وقائع وخلاصات ونتائج ندوة لاهاي حول التحول الديمقراطي

Forum Démocratique
- Democratic Forum
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

Hi every body

استهل ضيفنا في لاهاي حسن موسى حديثه (الشي الذي ورد في ورقته) بالتالي:

سورة التور؟

لقد استهل الأخ محمد جمال الندوة بمحاولة تعريف المثقف وسعى بالميكروفون وسط الحاضرين يسألهم إن كانوا يعتبرون أنفسهم مثقفين أم لا. وتعددت الإجابات بين من اعتبر نفسه مثقفا ومن أنكر عن نفسه صفة المثقف، وسعى بعض المتحدثين لمعارضة المتعلم بالمثقف مثل الدكتور عبد المنعم مختار الذي أعلن بأنه "مثقف بنسبة 17 في المية" كما سعى بعضهم لتصنيف المثقفين بقدر قربهم أوبعدهم من السلطات السياسية، مثل الروائي المصري رؤوف مسعد الذي استبعد المثقفين المتواطئين مع السلطات من دائرة المثقفين. وأظن أن أفضل تعريف للمثقف هوتعريف جان بول سارتر الذي قال مرة" المثقف شخص ينشغل بما لا يعنيه" يعني "مُتلقّي حجج". وأظنه تعريف يناسبنا جميعا في الموقف الذي نقفه هنا في هذا المقام الجمعي الجليل، وقد وفدنا من أنحاء جغرافية عديدة ومن خلفيات ثقافية وسياسية متباينة لنتلقى حجج هذا الشأن العام، شأن الممارسة الديموقراطية الذي رغما عن كوننا لم ندرسه في الجامعات ولم نتخصص فيه إلا أنه يهمّنا ويهجس أحوال حركتنا وسكوننا، فنتقحّم مقاماته ونتطفل على النفر الذي استبدّ واحتكر حق الحديث فيه ولا يهمنا إن أفسدنا عليهم بهجة نادي المتخصصين.
نعم، في مقام مناقشة قضية الديموقراطية فكلنا مثقفون على صورة ذلك الإمام المزارع في حكاية "سورة التور".


انتهى استهلال حسن أم فيه بقية ، مندري.
بس أنا حا أبدأ استهلال جديد من منطلق ليس جديدا جدا.
حا أحكي قصة خاصة جدا بمناسبة تعريف جان بول سارتر للمثقف واضافة حسن له
(" المثقف شخص ينشغل بما لا يعنيه" يعني "مُتلقّي حجج". وأظنه تعريف يناسبنا جميعا في الموقف الذي نقفه هنا في هذا المقام الجمعي الجليل).


اول أنا ما جيت هولندا، وزارة العدل (الهولندية طبعا) عملت معاي لقاء كما هو معتاد حول اسباب قدومي الى بلادهم تاركا بلاد بمساحة هولندا حوالي 80 مرة. اجبت بشكل موفق وليس فيه مبالغة كبيرة كما اظن. قلت في خلاصته انني ضيف عندكم لبعض الوقت بحسب قوانين الامم المتحدة. وكنت اعرف ان لا امم متحدة ولا يحزنون فقط وددت الاحتفاظ ببعض ماء وجهي، وانا حزين وبائس . أذ كيف تكون أمم متحدة مكونة من USA وايران وكوبا والصومال وافغانستان طالبان والصين وكوريا الشمالية وروسيا والهند وباكستان والسودان واليمن و إسرائيل والسعودية والجزائر؟. كيف يكون مجتمع دولي فاعل مكون من كل هذا التناقض (لن يكون ابدا فهو حلم طوباوي مطلق) ترفضه طبيعة المصالح المتناقضة.

كنت اعرف انني أراوغ، بحكم الضرورة.

قلت لتلك المرأة الذكية المحترفة التي حاورتني (من وزارة العدل الهولندية) انني جئت الى بلادكم لكي استريح من عناء الدنيا (واعني رهق بلادي) وانني لم آتي لممارسة نشاط سياسي من داخل البلاد الهولندية!. وكنت قد ظننت ان ذلك ربما ساعدني في الحصول على اقامة سريعة لكي استطيع بعد ذلك السفر الى شرق السودان عبر الحدود الاريترية لمشاركة قوات التحالف السودانية حربها التي اعرف سلفا انها ستبدأ من جهة الشرق، كان ذلك في فبراير عام 1996. وكنت صبيا غرير في حدود العشرين من عمري.
فما كان من تلك السيدة والا كأن جاءها الوحي، فرددت علي: لن تستطع (بمعنى اننى لن أهدأ بهذه السهولة ). وذاك ما حدث. اذ بعد 15 يوم من قدومي الى هولندا شرعت في تأسيس المجموعة السودانية لضحايا التعذيب (فرع هولندا) بمشاركة العزيزين جمال يوسف وعماد آدم وآخرين ثم عملت مع زملائي هؤلاء على انشاء منظمة اخرى اسميناها لجنة طالبي اللجوء السودانيين في غضون الاسبوع الثالث. وقد نسيت ما ذكرته في انترفيو وزارة العدل الهولندية مع تلك المرأة التي لن انساها ابدا.

فقد بدأ لي الان انني مجرد واحد متلقي حجج!. فهل أنا مثقف؟.
ذاك غير مهم، من وجهة نظري...... المهم انني أنا واحد (فرد) من الناس المهمومة بمشاكل بلادها واهلها (أو كما اتمنى). وعندي وعد مع نفسي أن اعمل مع العاملين من أجل السلام والتنمية في بلادي وحتى لو كلفني ذلك النفيس (لا ادرى ما هو) ، اذ لا ارجو مقابل مادي (ولا تهمني الطبقة). هل تلك درجة طوباوية؟.

ومن المؤكد انا هنا لا اتحدث عن نفسي بالضرورة كإنموذج. تلك تجربة الكثير منا. فقط وددت مواصلة النقاش المفتوح اصلا حول دورنا (ناس المهاجر) في الاصلاح والتحول الديمقراطي في السودان. دورنا عمليا وبوضوح دون تغبيش ودون فانتازيا (قد نقع فيهما بوعي أو بلا وعي) : ما هي مساهمتنا وما هو دورنا وكيف؟.

ونتابع أدب الشفاء.


محمد جمال الدين
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

من التجربة المغربية:
رفض كثير من ضحايا المغرب تعويضات هانم التى لم تشكّل لديهم ضمانة مستقبلية وعزاء بسيادة ديمقراطيّة مستدامة ووسمتها مسألة حصانة الجلاد بعدا عبثيّا غير قانونى وأخلاقى حيث عجزت السلطات الحكومية المغربية عن الأفصاح عن المفقودين والمختفين وأماكن تواجد الأحياء منهم/ن وأماطة اللثام عن الأموات منهم. من ياترى يقبل أخلاقيا أستلام تعويض نيابة عن ضحايا أقارب؟؟ وكانت مطالب الضحايا واضحة بالأعتراف ثم المطالبة بأطلاق سراح الأحياء وأسباب الأختفاء وملابساته. أعلن بعض الضحايا الأحياء رفض التعويضات واعلنوا أستعدادهم الصفح فى حالة ضمان عدم تكرارالأنتهاكات مستقبليا.
زاد طين مهازل هيئة تعويض هانم "بلّه" أن موظفى الهيئة هم موظفوالحكومة المغربية ، الخصم والحكم مع غياب الرقابة القانونية. وهكذا لم ترتبط هانم وخطط تعويضها بالقضاء على الدكتاتورية.
تعويضات هانم مطعّمة بالثقافة الدينية والمحليّة:
طعّمت الحكومة المغربية ممارسات هانم وتعويضاتها بمسحة أسلامية حيث بدا خطاب الهيئة فى هيئة حيوان برأس ثقافة حقوق الأنسان العالمية من مفاهيم "اعتقالات عشوائية" و"أختفاء أجبارى" وذيل ثقافة محلية اسلامية تقوم على مفهوم "لا ضرر ولا ضرار" من صلب مبدأ مدرسة القانون المالكى. وقد أشار د. عبدالله النعيم الى أهميّة استلهام كامن الثقافة المحلية والأسلامية كمصدر للنظم القانونية مع عدم استوحاء الجوانب التى تنتقص من العدل حينما يتعلّق الأمر بالتنكّر لحقوق المرأة والأقليات. وضرب مثلا بالديّة والتى تؤكد وتشدّد على عواقب انتهاكات حقوق الأنسان .(النعيم أمستردام 1992 ) [1]
تشير سوزان سليوموفيتش الى أن الديّة ، روحا وليس نصّاً، تؤمّن على دور مركزى فى قبول الضحية الكامل بنتائج مفاوضات الديّة وتحكيمها، وفى حالة الموت تقوم أسرة الضحيّة بتحديد شروط التعويض. وفى أعتقادى أن فى طرف هذا الأمتياز الجمعى لأهل الضحيّة تحدد الجماعة شروط الأنصاف وفق انثربولوجيا محلية (غير أوروبية مركزيّة) يغرس فيها الأسلاف حضورهم الذى لم يغب أصلا فى الضراء حيث تتحمّل الجماعة وزرعمايل أفرادها فى مفارقة واضحة لروح الشريعة ونصّها الذى لا يقر المفهوم الجمعى (السن بالسن والعين بالعين ، وكل شاة معلّقها من عصبتها) وهنا يختلط حابل العبادات بنابل الثقافات و"الأجتماعى". وتبدو الحكمة المحلية واضحة وكأنها تقول أن الأسلاف ليسو أسلاف بقرينة عمق حضورهم الأجتماعى المادى والمعنوى الكثيف.
وعلى سبيل تسهيلات الأمتيازات وفقه المصلحة تقبل البرجوازيات العربسلامية وغيرها دخول المفاهيم النصرانية الأوربية المركزية اليهودية والجاهلية على المحلية والاسلامية بطيب خاطر. وقد يتجلّى هذا الفهم فى دفق اليومى ففى 2000 انتهز الملك المفدّى زيارة ميرى روبنسون رئيسة مفوضيّة الأمم المتحدة العليا لحقوق الأنسان الى المغرب وقام بالتكرّم بدفع مليون درهم حتة واحدة (لمْ صمْ) lump sum للضحايا!! وقد قلنا من قبل أن الملك قد قام فى 2002 وفى اليوم العالمى لحقوق الأنسان (شوف ليك جنس لولوة) بتقليد عضو حزب "الى الأمام" الماركسى اللينينى والسجين السابق دريس بنزكرى القانونى واللغوى والأديب سكرتيرا عاما على المجلس الأستشارى لحقوق الأنسان. ومايزال الملك الهمام ينشد طى صفحة الماضى الدامى بدون محاكمات.
وبين غموض الدية وحاتميّة التعويض يسعى الملك الهمام الى أضاعة حقوق ضحاياانتهاكاته. وهكذا يبقى الحديث عن مواصفات هيئة ناجعة(مستقلة، موثوق بها، شفافة، محايدة وموقّرة) فى المغرب تحصيل حاصل حتى الآن.
دوزنت المركزية الأوربية والكولونيالية ثقافة أنتظار جنة الخلاص الهابطة من سماء المراكزالبعيدة والقريبة والحلول الخارجية ومفاهيمها ثم تقوم الدنيا المحلية وتقعد على سبيل اعادة انتاج المحلى وتكييفه حتى يتساوق مع المعطى العالمى،من فوق لتحت، وعلى تربة هذا الخطاب النصرانى اليهودى انزرعت توقعات لحم وهانم. والأخيرة طلعت من أكمام الملك المفدى وحلفت فصائل المجتمع المدنى أن تلحق حدّها. قصة هذا الملك المفدّى ،هى حجوة أم ضبيبينة الأوليغاركية المعروفة المبذولة للجميع كونه كتب بيده فى المادة 23 فى الدستور المغربى أن الملك هو "القدّوس المنيع" المهيمنُ ، الملك أخذ والملك أعطى هانم. وتوصيات هانم تنتظر الملك أن يتكرّم بتطبيقها حسبما تجرى السفن السياسية ورياحها وعلى الغرب أن يدفع دريهمات لأرشفة هانم فى داتا بيز مكرّبة من لدن بيل قيتس ومتحفتها مع الشهداء والصديقين ومومياء الجندى المجهول والنُصُب التذكارية وتسمى التاريخ. وضمن ذلك التاريخ الملوكى انجازات جندرية من نوع تعيين خمسين واعظة مغربية فى مايو 2006 وكذلك تعيين 35 برلمانية فى البرلمان المعيّن وقانون أحزاب كمان.
نهايتو أن بث شكاوى الضحايا التلفزيونية قد أوقفت بعد يومينمن بثها وكما توقّع النقاد أن هانم مسرحية لتهدئة الخاطر الشعبى العايش فى برَجوبة الفقر (20% من الشعب المغربى يرزح تحت فقرِ مدقع) والأمية والفساد الحكومى وأزمة الصحراء الغربية وشبح الأسلام السياسى المتطرّف القادم من كل فج وجب كما فى السعودية وأفغانستان وباكستان .
ونهايتو أن هانم ولدت بريمى premature كما يقول الخواجات ويتيمة من دون تغيير سياسى كما فى جنوب أفريقيا فى ثقافة (حصانة وعفا الله عما سلف) كؤودة وزاد الطين بلّة أنها جاءت ترفل فى ثياب نيولبرالية وبين يديها ومن خلفها أتفاقات تجارية حرّة وقعتها المغرب مع الولايات المتحدة وأوروبا وهى (هانم) بذلك غير قابلة للتصدير لدول الجوار وغير الجوار العربية المسلمة.
يغلب العامل السياسى (قبضة نظام ملكى مطلق وغياب نظام برلمانى وقضاء مستقل) على نشوء هانم وتطوّرها وفعاليّتها ثم يليه الثقافى الدينى. وعبثا تحاول توصياتها من الملك أعتذاراً رسمياً (!!) وعلى رؤوس الأشهاد ليؤكد ويثبت أن الأنتهاكات صدرت من لدن سلطة ونظام قائم. وبين هذا وذاك أعلنت مؤسسات اللبرالية الجديدة أستعدادها لدعم الأصلاح القضائى والبوليس ورعاية مبادرات لتوضيب أزمة الصحراء الغربية القديمة المتجدّدة.
وكما قال تيم كلسال ، فى مبحث سيراليون، أن المفارقة هى أن الحقيقة قلّما تقال فى لجان الحقيقة والمصالحة بسبب أشكاليات عديدة فى علاقة لحم بالقضاء أو النقائص التنظيمية لهيئات لحم أو لأن ثقافة الجهر بالحقيقة على المكشوف (تفتّو قرض) public truth-telling غير مغروسة بعمق فى تربة الثقافات المحلية كما فى تجربة سيراليون وهذا طرف مما حاول الصديق حسن موسى أبرازه فى نظرى.
ويذهب تيم كلسال ، عكس المقصود من لحم السيراليونية، أن طقس وشعائر التوبة والغفران المكشوفة طبطب على مشاعر الضحايا و عزف على أوتار حسّاسة لديهم ساعد على صياغة لحظة رضى ووفاق على طريقة "من عفا وأصلح". وبحسب كلسال فان الطقوس المصاحبة لشغل لحم تصبح أهم من الحقيقة والمصالحة ذات نفسها فى بعض الأحوال. [2]
مراجع:
[1]
Abdullahi An-Naim, “The right to Reparation for Human Rights Violations and Islamic Culture(s), “in Netherlands Institute of Human Rights, Seminar on the right to Restitution, Compensation and Rehabilitation for Victims of Gross Violations of Human Rights and Fundamental Freedoms (Amsterdam: SIM Special, 1992), pp. 174-181.
من المصدر السابق.
[2]
Kelsall, Tim 1970- “Truth, Lies, Ritual: Preliminary Reflections on the Truth and
Reconciliation Commission in Sierra Leone”. Human Rights Quarterly - Volume 27, Number 2, May 2005, pp. 361-391.
https://muse.jhu.edu/journals/human_righ ... q27.2.html
هاشمى
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

الشفاء والتعافى:
سيراليون نموذجا يوليو 2002- 2004
لجان الحقائق والمصالحة (لحم) فى سيراليون واحدة من آليات العدالة الأنتقالية أو مايسمى بحزمة الأسعافات الأولية بعد احدى عشرعاما من حرب أهلية صاحبها تمثيل بالعباد وعنف جنسى واستهداف الأطفال. تذهب الباحثة روزاليند شو [1] أن لحم السيراليونية لم تحظ بتأييد شعبى حيث فضّل الناس العاديين نهج الصفح والغفران ولكن الواضح من بعض الوقائع التى أوردتها أن مخاوف عديدة دامغة أدت الى تخوّف الضحايا للأ ستكانة للصفح والغفران منها تاريخ العنف الطويل ووجود الجلّاد فى مراكز الدولة من الجنود حتىالوزراء.
ممارسات الذاكرة: تذكّر العنف شفهيا
عموما تستند لحم على زعم وجود فوائد لتذكّر العنف شفهياً غير أن روزاليند شو لا تعتقد أن ذلك صحيح فى حالة سيراليون وبحسب روزاليند فأن ممارسات الذاكرة (هذه الخاصية العامة لبنى آدم الذى تريحه الفضفضة وأعادة مكتوم اللأوعى لطبقة الوعى وهو شغل مجرّب على أرائك العلاج النفسى) تنتمى لثقافة غربية تعوّل على شفاء الضحيّة عند تذكّر العنف شفهياعلى المستوى الشخصى. تعوّل روزاليند على النسيان الأجتماعى كوسيلة أقرب للذاكرة الأفريقية لأعادة اندماج وتأهيل الأطفال المقاتلين بدلا عن تحريك المشاعر(أود تذكير القارئ بأن جلسات الأفادات فى المغرب قد أوقف بثها تلفزيونيا بعد يومين من التذكّر الشفهى)
على كل حال تقترح الباحثة، محقّةً، ضرورة التحقق من وجود تأييد شعبى لعمليّة أستدعاء ذاكرة الضحايا والناجين لأن ذلك فى نظرى يحمى ويؤمن ظهرالضحايا من خوف الثأر خاصة حين لايصاحب عملية لحم تغيير سياسى كما حدث فى جنوب أفريقيا. وعند غياب ذلك التأييد الشعبى يجب البحث عن أطر محوريّة لنقاش واسع بين الجماهير حول ملابسات وأسباب وآثار العنف والقمع لضمان تنشئة وتطوير مؤسسات ديمقراطية وطنية. بالاضافة الى هذا الدرس يجب استلهام وأستصحاب الممارسات المحليّة لمداواة الجراح والشفاء والتعايش الأجتماعى.
كُتبت ملصّقات وشعارات لحم بلغة الكريو حاثّة المواطنين على أطلاق الأفكار والمشاعر وقول"النصيحة أو قول قول الحقيقة –الأغنيتان). ترأس لحم الأسقف جوزيف هامبروطرحت لحم خمسة استهدافات:
أولا:أعداد سجل تاريخى غيرمتحيّز للأنتهاكات والأعتداءات.
ثانيا: التعامل مع مسألة الأفلات من العقاب (هذا ما أغمضت عنه تجربة المغرب عينيها)
ثالثا:الستجابة لأحتياجات الضحايا
رابعا: تشجيع مداواة الجراح والمصالحة و
خامسا: منع تكرار الأنتهاكات والأعتداءات التى حدثت.
هل يجدى سرد الذكريات فى حالة الأبادة الجماعية فى رواندا ودارفور؟
بما أن سرد الذكريات المؤلمة هو عملية تعويضية سايكولوجية لاتعتقد روزاليند فى مغزى استدعاء الذاكرة فى حالة عنف الدولة ومليشياتها لأن الجلّاد بّين حيث لم تبذل الدولة أية محاولة لأخفاء عمليّات القتل أصلا والحرائق والأغتصابات التى سمعها العالم على أجنحة التكنولوجيا والسايبر واليوتيوب. (قالت خديجة الدارفورية فى أحد الأفلام الوثائقيّة: أىّ مره تمرق برّه الحله دا بستعملوها-أى يغتصبوها- توّالى)
وفى هذه الحالة تتولّى المحكمة الجنائية العالميّة مهمّة القسط وتتولّى الدولة وحكمة الجماهير طرائق الشفاء.
تقول روزاليند فى حالة الأبادة الجماعية انه "يمكن لقول الحقيقة أن يعيد ضبط الجدل حول العنف،وذلك على سبيل المثال من خلال تقديم براهين على أن كل جانب أرتكب فظائع أو من خلال التأكيد على وقوع أبادة جماعية. ولكن هذا يحول لجان تقصّى الحقائق الى ساحات للتنازع حول الحقيقة وليس كمواقع لتعويض ماهدر. وابتعدت قدرة قول الحقيقة كثيرا عن خطّها المعهود للتأسيس للمحاسبة والتشجيع على المصالحة وبالتالى توفير "اسعافات أولية" لمرحلة مابعد النزاع" ص 3.
من الأسئلة التى تبذلها تجربة سيراليون هى أهمية البحث عن خصوصيّة الذاكرة الأجتماعية بما يمكن ربطها بالجهر بالظلم أو بتجربة الغفران فى لحم.وماهى آليات العدالة الأنتقالية الأخرى التى تساعد فى تضميد الجراح مع ضمان قناعة الضحيّة بسيادة العدل الدنيوى اللهم الا اذا أصر البعض على انتظار العدالة السماوية اذا ضمن "تلت المال ولا كتلتو". على كل حال فان روزاليند تراهن على نهج النسيان الأجتماعى للعنف ( نهج عفا الله عما سلف العربسلامى) فى سيراليون فهل تبحث عن ذلك فى تلافيف غفران نصرانى يهودى أفريقانى؟ سنرى؟
خلفية عاجلة للنزاع السيراليونى:
الحرب الأهلية السيراليونية نموذج أفريقى معتاد من حرب مليشيات ضد مليشيات وعنف عرقى واغتصاب واختطاف أطفال وتجنيدهم. قام مكتب المفوضية السامية (ياللترجمة الصوفية) لحقوق الانسان التابع لللأمم المتحدة يتنسيق عمل لحم ورعاه وجُمعت الأفادات وعُقدت الجلسات العلنية ابريل – أغسطس 2003.
تذهب روزاليند شو الى غياب التأييد الشعبى لأان معظم الناس فضّلوا اتباع نهج الصفح والنسيان ، دون أن تشير الى كيفيّة توصّلهم لهذه القناعة الداخلية(وهل هى فعلا قناعة أم خوف). هل آمنتهم من خوف الفتك بهم/ن حتى أسرّوا لها بذلك أم على طريقة "السّكات رضاء" . أعتقد أن ما أوردته من وقائع يشير الى تعقيد المسألة ، مثلا تقول أن أحد مسئولى لحم قال لها بملء فيه وبغطرسة أفندوية "أن الناس فى سيراليون لم يهتموا أصلا بما حدث وبما لم يحدث. أرادوا السلام وحسب. ولكن كانت هناك أقلية قوية مسموعة الكلمة آمنت بحاجة الناس للتحدّث عما حصل" أى عينة من البشر تلك التى لا تهتم " أصلا بما حدث وبما لم يحدث" والحديث عن "الأقلية" فى مثل هذه الأمورالشخصية والتى لا يجب أن تخضع لمعايير أقلية/أغلبية.
وحسنا فعلت روزاليند حين رجّحت أسباب الصفح والغفران الى:
أولا: هشاشة الوضع الأمنى والخوف من أنتقام المقاتلين السابقيين الذين أعيد تجنيد بعضهم فى الجيش.
ثانيا:القلق من أنتقام الحكومة لأن العوامل التى ادّت الى الحرب من فقر وفساد وغياب حقوق الأنسان مازالت ماثلة مما زاد من مشاعر التخوّف من فضفضة الغبن علنا.
ثالثا: تزامن لحم مع المحكمة الخاصة والتى تسرّبت معلومات اليها(أى أن هناك أكثر من آلية للعدالة الأنتقالية مما أدى للتخوف بتسريب ما يقال هنا الى هناك بحكم توظيف أفندية من لحم لدى المحكمة الخاصة)
رابعا:عدم استقلاليّة لحم التى لها صلة وثيقة بالحزب الحاكم.وتستدل بأن رئيس لحم ساند الرئيس السيراليونى حين رفض الأعتذار عن الحرب نيابة عن الدولة.
خامسا: وجود تركة تاريخية وعميقة الجذور من العنف وأرتباطها بتطوّر مفهوم القاعدة الشعبية لممارسات التعافى الأجتماعى وهذا ماسنعود اليه.
مهما يكن من أمر فأن هناك ضرورة لدراسة الأستراتيجيات المعتمدة للتعافى واعادة الأندماج وأنجاز دراسة الجغرافيا الأثنية للبحث عن أنجع السبل لممارسة آليات العدالة الأنتقالية فى المجتمع المحدّد وهل النسيان الأجتماعى المرتبط بالصفح والنسيان واحد منها؟ فيما يخص السودان هل من سبيل الى هذه المعرفة؟ وهل الأنثروبولوجى والسوشيولوجى السودانى وفّر مثل هذه المعرفة؟ هذا هو التحدّى الذى أمامنا والتعقيد بالطبع أكبر من هذين المجالين لأن الأنسان كائن بايوفسيوسايكوسوشيوثقافى ونسيتُ هنا الأقتصادى والسياسى.
الجغرافيا الأثنية فى سيراليون وعلاقتها بالممارسات المحليّة للشفاء:
قامت روزاليند بدراسة أثنية-جغرافية لأربع مناطق عقدت فيها جلسات لحم من أصل 12 منطقة عقدت فيها جلسات لحم وشاركت فى بحث فى كنيسة حول تضميد الجراح فى صفوف الشباب شمل الممارسات المحليّة التى أعيد فيها أندماج المقاتلين السابقين من الأطفال. عماد بحث روزاليند اذن هو منهج اثنى جغرافى توسّلت اليه بأستخدام تقنيات البحث الكيفى Qualitative research تجمع عبره معلومات من مقابلات غير رسمية ومتابعة حالات تعافى الضحايا منذ لقائها معهن/م مرورا بساعات ممارسة الذاكرة وبعدها بفترة طويلة لتسجيل ملاحظاتها كباحثة حول مآل الضحايا المشاركين وتسجيل آرائهم/ن مقرونا ببحث يقيّم لحم من الداخل وآخر من خارجها فى المناطق التى لم تشملها معالجات لحم.
سرد الذكريات فى جنوب أفريقيا- ألم نشرح لك صدرك؟:
جاء فى ختام تقرير لحم جنوب أفريقيا"مهما كانت التجربة موجعة، فلا ينبغى أن ندع جراح الماضى تتقيّح بل يجب فتحها وتطهيرها. وعلينا أن نضع عليها البلسم الشافى لتندمل. هذا لا يعنى أن نخضع للماضى، بل الحرص علي التعامل معه بصورة ملائمة من اجل المستقبل" – من تقرير روزاليند ص 6. والاشارة العباداتية الغفرانية النصرانية اليهودية لا تخفى على أحد كما أومأ الصديق حسن الى ذلك. بالنسبة لى فان هذه الفقرة قد جسّدت لى لوحة سورة الشرح بما لا مزيد عليه "ألم نشرح لك صدرك *ووضعنا عنك وِزرك * الذى أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك * فان مع العُسر يُسراً * أن مع العُسر يُسراً*فاذا فرغت فأنصب*والى ربّك فأرغب" ومع فارق أسباب فتح صدر سيدنا محمد من ذات الهية ولأسباب مختلفة لأزالة الوزر والعبء الذى أنقض ظهره والتأكيد على مصاحبة العُسر باليُسر ولله وحده صوّب كل أمانيك وتوكّلاتك واليه فأرغب. أن صورة "ألم نشرح لك صدرك *ووضعنا عنك وِزرك * الذى أنقض ظهرك" تشبه الى حد ما بالنسبة لى شفاء عباداتى يطهّر المسلم/ة من وِزرٍ ما المّ به/ا من غبائن ومن الفجوة فى الذاكرة والماضى الذى لا يرقد بهدوء كما قال تقرير ديسموند توتو. هذه مجرد لوحة مرّت بخاطرى العربسلامى الأفريقى المتربّى أسلاميا على نحو ما. لكن لا أستطيع الجزم بأن ذاك الوزر يشبه وزر الضحايا وبالتالى لا انفى أو أؤكد علاقة ذلك بتجربة تضميد جراح أسلامية تشرح صدر ضحايا دارفور المسلمين مثلا ولا ينبغى. هل غبّشتُ وغمّمت على أحد؟ يجوز لأن جرح الضحية ليس وزرا بالمعنى هنا لأن الوزر الشخصى أصبح وزر أمة ، وزرا وطنيا وأمميا وهنا مصدر الغباش.
مداواة الجراح على الصعيد الوطنى هو اليقين (الهيهاتى) والقناعة الشخصية ببزوغ شمس ديمقراطيات هذا أحد تمارينها الباسلة الشاقة والأحساس بالعدل الملموس بالتعويض العينى وتمرين الآخر المشاهِد والمؤآزِر المتضامِن مثلنا ضد الظلم الذى لا يود أحد مشاهدته يمشى على رجلين من على كبدة رطبة اللهم الا اذا كان مريضا. لست مقتنعا بأن الأدلاء بالشهادة تجربة لا تطهّر وتداوى الجراح ، بحسب روزاليند التى أستدلّت بما ذكرته "صحيفة نيويورك تايمز فى 1997 أن مركز الصدمات لضحايا العنف والتعذيب فى كيب تاون خلص الى أن 60% ممن أدلوا بشهاداتهم أمام لحم ساءت حالتهم بعدها" لأنها جمّدت كل العوامل الأخرى المحتملة وهذا نموذج واحد فقط وعلى عواهنه وكأنها تنفى أداب ثرّة من طرائق العلاج النفسى و تجربة الغفران والتوبة التى يمارسها النصارى واليهود والتى تطوّرت على يدى فرويد عن "قمع الذاكرة والبناء النفسى للمفهوم السائد عن الأضطراب الناتج عن الكبت مابعد الصدمات وعلاجه عن طريق عملية شفهية، ويتخذ مكان محرقة اليهود مثالا للتذكير بعمل وحشى فى العصر الحديث ولمنع تكراره" روزاليند ص 7.
أعتقد بأن تجربة الظار، كآلية جهرية علاجية محلية لعلاج القمع الذكورى فى السودان تؤيّد فكرة تضميد الجراح امام جمع بطقس فنى سحرى يتجاوز المألوف ويبنى عليه فى آن.
تشكك روزاليند فى جدوى ممارسات الذاكرة الغربية وقد أوردت "فى أنحاء من موزمبيق مثلا ، استوعبت المجتمعات الريفية المقاتلين السابقين وداوت جراح اولئك الذين تأثروا بالحرب من خلال وساطة الأرواح التى تطرد عنف الماضى من النفس عن طريق طقوس معيّنة" ص 7 ، على كل حال، فان الظارعندنا وان كان لايسمّى جهرا أسباب القهرالذكورى على مسرح الطقوس فان توصياته ومطالبه تنبئ بفكرة تضميد الجراح والحرمان الذكورى والله أعلم. ربما يكتفى معذبو السودان العربسلامى صانعى الأنتفاضات المسروقة محاكم علنية على شاكلة محكمة نائب النميرى عمر محمد الطيب ويكتفى أبناء الثقافات المترامية الأطراف بطقوس بعد مشاورات واسعة تستوعب حكمة الكبار والشباب المحلية المعولمة ، المهم هو بحث الوسائل حتى بلوغ التأييد الشعبى مضمونا ومبرشما.
بالنسبة لى أذا حققت لحم الخمسة اهداف التى وضعتها على عاتقها بوجود تأييد شعبى واستلهام الممارسات المحلية لمداواة الجراح أو شفهيا لمن أراد ذلك بعد تقليب الأمربشفافية فى ورشات عمل فان ذلك هو الفوز العظيم.
تقول رزاليند ضمن منهج الجغرافيا الأثنية أن جميع المواطنين تقريبا قالوا "انهم يريدون أن ينسوا حتى لو لم يتمكّنوا من النسيان" وغالبا ماكانوا ينشدون الصفح والنسيان. ولكنها لمست رفضا ل لحم حتى لا يضروا اولاد المقاتلين السابقين أو بجيرانهم من عواقب محتملة لأجترار ذكرى العنف علنا والذى تخشى أن يشجّع على عودة العنف. وكأن الأرواح الشريرة تتربّص سماع العنف وتسعى لتحقيقه.
اود ذكر تفصيلى لما أوردته روزاليند من أن عائلات مواطنى شمال سيراليون "أنشأوا طقوسا لتلطيف مشاعر الطفل. ويعتبر "تلطيف المشاعر" نقيض عمل جماعات المقاتلين التى حوّلت الطفل الى مقاتل، وهو يعيد علاقة الطفل بالله والأسلاف – ومن ثم بالعائلة والمجتمع- عن طريق الصلوات وتطبيق طقوس المياه المقدّسة وتقديم بعض القرابين البسيطة." ص9. وتقول روزاليند بأن "الأهم بالنسبة للحضور فى هذه الأعتذارات هو دلالات الأسف الحقيقى ، مثلا من خلال الركوع والسجود واختلاج الصوت من شدّة الأنفعال" ص11.
من أم توصيات لحم هو أهمية أن تصبح اللجان وسيلة مهمّة لتحديد مسئوليات الدولة فى حالة عنف الدولة فى الأبادة الجماعية (دارفور ورواندا) وترى أيضا ان تساهم تقارير لحم فى تشكيل اطار معنوى وتاريخى حول العنف وقمع الدولة "يساهم فى انشاء مؤسسات وطنية مستقرّة" ص12. وفى الختام تحذّر من"تطبيق ممارسات توفيقيّة "للقانون العرفى" ، ومن أرساء "تقليد" متحجّر واحادى النمط" وتذهب الى أهمية الاّ نعتبر أن أنشاء لحم على نمط سيراليون أو جنوب افريقيا الخ هو"أمر مسلّم به ، بل يتعيّن علينا أن نطوّر صور الأستجابة لممارسات القاعدة الشعبية وأن نؤسس عليها"
ومن هذا المنظور الأخيرٍومن وحى تجربتى المغرب وسيراليون يمكن أعادة قراءة الواقع السودانى مستصحبين حذر روزاليند. وقبل ذلك ساقلّب حديث الصديق حسن موسى الأخير على صدى ماقبله علّنى أعثر على قبس من نور لأن النور فى جميع المداخلات أعلاه من دون فرز.
مودّتى
الفاضل الهاشمى
مرجع:
[1]
رزاليند شو تقريرخاص من معهد السلام الأمريكى
Rosalind Shaw “Rethinking Truth & Reconciliation Commissions:
Lessons from Sierra Leone” Special Report No 130, February 2005
https://www.usip.org/pubs/specialreports/sr130.pdf
التقرير بالعربى:
https://www.usip.org/pubs/specialreports ... arabic.pdf
أعادة النظر فى لجان تقصّى الحقائق والمصالحة: دروس من سيراليون، رزاليند شو.
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

متابعون يا فاضلي

ولتكن بخير



محمد جمال
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

محمد جمال أخوى
شكرا وانا ما ناسى أدب الشفا وكيف ينبغى لى؟
خايف من دفن الليل .. أدب الشفا "ما طق حنك" انه همٌ عظيمٌ وحلم انا شخصيا داقى ليهو حجر دقش. شيتن أدب وشيتن فلسفة وشيتن سياسة وسوشولوجيا لكن نهايتو فى الكد وحلة الملاح .. فيه وعد بقدر أشكالياته .
بعافر فى ايجاد Optimum optimora نقاط نموذجية للتوازن حتى لا يصبح حظ الضحية (والجلاد برضو فى منظور ما) كحظ ذكر النحل الذى يهلك حال تخصيب ملكة النحل فى السماوات (فى الحقيقة لا يمكث جثمانه فى الأعالى وانما تفعل فيه الجاذبية الأرضية فعلها المعروف) . لا أريد للضحية مصير مثل شهادة ذكر النحل التعيس حيث لا تُجدِ معه لجان جودية و أجاويد (لحم) أو عطف الملكة (هانم) ..
سأعود حالاً ياصديق
الفاضل الهاشمى
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

العزيز فاضل الهاشمي،

شكرا لك على كل هذا.

أنا اتابعك حرف حرف. وكنت اتمنى لو شاركك أناس كثر هنا يعلم معظمنا بمقدرتهم على التحليل و(التفكير) والتقدير.


أدب الشفاء جهد يستحق العناية، في حسباني.


لكن. لا عليهم. مفترض نقدر الظروف، مهما كان............... مع انو الظروف شنو؟. الواحد ما عارف بالظبط.

انت على كل حال ما قصرت . ولو عندك من مزيد ، ما بطال.


هل أدعوك (اصالة عن نفسي) الى ان تشرفنا في لاهاي ايام اللقاء المأمول عن التحول الديمقراطي في 17 و18 نوفمبر:

https://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 1190793360

دا بوست فتحناه هناك وتواصل فيه الحوار حول الامر. (((((ارجو من ادارة الموقع ان تسمح باللنك)))))

شوف الحاصل يا هاشمي. لو زمنك يسمح.

وقول لينا لو قادر تشرف. اتمنى وأرجو.

والدعوة مقدمة لكل من يود المشاركة

تحياتي

محمد جمال الدين
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

المحافظ والثائر الطليق:
ابوالحُسْن ، لك مودةٌ لا يضل ركبانها. عارف أنى تأخرت على التواصل ولحسن الحظ بدأت أعافر وأخنق ذلك اللّهيج السايبرى العجول و"ألزِمو حدّو" كونى أتصبّروأقلّب الأمروأقول صبرا ومرات أسكت ولا ألوى على شئ.
بدايتو.. لم اتوقع فيك ثوريا مطلقا أو طليقا ولا ينبغى، والحارى ليهو ثوري مطلق فليبحث فى الموضع أياه من البقرة أو سورتها كما تقول، وعاش انشتاين.
أنىّ لنا بمطلق يا صاح فى ها دا الكون الواقع-الأسطورة –تأمله هنا :
https://static.scribd.com/docs/d2mpuh1cx ... _VIEW=page
ويجوز فى نفس اللحظة التنبؤ ب لاتناهيه ولامحدوديته.
وليت لأحد ما حظ من طرف أطلاق حيث لا حيث وعند لا عند كما عند المتصوّفة. وكأنى بك تقول وماذا فعلت المحافظة لنخشاها؟ حسنا، أن كانت تعنى فن الممكن "البراغماتى" وعلى طريقة الحكمة التى تقضى على الأعرج الاّ يكسر عكازه على رأس عدوه. ليت لنا وسطا حسابيا بين المحافظة المطلقة والثورة المطلقة. أنّ ليت مسقيّة بماء التمنّى وملح"حبّذا" كما يقولون.
المحافظة معقولة بالنسبة لى فى حدود الأطر التى طرحتها أنت، لكنّى خشيت محافظات شفناها بعيوننا وعشناها وما قالوها لينا قول، محافظة "جُد عليهم ب بوصة ينتزعون ياردة ، وأعطهم ياردة ينتزعون ميلاً" أو كما قال المغنى الثائر النبيل، ودون ذلك فكل شئ فى الحياة جائزكما تطيب لك العبارة.
هذه هى خشيتى من المحافظة وحين ننظر الى درس "لحم" السيراليونية ،فى نظرى الضعيف، تتعدّد الوصفات والروشتات بتعدّد زمَكانات العباد وتنتشر دالّات الغبائن (بلغة الرياضيات) والقصاص داير مادار التعدد الأثنوثقافى والسوشيواقتصادى بين (صِفر) الطقوس وأستدعاء الأرواح والزار وعفوها الى (مالانهاية) القصاص أو طلب الأعتذار الرسمى. وبين هذين المطلقيْن(الصفر ومالانهايه) توجد محطّات التوازن أوسنْداته - بلغة السكّة حديد. (لحظة التوازن دى تشبه زى ماتقول يوم كانت النار بردا وسلاما على ابراهيم كما فى الأ سطورة) . ومحطّات التوازن الزمكانى المحدّد مكتّفة بمتغيرات لا حصر لها. التوازن عندى هو ال Win-win balance/equilibrium
بين الضحية والجلاد وهذا الوضع الهيهاتى هو ما يجب نشدانه فى فكر واستراتيجية التفاوض ولحظات التوازن معطوفة على محصّلات الثروة والهجمنة والأمتياز وحلّة الملاح وهلاويس الضحايا والجلاد فى آن وبؤسهما والنفَس الطالع ونازل وهلمّ جرّا وشدّا.
غبينة النفس اللّوامة بعد السلام:
حالة من رواندا:
وحول دالّات الغبائن وحيرتها نسمع وجهة النظر التالية من تجربة رواندا ومن زول واطى الجمرة:
يقول لويز موشيكيوابو ، رئيس مشروع "تذكر رواندا"
"العدل مفهوم مخادع للغاية فى حالة الأبادة الجماعية ، والأبادة الجماعية الرواندية بالتحديد، لأن الطريقة التى نفهم بها العدل فى الولايات المتحدة والطريقة التى يجب أقامة العدل بها مستحيلة بالنسبة لرواندا. لأن الأمر لا يمس الذين قتلوا فقط ولكن أيضا هؤلاء الذين شهدوا، وهؤلاء الذين لم يوفّروا الحماية ، وهؤلاء الذين وشوا بالأماكن التى يختبئ بها جيرانهم—وهو ماسيكون عددا كبيرا جدا من الأشخاص يعجزأى نظام قضائى عن التعامل معه. لذا فاننى أعتقد أن العدل بهذا المعنى من المقاضاة مفهوم محدود جدا للروانديين.
وأنا شخصيا لا اعتقد بأنه سيكون أنصاف لى ولخسارتى ، ويجب على بطريقة ما ايجاد طرق للتعامل مع نقص العدالة هذا ، ولذا فاننى اشتركت فى أشياء عديدة. لقد اشتركت فى الدفاع والتعليم حول الأبادة الجماعية الرواندية ، وهذه طريقتى فى التعامل معها." [1]
هذه هى طريقة هذا الشيخ ، بى طريقتو ويجب أن تُهيّأ لها امكانية الحدوث. هذه حالة دراسية كاملة بكل تعقيداتها والنفّاجات التى تقود لفهمها.
حالة من كوسوفو:
نضال غاندوى بتاع "شباب لُطاف":
هذه حالة تعبّر عن آخر مرحلة فى تحقيق السلام فى كوسوفو يقول فيها ميلان ساماردزيتش (ناشط فى حركة أوتبور) [2]
"كانت الأستراتيجية الأساسية التى قادتنا الى أن نكون فعّالين فى مواجهة ميلوسوفتش هى الصراع غير العنيف ضدّه لأنه بادئ ذى بدء عندما يكون شخص ما ممسكا بزمام القوة فى الدولة بينما أنت لست كذلك ، فانك لا تذهب لتقاتله لأنه يكون قويا. واذا فعلت ذلك فانك تخسر. لذا فان كل ما فعلناه هو أننا حاولنا فقط ضربهم حيثما كانوا اضعف. ركزنا على الشباب أى المستقبل. أعلنا هذه الرسالة الأيجابية وأعتقد أن هذا النضال غير العنيف ، وأن شئت القول ، الأشبه بنضال غاندى وطريقة العمل هذه كانا ميزتنا الأستراتيجية الرئيسية ضد ميلوسوفتش لأن ما قام به فقط هو أنه لم يستطع أقناع الناس – لم يستطع أن يجعلنا نخطئ . كنا فقط هناك نعبر عن وجهة نظرنا باسلوب ديمقراطى مشروع ولم يكن لديه فعلا أى شئ ضدنا. كنا جميعا طلبة فى المرحلة الجامعبة، شبابا لطافا ، وأعتقد أن ذلك هو ماوضعه الى حد ما بالفعل فى موقف يعرف منه أنه اذا أراد ضربنا فسيكلفه ذلك ثمنا باهظا" [3]
حرصت هنا على المقتطف كونه يوفّر أحد وجهات النظر المتعدّدة للآخر وأعطاء فرصة لجميع الضحايا.

مراجع:
[1]
https://www.usip.org/training/online/ara ... _28_06.pdf
ص 22 ، صندوق وجهات نظر.
[2]
أوتبور منظمة طلابية فى صربيا كانت مسؤولة جزئيا عن عزل سلوبودان ميلوسوفيتش.
[3]
السابق صندوق وجهات نظر ص 38
مودتى
هاشمى
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

فى تشريح الحزازات: ومن الكىّ قد يجيئ الشفاء
أبوالحُسن:
عارف ان هذا الجانب لا يخصّك فانت تقول "لماذا ينتظر منى الفاضل أن أجتر الحزازات القديمة وأنا بصدد دعوة الناس لتجاوز تركة الماضى المظلم؟" وكأن تلك دعوة لكتابة تاريخ سعيد ، ثم كأن قراءة التاريخ لا تنتج استيعابه لدرس الحاضر والمستقبل!! الحكمة فى تصوير الحزازات والماضى المظلم ليس لصقع الجِرّة بل هو تحسّب مشروع حتى لا يأتى من تفجأه أحداث الحاضر الماثل.
انت تقول انك "بصدد أدب للشفاء من تركة الماضى المظلم ومن انتكاسات المستقبل الهش" وفى نظرى لا سبيل للشفاء من تركة الماضى المظلم بدون جراحة علّته ومكامن ظلاماته والّا فنحن موعودون بمستقبل هش . أتخوّف أن تكون تلك دعوة لاتاريخانية ، ثم أقول مرّة أخرى: حاشاك.
وانت حسب قولك تستشرف "أفق ما بعد تصفية الحساب" وعندى أن أفق "مابعد" مجدول بخيوط ماقبل. وصيرورة تصفية الحساب بشفافية ومسئوليّة وتراضى وبدون تشفّى تقتضى هذا التمرين-المستشفى. وهنا يكمن ثراء ادب الشفاء واحتمالات استدامته sustainability ورحبها.

الذكرى بتنفع المؤمن: أكثر من قرنين من عنف السلطة وتنكيلها
سماوات المصدر الفكرى الدينى (العباداتى عديل عند المهدية) لتقاليد العقاب فى السودان ملبّدة بغيوم شربت من ماء الأرض (عبيد ونحاس وذهب اصفر وأبيض الخ) وتلوّثت بمنافعه وامتيازاته ورَوَثه ثم تنزّلت على الأرض برَوَثها ولوثتها وعطنها ولما نشرب بعد من سلسبيلها. يجب أن نستصحب هذا العنف الدهرى ودائرته الشريرة التى تضخنا الآن بالويل والخزى ونحن نتدبّرأمر الصلح والأنصاف والمصالحة.
وبعد هذا النظر العام نرجع لتاريخ العنف الطويل فى السودان منذ عنف الأسترقاق فى غابر الأزمان والتصفيات والابادات الجماعية والأعدامات ومرورا ببداية القرن التاسع عشر وحتى نهايته واستلهام الحركة الأسلامية السياسية الآنية لعنف الدولة التركية و"الثورة" المهدية. ومآل العربسلاميين المتسلّطين على الرقاب ودائرتهم الشريرة التى أكلت وشربت من فعايل السوق العالمى ومكر حرّاسه. أن بدأنا بسقفٍ محافظٍ واطٍ ف الى اين ننتهى؟

السؤال التحدّى هو: ماهى علاقة ظلم السلطة الطويل بروشتة الصلح والأنصاف والحقيقة؟
دعنى أسرد سريعا هذا الظلم:
أعدامات وتصفيات الحكم التركى: [1]
أرهاب وحشى انتقامى على بلد بأكملها وابادة قادها الدفترداروحملات قاسية لجمع الضرائب وهجرات واسعة للسكان وهروب. فى عهد عثمان بك جركس الذى قتل أعداد كبيرة من سكان الجزيرة قال نعوم شقير "كانت مدة عثمان بلاء ذهب فيه نحو نصف السكان من المرض والقحط والقتل والظلم".
مذابح تركية فى ديار الشلك سنة 1830 مثل مذابح المك بادى ابورباط بالشلك [2]
وشهد أقليم التاكا فتك على يد أبوودان باشا(الجزار) وعاش السودان اعدامات بالشُبهة وأغتيالات وقائية حيث يصدر الأمر بالأعدام وينفّذ فى الحال دون مراجعة ودون محاكمة.
النيْل من أقارب الخارجين على السلطة التركية (وقد نفّذته الحكومة الحالية فى بداية التسعينات ضد معارضيها) وأخذ الأب بجريرة الأبن. الجدير بالذكر أن جيوش التركية قوامها من تم "اصطيادهم فى حملات جلب الرقيق" أو"تم شراءهم أو دفعوا بدلا عن الضرائب" ولكن هؤلاء كانوا وقود ثورات الجهادية السود فى كسلا 1865 والذين كانوا خليطا من دينكا وفور ونوبة ومولدين. وتمت اعدامات وسط الشيوخ وفقهاء الطرق الصوفية الذين ثاروا ضد مظالم الضرائب وأجراءاتها التعسفية.
أسوق نموذج المَثَلة (وهو التمثيل بجسد الميت) التى تمّت قبل أكثر من قرن فى السودان ليس عاشما فى مصالحة أو انصاف مع الأتراك (ربما طلبا للحقيقة) ولكن لأن أرث العنف والمثلة تلك مازالت بين ظهرانينا فى أحد وجوهها. فقد أعلن اسماعيل باشا بعد أنتهاء معركة كورتى مع الشايقية عن مكافأة قدرها 50 جنيها لكل من يحضر له أذنين لأى شايقى قتل فى الحرب حتى يرسل ماجمعه من الآذان الى والده محمد على باشا شاهدا على نجاحه. فجمع له الأتراك 3000 أذن بشرية نزعت من الأموات والأحياء على السواء [3] .
يقول كايو الفرنسى المكلّف بالبحث عن مناجم الذهب والذى صحب حملة الفتح التركية "قد سمعت رجلا يونانيا كان طبيب الباشا يفتخر بانه اهدى الى أحد الجنود أذنى فتاة كان قد وجدها مختبئة فى حقل من الذرة ويعلن أنه ابقى على حياتها لانه شعر نحوها لانه شعر نحوها بعاطفة وأنه ما كان يشعر بهذه العاطفة ازاء النساء الأخر اللائى يكبرنها سنا ولذلك كان يذبحهن دون تردّد" [4]
وقد لخّص الأستاذ محمد عبدالخالق بكرى فى سِفره القيّم وسائل الأعدامات ومنها مافعله يوسف باشا الشلالى الذى قام باعدام 4 من الأنصار ببتر أعضاء اجسامهم عضوا عضوا أمام جنوده بعد طرحهم على جذع شجرة.
لقد تعدّدت وسائل الأعدام فى التركية وشملت: الحد بالسيف والأعدام رفعا بالخازوق (وهو شرف لا يناله جميع المعدومين ، فحين أعدم الشيخ رجب ودبشير الغول أحد شيوخ الحمدة من عرب رفاعة عن طريق الخازوق لم يحظ (!) كاتبه القبطى بنفس القتلة المشرّفة فقد شنق لأنه قبطى لا يستحق شرف الموت بالخازوق !!)
وهناك المشنقة والقتل بقذيفة المدفع والأعدام رميا بالرصاص والقتل حرقا والأغراق الخ. واذا كانت تلك دولة جابية قادها جلّادون مدجّجون بالسلاح ولها قاموس عقابى متوحّش كما قال محمد عبدالخالق فان الطبقة الوسطى العربسلامية الآنية قد ضاقت ويلات ذلك البطش فى التسعينات القريبة وما بعيدة.
الطبقة الحاكمة عندنا (المؤتمرالوطنى) لم يذهب بعيدا للحكم لأستصحاب آليات الفتك التركى والأعدامات وانما أستقى ذلك من صلب مبادئ المهدية وأقصائها وأعداماتها حيث لافكاك لفلسفة العنف والعقاب من المصدر الألهى. نظرة سريعة لثلاثة من منشورات المهدى تبيّن ما أريد:

أولا:
عدم الأيمان بالمهديّة هو كفر صريح بالله ورسوله. يذكر المهدى فى منشور الدعوة وحيث الأمر لله والمهدية المنتظرة أرادها الله واختارها للعبد الفقير محمد أحمد بن السيد عبدالله فيجب التسليم والأنقياد لأمر الله ورسوله وبعد هذا البيان فالمؤمن يؤمن ويصدّق لأن المؤمنين هم الذين يؤمنون بالغيب ولا ينتظرون لأخبار احد فمن انتظر بعد ذلك فقد أستوجب العقوبة لأنه صلى الله عليه وسلم قال: من شكّ فى مهديته فقد كفر بالله ورسوله ثلاثا" [5]

ثانيا:
أصدر المهدى أثناء حصار الخرطوم منشورا قال فيه: "أما بعد فمن بعد قتل الكفرة وفتوح المديريات نرجع على كل من خالف أمرنا نقتله وننفّذ أشارته صلى الله عليه وسلّم ونحى دين الله" [6]
كان العقاب/القصاص مبرّر لأنه عند محمد أحمد المهدى لأنه يطهّرصاحبه. يقال أنه وحينما سجن المهدى المك ادم عمرقال له أن السجن رحمة به "ولأنه رحمة بك أظهر الله عليك هذا ليزيل عنك ما يشقيك" ... فأفرح بما كان لك كفارة من الحبس والسجن فان ذلك خيرا لك فان الجنة محفوفة بالمكاره والنار بالشهوات والعبد المؤمن يؤجر رغم أنفه" [7]
هل تجوزهذه الحيله لعقاب الجلادين حتى نضع وِزرهم عنهم رحمة بهم ضمن وصايا الصلح السودانى ونكون قد طبقنا شريعة الضحايا؟؟ طبعا ان هنا أمزح لأن هناك فئات من الجلادين الصغار(الأطفال الذين جنّدوا للحرب) تجب العناية بهم أيضا وعلاجهم وأعادة اندماجهم.
وحينما تم أعدام الفكى المنه اسماعيل قال المهدى "ان الفكى المنه طهّره القتل" [8]
وفى هذا السقف -الذى لا ننشده- فان القتل والعقاب والأبادات تصبح تطهيرا فى حد ذاتها وتنسف تماما مفهوم ومصطلح المصالحة والأنصاف والحقيقة .
وضمن تلك المشاهد المهدوية تتنزّل الحاكمية الالهية الى الخليفة عبدالله . ألم يقل المهدى حوله: "واعلموا ان قضاءه فيكم قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلّم.. وأعلموا أن جميع افعاله وأحكامه محموله على الصواب لأنه أوتى الحكمة وفصل الخطاب . ولو كان حكمه على قتل نفس منكم أو سلب أموالكم" [9] -الخط من عندى- والأمر هنا دخل حوش الأجتماعى (وسلب الأموال) العامر بتبرير القتل والسلب.
و(بى وشّو) يتحدث الخليفة عن كراماته وهواتفه وحضراته النبوية ونصرة الجن له ، ألم يقل أنْ قد بايعته "جموع من قبائل الجن يقال لهم الشمسيون وهجروا أوطانهم وأستقروا بجبال أم درمان وأختاروا الأنضمام للراية الزرقاء رايته سابقا وراية شقيقه يعقوب" [10]
ثم يقول فى حضرة نبوية اخرى مبررا اعداماته الجماعية " أنه قد حصلت لى حضرة نبوية مبشّرة ، حضر لى سيد الوجود صلعم ومعه المهدى والخضر عليهما السلام ."ثم أخبرنى صلى الله عليه وسلّم أن كافة الأجراءات التى حصلت منى كقتل صالح الكباشى وولد أبوروف ودارفور ومافعلته بالشكرية والبطاحين بالبقعة وغيرها فهو الصواب" [11] وهكذا يتدثّر عنف الدولة الدينية بثوبٍ ايدولوجى الهى مهيبٍ ومخيفٍ، فهل ياترى تتدثّر المصالحة والحقيقة والأنصاف بنفس الثوب أم تلبس ثوبا دنيويا شفافا وشفيفا. لعبت الرواسب القبلية والميثولوجيا الدينية دورا بارزا فى طبع الصراع بطابعها ودثرته بغلالة كثيفة تكاد أن تحجب جذوره الحقيقية بحسب الأستاذ محمد عبدالخالق (ص 58 و59) فى حقبة المهدية وبعنف الدولة الآنية تضافر الأثنوثقافى مع شح الموارد وسوء توزيع الثروة والسلطة ودعم المركز للجنجويد لاعادة عنف الدولة الى سيرته الأولى.
عنف البوادى وعنف الحضر عندنا لاحدود له ودوننا ثقافة العنف والفروسية وفلكلوره على قفا من يشيل من غناء "الهدّاى" لغاية "الحكّامة". ماذا نفعل بأرث العنف اذا كنا على أعتاب المصالحة والحقيقة؟ وماذا نفعل بعرض الرؤوس المقطوعة على الجوامع وفى الأسواق عبرة وعظة وبالموت صبرا(جوعا وعطشا) وعقوبة الأعدام ضربا بالعصى والحد بالسيف والمشنقة مع الصلب (والصلب ياترى من عقوبة الحرابة فى الشريعة الأسلامية أم من النصرانية؟) .
أعتقد أن الأنصاف كفيل بتذكير عنف البادية والحضر بمغبة ردة أخرى وأن الديمقراطية هى الحل وتحت تحكيمها فليتنافس المتنافسون وضمن هذا الأطار يكون البحث عن ارث الجودية (الصلح السودانى) وكيف نستصحبه أو نقرعوا (نمد اصبعنا السبابى ونقول ليهو انقرع) وقديما غنى المغنى "مافى صيده فاتت تبيعها"
تلك صفحات فادحة فى سجل غير مشرّف من جانب السلطة مقطوعة الطارى وانت أتيت فى محاضرتك المُحْكمة بخلاصة ل "سجل مشرف وراءه تاريخ طويل ومركب لذلك الميل الطبيعى للسودانيين نحو الحياة المسالمة المبدعة القائمة على أعلاء قيم العدل والمساواة وحب الخير.

مراجع:
[1] سأتشهد فى هذا الجانب بكثافة من كتاب الأستاذ محمد عبدالخالق بكرى "سيرة الأعدام السياسى فى السودان 1821-1898،
الشركة العالمية للطباعة والنشر الطبعة الاولى.
[2] كاتب الشونة ص 111 فى محمد عبالخالق السابق ص 15 .
[3] الان مورهيد النيل الأزرق تعريب د.ابراهيم عباس ابو الريش ص 293-294 ورد فى سيرة الأعدام السياسى ص 41.
[4] الشايقية ودكولز ترجمة عبدالمجيد عابدين ص 51-52 فى سيرة الأعدام السساسى.
[5] منشورات المهدية / تحقيق أبو سليم ص 27 فى سيرة الأعدام السياسى السابق ص 53.
[6] الأثار الكاملة للأمام المهدى، المجلّد الرابع ص 189 فى سيرة الأعدام السياسى ص 54.
[7] الآثار الكاملة للأمام المهدى ص 238.
[8] جهاد فى سبيل الله، على المهدى ص 49 .
[9] منشورات المهديه تحقيق أبوسليم ص 66.
[10] منشورالشعرة ، السابق ص 95 وما بعدها.
[11] السابق ص 105.

مودتى
الفاضل لهاشمى
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

[/spoil]
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

سيناريو للشفاء:

الصديق أبو الحسن: حين تحدثت عن اللغة العربية والأمثلة التى نسوغها ليس لدى حلم طليق فى لغة بابل/السودان وانما هو اشكالية شفرة ثقافتنا ورموز ودلالات لغتنا وفى شحناتها التاريخية وفى علاقاتها التاريخية كما نبّه الى ذلك عبدالله على ابراهيم فى ورقة القاها فى الخليج وفتحت عليه أبواب الهوريكين. واحدة من السخرية أننا دائما نتحدّث بهذه الشفرة الثقافية لوطن كامل ونحاور أنفسنا بغياب شركاء أساسيين نفترض سماعهم/ن (بل حوارهم معنا) لاننا دقّة "وسط" !! لماذا يحاسب مثلا مثقفونا نماذج ياسر عرمان؟
ما زلنا نحتاج لفلفلة الماضى بين حيشان السودان الرابضة التى لن تنفك تخرج أثقالها وعنف بواديها وربوعها التى حاصرت و خاصرت الحضر.
حين ندرس حزازات الرؤوس المخوزقة من أجل السلطة والعبيد والذهب والزمرّد (كفاحا فى سبيل الله) فى القرنين الماضيين لا نفاجأ بكل الحاضر البائس ومن أين اتانا ولن يفجؤنا البشير-النذير (سيد شباب حزازات الحاضر) الذى نصّب نفسه فوق دبابة ويتشدق بسيادة الدولة ، بقوله –وهو يطالع المعارضة- من أراد أن تثكله أمه فليتبعنى خلف وادى العنف. لأنه حين جنح للسلم كان كاذبا وحنث بجماعتو.
شياطين "العنف والفرقة" على قفا من يشيل ونحتاج لكل من دفع تلك الشياطين بما فيهم/ن الودّاعات والسحرة ...بالمناسبة أبوى أنصارى أمام جامع وسأحكى ليهو عن أدب الشفاء لأنى ماشى السودان وقطع شك "سيبارك" المشروع التحررى بتاع الشفاء دا.
فكيف لنا الشفاء من هذا الصراع المادى والرمزى كما تقول؟
أدب الشفاء يحتاج الجميع وأنا لا أدعو" للأنكفاء على حلفئنا الآيدولوجيين الخلّص فى خندق ضيق" لكنى أحذر طعن حركة أدب الشفاء من الخلف (بالمناسبة أنا عضو قديم فى حركة ادب الشفا دى، راجع مسألة حلّة ارض الشفا فى الجزيرة ابا ، لو اتجهت جنوبا من جامع الكون فى داون تاون بتاعة الجزيرة أبا ستصل ارض الشفا)

لقد شنّفت مسمعى حين قلتَ "وربما كان لتاريخ التعدّد الثقافى والعرقى الذى طبع تداخل العلاقات بين أهل السودان الأثر الأكبر فى تحفيز السودانيين على صيانة أدب للشفاء من عواقب الصراع المادى والرمزى الذى يواجهونه ضمن مسارات التطور التاريخى للمجتمع"

الراهن الماثل الدامى فى دارفور وغيرها قد أتى من "تالانا" فلنتأدّب بأدب شفاء شفّاف وحسّاس لندرى علام المرض؟
من يدرى فقد يكسب أدب الشفاء من الميل المعاند لمملكة تقلى وممالك دارفور للأستقلال والضيق بالمركزية وكدوس المك المقذوف فى وجه الدخيل واولاد اب جويلى الكمبلو وعرضوا؟ عرضوا فى شان شنو؟ ود.على سكنجه فى بحثه الشيّق الشافى "من أرقاء الى عمال" From Slaves to Workers عمال شنو؟ وليه؟

أرانى "مكنكش" فى مقولات ومفاهيم وخلفية مهمه بدأت بها المحاضرة كون " السلام ينبنى على قاعدة العدل والديمقراطية. واول خطوة لأحلال مبادئ العدل هى رد الحقوق المهضومة لاهلها والاقتصاص ممن ظلموا واعتدوا وجاروا على الناس بغير وجه حق. واول خطوة لأحلال مبادئ الممارسة الديموقراطية هى ضمان سلطات الدولة لأستمرارية العدالة من خلال مؤسسات مستقرة مستقلة عن السلطة السياسية"
كل القيم والمدارس الكونية واحلافها (بما فيها حلف الفضول) تكون مبذولة للجميع ولماذا لا نشيل منها جميعا. وعندى قيم الصلح والغفران وعفا الله عما سلف ومن عفا وأصلح فاجره على الله (قال صديقى بشير اسماعيل فيما معناه أن فى عبارة " أجره على الله " مسافة ماهلة يغرف منها مايشاء فى مولد الحقيقة والأنصاف والمصالحة. وبى عشم أنه سيبعث لنا بدراسة فى هذا المجال عالجها حديثا) اقول كل المدارس ،مع الماضى وحزازاته، وحتْ من الضِمِن فلسفة التنوير وحقوق الانسان والديموقراطية (اسم الدلع الشورى) فليتقدّم أدب الشفاء ويجب ألا ينتظر حروب امبريالية أخرى سمّوها حروب دينية اسلامية (على غرار الحروب الدينية الأوربية). لكم يتمنى السوق نشوب حرب دينية بسوسية كبرى بين السنة والشيعة حتى يتقدمون بنسخة اسلامية للتنوير حينها ينتشى السوق وتستعدل البورصة.
والحجج كثيرة للقتال منها: أن فصل الدين عن السياسة غريب عن الأسلام وأن الأسلام هو أكثر من دين ، انه ثقافة متكاملة. ويدخل أدب الشفاء حول جسد الوزة التى تخشاها حينها نشوف العدل والمصالحة والسلام سراب سراب ورهاب رهاب.
فيما يخص انسان "عمره من عمر الحرب" يريد أن نسمع مايريد وماهى اليوتوبيا التى بين يديه وأى شفاء دون أن نلقمه مانريد وأن يأخذ من الكيكة بالعدل والقسطاط حسب مفهوم ال equity وليس المساواة equality هذا هو ادب الشفاء بالنسبة له وليس أن نضع كل الثروة السودانية فى "طاقية" قومية كما قال الزميل نقد .

تقاطع المستشفَى فى أدب المستشفِى:
يكون البحث عن تقاطع الدوائر التالية:
عفو اسلامى وغفران نصرانى وطقوس وسحرمع دائرة (مفهوم ومصطلح وتجارب) لجنة الحقيقة والمصالحة.
والتقاطع هو عبارة عن حزمة حلول عدة ومجموعة بدائل تناسب الخلفية المفهومية والأثنوثقافية للضحايا والجلادين كل حسب ظلاماته وليس one size fits all
بهذا المعنى فهى بدائل مرنة تناسب دالة الغبينة وغور الجرح وعمق الأيمان (من عفا).
تقاطع الدوائر المسمى ب "أدب الشفاء" هو set يحتوى على مجموع اتفاقيات المصالحة والحقيقة وكلما تحركت دائرة لحم نحو الداخل تعدّدت استدامة السلام والتنمية. لكن دون ذلك وقفة طبقية صامدة عضود. وعلى الباغى تدور الدوائر.
أزعم أن هكذا"سنصون الموجود" انظر الرسم البيانى ادناه.
مودتى
الفاضل الهاشمى

صورة

اسكتش تقاطع المستشفَى فى أدب المستشفِى:
أنظر حزمة النقاط التى تأخذ من حُسنى جميع االمرجعيّات الثقافية.

الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »


كمال الجزولى الوارف ..وأدب الشفاء
فى رزنامته ، أسبوع 5 نوفمبر 2007 بعنوان أَلاعِيبٌ صَغِيرَةْ! فى سودانايل
كدح كمال الى العدالة كدحا يستحلب ضروع "المصالحة الوطنية" علّها تجود حليبا يرضع طفل "الحقيقة والأنصاف والمصالحة" اليتيم فى بلادى .. ليكن البحر مدادا لريشتك ياوسيم و "ما تنشلالك" كما يقول أهلنا الشايقية.
أقتطف من الرزنامة تلك اليومية .
الفاضل الهاشمى
--------------

رزنامة الأسبوع
أَلاعِيبٌ صَغِيرَةْ!
السبت:
اجتماع مؤسَّسة الرئاسة الذي انعقد ليل الجمعة 2/11/07 لمناقشة كيفيَّة تجاوز الأزمة الناشبة بين شريكي اتفاقيَّة السلام، تمخض، وفقاُ للوكا بيونق، وزير رئاسة حكومة جنوب السودان، عن تكوين لجنة فنيَّة مشتركة لحسم القضايا الخلافيَّة في موعد اقصاه الحادي والثلاثين من ديسمبر القادم، كما أمَّن على القرارات التي توصَّلت إليها المفوَّضيَّة السياسيَّة لوقف إطلاق النار وانتشار القوات في اجتماعها بتاريخ 1/11/07. ويُتوقع، حسب بيونق أيضاً، فراغ اللجنة من عملها، ومن ثمَّ إصدار قرارات مهمَّة خلال يومين أو ثلاثة (السوداني، 3/11/07).
قضايا التعداد، والحدود، وأبيي، والمصالحة الوطنيَّة، ونزع السلاح بمواقع النفط، هي جملة القضايا التي شملها اتفاق مؤسَّسة الرئاسة، حسب بيونق. لكنه لم يشر إلى قضيَّة (التحوُّل الديموقراطي) تحديداً، رغم أنها تواترت، خلال الايام السابقة، في تصريحات رسميي الحركة، باعتبارها مطلباً أساسيَّاً من المطالب التي لن تنفرج الازمة بدون تلبيتها.
مع ذلك دعونا نتفاءل بأن الحركة ربما اكتفت بورود (المصالحة الوطنيَّة) في قائمة مطالبها التي استجيب لها، كعنوان عام يندرج تحته، حكماً، مطلب (التحوُّل الديموقراطي)، لا سيَّما أن اتفاق مؤسَّسة الرئاسة على تكوين (لجنة للمصالحة الوطنيَّة) كان مِمَّا صرَّح به الوزير بيونق نصَّاً (الرأي العام، 3/11/07). ما يهمُّنا هو أن هذين المفهومين يقترنان، وجوباً، بمفهوم (العدالة الانتقاليَّة)، مِمَّا يقتضي توضيح هذه الرابطة بتتبُّعها عبر السياق التالي:
(1) الهدف المعلن لـ (اتفاقيَّة نيفاشا) و(الدستور الانتقالي) هو تحقيق (السلام) و(التحوُّل الديموقراطي)، مع ابتدار عمليَّة (مصالحة شاملة)، خلال (فترة انتقاليَّة) محدَّدة بستِّ سنوات وستة أشهر.
(2) لئن كان تصريف العدالة فى الظروف العاديَّة وظيفة أساسيَّة من وظائف الدولة، فإن هذه الوظيفة تتقدَّم، من باب أولى ، في الظروف غير العاديَّة التي تكون فيها الدولة في حالة (انتقال) من نظام حكم (لا ديموقراطى) إلى نظام حكم (ديموقراطى)، وسواء جرى هذا (الانتقال) راديكالياً أم إصلاحياً، لتمثل الأهميَّة الأكثر إلحاحاً بالمقارنة مع الوظائف الأخرى، وذلك بهدف تضميد الجراح الناجمة عن الظلامات السابقة، ولإزاحة كل العقبات التى يمكن أن تعرقل طريق هذا (الانتقال) المنشود.
(3) (العدالة الانتقالية)، إذن، مفهوم استثنائي يشتغل فقط في البلدان التي تروم استدبار الاوضاع (القمعيَّة)، وإنجاز (التحوُّل الديموقراطي) و(المصالحة الوطنيَّة)، من فوق تاريخ مثقل بتركة انقسام اجتماعي عميق، ناجم عن حرب أهليَّة متطاولة، أو قمع وحشي عام، أو تعذيب منهجي للخصوم السياسيين، أو ما إلى ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان، أو جرائم الحرب، أو الجرائم ضد الإنسانيَّة.
وهكذا، إن كانت (لجنة المصالحة الوطنيَّة) التي اتفقت عليها مؤسَّسة الرئاسة، تفعيلاً، ولا بُدَّ، لنص المادة/21 من الدستور الانتقالي، هي هيئة لـ (الحقيقة والانصاف والمصالحة)، استهداءً بخبرات شعوب ما يربو على الأربعين بلداً أدناها إلينا جنوب افريقيا والمغرب، فإن لنا أن نستبشر بإمكانيَّة تصحيح المسار باتجاه (التحوُّل الديموقراطي). أما إن كان المراد محض تكرار لتجربة المصالحة المايويَّة الشائهة التي رتب لها نظام النميري عام 1977م مع بعض معارضيه، ولم تدم سوى بضع سنوات قبل أن تنهار كمثل كاتدرائيَّة تتقوَّض، فقل، منذ الآن، على (التحوُّل الديموقراطي) السلام!
-----
انتهى كلام السبت فى الرزنامة.
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

العزيز محمد جمال الدين
تحايا وتقدير
شكرا ياصديق على الدعوة الكريمة .آسف والله على تأخير الرد. مشغول بتفاصيل شدّ الرحال هذه الأيام الى بلد العصافير الملوّنة الجريحة بعد خُمس قَرْن وهوادة.
نتمنى لكم امسية تقطف زهور شفاء اُخر.
مودتى
هاشمى
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

تشكر يا عزيز يا هاشمي،

لا عليك، الجايات اكتر من الرايحات.

المؤتمر كان ناجحا جدا في تقديري. وكان مرهقا جدا في تقدير الجميع، في تقديري!. كان شيئا ملحميا قويا وصاخبا.

تجد البيان الختامي في بوست مخصص له ليس ببعيد من هذا البوست لا في المكان ولا في الموضوع.


اتمنى لك رحلة طيبة الى ارض الميلاد بعد ربع قرن في دنيا الغياب المادي. وربما نسمع اخبار سعيدة.

ودي

محمد جمال الدين
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

ابو الحُسْن.. سلام لك وللجميع
عدتُ من بسطامٍ سودانىٍ نحلم/ نعمل/نعلم انه للجميع
عدتُ دفيئاَ وغانماً ومتماسكاً على المستوى الشخصى/الخاص (مستوى الوالد والأخوان والأخوات وأبنائهن والعم والخال والخاله والأصحاب من محمد نوح لغاية أمين الفاضل ويوسف العبيد وأعزاء آخرين) ومتشظيّاً متلظيّاً حاسر الرأس على المستوى العام ازاء الفهلوة المؤسسية والسوق الذى اتى على الأخضر واليابس... والمحصّلة أنت أدرى بجدلها وغماستها.وسأعاود الوصل ...... ومازالت الساقية (الطاحونة) مدوّرة
أتمنى أن يستطيع بولا ونجاة زيارة الأهل والسودان ...

وبعد أعود للأمر الذى أبتدرته انت ولا عجلة فى الأمر رغم أهميته..
وهو أمر الشفاء المرتجى..

وصادفت حديث أحد من يريد الشفاء والأستشفاء وهو رمز عزيز كنت أتابع شقاءه من زمان . وصادف حديثه برنامج و"مانديت" من أولوياتى هو العزيز محمد أحمد الريّح وهو يتحدّث عن "رئيس جهاز الأمن صلاح قوش يكافىء القتلة والمجرمين" وقد خصّ مدير بيوت الأشباح ضابط الأمن محمد الأمين محمد الأمين
والذى عيّن مستشاراً بسفارة دبى والذى يجب أن نزلزل أقامته هناك وسأعمل على ذلك. والمقال منشور بسودانيز اونلاين.
https://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 1201142957

وسأضمّن ذلك فى خيطى بتاع حقوق الأنسان.

وساقتطف هنا ما أعتقد انه يمت لنقاشنا بصلة وهو منظور معذبين يودّون طرح رؤيتهم للشفاء ، والذى سيحدث ولو طال الزمن ونراه قريبا لأن يوما عند السياسيين المتفكّرين المتفائلين بألفٍ مما يعد الظلَمَة والقتلة بموضوعيّة الآنى الحاصل وليس أضغاث أحلام. وفى البال ما قلت بأنّك لا تودّ تشفيّاً وأنما شفاء....
والمقتطف هنا مشهد درامى سودانى حضرى –حتى لا أقول عربسلامى- يعكس وجيعة من قال لا للمشروع "الحضارى الدموى" من جهة وعرى الطبقة العربسلامية ، والمقتطف نهاية منطقّية لناشطى الوسط الأفذاذ (وناشطاته بالطبع) كونها تنفث صلواتٍ غاضباتٍ لاهبات.
أقتباس:
"إننا على يقين وإيمان بأن الله يملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
إننا وكافة المظلومين سنظل نرفع أيدينا الى العلى القدير راجين أن يقتصّ لنا من مسئولى جهاز الأمن بالسودان ممن عذبوا مواطنيهم وأهانوهم ونهبوهم وشرّدوهم ونالوا المكافآت على ذلك.
”اللهمّ إنّهم قد ظلمونا وما لنا من ناصر الاّ أنت , اللهمّ أحبسهم فى جلّهم وعذّبهم "
"اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأرنا فيهم عجائب قدرتك"
"اللهم إنهم تقووا علينا بقوتهم على ضعفنا ظلماً فأرنا قدرتك فيهم"
"اللهم يارب انتقم من المدعو محمد الأمين محمد الأمين ومن أعانه ومن رفعه ومن سلّطه ,إنتقم لنا منهم فى ليلة لا أخت لها وساعة لاشفاء منها وبنكبة لا انتعاش منها و بعًثرة لا إقالة منها ونغّص نعيمهم وأرهم بطشتك الكبرى ونقمتك المثلى وقدرتك التى هى فوق كل قدرة وسلطانك الذى هو أعزّ من سلطانهم وأغلبهم لنا بقوتك القوية ومحالك الشديد وابتليهم بفقر لا تجبره وبسوء لا تستره وكِلُهم فى أنفسهم فيما يريدون. إنك فعال لما تريد".
"اللهم عليك بمن ظلمنا , اللهم أسقم جسده وأنقص أجله وخيّب أمله وأزل ظلمه واجعل شغله فى بدنه ولا تفكّه من حزنه وصيّر كيْده فى ضلال وأمره الى زوال ونعمته الى انتقال وجدّه فى سفال وسلطانه فى اضمحلال وعافيته الى شرّمآل وأمته بغيظه إذا أمتّه وأبقه لحزنه إن أبقيته وق عبادك شرّه وهمزه ولمزه وسطوته وعداوته فإنّك أشدُّ بأساً وأشدُّ تنكيلاً".

وهناك تفاصيل محدّدة لتعذيب تمّ لود الريّح ولا مجال لتعميمها كما تم فى النماذج الأفريقية والعربية التى اشرتُ اليها من قبل فى مساهمتى فى هذا الخيط. وهذا جانب منها للمثال وليس الحصر:
أقتباس من مذكرة بعث بها العميد محمد احمد الريح الى وزير العدل:

"
8. تعرضت سخصياً للإغتصاب وادخال أجسام صلبة داخل الدبر، وقام بذلك النقيب عاصم كباشى واخرون لا أعرفهم

9. الاخصاء بضغط الخصية بواسطة زردية والجر من العضو التناسلى بنفس الآله وقد قام ذلك النقيب عاصم كباشى عضو لجنة التحقيق.

10. الضرب باللكمات على الوجه والرأس وقام به أيضاً المدعو عاصم كباشى ونقيب آخر يدعى عصام ومرة واحدة رئيس اللجنة والذى التقطت أسمه وهو عبدالمتعال

11. القذف بالألفاظ النابئة والتهديد المستمر بإمكانية إحضار زوجتى وفعل المنكر معها أمام ناظرى بواسطة عاصم كباشى وآخر يحضر من وقت لآخر لمكان التحقيق يدعى صلاح عبدالله وشهرته صلاح قوش

12. وضع عصا بين الارجل وثنى الجسم بعنف الى الخلف والضرب على البطن وقام به المدعو عاصم كباشى والنقيب محمد الامين المسئول عن الحراسات وآخرين لا اعلمهم

13. الصعق بالكهرباء وقام به المدعو حسن والحرق باعقاب السجائر بواسطة المدعو عاصم كباشى.

لقد تسببت هذه الافعال المشينة فى إصابتى بالامراض التالية

1. صداع مستمر مصحوباً بإغماءة كنوبة الصرع

2. فقدان لخصيتى اليسرى التى تم اخصاؤها كاملاً

3. عسر فى التبرز لااستطيع معه قضاء الحاجة الا بإستخدام حقنة بالماء يومياً

4. الإصابة بغضروف فى الظهر بين الفقرة الثانية والثالثة كما أوضحت الفحوضات. علماً بانى قد أجريت عملية ناجحة لازالة الغضروف خارج السودان فى الفقرة الرابعة والخامسة والآن اعانى آلم شديدة وشلل مؤقت فى الرجل اليسرى

5.فقدى لاثنين من اضراسى وخلل فى الغدة اللعابية نتيجة للضرب باللكمات

6. تدهور مريع فى النظر نتيجة للربط المحكم والعنيف طيلة فترة الإعتقال "

انتهى الاقتطاف من ودالريح .

مشهد تعذيب دكتور فاروق محمد ابراهيم كما وصفه قلمه وتصوّره للشفاء:

اقتباس:
"السيد الفريق/ عمر البشير
رئيس الجمهورية-رئيس حزب المؤتمر الوطني
بواسطةالسيد/أحمد عبد الحليم-سفير السودان بالقاهرة
تحية طيبة وبعد
الموضوع:تسوية حالات التعذيب تمهيدا للوفاق
بممبدأ الحقيقة والتعافي علي غرار
جنوب أفريقيا حالة اختبارية
علي الرغم من الإشارات المتعارضة الصادرة عنكم بصدد الوفاق الوطني ودعوتكم المعارضين للعودة وممارسة كافة حقوقهم السياسية من داخل أرض الوطن فإنني أستجيب لتلك الدعوة بمنتهي الجدية وأسعي لإستكمالها بحيث يتاح المناخ الصحي الملائم لي وللألاف من ضحاي التعذيب داخل الوطن وخارجه أن يستجيبوا لها ولن يكون ذلك طبعا إلا علي أساس العدل والحق وحكم القانون.

إنني أرفق صورة الشكوة التي بعثت بها لسيادتكم من داخل السجن العمومي بالخرطوم بحري بتأريخ 29/02/1990 وهي تحوي تفاصيل بعض ما تعرضت له من تعذيب وأسماء بعض من قاموا به, مطالبا بإطلاق سراحي وإجراء التحقيق اللازم ومحكمة من تثبت إدانتهم بممارسة تلك الجريمة المنافية للعرف والأخلاق والدين والقانون.تلك المذكرة التي قمت بتسريبها في نفس الوقت لزملائي أساتذة جامعة الخرطوم,وأبنائي الطلبة,الذين قاموا بدورهم بنشرها في ذات الوقت علي النطاقين الوطني والعالمي,مما أدي لحملة تضامن واسعة أطلق سراحي إثرها,بينما أغفل أمر التحقيق الذي طالبت به تماما,وهكذا ظل مرتكبو تلك الجريمة طليقي السراح وتوالي سقوط ضحاي التعذيب بأيديهم وتحت إمرتهم,منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر,فلا يعقل والحال علي هذا المنوال أن يطلب مني ومن الألوف الذين أستبيحت أموالهم ودمائهم وأعراضهم وأرواح ذويهم,هكذا ببساطة أن يعودوا لممارسة كافة حقوقهم السياسية وكأن شيئا لم يكن.
إن ما يميز تجربة التعذيب الذي تعرضت له في الفترة من 30 نوفمبر الي 12 ديسمبر 1989 ببيت الأشباح رقم واحد الذي أقيم في المقر السابق للجنة الإنتخابات أن الذين قاموا به ليس فقط أشخاص ملثمين تخفوا بالأقنعة وإنما كان علي رأسهم الواء بكري حسن صالح وزير الدفاع الراهن ورئيس جهاز الأمن حينئذ والدكتور نافع علي نافع الوزير ورئيس جهاز حزب المؤتمر الوطني الحاكم اليوم ومدير جهاز الأمن حينئذ,وكما ذكرت في الشكوة المرفقة التي تقدمت لكم بها بتأريخ 29 يناير 1990 من داخل السجن العمومي وأرفقت نسخة منه لعناية اللواء بكري,فقد جابهني اللواء بكري شخصيا وأخطرني بالأسباب التي تقرر بمقتضاها تعذيبي ومن بينها قيامي بتدريس نظرية التطور في كلية العلوم بجامعة الخرطوم,كما قام حارسه بضربي في وجوده.ولم يتجشم الدكتور نافع تلميذي الذي صار فيما بعد زميلي في هيئة التدريس في جامعة الخرطوم,عناء التخفي وإنما طفق يستجوبني عن الأفكار التي سبق أن طرحتها في الجمعية العمومية للهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم وعن زمان ومكان إنعقاد اللجنة التنفيذية للهيئة,ثم عن مكان تواجد بعض الأشخاص كما ورد في مذكرتي وكل ذلك من خلال الضرب والركل والتهديد الفعلي بالقتل وبأقوال وأفعال أعف عن ذكرها فعل الدكتور نافع ذلك بدرجة من البرود والهدوء وكأنما كنا نتناول قهوة في نادي الأساتذة.علي كل حال المكانة الرفيعة التي يحتلها هذان السيدان في النظام من ناحية وثبات تلك التهم من ناحية ثانية,يجعل حالة التعذيب هذه من الوضوح بحيث تصلح نموذجا يتم علي نسقه العمل لتسوية قضايا التعذيب علي قرار ما فعلته لجنة الحقيقة والوفاق الخاصة بجرائم النظام العنصري في جنوب أفريقية.
قبل الإسترسال فإنني أورد بعض الأدلة التي لا يمكن دحضها تأكيدا لما سلف ذكره:
أولا:تم تسليم صورة من الشكوة التي تقدمت لسيادتكم بها للمسؤولين المذكورة أسماؤهم بها وعلي رأسهم اللواء بكري حسن صالح. وقد أفرج علي بعد أقل من شهر من تأريخ المذكرة.ولو كان هنالك أدني شك في صحة ما ورد فيها-خاصة عن السيد بكري شخصيا- لما حدث ذلك ولكنت أنا موضع الإتهام لا هو.
ثانيا:أحال مدير السجن العمومي مجموعة الثمانية عشر القادمة معي من بيت الأشباح رقم واحد بتاريخ 12 ديسمبر 1989 الي طبيب السجن الذي كتب تقريرا مفصلا عن حالة كل واحد منا,تحصلت عليه وقامت بنشره منظمة العفو الدولية في حينه,وقد أبدي طبيب السجن ومديره وغيرهم من الضباط إستياءهم وإستنكارهم الشديد لذلك المشهد الذي لا يكاد يصدق.وكان من بين أفراد تلك المجموعةكما جاء في الشكوة نائب رئيس إتحاد العمال الأستاذ محجوب الزبير وسكرتير نقابة المحامين الأستاذ/صادق الشامي الموجودان حاليا بالخرطوم ونقيب المهندسين الأستاذ/ هاشم محمد أحمد الموجود حاليا ببرطانيةوالدكتور طارق إسماعيل الأستاذ بكلية الطب بجامعة الخرطوم وغيرهم ممن تعرض لتجارب مماثلة وهم شهود علي كل ما جري بما خبروه وشاهدوه وسمعوه.
ثالثا: إن جميع قادة المعارضة الذين كانوا في السجن حينئذ,السيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني الديموقراطي والسيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة والسيد سيد أحمد الحسين زعيم الحزب الإتحادي والسيدان محمد إبراهيم نقد والتجاني الطيب زعيما الحزب الشيوعي وغيرهم كلهم شهود بنفس القدر. وكما يعلم الجميع فقد تعرض السيدان الصادق المهدي وسيد أحمد الحسين وغيرهم من غادة المعارضة لنفس نمط التعذيب علي أيدي نفس الأشخاص أو بأمرهم وكتبوا شكوي مماثاة.
رابعا: قام بزيارتي في السجن العمومي بالخرطوم بحري بعد إنتقالي إليه مباشرة الفريق إسحق إبراهيم عمر رئيس الأركان وقتها بصحبة نوابه فشاهد أثار التعذيب واستمع لروايتي كاملة.كذلك فعل كثيرون غيره
خامسا: تم إعتقال مراسل الفاينانشيل تايمز السيد بيتر أوزين الذي كان خطابي بحوزته فكتب صفحة كاملة دامغة في صحيفته العالمية المرموقةعما تعرضت له و ماتعرض له غيري من تعذيب,وعن محادثاته الدامغة مع المسئولين عن تلك الإنتهاكات وعن تجربته الشخصية.
إنني أكتفي فيما يخص حالتي بهذا القدر من الأدلة الدامغة. ومع أن الخطاب يقتصر كما يدل عنوانه علي تجربتي كحالة إختبارية إلا أن الواجب يقتضي أن أدرج معها حالة موظف الإسكان السابق المهندس بدر الدين إدريس التي كنت شاهدا عليها وكما جاء في ردي علي دعوة نائب رئيس المجلس الوطني المنحل الأستاذ عبد العزيز شدو للمشاركة في حوار التوالي السياسي بتأريخ 18 أكتوبر 1998 فقد تعرض ذلك الشاب لتعذيب لا أخلاقي شديد البشاعة ولم يطلق سراحه الا بعد أن فقد عقله وقام بذبح زوجته ووالدها وإثنين من أسرته. كان في سبات وصمود ذلك الشاب الهش الباش الوسيم الأسمر الفارع الطول تجسيدا لكرامة وفحولة وعزة أهل السودان.وكان أحد الجنود الأشد قسوة-لا أدري إن كان إسم حماد الذي أطلق عليه حقيقيا-يدير كرباجه علي رقبتينا وجسدينا نحن الإثنين في شبق وفي إحد المرات أخرج بدر الدين من بيننا ثم أعيد لنا بعد ساعة مذهولا أبكم مكتئبا محطما كسير القلب.ولم تتأكد لي المأساة التي حلت ببدر الدين منذ أن رأيته ليلة مقادرتنا لبيت الأشباح منتصف ليل 12 ديسمبر 1989 إلا عند إطلاعي علي إحدي نشرات المجموعة السودانية لضحاية التعذيب هذا الأسبوع ويقتضي الواجب أن أسرد تلك اللحظات من حياته وأنقلها لمن تبقي من أسرته.فكيف بالله نتداول حول الوفاق الوطني بينما تبقي مثل هذه الأحداث معلقة هكذا بلا مساءلة .
أعود لمبدأ تسوية حالات التعذيب علي أساس النموذج الجنوب أفريقي, وأطرح ثلاثة خيارات متاحة للتسوية

الخيار الأول
الحقيقة أولا ثم الإعتذار((والتعافي المتبادل))
بتعبير السيد ((الصادق المهدي))
هذا هو النموذج الذي تم تطبيقه في جنوب أفريقية.إن المفهوم الديني والأخلاقي للعفو هو الأساس الذي تتم بموجبه.ويحتفظ لدي الكثيرين مع مبدأ سريان حكم القانون ومع التعافي المتبادل. فكما ذكرت في خطابي للسيد عبد العزيز شدو فإنني أعفو بالمعني الديني والأخلاقي عن كل من إرتكب جرما في حقي ,بما في ذلك السيدينبكري ونافع,بمعني إني لا أبادلهم الكراهية والحقد,ولا أدعو لهم إلا بالهداية, ولا أسعي للإنتقام والثأر منهم, ولا أطلب لشخصي أو لهم إلا العدل وحكم القانون, وأشهد أن هذا الموقف الذي قلبنا كل جوانبه في لحظات الصدق بين الحياة والموت كان موقف كل الزملاء الذين كانوا معي في بيت الأشباح رقم واحد, تقبلوه وآمنوا به رقم المعاناة, وفي ذروة لحظات التعذيب. إن العدل لا يتحقق بموقف الجلاد ولا بمدي بشاعة الجرم المرتكب,وإنما يتعلق بكرامة وإنسانية من يتسامي ويرفض الإنحدار لمستنقع الجلادين,فيتميز تميزا خلقيا ودينيا تاما عنهم.فإذا ما استيقظ ضمير الجلاد وأبدي ندما حقيقيا علي ما إرتكب من إثم, واعتذر إعتذارا صادقا عن جرمه, فإن الذي يتسامي يكون أقرب الي الإكتفاء بذلك و الي التناذل عن الحق المدني القانوني وعن المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به. وبهذايتحقق التعافي المتبادل. وهذا هو الأساس الذي تمت بموجبه تسوية معظم حالات التعذيب والجرائم التي إرتكبها عنصريو جنوب أفريقيا ضد مواطنيهم.
إنني إنطلاقا من نفس المفهوم أدعو السيدين بكري ونافع ألا تأخزة بالاثم, أن يعترفا ويعلنا ما إغترفاه بحقي وحق المهندس بدر الدين إدريس في بيت الأشباح رقم واحد, أن يبديا أسفا وندما حقيقيا, وأن يعتذرا إعتذارا بينا معلنا في أجهزة الإعلام وأن يضربا المثل والقدوة لمن قرروا بهم وشاركوهم ممارسة التعذيب وائتمروا بأمرهم.حين ذلك فقط يتحقق التعافي وأتنازل عن كافة حقوقي, ولا يكون هنالك داعيا للجوء للمحاكم المدنية, ويصبح ملف التعذيب المتعلق بشخصي مغلقا تماما. ولنأمل أن يقبل أولياء الدم في حالة المهندس بدر الدين إدريس بالحل علي نفس المنوال. لقد أعلن السيد إبراهيم السنوسي مؤخرا إعترافه بممارسة التعذيب طالبا مغفرة الله. وهذا بالطبع لا يفي ولا يفيد. إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم. ولا يليق أن يصبح أمر التعذيب الذي إنقلب علي من أدخلوه وبرروه أن يكون موضعا للمزايدة والمكايدة الحزبية. إن الصدق مع النفس والأخرين والإعتذار المعلن بكل الصدق لكل من أسئ إليه وامتهنت كرامته, وطلب العفو والغفران, هو الطريق الوحيد للخروج من هذا المأزق بكرامة. فإن المكر السئ لا يحيق إلا بأهله. إن طريق التعافي المتبادل هو الأقرب إلي التقوي. فإذا ما خلصت النيات وسار جناحا المؤتمر الوطني والشعبي لخلاص وإنقاذ أنفسهم من خطيئة ولعنة التعذيب الذي مارسوه فسيكون الطريق ممهدا تماما لوفاق وطني حقيقي صادق وناجز.
الخيار الثاني
إذا ما تعذر التعافي المتبادل بسبب إنكار تهمة التعذيب أو لأي سبب أخر فلا يكون هنالك بديل سوي التقاضي أمام المحاكم, ذلك في حالة جدية المسعي للوفاق الوطني علي غرار ما جري في جنوب أفريقيا. غير أن حكومتهم فيما علمت سنت من التشريعات ما يحمي أعضائها وموظفيها والعاملين في أجهزتها الأمنية من المقاضاة. فالجرائم ضد الإنسانية وحقوق الإنسان كالتعذيب لا تسقط بالتقادم ولا المرض ولا تقدم السن ولا لأي سبب من الأسباب, كما شهدنا في شيلي وأندونيسيا والبلقان وغيرها كما إن الموقف لا يستقيم مع دعوتكم للوفاق وعودة المعارضين الذين تعرضوا لأبشع جرائم التعذيب. وليس هناك كما قال المتنبئ العظيم, ألم أشد مضاضة من تحمل الأذي ورؤية جانيه. وإنني مستعد للحضور للخرطوم لممارسة كامل حقوقي الوطنية بما في ذلك مقاضات من تم تعذيبي بأيديهم, فور إخطاري بالسماح لي بحقي الطبيعي.ذلك إذا ما إقتنعت مجموعة المحامين التي سأوكل إليها هذه المهمة بتوفر الشروط الأساسية لمحاكمة عادلة.
الخيار الثالث
التقاضي أمام المحاكم الدولية لحقوق الإنسان
ولا يكون أمامي في حالة رفض التعافي المتبادل ورفض التقاضي أمام المحاكم الوطنية سو اللجوء للمحاكم في البلدان التي تجيز قوانينها محاكمة أفراد من غير مواطنيها وربما من خارج حدودها,للطبيعة العالمية للجرائم ضد الإنسانية التي يجري الأن إنشاء محكمة عالمية خاصة بها,إنني لا أقبل علي مثل هذا الحل إلا اضطرارا, لأنه أكرم لنا كسودانيين أن نعمل علي حل قضايانا بأنفسنا, وكمل علمتم سيادتكم فقد قمت مضطرا بفتح بلاغ مع أخرين بفتح بلاغ ضد الدكتور نافع في لندن العام الماضي, وشرعت السلطات القضائية البريطانية في إتخاذ إجراءات أمر الإعتقال الذ تنبه له الدكتور نافع واستبقه بمقادرة بريطانيا. وبالطبع تنتفي الحاجة لمثل تلك المقاضاة فيما لو أتيحت لي ولغيري المقاضاة أمام محاكم وطنية عادلة, أو لو تحققت شروت التعافي المتبادل الذي هو أقرب للتقوي. إنني آمل مخلصا أن تسيروا علي طريق الوفاق الوطني بالجدية التي تتيح لكل الذيت تشردوا في أصقاع العالم بسبب القهر السياسي لنظام ((الإنقاذ)) أن يعودوا أحرار يشاركون في بناء وطنهم
وفقنا الله وإياكم لما فيه خير البلاد والعباد...

فاروق محمد إبراهيم النور
الأستاذ بكلية العلوم -جامعة الخرطوم (سابقا)
"
انتهى الأقتباس من الرسالة وهى مأخوذه من نفس الموقع أعلاه.
وربما نعود فيما بعد للتواصل والأستطلاع قدر المستطاع .

مودتى
الهاشمى
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

مرحبا بعودك يا هاشمي

ومعك نعود

يبدو ان زيارتك الاخيرة للسودان لم تغير شي في موقفك من أدب الشفاء... بل زادتك اصرارا على تغليب مبدأ المحاسبة عبر الاجهزة العدلية الناجزة، بدلا من الشفاء اللطيف الشفيف، طويل الاجل.

لا عليك، أنا برضو متأرجح بين هذا وذاك. وكثيرا ما يغالبني التشفي بديلا للشفاء.

وبالمناسبة أنا برضو ضحية تعذيب بمستوى جيد ولو انه اقل فظاظة من ناس زي ود الريح (على سبيل المثال) لكن التعذيب اظنه في كل المستويات يبقى تعذيب!.
ربما ما احكى يوما بالتفصيل عن مشاعري تجاه ما اوده من مصير لمن عذبني ماديا ومعنويا، وأعرفه بالاسم وعندي عدد من الشهود، كانو حضورا، وراوا رأي العين. فالقاضي العادل في دولة عدالة ما عندو طريقة تب غير ادانة المتهم، والزول الراجل تب في دولة غابة، كل الفرص متاحة امامه لحمل عكازه المضبب للنيل من راس وقعر من اهانه، والجاني كوز معروف، وضابط امن، وكان زميلي للتو في نفس الكلية.

بس برضو المسألة بشكلها العام دايرة تفكير بروية ورواقة، فهي قضية معقدة جدا، كونها لا تختص بالصراع السياسي الحالي وحده (مع نظام الانقاذ وبس) اضافة الى تعقيدات اخرى اجتماعية وثقافية ودينية واقليمية و"تاريخ ورقيق" كمان.

(((على كل انا اتابع اجتهادك فيما يتعلق بالموضوع والمقتطفات الكثيرة التي تأتي بها دعما لمشهدك)))) ولنرى!.

ولك في الختام الشكر على عودك بنا مرة اخرى الى حلبة النقاش، في موضوع حساس وشائك...... حتى انه مرات كثيرة يعتريني احساس ذاك ان حسن موسى كان في غاية الشجاعة بطرحة لاراء مفرطة الحساسية، في مثل هذا الوقت. وهذا شي على كل حال يحمد له.


تحياتي

محمد جمال الدين
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

محمد جمال أخوى
شايف أنحنا "قاعدين راس" فى حضرة أدب الشفاء. والقعاد راس فى لغة الأولاد العربسلاميين هو أننا جوز ثنائى ومانزال ن"جسّ" مطايبه. وجسّ البهيمة هو لمسها باليد للتعرف على سمنتها أو غثّها.
الجهر بالتعذيب أو عدمه من حق وبراح الضحيّة، ثم أنه يكشف الجلّاد العربسلامى الكوز ويعرّى عمايله حتى لا تتكرر سمومه على العباد.
وقد سعدت هذا الصباح وانا أتابع أخبار هذا العالم المكوكب (مُش من سلاح الكوكاب –الحَرْبة المشرشرة) بسماع خبراً طالما أنتظرته. خبراً طيباً من الشرق الأقصى حيث رأى البوست-كولونيالى أن يربط "الدابى" الذى ولده فى "صُلبه" على سبيل حكمة البادية السودانية ، وأنه دابٍ لو تعلمون عظيم السموم الأجتماعية.
سأورد الخبر أدناه
مودتى
الفاضل الهاشمى
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

شفاء استرالى
أعتذاررسمى من رئيس وزراء أستراليا كفن رود والبرلمان الأسترالى للسكان الأصليين


جلس بوست-كولونيال الممسوخ و"المسخوت" (من قبيلة الضّالين المسخوط عليهم) قُبالة صديقته لبراليا (الديمقراطية اللبرالية الاسترالية) ذات التسع عشرة ربيعاً (عمر زهورالذهن العربسلامى) وعلى طاولة القهوة قارورة شامبانيا Champagne ممشوقة،ملهوفة وشليقة.
هيّأ بوست-كولونيال جوارحه وconstructed his self-appointed mind ورشّ حوش اللبرالية الجديدة وهمّ بفتح الشامبانيا.
قالت لبراليا والشبق بعينيها بلهجة دارفورية:
"أخير نشربو نميّزو ياعيالى"
يحاول بوست-كولونيال دؤؤباً أعادة ترتيب مُسالمة (حاشاه بقايا العنف الذكورى) للعقد الاجتماعى المرتبك حتى ولو اضطرّ الى أعادة تعريف الأنوثة والسوق والتعدد الثقافى ومابعد الحداثة.
رمق بوست-كولونيال لبراليا بنظرة احتفالية أولمبيادية تحت رزاز الشامبانيا القطنى قائلا:
"وجب الأعتذار للسكان الصليين Aborigines وأن نعيد لهم بهذه المناسبة بعضا مما فقدوه من مال وبنون وكلأ و Dignity وخراب ديار بحكم الطبيعة وغضب ناصرها وأسلافنا"
همست لبراليا والنشوة بعينيها بلهجة عربسلامية:
"حكم الطبيعة جعل جور الحبيب مسموح"
مصمص بوست-كولنيال شفتيه معلنا يوم 13 فبراير يوماً عالمياً لأعادة الأعتبار لسكان استراليا الأصليين.
......
......
...
خارج الحوش اللبرالى الجديد تراص آلاف الاستراليين الذين قادوا حملاتا شعواء لمدة عقد من الزمان لأنتزاع ذلك الحق العضوض وعيونهم مسمّرة على شاشات تلفزيزنية معلّقة فوق الحدائق والفرندات والميادين العامة والمدارس أنتظارا وهم يتابعون تصويت البرلمان التاريخى حول الأعتذار للسكان الأصليين وأعلان رئيس الوزراء Kevin Rudd الأعتذار الرسمى صبيحة اليوم.
الأعتذار والتعويضات مطلب سعى حُلماً ووعداً وخطةً أستراتيجيّة بين الناشطين من كل شاكلة ولون منذ عقد من الزمان. عشرات الآلاف (قدروا ب 100,000 ) من مايسمى ب "الأجيال المسروقة" من أطفال الأستراليين الأصليين تم أختطافهم دون علم أسرهم مابين اعوام 1910و 1970
بذريعة أنتشالهم من براثن الموت وبقوانين الحكومة المركزية وحكومات الولايات المحليّة. قليل جدا من المحاكمات نجح ضحاياها فى أثباتها ضد الحكومة منهم بروس تريفر الذى كسب 700,000 دولار من حكومة ولاية استراليا الجنوبية والتى أخطتفته من المستشفى دون علم أبويه قبل خمسين عاماً. ثم حكومة تسمانيا التى عوّضت 84 من هؤلاء الأجيال المسروقين وعوّضت ابناءهم.
التحيّة لنقابة المحامين الأسترالية وجمعيات القانون وناشطيها المتحالفين مع السكان الأصليين(عبثاً يلهينا الأكاديميّون العربسلاميون بأن لا نقاتل مع أهلنا فى جنوب السودان أو أن لا نطلب مؤآزرتهم بأسم حقوق الأنسان بل علينا أن نجأر بظلمنا بعقل عربسلامى مبين ، وقد ركّز ع ع أبراهيم بشدة فى نقد ذلك المسعى منطلقا مرة من نقد الأفروعروبوية ومرة أخرى من نقد المركزية الأوربية)
فقر وعطالة وأميّة السكان الأصليين فى أستراليا والأمريكيتين موثّق ومدروس.
رفض جون هاوارد رئيس وزراء أستراليا السابق الأعتذار والتعويض بذريعة أنه لن يأخذ الأسترالى
"المعاصر بجريرة وتبعات أسلافهم" كما قال صديقنا حسن موسى هنا فى هذا البوست.
أنظر هذه الروابط:
نيويورك تايمز
https://www.nytimes.com/2008/02/13/world ... yt&emc=rss

https://www.medicalnewstoday.com/articles/96068.php

https://www.stuff.co.nz/4399950a6160.html

https://www.news.com.au/story/0,23599,23 ... 77,00.html

https://www.abc.net.au/news/events/apology/

مودتى
الفاضل الهاشمى
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

عالياً الملف
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

الأستاذ عبد الله الشقليني

سلامات

شكرآ لتذكيرنا مرة ثانية بهذه التجربة المفيدة "ندوة د. حسن موسى بلاهاي" وقد كانت بجد صاخبة وأثارت حوارات شتيتة أمتدت لشهور عديدة عندنا في هولندا.

تحياتي لحسن موسى وأجدد له شكري ... ونيابة عن الرفاق في نصون.
أضف رد جديد