ثــرثــرة حـمـيـمــة ....

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

المنطقة الرمادية ... والشخصية الرمادية ...


اللون الرمادي لون غريب نتج عن اختلاط الأبيض بوضوحه وصراحته مع الأسود بغموضه وحبه للإسرار .. فأتى مخالفاً لمكوناته ولا يحمل أي من خصائصها ..
فهو لا يتمتع بجمال ووضوح الأبيض .. ويفتقر إلى وقار وتعالي الأسود ...
أعتدنا أن نستخدم البياض الفصيح رمزاً للخير ... والسواد المتحدي رمزاً للشر..
أما الرمادي فهو لون باهت ومتأرجح ما بين هذا وذاك ... لذلك يصعب تصنيفه ...
وكذلك هي المنطقة الرمادية في حياتنا .. منطقة ضبابية مشوشة ليست لها حدود معروفة ... تعج بالمتاهات والمزالق ... منطقة ليست لها معايير تقاس بها ..
ولا يحكمها قانون إلا قانون الاختيار بين الأخلاق والضمير ... واللاخلاق واللاضمير
فهي تقع في مساحة هلامية بين الحلال والحرام ... بين الخطأ والصواب ... بين الموقف و اللا موقف ...

أما الشخصية الرمادية فهي شخصية مخيفة .. غير مأمونة .. يلبسها لونها المتأرجح فتتماهى معه باقتدار .. تميل أحياناً إلى البياض حتى نكاد نظنها رمزاً للخير ..
ثم تفاجئنا بلونها الأسود حتى تكاد تفقدنا إيماننا بالبشر وثقتنا فيهم ... الشخصية الرمادية تحدد مواقفها وتستمد قيمها من نظريات العرض والطلب ...
ودستورها يوجد به قانون واحد هو قانون المصلحة ... وقناعاتها تتشكل حسب مبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) ....
إيقاع الحياة في هذا العصر أدى لازدياد المناطق الرمادية ... وتكاثر الاشخاص الرماديون بتسارع مفرط ...
نسال الله أن يجنبنا شر المناطق الرمادية ... والشخصيات الرمادية ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

عندما تُطفأ الحرائق الكبيرة .. على عجل ...


للنار شهوة لانهائية للافتراس والقتل والتدمير ... وللهب جوع دائم ومريض ...
عند إندلاع الحرائق الكبير .. يهب الجميع لإطفائها على عجل ...
ويصبح الصراع بين الماء والنار لعبة حياة أو موت ...
لا تنتهي إلا بفناء احد الطرفين مخلفاً وراءه خسائر عنيدة ... ومفضوحة ..
في حموة القتال بين أصل كل شئ واصل الشياطين ...
تصبح العجلة هي ديدن الطرفين ..
وغالبا ما تكون الغلبة لأصل الأشياء ...
ففي النهاية ... النار ان لم تجد ما تاكله تاكل نفسها .. حتى تفنى فيها ...
تعجل الماء لإنهاء الصراع قد يؤدي به إلى إغفال جمرة صغيرة توارت بسؤ نية مبيت بانتظار هذه الفرصة ..
وفي لحظة غفلة نبتت من بطن احساس النصر الكاذب ... تعيد نفخ روحها الخبيثة وتعاود الاشتعال في محاولة لإشباع جوعها الملعون ...
وهكذا تستمر الحرب بين الماء والنار إلى ما لا نهاية ...

نحن البشر أيضاً لنا حرائقنا التي تشتعل بداخلنا ونعجز أحياناً في السيطرة عليها ...
ولا يكون أمامنا سوى خيارين ..
إما أن نتركها تقضي على الأخضر واليابس وتحيلنا إلى بقايا مدمرة وحطام اسود لا يصلح لشئ ..
أو نحاول إخمادها على عجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتلافياً للخسائر ...
دون أن ننتبه لتلك الجمرة الصغيرة المتوارية بخبث تحت الأنقاض ..
الأذكياء فقط هم من يطفئون نارهم بتؤدة .. ويعاملونها بما يليق بها من حرص حتى يامنوا غدرها ..

كل الحرائق لابد وان تطفأ على مهل .. وخصوصاً حرائق الغرائز ..
إطفاء غريزة الجوع على عجل يضعنا في مرتبة اقل من الحيوان ...
لأننا نأكل دون أن نعي ما نأكله ..
لا نتوقف عند مذاق أو نكهة .. ولا يهمنا مظهر أو محتوى ...
وعندما نظن أننا وصلنا إلى الشبع .. نخطئ في ظننا ... فما وصلنا إليه لا يكون إلا تخمة كاذبة ..
وتظل جمرة الجوع الخبيثة متوارية ومتقدة .. ومستعدة لإشعال النار من جديد ...
إطفاء غريزة الجنس على عجل .. يورثنا الإحباط والرفض والألم ...
ومزيد من الجوع الذي يتوق للوصول إلى نقطة نحسها حتى نكاد نلمسها ...
ثم نجد أنفسنا ابعد ما نكون عنها ...
فالجنس كالأكل ..
يحتاج إلى تأن وتمهل حتى نستطيع التمتع بالمذاق والنكهة المتفردة قبل الوصول إلى مرحلة الشبع ...
غريزة الحياة نفسها ... يجب أن تطفأ كل مرحلة منها ببطء ...
كل مرحلة يجب ان تعاش بعمق متمهل ...
مع تفادي محاولات القفز بزانة العمر من مرحلة إلى أخرى الى الامام او في الاتجاه المعاكس في سباق حميم للفوز بكل المتع ...
كل مرحلة يجب أن يطفأ لهيبها بماء الحكمة الذي يحارب لهب التسرع والغباء ويخمد نار الغضب والحقد والغيرة والكراهية ..
فلنتاكد من اطفاء جذوة كل مرحلة بما يليق بها .. والانتباه لتلك الجمرة الصغيرة المتوارية التي تسعى لاشعال نار الفتنة بين الواقع والأمنيات ...
إذن ... فلنطفئ حرائقنا الكبيرة على مهل ... بلا استعجال ..
حتى نأمن غدر اللهب ومكره ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
ÓíÝ ÇáÏíä ÅÈÑÇåíã ãÍãæÏ
مشاركات: 481
اشترك في: الأربعاء مايو 25, 2005 3:38 pm
مكان: روما ـ إيطاليا

مشاركة بواسطة ÓíÝ ÇáÏíä ÅÈÑÇåíã ãÍãæÏ »

سلام يا سناء
عندما تطفأ الحرائق الكبيرة علي عجل..
مقال مريح ، إن كان مع الحرائق ، كبيرها وصغيرها، ما يبعث علي الشعور بالراحة .
لست أدري لماذا قفزت إلي ذهني ، بشكل تلقائي ، صور أطفالنا التعساء في دارفور وأنحاء السودان المختلفة ، وأنا أقرأ عبارتك :-
" غريزة الحياة نفسها ... يجب أن تطفأ كل مرحلة منها ببطء ...
كل مرحلة يجب ان تعاش بعمق متمهل... "
كم من أطفال سوداننا الحزين قفزوا فوق مراحل الطفولة مباشرة لمراحل النضج ، والشيخوخة الباكرة تحت وطأة الحاجة والحروب ؟
أقول ذلك وتحت نظري أطفال الغرب الأوربي الذين يحظون بحماية فائقة من أسرهم ودولهم ، ينضحون بالصحة والعافية في مجتمع الرفاه ، ويعيشون الطفولة كما ينبغي .
لكم الله ، أطفالنا الشيوخ .

سيف
" جعلوني ناطورة الكروم .. وكرمي لم أنطره "
نشيد الأنشاد ، الذي لسليمان .
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

كم من أطفال سوداننا الحزين قفزوا فوق مراحل الطفولة مباشرة لمراحل النضج ، والشيخوخة الباكرة تحت وطأة الحاجة والحروب ؟
أقول ذلك وتحت نظري أطفال الغرب الأوربي الذين يحظون بحماية فائقة من أسرهم ودولهم ، ينضحون بالصحة والعافية في مجتمع الرفاه ، ويعيشون الطفولة كما ينبغي .
لكم الله ، أطفالنا الشيوخ .

[font=Microsoft Sans Serif]

العزيز سيف ...

الحروب عبارة عن آلة زمن مبرمجة على الذهاب الى مكان واحد فقط .. مكان معبأ برائحة الموت والقصص المجنونة عن طفولة مفقودة .. وكهولة بائسة ..
وشباب ضائع .. اجيال تقفز بزانة العمر الى الامام والخلف دون تمييز ..
اطفال دارفور تجسيد لمأسآة يعجز اللسان عن وصفها .. اطفال لم ينالوا من طفولتهم غير صفة الكلمة ..اطفال سُحلوا تحت اقدام الجوع والفقر والجهل ..
اطفال ترتسم في نظراتهم الذابلة جراح عجز الجيمع عن تضميدها ..اطفال بماض دموي .. وحاضر مخيف .. ومستقبل مظلم ...
لا نملك الا ان نقول .. لكم الله يا اطفال دارفور .. يا جرحنا ... يا عجزنا ... يا وجعنا .. يا غصة في حلوقنا ..
ما اسوأ حظكم الذي جعلكم تنتمون الى وطن لا يعرف قيمتكم .. ولا يهتم بكم .. ويقف متفرجاً على مهرجان موتكم اليومي ..
ما اسوأ حظكم الذي جعلكم تنتمون الى وطن سرق طفولتكم ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

صفقة مع غيمة ...

ذات عمر .. وبينما كنت افترش الأرض بزهد مريح ... وأتأمل السماء بصمت مبهور ... طالعتني غيمة
كانت بيضاء كندف ثلج تآمر مع لونه لتكدير صفو الزرقة التي تحيط به ..
كانت موحية .. غامضة ... متحدية ... مبهجة .. متعرجة كثنايا الروح ... مأخوذة بنفسها عما حولها .. مغرورة بجمالها ..
أسرتني بسحرها .. وطفقت أتابع بتركيز حركاتها المتموجة ...
وفجأة .. بدأت تتحول إلى ملامح وجه أكاد اعرفه .. وجه يبتسم لي بالفة وحنان وعيناه تغمزانني بشقاوة ..
وجه يدعوني لحبه ...
بادلتها الابتسام ... والحب ...
فتحت لها قلبي المتعب .. وأخبرتها بكل أسراري ... ترافقنا لزمن طويل ... وعندما حان وقت الفراق طلبت منها أن نعقد صفقة ...
سألتها أن تصبح صديقتي المفضلة .. وان لا تتخلى عني أبداً ...
طالبتها أن تعود لتراني كل يوم في نفس الزمان والمكان .. تمنيت عليها أن تخصني وحدي برزازها ...
وعدتها أن التزم بالحضور يومياً لرؤيتها والتسامر معها ... وبأنني سوف احمل لها كل يوم سراً جديداً ...
وافترقنا على وعد اللقاء ...


في اليوم التالي ... انتظرتها طويلاً .. لكنها أخلفت وعدها لي ...
التمست لها الأعذار ... ربما تأخرت في الطريق ... ربما عاندتها الريح ... ربما ... وربما ...
وعلى وقع الأعذار ظللت أدوام على الحضور يومياً إلى نفس المكان ... وفي نفس الزمان ...
لكنها لم تحضر قط ...
زارتني مئات الغيمات .. إلا هي ... وهطلت على وجهي آلاف القطرات .. ولم تكن منها ...
فانا اعرف غيمتي جيداً .. واستطيع أن أميزها من بين ملايين الغيمات ...
غضبت ... تألمت ... بكيت ... ثم وعيت الدرس ...
أدركت أن عقد صفقة مع غيمة ومحاولة احتجازها بدعوى الصداقة أو حتى الحب ... هو قمة الغباء ...
الغيمة وحدها هي التي تقرر أين ومتى .. وعلى من ستصب رزازها ...
ومن بعدها ... اعتزلت مصادقة الغيوم ...
وبت أعاتب رزاز كل المطر ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]
فلنحارب ما تبقى من عادة الختان .. فلنحارب وأد احساس النساء ... فلنتبى دعوة لتركهم كما خلقهم الله .. فلنرفض بتر الاعضاء بحجة العادات والتقاليد والعرف والدين وصيانة العفة ...

مقاطع متفرقة من رواية ( حوش بنات ود العمدة ) ...



بعد شهر ونصف من عقد القرآن كانت تزف الى عبد العظيم .. الى رجل غريب لا تعرف عنه شيئاً ..كان شهر العسل هو بداية رحلة العذاب التي استمرت حتى نهاية الزواج القصير ... كانت معلوماتها عن العلاقة الخاصة بين الرجل والمراة قليلة وسطحية حصلت عليها من صديقاتها المتزوجات بالجامعة وكتب قرأتها خفية وعلى استحياء لتتعرف على اسباب مشاكلها الصحية التي بدات مع وصولها الى مرحلة البلوغ ... لم تكن مهيأة لطلبات عبد العظيم الشبقة ولا خبرته العميقة بعالم النساء .. في اول ليلة لهما معا دفعها خوفها للتعلل بالتعب ورغبتها في النوم بعد عناء النهار الطويل حتى تتفادى أي تواصل حميم بينهما .. كان نومها قلقاً متقطعا ً .. استيقظت منه مذعورة قرابة الفجر على ملمس شئ رطب يتجول ما بين وجهها وعنقها ...
فتحت فمها لتبدا بالصراخ لكن عبد العظيم اغلقه بشفتيه في قبلة طويلة انقطعت معها انفاسها .. حاولت ان تتملص من الهجوم العنيف لكن يبدو ان حركاتها المقاومة وهي ترزح تحت ثقل جسده الضخم جعلته يزداد ضراوة واصراراً ... وفي لحظات تحول قميصها الابيض الناعم الى قطع متناثرة ظل بعضها معلقاً بجسدها وتناثرت البقية على الارض .. توقف عبد العظيم عن هجومه وهو يطل عليها من عل متاملاً بعيون لامعة جسدها شبه العاري المصبوغ بلون البرتقال الناضج .. ابتسم برضا وبدا يحدثها همساً بغية تطمينها وازاحة نظرة الرعب المرتسمة على ملامحها ..
- تعرفي يا بلقيس .. انتي حلوة شديد .. انا ما كنت قايلك حلوة للدرجة دي ... اول ما جيتي البلد حكوا لي عنك لغاية ما اصريت اشوفك .. ومن اول لحظة قررت انك تبقي حقتي ..
جفلت بلقيس من جملته الاخيرة ... وحاولت جذب الغطاء لستر نفسها لكنه قبض عليه بيد بينما اتكا بالاخرى على جنبه وعيناه تقومان بعملية مسح كامل لجسدها المسجي امامه بلا حول ولا قوة .. وواصل همسه المحموم ..
- انتي عارفة لو ما كنت عرستك كنت جنيت .. ما عاوزك تخافي يا بلقيس .. سلميني نفسك بس .. انا عارف انو ما عندك خبرة برغم انك قاعدة في العاصمة ومشيتي الجامعة انا سالت عنك في كل مكان .. واكتر شئ عجبني انك بت خام وانا حكون الاول في أي شئ ..
خرجت ضحكته متحشرجة من فرط الاحاسيس التي تعتمل في صدره .. وبدا يفقد السيطرة على حركات يديه فانطلقت تجوب الجسد المتخشب بجراة وحرية ... كانت لمساته خبيرة ... متأنية .. شعرت بها احيانا رقيقة كلمسة الفراشة .. واحياناً مؤلمة ولاسعة كقرصات النحل ..
بدأ جسدها المتشنج يلين ويسترخى تحت تاثير الكلمات الناعمة واللمسات التي تعرف مكامن الاسرار ودخلت في مرحلة خدر لذيذ وانتابتها مشاعر لم تشعر بها قبلاً ... كانت قد بدات تستسلم للمتعة الغامضة عندما سمعت صرخة الاستنكار الصادرة من زوجها ... أحست كانها في بئر عميق وجاهدت كي تطفو على سطح وعيها مجدداً .. تحولت الكلمات الهامسة الى سيل من اللعنات جعلتها تنتفض مذعورة وتعود الى تشنجها .. رفعت رأسها بدهشة وهالها منظر زوجها .. كان ضوء الفجر الشاحب قد تسلل من النافذة وانعكس على ملامحه التي ارتسمت عليها تقطيبة حادة .. وتحول لون بشرته الذهبي الى لون داكن غير مميز ... تصلبت عضلاته وجمدت حركاته وهو ينظر اليها بغضب شديد ... وقبل ان تستطيع سؤاله عما حدث كان قد هب واقفاً .. ارتدى ملابسه على عجل .. وغادر الغرفة دون كلمة واحدة تبدد حيرتها وتهدئ خوفها ...





صبيحة زواجهما غاب عبد العظيم طيلة النهار ..كانت تشعر بالخوف والالم والجوع لكنها لم تجرؤ على طلب خدمة الغرف ..كل ما فعلته هو الاستحمام وتبديل قميصها الممزق ثم الجلوس والتفكير فيما حدث .. ظلت ساعات طويلة تحدق في الباب وهي تامل دخول زوجها ليخبرها ما الخطا الذي ارتكبته ... كان الوقت يتمطى ببطء حقود ... فكرت في الاتصال بامها .. لكن ماذا ستخبرها ؟؟ بأن زوجها هجرها في ليلة زفافها ؟؟ اذا انتشر الخبر سوف تصبح فضيحة مدوية لها ولاسرتها .. كيف ستواجه ابيها ؟؟؟ لابد انها اخطات في شئ ما .. لابد انها فعلت او قالت شيئاً اغضبه .. كانت تحفر عقلها باصرار حتى تتذكر احداث الفجر الغريبة ... لكن معظم ذكرياتها كانت مطموسة ومشوشة وتشعرها بالخجل .. ربما هي قلة خبرتها ؟؟ ربما لانها رفضته وتعللت بالتعب لتتهرب منه في بداية الليلة ؟؟ غلبها النوم وهي متقرفصة في الكرسي الضخم المواجه للسرير ... استيقظت فزعة على وقع خبطة قوية فقفزت حتى كادت تسقط ارضاً... كان زوجها يقف في فتحة الباب مترنحاً بعينان دمويتان ... كانت ملابسه متسخة ومجعدة .. ملامحه مجهدة وجامدة ... اقتربت منه بحذر ..

- عبد العظيم ؟؟ انت كنت وين ؟؟ مشيت وين وخليتني براي الوقت دة كلو ؟؟ في شنو ؟؟ انا عملت ليك شنو زعلك مني ؟؟

خطا خطوة الى الداخل واغلق الباب بكعب حذاؤه .. تقدم نحوها بمشيته المهزوزة والكلمات تخرج من فمه ثقيلة ..

- كنت في السما الاحمر ... مشيت في ستين داهية ..

كانت تتراجع خلفاً وقد ازداد خوفها من اسلوبه ومظهره .. ورائحته ..

- عبد العظيم ؟؟ انت سكران ؟؟

- ايوة سكران ... عندك مانع ؟؟
تعثرت خطواته المترنحة بطرف السجادة المفروشة على الارض وكاد يسقط .. فسارعت اليه بيد ممدودة لتساعده لكنه نفضها عنه بقسوة ونظر اليها شزراً ... ابتعد عنها وارتمى على طرف السرير وهو ما زال مرتدياً حذاؤه ... ومنذ تلك اللحظة بدا يمارس هوايته المفضلة بصب قطرات الاسيد الحارق على روحها ...

- تعرفي يا حرمنا المصون انك طلعتي صفقة خسرانة ؟؟ بضاعة مغشوشة ؟؟

انعقد لسانها من قسوة الكلمات وسالت دموعها غزيرة ..

- بس يا بت السرة انا عاوز اسالك سؤال ... دة شنو ده العندك ده ... يعني عيب اتولدتي بيهو ولا شنو ؟؟ واهلك الطالعين بيك السما ديل وعاملين فيها انو بتهم مكملة .. ما عارفين انك مشوهة كدة وما بتنفعي تعرسي ؟؟ ما تقولي لي انك مطهرة فرعوني وكلام من النوع دة ... انتي ما اول مرا اشوفها .. شفت كتار قبلك ... والظاهر حشوف اكتر بعدك.. يا زولة اقول ليك كلام ؟؟ انتي ميح خالص .. انتي شئ ما مفهوم شئ مقرف ..

خرجت من لسانه اصوات رفض واستنكار بينما كانت يداه تطاردان اشباح وهمية تحوم في الهواء فوق راسه ... فجاة رفع كفه امام وجهها الشاحب ...

- عارفة كفة يدي دي فيها تضاريس اكتر من العندك ؟؟ ... انا في الاول كنت قايل المشكلة في يدي ... لكن بعد شوية عرفت انو المشكلة فيك انتي ... المشكلة فيك انتي المشكلة فيك انتي...
ظل يردد هذه الجملة لفترة طويلة حتى اصبحت معلقة في فضاء الغرفة الساكن .. وعندما صمت اخيراً رفعت رأسها لتجده غارقاً في النوم براس معوج وقدم متدلية خارج السرير ... إنهارت ارضاً وبدات ترتعش من الالم الذي اجتاحها وسلب كل قواها ... هل من الممكن ان تنتهي حياتها الزوجية قبل ان تبدأ بسبب خطا لم يكن لها يد فيه ؟؟!! ...



كانت في السابعة من عمرها عندما اخبرتها امها بان ختانها هي وبدور سوف يكون الاسبوع المقبل صورته لهما وكأنه شئ يستحق الاحتفاء به ... كانت تجهيزاته تشبه تجهيزات العيد ... حضرت الخياطة الى المنزل واحضرت الاقمشة فاختارت بلقيس اجمل الالوان .. وقبل يومين من تاريخ الختان حضر والدها مبكرا وهو يحمل اربع اساور ذهبية عريضة وقلادة طويلة واقراط لكل واحدة من ابنتيه فتوارى الخـوف خلف فرحة الهدايـا والملابس الجديدة ... في اليـوم المشهود حضرت ( الدايـة ) في وقت مبكر ومعها مساعدتها بحقيبتها السوداء الكبيرة ... تم الختان بسهولة بحضور السرة التي امسكت بيد بناتها بينما قامت المساعدة بتثبيت القدمين .. احست بلقيس بوخزة الحقنة ومن ثم تبعها وضع شريط لازق صغير في راس الجرح .. كان الختان ايذانا ببدء اسبوع من الدلال الزائد اصبحت فيه طلباتها هي وشقيقتها اوامر تنفذ بلا نقاش ... انهالت عليهما النقود التي تبارى الاهل والجيران بدسها تحت الوسائد ... كانت بدور ابنة السادسة سعيدة لدرجة انها طلبت من والدتها ان تجري لها عملية ختان كل شهر ...
بعد انقضاء ثلاثة اسابيع ذهبوا الى القرية لزيارة الجدود ... وهناك حصلوا على مزيد من الهدايا والنقود ... عقب وصولهم بيومين وبينما كانت بلقيس تستعد للنوم مع صغيراتها اتت الجدة وبدا فاصل جديد من الاحاديث والحكايات .. فجاة طلبت منها جدتها طلباً غريباً جعل بلقيس تنكمش خجلاً..

- كدي تعالي يا بت يا بلقيس خليني اشوف طهورتك ...

رفضت بلقيس واختبات خلف امها .. لكن الجدة اصرت فما كان من السرة الا ان نهرتها بعنف

- يا بت انتي بتخجلي من حبوبتك ؟؟ يلا امشي وريها طهورتك ...

عندما خلعت سروالها الداخلي وباعدت بين قدميها , ارتسمت نظرة رعب في وجه الجدة وضربت صدرها بكفها وهي تشهق ..

- سجمي يالسرة !!! دة شنو ؟؟ وينو الطهور ؟؟ ما تراها البت قاعدة زي ما هي !! انتي بتغشي على روحك ولا على الناس ؟؟ وافضيحتنا لو زول عرف بناتك ما مطهرات دي بكرة تبقى لينا نبزة .. تعالي يا بت يا بدور خليني اشوفك انتي كمان .. والله الداية دي ضحكت عليكم وشالت القروش ساكت ... انتي مالك يالسرة ؟؟ عميانة ؟؟ ما شفتيها ولا ما شفتي بناتك ؟؟

عندما استطاعت السرة الرد على سيل التانيب ردت بحرج ...

- يمة حامد هو الجاب الداية .. وحذرها قدامي انها ما تطهر البنات فرعوني ... والله انتي لو عرفتي هو حتى طهورة السنة دي ما كان راضي بيها الا انا اصريت عليهو شديد ..

اخاف شكل الجدة الصغيرات فاختبان وراء ظهر السرة التي عجزت عن تهدئة امها الغاضبة

- شوفي يالسرة .. ما تقولي لي حامد ولا ابوهو العمدة زاتو ... من متين الرجال بيتدخلوا في الحاجات دي ؟؟ كويس انك جيتيني عشان نصلح الغلط دة ..بكرة بدري انا حرسل للداية الليلنا عشان تجي تطهر البنات ديل طهورة زي الناس ..

حاولت السرة الاحتجاج لكن الام المتسلطة قاطعتها بلهجة لا تقبل النقاش

- بكرة حنعيد الطهور يا بلقيس .. ولو خايفة من راجلك ما تجيبي ليهو أي سيرة .. انا مستحيل اخلي البنات بالصورة دي ... يا غبيانة بكرة يكبروا ومافي زول يرضى يعرسهم ليك ...
لم يكن امام السرة الا الموافقة على اصرار امها باعادة الختان شريطة اخفاء الامر عن حامد ... وفي صبيحة اليوم التالي تمت المجزرة ... وبرغم حقنة البنج الكبيرة التي وزعتها المراة الغليظة في جميع الاماكن .. لكن بلقيس احست بضربات الموس وهي تقطع لحمها البض تحت ارشادات جدتها..

- اقطعي كويس شيلي من هنا ... واسي الجنبة دي ... ما تخلي أي حاجة بارزة .. عاوزاها طهورة صح .. خليو املس زي كفة يدي دي ... خيتي لتحت شديد ... ضيقي الفتحة اكتر من كدة ...

كان الالم اقوى من قدرة بلقيس على الاحتمال فوضعت السرة قطعة قماش بين فكيها حتى لا تصرخ حاولت ان تبدي اعتراضها على ما يحدث لابنتها ... لكن الجدة لم تعطها فرصة واسكتتها بصوتها الجهوري ....

- مالك يا السرة ؟؟ انتي قعدة امدرمان خربتك ولا شنو ؟؟ ما ياها دي الطهورة العملناها ليك ولكل اخواتك .. وقبل كدة عملوها لينا نحن ولاماتنا وحبوباتنا ... لو ما قادرة تحضري اطلعي برة وجهزي البت التانية ...

غاصت الابرة المعقوفة عميقا في اللحم الطري وانتشرت رائحة الدم وعبأت جو الغرفة فافلتت بلقيس قطعة القماش واطلقت صرخات داوية هزت اركان البيت فانهارت السرة وهي تبكي عذاب ابنتها ..

- كفاية يا امي .. عليك الله كفاية البت حتموت ..

لمدة اسبوع بعدها ظلت بلقيس ترتعش من الحمي .. خاصمت الاكل .. امتنعت عن شرب الماء والتبول حتى تتفادى الالم الحارق للسائل الذي يخرج بصعوبة ويكوي جراحها النازفة ... احتباس البول داخل بطنها جعلها تنتفخ وتتكور حتى باتت كالحبلى .. اصيب الجميع بالقلق .. وعادت الداية المذعورة مرات ومرات ... واقتصرت مهمة الجميع في حثها على التبول بالاقناع احيانا .. وبالتهديد احيانا اخرى ... لم تعد والدتها تتزحزح من جانبها وهي تستجديها باذلال ..

- يا بتي استريني الله يسترك دنيا وآخرة .. لو أبوك عرف حيطلقني ... انتي عاوزاني اتطلق يا بلقيس ؟؟ لو ما بقيتي كويسة دة الحيحصل .. انتي ما صغيرة وعارفة شنو معنى الطلاق مش كدة ؟؟ انا والله ندمانة وسافة التراب لاني وافقت حبوبتك على إعادة الطهور لكن خلاص الحصل حصل .. الله يرضى عليك يا بلقيس ما تبقي سبب طلاقي من ابوك ...
تعللت السرة بمرض والدتها حتى لا تعود الى بيتها ويكتشف حامد ما فعلته بابنتهما ... وكانت تدعو الله عدم حضوره .. بعد اسبوعين تماثلت بلقيس جسديا للشفاء ...لكن روحها كان قد اصابها شرخ غائر لم تشف منه ابداً ... لكن ما حدث لها اعفى شقيقتها الصغرى من مؤامرة المجزرة ..
بمرور الايام تناسى الجميع التجربة المؤلمة حتى وصلت بلقيس الى مرحلة البلوغ وبدات مشاكلها الصحية تتزايد ... كانت تعاني بصمت وخجل من التهابات متواصلة .. واصبحت ايام دورتها الشهرية فترة معاناة لا توصف ... لم تكن تشتكي .. لكن كثيراً ما تفضحها اهات المها ودموعها العاجزة .. في احدى المرات وبعد ان فشلت كل جهود السرة في تخفيف الآمها باكواب النعناع والحرجل المغلي ... سالتها بهمس ...

- بلقيس ؟؟ انتي بتبلعي حبوب المغص الجابها ليك ابوك ؟؟

- آي ببلعها.. لكن ما عاملة لي أي شئ .. انا اكتر شئ متعبني انو الدم ما بنزل كويس عشان الفتحة ضيقة شديد .. ومرات بتجمع وبيكون قطع لمن تجي تنزل بتالمني تعرفي انا مرات الا ادوس شديد عشان طرفها يطلع واقوم اجرها لبرة ... يمة ؟؟ ممكن توديني لدكتورة تعمل لي عملية توسع الفتحة دي شوية ؟؟؟ انا خلاص تعبت وما قادرة اتحمل الالم دة كل شهر ...

كانت المرة الاولى التي تناقش فيها بلقيس مشكلتها مع أي مخلوق آخر ... واتى رد فعل السرة الغاضب ليجعلها الاخيرة ...

- سجم خشمي .. كيفن يعني تعملي عملية وتوسعي الفتحة ؟؟ يا بت انتي جنيتي ولا شنو ؟؟ ما عاوزة اسمع كلام فاضي زي دة ... وما عافية منك لا دنيا ولا آخرة كان جبتي السيرة دي تاني .. انتي ما اول ولا آخر بت تتالم .. ياهو دة سلو البنات كلهن من الله خلق الدنيا ولمن تقوم القيامة .. اتحملي شوية ... بكرة تعرسي والمشكلة تخلص ...

لكن يبدو ان مشكلتها الحقيقية قد بدات بعد الزواج ولم تنته به ... كان راس بلقيس المتلصق بالارض ينبض الماً وهي تستمع الى شخير عبد العظيم الرتيب ... الحت عليها افكار يائسة ..كان اشدها إيلاماً ان التعاسة ستكون قدرها المسطور الذي لن تملك منه فراراً ...



مر الاسبوعين المقررين لبقائهما في الفندق ببطء السلحفاه ... واحست بلقيس كأن معاناتها تزيد من طول الزمن وتمدده الى ما لا نهاية ... وعندما اعلن زوجها برغبته في مغادرة الفندق احست بالفرح لاول مرة منذ فترة طويلة لان البقاء في غرفة الفندق المنعزلة اصبح عذابا يفوق الوصف ... كان عبد العظيم يغيب عنها بالساعات الطوال تاركاً لها حصيلة من الكلمات المهينة التي تجرحها بصورة لم تكن تتخيل انها قد تتحملها ... وعند حضوره يبدا فاصل العذاب الجسدي .. لم يعد للامر علاقة بالمتعة او الرغبة بعد ان تحول الى تحد وصراع بين رجل فخور بقدراته وامكاناته .. وحاجز منيع رفض الاستسلام ... كانت تستعد له كما الشاه التي تساق الى الذبح .. تستلقي في السرير جسدا بلا روح وتنتظر الهجوم الشرس الذي تزيده مناعة الحاجز شراسة ... احيانا كانت تضع طرف الغطاء بين اسنانها حتى لا تفضحها صرخاتها .. تماما كما علمتها امها يوم اعادة ختانها ... وكثيرا ما انقذها فقدانها للوعي من معايشة الالم الرهيب ...



حاولت ان تتمسك بنصيحة امها .. فتحملت شتى صنوف الالم الجسدي والمعنوي ... لكن يبدو ان تقدم عبد العظيم البطئ وعدم قدرته على اختراق السد المنيع اصبح اكبر من قدرته هو على التحمل خصوصا بعد ان فقدت الوعي ثلاث مرات خلال ثلاث محاولات متتالية .. في المرة الاخيرة وبعد ان افاقت اتجهت الى الحمام بخطوات واهنة ... عند عودتها وجدته جالسا على طرف السرير وهو ينفث دخان لفافة التبع بشراهة ... نظر اليها بحقد واحتقار ..

- تفتكري يا بت السرة انا اعمل معاك شنو ؟؟!! انا زهجت وقرفت وكرهت اليوم العرستك فيهو ..

قاطعته بهدوء ...

- وديني لدكتورة ...

هب صارخاً...

- اوديك دكتورة ؟؟ والدكتورة حتعمل ليك شنو ؟؟انتي عاوزة تفضحيني ؟؟ عاوزة الناس تقول علي ما قدرت ؟؟ لعلمك انا مافي ( مـرا ) قبـل كـدة غلبتني ... لكن انتي ما ( مرا ) انتي حاجة كدة مشوهة ومبتورة وما معروف ليها راس من قعر ... انتي ..

قاطعته بصوت حاد زاعق ... صوت امراة اصبح جرحها اكبر من قدرتها على السكوت ..

- كفاية حرام عليك يا عبد العظيم .. انت ما بتتعب من التجريح والاهانة ؟؟ يا اخي انا جبرتك تعرسني ؟؟ انا جريت وراك ؟؟ مش انت الجريت وراي واصريت برغم انك كنت عارف اني ما عاوزة اعرسك ؟؟ انت بتعاقبني على شنو ؟؟ وضعي دة انا ما لي ذنب فيهو ... دة شئ حصل وانا عمري سبعة سنين ... يا ود الناس قدامك حاجة من اتنين يا توديني لدكتورة تشوف لينا حل .. ولا ترجعني بيت ابوي .. ولغاية ما تقرر تاني ما تلمسني ولا تجي جنبي .. كفاية العذاب الانا عايشة فيهو لي شهر كامل ..كفاية يا عبد العظيم .. كفاية ..
خيار الانفصال بعد شهر واحد من الزواج لم يكن وارداً في حساباته ولا يستطيع تحمل تبعاته ... اخذها الى طبيبة معروفة في مجالها ... وبعد الكشف جلسا متقابلين امام مكتبها ...

- شوف يا سيد عبد العظيم ... حالة زوجتك دي ما اول حالة تجيني بالصورة دي .. وان كانت اصعب حالة ختان اشوفها لغاية الان ... يبدو انكم حاولتوا بالطرق العادية وفشلتوا ودة واضح من الجروح والتمزقات الشفتها ... انا عندي حلين للموضوع وانتو اختاروا البناسبكم .. الحل الاول اننا نعمل جراحة صغيرة نوسع بيها الفتحة لمستوى معقول والباقي الطبيعة حتتكفل بيهو ... الحل التاني انك تصبر لفترة ممكن تطول او تقصر حسب التجاوب والاستعداد وانا ممكن اديكم مراهم وملينات تحد من الالم وتساعد على سلاسة العملية .. القرار راجع ليكم انتو الاتنين فكروا وادوني ردكم ..

اتت كلمات بلقيس في شكل رجاء حار ..

- العملية

واتى رد عبد العظيم حاسماً

- عملية لا ..

نهضت الطبيبة من مقعدها ... ونظرت اليهما بتفهم ..

- انا حخليكم مع بعض شوية .. اتناقشوا وقرروا .. لمن ارجع وروني عاوزين شنو ..
حاولت بلقيس اقناع زوجها بالموافقة على العملية لكنه رفض بشدة .. خرجا من عيادة الطبيبة بروشتة طويلة قام عبد العظيم بشراءها من الصيدلية المجاورة ... ليلتها خف الالم قليلا كما قل تذمر عبد العظيم ... عندما اكتمل الشهر الثالث لزواجها ... بدات اعراض الحمل تظهر على بلقيس ... وانحصر وحمها في رفضها العنيف لزوجها .. لرائحته ولوجوده وكل ما يختص به ... كانت تصاب بالغثيان ما ان تراه وتغيب داخل الحمام فترات طويلة وهي تتقيا كل ما بداخلها حتى هزلت صحتها ولم تعد تقوى على الوقوف ... فوافق عبد العظيم على مضض بانتقالها الى بيت ابويها .. وظلت هناك اربعة اشهر وهي تحاول ان ترمم روحها المتصدعة ... بعد عودتها .. اعفاها زوجها من رؤيته الا فيما ندر ... يغيب طيلة النهار .... يعود عصراً ليتناول طعامه وحيداً .. يستحم ويتعطر ويخرج ... يعود بعد منتصف الليل منتشياً وتفوح منه روائح نساء أخريات ...

للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

حذف للتكرار ...
آخر تعديل بواسطة سناء جعفر في الأربعاء أكتوبر 14, 2009 11:54 am، تم التعديل مرة واحدة.
للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]قصقصة الاجنحة بمقص صدئ داخل سجن الرقابة ..

بمناسبة مرور عام على منع نشر رواية ( حوش بنات ود العمدة ) ...


منذ عام تقريباً .. اقنعني صديقي وابي الروحي الباشمهندس ابوبكر سيد احمد بضرورة نشر روايتي المذكورة اعلاه في احدى الصحف السودانية بغرض تعريف القارئ السوداني بكتاباتي .. خصوصا وان اقامتي خارج الوطن لا تتيح لي فرصة التواجد في المشهد الثقافي هناك ..
وتم التواصل مع الاستاذ / مصطفى البطل الذي تكرم مشكوراً بالاتفاق مع الاستاذ / عادل الباز - ريئس تحرير جريدة الاحداث على نشر الرواية في حلقات ..
وتم الاتفاق ( بدون اي مقابل مادي ) على النشر في حلقات ..
كان شرطي الوحيد هو عدم تغيير او حذف اي حرف في الرواية .. ونشرها كما كتبتها بدون اي تعديلات ..

في اكتوبر 2008م بدأ النشر .. الفصل الاول ... الفصل الثاني .. الفصل الثالث ..
ثم اوقف النشر بناء على امر الرقيب ..
شعرت بالغضب ... والاسف.. والحسرة ..
وتساءلت .. لماذا اوقف النشر ؟؟ ..

كنت وما زلت أؤمن بدور الرقابة في غربلة المواد المعدة للنشر .. كإيماني بمسئولية الكاتب وقدرته على تشكيل رؤى متباينة حول ما يخطه قلمه ...
لكنني ارفض بشدة :
الرقيب الأعمى الذي لا يرى ابعد من أرنبة انفه ..
الرقيب الجاهل المتجاهل لعمق الموضوع ..
الرقيب البليد الذي لا يفرق بين الأدب و ( قلة الأدب ) ...

فالرقابة غير الواعية هي انتهاك للعقل .. وإساءة للقلم .. واستهانة بالكاتب الذي اعتصر روحه في حروفه ...
وهي أيضاً محاولة لسجن الخيال داخل زنزانة تفتقر للضوء والهواء ويسكنها العفن .. وتعمد دفن الإبداع تحت أكوام من العبارات الضيقة التي لا تغطي المفهوم الواسع لمقصد الكاتب ...

وللحديث بقية ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]عندما نمى الى علمي قرار المنع تساءلت ...
لماذا نكتب ؟؟!! ...
ولمن نكتب ؟؟!! ...
وكيف نكتب ؟؟!! ...
بأي لغة نكتب ؟؟!! ..
وكيف نقيّم ما نكتب ؟؟!! ..

أعترف بأن " حوش بنات ود العمدة " رواية جريئة .. لكنني اعلم علم اليقين بأنها ليست رواية ( اباحية ) أو ( خارجة ) ...
لقد ناقشت فيها مشاكل شديدة الحساسية .. ووجدت صعوبة في محاورة اللغة حتى تمنحني عبارات لائقة احكي بها مشاهد قد تصنف بأنها ( غير لائقة ) ...
ولم تخذلني اللغة .. استطعت ان اتجنب مصيدة الابتذال .. وكتبت المشاهد الصعبة بلغة سهلة ... نظيفة ... بعيدة عن الإسفاف والسوقية ...
بعد ذلك .. استجمعت كل شجاعتي لأقدم على نشرها ...
واستعصمت بكل حبال قوتي حتى استطيع الصمود في وجه رياح النقد وسهام التجريح التي كنت اعلم أنها ستطالني بوصفي إمراة تجرأت ومست ما لا يمس .. تجاوزت الخطوط الحمر الوهمية ودخلت الأماكن المحظورة ...

أثلج صدري وعي القارئ السوداني الذي تقبل ما كتبت بنفس الروح التي كتبته بها ... واندحرت مخاوفي وتقهقر قلقي أمام الحفاوة التي قوبلت بها الرواية ...
ثم ماتت فرحتي بقرار الرقيب منع النشر ... وابتدأ سيل الأسئلة عن سبب المنع .. فسالت الأقربين عن تقييمهم للحوش ...
أتاني نقد تقبلته بصدر رحب من احد أصدقائي ... وتلخص في أنني قد حشوت الرواية بكم هائل من المشاكل الصعبة التي لو قمت بتفكيكها لكتبت عنها عشر روايات أخرى ...
كان محقاً في نقده ... وكنت محقة في رؤيتي ...


وللحديث بقية ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]
قال الشاعر والروائي الأردني ( إبراهيم نصر الله ) صاحب رواية ( زمن الخيول البيضاء ) عندما سئل عن الكتابة ( الكتابة قادرة على إزالة صدا الروح الإنسانية ... وكتابة الرواية هي عبارة عن جدل ضفيرة من الواقع والخيال ) .
منذ بدء أول سطر كنت مدركة بأنني قد حشوت الرواية بكل الأشياء التي اعتملت في مخيلتي .. أفرغتها مرة واحدة .. خوفاً من أن تخونني شجاعتي ولا استطيع كتابتها مرة أخرى في قصص أخرى في زمان آخر ...
جدلت شخوص الحوش بضفائر من الخيال والواقع .. وكنت أحاول أن أزيل صدأ روحي ... وأضيف شيئاً إلى إنسانيتي بمشاركة شخوص واقعية موجودة في حياتنا ومن حولنا تعاني بصمت ولا تستطيع أن تفصح عن مشاكل صنفت في خانة العيب والممنوع الحديث عنه منذ زمن طويل ...

كم امرأة في مجتمعنا تعاني من الآثار الجسدية والنفسية السيئة للختان الفرعوني ؟؟!! ..
كم زوجة في مجتمعنا صامتة عن ممارسات زوجها الشاذة ؟؟ ..
كم صغير في مجتمعنا اغتصب ولم يعالج نفسيا قبل أن تكبر معه آثار اغتصابه ليكبر ويتحول هو نفسه إلى مغتصب آخر ؟؟!! ..
كم رجل في مجتمعنا اجبر على الزواج من أرملة شقيقه .. وكم امرأة أجبرت لتحل مكان أختها في حياة وفراش زوجها ؟؟!! ..
هل توجد إحصائيات عن حجم انتشار الزواج العرفي بين طلبة الجامعات ؟؟!! ...
هل صمود الحب في وجه الظروف والزمن أكذوبة وحلم ؟؟!! ..
لماذا تحكمنا العنصرية وتفرقنا العصبية ؟؟!! ...

هذه هي المحاور التي دارت حولها أحداث رواية " حوش بنات ود العمدة " ...
ظللت فترة طويلة أتساءل عن الرقيب الذي منع نشر روايتي ..
هل يا ترى كلف نفسه عناء قراءتها حتى نهايتها ؟؟!! ..
أم اكتفى بقراءة أجزاء صغيرة ثم اصدر حكمه بناء على تقديره الخاص المبني على فهم مغلوط وتصنيف مجحف بأنها رواية مثيرة وخارجة عن حدود الأدب المتعارف عليه ؟؟!! ...
هل فهم رسالتها ؟؟!! ..
أم اكتفى بقراءة سطحية تتمسك بالقشور وتأبى التعمق تحت السطح ؟؟!! ...


وللحديث بقية ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

أسوأ ما يمكن أن يحدث لكاتب هو محاولته الدفاع عن ما يكتب ..
وإجباره على حمل لافتة كتب عليها إعلان رخيص بأنه في نهاية القصة يوجد تبرير لكل ما كتب فيها ...
ولماذا نبرر والواقع حولنا يبرر لنا ما كتبناه ؟؟!! ...

إذا كان هذا واقعنا فلماذا رفض الرقيب نشر قصة حكت اقل بكثير مما يدور ويجري تحت سمع وبصر الكل ؟؟!! ..
أهو منطق النعامة ؟؟!! ... أم هو الخوف من مواجهة الكلمة المكتوبة التي تبقى حتى بعد فناء من كتبها ؟؟!! ...
اهو النكران الغبي لحقائق لم تعد خافية على احد ؟؟!! ..

أتمنى في يوم ما أن أقابل هذا الرقيب الذي منع النشر لأساله كل الأسئلة التي تدور بعقلي ..
أتمنى لو عرفت اسمه وعنوانه حتى أرسل له ورقة صغيرة كتبت فيها بضعة اسطر نقلتها من إحدى روايات الكاتبة الجزائرية ( أحلام مستغانمي ) وخلاصتها :

لا تبحث كثيراً .. لا يوجد شئ تحت الكلمات ...
إن امرأة تكتب هي امرأة فوق الشبهات ..
لأنها شفافة بطبعها ..
إن الكتابة تطهرنا مما يعلق بنا منذ لحظة الولادة ...
ابحث عن القذارة حيث لا يوجد الأدب ...

وانتهى الحديث ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]من مدونتي ...

أحـــاســــيس .. معــبـــــأة ...


كان يا ما كان .. في قديم الزمان ... وسالف العصر والاوان .. عادة تدعى كتابة الرسائل ..
كانت تتم في ورق ابيض او ملون ...سادة او مسطّر ... بقلم أسود او أحمر او أزرق أو أخضر ...
في باطنها تتشكل مشاعر واحاسيس لتصبح كلمات ... كلمات تتمتع بخصوصية فريدة .. وتحمل ملامح من كتبها ...

أحبك ...
أشتاق إليك ..
انا غاضب منك ... انا حزين .. انا في قمة السعادة ...

كلمات تتحول من مجرد طبعة حبر على سطح املس .. الى ابتسامة .. او ضحكة .. او تقطيبة و دمعة ...
اجمل ما في الرسالة انها بعد القراءة الاولى تطوى بحرص .. وتحفظ في مكان امين .. واثناء طيها .. تطوى معها المشاعر التي ولدّتها لحظة قراءتها ...
بمرور الزمن .. تتعتق تلك المشاعر .. وتصبح لها رائحة .. وطعم .. يأتينا على عجل ما ان نعيد فض الورقة ...

في الزمن الحاضر .. اصبحنا نعبر عن مشاعرنا ببطاقات مليئة بالكلمات الجاهزة ..
ضغطة زر من فارة الكمبيوتر تعطيك الاف المواقع المتخصصة .. بطاقات معايدة .. بطاقات تعزية .. بطاقات تهنئة .. بطاقات مكتوبة بواسطة شخص غيرك ترسلها لمن تحب وتعبر له عن حبك وشوقك !!..

انه زمن زمن المشاعر المعبأة في بطاقات .. ومرسلة عن طريق رسالة هاتفية قصيرة ...
احاسيس (Ready Made) ...نظيفة .. لم تختبر معنى الاتساخ ببقع الحبر من قلم تعاطف مع الحرف حتى ادماه فسكب قطراته في اصابع مرتعشة من اللهفة او الخوف او الالم او الوجد ...

انه زمن الاحاسيس ( العابرة ) للمدن والقارات ..
ففي صباح مميز ... تقرر ارسال رسالة نصية من هاتفك الى شخص مقرب اليك .. تكتبها بمشاعرك لتعبر بها عن احساس خاص ... من استلم رسالتك يعجبه فحواها .. وبلا تفكير يعيد ارسالها الى آخر .. في بلد آخر ... و الذي بدوره قد يعيد ارسالها الى آخرين ... في بلاد اخرى ...وتفاجأ بعد ايام برسالتك تعود اليك من شخص غير الذي ارسلتها له !!! ... فلا تملك الا ان تتساءل : هل احس كل من استلم هذه الرسالة باحساسك لحظة كتابتها ؟؟!! ..
ولا تملك الا ان تحزن لان الرسالة التي اردت لها ان تكون خاصة .. قد تحولت الى احساس معلّب .. يتم تداوله بكل بلادة ...

هل انتهى زمن كتابة الرسائل ؟؟!!
ربما لا .. بدليل وجود المؤسسات البريدية في كل مكان ..
عن نفسي .. لم اجلس منذ زمن طويل لكتابة رسالة ... ليس عزوفا من جانبي ..
ولكن خوفا من تعليقات مستلم الرسالة من شاكلة : لا حولتن !! .. انتي لسة من زمن الجوابات ؟؟ ياخي انتي دقة قديمة خلاص ..
ما سمعتي باختراع اسمو بريد الكتروني ؟؟ رسائل نصية قصيرة .. دي حتى اسرع واوفر ...

نعم سمعت بالبريد الاكتروني واستخدمه بكثرة .. وكل يوم ارسل وأستقبل عشرات الرسائل النصية القصيرة على هاتفي ...

لكن ...

المشكلة أنني لا أجد فيهم عبق الورق المحمل بروائح من احبهم ... لا ابتسم وانا اقرا الخط المائل لاحدى صديقاتي .. او انتشئ باناقة خط الاخرى ...
لا استطيع الاحتفاظ بهم لعشرين سنة قادمة حتى لو احببت ..
وحتى لو قمت بطباعتها .. لن تكون الرائحة نفسها .. ولا الخصوصية نفسها .. وسوف تصبح عينة اخرى من الاحاسيس المعبأة ...


كم تشتاق يداي لملمس مظروف ياتيني عن طريق البريد .. افضه بفرح .. اقراه بنهم .. استنشق رائحته بشوق ... اتفاعل مع ما فيه بكل جوارحي ..
وعندما انتهي .. احفظه في مكان امين .. لاعود اليه ذات حنين ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]
في قلب الضجيج .. كنت ...

لمدة ثمانية ايام وسبع ليال .. في قلب الضجيج كنت .. في قاهرة المعز ..
في هذه المدينة الصاخبة .. الضاجة .. التي تكره السكون .. وتخاصم النوم ..
مدينة نقلت اليّ عدواها .. فاصبت ايضا بارق عنيد قاوم كل محاولاتي المستميتة بالرجوع الى عادتي في النوم المبكر ...
واصبح التواصل بين جسدي والسرير في حالة نفور دائم ..
هل هو قلق التآلف مع مكان غريب ؟؟
ام هي وخزات الحنين الى اشيائي المعتادة التي فارقتها لفترة قصيرة .. ومؤقتة ؟؟!! ...

اثناء هذه المهمة القصيرة اكتشفت ان الفة الاماكن وآفة الاعتياد معطيات تتحكم في قدرتنا على التعامل مع المستجدات دائمة كانت ام مؤقتة ...
تعطل لغة التواصل ... وتجعل الاحساس بالمكان مبتوراً ...
اداركي بقدرة الانسان على التأقلم مع اي وضع يجد نفسه فيه طواعية او قسراً .. تعارض بشدة مع عدم قدرتي على التاقلم والتي وصلت الى حد الرفض المتطرف لكل شئ حولي .. للجو .. لرائحة الطعام ونوعه ... للاصوات ..
وبالمقابل .. احسست ان المكان ايضاً يرفضني ..
يملؤني يقين بان الاماكن ليست مجرد وعاء جامد لا يحس ولا يتفاعل ..
الاماكن كائنات حية بقرون استشعار شديدة الحساسية .. تستشعر بها الفتنا ونفورنا .. حبنا وكراهيتنا .. خوفنا وقلقنا ..
وتبادلنا الاحساس باحساس يشبهه ..
الاماكن لها رئة تتنفس .. وقلب يشعر ...
ربما لهذا لفظتني القاهرة هذه المرة .. لانها استشعرت ضيقي من زحامها المتزايد .. وضجيجها الذي لا ينقطع .. من لزوجة بعض قاطنيها .. والمادية القبيحة التي تحكم الافعال هناك ...
كنت اتفلت من صخبها كما الماء من بين الاصابع .. فيغزوني بوقاحة كما الريح من شقوق الابواب ..
كل شئ هناك يصرخ .. البشر ... السيارات .. الحيوانات ... والكل هناك لا يتقن لغة الصمت .. الا لسويعات قليلة تفصل بين عسعسة الليل وتنفس الصبح ..
سويعات نادرة يهدأ فيها الفوران .. تذوب فيها فوضى الاصوات في فضاء الصمت .. ويسود فيها سكون مترقب ...
هذه السويعات كانت زادي .. فيها اشحن بطاريات روحي التي استنزفت فيما عداها ..
وفيها اشاغب كل الكتب التي احضرتها معي او كانت نتاج جولاتي الطويلة على المكتبات هناك ...

ولي عودة ...



للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]ثرثرة حميمة جداً ... وغير مترابطة ...

الآن ...

** الآن تداهمني اليه نوبات حنين مجنونة .. تلهبني بوقع خطاها النارية على حواسي الحائرة من المفاضلة بين امنيات تتربع على ارجوحة مربوطة بحبال واهية بين شجرتي الممكن والمستحيل ..

** الآن اغرق في خدر لذيذ يسرقني من عالمي الملئ بالظلال الى عالم آخر .. أغلق فيه الضوء ابواب العتمة .. ونبتت فيه ازهار على حواف قلبي ... وفُرش سطحه بعشب أخضر زاهي ...

** الآن يتمطى رهقي حتى يصبح بطول قامتي .. ويتلبسني من مفرق رأسي حتى قدمي .. استسلم له بيأس مريح بعد ان استنفذت كل قواي في محاربة اشباح الماضي .. وبناء سدود تقيني خطر فيضان ذكريات غير مرغوبة ..

** الآن أنا حبلى بافكار شتى .. أفكار تشكّل بعضها سفاحاً خارج شرعية عقلي المهووس بالحلال والحرام .. وبالخطا والصواب .. أفكار تمد لي لسانها وهي تحتل خلايا ( نافوخي ) العنيد الذي يحاول بتعنت ان يدحرها .. افكار تسخر من نظرتي ذات الاتجاه الواحد .. وتجبرني على اعادة التفكير في الاتجاهات الكثيرة التي تحفل بها الحياة .. أفكار تدهشني ... وتخيفني من تلك الثقوب السوداء التي تسكنني وتبتلعني داخلها احيانا ... فاغيب عن نفسي وعن عالمي المعهود ..

** الآن أصبحت أغض الطرف عن تفاهات الآخرين التي اتعثر بها في دربي .. كنت قد اعتدت على وطأها بقدمي .. سحقها وازاحتها .. لكن خلو الدرب اشعرني بالملل ... ونظافته اشعرتني ببرودة الموت .. لقد اكتشفت ان تفاهات الآخرين هي احدى علامات الحياة .. وهي باعث للحراك و محرض على الانتباه .. بدونها يصبح الدرب مضجراً ... ومثالياً أكثر مما يجب ...

** الآن اداري سوأة روحي .. واخصف من ورق تجاربي لاغطي عورة افكاري وانا العن شيطان القلم الذي وسوس لي بأن الكتابة هي دواء الروح وعلاج للجروح ..
وان الكتابة هي ضمان للخلود في ذاكرة البشر التي جُبلت على النسيان .. هذه الذاكرة التي تعمل كمرآة ملعونة تعكس ما تراه امامها من صور ظاهرية قد تكون مغايرة للصورة الحقيقية .. لذلك بت اخبئ افكاري عن هذه المرآه الكاذبة ... وأدثرها بلون لا تستطيع ان تعكسه ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]
من مدونتي ...

عصر الانحطاط ....


هل نعيش الآن في عصر الانحطاط ؟؟!!
ما هو مفهوم الانحطاط ؟؟!!
وكيف ندرك اننا وصلنا الى هذا المستوى المتدني ؟؟!!

يؤكد المفكر الفرنسي روجيه جارودي أننا نعيش الآن عصر الانحطاط برغم التقدم العلمي والتكنولوجي المذهل الذي تحقق فيه ، لأن التقدم العلمي والتكنولوجي لا يصنع حضارة إذا لم يرافقه تقدم في كل العلوم والآداب والفلسفات والفنون ...

فلنبدا بالعلوم ... هل يستخدم التطور العلمي الحالي لصالح البشرية ام لضررها ؟؟!!
العلم الذي اوصلنا الى القمة في مجالات كثيرة .. واستخدم لاكتشاف علاج لكثير من الامراض المزمنة والمستعصية .. هو نفسه العلم الذي استخدم للتلاعب بالجينات وعمليات الاستنساخ المثيرة للجدل .. هو نفسه العلم الذي استخدم لصنع فيروسات فتاكة واستخدامها كسلاح بايولوجي للقضاء على البشر .. هو نفسه العلم الذي استخدم لصنع القنبلة الذرية ...

التكنولوجيا .. اوصلتنا الى القمر وجعلتنا نلامس النجوم ... اختزلت المسافات والمساحات .. اختصرت الزمن وقلصت الكون ليصبح قرية صغيرة اذا عطس احدهم في اقصاها .. يسمعه الاخر في ادناها ...
التكنولوجيا ... اداة للتجسس والغاء لحرية الافراد والدول .. اداة لاختراق الخصوصية ومعرفة ادق الاسرار ... وسيلة مساعدة للكسل وتهميش العنصر البشري امام سطوة الآلة .. ومبعث للخوف من التصورات المستقبلية الخيالية عن عصر نصبح فيه مجرد عبيد للآلات ذات الذكاء الصناعي التي تفوقنا قدرة وعدداً ...

الفنون .. هل انقرض العظماء في مجال الفن ؟؟!! ...
على المستوى العالمي .. لماذا ما زلنا نعيش على امجاد موسيقى بتهوفن وموزارت وشوبان ؟؟!! ...
لماذا وصلت أسعار لوحات الرسامين الراحلين الى مبالغ فلكية ؟؟!! ..
وعلى المستوى الاقليمي والمحلي ... لماذا تحول الغناء الى صراخ مزعج برغم المحسنات التكنولوجية ؟؟!! ...
لماذا يعتمد أغلبية الفنانين الجدد على اغاني من سبقهم ويتوقف نجاحهم اذا ما حاولوا الاعتماد على انتاجهم الخاص ؟؟ ...

لماذا اصبح هندام الشباب عبارة عن ( هلاهيل ) بالكاد تستقر في منتصف المؤخرة وتظهر ما يجب ان يستر ؟؟...
لماذا تناقصت عبارات راقية مثل ( شكراً ) و ( آسف ) و ( من فضلك ) حتى شارفت على الانقراض ؟؟!! ...

لماذا اصبحت الاخلاق كلمة مطاطة تتمدد كل يوم لتشمل اشياء كانت بالامس القريب مرفوضة ومستهجنة ؟؟!! ...
لماذا اصبح كل جيل ياتي يترحم على الايام السابقة ويلعن الحالية ؟؟!! ...

هذا العصر حقاً غريب .. ملئ بالتناقضات المدهشة .. الانفلات و التزمت .. الاحترام والابتذال ... القبح والجمال .. الخيبات الكبيرة .. والآمال اللامتناهية ...

لكن هل هو عصر الانحطاط ؟؟!! ...
من يدري .. ربما يكون القادم اسوأ .. او احسن .. سنترك الحكم للاجيال القادمة حتى تحدد .. هل عصرهم هو الافضل .. ام عصرنا ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]تهويمات قلب محتقن ...

التهويمة الاولى ...


مـلامـحـك ...


ملامحك زي حلم مشتول في غيمة ..
منتظرة البرق يلمع عشان تنزل ...
تبرّد جوف .. حرقو الخوف ...
وعشعش فيهو نمل الزيف ...

ملامحك زي صحن حنة ...
معجونة بموية النور ...
فيها الفال .. وزغرودة ...
وغنوة ورقصة بشبال ...

ملامحك زي حنان نايم في حضن الليل ..
منتظر الشمس تطلع .. ويجيني بشيش ...
معبّي جيوبو بالافراح ...

ملامحك زي حنين دفاق ...
مشتتت في مراسي الشوق ..
يلوّح لي .. ينادي عليّ ...
ويبقى دليلي لدنياك ...

ملامحك فيها لون النيل ... وهمس الليل ...
ريحة المطرة ... طعم الريد ...
واحساس لمة بعد فراق ..



تهويمة تانية ..

اليه ...
منتظرة منك ..
بس إشارة لاحتمالات الوصول ...
يا معبري بين المتاهات والمخارج ...
يا صوت خطاي على الجسور ...
إتشكلّت بيك الفصول ...

مطرك هطل .. طرد المحل .. خضّر يباسي ...
سيلك كسر ...دفر الوجع... دمّر متاريس الوهن ...
بردك سرح .. هزم الرهق .. جمّد أطياف انكساري ...
صيفك سطع .. نورك لمع ... كشح الضلام ... غازل نسيمات الفرح ..
وردك فتح .. نوارو زيّن كل دروبي بألف لون ...

لمن لقيتك ... لمحت فيك طلة حلم خايف يقابل صحوتو ...
رميت همومي ...
وزرعت جواك ضحكتي .. خيال ملامحي .. وبهجتي ..
صالحت بيك زمني العنيد ...
راهنت على خاطر بعيد ..
انك قريب ...
اقرب شوية ... من الوريد ...

راجياك انا ...
ومنتظرة منك ...
بس إشارة لاحتمالات الوصول ...



تهويمة اخيرة ...

لما الهوا .. اصبح هواك ..

زازا بي حنيني ليك ...
مرجحني شوق ما ليهو حد ..
كسّر مجاديف الصبر .. غرقني فيك ..
وبقيت أشابي للهوا ..
لكن لقيت .. انو الهوا أصبح هواك ..
وعشان أعيش .. لازم أتنفس هواك ...

حردت روحي الشالتك ..
قبلت في كل اتجاه ..
فتشت في كل الزوايا ...
يمكن ألقى طوق نجاة ..

من بعيد وسط الضلام .... لمحت ضوء ...
جريت عليهو بلهفتي ..
لمن وصلت ...
لقيتك أنت منتظر ...
لقيت عيونك ... نور مضوي السكة لآخر العمر ...
لمسة أيديك ... خارطه طريق ...
وهمس صوتك .. موية بتطفي الحريق ...

يا بحر ريدي ...
معاك ... خاصمت الهوا ..
وفيك ... ما أحلى الغرق ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]وماذا .. بعد اعلان موت الحب ؟؟!! ...
قصاصة سرية من دفتر يوميات امراة ( كانت ) عاشقة ...



يا من كنت حبيبي ..
أود ان اسالك .. كم احتاج من وقت حتى استطيع محو بصماتك من روحي ؟؟!! ..
متى اتعلم كيف اعيش بدونك ؟؟...
وكيف استعيد ذاتي اللتي كنتها قبلك ؟؟!! ...
متى استعيد ذاكرتي وذكرياتي بلا ظلك الذي استعمرها ؟؟!! ...
حتى هذه اللحظة وانا اكتب لك هذه الكلمات الاخيرة ...
تخونني ذاكرتي وتعجز عن استعادة ملامحي قبل وجودك ...
وتعجز عن استعادة ذكرياتي قبل ان التقيك ...
فكل ما اذكره عن نفسي قبل ان التقيك ... انني كنت صفحة بيضاء ..لم تتذوق طعم الحبر .. لم تعرف شهوة الكتابة ... ولم تختبر اغراء اللون ...
قبلك ..
كنت صفحة عارية ... الا من بياضها ...
فاتيت انت .. ووضعت نقطة ..
ثم بدأت تكتبني وترسمني وتملأ فراغاتي بسطور العشق .. وايحاءات الشوق والحنين ...
كان حبرك يطهرني من لوني .. ويستر العرى الفاضح الذي كنت اعيشه قبلك ...
ومع كل حرف تضيفه في صفحتي .. ومع كل ضربة فرشاة ... كنت اتحول الى امراة اخرى ... امراة اصيبت بجنونك .. امراة وقعت في حبك ...
لم اقاوم ..
وكيف تستطيع اللوحة مقاومة اغراء فرشاة الرسام ؟؟!! ..
وكيف تستطيع الورقة البيضاء مقاومة اشتهاء قلم قرر ان يفرغ حبره فيها ؟؟!! ..
وهل استطاع يوماً بشر .. ان يقاوم القدر ؟؟!! ...

نعم ... كنت قدري ... أو هكذا ظننتك ...
كنت جنتي ... وناري ...
كنت ذاكرتي ..
وانمحى كل الماضي الذي عشته ولم تكن موجوداً فيه ...
معك .. تشكلت لدي ذاكرة جديدة .. مرتبطة بك ... بتفاصيلك الصغيرة ... بتفاهاتك ... وامنياتك ... ورغباتك ...
معك ... لم يعد البحر هو البحر ...
ولا السماء هي السماء ... ولا الشوارع هي الشوارع ...
معك ... اختلف الكون ...

حديث البحر قبلك وبعدك ...

معك ... لم يعد البحر هو المكان الذي احببته منذ طفولتي .. بل اصبح المكان الذي اعتدت على ملاقاتك فيه ..
وكلما ذهبت اليه الآن تصفعني ذكرياتنا معاً ..
فاقترب من الشاطئ بلهفة .. بحثاً عن آثار خطوات متأنية كسولة حفرناها سوياً وانا اتكئ عليك بشوقي ..
وذراعك تحيط خصري بامنيات سرية تفضحها لمعة عينيك الناعستين ...

بعدك ... البحر اصبح اكثر كآبة ... واقل ضجيجاً ...
ازوره بانكسار ... وتراقبني امواجه بحيرة لا تستطيع ان تستوعب وحدتي وتوهاني ...
بعدك ... اصبح البحر مصدر حزني .. ومثير وجعي ...
بعدك ... اعتزلت البحر ...

حديث الشوارع قبلك وبعدك ...

معك ... لم تعد الشوارع مجرد ممرات ومعابر توصلني الى هدفي ..
بل تحولت الى مراتع ذكريات لا تنسى ...
ففي ذلك المنعطف كان بيننا موعد ولقاء ... وفي تلك الاشارة مارسنا شقاوة الاطفال بقيادة سريعة كانت نتيجتها مخالفة من شرطي مغتاظ ..
وفي ذلك الشارع المزدحم اصابني النعاس ..
فغفوت على وقع لمساتك وهي تمسد راسي المتعب وتشعرني بامان الدنيا كله ...
وخلف هذا الشارع العريض ... فآجأتني مرة بكلمة (احبك ) ...

حتى الاعلانات المنتشرة على جانبي الطريق تآمرت مع ذاكرتي ضدي ...
على يميني يطالعني اعلان عطرك المفضل ...
انظر اليه بشغف وانا اكاد اشم رائحته المميزة التي كانت تاتيني مخلوطة برائحة تبغك ..
فترتجف اوصال الحنين بداخلي ...
على يساري ارى اعلان الساعة التي تزين معصمك ...
فتعود ذاكرتي الى لحظات شرودي النادرة معك وانا اعبث بها واخلعها منك لارتديها ...
اعلانات شفرات الحلاقة .. والنظارات الطبية ... والسيارات ...المطاعم ...
كل شئ يعيدني الى ذكرياتنا المشتركة ...
احيانا اتمنى ان امسح ذاكرتي ... بكل ما فيها ...حتى تعود الشوارع شوارع ... ويعود البحر بحراً ...

حديث الطقس والفصول ... قبلك وبعدك ...

قبلك ... كان الصيف حار ... والشتاء بارد .. الخريف ماطر ... ولا يوجد ربيع ...
وكان كل فصل ياتي في موعده ..

بعدك ..
اصبح صيفي ياتي مع لمسة يدك التي تحرق جلدي وتحيل دمي الى حمم منصهرة ..
وبات الشتاء يزورني لحظة غضبك فامتلئ برداً وريحاً عاصفاً ..
يزورني الخريف لحظات حزنك ...والربيع ساعة ضحكك ...

الآن ... كل الفصول تذكرني بك ...
فهل امحو الفصول من مجرى الزمن حتى امحوك معها ؟؟!! ...

قال الطوارقي الذي يدعّي كراهية النساء ( ابراهيم الكوني ) في كتابه الملئ بالايحاءات ( التّبر )
لا تودع قلبك في مكان غير السماء ... اذا اودعته عند مخلوق على الارض طالته يد العباد وحرقته ...
لماذا لم يعطونا خلاصة تجربة الكوني كمنهج في المدارس ؟؟؟
لماذا جعلونا نؤمن بان القلب له قطع غيار ويمكن استبداله اذا اصابه التلف ؟؟
لماذا اوهمونا بان القلب له قدرة على النسيان ؟؟
لماذا يرفض قلبي ان يتبنى قانون النسيان ؟؟؟
لماذا اصبح قلبي قطعة لحم صغيرة غير قابلة للرهن أوالبيع أو حتى تحويل الملكية ؟؟؟
لله درّك يا ابن الكوني ... ليتني عرفتك منذ زمان ...
ليتني عرفتك قبل فوات الآوان ...
لكنت تعلمت منك ان لا ارهن قلبي الا للسماء ...


الآن فقط ادركت ان نهاية قصة حب ليست هي اسوأ ما قد يحدث لنا ...
ما يتبع كلمة النهاية هو الاسوأ ...
الحيرة القاتلة في التعامل مع الاشياء والاحداث كفرد ... بعد ان اعتدت لفترة طويلة ان تتعاطى مع كل ما حولك كجزء من فرد ....
تحمل الآم العملية الجراحية المؤلمة التي تتم بلا بنج لفصل الذاكرة السيامية بينك وبين آخر لم يعد له وجود ...
صعوبة التخلص من متعلقات معنوية كنت تظن انك ستحتفظ بها ابد الدهر ...
اشياء تركها الآخر بداخلك قبل ان يغادر ..
المتعلقات المادية يمكن تمزيقها او حرقها او رميها في مكب الزبالة ...
لكن المتعلقات المعنوية هي ما يصعب تجاوزه ...
أقسى جزء هو تقبل التغيير الذي طرأ علينا وومعايشة مرارة التأقلم مع وجوده الدائم في ما تبقى من حياتنا ...
تغيير يماثل اجبارنا على النظر الى لوحة رسمها آخر بالوان لم تعد تروقنا ... او قراءة قصة لم تعد حروفها تؤثر بك ...

وانتهت القصاصة ...



للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]
توخى الحذر .. أمامك شخصية مزاجية ...


هل يوجد في حياتك شخص مزاجي ؟؟!!
وهل وجوده حتمي ومستمر .. أم عارض ومؤقت ؟؟!!
هل يضايقك أسلوبه ؟؟!!
هل تعرف كيف تتعامل معه ؟؟!!..
ومن هي الشخصية المزاجية ؟؟ ما هي سماتها ؟؟ وهل يمكن علاج الشخص المزاجي ؟؟ ...

منذ أيام اللعب بالطين وتشكيل الأحلام من الصلصال صادفتني بعض الشخصيات المزاجية .. لكن في تلك المرحلة المبكرة .. كان نزق الطفولة يصبغ كل شئ بلونه الزاهي ويجعله مقبولاً .. مع تدرج العمر .. وفي كل مرحلة كنت اصطدم بأشخاص مزاجهم كالبحر ... يتقلبون ما بين الهدوء والثورة .. الصفاء والعكران .. الوضوح والغموض .. الاستكانة والجموح .. هذه الشخصيات كانت ترهقني .. وتستنزف طاقتي .. تقتات من مخزون صبري ... وتصنع ثقوبا واسعة في خيمة تفكيري ..
فالتعامل مع الشخصية المزاجية أمر بالغ الصعوبة .. ويجعلني في حالة توتر دائم .. وتوجس .. وتوقع .. وتحفز ... لأنها شخصية غير ناضجة انفعاليا وليس لها رد فعل متوازن مع الموقف و لا تستطيع أن تتنبأ بسلوكها المستقبلي...

وبسبب مصادفتي لكثير من ( المزاجيين ) أثناء سيري في دروب الحياة ... حاولت أن اعرف أكثر عنهم لماذا هم هكذا ؟؟ !! ... وجدت أن هناك عدة عوامل تؤثر في تكوين المزاج العام للإنسان مثل الوراثة التي تلعب دور كبير .. إضافة للبيئة التي ينشا فيها .. الحالة الصحية .. والقناعات العقلية التي تساهم في بناء شخصية الفرد وتوجيهها ..
ومزاج الإنسان العادي قد يتبدل ويتقلب كالطقس .. ومن النقيض إلى النقيض ... ففي لحظة تغمره شمس الفرح بإشراقها .. وفي أخرى يغرق في عتمة الحزن .. وينتقل بين مربعات الهدوء والقلق .. والطمأنينة والخوف .. ثم يعود إلى وضعه الطبيعي دون أن يحمل معه أي رواسب من تقلبات مزاجه العرضية ..
أما الشخصية المزاجية فتدور في فلك التقلب بلا توقف .. ولا تستقر على مزاج واحد ثابت إلا فيما ندر ..
تتقافز بين المثالية واللطف والعدائية والقسوة .. بين التسامح المطلق والصرامة المفرطة .. بين الرفض الحاد والقبول غير المشروط .. بين السكون المميت .. والهيجان الإعصاري الذي يقتلع كل شئ بطريقه ..

تؤكد الدراسات أن الشخص المزاجي يعاني من فراغ داخلي يفقده بوصلته .. ويهز ثقته بنفسه وبكل من حوله ومن صفاته الواضحة الأخرى انه ملول لا يستطيع أن يستقر في مكان واحد أو على رأي ثابت .. منتقد لكل شئ حوله .. حساس بشكل مفرط .. انفعالي ... شكاك .. كئيب .. وكثير الشكوى ..
التعامل مع مثل هذه الشخصية يحتاج إلى حنكة وحكمة .. وهدوء وقدرة على المناورة وامتصاص ردود الأفعال المبالغ فيها .. والاهم من كل هذا .. الحصول على مساعدة من مختص نفسي لتخفيف حالته عن طريق العلاج النفسي الإدراكي السلوكي..

وعليه وفي حال اضطراري إلى التعامل مع احد المزاجيين مستقبلاً .. قررت إتباع احد سبيلين ...
أن أتفادى هذه الشخصية .. وارفض التعامل معها أن استطعت إلى ذلك سبيلاً ...
أو
أن امسك بيدها وأقودها إلى اقرب طبيب نفسي ..
فلم يعد في عمري ولا في صبري متسع لتحمل هذه مثل هذه التقلبات البشرية المؤذية ...

للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

** عـطــر الأمـاكــن ... والحنيـن إلى أشيـاء تافهــة ....



من مدونتــي :


ما أجمل الحديث عن الروائح .. جميلها وقبيحها ... وتأثيرها السحري على حواسنا وذاكرتنا ... قدرتها على نقلنا من مكان إلى آخر ونحن لا نزال في نفس الموقع المادي ...
يقال أن الذاكرة الحسية هي الأقوى لارتباطها بذكرى تتجدد بتجدد أسبابها ...
أحيانا أكون في عجلة من أمري .. اسير في شارع عام ومزدحم ...تتسابق خطواتي مع الرصيف في آلية فرضتها علينا ظروف الحياة وإيقاعها السريع ...
فجأة .. ومن وسط زحام المتدافعين تغزو انفي رائحة عطر مألوف .. فتتثاقل خطواتي إلى حد التوقف التام وأنا ابحث بلهفة عن صاحبته .. تدور نظراتي بيأس في الجموع التي أصبحت تدور من حولي بعد أن تسمرت مكاني بفعل انجرافي مع ذكريات مكان آخر وزمان آخر كان فيه لهذا العطر حضور قوي ...
أفيق من جمودي وهدير ذكريات على دفعة قوية من عابر مغتاظ .. فأواصل طريقي تتبعني الرائحة ...وذكرياتها ...
الروائح تولّد بداخلي حنين إلى أشياء مبعثرة .. غير مترابطة ...

** أينما شممت رائحة ( المحلبية ) أو ( الحنة ) أو ( الشاف المحترق ) أعود فورا إلى بيتنا ... الى غرفة أمي بدفئها المميز في أمسيات الشتاء الطويلة .. أحس كأنني ما زلت معها .. انظر بإشفاق إلى قدميها المرفوعتين فوق ( المبخر ) ذو الجمرات المطمورة تحت الرماد التماسا لتقليل برودة ذلك العجين الداكن...

** رائحة ( الفول ) تأخذني إلى ناصية شارعنا حيث الدكان الصغير الذي تتربع في زاويته ( القدرة ) بحملها الحنين على البطن والجيب ... وأعود طفلة بضفائر وأقدام حافية معفرة تحمل ( جك ) البلاستيك بيد .. والنقود باليد الأخرى .. تنتظر دورها بقلة صبر .. وعندما تحصل على نصيبها من الحبات البنية الشهية .. تمسكها بحرص بين يديها الصغيرتين وهي تسعى جاهدة لتفادي اللسعات الحارة ... تتارجح ما بين الهرولة والركض .. وهي تفخر بايصال الحمولة كاملة غير منقوصة حبة او قطرة ...

** رائحة اللقيمات الحار تنقلني إلى بوابة كلية التجارة بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ... وجلستي المطمئنة في احد ( بنابر ) بائعة الشاي التي تراصت حولها بفوضى منظمة .. في يدي كوب الشاي باللبن .. وأمامي على الطاولة الخشبية الصغيرة صحن ألمنيوم قديم به قطع اللقيمات المرشوش بالسكر الناعم ... أحيانا .. وعندما يفرغ الجيب .. يصبح لقيمات الصباح بديلاً لوجبة الفطور ويقيني عذاب الجوع حتى مواعيد عودتي إلى المنزل ظهراً ...

** رائحة الثوم المخلوط بالكزبرة ومحمر في الزيت الحار ( القدحة ) تذكرني ببيت جدي لامي الحاج نجار عبد العظيم ( رحمه الله ) والطبيخ الشهي من يدي جدتي الحاجة فهيمه الريقي ( رحمها الله ) اثناء زيارتنا الأسبوعية إلى حي ( حلة حمد ) ببحري والتي لابد فيها من طبق الملوخية الشهير وقرينه الأرز الناصع البياض ...

** حتى الروائح النتنة ( والعياذ بالله ) لها ذكرياتها التي ترتبط بها .. وهذه تكون أكثر التصاقا لما تسببه لي من أذى نفسي يكاد يصل إلى درجة المرض ...
لا زلت اذكر حتى الآن رائحة ( جردل العيفونة ) في منزل خالتي بحي ( الدناقلة شمال ) وهتافنا نحن الصغار عند وصول السيارة الكبيرة بعمالها الذين يتولون رفع أبواب الحديد الصغيرة وسحب ( الجردل ) الملئ بالفضلات وتفريغه في مؤخرة السيارة التي تتحرك ببطء وهي تنشر رائحتها التي أظنها ما تزال عالقة بأنفي .. وكلما أتتني رائحة مشابهة .. تعيد إلي ذكريات طفولة شقية وممتعة قضيتها في تلك الساحة المربعة ببيوتها البسيطة ...

غريب هو ارتباط الروائح بالأمكنة في ذاكرتنا ... هذا الارتباط الغامض الذي يشعرنا بالحنين إلى أشياء تبدو تافهة في نظر البعض .. لكنها بالنسبة لأصحابها .. معين لا ينضب من ذكريات مميزة ..



للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]احتياجات مبعثرة ....


احتاج ان ابكي ..

احتاج الى البكاء كما احتاج الى الماء والهواء ..
احتاجه كي افرغ كل الشحنات السالبة والموجبة التي تتصادم بداخلي وتولّد برقا عقيماً لا يستطيع ان يضئ ظلمة روحي ...
رغبة البكاء تأتيني فجأة .. وتعبر حواسي كغيمة في خاطر المساء ...
احيانا تعصاني دموعي .. تتخمني .. تخنقني .. تستعصم بالكبرياء وترفض ان تتعرى امام احزاني العربيدة ..
اتحداها .. بحضور احد الافلام التي تعج بمناظر الحزن المصنوع بقطرات الجلسرين ..فتنزل طواعية ... وبغزارة ...
يا لها من دموع غبية .. لا تستطيع ان تفرق بين الحقيقة والخيال ...
أظن ان دموعنا تشبهنا .. تصدق الاكاذيب برغم علمها بانها اكاذيب ...
وترفض الحقيقة برغم اقتناعها بانها حقيقة ...



احتاج إلى حب رجل ... مميز ...

احتاج الى رجل يشبه اشيائي التي اعشقها ... ملئ بالاسرار مفضوح النوايا ...
يحمل حنان عش العصفور ... وصلابة الجسور ...
رجل يجيد العزف على اوتاري .. يعرف مفاتيح نغماتي الصحيحة ... ويملك القدرة على انتزاع قهقهاتي الشحيحة ..
رجل يستطيع ان يملا فراغاتي ... ويشاغب مساماتي ...
رجل يقرأني ..
رجل يصبغ أعماقي الكالحة بألوان زاهية .. يفرشها بحقول عشب اخضر ... ويزرع فيها ورود الفل والياسمين ...
رجل يجادلني باحترام .. يخاصمني بحنان ... يستفزني بحب ...
رجل ينسيني كل العالم الا هو ...
رجل يختزل كل الرجال ..
رجل يعرف معنى الحب .. يفهم جوهره ... يستوعب متطلباته ...
رجل يحبني كما انا.. بعيوب جسدي .. بملامحي العادية .. بحالات ضعفي الانساني ...
رجل شوقه نار تستعر فاحترق فيها انا كفراشة لا تملك الا الاحتراق ...
رجل حبه نور يبدد عتمة روحي ويملأها بالضياء ...
رجل رجولته حماية ووقاية وهداية ...
احتاج إلى حب رجل مميز ... لا يوجد إلا في أحلامي ...



احتاج الى بوصلة ...

احتاج الى بوصلة خارجية تحدد لي مسارات طرق حياتي التي اصبحت متقاطعة ومتفرعة ومتشعبة بشكل مزعج افقدني قدرتي على تمييز الشمال من الغرب والجنوب من الشرق ...
أظن بان بوصلتي الداخلية اصابها التوهان لكثير من الاسباب ..
احيانا عندما تستعر الحرب بين القلب والعقل .. تتوه البوصلة ..
عندما يتعارض العام مع الخاص .. تتوه البوصلة ...
عندما تحاول دمج الخطوط المتوازية ... وفصل الخطوط المتقاطعة .. تتوه البوصلة ...
عندما تشتد عواصف الحيرة وتزعزع جدران اليقين ... تتوه البوصلة ...
عندما يسيطر الغضب ويغيب المنطق .. تتوه البوصلة ...
بوصلتنا الداخلية هبة ربانية منحها لنا الخالق عز وجل حتى نستطيع الاهتداء بها في دروب الحياة ... اجتياز صحاريها وقطع بحورها وتجنب مخاطرها ...
المحظوظ هو الذي يستطيع ان يحافظ على بوصلته من العطب ... أو تكون له القدرة على اعادة توجيهها اذا تاهت ...
اتمنى ان انضم الى فئة المحظوظين ... فاعيد اصلاح بوصلتي .. وأخاصم توهان خطاي ...



احتاج إلى ... بيتنا ...

احتاج إلى حنان أمي ... رائحة أبي ... ومناكفات شقيقاتي ..
صخب صغار البيت .. ونسيان اسمي في خضم مناداتي بـ ( يا خالتو و ياعمتو ) ...
احتاج إلى طعم حياتي قبل عشر سنوات مضت ... قبل ان يغرز غول الغربة انيابه السامة في روحي و جسدي ..
ويحولني الى كائن متوحد يجفل من الاصوات العالية .. والزحام والجو العائلي الحميم ...
كائن اعتاد الهدوء الممل .. والانعزال .. وبروتوكولات الزيارات بمواعيد مسبقة..

أسوا ما في الغربة انها تغير طباعنا ... ببطء ...و حقد ... واصرار مقيت ...
تستغل غفلتنا وتكالبنا على سهولة حياة مؤقتة وخادعة ...
وتنتزع منا كل ما هو جميل وتحوله إلى ذكريات ما تلبث ان تبهت ليحل محلها واقع ماكر ...

كلما طال غيابنا عن عالمنا المالوف ... كلما تسللت طباع الغربة القبيحة إلى دواخلنا وأحكمت سيطرتها علينا ...
كلما تباعدت خطانا عن الجذور ... كلما ترعرعت أعشاب الجفاء السامة وتسلقت شجرة العمر وأصبحت جزءاً أصيلاً منها ...
تداهمني نوبات هذه النوستالجيا حين لا أتوقعها ..
فتصبح كإعصار يكتسحني .. يقلب كياني رأساً على عقب ... ويدمر ثباتي المصطنع ...
يعيدني طفلة صغيرة تخاف العواصف وتبحث عن الدفء وتتمسك بطرف ثوب أمها حتى لا تتوه وسط الزحام ...

ثم تمر نوبة الحنين بعد أن تخلف وراءها حسرة على ما مضى .. وخوف مما هو آت ...
وتعود إلى الواجهة تلك المرأة العملية .. الواثقة ... القوية .. الباردة ..
وهكذا تمضي الحياة .. نوبات حنين حار .. تعقبها حالة تأقلم حاد ...
ما أقبحك يا غربتي ...
كم اكرهك يا غربتي ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
أضف رد جديد