رحيل نزار أحمد ايوب

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
بشرى الفاضل
مشاركات: 353
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:31 pm

رحيل نزار أحمد ايوب

مشاركة بواسطة بشرى الفاضل »

اليوم غيب الموت نزار أحمد أيوب بالخرطوم بحري حلة حمد بعد صراع دام لشهور مع الداء اللعين.هاتفني بالخبر المؤلم صديقه أسامة فرحان المهندس وقال إن نزاراً عاد إلى السودان قبل شهرين من الأردن بعد أن استفحل الداء.
إلى الذين لا يعرفون نزار: هو الذي كان يشرف على ركن نقاش شهير بجامعة الخرطوم في السنوات التي سبقت الانتفاضة وكان زميلاً للحاج وراق وربما كانا دفعة. من بعد سافر نزار إلى الهند وحصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد.
ما يميز نزار اهتماماته الفلسفية والفكرية الرصينة التي تسامت فوق كل اتجاهات التعتيم التعليمي والتربوي في السودان منذ أيام المايوية.
عندما عدت إلى السودان عقب انتفاضة أبريل وجدت أن نزاراً وزوجته حنان حجازي في روايات أصدقائهم العديدين كانا من صناع الانتفاضة .وكان نزار يقود ركن نقاشه الشهير ذاك في أحلك ظروف مايو واشدها محاصرة وقمعاً للمعارضين.لكن نزاراً كان طالباً شجاعاً.وإذا تعرفت على نزار فاجأك بحيائه وإن جلست إليه واستنطقته تدفق بما يدهشك من خبرات ورؤى.
وداعاً نزار وليبكك حتى من لم يتعرفوا عليك هنا ففي فقدك يفقد السودان كما درج الحال في الآونة الأخيرة واحداً من أنجب أبنائه وأكثرهم ألقاً وتفتحاً.والد نزار هو التشكيلي العم أحمد أيوب.
ÇáäæÑ ÃÍãÏ Úáí
مشاركات: 552
اشترك في: الأربعاء يناير 27, 2010 11:06 am

عزاء

مشاركة بواسطة ÇáäæÑ ÃÍãÏ Úáí »

الاستاذ بشري الفاضل ، عزاءً لك ، وعبرك لآل نزار .الذي اعرف ، ولا اعرف. فانا لا اعرف لانني لم التقيه . ولكنني اعرفه من خلال معرفتي بك. لقد منحتني فرحاً كثيراً في قصِّك ، فاقلّ ما اقدمه في هذه اللحظات ان اشاطرك هذا الحزن الصادق ، بقدر صدقك الفني .
صادق المواساة لعائلته ولإصدقائه ولكل من يعرفك ،، كصديق و ككاتب .
علي عجب
مشاركات: 470
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:48 pm

مشاركة بواسطة علي عجب »

الاستاذ/ على
ابثك تحية خالصة وشوق كتير وسائلين منك مدن مدن
ارجو ياصديقى بكل المعزات البينا ان تنقل تعازى الحارة جداً الى منبر سودان فور اول فى وفاة المغفور له بإذن الله الاستاذ /نزار احمد ايوب الذى نعاه الاستاذ بشرى الفاضل فى بوست على الموقع فأنا والله لا اعرف الراحل نزار معرفة شخصية ولكن عرفته عبر مقال كتبه فى ذكرى إغتيال الشهيد محمود محمد طه ونشر فى جريدة الصحافة وهذا المقال أثر فئ جدا وكنت كلما أقراه تنهمر عيناى بالدموع للصدق والرصانة التى صاغ بها مقاله فى احياء ذكرى شهيد الفكر الاستاذ محمود و ارجو ايضا ان تطلب من الاخوة الجمهوريين بالمنتدى ان ينزلوا هذا المقال لأننى قد فقدته فى زحمة مغادرتى العجلى للسودان،،،
تحياتى
صديق العربىً


عزائي الي اهل نزار واصدقاءه الذين فجعوا بهذا الرحيل الذي اخذ انسانا عزيزا.. سيظل نزارمقيما بقدر ما منحنا من حب.
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

عزيزى بشرى الفاضل

البركة فى الجميع فى وفاة الأخ نزار والعزاء موصول الى زوجته حنان وصديقه الحاج وراق وكل الاصحاب بحلة حمد الذين عرفوا نزار المثابر والمفكر عن كثب. له الرحمة فقد توفى شاباً لكم تاسفّت ان الزمن لم يسعفنى فى التشرف بلقائه فى زيارتى الاخيرة للسودان واستعادة الايام الجميلة التى قضيناها معاً طيلة الثمانينات بين عرصات جامعة الخرطوم وحلة حمد.


الحقيقة الحاج ورّاق يسبق نزار بأكثر من دفعة لكنه كان صديقاً مقرباً الى نزار وحنان فقد عاش معها لفترة طويلة ولعلّما تقاربا فكرياً وسياسياً لفترة.

والعزاء ايضاً موصول الى الاصدقاء بهاء توفيق والاخت نونا.


له الرحمة

الفاضل الهاشمى
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
بشرى الفاضل
مشاركات: 353
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:31 pm

مشاركة بواسطة بشرى الفاضل »

* الأخ الأستاذ النور أحمد علي
أشكر لك أن وصلتك روح نزار وشخصيته فنعيته.اقرأك وأستمتع .في غير هذا الوقت نتواصل .أذكرك منذ مجلة الثقافة السودانية.
*المحامي الشاب علي عجب
تحياتي وهل ما زلت بلندن؟الرجاء أن تنقل للأستاذ صديق العربي أن المقال نشره عام 2006م بسودانيزاون لاين صلاح موسى ونقله اليوم بكري أبوبكر في بوست نعي نزار بسودانيز اون لاين وهو بوست بعنوان (في نبأ فاجع من السودان ..رحيل نزار احمد ايوب)وعليه أن يعمل بحث هناك بهذا العنوان لو تأخر اما إذا فتح المنبر هناك اليوم فسيجده بالصفحة الأولى.
* عزيزي الفاضل الهاشمي
نعم سكن وراق معهم في بيت عم أحمد أيوب.فعندما جئت إلى السودان يوليو 85 بعد بعثة دراسية سكنت بحلة حمد مستأجراً، ووجدت الحاج وراق يسكن مع نزار في بيت أهل نزار بحلة حمد .كان الصالون وقتها غاصاً بالطلاب المتخرجين الجدد وكانت الأيام تشهد زخم الانتفاضة ؛وشهدت هذا الشباب الجديد كيف يفكر وكيف يتواد وكيف يستقبل الحياة.
بعدها سافر نزار للهند للدراسات العليا وقابلته بعد عودته في مطلع التسعينات.
بعدها لم تكن بيننا غلا بضعة مكالمات وهو على سرير المرض بمستشفيات الأردن.
هنالك هاتف لحنان وهو قديم من مايو 2009م ولا أدري إن كان لازال لها أم لا لكنني اتصلت عليه دون أن اتلقى رداً وهو +249912256095
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚÈÏ ÇáÎÇáÞ ÈßÑí
مشاركات: 433
اشترك في: الجمعة سبتمبر 11, 2009 12:33 am

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚÈÏ ÇáÎÇáÞ ÈßÑí »

كان على خلق وادب عظيم ، وحين تراه يتكلم تتعلم منه ادب الكلام والتفكير معاً . وكان خائلاً فيه ان يسكن بلدة حمد ود ام مريوم فقد ورث دماثة الاولياء ولطفهم وكان ايضاً ذو صلابة حرازية كارباب فونجى لا يلين . وكان صادقاً اميناً في عين الذين اتفقوا معه والذين اختلفوا معه سواء .كان في بيته جمة ولقمة للاصدقاء ، وانس في حالك الازمان ومركزاً للعمل والابداع . العزاء اولاً ، لرفيقة دربه حنان حجازي ولاهلهما . والعزاء اولاً ، لاولاد حلة حمد وخوجلى ، اقاربه واصدقائه ومعارفه ، اسامة فرحان وبهاء توفيق وعثمان عامر وسيف نجار والامين حمزة وغيرهم . والعزاء اولاً ، لثلة نقابيى المنطقة الصناعية بحرى الذين جاوروه فاحسن عشرتهم وعلمهم وتعلم منهم ، فرحات علقم وعبد الله وعمال النقل النهري ، والعزاء اولاً ، للحاج وراق وهشام عمر النور الذين تقاسم معهم حلو الايام ومرها . والعزاء اولاً واخيراً لشعوب السودان في ولد ربوه فرأها شعب واحد ، وعلموه فانشغل بالكسرة واللبن والدواء للفقراء ، فقد كان رحمه الله لصيقاً بالاساسى في بيانه مع وافر علمه الغزير . كان وضاحاً جميلاً وسيماً فاره الظل على من حوله ، انه لفقد جليل .
صورة العضو الرمزية
عثمان حامد
مشاركات: 312
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:04 pm

مشاركة بواسطة عثمان حامد »

عزائي الصادق في وفاة نزار، لكل أهله وأصدقائه، فقد تحاشيت من فترة مبكرة، أي منذ معرفتي بخبر مرضه، قبل أكثر من 10 أشهر، أن أقبل فكرة أنه ذاهب ذاهب. فنزار كان- بالنسبة لي على الأقل-مدرسة تنظيمية متماسكة، لها بريقها ووهجها الخاص. لقد تعلمت منه شخصياً، كيف تفكر بمنهج ماركسي سليم، وكيف تصبح ملتزماً به، في مدرسة الكادر الحزبي بفرع الحزب الشيوعي جامعة الخرطوم، فترة ما قبل الإنتفاضة، وما بعدها بقليل، أي حتى عام 1986م. كان حينها نزاراً بكلية الأقتصاد، وكنت أنا بالهندسة، لقد كان أخاذاً في خطابته بحلقات النقاش المفتوحة، التي تنظمها الجبهة الديمقراطية بالجامعة بكافتيريا النشاط "زمان". لقد أربكني موته الفاجع! فصورة لحيته القلقة، وملابسه بتلك الوضعية المستعجلة، مازالت، تحاصر ذاكرتي طوال هذا اليوم.
ياله من موت عبثي.
وداعاً نزار
سلام يابشرى
عثمان حامد
آخر تعديل بواسطة عثمان حامد في الأحد مارس 07, 2010 9:59 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
ÍÓä ãÍãÏ ÓÚíÏ
مشاركات: 465
اشترك في: الاثنين أغسطس 08, 2005 2:58 pm

مشاركة بواسطة ÍÓä ãÍãÏ ÓÚíÏ »

تعازينا لاسرته واصدقاءه ولك الاخ بشرى
صورة العضو الرمزية
ÓíÝ ÇáÏíä ÅÈÑÇåíã ãÍãæÏ
مشاركات: 481
اشترك في: الأربعاء مايو 25, 2005 3:38 pm
مكان: روما ـ إيطاليا

مشاركة بواسطة ÓíÝ ÇáÏíä ÅÈÑÇåíã ãÍãæÏ »

سلام علي نزار في العالمين
والشكر للأستاذ بشري الفاضل ، والأخوة المتداخلين ، علي هذه الإضاءة القيمة .
سيف
" جعلوني ناطورة الكروم .. وكرمي لم أنطره "
نشيد الأنشاد ، الذي لسليمان .
خالد الطيب
مشاركات: 300
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:33 pm
مكان: أديس أبابا

مشاركة بواسطة خالد الطيب »

عرفت نزار من خلال العمل الطلابي الديمقراطي بجامعة الخرطوم في بداية الثمانينات , فقد كان أحد الكوادر الخطابية للجبهة الديمقراطية وتميز بقدرته الفائقة على التعبير عن طرح خط الجبهة الديمقراطية فيما يتعلق وقتها بقضايا الوطن في النضال ضد نظام جعفر نميري بجانب القضايا الخاصة بالطلاب كديمقراطية الإتحاد و الثمثيل النسبي و السكن و الإعاشة وحرية البحث العلمي و الأكاديمي ..
كان متحدثا بارعا لبقا وله أسلوبه الخاص الجذاب ولم تكن حلقاته مجرد مناسبات سياسية بل إمتد إلى الغوص عميقا في بطون الفكر , فكانت توفر بجانب العمل الدعائي السياسي للجبهة الديمقراطية مادة للتثقيف و تحفز علي القراءة و الإطلاع وتمتد الحوارات و السجالات إلى مابعد حلقة النقاش في الداخليات و زوايا الجامعة المختلفة ... لقد كان شعلة متوهجة من النشاط و الحيوية متفان في إلتزامه التنظيمي ذي إستعداد دائم للتضحية و نكران الذات ..
لم يكن نزار كادرا سياسيا فحسب , بل كان مفكرا من الطراز الأول له رؤيته النقدية في مجمل القضايا الفكربة و السياسية وحتي التنظيمية وكان باحثا مجتهدا له أطروحات و دراسات في نقد المدارس الفكرية للتيارات الإسلامية الأصولية , كما كان مثقفا يداوم علي القراءة ومتابعا للجديد في ساحات الفكر , ولايمكن الحديث عن نزار دون الحديث عن قدرته المذهلة في تحويل المناسبات الإجتماعية إلي منابر للحوار و النقاش في شتى المواضيع وله ذهن متقد ينفذ مباشرة إلى عمق القضايا باسلوب سهل و سلس ..
وحتى وهو على فراش المرض , لايكف عن تحويل زيارات أصدقائه إلي حلقات نقاش ومناسبات لإستعادة العلاقات الإجتماعية بين زواره وكان يقول أن مرضه يجب أن ينظر له بجانبيه السلبي والذي سيؤدي إلي الموت والي جانبه الإيجابي في إعلاء قيم التضامن و التعاضد بين اصدقاء و زملاء الفكر الواحد و كأنه يقول أن الحياة و الموت وجهان لعملة و احدة ..
ذهب نزار و خلف وراءه أرملته حنان حجازي و إبنته مهيرة – الطالبة بالسنة النهائية بكلية الطب – و إبنيه أشرف الطالب بكلية الهندسة و عابد بالمدارس العامة .. تاركا حزنا عميقا و فراغا كبيرا لأسرته و لوالده العم أحمد أيوب و لوالدته الخالة اوس ..
لقد تركت برحيلك يانزار حزنا كبيرا وعزائي الحار لأسرته الكبيرة و الصغيرة و أصدقائه و زملاء دراسته في جامعة الخرطوم و الهند .
عزاء حار للصديق الحاج وراق و زكريا شمباتي ..

خالد
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

يا سلاااااام. خبر حزين
نسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة وينزله منازل القرب مع الصديقين والشهداء ويحسن في فقده عزاء أسرته الصغيرة والكبيرة وأهله وكل أصدقائه.
إنا لله وإنا إليه راجعون

لم يسعدني الحظ بمعرفة شخصية مع الراحل العزيز ولكني عرفته من خلال مقال واحد قرأته ونقلته عنه إلى المنابر. هو هذا المقال الذي كنت قد وضعته بتاريخ 7 ديسمبر 2006 في في هذا الرابط:
https://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 916&rn=168

:


الأستاذ والمقصلة والأراجوز
نزار أحمد أيوب
يناير وشتاء، في العام الخامس والثمانين بعد تسعة عشر قرناً لميلاد المسيح عليه السلام.. وصباح محتقن بالترقب والفجيعة والانتظار، وجمعة حزينة تشكو للرحمن ظلم بني البشر للانسان.. الباحة الامامية والشوارع الخلفية للسجن العمومي تمتليء بالسابلة والساسة، طلاب ومهنيون، نساء واطفال وشيوخ، خوذات وبنادق وصمت مقدس يلف المكان.. ومكان تحتبس انفاسه في انتظار اللحظة.
وجاء الرجل يمشي اليها
ويصعد اليها عادياً تماماً!!
حتى ادهش جلاده.. فقال:-
«رأيت الكثيرين، نعم الكثيرون يؤخذون اليها، بيد اني لم أرَ من يمشي اليها.. كأنه ذاهب الى بيته».
بعد العِشاء الاخير.. جاءوه وساوموه.. ايها الراحل، تنح ولو قليلاً.. قد انملة تكفي.. فحدثهم حتى السحر، عن السهروردي المقتول وابن درهم المذبوح، والحلاج المصلوب، وعند الفجر نادوه ليتهيأ، استفسروه عن الرجاءات والوصايا.
إثماً ظننتم «فهؤلاء ليسوا محل الرجاء. رجائي قربان. اما وصاياى فتتمشي بينهم افعالاً لا اقوالاً».
ما بين الزنزانة والمقصلة، سألوه عن الاشتهاءات الاخيرة ومطالب الوداع والنهاية، فقال بهدوء «فكوا عن يدي الاغلال لاودعهم وابشرهم وادعو لهم ولكم بان تشملكم العناية».
لن نسمح .. انها تعليمات
رد.. حاضر، لا بأس
زحزح نعليه، ليزيل ما تبقى من آثار الحصى والرمل والنجاسة..
وصعد اليها..
كشفوا الغطاء، وازاحوا المزلاج
فبرقت الابتسامة، ختام نشيد ورضاء العبور لحيز الميلاد الجديد..
وكما تقول المتصوفة:
مرحباً بالموت الذي فيه اللقاء.. ولقاء ربك جل يوم العيد
استدار الزمان.. وارتفعت الابتسامة، كبرت وتناسلت، ملأت الأفق سجادة فارسية على اطرافها اصطف الزهاد والعباد، الفضيل بن عياض وابن مشيش والشبلي والشيخ الاكبر واختهم رابعة تطوف عليهم باباريق المحبة.
من هو؟؟
زعم مريدوه انه اصيل ومفرد، وصاحب حقيقة وشريعة، وتلك مسألة تندرج في اطار المعارف الذوقية، حيث لا العقول ولا اخضاع الافتراضات للبحوث الامبريقية هما طرائق الامساك بالنواصي. والحقائق نفسها في هذا المضمار، تكتنفها الطلاسم والطواسين، تتشعب طرقها وتتدرج مقاماتها، وتتنوع مقاديرها من حيث الكثافة واللطافة. وتحيطها نيران شهيقة ودونها مفازات عميقة. وحظنا في ذلك «كنصيب الحزبين والطائفتين في قسمة نيفاشا».
غير ان الشواهد من الافكار والأقوال والأعمال، والتي يمكن اخضاعها للاختبارات الاجتماعية «الاكلينيكية» تكاد لا تحصى ولا يتسع لها المقال، وتفضي جميعها الى حقيقة وحيدة.. انه كان استثنائياً واصيلاً!!
بيت الطين:
قدم الاستاذ محمود نفسه كزعيم وقائد متفرد واصيل، بانموذجه القيادي، او بوسائل ادارته للجماعة، فاقام نسقاً قيادياً على قاعدة تسليكية بسيطة ومعقدة في ذات الحين «في امر الدنيا انظر الى اسفل.. وفي امر الدين انظر الى اعلى» فاضحى بذلك الامام والمأموم. يتقدمهم في شؤون الدين.. وتتثاقل خطاه في شؤون الدنيا. اظلفوا انفسكم اكبحوا شهواتكم اقطعوا عروق العلائق وفروا من وطن العوائق تشرق عليكم انوار الحقائق.
هذه هي الرؤيا.. فماذا كان الفعل؟
أولاً: في شأن المسكن، فرغماً عن تخرجه مهندساً في كلية غردون غير انه اختار بيت الطين والجالوص رقم «242» في الثورة الحارة الاولى، في الوقت الذي اختار فيه كل رصفائه الغردونيين الانخراط في نادي البرجوازية السودانية المتعلمة، ولسان حاله يقول لهم مع الرازي «دياركم هامانية ومراكبكم قارونية وولائمكم فرعونية.. فأين أنتم من الطريقة المحمدية؟
ثانياً: في شأن الملبس. لم يقتن من الأشياء الا اوتارها. جلباب واحد، وعمامة، ملفحة و«عراقي» ونعلين، ولكن لغرضين مختلفين لا يمكن توحيدهما، وقلنسوة واحدة!!
والأدهش.. في مجافاته لاستخدام صنبور المياه «الدُّش» عند الاغتسال. والابتعاد عن شرب المياه المثلجة، بدعوى انهما غير متوافرين لغالب أهل السودان في البوادي والأرياف، وهو داعية لمساواة السودانيين في الفقر. فكيف له ان يستقيم على الطريق، بينما تتناقص أقواله وأفعاله!!
ثالثاً: في شأن المطعم. غض النظر عن عدد الناس المتواجدين في بيت الجالوص، فالمائدة واحدة والإدام واحد. والمتغير الوحيد هو القدح. يتحلقون حوله، ثمانية او عشرة، يأكلون ويذهبون.. ثم يعيدون الكرة. وفي الختام.. يجلس هو وأصحاب الاعذار، وقطة داجنة، غالباً ما تشاركهم طعامهم، فيطعمهم بيديه، ثم يأكل قليلاً من الفتات ممزوجاً مع الماء القراح.
زهداً وورعا واستقامة.. خلقت منه زعامة «كاريزما» ملهمة.. لا تستمد مشروعيتها بالطرائق التقليدية... من تسلسل رئاسي في المنظومة، أو سلطة القائد في المكافأة والعقاب والإكراه النفسي والعاطفي، أو الخبرات الأعلى والمعلومات الأوفر. فابتدع نهجاً قيادياً متفرداً يستند على سطوع وجاذبية النموذج المرجعي reference power، فكان هو الأب في حنوه لا في تسلطه. فأخاط الجماعة بوشائج الإخوة والمحبة الحقة. فنجت بذلك من الداء العضال والجرثوم الفاتك الذي أصاب الأحزاب السياسية السودانية. فقد عانت جميعها دون استثناء من الانقسام والتشظي والخروج الجماعي واتهام الآباء المؤسسين بالاستبداد والكهنوتية أو التخريفية العقائدية. فما من «أب» غيره إلا وقد خرج عليه أبناؤه وأتباعه يلعنون ويقذعونه. أما هو فحتى أبناؤه الذين انكروه تحت ظلال السيوف في جلسات تفتيش الضمائر.. عادوا لعروتهم الوثقى. والآن قد تفرقت بهم السبل، فما باتوا يأتلفون على شيء سواه.
بيت الزجاج:
كثيراً ما قال.. أصدقوا ولا تكذبوا.. بوحوا ولا تضمروا، وحدوا أبنية النفوس المنقسمة، لتكون أقوالكم ترجمان أفكاركم، وأفعالكم تجسيد أقوالكم، فيثمر هذا الثالوث المتوحد.. برا ولطفا بالاحياء والأشياء والناس لتتسنموا قمم حرياتكم الفردية المطلقة، وتصبحون زهوراً معطارة تفيض بالشذى من غير تكلف.
هذه المعاني التوحيدية الرقيقة.. لها تجلياتها على المستوى الديني والسياسي والانساني. وقد جر حبلها من عالم المعاني الى عالم المباني، فأنشأ أول مؤسسة دينية وسياسية في السودان تعتمد الشفافية «قبل ان تصبح من شعارات الألفية الثالثة»، تعتمدها كمقصد ديني وضابط أخلاقي وناظم للسلوك السياسي. فأسس بنيانه على أساس متين، لا على شفا جرف هارٍ.. معماراً خالياً من سراديب العمل السري ومكاتب المعلومات التآمرية او التنظيم الخاص ذو المهام والاهداف الخاصة؟!!، ولا الفراكشنات fractions، وتلك يعرفها أهل اليسار!؟ ليمُسي الحزب الجمهوري هو الكيان الوحيد.. صحب الكتاب المفتوح. فمصادر تمويله معلنة ومعلومة.. وتقتصر فقط وحصراً على عوائد بيع الكتيبات واشتراكات الاعضاء. أفكاره معروضة في الأسواق والجامعات والشوارع، جلساته مفتوحة حتي للغوغاء والدهماء من اعدائه.. والذين كثيراً ما تطاولوا على الأستاذ في عقر داره. فقد اختار الشفافية كقيمة ذات إسناد ديني ورجوح اخلاقي لم تنتش منها نوائب الزمن ولا نوازل السياسة.
الجدري السياسي:
بعد الاطلاق الأخير في يناير 85، جمع التلاميذ وحدثهم عن جدل الفداء والابتلاء، وان الإبتلاءات الكبرى لابد ان يفتديها أصحاب القامات العظمى، وانهم انفقوا وقتاً ليس باليسير في المقروء والمسموع، وقد حانت اللحظة للسمو في مدارج العبودية والصوفية السلف وهم الخلف، وقد كانوا يفتدون الناس، فالشيخ الرفيع ود الشيخ البشير مات بالجدري، وحكى لهم ان الشيخ طه مات في رفاعة بالسحائي، ثم انحسر الوباء، وان الشعب في انتظارهم.. ليفتدوه بأعلى سامق نخل فيهم. لم يدركوا.. وحسناً فعلوا.. لانهم لو ادركوا ما كان هو.. هو..
حضرة السلام:
في إحدى الجلسات الصباحية، التلاميذ يتحلقون حول الأستاذ.. يتدارسون وينشدون العرفانيات جاء الناعي.. بأن اعدى اعداء الفكرة من المتفيقهين.. قد انتقل للرفيق الاعلى. وكان من الخائضين زوراً وتجريحا.. في الفكرة وشخوصها وعروضها واستاذها، إفكاً وبهتاناً تقاصر بصاحبه عن قامة المتدينين وطبائع السودانيين.. جاء الناعي.. فشخصت ابصارهم نحوه، ليوميء بالتوقف عن الجلسة الروحية «إننا نعرف الرجل وتاريخه، ولكنه اليوم هو احوج ما يكون الينا، فلنقرأ الاخلاص باخلاص على روحه احدى عشرة مرة» أهي حضرة السلام.. مخروطية القوام.. قاعدتاه كف الاذى.. وقمتها مسامحة الاعداء ومباركة اللاعنين؟؟!
أسئلة على هامش الفكرة:
إنتقى من كل حدائق الفكر.. ليصمم نسقاً «معرفياً» يستدمج في دواخله شواهق الابداع الانساني.. مهتدياً ومسترشداً بالنصوص القرآنية الكريمة والسنة المحمدية الشريفة وإرث الصوفية التليد.. نسقاً له اتساقيته الداخلية، والتي لا تلغي مشروعية التساؤلات حوله:
أ/ أسئلة حول نخبوية الفكرة.. وطوباويتها.. ترفعها واستعلائها؟ صلاحيتها واستعداديتها في الانتقال من نهج صفوة منتقاة الى تيار شعبي؟؟
ب/ جدواها الاقتصادية في حال شيوعها كناظم للدورة الانتاجية والاستهلاكية؟ وهل ينمو الاقتصاد بتوسيع خيارات الاستهلاك؟ أم بتجييف الدنيا وتبخيسها، ثم سحقها بين النعلين؟ وغياب التنافسية الاقتصادية هل يصلح كأساس للنهوض والتنمية؟
ج/ أخلاقية الإدعاء حول التعايش مع مستصغر الشرر تجنباً للفتنة الكبرى، والاستظلال بالمستبد الأصغر خوفاً من فراعنة المستقبل؟
د/ ما هي المعايير الموضوعية لقراءة النص وهل تصلح الذوقانية الذاتية كمدخل لتأويل النصوص الدينية ومقاربة القضايا السياسية والاجتماعية؟
هـ/ ترجيح اللا عنف والسلم كقيم مطلقة دون النظر في الملموس، ربما ينجح على المستوى الفردي، ولكنه قد يضع مفاتيح التاريخ عند الطغاة والكولنيالين فقط!!
ع/ توهان التلاميذ الفكري والروحي بعد مضي الأستاذ وانتظارهم لاذن قادم من برازخ الغيب.. أو نصر فجائي ينبت كالخرافة من ثنايا الهزيمة.
و/ صمم الأستاذ استمارة شاملة للتغير والاصلاح وضبط السلوك.. تصادر الاحلام الصغيرة لاجل امتخاض الكمالات، وطقوس احاطية كثيفة تبدأ من ارتشافه شاي الصباح حتى السجدة الأخيرة لصلاة القيام.. فكرة لا تتسع جنباتها لملعب كرة القدم، ولا تطأ قدماها دور الخيَّالة، ولا تستمع أذنيها لدندنة حسن عطية ولا طمبرة عثمان اليمني.
أليس ذلك ببرزخ الشمولية الجديدة.. الذي انقطع عن عالم الملك ولم يلتحق بعالم الملكوت.
أسئلة وأسئلة.. لكنها لا تقدح في مصداقيتك، فكم انت رحيباً.. وكم ضيقة هي الفكرة!!
وعفواً أيها الركابي الوضيء المضيء ان أدرت لهم ايسرك ليصفعوك فاخذوا الخد والجسد!!



https://alsahafa.info/index.php?type=3&i ... 94832&bk=1
صورة العضو الرمزية
تماضر شيخ الدين
مشاركات: 356
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:14 pm
مكان: US

مشاركة بواسطة تماضر شيخ الدين »

البركة فى الجميع ...
ÚæÖ Çááå ãÍãÏ ÃÍãÏ
مشاركات: 87
اشترك في: الجمعة نوفمبر 27, 2009 11:57 am

مشاركة بواسطة ÚæÖ Çááå ãÍãÏ ÃÍãÏ »

[تعازينا لاسرته ومعارفه ونسأل العلي القدير ان يسكنه فسيح جناته مع الصديقين و الشهداء و انا لله وانا اليه راجعون
ãÚÊÕã ÓíÏ ÃÍãÏ ÇáÞÇÖí
مشاركات: 45
اشترك في: الجمعة فبراير 26, 2010 5:13 am

مشاركة بواسطة ãÚÊÕã ÓíÏ ÃÍãÏ ÇáÞÇÖí »

تعازينا الحارة لزوجته وأبنائه وأهله وأصدقائه
تقبّله الله قبولاً حسناً
ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا(الإسراء: ٣٧)
عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

صورة
نزار احمد ايوب - طالب فى جامعة الخرطوم فى الثمانينات

كنت اسبقه بعام او بعامين فى بحرى الثانوية.
لم نكن اصدقاء ولكننى كنت اعرفه وثلة من ابناء حلة حمد. اولاد فريق الشلالية. تلك البقعة المستنيرة.
من الاصدقاء فى بحرى الثانوية كان ابن خاله او خالته الطبيب فيما بعد جمال محمد عثمان هلال الذى كان دفعتنا.
حين التحق نزار بجامعة الخرطوم قدم طلبآ للالتحاق بالجبهة الديمقراطية.
سألونى عنه أيام بحري الثانوية.
قلت لهم كل ما اعرفه عنه انه كان طالبآ مرحآ ومشاغبآ. لا يحفل كثيرآ بالسياسة.
هذا ما كان فى الظاهر بالنسبة لى وقتها.
كان نزار يبدو كمن يضع قناعآ فى بحرى الثانوية يخفى به حقيقة اطلاعه ومعرفته الفكرية والثقافية وانشغالاته السياسية.
ثم تفتقت مواهبه كما الشلال فى جامعة الخرطوم. خطابة. ونقاش. وسجال. وعمل داخلى. وثقافة. وفكر. وصحافة حائطية.
كان خطه، مقارنة بخطوط الموهوبين فى تحرير صحف الحائط، بائسآ ومضحكآ. كانوا يتندرون من خطه. لا بد انك كنت تكتب برجلك يا نزار.
ثم ملأ دنيا جامعة الخرطوم وشغل طلابها وزائريها بأركان النقاش وحروبها الكلامية التى اجبرت غلاة خصومه على احترامه.

كان نزار ينتمى الى اسرة من الطبقة الوسطى. وكان رصفاؤه ممن ينتمون الى هذه الطبقة فى الجامعة او فى الجبهة الديمقراطية تظهر علي سيمائهم ومظاهرهم اشارات الانتماء الى هذه الطبقة وعلاماتها. إلا نزار.
فقد اختار وبوعى كامل وبارادة حرة وعقل جبار أن ينتمى لغمار الناس. وكادحيهم.
حتى إنه طابق بين مظهره ومظهر غمار الطلاب وهم اغلبية. لا تزلفآ. ولا خديعة. بل اختيار واعى.
بنطلون وقميص متواضعين. ومركوب. وكيس تنباك. وفى الداخلية جلابية نظيفة ولكن خيوطها مما يشى برقة الحال.
وهكذا استبطن نزار خياراته الفكرية والسياسية والذوقية والوجدانية واستظهرها.
حسم انتماءه. ووجهة سيره. ومقصد طاقاته. شلال يصب فى بحر الطبقة/ت الكادحة. ملح الأرض. وصناع الثروات. والثورات.

لم يحالفنى الحظ بلقائه بانتظام بعد تخرجنا. ولكننى كنت اتابع ما تيسر من اخباره.
صار استاذآ فى جامعة الاحفاد. وقبلها كان تزوج من حنان/سامية حبيبته الأولى والأخيرة.

ثم سمعت بمرضه الأخير. تحدثت معه فى الأردن. وكان ودودآ، وحاد الذهن ، رغم الجسد الذى انهكه المرض، والروح التى انهكها شقاء الوطن.

رحل نزار قبل ان يبلغ عامه الخمسين. فى عز الشباب. وفى عز النضج والعطاء.
وبعد عام أو نحوه ستتخرج بنته طبيبة.
وهكذا يسعنا القول إن نزار لم يعش طويلآ بحساب السنوات.
ولكنه عاش عميقآ كمجرى النهر. ودافقآ كما الشلال.

فريق الشلالية وحلة حمد وبحري والسودان والكون مدينون لنزار بحضوره القصير. بحضوره العميق. بحضوره اللطيف. بحياته المثمرة.
كنت شجرة يا نزار. اصلها فى الوطن. وفرعها فى ما نشاء من مصائر صادحات بالتقدم والنشيد للبلد. يا نزار. يا ولد البلد.



There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
صورة العضو الرمزية
ãÚÑæÝ ÓäÏ
مشاركات: 123
اشترك في: الأحد يوليو 12, 2009 12:48 am

مشاركة بواسطة ãÚÑæÝ ÓäÏ »

التعازي الصادقة لاسرته واصدقائه على هذا الفقد المر
إن بُلِيتْ يا فصيح ما تصيح
صورة العضو الرمزية
ØáÍÉ ÇáÓíÏ
مشاركات: 32
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:59 pm

مشاركة بواسطة ØáÍÉ ÇáÓíÏ »

تعازينا لاسرته ومعارفه ونسأل العلي القدير ان يسكنه فسيح جناته مع الصديقين و الشهداء و انا لله وانا اليه راجعون
أضف رد جديد