رسالة من عبد الله علي إبراهيم إلى سائر شباب السودان في ذكرى

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
ÇáäæÑ ÃÍãÏ Úáí
مشاركات: 552
اشترك في: الأربعاء يناير 27, 2010 11:06 am

رسالة من عبد الله علي إبراهيم إلى سائر شباب السودان في ذكرى

مشاركة بواسطة ÇáäæÑ ÃÍãÏ Úáí »

رسالة من عبد الله علي إبراهيم إلى سائر شباب السودان في ذكرى 22 يوليو 1971





مقدّمة طينيّة:
هذه الرسالة، من أجمل وأعمق وأصدق الرسائل التي قرأتها مؤخراً، كتبها الصديق البروفيسور عبد الله علي إبراهيم. أنقلها هنا لقراء طينيا للمتعة المشتركة، وللاتفاق والاختلاف. الصورة أعلاه من أعمال التشكيلي والمصور عصام عبد الحفيظ. محبتي.
مأمون
ـــــــــــ

نص الرسالة:

هَرِمنا: لنطوى صفحة عنف الدولة والعنف المضاد

«لا يموت الماضي أبداً. بل، إذا جئنا للحق، فالماضي ليس ماضٍ أصلاً».
وليام فولكنر

تمر اليوم الذكرى الرابعة والأربعين لمذبحة بيت الضيافة ومجازر المدرعات بالشجرة خلال، وفي أعقاب، انقلاب الضباط اليساريين في 19 يوليو 1971. فقد استشهد في بيت الضيافة خلال الانقلاب 16 ضابطاً و 3 صف ضابط كانوا في أسر الانقلاب وأعقبت فشل الانقلاب في 22 يوليو مجازر شعواء لليسار بعد محاكمات غاض فيها العدل فذهبت بصفوة جيل التأسيس اليساري وعلى رأسهم الشهيد عبد الخالق محجوب عثمان (1927- ) زعيم الحزب الشيوعي.
هذه واقعة واحدة أليمة لعنف الدولة والعنف المضاد لها تضرج منها تاريحنا المعاصر بالدم. من هذه الحادثات ما انقضى زمانه ومنها من ينتظر في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق نزولاً إلى أحياء المدن والقرى على نطاق القطر. يُعيبنا بالطبع أننا معطنون في هذا التاريخ الدموي السدى. ولكن ما يخذينا حقاً أننا لم نتواضع بعد على خطة لطي صفحته كتاريخ، فنتدابره كثأرات تمشي معنا على الأرض.
ذكرى مجازر الشجرة من أشق المناسبات على نفسي. فيتفطر فيها فؤادي لمقتل رموزنا الوسيمة من جيل التأسيس اليساري. لقد عشناها شباباً غضاً امتلك الوطن ناصية نفوسه. فأضّغنا وبتنا على الثأر لهم. وكبرنا وهرمنا. ورأينا رجالاً وسيمين من غير صفنا العقائدي صرعى عنف الدولة والعنف المضاد. وأنكفأ كل فريق منا على تاريخ جراحه الخاصة ينتظر يوم تفريج كربته بالنيل ممن آذوه. وهذا فش للغبينة وهدم للمدينة. فثبنا إلى رشدنا من فرط عاقبة طاقات الثأر التي تحدق بالوطن تنتظر الاندلاع كالقنابل الموقوتة..
وبدا لنا الآن أن الثأر ربما لم يكن المطلوب. ولا يعني هذا تغييب العدالة التي سميناها الآن من فرط عقلها ب «العدالة الانتقالية» صوناً للوطن من غلو الرغبة في الانتقام. وهذه حالة إنسانية ممحونة تستصرخنا أن نتنادى إلى مشروع وطني شبابي يخرج «الدم التاير او الثائر» من عروق الأمة لتطوي صفحة أمسها وتبدأ ليومها. إن من حق البلد عليكم، ومن حقكم على أنفسكم، أن نقلب صفحة هذه الثأرات لتميطوا الأذى من طريق الوطن.
نريد أن نجعل من الذكرى الراهنة لبيت الضيافة ومجازر الشجرة، صعوداً إلى ذكراها الخامسة والأربعين في 2015، مناسبة لطي سجل الواقعتين وكل مأساة أخرى من عنف الدولة والعنف المضاد. وسبيلنا إلى ذلك أن نتراص حول مطلب التحقيق (أو استكمال التحقيق) في ملابسات كل وقائع هذا العنف. وأن ننهض في الدولة وفي المجتمع المدني بتحر تاريخي علمي على يد لجنة مشهود لها بالخلق والرصانة تنظر في كل وثائق الدولة حول هذه الوقائع من حصيلة لجان التحقيق ومضابط تحريات قسم القضاء العسكري وسجلات المحاكم العسكرية الإيجازية. وأن توضع تحت تصرفها تسجيلات الإذاعة والتلفزيون وقسم التصوير الفوتغرافي وصحف الأيام الصعبة. وأن تستمع للشهود الأحياء وكل راغب في الحديث للجنة في الشأن. وبهذا نقطع دابر هذه الواقائع التي جعلت الخصوم أسرى رواياتهم الخاصة عنها يجترونها كل ما حل يوم ذكرى من تلك الذكر الأليمة. لقد اكتنفنا هذا التظاهر بالتاريخ بدلاً عن الامتثال للتاريخ بحكمة خبراء ينظرون إلى ما بعد هذه التظاهرات ويركبونها، وينهون القطيعة بينها، للاحاطة بهذا الحادثات الجلل لعنف الدولة من جوانبه كلها.
من الجهة الأخرى نأمل أيضاً أن نتواثق في عامنا هذا صعوداً للذكرى الحزينة في 2015 بالعزم روحياً وسياسياً على كشف المثوى الأخير لضحايا عنف دولة والعنف المضاد. ونريد بهذا الكشف أمرين: أولهما أن تكف الدولة عن ممارستها الوخيمة في التمثيل بجثث الخصوم بدفنها في قبور مجهولة في انتهاك صريح لحق أسرهم وأحبابهم في توقيرهم بمواضع مطلولة بصلاة وحصى وزيارة. وثانيهما أن نبدأ في تطهير الممارسة السياسية من درن الخسة والجاهلية وهو درن فاجع وجامع ومانع. فأصبح الجسد-الجثة في دولتنا المستقلة مسرحاً لعمليات سياسية بلغت الدرك الأسفل من الخلق. فقد رأينا كيف اختنق قبيل من مزارعي مشروع جودة الزراعي بالنيل الأبيض في عنبر للسميات في كوستي (1956). وكيف وقع «نفخ» المرحوم حسنين محمد حسنين في سجن الأبيض (1961)، وكيف اغتيل السيد وليم دينق في سياق حملته الانتخابية في الجنوب (1965)، وكيف جرى خطف الصحافي مكي محمد مكي وتغييب جثته بصورة خسيسة لو صح وصفها الشائع، وكيف دفن الإمام الهادي جزافاً في 1970 وتلاه الرفيق عبد الخالق محجوب ورفاقه (1971)، والسيد حسن حسين ورفاقه (1975)، والسيد محمد نور سعد وصحبه (1976). ورأينا إعدام الأستاذ محمود محمد طه ودس جثمانه وكذلك فعلوا برهط انقلابي رمضان 1992. وما أردت الحصر ولست أبلغه ولو حاولت لأن ما خفي أعظم. فما جري في الجنوب لنصف قرن ومايجري في دارفور وجنوب «الحكومة» و»الحركة» قد لاكته وتلوكه أفواه لوبي حقوق الإنسان.
الحد الفاصل بين الجسد والجثة هو الذي مايز بين السياسية من جهة والدين والأخلاق من الجهة الأخرى. فبينما ينتمي الجسد للسياسية، وهي باب للخصومة والشره أيضاً، تنتمي الجثة للدين والأخلاق، وهما باب للعفو والطقوس. فقد بعث الله غراباً ليُرى قابيل، الذي قتل أخاه هابيل ولم يوار جثته التراب، كيف يستر الغراب سوءة (جثة) أخيه الغراب. كما نهت الشريعة عن «المُثلى» من مثل كسر عظم الميت وإهانته بأي صورة. وبلغت من السماحة أن اعطت حتى الكفار حق استرداد جثث قتلاهم في حرب المسلمين بغير مقابل مادي.
وفي سبيل هذا الكشف التقي عن الجثامين المغيبة علينا أن نتوحد حول مطلب تكوين لجنة قومية من رجال ونساء فيهم دين وانصاف وقوة يتحرون أمر «نبش» هذه القبور وفق سلطات إدارية وقضائية دقيقة. يردون كل جثة مضيعة إلى أهلها وقبيلها وأحبابها لتنعم بالأنس بعد الوحشة وبالدين بعد الجاهلية. فمن غضب الله علينا أن يرقد أميَّز وأجمل رجالنا هذه الرقدة الأخيرة الموجعة المنسية. وهذه خسارة روحية لا يعوضها قيام الأنظمة أو سقوطها لأن العاهة عالقة بنسيج الرمز في الثقافة . فأين نحن من طبقات ود ضيف الله الذي ما فرغ مؤلفه من سيرة رجلٍ صالحٍ أو شاعرٍ أو عالمٍ حتى قال : «وقبره ظاهر يزار» !
إن هناك الكثير من الذي استيأس من أن يتم أي شيء مما ذكرنا في ظل دولة ملطخة الأيدي بدماء معارضيها. فهم ينتظرون يوم سقوطها لينهضوا بأي تبعة مما ذكرنا. وهذا منطق أعوج برغم صدقهم عن طبيعة نظام الإنقاذ الذي غوى. فالإنقاذ ليست استثتاء في الحكومات الباغية لتمنع حقاً وراؤه مطالب. ففجورها مما يفله حديد العزائم المعارضة الصميمة. ثم علينا أن لا نرهن التحقيق في هذه الحادثات الدموية بسقوط النظام. ولنتذكر أن ذهاب نميري في 1985 لم يستتبعه تحقيق في أي من جرائمه أو الكشف عن مثاو الشهداء سوى من قبر الإمام الهادي عليه الرحمة. وربما كان سبب هذا النقص أن قضية مصائر الشهداء اقتصرت على أسرهم ولم تتوطد في سياسية الصفوة كوجدان وحساسية وشهامة. فهي عاجزون عن التحقيق في عنف الدولة ومترتباته حتى حين يكون بوسعهم فعل ذلك كما في ما بعد انتفاضة في 1985.
ليس لبدء العدالة الإنتقالية موعد مضروب هو زوال النظام الظالم. فبدأت العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا في الثمانينات حين قال القس ديسموند توتو للعنصريين كفاحاً عفونا عنكم حتى قبل تهافت نظامهم. بل ربما زال نظام الانقاذ من فرط العزائم التي تتراص حول مطالبها مثل التحقيق في واقعات عنف الدولة والكشف عن جثامين الشهداء. وهذه المطالب ليست رهناً بالدولة وحدها. فهي مادة للمعارضة بأكثر مما هي مادة للحكومة حتى تحشد حولها كتلة حاسمة راجحة من المواطنيين لا تملك الدولة إلا أن تنحني لإرادتهم. وهذه المطالب من جهة أخرى لا تحاكم بالنتيجة كسباً وخسارة لأنها إجراء متصل الحلقات متعدد الصور. فبوسع أي جماعة حقوقية أو صحافية بدء موقع في الشبكة العالمية للتوثيق لهذه الحادثات بالقلم والصوت والكتاب وقصاصات الصحف ناهيك ما يمكن لمبدعين القيام به في التوثيق إبداعياً. وهكذا فمطلبنا في تحري عنف الدولة هو روحانية مدنية مبتكرة لا تهدأ تُرقي ذوقنا بالتاريخ والشهداء وبأنفسنا وبالوطن.
إنني لأدعو سائر شباب السودان، سائرهم، أن يوطنوا النفس باستئصال العنف من السياسة كما صورناه حتى يتسنى لهم وطن خلا من الغل والثأر والجرائم الكاملة والأولياء الذين بلا مقابر . . ظاهرة تزار.

ولتدم أنت أيها الوطن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من مدونة مامون التلب «طينياً»
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و ليس قرب قبر حرب قبر

مشاركة بواسطة حسن موسى »





سلام للنور الذي في بلاد الظلام
و سلام لمأمون الشاب الذي ـ هو أيضا ـ في بلاد الظلام
و سلام لـ " سائر الشباب" المنقطع به في بهيم الظلام الذي بين المحيط و المخيط و لا جناح و لا حزن
سلام للجميع و على الأرض السلام
و كذا
شكرا يا النور على بسط رسالة صديقنا و أخونا الكبير التي يخاطب فيها " سائر الشباب"يدعوهم لنبذ العنف و الجنوح للصلح عند قبور شهداء الوطن بدون فرز.طبعا أنا و أخوي النور الكاشف [ شايف الإسم دا ظابط كيف؟]، مفروض نكون فالتين من فئة " الشباب"التي يتوجه إليها خطاب عبد الله لكننا نتذرع بصفة " سائر"التي تسبق فئة الشباب و نتوسم في عبد الله أنه إنما يعني بها "الشباب من كل الأعمار" و كذا.أها يا مامون، و الله لولا تقريظك المتحمس لرسالة عبد الله لما توقف "النور الكاشف" عندها لأني أعرف أن هذا النور يترصد الدرر الأدبية و السياسية المبثوثة في الأسافير و ينتخب منها ما يعجب ليسلط عليه إضاءاته المميزة.و لولا عناية النور بمكتوب عبد الله حتى أنه جلبه لدائرة ضوء سودان الجميع لما كنت وجدت له سبيلا لأني ـ في بلاد أهلي الصيناب ـ لا أجد منفذا لفيس بوكوحرام و لا ليوتيوب و لا لتويتر و لا حتى لسودان نايل.فشكرا لكما و شكرا لعبد الله على عنايته بالشباب السائر و الشباب القاعد قبيل "أرذل العمر »[ يا لها من عبارة] و الحمد لله على كل شي.ـ

سلام يا عبد الله
و الله حيرتني رسالتك لسائر الشباب أولا لأنها تبدأ بتلك العبارة اليائسة "هرمنا"و التي يمكن أن تقرأ " خلاص فات علينا الفوات و الرك على الشباب الناهض" إلى آخر شكاوى العواجيز الذين يتحسرون على كونهم عاشوا و بلغوا من العمر أشده. يا عبد الله مرة إبراهيم موسى قال لي" تعرف متوسط عمر الإنسان في إفريقيا 45 سنة بس، عشان الأفارقة ممكن يموتوا من أمراض المناطق الحارة و الأوبئة الدورية والجوع و سوء التغذية و الكوارث الطبيعية و سوء العناية الطبية، و لو نفدوا من ديل بعد داك الموت راجيهم في حوادث الحركة أو في حوادث الحروب الأهلية و لو نفدت من ديل ممكن يوم تكون راقد في سريرك الحيطة تقع فوقك تجيب أجلك، عشان كدا أي زول فات الخمسة و أربعين دا يعتبر نفسو عايش " مـَرْقي" ساكت".ـ
أها أنحنا هسع بنلعب " مرقي"، في الزمن الإضافي مع الشباب السائر و ما بخارج معانا[ و لا مع سائرالشباب] إنك تجي تقول لينا يا اخوانا" هرمنا" خلاص."فيا لدّة الدهر" إنت كان هرمت فـ "هْرمـَنـْتـَكْ" قائمة في معنى أنك صرت هَرَما يعتد به في المشهد السياسي السوداني . وفي مشهد السياسة أقرأ رسالتك لسائر الشباب و اتعجب من برنامجك السياسي "الأنتيغوني" الذي يستهدف تمرير المصالحة الوطنية بين الأخوة الأعداء بين شواهد قبور قتلى السياسة السودانية. طبعا المشكلة هي أن تراكم جثث القتلى على طور السنين صار يغطي مساحة الوطن بأكمله بحيث أن أي مصالحة وطنية قريبة ستتم فوق جثث القتلى مالم يتوصل الفرقاء لرفع الجثث المتراكمة و تعريفها و دفنها و إنجاز الحداد عليها وفق الأصول المرعية عند أهاليها و رد الظلامات المسوفة و جبر الخواطر.ـ

كتبت يا عبد الله :ـ
« 

الحد الفاصل بين الجسد والجثة هو الذي مايز بين السياسية من جهة والدين والأخلاق من الجهة الأخرى. فبينما ينتمي الجسد للسياسية، وهي باب للخصومة والشره أيضاً، تنتمي الجثة للدين والأخلاق، وهما باب للعفو والطقوس.
« 


حين قرأت هذا الكلام خطرت لي صورة عبد الله الشاعر صاحب الإستطرادات التي لا ينضب لها معين ، و أظن أن الأمر يمكن أن ينفهم لوأعملنا النظر في عبد الله كشاعر يتمتع بحساسية مرهفة تجاه المفردات. لأنك هنا تتعامل بروح الشاعر مع فئات مفهومية إعتباطية تبذلها كحجة دامغة بدون اي حيثيات سوى تعويلك المتفائل على فرص إتفاق جمعي شاعري افترضته في جمهور" الشباب "[الجزافي؟] السائر الذي تتشبث به كما يتشبث الغريق بقشة.، أقول قولي هذا لأن ثنائيات " الجسد /الجثة"،" السياسة/ الدين و الأخلاق" بالطريقة التي تطرحها بها هنا لا تلزم أحدا بخلافك .لأن الجسد الـ «  جـتـّة » ينمسخ جثة و " جنازة" حين يمر من قناة السياسية ، [و في الخاطر كتابة سابقة لك في القيمة السياسية لجنازة القرشي و جثمان محمود محمد طه و آخرين لكن مصادري بعيدة حاليا]، بل أن الدين نفسه يصبح دينا حين يعبر بوابة السياسة بوصفه ممارسة جمعيةـ مثلما الأخلاق تصبح أخلاقا حين تسميها السياسة أخلاقا و تنتفع بها في تدبير أحوال الجماعة السياسية. و هكذ لا فرصة للدين أو للأخلاق أو للجسد أو للجثة خارج مقام السياسة. و حتى سماحة الشريعة الإسلامية التي ذكرت يا عبد الله أنها نهت عن إهانة الميت و «  أعطت الكفار حق استرداد جثث قتلاهم في حرب المسلمين بغير مقابل مادي«  فهي تبدو لي كدرجة سامية في الذكاء السياسي الذي يخاطب المسلمين بخطاب يعلّي من أقدارهم و يلهمهم استبطان صورة ذاتية جمعية كجماعة إنسانية متضامنة على معاني الشهامة و الحضارة ، ناهيك عن التأثير الإيجابي لصورة المقاتلين المسلمين في خيال العدو. نهايتو، لو رغبت يا عبد الله أن تخلق ضميرا سياسيا جمعيا قوامه هذه الفئة السياسية الغميسة التي تسميها "سائر الشباب"، فعليك أن تبذل للشباب [و لغيرهم ] من الحجج ما يلهمهم التأني السياسي النقدي عند مقولاتك. لأننا بغير حجة سياسية قوية سننظر [ مع "سائر الشباب »] لدعوة عبد الله للمصالحة عند قبور " الشهداء" ككلام شخص متقدم في السن يعتبر أن مجرد تقدمه في السن يمنحه حق تنظيم العالم الذي يتقاسم السكنى فيه مع من هم أصغر منه سنا.

كتبت يا عبد الله :
« ..
وهكذا فمطلبنا في تحري عنف الدولة هو روحانية مدنية مبتكرة لا تهدأ تُرقي ذوقنا بالتاريخ والشهداء وبأنفسنا وبالوطن.
»
يا عبد الله " الروحانية المدنية" دي عاوزة شرح و شغل زيادة عشان نقدر نقعدها في مقام يناسب فخامة التعبير الشعري.
و غايتو نصرّها ليك لمن تجي راجع ليها برواقة. و في الإنتظار نكمل الونسة في حكاية " إستئصال العنف من السياسة" في عبارتك
« 
إنني لأدعو سائر شباب السودان، سائرهم، أن يوطنوا النفس باستئصال العنف من السياسة كما صورناه
.. « 

في هذه الكلمة أقرأ طموحك الأسمى هو" إستئصال العنف من السياسة"
لكن عبارتك تنتهي بقوله "كما صورناه"ولا يفهم القارئ أن التصوير هنا راجع لعواقب العنف التي تحرم اهل الموتى من قبور تزار، أم هي صورة العنف كلازب للممارسة السياسية لجيل عبد الله؟ و في الحالتين قضيتنا بايظة.ـ
في الحالة الأولى نجد عبد الله الباحث الأنثروبولوجي الذي يعرف أن العنف ضروري لأي تنظيم اجتماعي و أن افراد المجتمعات الإنسانية قد وطنوا النفس على التعايش مع واقع العنف قانونيا بتفويض جسم محايد [نظريا ]هو جهاز الدولة كجهة شرعية مناط بها إدارة العنف فلا يأخذ الأفراد القانون بيدهم مما قد يجر المجتمع بأكمله في منزلق الفوضى و ثقافة الثأر
في هذا المقام لا يمكن استئصال العنف من المجتمع و لكن من الممكن ـ بل من المطلوب ـعقلنته و السيطرة عليه و استباق إنفلاتاته و التحوط لعواقبه.

و من الجهة الثانية نجد عبد الله السياسي و الذي أنفق سنوات طويلة من عمره السياسي في عقلنة العنف على هدي الأدب الماركسي اللينيني الذي يملك أن يشرعن العنف أو أن يشيح عنه باعتباره وسيلة سياسية بين وسائل أخر، يُلجأ إليها حسب المردود السياسي المتوقع منهاضمن الملابسات السياسية المتغيرة عبر الأزمنة و الأمكنة، أقول من جهة عبد الله السياسي نجدنا أمام داعية يتذرع بالتقدم في العمر لتغيير قواعد اللعبة السياسية. و هو تغيير جذري يتنائى عن مجمل خبرة عبد الله الماركسية اللينينية أو كما قال مولانا ماركس " يجب أن لا يستخذي المدنيين عن حمل السلاح عند الضرورة"[ و هي قولة قرأتها في واحدة من مكاتيبك السابقة لكني لم أعثر على نصها في وثائقي فصبرا]

و في ختام رسالتك يا عبد الله نقرأ : ـ
« 
ولتدم أنت أيها الوطن.

« 
يا عبد الله مديح الوطن كملجأ أخير يتصالح عنده الأخوة الأعداء فكرة مقبولة حين ترد من طرف الوطنيين البدائيين الذين يمثل الوطن في خاطرهم كما رحم التكوين الأمومي على أساسه تتراتب أقدار العلاقات الإجتماعية و تقيم الأعمال،و باسمه يجوز الموت فداءا مثلما يجوز قتل الآخرين دفاعا، لكن موضوعة الوطن عندك يا عبد الله تبدو كمكيدة براغماتية تسهل لعبد الله السياسي اللينيني الإنخراط في الجماعة الوطنية و العمل من داخلها بذريعة أن «  الشريعة عليها بالظاهر » بينما الأجندة السرية مكنونة مع " اللي في الألب في الألب. » بس مشكلة المكيدة الوطنية عند عبد الله السياسي الماركسي اللينيني هي أنها ما خايلة في المشهد النقدي الماركسي لـ " كساد الفكرة الوطنية" عند عبد الخالق محجوب، و هو المشهد الذي استحسنته يا عبد الله في واحدة من مكاتيبك المضيئة في خصوص ماركسية عبد الخالق

فبالله عليك أسخى و اشرح لينا خفايا هذه الرسالة للشباب السائر ينوبك ثواب و أجر عظيم.ـ


سأعود
صورة العضو الرمزية
ÇáÈÑÇÞ ÇáäÐíÑ ÇáæÑÇÞ
مشاركات: 180
اشترك في: الأربعاء يناير 07, 2009 7:12 pm

مشاركة بواسطة ÇáÈÑÇÞ ÇáäÐíÑ ÇáæÑÇÞ »

طبعا المشكلة هي أن تراكم جثث القتلى على طور السنين صار يغطي مساحة الوطن بأكمله بحيث أن أي مصالحة وطنية قريبة ستتم فوق جثث القتلى مالم يتوصل الفرقاء لرفع الجثث المتراكمة و تعريفها و دفنها و إنجاز الحداد عليها وفق الأصول المرعية عند أهاليها و رد الظلامات المسوفة و جبر الخواطر.


سلام للجميع
وشكراً يا دكتور حسن موسى على هذه الكتابة..
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

أعزاءي وعزيزاتي في سودان فور أول، شيبهم وشبابهم

( اللهُمّ لا شماتة في فرق العُمر والتوقيت )

يقولون إن القائد العام للقوات المسلحة ، له سلطة أعلى من سلطة الدكتاتوريين ورؤساء الجمهوريات ، عن(

أصالة) أو عن أية مغنِّية أخرى .

للقائد العام منذ الاستعمار :

حق تشكيل لجان المحاكمة الميدانية أن تكون ميدانية أم غير ذلك ، وفق تصوره للمحاكمة ، ومن حقه رفض

قراراتها ، ومن حقه استدعاء محامي أو محامي كصديق أولا يطلب .

ومن حقه أن يعيد القرار أو تعديله ، أو إن شاء حلّ اللجنة وتشكيل أخرى إن لم يرضى عن حكمها ، حتى

يستريح للحكم الذي ( يراوده عن نفسه ) ، ثم يوقع ويطلب التنفيذ الفوري بدون إرجاء إن أحب ذلك .

هذا القانون لم يزل موجود في السودان منذ زمن المستعمر إلى الآن .

*
وقد تمّ تنفيذ ذلك في قرية " الشُكابة " حين تم إعدام أبناء المهدي " الفاضل " و"البُشرى " وكذلك " الخليفة

شريف "
*
أخونا وصديقنا في مغارب الشمس وطلوعها ( حسن موسى ) حسب طلبك الغالي :

( وماذا عن الشاعرية وغموضها ) ، على الأقل تترك مساحة ليشارك القارئ في المعنى !!.

ويفتح الأبواب على مصاريعها للتأويل . ويموت الخلق جراها ويختصم ، وبروفيسور عبدالله نائم ( يشخُر)

*
إن الدفن في مكان مجهول هو سمة الضعف ، والخفاء سمة الخوف من المحاسبة .

في لقاء مع قاضي التحقيق علوب الموجود في الإمارات ...

قال : نميري قال لي أوعك تجيب سيرة المحاكمات
*


سلام بردو إليك ... ياروحي سلام عليك




عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

عبد الله الشقليني كتب: أعزاءي وعزيزاتي في سودان فور أول، شيبهم وشبابهم

( اللهُمّ لا شماتة في فرق العُمر والتوقيت )

يقولون إن القائد العام للقوات المسلحة ، له سلطة أعلى من سلطة الدكتاتوريين ورؤساء الجمهوريات ، عن(

أصالة) أو عن أية مغنِّية أخرى .

للقائد العام منذ الاستعمار :

حق تشكيل لجان المحاكمة الميدانية أن تكون ميدانية أم غير ذلك ، وفق تصوره للمحاكمة ، ومن حقه رفض

قراراتها ، ومن حقه استدعاء محامي أو محامي كصديق أولا يطلب .

ومن حقه أن يعيد القرار أو تعديله ، أو إن شاء حلّ اللجنة وتشكيل أخرى إن لم يرضى عن حكمها ، حتى

يستريح للحكم الذي ( يراوده عن نفسه ) ، ثم يوقع ويطلب التنفيذ الفوري بدون إرجاء إن أحب ذلك .

هذا القانون لم يزل موجود في السودان منذ زمن المستعمر إلى الآن .

*
وقد تمّ تنفيذ ذلك في قرية " الشُكابة " حين تم إعدام أبناء المهدي " الفاضل " و"البُشرى " وكذلك " الخليفة

شريف "
*
أخونا وصديقنا في مغارب الشمس وطلوعها ( حسن موسى ) حسب طلبك الغالي :

( وماذا عن الشاعرية وغموضها ) ، على الأقل تترك مساحة ليشارك القارئ في المعنى !!.

ويفتح الأبواب على مصاريعها للتأويل . ويموت الخلق جراها ويختصم ، وبروفيسور عبدالله نائم ( يشخُر)

*
إن الدفن في مكان مجهول هو سمة الضعف ، والخفاء سمة الخوف من المحاسبة .

في لقاء مع قاضي التحقيق علوب الموجود في الإمارات ...

قال : نميري قال لي أوعك تجيب سيرة المحاكمات
*


سلام بردو إليك ... ياروحي سلام عليك




حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

حَب الشباب

مشاركة بواسطة حسن موسى »




سلام يا البراق
و شكرا على القراءة
لكن إنت رأيك شنو في " سائر الشباب " كفئة سياسية؟ هل ما زلت تعتقد أن الشباب يشكلون فئة سياسية يمكن التعويل عليها في عملية التغيير؟
و أنا أسألك هذا السؤال لأني قرأت لك في السابق كلاما عن التغيير و دور الحركات الشبابية
الرابط:
2013(https://www.sudanile.com/index.php/2008- ... ------2013

سلام جاك باك يا الشقلينني
يا زول الدولة الحديثة في السودان ليست بنت المجتمع السوداني لأنها دولة أجنبية أقوى من المجتمع و هي دولة أجنبية صنعها الإستعمار و ورثها الوكلاء المحليون لقوى رأس المال الأجنبي. هؤلاء الرجال [ و النساء] الذين يستقوون ـ ضد مجتمعاتهم ـ بجاه قوى رأس المال المعولم و يصونون مصالحه لقاء الفتات لا يتورعون عن تقتيل مواطنيهم و سحلهم و التنكيل بشعوبهم و إبادتها حتى بسبيل تأمين مصالح سادتهم الأوروأمريكيين و مصالح كفلائهم الشرقأوسطيين.و عبد الله الذي كتب " الصراع بين المهدي و العلماء"[ إقرأ الصراع بين المهدي و الدولة الحديثة]، قبل آلاف السنين، يعرف أن تحليلي هذا بعض من " فضلة خيره الماركسي" علينا، و لذلك نوهت بحيرتي من جراء مكتوبه لـ " سائر الشباب".
أما عن نوم عبد الله عن عواقب مكاتيبه فلا أصدقه، يا شقليني أهلنا قالوا البعشوم ينوم بعين واحدة بينما تبقى الثانية مفتوحة تترصد الخطر، و أما "شخيره" فلا أعرف عنه شيئا.
و بالمناسبة يا شقليني إنت رأيك شنو في " إتحاد الشباب السوداني"؟
سأعود
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

الأكرم : حسن موسى
تحياتي الطيبات ...
لقد كنتُ مريضاً أيام مؤتمر الحداثة الذي التقينا فيه معاّ في 10أبريل 2015 بالشارقة ، ولم أحضر النصف المسائي من اليوم الثاني ولم أحضر اليوم الثلث ، وحضرته " نعمات وحدها ". ولم يزل أمر إصدار الكتاب عربي وإنجليزي بين الشارقة الثقافية وجامعة كورنيل خاضع لمجهودات زمرة من الأصدقاء ، على رأسهم أخينا الذي أبعدنا عنه " الكُبُر " لا غير ( مصطفى آدم )

أنا لا أتفق معك أن ورثة الاستعمار آلة صماء تنفذ وتؤدي دورها فقط . فتجربة المدارس الأهلية ومدارس الأحفاد ومدرسة رفاعة والأسواق الخيرية في الثلث الأول من القرن العشرين لم تكُن إلا من مبادرات المتعلمين .
انظر تاريخ الجميع قبل الاستعمار الثنائي : وجدوا في بيت الخليفة سن فيل وريش نعام فقط بعد ست ساعات معركة كرري !!! بعد أن " عَرّت " القائد ود تورشين . والصمغ العربي كان يُهرب للتصدير عبر سواكن . تم محاربة الغناء والموسيقى والفن خلال حكم المهدي وعبد الله ، وكان الاستثناء " ضرب نحاس الحروب "
هذا هو جزء من الإرث ، فما عساه يصنع في أذهان الناشئة الذي كونوا الخريجين ؟
كتب منصور خالد أن قانون الحكم الذاتي الذي كُتب في مصر تم تعديل ثلاثة بنود فقط من لجنة سودانية في يوم وليلة ليصبح دستور 1956 الانتقالي . فمن أين لهم بالفقه الدستوري؟ .

كان الانكليز يشنقون المعارضين في السوق !! ولكنهم في سيطرتهم على السودان ،جرياً وراء مصالحهم ، أنجزوا كثيراً من البنية التحتية من مسح للحدود ( ما عدا حدود مصر لأنها شريكة معهم في الاستعمار ،رغم ضعف الشراكة ) ولكن بمال المصريين تم تنفيذ السكك الحديدية وتم تخطيط بعض القرى ( المدن ) وأنجزوا المباني الإدارية وتحديد الأراضي .... وأسسوا للتعليم وبالطبع مشروع الجزيرة .

التنوع القبلي في السودان كله كارثة ( ديفاكتو ) ليس من وجوده بُد ،ولم يكن ثراء إبداع أبداً ، وما نشهد من صُلح القبائل منذ تاريخ قديم وإلى اليوم هو الاحتكام للحلول القبلية ، التي يحتمي فيها القتلة بالقبيلة لأنها تدفع الديّات !!! ولم يزل مسلك القبيلة يهيمن على الساحة الاجتماعية إلى اليوم وغزّته الإنقاذ ففاض الرغو أمام الشاربين ....
أما عن لغة عبدالله النثرية الشعرية ، هي لغة أخرى في الكتابة وكما قال المتنبي :
أنام ملئ جفوني عن شواردها.... ويسهر الخلق جرّاها ويختصم
هذا الإنجاز في اللغة الشاعرية في الكتابة تمّ عن قصد ، ولست ناكراً ذلك .
أما عن اتحاد الشباب السوداني ...فقصتها معي هي قصة لها تاريخ ومتغيرات مراجع كثيرة قبل القول الفصل .
شاكراً لك اهتمامك بكتابة بروفيسور عبدالله ، فهو صانع جدل بامتياز.
والشكر أجزله للمبدع : الأستاذ النور ....



*
آخر تعديل بواسطة عبد الله الشقليني في الخميس مايو 19, 2016 1:59 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
صورة العضو الرمزية
الوليد يوسف
مشاركات: 1854
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 12:25 am
مكان: برلين المانيا

مشاركة بواسطة الوليد يوسف »

https://www.youtube.com/v/GxWFP6v3vQs
السايقه واصله
صورة العضو الرمزية
ÇáÈÑÇÞ ÇáäÐíÑ ÇáæÑÇÞ
مشاركات: 180
اشترك في: الأربعاء يناير 07, 2009 7:12 pm

مشاركة بواسطة ÇáÈÑÇÞ ÇáäÐíÑ ÇáæÑÇÞ »

سلام يا دكتور وسلام مثله للبروف عبدالله علي إبراهيم والأستاذ النور أحمد وصديقنا مأمون التلب.
بالمناسبة يا دكتور حسن، أنا أعي أنك مهموم بالشرك(Trap) الذي يكمُن في لفظة "شباب"، وهو ما يؤكده وصفك لهذه اللفظة ب(الغميسة) و(فئة مفهومية اعتباطية) و(هلامية)، وغيرها من العبارات المُشكِّكة في جدوى التعامل معها " في منظور الصراع السياسي". ولكنني أعي كذلك مغزى رسالة الدكتور عبدالله ل(سائر الشباب) على الرغم من اختلافي مع بعض ما ورد فيها، وهذا ليس نطاق سؤالك أو إجابتي، ولكنه بالضرورة وفقط، مدخل لمحاولتي الإجابة، باعتبار أن عبدالله علي ابراهيم أشار مبتدئاً في مقاله لهذه الفئة- الشباب- كونه كان جزءاً منها عندما عايش مجازر الشجرة وغيرها من " الحادثات" كما أسماها. عبدالله حينها كان في نفس فئتنا العمرية الحالية أو أصغر، ولذلك تملَّكته ومن معه، الضغينة والبحث عن الثأرات، وهو ما ثاب عنه حين "هرِم" فطفق ينصح بمجانبته.
وأنا من ضمن آخرين، ظلَّت تتملكنا ولا زالت، الضغينة والبحث عن الثأرات، ولكن ليس فقط من أحداث بعينها وظلامات محددة وموثقة، بل من طريقة التفكير التي أوصلتنا وبلادنا لحافة الفناء بين الأمم، ومن نمط التعاطي مع الأزمات التاريخية الذي تعتوره مفاهيم الجودية عوضاً عن النظام والانتظام به والامتثال له، والعفو بدلاً عن المحاسبة ومطلوباتها، والتنازل المُذعن في سبيل السلام بدلاً عن التفاوض بعنوة واقتدار في سبيل ترسيخ هذا السلام. هذه المفاهيم والمعاملات في السياسة وغيرها من إرث الأخلاق السودانية (المُقعِد) هو الذي يجب بل الأولى أن يجري تمحيصه وتقويمه على مهلٍ حتى وإن حدث التغيير السياسي، وهذا هو ثأري وربما آخرين. أما البحث عن قبور الشهداء وضحايا الأنظمة المُستبِدة في تاريخ دولتنا فهي مُهمة ضمن مهمات أُخر، تقع في صلب رد المظالم وإحقاق الحقوق بشكل فردي من خلال نظام قضائي مستقل فيؤخذ كل مجرم بجرمه، بحيث لا تتم بشكل جماعي إلا في إطار بناء المقامات أو الأبنية التذكارية والتماثيل في الميادين العامة وغيرها من أشكال توثيق تواريخ الشعوب والاحتفاء بها والاعتبار منها.
الحركات الشبابية التي تسألني عنها يا دكتور هي - حسب فهمي لها- مصطلح لتكوينات قصيرة العمر بحساب السنوات، كسبها السياسي يقتصر على فترة الإنقاذ، ولكن الخسارات التي أبتليت بها كبيرة، فقد ولدت من رحم الاحتجاج على استبداد السلطة الحاكمة، ولكنها رضعت من ثدي رفض استبداد الأحزاب والتكوينات التي تعارض هذه السلطة، ونشأت على أكتاف الصراع بينها وحرس البوابات العتيقة، ولكنها تعلمت وخبرت منهم وعنهم الكثير. عانى من انضم لهذه التكوينات من الإرث الثقيل الذي خلفته ممارسات الأجيال السابقة لها، فلم تعد الإنقاذ هي عدوها الأوحد، بل وعت المفاهيم والممارسات التي صنعت الإنقاذ، فأصبحت هي هدفها الاستراتيجي للغزو، وما مقتل الأفعي إلا من رأسها.
قد لا تكون الحركات الشبابية وفق المفهوم آنف الذكر لوحدها في هذه العملية، أي عملية التغيير الشامل، وربما تأتي عملية التغيير الشامل نفسها بيد تكوينات أخرى في رحم الغيب، كما أن هناك احتمالات بأن تفشل هذه الحركات في سلوك دروب معبدة نحو هذا التغيير، أو قد تنحرف عن ما اختطته، فتقع فريسة لعلل السياسة والتنظيم. ولكن الراسخ حتى الآن أن ما احتازته من تجربة، سيكون على الأقل، صبغة تُتبع.
ربما أكون قد قصّرت في الإجابة أو لم أوفها حقها فهذا شأن شائك ولا تجدي معه مداخلات مبتسرة، ولكن للأمانة، فإن دخولي هنا ما كان إلا للتعبير عن تأييدي لفتح مثل هذه النقاشات والردود الناضجة عليها، فهي تصب في ما أرومه للقراءة لا الكتابة، على الأقل حالياً، وبالتالي لم يكن ببالي أن أصبح جزءاً منها. فالعُتبى لكل من قرأني ولم تكتمل عنده فكرتي..
ملحوظة: كلمة سائر يقول عنها لغويون ومختصون عرب بأنها تعني (البقية أو المتبقي والباقي) وليس (الكل) كما يُعتقد أو كما جرى ويجري استخدامها بين البعض. وفي ظني أن هذه الشبكة- بكسر الشين وسكون الباء- قد خدمت مقال البروف عبدالله علي ابراهيم، فبهذا تسنح له الفرصة بأن يُعتبر استخدامه لها قصداً، بحيث إن شاء، أن يدخل أو يخرج من يريد من هذه الزمرة.

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مسك العصاية من النـَّص

مشاركة بواسطة حسن موسى »


مسك العصاية من النـَّص

نشر بتاريخ: 20 تموز/يوليو 2014
ا




كنا اجتمعنا نخبة من المشغولين بالرأي والفكر من مشارب عديدة في الدوحة في مايو 2012 في محاولة لإحسان  الحوار في ما بيننا حول مأزق الوطن قبل كل شيء آخر. وتقدمت في نهاية جلسات الندوة بمشروع نداءات ليتبناها الجمع فتنشر باسمهم. وهي نداءات اتجهت لتعزيز الحوار الوطني بما اسميه "روحانياته". واقصد بذلك أن نلتفت بقوة وجراءة وأريحية للماضي نميط الأذى الذي وقع فيه من جراء الصراع الطويل السقيم في الوطن. فأكثر ما يحول دون الحوار الوطني (وليس هذه المفاوضات الجارية اليوم مع الحكومة المسماة حواراً تجاوزاً ويختلف فيها الناس) هو أن اياً منا محتقن بالماضي وثأره يظن أن طي سجله خيانة. فلا سبيل لحوار وطني تعتوره ثوابت تستميت عندها كل جماعة فتقطع الطريق إلى لقاء وطني جامع. فالماضي ليس خبرة بيدنا بعد لأن أكثرنا لم يستدبر فحيح جرحه لتتحدث "الندبة" (وهي أثر الجرح) والتي هي بداية الشفاء. وشملت الندءات مطلب أن تتواضع الأمة على تحقيق وطني شامل في كل حالات عنف الدولة والعنف المضاد لها يُعَين المسؤولية عنها، ويرد الحقوق، ويذيع الذكر، ويقفل السجل. وناشدت في نداء منفصل أن يشمل التحقيق بصورة خاصة ضحايا عنف الدولة والعنف المضاد في مثل كجبار بورتسودان وسوبا وجبال النوبة ودارفور وأم روابة وأم درمان والنيل الأزرق. وخَصَصت لأكبر حقوق ضحايا الدولة وغيرها نداءً مستقلاً ناشدت فيه بقيام الدولة والمجتمع بتوقير ضحايا هذا العنف بالبحث عن جثثهم مجهولة المدافن وردها إلى مثاو معلومة ظاهرة تزار. وكان الخاتمة نداء إلى علماء الدين بالكف عن إشاعة تهم الردة بخلق ديني، وسياسي، ومهني. وكنت أود أن يقترح الحضور موضوعات من هذه الشاكلة قاصدة بناء روحانية دينية وعلمانية تيسر لحوار وطني بدت لنا الحاجة الغريزية له، ولكننا نكاجر ونتجمل.

ولم تلق هذه النداءات قبول اللقاء فاحتفظت بها. وأذيعها اليوم ونحن قد تركنا خلفنا ذكرى يوليو "المرتزقة" ويهل علينا يوليو الشيوعيين. وكلها ذكر تضرجت بدم غال.      

طي سجل عنف الدولة والعنف المضاد

من بين ما يعترض تحقيق الصلح الوطني الصدور الموغرة من عنف الدولة والعنف المضاد لها خلال انتهاكات وقعت للدستور وفي حقوق الإنسان بالانقلاب والانقلاب المضاد والثورة المسلحة والقمع والمقاتل والتطهير والاعتقال التحفظي. ووقائع تلك الحادثات ما تزال "ضغائن" محتقنة لم تحقق فيها الأمة بصورة مؤسسية كما فعلت في "اضطرابات" الجنوب في 1955. وهو التحقيق الذي صار بيدنا بفضله وثيقة نحتكم إليها. وما أبطل الدعوات الصادقة للتعافي الوطني أنه ظل عاطفة سياسية لم تتنزل إلى الوجدان من خلال شغل ثقافي ساهر. ولن تقوم للتعافي الوطني قائمة ما لم تتحر الأمة ظلامات الناس من هذه الحادثات وتطوي صفحتها فيخرج الناس من خنادقها إلى رحاب الوطن أخوانا. لقد نشأت بيننا أجيال من أرامل الشهداء وذويهم لم تهدأ ثائرة رغبتهم في معرفة مصارع الآباء عن بينة. فقد سئموا طول اللجاج الحزبي لوماً ولوماً مضاداً حول تلك المقاتل.

ونناشد الحكومة والأحزاب والغرف التجارية والنقابات والاتحادات المهنية والجاليات السودانية وسائر المجتمع المدني أن تتواثق على تكوين لجنة وطنية عامة من رجال مشهود له بالذمة والخبرة للتحقيق في تلك الحادثات التي تتنزى منها "الأحقاد والفتن" فتخرج بكتاب منير يقيلنا من هائجات اللجاج إلى بر التاريخ. ونطلب من الدولة أن تستكمل لهذه اللجنة عدة التمويل والبحث بفتح خزائن أوراقها فتضع تحت تصرفها كل وثائقها من حصيلة لجان التحقيق ومضابط تحريات قسم القضاء العسكري وسجلات المحاكم العسكرية الإيجازية. وأن تزودها بتسجيلات الإذاعة والتلفزيون وقسم التصوير الفوتغرافي والصحف. ونناشد كذلك منظمات المجتمع إلا تألوا جهداً في حث أعضائها في روح السخاء للجنة بالمال والمعارف المكتوبة والشفاهية التي قد تكون بطرفهم. وستستمع اللجنة للشهود الأحياء وكل راغب في الحديث مباشرة أو بواسطة موقع على الشبكة العنكبوتية. لقد اكتنفنا التظاهر بتاريخ تلك الأحداث الدامية بدلاً عن الامتثال للتاريخ بوحي خبراء ينظرون إلى ما بعد هذه التظاهرات ويركبونها وينهون القطيعة بينها للاحاطة بهذه الحادثات الجلل من جوانبها كلها.

حق المثوى الأخير للشهداء

نجم عن عنف الدولة والعنف المضاد تشرد أليم لشهداء تلك المعانف. فقد أخفت الدولة قبور جيل من أولئك الشهداء الذين فدوا عقائدهم وقناعاتهم بالأرواح. واكتوت أسر كثيرة من فرط مجهولية قبور الشهداء منها. وكذلك تَبَلغ رفاق لهم الغصص وأحباب وحواريون. وهذا الحرج بالطبع بداهة تنشأ حين تتعرض الحقوق الطبيعية للانسان، ومنها حق المثوى الأخير المعروف، للخرق والكرب. وهي حقوق أصَّلتها الديانات والإنسانية الكلاسيكية حتى صارت فطرة وغريزة.

لقد أصبح الجسد-الجثة في دولتنا المستقلة مسرحاً لعمليات سياسية بلغت الدرك الأسفل من الخلق. فالحد الفاصل بين الجسد والجثة هو الذي مايز بين الساسية من جهة والدين والأخلاق من الجهة الأخرى. فبينما ينتمي الجسد للسياسية، وهي باب للخصومة والشره أيضاً، تنتمي الجثة للدين والأخلاق، وهما باب للعفو والطقوس. فقد بعث الله غراباً ليرى قابيل، الذي قتل أخاه هابيل ولم يوار جثته التراب، كيف يستر الغراب سوءة (جثة) أخيه الغراب. كما نهت الشريعة عن "المثلى" من مثل كسر عظم الميت وإهانته بأي صورة. وبلغت من السماحة أن أعطت حتى الكفار حق استرداد جثث قتلاهم في حرب المسلمين بغير مقابل مادي.

وعليه نلتمس من الحكومة تكوين لجنة قومية من رجال ونساء فيهم دين وانصاف وقوة يتحرون أمر "نبش" هذه القبور وفق سلطات إدارية وقضائية دقيقة. يردون كل جثة مضيعة إلى أهلها وقبيلها وأحبابها لتنعم بالأنس بعد الوحشة وبالدين بعد الجاهلية.

عنف الدولة وحق الاحتجاج

باتت جمرة كبيرة من المواطنين غبينة من ضروب عنف الدولة الذي تعرضت له خلال احتجاجاتها السلمية علي مطلب مشروع من مطالبها مثل تربص الدولة  بديارهم بإخلائها لمشروعات حكومية مرتجلة، أو بدورهم بكسرها، أو حماية ميدان عام من تغول دود الأرض المستثمرين، أو وقاية بئيتهم من التلوث. وسقط في هذه المواجهات، التي بلا داع، قتلى وجرحى. حدث ذلك في الضعين وسوبا والباقير وبري وغابة متو بالقضارف والقضارف نفسها والجبلين وكجبار والمناصير وبورتسودان وغيرهم كثير. وكانت الرسالة واضحة لأهل المسائل الموجية للاحتجاج أن الدولة لا تسمع ولا ترى وأن حقوق الناس في التعبير عن ظلامتهم يرقي إلى حرابة الحكومة. إن هذه الحادثات تؤرق الناس ما تزال وستظل ما لم يفتح ملفها من جديد بتحقيق منصف يضع نقاط المواجهات ومسؤولية الدولة وما اقترفه منسوبوها ويعوض المتضررين حتى يطوى الملف. إن الاحتجاج جزء كبير من حرية التعبير. ونريد من هذا التمرين من الدولة لمراجعة سجلها في الاعتداء عليه أن تربى مؤسساتها الشرطية والعدلية والأمنية على توقير المواطن وكفالة حقوقه. فلابد لهذه المؤسسات أن تتخلص بوعي وعزيمة من هذا التاريخ الفاسد لنثق في أنها أهل لسودان متصالح جديد. 

التكفير

ونتوجه بهذا النداء من جمعنا هذا إلى زملائنا علماء الدين الأجلاء وللجماعة خاصة التي درجت على إعمال سلاح التكفير لمصادرة حرية التعبير في معاش الوطن ومعاده. فلم يعد يسلم أحد في الطيف السياسي من نهش عقيدته وتسفيه صحيح دينه. ولقد ناشدناهم مراراً وتكراراً، وعقب كل حالة تكفير، أن يقسطوا ويعدلوا ويثوبوا إلى رحابة هذا الدين ويقبلوا بالخلاف الذي هو رحمة بل هو فرض رباني. واستنكرنا منهم أخذهم بسلطان التكفير جزافاً فشمل قادة مسلمين في الأوساط  الشعبية كحي الأزهري عوملوا بقسوة انتفت فيها روح الزمالة والتناصر على الهدى والحق. وراجعناهم وذاكرناهم وصبرنا على الأذى منهم. وما زلنا نلتمس منهم أن يخافوا فينا الله كأخوة مؤمنين. ولكن حبل الدفاع قصير وسنضطر إلى الهجوم إن لم نتراض عند حرية التعبير ورفع التكفير عنه. وسنواصل ثباتنا عند ما نعتقد حيث نحن مع بدء الهجوم بتكوين لجنة لرصد كل حالة تفكير ورفع اسم مرتكبيها إلى جامعاتهم التي تخرجوا منها لنزع شهاداتها عنهم لأنها لم تمنح للتمثيل بالرأى والخصم الفكري. كما سنرفع اسم كل مرتكب تكفير إلى منظمات حقوق الإنسان لحظره السفر وحضور المنتديات. إننا نأمل ألا نضطر إلى مثل هذا بحق أخوان لنا في الدين والوطن. ولكن فاض الكيل. ونأمل أن نصل إلى كلمة سواء تنزع فتيلة التكفير من حقل المعرفة والاجتهاد في بناء وطن مثقل يتخبط من مس الفتنة والبغضاء.


الرابط

https://www.sudanile.com/index.php?optio ... &Itemid=55
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مسك العصاية من النـَّص

مشاركة بواسطة حسن موسى »

معذرة للتكرار
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

سلام يارفاق النور احمد (اين الرفيقات؟)

كيف صحتك يا النور ... طولنا من مجادعات الفيسبوك.


ابو الحسن قشة (قصة) الشباب دي بقت اللحن الروتيني للمناضلين الذين يحنون نوستالجياً لإعادة انتاج ما ... تري هل فاجأهم العمر ام سوأة العاصفة في ساق الشتيل الني، عاصفة علاقات التراكم المعولمة المعاصرة التي أكلت وشربت ثم أكلت. وبقت كلمة الديناصورات ماتديك الدرب وبدون أي حساسية عمرية ناهيك عن الحساسيات المادية الأخري. هاك عبارة اخري أطلقها الشفيع خضر في لقائه النرجسي هذا الشهر في "حديث العرب" وفي عقر دارهم:

قال الشفيع خضر " العصر الراهن هو عصر الشباب . هناك أزمة في اليسار واليمين في استيعاب الشباب " !!!!! !


The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
ÇáäæÑ ÃÍãÏ Úáí
مشاركات: 552
اشترك في: الأربعاء يناير 27, 2010 11:06 am

عبد الله تري هل توهموا فيك من منقذاً؟

مشاركة بواسطة ÇáäæÑ ÃÍãÏ Úáí »

عبد الله تري هل توهموا فيك من منقذاً؟


نقلت بتاريخ 9 مايو رسالة لصديقنا عبد الله علي ابراهيم: « رسالة من عبد الله علي ابراهيم الي سائر شباب السودان، في ذكري20 يوليو 1971»، وقد تناولها الصديق حسن محمد موسي بالقراءة الرشيدة، وشارك عدد من عضوية «منبر سودان فوراوول» كل من الزاوية التي وقف فيها من تلك الكتابة.
ثم عاد الصديق حسن، بتاريخ الجمعة20/ مايو،ليلحق رسالة اخري للصديق عبد الله علي ابراهيم بعنوان «مسك العصاية من النص»، وحقيقة استوقفني العنوان، فقلت لنفسي وعلي [سنة التشكيليين] يا عبد الله: «يا زول ارجع شوية لي ورا، من اجل توسيع زاوية الرؤية، وهذه حيلة يرتكبها التشكيلي، حين يريد ان ينطر الي تخليقاته التشكيلية، من مسافة مكانية ونقدية حتي يطمئن الي تخليقاتها [ وهيهات] قبل ان يطلقها في فضاء البصر. وفعلاً تراجعت حتي اصبحت الرسالتان في مستوي نظري،
ودهشت لمتانة البلاغة التي شيدت بها الرسالتين للدرجة التي خفي عني في المرة الاولي انهما رسالة واحدة في مضمونهما : (الجودية) بين الضحية والمُضَحِي. ولعل هذا التموية البلاغي البارع هو الذي دفع صديقنا مامون التلب الي تلك الحماسة الشعرية في استقبال رسالة عبدالله علي ابراهيم، بذريعة خصويتها التي خصه عبد الله بها، وتلك مكيدة اخري من مكايد عبد الله كما سنري ،
تأكدت لي جدوي مكيدة التشكيليين في المعاينة؛ فرجعت للوري مرة اخري، وبدأت حيرتي تزداد، كلما ارجعت البصر كراتٍ، غير ان الرسالة الاولي، والتي كانت تتمحور حول ما ما دار في الدوحة (؟) عام 2012م والتي يقدمها عبد الله هكذا :«كنا اجتمعنا نخبة من المشغولين بالرأي والفكر من مشارب عديدة في الدوحة في مايو 2012 في محاولة لإحسان الحوار في ما بيننا حول مأزق الوطن قبل كل شيء آخر. وتقدمت في نهاية جلسات الندوة بمشروع نداءات ليتبناها الجمع فتنشر باسمهم. وهي نداءات اتجهت لتعزيز الحوار الوطني بما اسميه «روحانياته». واقصد بذلك أن نلتفت بقوة وجراءة وأريحية للماضي نميط الأذى الذي وقع فيه من جراء الصراع الطويل السقيم في الوطن. فأكثر ما يحول دون الحوار الوطني (وليس هذه المفاوضات الجارية اليوم مع الحكومة المسماة حواراً تجاوزاً ويختلف فيها الناس) هو أن اياً منا محتقن بالماضي وثأره يظن أن طي سجله خيانة»
وللمناسبة كان اسمها [ المقالة] عند اعادة نشرها : «نحو روحانية للتعافي الوطني في يوليو أحزاننا .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
نشر بتاريخ: 20 تموز/يوليو 2014 »
ومما زاد دهشتي ان اخونا عبد الله سكت عن ان يقول لنا من هي تلك «النخبة من المشغولين بالرأي والفكر»؟ هل هي جمعية ماسونية؟ وما هي محاور ذلك اللقاء الذي تم في الدوحة؟ ومن الذي نظم ذلك اللقاء؟ وما هي الاوراق الاخري التي قدمها المفكرون الاماجد «للتعافي الوطني» ولماذا خلص ذلك الاجتماع؟ ولماذا لم يقل عبد الله لماذا رفض مفكريه الاماجد تبني نداءآته؟ وبم برروا رفضهم؟ ثم سؤآل مهم لم هذا الحرص المحموم علي تسويق هذه «الجودية»؟؟ والتي اعدت نشرها عام 2014 بعد ان غيرت عنوانها؟؟
عجيبة هذه اللهفة، وهذا الاصرار علي تسويق هذه الافكار مهما كلفك الامر من مشقة اراقة ماء الوجه من اجل هذا التسويق، لما قال عنها صديقنا مامون التلب هل هذا الشعر:
«مقدّمة طينيّة:
هذه الرسالة، من أجمل وأعمق وأصدق الرسائل التي قرأتها مؤخراً، كتبها الصديق البروفيسور عبد الله علي إبراهيم. أنقلها هنا لقراء طينيا للمتعة المشتركة، وللاتفاق والاختلاف.»
ولما نشرها بصفته من «الشباب السائر» وكونها موجهة بصفة خاصة له ضمن ذلك الشباب، وعبد الله يعرف جيداً الموقع الذي يقع فيه مامون بين فئة هذا الشباب، وكون «الشباب السائر» مشغول هذه الايام بإشعال نار الغضب، والتي يريد عبد الله ان يبعد لهيبها عن «نظامه»، فهو مشغول بالوقفات الاحتجاية، لاهالي وذوي الطلبة المغيبين في مساجن النظام، صحبة الاذي والالم لهم ولذوية، هذا هو مكان المثقف الحقيقي؛ الي جانب المظلومين وضد الظلمة.
يا عبد الله هل انت واع الي هذا التحايل؟: تكتب ورقة لمؤتمر! او ندوة! لا نعرف عنها إلا انها « نخبة من المشغولين بالرأي..» وكتبت عند رفضها:« ولم تلق هذه النداءات قبول اللقاء فاحتفظت بها. وأذيعها اليوم ونحن قد تركنا خلفنا ذكرى يوليو «المرتزقة» ويهل علينا يوليو الشيوعيين. وكلها ذكر تضرجت بدم غال.» وفي كل مرة تكر يولو (الشيوعيين ويوليو (المرتزقة) وكأنك اعمي عشارات اليوليوهات؛ بل وعلي ربع قرت كانت فيه كل شهورنا يوليوهات!!
.. ثم اعدت نشرها في2014 بعنوان آخر، وابقيت المضمون كما هو، ثم اعدت توجيهها كرسالة خاصة منك للشباب السائر ،حتي كأنما العنوان عندك بتلك الحمولة البلاغية العالية قابل لان يكون باب لأي قول، متناسياً ادب العنوان.. هل انت مدرك لكل هذا التحايل؟؟
يا عبد الله لماذا تزكي نفسك لمنصب الوسيط النزية!؟ ودور المثقف اليق بك، ثم وفي هذا المشهد الا تراك تشبة فقهاء التراث الذين تولوا مهمة علماء الامة وفقهائها دون ان يوكلهم احد من المسلمين لهذه المهمة، حتي بلغت بهم الجراءة ان يعمدوا اثنين فقط «ابن حنبل والبخاري» اجماعاً فيا عبدالله، لم هذا اللهاث في مهمة لم ينتدبك لها اطراف النزاع، ورفضها «النخبة» التي ارتضيت ان تطرحها عليهم، وانصرف عنها «الشباب السائر » حتي الآن ، وانا اعذرهم كون اجندتهم مزدحمة بالكثير من المهام الوطنية.
يا صديقنا عبد الله، ان دور الوسيط؛ مجروح الذمة، ولم يرغبه احد لهذه المهمة لا يليق بقامتك، وباسهاماتك الثقافية المشهودة، انما اري الاليق بك موقف زولا من قضية درايفوس
انظر الرابط:
«https://www.sudan-forall.org/forum/viewtopic.php?t=9066&sid=7b8352dc82ea9c8dbb816dc8b3e5ed5e»
وهو دور المثقف المهموم بالدفاع عن من لا يستطيعون الدفاع عن انفسهم، والفضاء السوداني مزدحم بهؤلاء وبقضاياهم التي تلائم مواهبك.
ربع قرن يا عبد الله، تحت اقسي الانظمة الشمولية التي ابتلي بها السودان، تراكم الغبن والمظالم، ربع قرن فارقت فيه موقع استاذك، الذي بذل فكره ودمه فداء لمبادئه في الدفاع عن الوطن وعن قضايا العدل والحرية، وانت تنتدب نفسك لدور الوسيط،بين القاتل والقتيل!
كلنا يا عبد الله نعرف انك مسلم، بن مسلم ،بن مسلمة، وشيوعي سابق ومسلم حديث(!) حسب ما اعلنته في رسالتك المعنونة « النعيم ود حمد مسخت علينا كاليفورنيا» ثم تعود برسالتك الي «الشباب السائر» في مناسبة عنف مضي عليه نصف قرن او يقرب، لتعيده او لترسخه في اذهان «الشباب السائر» وكأنك تموه به كل سائر علي كل ارض الوطن؛ عنف فكري وبدني فاجر.
يا عبد الله وساطتك مشبوهة لاكثر من سبب، فانت تعتبر مرتد، ،لا يغيب عنك انت البدوي الفصيح [ الم يكن في يوم ما، اسمك بدوي؟] اقول لايغيب عنك ان الارتداد لغة: الذهاب الي مكان والرجوع منه ؛ اما الارتداد الفكري اود الديني فيقال ان تترك موقعك بين فريقك والارتداد الي موقع الخصم، وانت الآن في موقع الخصم، ومثل هذا الالتباس لا يصلح إلا في الشعر « فيك الخصام وانت الخصم والحكم» اما علي الارض المتفاوض علي اديمها والتي قال عنها الصديق حسن انها ارض «مفروشة بالجثث» في مثل هذا المشهد انت لا تصلح مصلحاً، هذه احدي قرائن تلك المشبوهية.
فانت يا عبد الله حين تركت موقع استاذك الذي بذل فكره ودمه للدفاع عن قناعاته ومبادئه، تركت خلفك الموقع، الذي مازال برجال نسائه و«شبابه السائر» ما يزال يتحمل عبئ الدفاع عن الوطن،واكتفيت انت ، من ضمن ما اكتفيتبه من غنائم موقعك السابق : صورة استاذك، والتي تستثمرها كأنها «الحصن الحصين» لتتقي ما ماتتوهمه غلاً موجهاً ضدك من الشيوعيين، وهي حيلة قادمة من نزاعات (الصحابة ـ الصحابة) في حرب صفين (37هـ) حين رفعت فرقة معاوية المصاحف علي اسنة الرماح؛ مكيدة لتحكيم المقدس، كونك تعتقد في قداسة عبد الخالق بالنسبة للشيوعيين، وبذلك فانت لا تمل من ابراز ذلك الحصن ، حتي انك تخترع له المناسبا وفي كثير من الاحيان من دون مناسب، رجل في بلاغتك لايحتاج لمناسبة!
كل ذلك يجعل وساطتك مشبوهة،
لقد عرض الصديق حسن لرسالتك «مسك العصا من النص» فوفي، ولكن إفرادك فقرة للتكفير فيها استوقفني، وحقيقة كلها مستوقفة! ولكن هذه الفقرة هبشت عش دبابير الاسئلة. فقد طلبت الي تلك «النخبة» ان يتوافقوا علي: «ونتوجه بهذا النداء من جمعنا هذا إلى زملائنا علماء الدين الأجلاء وللجماعة..»
ان تواجه هذه المعضلة الفكرية المزمنة، اليق بالمثقف من الوسيط، ولمن توجه النداء؟ الي زملائك(!) علماء الدين. كنت اتصور ان يحترز عبد الله المثقف القامة، قبل ان يطلق صفة «علماء» علي منتسبين لتنظيم ديني شمولي، بل ومن اسوأ الشموليات التي حكمت في الوطن العربي والاسلامي، ثم انت يا عبد الله تعرف قبل غيرك، ان علماء(!) الدين الذين توجه لهم النداء هم بشر ملوثون بالتراث، مسكونون بالماضي، ويستعينون بالتوابيت لإدارت الحاضر وتشكيل المستقبل، وتعرف ان هذا الاسلوب البائد من اساليب التفاوض لا تجدي في مثل هذه القضايا الفكرية الوعرة، وهم [علماءالدين] غير مؤهلين فنياً ولا اخلاقياً للدخول في مزالقها. وكان الاولي بك وبرفقتك من «النخبة» مواجهة مثل هذه فكرياً ودحر علماء الدين المزعومين الي الابد، هذا ما يليق بك،
ان افكارك التوسطية التي لا تمل نشرها وعرضها في كل مناسبة وفي لا مناسبة، والتي تنقات بها من الدوحة 2012الي sudanile 2014 بعنوان مختلف، ثم عنوتها كرسالة خاضة للشباب السائر. مليئة بالثقوب والمعايب، حتي اتصور انني كلما عدت لها عثرت بثقب، وعثرت علي عيب، ويخيل لمن يتفحصها بصر، ليري شبهة غرض يخو من براءة وراء هذا اللهاث والاصرار علي تسويقها، فمن ناحية التوقيت، تتوالي الازمات المحيطة بالنظام، واخفاقاته المتتالية في إدارة شوون الوطن، مما ينذر بكوارث تمس وجود النظام نفسه، الامر الذي يزعجك، ويدعم اصراركعلي تسويق تلك الافكار
هناك ازمات تحيط بالنظام من كل الاتجاهاتت محلياً واقليمياً وعالمياً، ولم يبق بيده إلا العنف الذي افتتح به عهده وما زال، ولم يقدم للوطن إلا المقابر، معلومة ومجهولة، والخوف الذي سكن كل مساحة من ماتبقي من وطن. فانت ترغب ان تحاشي النظام مغبة مظالمه، حتي كأن هناك من يحرشك ويدفعك الي هذا الموقف المشبوه! وهو موقف لا يليق بنباهتك الفكرية! تري هل توهكوا فيك منقذاً؟
أضف رد جديد