الثنائيات المدمرة . للدكتور التجاني عبد القادر/ والردود حوله

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

الثنائيات المدمرة . للدكتور التجاني عبد القادر/ والردود حوله

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »




الثنائيات المدمرة .. للدكتور التجاني عبد القادر/ والردود حوله
نشر بتاريخ: 24 أيار 2018

تمنيت في رسالة سابقة بعنوان (بصيص من الأمل) أن يتجاوز الجيل الجديد ثنائية "علماني/اسلامي" المدمرة. وقد استشكل البعض هذه العبارة، واستغرب آخرون صدورها عنى، وطلب آخرون مزيدا من التوضيح. وها أنا أعود لهذه المسألة فأقول إن ثنائية علماني/اسلامي تشير الى قريب مما بات يعرف في عالم الصفقات "بالمعادلة الصفرية"؛ والتي تعنى أن ما يناله هذا الطرف من أرباح سيعنى بالضرورة خسرانا مبينا على الطرف الآخر، وأن ما يحققه هذا الطرف من تقدم سيكون بالضرورة خصما من حظوظ الطرف الآخر، وهكذا تستمر العلاقة الصفرية بين الطرفين: خصومة لا تنقطع و"تدمير متبادل"، علاقة لا يحيا فيها طرف الا بإهلاك الآخر، علاقة لا توجد فيها منطقة "وسطى"، سواء على المستوى النفسي-الفكري أو على المستوى الاجتماعي-السياسي. ونظرة سريعة الى تاريخنا السياسي المعاصر ترينا أن "المناطق الوسطى" قد تقلصت بالفعل لصالح ثنائية شيعي/سني (في البلدان ذات الشحن الطائفي التقليدي)، أو لصالح ثنائية عربي/غير عربي (في البلدان ذات التعصب القبلي)، أو لصالح ثنائية علماني/اسلامي (في البلدان ذات الشحن الايديولوجي الحديث). وإذا تيسر لك، عزيزي القارئ، أن تتابع ما يجرى في اليمن او العراق أو سوريا او أفغانستان أو ليبيا فسترى كيف أن الوطن الواحد قد تحول بفضل هذه الثنائيات الى حظائر، وكيف أن الأمة الواحدة قد تحولت الى طوائف يذبح فيها الأخ اخاه، وكيف أن نصوص الدين الحنيف قد تحولت الى سيوف وخناجر في تلك المذابح. وكيف أن "العدو الحقيقي" للامة قد كسب المعركة دون قتال!

ولئن كنت تظن أن حالتنا في السودان أقل سوءا فلا تعجل. ما عليك إلا أن تغمض عينيك للحظة لتتأمل بعقلك ما فعلته بنا ثنائية علماني/اسلامي خلال الخمسين سنة الماضية (1965- 2015). دعنا نبدأ من هنا: تتجمع القوى الوطنية و الإسلامية لتعمل على حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد أعضائه من البرلمان؛ فيأتي الرد سريعا من الجهة الأخرى، حيث تتجمع القوى اليسارية وتقفز الى السلطة عن طريق انقلاب مايو 1969، لتخرج الإسلاميين من الحياة السياسة ومن الجامعات والخدمة المدنية والعسكرية؛ فيأتي الرد سريعا من الجهة الأخرى، حيث يتجمع الإسلاميون (تحت مظلة الجبهة الوطنية، وتحت شعار مقاومة الزحف الشيوعي)، ويحملوا السلاح، فتقع مجزرة الجزيرة أبا و ود نوباوي (1970) وانقلاب حسن حسين، وانقلاب محمد نور سعد، حيث تزهق الأرواح وتتجمد الحياة. ثم ينقلب نظام مايو على قوى اليسار وينكل بهم شر تنكيل، فيدخل الإسلاميون في تحالف مع نظام مايو، ويدعموا توجهاته الإسلامية، فيأتي الرد سريعا من الجهة الأخرى، حيث يقفز العلمانيون وقوى اليسار لقيادة ثورة ابريل الشعبية عام 1985، ليسقط نظام النميري وليعود اليسار الى الساحة السياسية ليطالب بإلغاء قوانين سبتمبر ومن ضمنها التشريعات الإسلامية، فيأتي الرد سريعا من الجهة الأخرى، حيث تتجمع القوى الإسلامية مرة أخرى تحت مسمى الجبهة الإسلامية القومية لمقاومة المد اليساري العلماني، وتجرى الانتخابات العامة فيتقدم الإسلاميون ويخرج اليسار خالي الوفاض، فيترتب على ذلك أن تتجه قوى اليسار العلماني تلقائيا الى الجنوب لمناصرة حركة التمرد المسلح بقيادة قرنق، ويأتي الرد سريعا من الجهة الأخرى، حيث يقفز الإسلاميون الى الدولة في انقلاب البشير عام 1989، وذلك لمقاومة الحركة اليسارية/ العلمانية المسلحة، لتترتب على ذلك معارك ومعارك وحروب في كل الجبهات، يقتل فيها الإسلاميون والعلمانيون والوطنيون، وتدمر فيها المنشئات، وتقطع العلاقات، وتوقف التنمية ويفرض الحصار على السودان، ويفصل الجنوب، ولم تزل ثنائية علماني/اسلامي قائمة، ولم تزل العيون محمرة والاوداج منتفخة.

ألا يحق لي، بناء على ما سبق، أن أصف ثنائية علماني/اسلامي بأنها ثنائية مدمرة؟ لقد دخلت معترك السياسة في أواسط الستينيات من القرن الماضي وكان ذلك هو المناخ السائد، فخضت فيما خاض فيه أبناء جيلي. يكيد لنا أعداؤنا في اليسار، ونكيد لهم كيدا، وخلال هذه العملية من الكيد والكيد المضاد لم نك نحس بحالة "النزيف" التي كانت تسببها أفعالنا تلك للوطن. كنا نتعارك حول الدستور الاسلامي، بينما كانت الملاريا والبلهارسيا تزهق الأرواح؛ كنا نتصارع حول علمانية الدولة أو اسلاميتها، بينما كان الزحف الصحرواي يبتلع المزارع والمراعي؛ كنا نتقاتل حول قوانين سبتمبر بينما كان ملايين الفقراء يتضورون من المجاعة، وملايين العقول تهاجر الى خارج الوطن. ألا يعتبر الاستمرار في هذا الاتجاه نوعا من أنواع "الجنون السياسي"؟
ستجد نفرا من ذوي الاستماتة الأيديولوجية die-hard ideologues يتخندقون في داخل هذه الثنائية، هذا يود أن يقضى على الإسلام السياسي، وذلك يود أن يقضى على المد اليساري العلماني. دعهم وشأنهم، فلن يطوروا أطروحة جديدة، ولن يبنوا وطنا، وسيواصلون السير على ما كان عليه آباؤهم في خمسينيات القرن الماضي. أما ما تبقى من "الوطن" فلا ينبغي أن ندعهم يجرونه معهم الى الهاوية. البرنامج الوطني "الأبيض" طريق المستقبل. ولا قوة الا بالله.
https://www.sudanile.com/106929
*
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

حوار حول ثنائيات د. التجاني عبدالقادر ..بقلم: د. حيدر إبراهيم علي
نشر بتاريخ: 07 تشرين1/أكتوير 2019


جاء مقال د. التجاني عبد القادر مليئا بنوايا طيبة وأمنيات صالحة ولكن الكاتب قفزعلى الاسئلة الهامة: من الذي بدأ الثنائيات ولماذا كرس هذا الاتجاه وغذاه باستمرار.
تاريخ الثنائيات يمتد داخل الحركات الاسلامية منذ فترة بعيدة وفي أمكنة عديدة غير السودان . كانت بداية من جاهلية القرن العشرين .التي قسمت العالم إلى إسلام وجاهلية جديدة واستهلت نظرية التكفير وشيطنة الآخر المختلف . ثم جاء بن لادن وقسم العالم الى فسطاطين .

أما في السودان فقد ظهرت “الحركة الاسلامية” ليس بغرض تجديد وبعث الإسلام ونشره، ولكن كان هدفها الإستراتيجي وغاية وجودها : محاربة الشيوعية في السودان من خلال السياسة والسلطة وليس الفكر والحوار، لذلك اتسمت الحركة الاسلامية بالضعف الفكري وانصب كل إهتمامها على التنظيم ومعارك انتخابات اتحاد الطلبة ثم البرلمان . وتبنت قضية حل الحزب الشيوعي ومنعه من العمل العلني بعد مسرحية طالب معهد المعلمين العالي : شوقي محمد علي .وهي بالفعل مسرحية هزلية تدل على البؤس الفكري للحركة الاسلامية . عاصرت المسرحية .فقد كانت ندوة للأستاذ سعاد الفاتح بطبيعتها العصبية والاستفزازية والعدوانية استدرجت الطالب للتطرف والتهور لكي يقول ما قال، ومن المفترض حين تهان المشاعر الدينية أن ينبري أصحاب النخوة والغيرة الدينية ويقوموا بتأديبه في نفس اللحظة كرد فعل طبيعي لأي مؤمن . ولكن انتظر الاخوان بعد اجتماع في الليلة نفسها لتدبير أمر تصعيد الأمر يوم الجمعة وإثارة عواطف المسلمين في الجوامع بان هناك من سب الرسول وأساء الى بيته .

حرك علي عبدالله يعقوب الذي كان يتردد على المعهد بعد خطوبته للطالبة حكمات حسن سيد احمد، بعض الاخوان من الطلبة منهم: محمد احمد الفضل المعروف ب(اقشم) وفاروق عثمان قباني . وفي يوم الجمعة التالي للحدث استعانوا بالسيد / اسماعيل الازهري رئيس مجلس السيادة، وكان على عداء شديد مع الشوعيين ليس لاسباب فكرية ولكن بسبب هجومهم عليه والسخرية منه كما درج على ذلك الصحفي عبدالله عبيد في عموده بجريدة الميدان بعنوان”من طرف الشارع” ،بالاضافة لرسوم الكاركتير التي يرسمها بانتظام عزالدين عثمان .تبني الازهري قضية حل الحزب الشيوعي ووعدهم بالقيام بهذه المهمة من داخل البرلمان .

ظلت الحركة الاسلامية تهز بسيف الطائفية والأحزاب التقليدية أمام الشيوعية في السودان ولم تقدم أي برنامج يمكن أن يضر بمصالح الطائفية فقد ظلت مؤيدة للادارة الاهلية وكانت فكرة الاشتراكية والعدالة الاجتماعية تعتبر كفر لدى الاسلاميين السودانيين وقد أطلقوا اسم “شوعيو إسلام ” على جماعة بابكر كرار الاسلامية لأنها طالبت بملكية الدولة لوسائل الانتاج
من أسباب تكريس الثنائية من قبل الاسلاميين أن زعيم الحركة د. حسن الترابي لم يكن مفكرا ولا مجددا بل سياسيا يجمع بين صفات راسبوتين ومكيافيلي، وكانت فكرة فقه الضرورة اجتهادا إسلاميا للبراغماتية تبناه وروج له الترابي بين الإسلاميين .
لايمكن تصور مفكر إسلامي مجدد يقف أمام جعفرنميري ويؤدي القسم كعضو في الاتحاد الاشتراكي بعد المصالحة. وأن يقف رافعا أصبعيه أمام لجنة في الكونقرس الامريكي في 20مايو1992م ليقدم شهادة عن نظام الحكم الذي يرعاه في السودان .مثل هذا المواقف يستحيل أن يقوم بها الخميني أوحسن نصرالله مثلا.

سيتطلب انتفاء الثنائية أن تقدم الحركة الاسلامية نقدا ذاتيا جادا وصادقا وتدين كل تلك الاخطاء في حق الوطن والشعب وأن تطرح برنامجا وطنيا ديمقراطيا يقر حقوق المواطنة ويدعو للتنمية والوحدة الوطنية والحريات . وأن يقتدي بحركات إسلامية مثل التقدميين الاسلاميين في تونس جماعة صلاح الجورشي والنيفره وأن تبتعد عن مواقفها الرجعية والانتهازية والفاسدة.

https://www.sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/124-6-8-2-3-2-7-8/118899-حوار-حول-ثنائيات-د-التجاني-عبدالقادر-بقلم-د-حيدر-إبراهيم-علي
**
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



الإيديولوجية وصناعة الثنائيات المدمرة: "رؤية فيما كتب الدكتور التجاني عبد القادر" .. بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
نشر بتاريخ: 02 حزيران/يونيو 2018

كتب الدكتور التجاني عبد القادر مقالا بعنوان "الثنائيات المدمرة" و الدكتور عبد القادر هو أحد القيادات الإسلامية الذين يشتغلون بالفكر، و ليس هذا أول مقال للدكتور التجاني عبد القادر يحاول فيه أن يناقش قضية الصراع علي السلطة في البلاد، إن ما كتب مقالات متسلسلة من قبل، حيث تركزت علي نقد التجربة الإسلامية، و الانحراف الذي حصل لها جراء السلطة، و تحالف (السوق و القبيلة و الأمن) و كل تلك المقالات كانت متعلقة بتشريح للحركة الإسلامية و ما حدث في بنائها التنظيمي و الفكري بعد انقلابها علي السلطة الديمقراطية و تأسيس سلطتها الخاصة. و مقاله "الثنائيات المدمرة" مقال مغاير للمقالات السابقة للدكتور عبد القادر، حيث يعد يمارس في هذا المقال نقدا للصراع الدائر بين ثنائية أيديولوجية في الساحة السياسية تتمحور في (إسلامي/ علماني) و هو الصراع الرمزي للحركة الإسلامية و مجموعة القوي الإسلامية الآخرى مع اليسار بكل ألوان طيفه في الساحة السياسية، و الصراع في بعده الأيديولوجي ليس قائما علي القيم الديمقراطية، أن ما يهدف لنفي الآخر، و هو صراع ليس وليد الحظة الراهنة، بدأ بصورة واضحة في آواخر عقد الستينات من القرن الماضي، عندما أتخذت الحركة الإسلامية حادثة معهد المعلمين، ذريعة برفع شعارات حل الحزب الشيوعي و تضامنت معها القوي السياسية الآخري، و التي أدت بالفعل إلي حل الحزب الشيوعي و طرد نوابه من البرلمان. هذه الفعل كان نقطة تحول حقيقية في الثقافة السياسية في البلاد، حيث أدخلت قانون نفي الآخر، الأمر الذي جعل الصراع في الساحة السياسية يتحول إلي صراع إيديولوجي، و غادرت القوي الآخر غير الأيديولوجية خشبة المسرح، و جلست مع جمهور الصالة تتفرج دون أن تتدخل لكي تغير طبيعة الصراع، و في النهاية أصبحت ضحية له.

يقول الدكتور التجاني عبد القادر في مقاله "الثنائيات المدمرة" عن طبيعة هذا الصراع المدمر يقول "تمنيت في رسالة سابقة بعنوان ( بصيص من الأمل) أن يتجاوز الجيل الجديد ثنائية " علماني/ إسلامي" المدمرة. و قد أستشكل البعض العبارة، و استغرب آخرون صدورها عني، و طلب آخرون مزيدا من التوضيح. و ها أنا أعود لهذه المسألة فأقول إن الثنائية علماني/ إسلامي تشير إلي قريب مما بات يعرف في عالم الصفقات " بالمعادلة الصفرية" و التي تعني أن ما يناله هذا الطرف من أرباح سيعني بالضرورة خسرانا مبينا علي الطرف الآخر، و أن ما يحققه هذا الطرف من تقدم سيكون بالضرورة خصما من حظوظ الطرف الآخر، و هكذا تستمر العلاقة الصفرية بين الطرفين: خصومة لا تنقطع و " تدمير متبادل" علاقة لا يحيا فيها طرف إلا بإهلاك الآخر، علاقة لا توجد فيها منطقة " وسطى" سواء علي المستوي النفسي – الفكري أو علي المستوى الاجتماعي السياسي" هذه المقولة تبين إن الدكتور التجاني أختزل الصراع السياسي في رؤيتين متعارضتين، رؤية الحركة الإسلامية و رؤية الحزب الشيوعي السوداني، و هي رؤى تتكئ علي الأيديولوجية، في إعتقاد إن مشروعها وحده هو الحقيقة و الذي يجب أن يسود و يتبعه الآخرون، هذه الفهم الإقصائي هو الذي جعل الكل يبتعد عن الديمقراطية، وحتى قوي الطائفة دخلت حلبة الصراع تناصر فصيل علي الآخر، من خلال تحالفات كانت تقيمها مع منظومة الأيدلوجيين، و يرجع ذلك لإنها كانت تفتقد القدرة علي أن تقدم المشروع البديل الذي يجذب قطاع كبير من الطبقة الوسطى لصفها، و تستطيع أن تبني تحالفا قويا، يؤسس مجتمع مدني فاعل و قوي، قادر علي خلق معادلة لتوازن القوة في المجتمع، و يقف ضد أية محاولات لتغيير السلطة خاصة إذا استعانت أي قوي أيديولوجية بالمؤسسة العسكرية، لكن الطائفة لا تستطيع أن تتصالح مع أي قوي ديمقراطية قادمة من الطبقة الوسطي، في أعتقاد إنها سوف تجردها من آدواتها، و بالتالي كانت تعتقد هي الأقرب إلي المؤسسة العسكرية فقط لوجود قيادات فيها أسرهم لها ولاء مع بيوتات الطائفية، و غفلت إن المؤسسة العسكرية تمثل الطبقة الوسطى و لها أيضا مطامح.

أستغلت الحركة الإسلامية ضعف الطائفية و أيضا حالة الرهق في الحزب الوطني الاتحادي، و كانت تعرف إن الأمية تمثل أكثر من 75% من الشعب، و أيضا الأمية السياسية ضاربة بجذورها في المجتمع، لذلك ملأت الساحة السياسية بشعارات إسلامية، لكي تحاصر بها هذه القوي التقليدية، و استطاعت أن تدخلها في شرنقة صعب خروجها منها. الصراع تحول في الساحة السياسية علماني / إسلامي لآن الحركة الإسلامية نفسها لم يكن لها رؤية فكرية واضحة و لا مشروعا سياسيا يتكئ لمرجعية فكرية تجادل عليها، كانت تركز علي الشعارات " الاسلام هو الحل" " هي لله هي لله لا للثروة و لا للجاه" دون أن تشرح هذا الشعار، في الجانب الآخر كانت القوي الديمقراطية ضعيفة، و قيادة الوطني الاتحادي أنشغلت بقضية الدستور و التحول من نظام برلماني إلي نظام رئاسي، الأمر الذي جعل القيادات الاتحادية تفكر مرة أخرى لكي تعيد النظر في مقاطعة الطائفية، و تسعي لتوحيد الحزبين الوطني الاتحادي و الشعب الديمقراطي، و تغض الطرف عن شعارات الحركة الإسلامية، و لا تتصدى لها، بل تبنتها بفعل الإندماج الذي أعاد الطائفية، الأمر الذي جعل الحركة الإسلامية تستفيد من حالة الخمول السياسي في حزب الأمة و الاتحادي الديمقراطي، و تغمر الساحة السياسية بشعارات إسلامية هي نفسها كانت غير ملتزمة بها أخلاقيا، و ظهر ذلك جليا بعد وصلها للسلطة.

و يقول الدكتور عبد القادر في ذات المقال "لقد دخلت معترك السياسة في أواسط الستينيات من القرن الماضي، وكان ذلك هو المناخ السائد، فخضت فيما خاض فيه أبناء جيلي. يكيد لنا أعداؤنا في اليسار، ونكيد لهم كيدا، وخلال هذه العملية من الكيد والكيد المضاد لم نك نحس بحالة "النزيف" التي كانت تسببها أفعالنا تلك للوطن" و يؤكد الدكتور ما ذهبت إليه إن الفكرة في الحركة الإسلامية كانت غائبة، و إن الصراع الأيديولوجي الاقصائي كان قد أخذ كل وقتهم السياسي في كيفية نفي الآخر. و هذا راجع لاعتقاد عند قيادات الحركة إن إزاحة الحزب الشيوعي من الساحة السياسية سوف يجعل الحركة تستفرد بالساحة، لأنها علي قناعة إن القوي الطائفية لن تقف أمام طموحاتها، و هي من خلال شعاراتها الإسلامية قادرة علي خلخلة جماهير الطائفية و أختراقها و استقطاب قطاع كبير منها، إذاً الأيديولوجية كانت أداة أقصائية، و ليست حوارية لكي تخلق صراعا فكريا في المجتمع. فالتجربة الإنقاذية التي تعرض لها الدكتور التجاني عبد القادر بالنقد و تبلورت في " السوق و القبيلة و الأمن" ثم سيطرة الراسماليون، ناتجة عن هذا الصراع المبني علي شعارات تتغير حسب مصالح الأفراد، و لا مبني علي قيم دينية..

في مقال للدكتور التجاني عبد القادر بعنوان " الرسماليون الإسلاميون ماذا يفعلون في الحركة الإسلامية" يقول في هذا المقال " أشرت فى مقال سابق إلى إرهاصات تحول إستراتيجى وقع فى مسار الحركة الإسلامية، وذكرت أنه صار يتجسد سياسيا فى تحالف ثلاثى بين "القبيلة" و"السوق" والذهنية الأمنية"، ثم تحدثت فى مقالين تاليين عن هذه الذهنيةالتى هيمنت على التنظيم وحولت سائر نشاطه الى ملفات أمنية، وأريد فى هذا المقال أن أتحول الى السوق، لنرى ظاهرة أخرى تتمثل فى "الذهنية" التجارية وفى العناصر الرأسمالية التى صارت هى الأخرى تنشط وتتمدد حتى كادت أن "تبتلع" الجزء المتبقى من تنظيمنا الإسلامى الذى لم ننضم اليه أصلا الا فرارا من الرأسمالية المتوحشة." في هذا المقال يكشف الدكتور إن التحولات و الصراع داخل الحركة الإسلامية، لم يكن قائما علي رؤي فكرية بل سعي من أجل تحقيق مصالح إذا كانت هذه المصالح خالصة للتنظيم، أو مصالح شخصية لقيادات الحركة الإسلامية لم تكن ظاهرة في ظل الشعارات و البعد عن السلطة، و لكن عندما قبضوا علي مفاصل السلطة و استطاعوا أن يضعفوا القوي السياسية الآخرى، ثم بدأت المصالح الخاصة تبرز بشكل واضح، و هي المصالح التي كانت سببا في إبعاد زعيم الحركة الدكتور حسن الترابي. فالانحراف الذي حدث ليس سببه الصراع بين علماني / إسلامي، إن ما سببه الأول غياب الرؤية الفكرية، و الثاني إن التنظيم تبني قيادة الكارزما دون المؤسسية الأمر الذي غيب الممارسة الديمقراطية بصورتها التي تجعل العضوية تقدم مبادراتها بجانب مبادرة الكارزما، الأمر الذي غيب التنافس البناء الذي يفتح باب الاجتهاد للكل، و كان قد يؤدي إلي تخفيف حدة الأيديولوجية، و أيضا النظر للآخر بأنه يمتلك جزءا من الحقيقة. لكن الأيديولوجية التي تبنتها الحركة الإسلامية كانت سالبة حتى داخل التنظيم لأنها تحمل ثقافة إقصائية. هذا السلوك و البعد عن قيم الدين و تقليص مساحات الحرية و غياب الممارسة الديمقراطية، كان سببا أن يدمر الحركة نفسها و يؤدي إلي غيابها عن الساحة. نسأل الله حسن البصيرة.

https://www.sudanile.com/index.php/%D9%8 ... 9%85%D9%86

*
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



(العقيدة والقبيلة والغنيمة)

يشير الدكتور" طه حسين " في كتابه الفتنة الكبرى، ويعزي أسبابها إلى ثلاثة:
(العقيدة و القبيلة و الغنيمة). وهي ذات مفاتيح معرفة الأزمة السودانية، بل هي ذات القواعد التي تبناها تنظيم الإخوان المسلمين وأدخلها في جيبه الأسود وفي السودان منذ انقلاب 1989، وجعل سيادتهم وحدهم وإقصاء الآخرين عن سدة الحكم، بل واغتيال بعضهم، رغم أنهم كانوا أقليّة. فبدل أن نتطور كما تطورت ماليزيا أو كوريا الجنوبية، رغم علمنا أن الموارد التي تزخر بها أرض السودان، أكثر غنى من موارد الدولتين، ولكن تدهور السودان وعاد إلى الخلف دهوراً، وبشّر صناع التنظيم بأمرين غريبين ومتناقضين في ذات الوقت: أن يعودوا بالوطن إلى دولة الخلافة الأولى- أي التخلف منهاجاً وهدفاً- وفي ذات الوقت يبشرون بدولة حضارية!. وسقط كل ذلك بعد تجربة الأتوبيا الحالمة على أرض الواقع.

(2)

ربما كان دكتور التجاني عبد القادر ، ودكتور الطيب زين العابدين ، ودكتور الأفندي ، يمثلون مجموعة أخرجها النهج الثقافي تدريجياً من الحركة الإسلامية . فقد عرفوا بؤس الحركة الإسلامية الفكري ، وتبني نهج ( العقيدة كشعار- والقبيلة كمرجعية الثقة - والغنيمة كجزاء ) . ولكنهم جميعاً يعتقدون بغموس الدين في السياسة ، وليس لهم فكاك من رغباتهم الدفينة من أن الدين والخلافة هما الحل.
لم يقرئوا هم تاريخ الدين والخلفاء الحقيقي ، لم يستخدموا النقد ومناهجه طلباً للمعرفة ، واكتفوا بالرجوع للمصادر الإسلامية من فقهاء ومجتهدين ، طوال عصور الظلام . لم يعرفوا أن حروب الخلفاء كانت تسعى وراء الغنيمة ، وأن تمدد الدولة الإسلامية كان مسعى لإمبراطورية الخلافة كانت وراء السعي للغنيمة .

(3)

ربما يتشكك كثيرون في موثوقية معرفتنا لما كان يحدث في التاريخ على إطلاقه، ومدخل وسائل تدوّين النصوص التاريخية. لن نرغب إعادة كتابة التاريخ، لأن تلك من رذائل أصحاب الهوى وأصحاب الأغراض الذين يرغبون تغيير التاريخ. وأفضل السّبل إلى دراسة التاريخ هو الإحاطة بما كان يجري في زمانه وفي مكانه. إن تدوين التاريخ يتعين أن يتخلّص من حبائل مكر أصحاب الشأن والسلطة من طرف أو المُحبين والكارهين من طرف آخر. لدينا مناظير متطورة لغربلة النصوص التاريخية، والخروج بمعرفة الحقائق قدر المستطاع. التزوير أمرٌ غلبت عليه عواطف الناس بعد مرور دهور على الأحداث. إن الدراسة النقدية تعوّدَها أصحاب إعادة معرفة حقائق التاريخ، ولكن تخليصنا من منظار الفلكلور وآليات مناهجه، ربما لم يعتاد عليها المُدققون عندنا.

(4)

عبدالله ابن عباس ( حبر الأمة ) وبيت المال:
أورد الدكتور" طه حسين" في كتابه الثاني عن " الفتنة الكُبرى":
كتب الخليفة "علي بن أبي طالب" إلى عامله وابن عمه "عبد الله بن عباس " بعد أن كان عامله على البصرة، عندما أخذ من بيت مال المسلمين في البصرة ما يقارب الستة ملايين درهم لنفسه، وذهب إلى مكة ليعتكف بها، وقد كتب إلى الخليفة "علي بن أبي طالب" يستعفي نفسه:

{ أما بعد. فإني كنت أشركتُك في أمانتي، ولم يكُن في بيتي رجل أوثق في نفسي لمواساتي ومؤازرتي وأداء الأمانة إليّ. فلما رأيت الزمان على ابن عمِّك قد كَلب، والعدوَّ عليه قد حَرب ، وأمانة الناس قد خَرُبت، وهذه الأمّة قد فُتنّت، قلبتَ له ظهر المِجنّ!، ففارقته مع القوم المفارقين ، وخذلته أسوأ خذلان الخاذلين، وخنتّه مع الخائنين. فلا ابن عمك آسيت، ولا الأمانة أديّت، كأنك لم تكُن لله تُريد بجهادك، أو كأنك لم تكُن على بيّنة من ربّك. وكأنك إنما كنت تكيد أمّة محمد عن دنياهم أو تطلب غرّتهم عن فيئهم. فلما أمكنتك الغرّة أسرعت العدوّة، وغلظت الوثبّة، وانتهزت الفرصة، واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم، اختطاف الذئب الأزّل دامية المعزى الهزيلة، وظالعها الكبير. فحملت أموالهم إلى الحجاز رحيب الصدر، تحملها غير متأثِّم من أخذها، كأنك، لا أبا لغيرك، إنما حزت لأهلك تراثك عن أبيك وأمك. سبحان الله ! أفما تؤمن بالمعاد ولا تخاف سوء الحساب؟ أما تعلم أنك تأكل حراماً وتشرب حراماً ؟ أو مَا يعظم عليك وعندك أنك تستثمن الإماء وتنكح النساء بأموال اليتامى والأرامل والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم البلاد؟ فاتق الله وأدّ أموال القوم فإنك والله إلا تفعل ذلك، ثم أمكنني الله منك لأعذرنَّ إلى الله فيك حتى آخذ الحق وأرده وأقمع الظالم وأنصف المظلوم. والسلام}
*
ورد عبدالله بن عباس على كتاب الخليفة "علي" بكل استخفاف :

{ أما بعد. فقد بلغني كتابك تُعظِّم عليّ إصابة المال الذي أصبته من مال البصرة، ولعمري إن حقي في بيت المال لأعظم مما أخذت منه. والسلام }
*
انظر كيف ردّ الخليفة " علي ابن أبي طالب" على ابن عمه " عبدالله ابن عباس ":

{ أما بعد. فإن من أعجب العجب تزيين نفسك لك، أن لك في بيت مال المسلمين من الحق أكثر مما لرجل من المسلمين. ولقد أفلحت إن كان ادعاؤك ما لا يكون، وتمنيك الباطل يُنجيك من الإثم. عمّرك الله ! إنك لأنت البعيد إذاً. وقد بلغني أنك اتخذت مكة وطناً وصيَّرتها عَطَناً واشتريت مُولَدَات المدينة والطائف تتخيَّرهنّ على عينك وتُعطي فيهنّ مال غيرك، والله ما أحب أن يكون الذي أخذت من أموالهم لي حلالاً أدعه ميراثاً، فكيف لا أتعجّب اغتباطك بأكله حراماً. فضحّ رويداً. مكانك قد بلغت المدى. حيث ينادي المُغتّر بالحسرّة، ويتمنى المفرط التوبّة، والظالم الرجعة، ولات حين مناص. والسلام }

(5)

لسنا ضد حرية الاعتقاد أياً كانت ، ولكن للدين حدوداً تقف عندها تاركة المجال للعلم . ولسنا في وضع نقبل فيه بقوانين جنائية والمعاملات في قوانين الأحوال الشخصية والزكاة، تطبق علينا وهي ثابتة منذ أكثر من 1400 عام!



*
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



ثنائيات التجاني عبد القادر
نقطف من مقال الدكتور التجاني عبد القادر:

{ولئن كنت تظن أن حالتنا في السودان أقل سوءا فلا تعجل. ما عليك إلا أن تغمض عينيك للحظة لتتأمل بعقلك ما فعلته بنا ثنائية علماني/اسلامي خلال الخمسين سنة الماضية (1965- 2015}

عندما لخص دكتور التجاني تاريخ السودان منذ الستينات إلى الإنقاذ، إلى مجرد ( ثنائيات ) ، فهو غرام بسيادة مصطلح (ثنائيات ) على حساب التحليل العميق لتناقضات السياسة السودانية وصراع طبقاتها المتشكلة ، وحياة أطرافها وأشباه المدائن . وهو بعد عن النظر الأكاديمي ووسائل البحوث ، التي تتطلب الصبر، لا الرسائل الأكاديمية التي يتركها أصحابها ، ويخوضون كما يخوض العامة.
لم يمتدح أحد ما فعله الإنكليز مع جنود مصر في كرري عام 1898، إذ تم حصد آلاف السودانيين في ست ساعات. ولكن حكم المهدية الذي امتد 13 عاماً ، وهي لا تعد شيئاً في حياة تاريخ الشعوب ، صار بصمة في تاريخ السودان.

(2)

أما "محمد أحمد محجوب" فسرد في كتابه (الديمقراطية في الميزان ) كيف أن حضرت جدته لأمه إحدى المعارك مع جدي ، وكان قائداً في جيش المهدي، وهي تحمل على ذراعها ابنة لها في الثانية من عمرها. وكيف أن نعست الطفلة ( التي قدر أن تصبح أمه ) وإذا برصاصة تكشط كتف الأم وتقطع نصف إذن الطفلة. ولو أن الرصاصة كانت أعلى نصف بوصة لما كنا نقرأ كتابه اليوم.
ونحن نقول عن محمد أحمد محجوب لو دام حكم الخليفة عبدالله الدكتاتوري القبلي المتخلف ، لما وجد الطريق ليقرأ ( مارك توين) و( جيرم جيرم) و( أناتول فرانس)و( برنارد شو) و( كانت) و(شكسبير) و( روبرت براوننج) و( اليزبث برت) و( شيلر) و ( ديكنز)و(جوج ساند)و(بيرون ) و( كيتس) وغيرهم من أدباء الإنكليزية و الفرنسية المترجمة إلى الإنكليزية ولا نهل هو وأنداده من أساطين التراث العربي. ولا صار هوة مهندساً ثم قانونياً وشاعراً.

(3)

لن يغسل الإخوان المسلمين جرثومة انتماءاتهم، ولن نطلب منهم ذلك ، لأن العلاج من تلك الانتماءات التنظيمية الأمنية كالعلاج من الأمراض المستوطنة، التي تترك آثارها في النفوس. صعب هو الهجرة عن التنظيم ، ولو أفسد أصحابه ، فهؤلاء يظنون أن العيب في التجربة السودانية . وأن معارضتهم تجربة سلطة إخوان السودان ، هي مرور اليد باردة تطبطب على كتف التنظيم ، ولا تعيد النظر في أساس الحركة الإسلامية ومن ثمة دراستها بنقد. إن الحركة النقدية لا يعرفها المنتمون للتنظيم ، مهما صعدوا في سلم الأكاديميات ، فهي في نظرهم تقية يصلون بها إلى المراتب الطبقية العالية ، ثم يقذفون سلم الصعود.

*
أضف رد جديد