وجدتني على حين فجأة أمارس هوايتي شبه القهرية في تنحية آبائي بعد أن أكون قد أمثلْتهم.
هذا ما فعلته مع ميشيل عفلق، بعد أن كان أبي المؤلّه، في يوم انتقالي من القومية العربية إلى الماركسية. وهذا ما فعلته مع سارتر، ومع ماركس ولينين، في طور انعتاقي من الايديولوجيا الماركسية. وهذا ما كدت سأفعله مع فرويد نفسه بعد طول إقامتي في قصر وسجن التحليل النفسي.
ولكن مع الجابري كانت جريمة قتل الآب المؤمثل من طبيعة مغايرة. فقد شاءت الصدفة –والصدفة وحدها – أن أكتشف أنّ هذا الأخ، الذي أردته بكلّ وعيي أخاً كبيرأً، لن يستطيع أن يقوم لي هو الآخر مقام الأب المؤمثل، لا لأنّه في مثل سنّي، بل لخلاف معه حول طبيعة الفردوس الذي أدخلني اليه : الإبستمولوجيا.
ففي الوقت الذي أدين له بقسط كبير من تحوّلي من الايديولوجيا الى الابستمولوجيا، اكتشفت على حين غرّة أنّ ممارسته للإبستمولوجيا بالذات هي إيديولوجية، أو محكومة على الأقلّ باعتبارات ايديولوجية.
ولن أدخل هنا في التفاصيل. حسبي أن أشير الى موقفه من العلمانية. فعلى صفحات "اليوم السابع"، الناطقة في حينه باسم الحركة الوطنية الفلسطينية، وفي حواره متعدّد الحلقات مع حسن حنفي، أطلق مقولته الشهيرة : العلمانية فصل الدولة عن الكنيسة؛ والحال أنّه ليس في الإسلام كنيسة، إذاً فالعلمانية لا لزوم لها في الإسلام.
يومئذ اكتشفت أنّ الإبستمولوجيا المنطوق بها يمكن أن تخفي إيديولوجيا مسكوتاً عنها.
فتعريف العلمانية بأنّها فصل الكنيسة، لا الدين، عن الدولة كان يخفي موقفاً مسبقاً. فصحيح أنه ليس في الإسلام كنيسة – اللهم إلا في الإسلام الشيعي –ولكن الإسلام، على الأقلّ في الشكل التاريخي الذي تجلى به، هو مثال ناجز لدين لا يفصل بين شؤون الدنيا والآخرة.وحصر العلمانية بكفّ يد الكنيسة، دون الدين، عن التدخل في شؤون الدولة معناه إبقاء حدود الدولة مفتوحة أمام ذلك الدين الذي لا كنيسة فيه الذي هو الإسلام.
وحتى أطروحة كهذه كان يمكن أن تبقى من طبيعة إبستمولوجية لولا أنها تواقتت مع صعود الموجة الأصولية الإسلامية التي اعتقد الجابري أنه مستطيع لجمها أو الالتفاف على خطابها عن طريق التكلم بمثل لغتها إن دعت الضرورة، ولو من منظور تكتيكي.
وعلى هذا النحو تباعدت الشقّة بيني وبين ذلك الأخ الكبير الذي كانه الجابري والذي كنت رشّحته بيني وبين نفسي لأن يكون أباً مؤمثلاً.
واليوم، إذ يسبقني الى الرحيل، فإنّي لا أملك إلا أن أعترف بمديونيتي له : فهو لم يساعدني فقط على الانعتاق من الايديولوجي الذي كنته، بل كانت له اليد الطولى، ولو من خلال المناقضة ونقد النقد، على إعادة بناء ثقافتي التراثية.
والتراث هو المحلّ الهندسي لكلّ معركتنا اليوم. فالموقف من التراث ومن نقد التراث وإعادة بناء التراث – ونحن أمّة تراثية بامتياز - هو ما سيحدّد موقعنا في التاريخ والجغرافية البشريين : أاندفاعة نحو الحداثة أم الانكفاء نحو قرون وسطى جديدة؟

* نقلا عن موقع الأوان
https://www.alawan.org/%D8%B1%D8%A8%D8%B ... D8%A7.html
آخر تعديل بواسطة ãÍãÏ Ìãíá ÃÍãÏ في الخميس مايو 06, 2010 7:45 pm، تم التعديل مرة واحدة.
عندما نفسك تتخطى زمنك
وحيدا تجلس ـ حينئذ ـ على رصيف بارد
بين أهلك
وأنت لا تعرفهم
................
هولدرلن
ياسر زمراوي
مشاركات: 1359
اشترك في: الاثنين فبراير 05, 2007 12:28 pm

مشاركة بواسطة ياسر زمراوي »

عزيزى همد كيف وكيف امتد بك امر الثقافة
اتابع نشاط ثقافى كبير لك فى الصحف السعودية
انا عدت من الولايات المتحدة الامريكية وكان الامر اسهل ان انشر فى الصحف السودانية الان, الا ان الامر
يروق لى فى سودان للجميع وسودانيز اون لاين عندما يعود باسوورد اليه ,كذلك الفيس بووك

نعود الى جورج طرابيشى وحقيقة اتحير فى امر هذا المثقف الموسوعى الذى مافتأ يذكر عيوبه فى كل مقال احتاج فيه
الامر ان يمر على ذكرى نفسه , يوصف فيه تحوراته الفكرية فى المرحلة المذكورة وهو شاب معروف بكونه قائدا ومفكرا قوميا
كبيرا فى سن صغيرة , كان يلتهم فيها الكتب , ومازال فطرابيشى له مقالة فى كل اسبوع فى جريدة الحياة اللندنية يلخص فيها احد الكتب الاجنبية من الانجليزية او الالمانية ويضيف اليها من فكره او من نسيج مقابلاته مع الكتاب نفسهم او المفكرين المختصين بالكتاب صاحب الذكر والتلخيص , هذه الجرأة على التجرد ووصف المراحل الفكرية والتى تطغى على الذهن وتقيده برامجيا وطموحيا وتحليليا وشكلا للنقد والمقابلات الفكرية الهادئة والسجالية , كانت تمر كلها عند طرابيشى ويعود ليتحدث عنها ببط الا يشير هذا الامر , الى خوف عام على امه عربية من نكبات قديمة , خوف مرتبط بالمصير الانسانى نفسه , وتلاقح المجموعات الثقافية , بمحمولاتها الثقافية ورغبات امتدادها , الخوف الذى يجعل طرابيشى هو طرابيشى المعروف بانتقالاته , كماهو طرابيشى المعروف بحدته الذى يفاصل عداواته على جدران الصحف اللندنية الاكثر انتشارا,
وقفت عند قوله انه توقف به الامر عندما وجد عند الجابرى ايديولوجية ابستمولوجية , ايديولوجيا تسحب المعرفى الى ساحتها
وتجعله ناتجا معلقا مرتبطا برغبات فوق المادى العقلى فوق الخافئ والمنتظر , ايديولوجيا ترى ان التكوين العربى فى معرفيته
داخل بعد عودة الى الدين والمسجد , اذ المسجد ليس كالكنيسة التى يجب فصل سلطته التاريخية المعروفة فى التاريخ الاوربى
الاتجد معى عزيزى همد ان هذا هو من الاسباب الاولى للاقتراب من الجابرى اكثر , لمماحكته , لمساءلته , لتوقيف عباراته وتنضيد فى منضدة العبارات .
تحياتى وجايييك تانى
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ Ìãíá ÃÍãÏ
مشاركات: 411
اشترك في: الجمعة أغسطس 24, 2007 9:17 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ Ìãíá ÃÍãÏ »

[align=justify]أهلا عزيزي ياسر . أراك تغيب طويلا وتعود فجأة في هذا المنبر .
شكرا على اهتمامك ومتابعتك لما أكتب .
علمت بعودتك من أمريكا ، وأتابع كتاباتك في هذا المنبر
تحولات المثقف علامة حيوية لا يوازيها إلا شفافيته واعترافه بأن المعرفة هي قراءة على قراءة وكتابة على كتابة ـ كما عبر بورخيس ذات مرة ـ . بيد أن التحولات نفسها لها قواعد تحكمها من ضمن هذه القواعد : تبرير القطيعة معرفيا في حال التحول ، والاعتراف بالجدوى المعرفية للكتابة السابقة سلبا أو ايجابا ، الشفافية الأخلاقية عند الحديث عن التجربة السابقة وغير ذلك . ترى عندما شهدنا موجة التحولات للكثير من مثقفي اليسار إلى اللليبرالية على خطى انهيار المعسكر الاشتراكي وصعود القطبية الأمريكية في العشرية الأخيرة من القرن الماضي ؛ ترى كم من أولئك المثقفين امتلك الشجاعة للحديث عن تحولاته " المعرفية " ؟
علاقة طرابيشي والجابري وما يتصل بذلك من حديث عن الآيدلوجيا والابستملوجيا حديث يطول الخوض فيه .
بصورة عامة ربما كان الجابري من المثقفين الكبار الذين يمتلكون الشجاعة للحديث عن تحولاتهم المعرفية ـ وكذلك مواطنه المفكر الكبير عبد الله العروي ـ ومشروع الجابري الأخير حول القرآن الكريم ربما كان أكبر دليل على ذلك
مودتي
محمد جميل
عندما نفسك تتخطى زمنك
وحيدا تجلس ـ حينئذ ـ على رصيف بارد
بين أهلك
وأنت لا تعرفهم
................
هولدرلن
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ Ìãíá ÃÍãÏ
مشاركات: 411
اشترك في: الجمعة أغسطس 24, 2007 9:17 pm

رحيل صاحب " نقد العقل العربي" مقال لعبد السلام بنع

مشاركة بواسطة ãÍãÏ Ìãíá ÃÍãÏ »

رحيل صاحب " نقد العقل العربي"* [align=left]عبد السلام بنعبد العالي [align=justify]
أمر واحد ربّما كان المرحوم محمد عابد الجابري يأسف عليه وهو يرحل عنّا، هو أنّه لم يستطع أن يكمل مشروعه. مشروعه هذا لم يكن من السهل، ولا من الممكن، إكماله. لأنّه لم يكن مشروع فرد بعينه، بل كان مشروع جيلين، مشروعـ"نا". ذلك أنّ السي محمّد لم يكن ليميّز خلال حياته الفكرية، بين ما يخصّه وما يخصّـ"نا". هذا هو الانطباع الذي كان يتركه لديّ كلّما سنحت لي فرص اللقاء به. كان يشعرني دوما أنّه يحمل على كتفيه أثقالا أكبر من أن يتحمّلها فرد بعينه. لعلّ ذلك ما كان يدفعه نحو العمل، لا أقول المتواصل، وإنّما اللامحدود. لا يمكنك أن تصادف السي محمّد إلا منشغلا مشتغلا، وسرعان ما تجد نفسك متورّطا في العمل معه وإلى جانبه.
عرفت السي محمّد أستاذا منذ أواسط الستينات. الميزة الكبرى التي كانت تميّزه هو أنّه لم يكن ليشعرك على الإطلاق أنّ لديه علما يريد أن ينقله اليك، وإنّما أنّه على استعداد دائم لأن يتعلّم معك. كان يشعرنا أنّ الأرض ما زالت خلاء، وأنّ علينا أن نؤسّس الأمور من جذورها. بهذا المعنى يمكن أن نقول إنّ الفلسفة وتدريسها وتعريبها في المغرب أمور قامت على أكتافه. كان يعلم أنّ الأمور لن تكون أوّل الأمر على ما يرام. لكنّه كان يدرك أتمّ الادراك أنّ التأسيس لا يمكن الا أن يتّصف بالنقص وعدم الاكتمال، وأنّ طريق التأسيس شاقّة وعسيرة. لذا كنت تجده ينقضّ على الفرص كلّما سنحت ليستثمرها من أجل ذلك التأسيس. في هذا الاطارعمل كلّ جهده لأن ينتزع تدريس الفلسفة من الأساتذة والمفتشين الفرنسيين، فقام بتهيىء أولى الكتب المدرسية لتدريسها.
هذا الأسلوب نفسه هو ما اتبعه في تدريسه الجامعي وإشرافه على الرسائل والأبحاث. لم ينفكّ الأستاذ الجابري يشعرنا خلال حياتنا الطلابية أنّنا بصدد تأسيس جامعة مغربية، وأنّ الطريق ليست يسيرة، وأن علينا أن نحمل الجامعة، وشعبة الفلسفة بصفة خاصة، على أكتافنا. لذا وجدته متطوّعا لتدريس مواد متنوّعة ربّما لا رابطة تربط بينها، اللهم الروح النضالية لذلك الأستاذ الذي يعرف أنّ عليه أن يتعلّم وهو يعلم، وأنّ مفاهيم التخصص والتبحر آتية فيما بعد. وأنّ الوقت هو وقت زرع البذور. الا أنّ زرع البذور لا يمكن البتّة أن يتمّ من غير جذور ووعي تاريخيّ. لذا وجب علينا أن ننفتح على التراث، على تراثين: التراث العربي الاسلامي وكذا على التراث الانساني، الا أنّ كلّ تملّك لما يسمّى تراثا انسانيا لا بدّ أن يتمّ عبر خصوصية هي خصوصيتـ"نا
".
* نقلا عن موقع الأوان ـ الأثنين 3 أيار / مايو 2010م
https://www.alawan.org/%D8%B1%D8%AD%D9%8 ... D8%AF.html
عندما نفسك تتخطى زمنك
وحيدا تجلس ـ حينئذ ـ على رصيف بارد
بين أهلك
وأنت لا تعرفهم
................
هولدرلن
ياسر زمراوي
مشاركات: 1359
اشترك في: الاثنين فبراير 05, 2007 12:28 pm

مشاركة بواسطة ياسر زمراوي »

ربما هذا ماعنيت صديقى همد
عنفوانية الشباب وقدرتها على تبديد المجهودات العقلية الباذخة , مؤطر لها فى مراحل كاملة من الخسارة العربية , لفشل مشروع الحداثة العربية , كماتكلمت انت عنه كثيرا وكما تحدث عنه واسينى الاعرج فى حوار تجده فى المنبر الحالى , الامر اشبه باننا نوظف عقليا كثير من الترابطات الفكرية , كثير من التداخلات المتصورة كقراءات ناجحة لاحوال قومية وتباينات سياسية من واقع او مواقع طبقية , فتتكاثر الكتابات بينما الواقع فى سرعته عند الافراد تزيد او تنقص , لايتغير الا بالحركة وبالقول , الذى حده من الجهتين المنطقية , تبدو كتابات مازن مصطفى فى القصاصة التى اوردها عثمان حامد , وفى الكتابة التى اوردها هو نفسه عن كافكا , نمذجة ومراوحات جيدة فى فكرة التصورات , واجدنى معه اقبل بفكرة التصورات وانها الخيط الرابط للفكر البشرى , ربما غدا اعتق نفسى من هذا القول , ولكن تاريخ البشرية من حروب فى اقصى فعاليته , الى سكون وحركة وثقافة وشعر ومجون , يبدو كتاريخ تصورات , الكتب الدينية قائمة , والذى وصل منها للناس تصورات , مااستطاعوا منهم نقلا او عملا بهم لايخرج من واقع التصورات.
من اين تاتى التصورات , لمازن القول فى ثلاثية ابعاد ان كانت ابعاد هى الكلمة التى يعنيها , البعد الاول هى المتوافر , والاخر هو المسطح ,الثالث هو المتحرك , هذا هو مااستطعت ان افهمه من كتابة مازن وان لم انجح فانها تصورات منى
نعود لطرابيشى الذى اخدته عنفوانية شبابه كمااخذت جورج حبش من قبل , كيفية ان يكون الفرد فى تنظيمات سياسية متعددة فى مراحل كاملة من الصراع السرى والعلنى , الحراكى والثقافى الكتابى والمنطوق , على مقربة من العدو الصهيونى وبارتباطات النضالات كلها نضالا ضد العدو الصهيونى , واختلافات بينهم فى شكل النضال والجذور الفكرية لقراءة شعوب الشام العاملة نضالا
ضد الصهيونية , كلا الاثنين حبش وطرابيشى كانا جاذبين واصحاب اتياع كثيرين ونهمى القراءة والكتابة , نقدا السياسة والفكر
والعمل السرى والشعر والقصة , قدما للشعراء والقصاصين فى مجموعاتهم وكتبا عنهم فى ذكرياتهم ولقاءاتهم , هذا الكم الذاخر
وربطه فى الذهن كصراع اثبات وجود ذاتية يكون صعبا , ربما الشفافية لاتكفى , وربما توضيح اسباب التحولات لاتكفى
الذى يكفى هو الثبات والثبات على فكرة واحدة ان الصراع صراع , يجب الاعداد له روحيا قبل الاعداد المعرفى عزيزى همد.
ياسر زمراوي
مشاركات: 1359
اشترك في: الاثنين فبراير 05, 2007 12:28 pm

مشاركة بواسطة ياسر زمراوي »

عزيزى محمد جميل
لا اعرف كثيرا عن مشروع محمد الجابرى
والقران

وهل تعنى كتابته المرتبطة بتحقيق كتاب فصل المقال لابن رشد
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ Ìãíá ÃÍãÏ
مشاركات: 411
اشترك في: الجمعة أغسطس 24, 2007 9:17 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ Ìãíá ÃÍãÏ »

[align=justify]العزيز ياسر زمراوي ... شكرا على مداخلاتك وتساؤلاتك حيال الكثير من الأسئلة التي لا تزال بحاجة إلى إجابات ناقصة باستمرار.
وبخصوص مشروع الجابري حول القرآن الكريم فقد ألف 4 كتب الأول منها بعنوان مدخل إلى القرآن الكريم ، والثلاثة الأخرى بمثابة تفسير للقرآن الكريم وكلها صدرت عن مركز دراسات الوحدة العربية . وبهذا المناسبة أعيد هنا مقال د. رضوان السيد بعنوان (الجابري وتفسير القرآن الكريم) المنشور اليوم بصحيفة الحياة اللندنية في ملحقها الإسلامي ليوم السبت بعنوان (تراث) الذي يشرف عليه د. رضوان .

مودتي ـ محمد جميل

محمد عابد الجابري وتفسير القرآن* [align=left]بقلم رضوان السيد

[align=justify]تنبهت الى تغيّر الاستراتيجيات البحثية والكتابية لدى المفكّر الراحل محمد عابد الجابري، عندما بدأ يكتب سلسلة من المقالات الأسبوعية في صحيفة الاتحاد الظبيانية حول القرآن. وقد أثارت بعض تلك المقالات ردوداً واستفهامات وتساؤلات، دفعتْني لمناقشته في الفكرة ذاتها. فالحق ان هذا الرأي أو ذاك في ترتيب السُوَر القرآنية أو الآيات ضمن السور، أو الناسخ والمنسوخ، أو القراءات القرآنية، كل ذلك كانت له سوابق قديماً وحديثاً. ولذا فما كانت تلك الآراء (المجموعة في صعيد واحد للمرة الأولى) هي التي دفعتني للاعتقاد بأن استراتيجيات الكتابة لدى الجابري قد تغيرت. وإنما الذي دفعني الى ذلك الاعتقاد ان الجابري وعلى مدى ربع قرن، ظل يؤكد انه ليس مصلحاً دينياً، ولا يريد إنشاء علم كلام جديد، ولذا فهو – بخلاف الأستاذ محمد أركون – لن يخوض في القرآن قِدَماً أو بنية. بل إن المصحف الذي بين أيدينا هو الذي جمعه أمير المؤمنين عثمان بين الدفتين، ولا شك في وحدة النص، ولا في مقاصده الكبرى، وإلا فإننا نكون ماضين في آثار المستشرقين، الذين تعاملوا ويتعاملون مع النص القرآني وكأنما هو ليس نصاً ولا وحدة أو بنية. المهم انني صادفتُ المفكر الجابري مرة في أبو ظبي، ومرة في لبنان، وسألته عن الأمر، ولماذا قرر المضيّ في هذا السبيل الذي سبق ان قال بتجنّبه؟ وظن الجابري اولاً ان رأيه في اسباب النزول أو في الناسخ والمنسوخ لم يعجبني، لكنني شرحتُ له ان ذلك ليس من قصدي، وإنما القصدُ اختبار هل تطور أو تغير رأْيُهُ في مسألة القرآن والنص القرآني بنيةً ووحدة. ونفى الجابري ذلك، وذكّرني بأن النص الذي أذكُرُه من إحدى مقالاته قد ورد فيه ايضاً ان التفسير القرآني، يجوز بل يجبُ فيه الاجتهاد، وليس من الضروري التقيُّد بآراء المفسرين الكلاسيكيين. فقد بدأ العملُ التفسيري للقرآن ايام الصحابة (عبدالله بن عباس)، وازدهر أيام التابعين، ولو كان الأمر محرّماً لما حاوله الصحابة، ولما ظهرت مئات التفاسير عبر العصور، سالكة مختلف المناهج والمناحي... بيد ان الجابري عندما نشر تفسيره في ثلاثة مجلدات، ما اقتصر على الاجتهاد، أياً يكن شذوذه أو تفرده، بل سارع في تفسيره الذي سماه «التفسير الواضح» الى القيام بالعملية التأويلية على اساس «ترتيب النزول». وهذا الأمر بالذات أدعى الى ألاّ يكون التفسير واضحاً على الإطلاق – ثم إنه يهدد النص القرآني بنية ووحدة وإن بطرائق غير مباشرة، فقد اعتمد الجابري على كتب علوم القرآن («الاتقان» للسيوطي على الخصوص)، كما اعتمد على ما يردُ في عناوين السُور وأحاديث اسباب النزول من ان هذه الآية أو تلك مكية بينما السورة مدنية أو العكس. وحين لم يجد شيئاً من ذلك يمكن الاستنادُ إليه، اعتمد على أحاديث اسباب النزول – وأكثرها ضعيف بمقاييس المحدّثين – ليضع هذه الآية هنا وتلك هناك قبل البدء بتفسيرها أو تفسيرهما. بل انه احياناً ارتأى ان بين الآيات في سورة كذا، والآيات في سورة كذا وحدة تقتضي وضعهُما في سياق واحد في الترتيب والتفسير. وقلت في البداية إن الأمر يمكن فهمُهُ باعتباره تفسيراً للقرآن بالقرآن، وهو أعلى درجات التفسير. ثم تنبهتُ الى ان النص بذلك لا يعود نصاً، وهو يخالف أبسط قواعد البنيوية واللسانيات. وإذا كان قد فعل ذلك بقصد الوضوح أو الإيضاح، فإن هذه الطريقة تزيدُ من غموض النص (الذي لم يعد نصاً)، وتحوله الى مجموعة ضخمة من المفردات والفقر المتناثرة، شأن ما فعله الفيلولوجيون من المستشرقين بالقرآن وبخاصة الألماني نولدكه. لكن نولدكه كان يكتب «تاريخاً» للقرآن عام 1859، عندما كانت الطريقة الفيلولوجية مسيطرة، وكانت التاريخانية علم العلوم! وهو أمر لا يتفق أبداً مع مبادئ الفهم عند الجابري الذي يعتبر النص بنية ذهنية ولفظية وشعورية. والنص القرآني ليس كذلك فقط، بل هو ايضاً بنية شعرية وشعائرية في منتهى الدقة والانضباط بعد عصور متطاولة من القراءة الشعائرية والأخرى التأويلية، بحيث ما عاد يمكن البدء بفهمه من طريق تحطيم البنية، وليس استبدال بنية بأخرى مثلاً. وما كان عبدالقاهر الجرجاني عابثاً عندما اكتشف ان إعجاز القرآن في نظْمه وليس في مفرداته.
عندما ذهبتُ الى جامعة توبنغن في ألمانيا الاتحادية للدراسة عام 1973 كان رودي بارث، أستاذ الدراسات الإسلامية في المعهد الشرقي في الجامعة قد تقاعد. وكان بارث قد ترجم القرآن الى الألمانية في جزء، وخصص جزءين آخرين لكتابة تفسير له بالألمانية ايضاً. وأكمل المشروع بكتابة جزء في سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) سمّاه: «محمد والقرآن» (ترجمتُه الى العربية عام 2008). المهم انني رأيتُهُ يوماً في مكتبه القديم في المعهد، وسألتُه مازحاً: لماذا لم تفسّر القرآن على اساس اسباب النزول وترتيب النزول؟ وابتسم قائلاً: ما حاولتُ ذلك، لأن أوتو برتزل الألماني، وريتشارد بل البريطاني، قد حاولا ذلك وفشلا، ودعْك من اسباب النزول، ومن ترتيبات المكي والمدني والناسخ والمنسوخ. فهذه التقسيمات «علوم» ظهرت في ما بعد، ونص القرآن أنصَع من دون اسباب نزول وترتيبات نزول!
كان الأستاذ الجابري قال ان التحطيمات التي يراد إحداثها في النص القرآني، لا تزيدنا معرفة، وهي لن تحقق أي اكتشاف. لكنه فسّر القرآن اخيراً، وسمّاه «التفسير الواضح»، فيبقى ان يُثْبت المتلقّون لهذه الرسالة من القراء انهم اكتشفوا بهذه الطريقة عوالم قرآنية لا نعرفُها قدمها إليهم الأستاذ الجابري، أو قدّمها ريتشارد بل داعية قراءة القرآن بحسب ترتيب النزول.
لقد رحل الأستاذ الجابري تاركاً حوالى الأربعين كتاباً. وهو المفكر العربي الأكثر شعبية في أوساط الشباب في العالم العربي. وقد ختم كفاح حياته بتفسير للقرآن، فأسأل الله سبحانه أن يتقبله منه قبولاً حسناً، وإنما الأعمال بالنيات.

* نقلا عن صحيفة الحياة اللندنية ـ السبت 8/ مايو / أيار 2010م
https://international.daralhayat.com/int ... cle/138751
عندما نفسك تتخطى زمنك
وحيدا تجلس ـ حينئذ ـ على رصيف بارد
بين أهلك
وأنت لا تعرفهم
................
هولدرلن
أضف رد جديد