[align=justify][font=Simplified Arabic] فوز ، أو : دار فوز ، امرأة تستحق وقفة توثيقية أكثر مما ورد ، والذي ورد هو ، بالنسبة لي علي الأقل ، ما تكرّم به السيد حسن نجيلة في كتابه ملامح من المجتمع السوداني في أبواب بين الجد واللهو ؛ الفترة التي سطع فيها نجم فوز هي حوالي عشرينيات القرن الماضي ، أي قبيل ثورة اللواء الأبيض ، في دارها تمّ تكوين أولي أشكال التنظيم السياسي الحديث بالسودان فيما أظن : جميعة الإتحاد السرية ومن ثم ّ جمعية اللواء الأبيض ، بيتها شهد ميلاد قصائد و أغنيات وبيانات سياسية كان لها عظيم الأثر في ما تلاها من أحداث ؛ ليس بيتها وحسب ، بل هي نفسها كانت مُلِهمة لكثير من أغنيات خليل أفندي فرح بل وكانت تغني ( دويتو ) بحسب حسن نجيلة ؛ ففي دار فوز تغّني الخليل بـ عزّة (عازّة ) في هواك ، ما هو عارف قدمو المفارق ، ميل و عرّض كتّر أمراضي ، والشرف الباذخ … والكثير من الغناء الذي أصبح به خليل فرح علامة فارقة في تاريخ الغناء في السودان . يلتقي في دارها ، إضافة لخليل فرح : الشاعر ( المأمور ) توفيق صالح جبريل ، محي الدين جمال أبو سيف ، علي عبد اللطيف مكاوي يعقوب بشير عبد الرحمن وصالح عبد القادر والأمين علي مدني وآخرون لا يقلّون شأناً وشأواً.
حزّ في نفسي كثيراً حين عُرض مسلسل اللواء الأبيض الذي أنتجه تلفزيون السودان ، فيما أظن ، أن تمّ تجاهل دور فوز ودار فوز ، وأظن أنّ ذلك قد تمّ بسبق إصرارٍ وترصّد يغلبُ عليهما النظر الأخلاقي الحسير ، فحتى الأستاذ حسن نجيلة يغمز ُ من طرفٍ خفي ، في سفره القيّم ذاك ، أنّ فوزاً " هي الآن في كنفِ زوجٍ رحيم غفر لها ماضيها " ... أيّ ماضِ ذاك الذي يستحقُ الغفران !!
اشتهرت الكثير من الصالونات الأدبية في السودان في تلك الفترة كما يشير المحجوب وعبد الحليم محمد في رسائلهما المتبادلة التي يتألف منها كتاب : موت دنيا ؛ وهي ، أعني الصالونات ، ظاهرة قديمة شهدتها الكثير من المجتمعات بحيث أنّ ذكر ولادة بنت الخليفة المستكفي ( تلك التي تصلحُ للمعالي ) ومي زيادة وغيرهن لا يأتي إلا علي سبيل المثال لا الحصر ، غير أنّ غالبية تلك الصالونات كانت محصورة في الشأن الأدبي و قليل منها الذي جمع هموماً وأنشطةً أكثر تعقيداً كما كان لفوز وأثر دار فوزٍ في التاريخ السياسي والثقافي للسودان الحديث ، بحيث يقاربُ ، علي نحوٍ ما ، ما لدار ماريا أنتونيا في الثورة الكوبية حيث التقي أرنستو تشي غيفارا بفيدل كاسترو لأول مرّة ، ففي إحدى رسائله لفيدل ، بعد أن ترك كوبا ويمّم في بحر الكفاح المسلّح ، يكتب التشى : فيدل ... في هذه الساعة أتذكّر أموراً كثيرة ، عندما عرفتك في منزل ماريا أنتونيا ، وعندما اقترحتَ عليّ أن أجئ وتوافر الاستعداد كله ... (الرسالة من كتاب : بعد انتصار الثورة لأرنستو تشي غيفارا ).
تحية لفوز ولدار فواز وأتمني من إدارة الموقع وقبل ذلك الجمعية السودانية للدراسات وللبحوث أن تستكتب من تراهم أهلاً في شأن التوثيق (علي سبيل المثال لا الحصر ) لامرأةٍ ، ونساء ، رفدنَ وجداننا و ما لقيْنَ إلا الجحود والإهمال .
من حطامك أنا جسمي وارق
فيّ شِن أبقيت للطوارق
غير قليباً في همومو غارق
ؤ لساناً برَدُو الكلام
في الثامن من مارس تحية لذكرى رائدات فن الغناء في بلادنا
-
- مشاركات: 55
- اشترك في: الخميس يونيو 14, 2007 12:26 am
-
- مشاركات: 230
- اشترك في: الأربعاء يوليو 20, 2005 12:22 am
- مكان: أم درمان
-
- مشاركات: 1655
- اشترك في: الجمعة يونيو 10, 2005 7:28 am
- مكان: LONDON
- اتصال:
- الوليد يوسف
- مشاركات: 1854
- اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 12:25 am
- مكان: برلين المانيا