جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

"سياسة الجسد في السودان" في لندن

مشاركة بواسطة حسن موسى »




سياسة الجسد في السودان
[ ندوة "أجندة مفتوحة" ، لندن،أكتوبر2015]
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

أثناء معرضي في نهاية عام 2013، في "غاليري أوف آفريكان آرت" بلندن قالت لي صديقة من المتابعين لمعارض الفن الأفريقي أنهم فوجئوا بغزارة و حيوية الحضور السوداني في الإفتتاح و في المناقشة التي تلت الإفتتاح في اليوم التالي. قلت لها أن هؤلاء الحضور هم جزء من حيوية الحركة الثقافية و السياسية السودانية، و هي حيوية تسندها علاقات صداقة و قرابة آيديولوجية طويلة الأمد اصلها في السودان و فروعها في كل أنحاء العالم و لو قيض لي أن أحيي نفس المحفل الفني في سيدني أو في أبوظبي أو في واشنطون فسألتقي بحضور مشابه لهذا الحضور السوداني اللندني.
هذه المرة و أنا أستعد لزيارة انجلترا طلب مني بعض الأصدقاء الناشطين في مجموعة" أجندة مفتوحة" أن أقدم محاضرة عن مفهوم الجسد في السودان و استقر عزمي على الحديث عن" سياسة الجسد في السودان".
و أنا أحضر أوراقي للمحاضرة كنت أرى وجه لندن السوداني الحي بمجموعة الاشخاص الذين أعرفهم و أتشوق للقياهم كلما سنحت لي فرصة زيارة لندن.و حين وصلت لمكان المحاضرة تيقنت من أن الحضور قبالتي ليسوا مجرد وجه و لكنهم جسد بحاله يفكر و يتكلم و يريد.هذا الجسد الحي المثابر على المعارضة هو تعبير متقدم من وجوه سياسة الجسد في السودان. و هؤلاء الأشخاص الحاضرين هم الوجه المشرق لسياسة الجسد في السودان و أنا أحييهم و أشكرهم على سماحتهم السياسية و على أريحيتهم الإنسانية العالية.
مجموعة الملاحظات أدناه تلخص التفاكير التي استندت عليها في حديثي عن " سياسة الجسد في السودان". و أنا ابذلها هنا من باب تعميم الفائدة حتى يقرأها المهتمون الذين لم يحضروا منتدى أجندة مفتوحة، و الذين أطمع أن ينيروا عتماتها بتفاكيرهم النقدية المضيئة.




سياسة الجسد في السودان

ابدأ بتعريفي للعبارتين " السياسة" و " الجسد" , [ طبعا " السودان" الكنا عارفينو زمان داك "بقى في حق الله" و الليلة لازمنا تعريف للسودان الواقعي المتخلق أمامنا كل يوم ].
السياسة في تعريف المعاجم هي تدبير امور الحياة الجمعية في مجمل تحققاتها المادية و الرمزية. و تدبير أمر الحياة الجمعية مسئولية تفترض في من يتولاها أهلية معرفية و سياسية و أخلاقية تجعل الجماعة ترضى بمن يسوس أمرها .طبعا هذا هو الوضع الأمثل رغم أن واقع الحال السياسي يذكرنا كل يوم ببؤس الناس الذين ظلوا يدبرون أمور الجماعة السودانية منذ عهود طويلة.و في هذا المنظور أحاول مقاربة الطريقة التي دبر عليها ولاة الأمر السياسي الأجابة على أسئلة الجسد في المجتمع السوداني المعاصر.
الجسد في تعريف المعاجم هو ذلك الكيان المادي و المعنوي الحي المتحول و المتجدد و الطامح للبقاء على شرط الحرية.و أنا أوصف الجسد بصفة الكيان المادي و المعنوي لأن الجسد الإنساني هو جسد ينتج الخيرات المادية مثلما ينتج المعاني. و الجسد يمرر و يورث انتاجه المادي و المعنوي لـ "بني جلدته" ، كما تقول العبارة البليغة، مثلما هو يحيا ، او يموت،بسبيل صيانة هذا الإنتا البالغ التركيب.
ضبط الجسد
انطرح ضبط اجساد افراد الجماعة، منذ بداية المجتمع الإنساني، كأولوية سياسية و كضرورة بقاء للجسد المادي و الرمزي للجماعة.و إذا كانت المجتمعات الإنسانية قد استلهمت تنظيمها على صورة النموذج التشريحي للجسد [" الرأس المدبر" و "الصدر المتصدر" و" البطن الذي يبلع" و "اليد التي تصنع" و تبطش إلخ ..] فإن الثابت هو أن هذا التنظيم " التشريحي" لم يحدث في الغالب نتيجة للإختيار الحر لأفراد الجماعة، و إنما لأن هناك فئة داخل الجماعة حبذته على غيره كونها وجدت فيه ما يصون مصالحها. فموقع "الرأس المدبر" أفضل ألف مرة من موقع اليد التي تنتج، و اليد التي تنتج أو تبطش أفضل من "الكراع" التي تمشي. و الأهالي في السودان حين يعرِّفون انسابهم يعـُّلون من أسماء الأقوياء في شجرة نسبهم و يهملون التأكيد على اسماء الضعفاء، و قد سمعت أمي تقول في مناقشة عن انساب العشيرة " ناس فلان ديك كراع فروة ساكت"، و كراع الفروة هي الجزء غير المفيد في الفروة المصنوعة من جلد الحيوان.و كون التنظيم الإجتماعي لا ينتج عن الإختيار الحر لأفراد الجماعة ، فذلك لسبب بسيط هو أن الحياة في الجماعة تقتضي الشراكة في حاصل الخيرات المادية التي تنتجها الجماعة ككل بينما واقع تقسيم العمل داخل الجماعة يغري من يحتلون مواقع الحظوة في التنظيم الإجتماعي بالإستحواذ على ما يتجاوز نصيبهم المعلوم في الشراكة. و من هذا التعارض تتكون نواة التعارض في المصالح التي يتخلق ضمنها ما سيعرفه ماركس لاحقا بـ " تناقض المصالح" الذي سيجعل من مجمل تاريخ المجتمع الإنساني تاريخا للصراع الطبقي . و ضمن منظور الصراع فإن تاريخ ضبط الجسد هو في نفس الوقت تاريخ لتمرد الجسد على محاولات ضبطه و ضمن جدل الضبط و التمرد أحاول عقلنة سياسة الجسد في السودان العربسلامي المعاصر,
تاريخ ضبط الجسد
رغم أن موضوعي يتعلق بسياسات الجسد الحديث إلا أن هذا الجسد هو أيضا مستودع لذاكرة قديمة حفرياتها تتجاوز العصر الإنطيقي و التاريخ المكتوب.و في هذا المشهد أنوه بمظاهر ضبط الجسد بين العصر الإنطيقي و العصر الحديث بحيث يكون البعد الإجتماعي لتحولات الجسد بمثابة الخيط الذي يربط أحداث هذا التاريخ بطريقة منطقية.و أنا أبدأ بزليخة و أمر على الكنداكة و شهرزاد و عائشة و جماعةالنساء المجهولات اللواتي وقفن في وجه القهر الذكوري بطريقة أو بأخرى ، لغاية الوطنيات من فاطمة الحاج و عاشة الفلاتية لـ فاطمة أحمد ابراهيم أول نائبة برلمانية لرفيقاتها و بناتها اللواتي وقفن في وجه الغول في انتفاضات الشعب السوداني المتلاحقة التي تخلقت فيها صورة الشعب الأعزل ككائن سياسي فاعل و مريد و قادر على مواجهة الإستبداد.
إن تاريخ ضبط الجسد السوداني قديم و مركب من جملة من المكونات الطبيعية و الثقافية التي تراكمت في الذاكرة الجمعية للسودانيين.و لو أخذنا نموذج ثقافة الجسد في سودان وادي النيل الأوسط، و هي الجماعة المهيمنة داخل الفئة الأنثروبولوجية التي اسميها بالمجتمع السوداني العربسلامي.فإن السلطة الإجتماعية و الثقافية المهيمنة هي سلطة مطبوعة بالثقافة الذكورية الباترياركية حتى قبل دخول الإسلام في المنطقة.و رغم أن سودان العهد الإنطيقي يحمل عناصر من ذاكرة المجتمع الأموي الماترياركي تتبدى في سلطة الملكات إلا أن انتشار حضارة التوحيد غلـّب العناصر الأبوية بفضل المواريث اليهودية النصرانية و الإسلامية في التراكم الحضاري لسكان وادي النيل الأوسط.
و سياسة الضبط الذكوري لأجساد الإناث تتجلى بشكل مباشر في مجموعة القوانين و اللوائح الدينية و التربوية المنصوص عليها في النصوص المقدسة
في العهد القديم:

فحسب العهد القديم، تعتبر اليهوديّة أنّ نجاسة ولادة الأنثى ضعف نجاسة ولادة الذكر و عليه "إذا حبلت امرأة وولدت ذكرًا تكون نجسة سبعة أيام... ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يومًا في دم تطهيرها ... وإن ولدت أنثى، تكون نجسة أسبوعين... ثم تقيم ستة وستين يومًا في دم تطهيرها" (لاويين 12: 1 –5)
هذا الموقف نجده عند المسلمين في عادة فولكلورية نوبية تعرف بـ " المارية" حيث تخرج المرأة النفساء لتغتسل في النيل في أربعين ولادتها.
. " و في الأناجيل:
في النصرانية نقرأ في الإصحاح الحادي عشر من العهد الجديد رسالة بولس الأولى إلى أهل كورينثوس كورنثوس " و لكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح، و أما رأس المرأة فهو الرجل، و راس المسيح هو الله".
و في الإسلام
نقرأ في القرآن، نصوص تعرف مركز المرأة بالنسبة للرجل في المعاملات اليومية و الحقوق بكونها أقل من الرجل," الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم ..." [ النساء،34]، " و للرجال عليهن درجة " [ البقرة، 228].

التعليق على الصور

صورة


الكنداكة
صورة الملكة أماني و هي تنكل بأسراها تنطوي على دلالة قوية على سلطة المرأة في السودان الأنطيقي كشخصية سياسية قمينة بفرض سيادتها على أعدائها الذكور بوسيلة العنف الدموي.


زليخة رمبراندت، محفورة,

صورة


زليخة


زليخة ، امرأة عزيز مصر،هي صورة أخرى لسلطان المرأة في وادي النيل الإنطيقي ، لكن زليخة تمثل هنا، لا كممثلة لسلطان الدولة، فهي مجرد امرأة من الأرستقراطية المصرية و سلطانها مستمد من بأس طبقتها المهيمنة، لكن أهمية زليخة في مشهد العلاقة الميثولوجية للرجال و النساء في ذاكرة المجتمع المسلم [ أو النصراني أو اليهودي] تتمثل، من جهة أولى، في كونها حالة نادرة للأنثى التي تعبر عن رغبتها بلا مداورة. فهي تنظر لهذا الرجل الذي اشتهته و تقول له " هيت لك !"، ضاربة عرض الحائط بكافة اللوائح و الأعراف التي تضبط علاقة النساء و الرجال، لا في مجتمع مصر الأنطيقي وحده ، بل في كل مجتمع على الإطلاق. و من الجهة الثانية فشخصية زليخة مهمة لأنها تضرب عرض الحائط بلوائح و أعراف الفرز الطبقي كونها احبت رجلا من طبقة أدنى حتى لامتها نساء الأرستقراطية المصرية و قلن " امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه" و توصيفها بعبارة "امرأة العزيز"يموضعها في مركز اجتماعي يحرم عليها أي علاقة مع "فتاها"[و خادمها[ اقرأ: "عبدها"].لكن الأدب الديني يجد لزليخة عذرا مقبولا لأن " فتاها" ليس رجلا مثل غيره ، إنه نبي حباه ربه بجاذبية [ سيكس آبيل] لا سبيل لأنثى بمقاومتها ، حتى أن نساء مصر قطعن اياديهن و هن مأخوذات بجمال يوسف في حكاية التفاح الشهيرة.


و شهرزاد :

شهرزادساني المُلك

صورة


شهرزادليون باكست لإستعراض باليه دياغيليف

صورة
يعرف الجميع حكايات ألف ليلة و ليلة التي مكنت شهرزاد من إيقاف المذبحة و الهيمنة على زوجها الدموي بمكيدة الأدب. لكن لا أحد يعرف شيئا عن حكايات الفتيات اللواتي سبقن شهرزاد ، رغم أن كل واحدة منهن لا بد أن لها حكاية أو حكايات تسوى عناء الحكي..و بعد ان احتازت شهرزاد على السلطة و هيمنت على زوجها الأرعن كان في وسعها أن تسعى لإنصاف القتيلات البريئات و محاسبة هذا السلطان القاتل بجرجرته أمام محاكم الشريعة الإسلامية في بلاد المسلمين، كونه اغتال نصف بنات بغداد بدون اي وجه حق [ و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق] [الإسراء33]. لكن شهرزاد زاغت عن مسؤوليتها و فضلت أن تبقى زوجة وفية و تعتني بشؤون بيتها و تسهر على راحة هذا الأمير المجرم الذي لم يقتص منه أحد حتى مات في فراشه.
طبعا ليس هناك أي تفسير منطقي لموقف شهرزاد الخائنة لبنات جنسها و لتعاليم الشرع إلا بكون ألف ليلة و ليلة هي جزء من ترسانة الأدب الذكوري الذي غايتهاستخدام النساء لتسويغ شناعات الهيمنة الذكورية على جنس النساء . و الإحتفاء الكبير الذي تحظى به أيقونة شهرزاد اليوم في العالم أجمعه و من قبل الفنانين و الأدباء و الموسيقيين و أهل الفنون المشهدية ينبئ عن المسافة الطويلة التي ينبغي على المجتمع المعاصر إجتيازها قبل التفكير في بناء موقف نقدي إنساني من أحبولة ألف ليلة و ليلة.
لكن فيما وراء النصوص المقدسة فإن القهر الذكوري للنساء يتجلى في افضل حالاته عندما يوكل الذكور المهيمنون للنساء تولي مهمة التدابير القمعية لأجساد النساء.. ففي ثقافة الجسد في المجتمع السوداني التقليدي قبل الرأسمالي، تتولى النساء معظم عمليات ضبط الجسد ابتداءا من تعريف حدود فضاءات الحركة المتاحة لجسد النساء و و اعتقال الجسد في سلسلة من المحابس المادية [ الحريم/ الحجاب] و المعنوية [الحياء/ العورة/ النجاسة ] و الجمالية [تمتيع رجلها]. و في منظور الضوابط الجمالية يمكن الحديث عن تدابير القطع و الرتق[في الختان] و التشليخ و التثقيب [ في الأذن و الرشمة ] و الربط [ الملابس و الحجول ]. و قد تعلمت النساء في المجتمع التقليدي العربسلامي أن يعدن انتاج قهر النساء لأنهن يساهمن فيه بشكل نشط. فالمرأة التي يتم تزويجها تقليديا تجد نفسها مضطرة للحياة مع رجل غريب لا تعرفه، هذا الرجل الغريب هو الرجل الذي اختارته لها اسرتها بالتراضي مع اسرة زوجه[ بالتحديد مع أم زوجها]ا. هذه المرأة تبقى مجرد متاع عاطل عن أي فاعلية اجتماعية حتى تلد لزوجها و لأسرته ولدا ذكر. هذا الولد الذكر هو الرجل الوحيد الذي تعرفه في حياتها. و هو الرجل الذي يرفـّع وضعيتها الرمزية تجاه أسرة زوجها و يرفع رأسها كونه يتيح لها أن تمارس من خلاله هيمنتها على زوجته التي ستختارها له.و هكذا تصون النساء دورة القهر الجهنمية من خلال تربية ابائهن الذكور على قهر الإناث الأخريات.

شهرزاد ساني الملك 1849ـ1856 إيران

شهرزاد ليون باكست لباليه سيرج دياغيليف باريس 1910
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جسد رأس المال

مشاركة بواسطة حسن موسى »




جسد رأس المال :
في فترة المهدية شهد المجتمع السوداني آخر تمثلات الجسد ضمن الثقافة التقليدية. و في السياق المهدوي كانت الرعية تبايع الراعي على الحياة و على الموت و تبقى معه في حالة تلاحم و اندماج يجعل الراعي بمثابة الرأس الحقيقي لجسد الرعية المكون من جملة النساء و الرجال الواعين بإنتمائهم للجماعة. لكن المهدية انهارت تحت ضربات العنف الرأسمالي الذي استخدمه سدنة رأس المال الكولونيالي لدمج المجتمع السوداني قبل الرأسمالي ضمن دورة إقتصاد رأس المال.و قد شهدت عقود بناء الدولة الحديثة عنفا ممنهجا متكاملا طال كل السودانيين على المستويين الرمزي و المادي،و ذلك بغاية إعادة برمجة تعليم الجسد ليتوافق مع مقتضيات المجتمع الحديث.و هو تعليم متكامل يشمل كل أوجه ثقافة الجسد و تساهم فيه كل مؤسسات الثقافة الحديثة المادية و الرمزية، فالمدارس الحديثة و دواوين الخدمة المدنية و خدمات الصحة العامة تأسست على نموذج التنظيم العسكري الذي يسود فيه منطق الضبط و الربط العسكريين و كان موظفي الخدمة المدنية في مختلف قطاعاتها يرتدون زيا عسكريا. و قد كانت المؤسسة العسكرية في قلب حركة التغيير الحضري و صار الجنود، الذين كان جيل آباءهم يقاتل و يستشهد من أجل المثل الدينية أو القبلية، صاروا يقاتلون من أجل الراتب الشهري ، بل بلغ بهم الحال حد السفر للقتال فيحروب البلاد المستبعدة مثل حرب المكسيك في نهاية القرن التاسع عشر أو في حرب شمال أفريقيا ضد الألمان في الحرب العالمية الثانية. مع استقرار نمط الحياة الحضرية الحديثةو تعلم الناس كيف يسكنون وفق العمارة الحديثة و كيف يتنقلون في وسائل المواصلات الحديثة و كيف يأكلون وفق إرشادات التغذية الحديثة و كيف يلبسون وفق موضات الزي الأفرنجي ، فلبس الرجال الشورت و البرنيطة و سفرت النساء و قدن السيارات و ركبن الدراجات و هجرن الشلوخ ووشم الشفة و هجرت بناتهن الثوب التقليدي و خرجن للدراسة و العمل " موضة" . بل و تعلموا كيف يحبون و كيف يعبرون عن عواطفهم على نماذج الأدب الأوروبي الحديث حتى صار الشاعر الحضري يتغزل في " زهرة روما" النصرانية التي تحيا وسط الجالية الأوروبية في الخرطوم، و في الشعر الأشقر [" سال من شعرها الذهب فتدلى و ما انسكب إلخ"] و القد الرشيق. و تفرقت بهم متع الجسد الحديث فصار الرجال يرقصون أمام الفتيات بعد أن كانت غواية الفتيات تتم في ساحة البطان من أجل شبال خاطف إلخ .
ظل برنامج إعادة تعليم الجسد ليندمج في حضارة الإنتاج الرأسمالي هو المشروع المهيمن في ثقافة الحداثة التي يعيشها السودانيون منذ مطلع القرن العشرين.
أمام هيمنة نموذج الجسد المكرس للإنتاج الحديث اضمحلت صورة الجسد التقليدي و انحطت صورته لمقام الموضوع الفولكلوري الذي يحتفي به الناس احسانا و هم يعرفون أنه زمان مفقود بشكل نهائي. هذه الوضعية الجديدة خلعت السودانيين من ثقافة الجسد التقليدي التي تكونت ضمن المجتمع قبل الرأسمالي لكنها لم تؤهلهم للإندماج في ثقافة الحداثة الجسدية التي جلبها الأوروبيون. و تحت ضغط تناقضات المجتمع الحضري الحديث لجأ سودانيو الحواضر لفضاء الفولكلور الذي مكنهم من إتخاذ مسافة أمنية من جسدهم القلق المتحول و المتوجس الذي لا يعرف الثبات، فغادروا أجسادهم ينظرون إليها من مبعدة و يجلونها أو يسفلونها بإفراط حسب المصلحة التي تتبدى لهم في هذا أو ذاك. وفي عز الإضطراب الرمزي الكبير اخترع السودانيون مخرج" الجسد المـُفـلكر"
الجسد المفلكر، أو الجسد الفلكلوري ، هو الحل الذي توصلت له ثقافة الطبقة الوسطى الحضرية في السودان كتعويض زائف عن فقدان جسد البادية الطوباوي البائد و كعزاء ملتو عن تعذر الإندماج في ثقافة الجسد الحديث التي يطرحها المجتمع الصناعي.
هؤلاء الحضريون لم ينسوا جسد الزمان البائد، زمان ثقافة التقليد قبل الرأسمالي، حيث كانوا يخاطرون و يخرجون لطلب المال في تيه البلاد الواسعة. هؤلاء كانوا هم " أولاد البلد" و " عيال ابجويلي الكمبلو و عرضو في دار كردفان.." و دارفور و دار فرتيت و دار واق الواق يقومون و يقعدون " على كيفهم" دون ان يؤرق خاطرهم شك في امتيازهم أو تقلقهم اسئلة" الهويولوجيا و قضايا حقوق الإنسان إلى آخر كلام الشعراء. بل كانت اولويتهم تتلخص في جلب " المال" من" دار الحرب" و "المال" في ثقافة عربسلاميي المجتمع قبل الرأسمالي لا يقتصر على الذهب و الجواهر و العاج و الجلود و الحيوانات و إنما يشمل البشر و ما ملكت الايمان..
في ذلك الزمان كان تأهيل الجسد التقليدي يمر عبر سلسلة من طقوس العبور نحو قيمة " الرجالة". و في هذا المشهد يمكن أن نأخذ عادة الـ "البطان" التي يتجالد فيها الصبيان أمام الملأ، كطقس عبور، دخول حلقته فرض عين على كل من ينوى الإنضمام لجماعة " الرجال" في قبيلة مقسمة بين فئتي الرجال و النسوان. بين الفئة المهيمنة و الفئة المهيمن عليها.و الإنتماء لعصبة الرجال القوامين المهيمنين لا يتم إلا بعد ان يعبر الصبي المرشح للعبور جملة من الإختبارات تحت بصر و سمع الشهود و المحكّمين الذين يؤهلونه و يمنحونه الإجازة و يشهدون بجدارته كراجل امام ذاكرة العشيرة.. لكن زمان الرجالة انقضى بعد هزيمة" كرري" و هيمنة رسل حضارة رأس المال على كل شيء.بعد الهزيمة العسكرية و الرمزية صار الذكور الحضريون في حيص بيص لا يدرون فيه كوعهم من بوعهم.
و في هذا المقام اكتشف العربسلاميون الفولكلور كملجأ آمن من عواقب الزلزلة الرمزية الكبيرة التي أعقبت هزيمة الجسد التقليدي، و الفولكلور فضلا عن كونه يمنح الباحثين عن الجسد المفقود ميزة المسافة الأمنية من تراجيديا جسدهم الشخصي فهو يتيح لهم انتحال أجساد الآخرين و هم في مأمن من مخاطرالشيزوفرينيا الرمزية،و قد قرأت بعض كتاب الأسافير السودانيين المعاصرين يدافعون عن عادة ختان الفتيات باعتبارها جزء أصيل من ثقافتهم الإفريقية[ أنظر الرابط
https://sudaneseonline.com/msg/board/60/ ... rn/27.html

] مثلما قرأت بعض فتاوى ديوان الإفتاء السوداني التي تنتحل لختان الفتيات اصلا في نصوص السنة النبوية، و هي كلها فتاوى ذكور لا يراودهم الشك في كونهم ينطقون عن الحق. و قد شهدنا الرئيس الأسبق جعفر نميري في احتفالات تتويج رث الشلك يتنكر في زي زعيم شلكاوي كما شهدنا الرئيس الحالي عمر البشير يتنكر في زي زعيم دينكاوي. هذه الإنتحالات الرئاسية أملتها المناورة السياسية الغوغائية التي ألهمت هؤلاء الرؤساء أنهم يمكن أن " يخموُّا" الشعب الأمي بإرتداء ثوب فرعون الشهير. لكن ظاهرة انتحال أجساد الآخرين تتجاوز الغوغائية السياسية الغليظة لتتجلى في مستوى خصوصية التعبير الأدبي و الفني للأاباء و بنات الطبقة الوسطى العربسلاميةفي السودان الحديث. و قد انتج أدباء الطبقة الوسطى آيات فريدات من التصاوير الأدبية التي تمجد ثقافة الجسد الريفي الضائع من خلال تكريسه كأثر خالد لا يعرف التبدل. هذا التكريس اتخذ شكل" فلكرة" الثقافة التقليدية البائدة.
و لعل أفضل مثال على" فلكرة" الجسد السوداني يمثل في قصيدة الشاعر اليساري المعروف عمر الطيب الدوش المسماة بـ" سعاد" و التي يتغنى بها الكابلي . في هذا النص ينتحل الشاعر الحضري شخصية المزارع الفقيرو يتكلم في لسانه الريفي و يكاد يشتبه به فلا ندري اين ذهب الشاعر الحضري الذي نعرف أنه منخرط في النضال من أجل قيم الحداثة الثورية التي يسهر عليها رهط التقدميين السودانيين منذ أكثر من سبعة عقود.

ماذا حصل داخل المجتمع السوداني في العقود الأخيرة حتى صار الناس يبعثون الحياة في اوصال الطرف الميت من الثقافة الموروثة؟و ما الذي يحفز الشعراء الحداثيين ( وهم كثر بجانب عمر الدوش ) على الإحتفاء بالممارسات الثقافية التي تمخضت عنها مؤسسات الثقافة التقليدية التي ناصبوها العداء بقدر ما عارضت مشروع حركة التقدم و الديموقراطية في السودان؟
إن إنتحال الشاعر المديني التقدمي الحديث لحال المزارع الراكز في حلقة البطان يستحق ان نتأمله على مستوى صناعة النص الأدبي مثلما يستحق ان نتأمله على مستوى انثروبولوجيا الأدب الحضري الحديث .و في ظني ان كل نظرة قمينة بأن تعود علينا بأكثر من موعظة في خصوص ظاهرة الإحتفاء بالبطان بين اهل الحواضر السودانية اليوم.


يقول الشاعر المتباطن وسط المدينة
"..
تكّكت في الراكوبة بالحنقوقة سروالي الطويل"
..
رغم ان الشعراء ـ كما جرى في الأثر ـ
" يقولون ما لا يفعلون" إلا أن
صورة عمر الدوش في "آليغوري" المزارع الأمي الفقير في سرواله الطويل المتكك حيرتني و أفسدت علي بهجة المقاطع الشعرية عالية القيمة في نص "سعاد"..
لقد عرفت الصديق الشاعر الراحل في سبعينات العمل العام و هو في هيئة بعيدة عن هيئة المزارع الريفي الراكز في حلبة البطان..
في تلك السنوات كنا نعتني بالملبس(البنطلون الشارلستون "كراع فيل" المحزّم بحزام عريض
و القميص المشجر المخصّر ذو الياقة المستطيلة و الحذاء ذو الكعب العالي) و بهيئة الجسد ( الشعر على موضة ال"آفرو" "بلاك بانثرز") على زعم مضمر فحواه أن مجمل هيئة
الجسد في حركته ( الرقص و الرياضة) و سكونه ولباسه ما هي إلا بعض من
وجوه الإنخراط
في الخطاب الإجتماعي ( و السياسي) الرافض.
بل كان العامة
ينادون الشباب الضالع في
الغواية الجسدية المستحدثة بـ " الرافضين"".
أقول حيرتني صورة الشاب الريفي الذي
يتكّك سرواله الطويل بالحنقوقة في الراكوبة لأن عمر الدوش الذي خبرناه كان طرفا في حركة " الرفض " العفوية

التي اتخذت من المظهر الجسدي وسيلة لطرح خطاب جمالي( و سياسي بالضرورة)
قوامه التمرد على الموروث من نظم التمثيل الجسدي ضمن فضاء المجتمع السوداني.و عمر الدوش لا يكتفي
بصورة السروال المتكّك ، لكنه يقتحم حلقة البطان و يركز
" شان البت سعاد
أصلي
عارف جنها في زولا بيركز و ينستر"
و " البت" إياها الجننت الشاعر خبرنا نموذجها
على هيئة زولة بت مدينة، مثقفة، متحركة بين إجتماعات الجبهة الديموقراطية و نادي
السينما و المسرح الجامعي و حفلات معهد الموسيقى و معارض كلية الفنون إلخ لا سبيل
لها لفهم شفرة موقف البطان الذي يقفه الشاعر إلا ضمن مباحث الفولكلور البائد.هذه
" البت" التي يجرها الشاعر معه لحلبة البطان ـ لا إيدها لا كراعها ـ لا بد أنها
استشعرت وحشة كبيرة تفصلها عن هذا العاشق السكران الذي يحتمي بخدر الكحول من لسع
السياط .ترى أي شيطان من شياطين الشعر ألهم عمر الدوش ـ الشاعر الحديث ـ أن يتطفل على حلقة الرجال المتباطنين و يفسد عليهم جلال طقس البطان المتوارث عبر أجيال ثقافة التقليد؟ مندري؟


هذا الجسد المزيف هو جسد يجسد الإلتواء الأخلاقي الذي يميز صورة الجسد الحديث الذي ينتحل صفات الجسد التقليدي لييموه بها عجزه عن تحقيق حريته الإنسانية.

سأعود






صورة






صورة








صورة


ثمة قناعة رائجة بين أدباء الحواضر العربسلامية فحواها أن إناث البوادي و الأرياف يتمتعن بحرية جسدية و عاطفية أكبر من إناث الحواضر، و هي قناعة لا يسندها سند بخلاف الإسقاط الإكزوتي الإعتباطي لجماعة الأدباء الذكور المتضجرين من ضوابط الحياة ضمن الالمجتمع الحضري العربسلامي. و هم يتصورون مجتمعا حرا من الضوابط فردوس مفقود بعيد يهربون إليه من عسف الثقافة التي أنتجتهم. و للنور حمد في هذا الصدد تفاكير شيقة في مكتوبه عن الأدباء الهاربين للبوادي و الأرياف, و لا يحتاج المراقب لكثير عناء حتى يرى جملة الضوابط المادية و الرمزية التي تلجم أجساد الإناث في مجتمع البوادي و الأرياف بدءا بإلتزامات العمل اليومي مثل تهيئة الطعام و جلب الماء و الزراعة و تحويل المنتجات الحيوانية و خي كلها تقنيات تنتهي إلى ضبط أجساد النساء الريفيات في إطار العمل اليدوي اليومي أما عن ضوابط الجسد الرمزية فحدث، لأنها بلا حصر أبتداءا من تدابير الحماية[ الختان] لغاية تدابير البتر و الثقب و التشليخ و الوشم المفروض فيها تعليم جسد الفتاة كأنثى و كتابة وظيفتها ضمن المجتمع الذي تحيا فيه على مسند الجسد.


صورة


كان البطان في المجتمع التقليدي طقس عبور يتأهل من خلاله الطفل لدخول عالم الرجال يحفزه لتحمل بلاء الألم نظر النساء المعجب لكن بطان الشباب في حواضر السودان المعاصرة صار نوعا من طقس عبور نحو نظر جمهور منابر التواصل الإسفيري لأن المتباطن يدخل الحلبة و يصبر على بلاء الألم و عينه على كاميرات الفيديو التي يعرف أنها ستوصل صورته لذلك المسرع الواسع بعرض الدنيا كلها و يحفزه مانحو اللايكات في فيس بوك و خلافه.


صورة

صورة ود حبوبة و هو مقيد قبل شنقه تحدث بلسان حال الجسد عن العنف الإستعماري الذي أوقعته قوى رأس المال بأجساد السودانيين في مطلع القرن العشرين. هذا العنف، عنف رأس المال اتصل على يد السلطات الوطنية التي ورثت من المستعمرين قهر المعارضين و سحلهم و تعذيبهم. و كل من ينظر في صورة الفنان الراحل و هو يتلقى جلدات السلطة يملك أن يرى في وقفته ود حبوبة آخر في مكان اسمه الوطن.


صورة

,

.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جسد الخروج

مشاركة بواسطة حسن موسى »




جسد الخروج
أعني بالخروج فعل العصيان الواعي الذي يضطلع به النفر المتمرد على أعراف و قواعد بالية صارت مراعاتها أدخل في صيانة الرجوع و الموت.و فعل الخروج يكسب أصالته من حيث كونه يتحقق حيث لا تتوقعه السلطات المحافظة.هذا الجسد الخارج الذي يعنيني هنا هو جسد مؤنث مناقض للجسد الذكوري المنافق الذي رسم صورته عمر الدوش[ و آخرين]من أدباء الطبقة الوسطى الحضريةفي السودان العربسلامي.
هذا الجسد المتمرد يتمرد لأنه يجد نفسه في وضعية حصار لا يستطيع معها سوى التمرد و هو واع بأن فرصته في الحياة على شرط الحرية، ضيقة و وجيزة و محفوفة بالموت و العنف الذكوري المتربص عند كل منعطف. في هذا المنظور طاب لي النظر في ظاهرة حضرية جديدة اطلقها بعض الشباب الخرطومي في الأشهر الماضية و روجت لها مواقع التواصل الإسفيري، و أعني ظاهرة الشبان و الشابات الذين يقفزون في النيل من فوق كوبري توتي.
تهمني هنا صورة الجسد المؤنث الذي يخاطر بالإنعتاق، من كافة القيود الإجتماعية و الرمزية و المادية، لثوان معدودات يبقى فيها الجسد بين الكوبري و النيل. هذه الثواني هي هي ديمومة الحرية الهشة الفانية التي يستغرقها فعل القفز. [1]

لو كان ممارسو لعبة القفز من جنس الذكور وحدهم لكنا وجدنا الأمر عاديا، كتنويع رياضي في ممارسة السباحة التي هي، في نهاية التحليل الشعبي، لعبة من ألعاب الصبيان الذكور، لو تقحّمتها فتاة فأمرها يقوم كإستثناء نادر يؤكد القاعدة العامة.و هي ان الفتيات لا يسبحن ،عدا السباحة السودانية الفريدة و المعرفة بالألف و اللام في مشهد الرياضة السودانية، " سارة جاد الله"، و التي لا يعرف السودانيون سبّاحة غيرها!.
الصور التي شهدتها، في" فيس بوك"،لا تجيب على الأسئلة أعلاه لكنها تعرض مجموعة من الفتيات، دون العشرين غالبا، و هن، في لحظة القفز، معلقات في الفراغ الذي بين الكوبري و النيل.و يبقى من كل هذا أن صور الأشخاص القافزين تنطوي جميعها على ذلك الشيء المشترك الذي يثـبـّت للأبصار و للبصائر تلك اللحظة الفريدة التي يتحدى فيها جسد الإنسان قوانين فيزياء الأجسام و يماطل قانون الجاذبية الأرضية لثوان هي، في حقيقتها الرمزية، لحظة حرية ممنوعة على غير جنس الطيور!. هذه " الحرية" المختلسة اختلاسا من عمر الزمان، هي الكلمة المفتاحية لعقلنة هذه اللعبة التي ألهمت الصبايا اليافعات ركوب مخاطرة القفز البالغة التركيب، و التي لا جائزة أو مكافأة فيها بخلاف إنجاز فعل القفز باعتباره جائزة التحرر من مجموع الاثقال الرمزية و المادية التي راكمتها الطبيعة و الثقافة و السياسة على كواهل البنيات المتمردات الخارجات من غمار شعب المدينة. و إشارتي لـ "غمار شعب المدينة"، مستنبطة من تـأملي في سحن و هيئات الجمهور الشاب المعلق على حاجز الجسر الحديدي في وضعية من يتهيأ للقفز وراء القافزات. و هي وضعية تمكنه من متابعة الحدث بأكمله، من لحظة إجتياز الحاجز الحديدي و الوقوف على شفير الهاوية، للحظة القفز، للحظة الغطس و لحظة الخروج من الماء.هذا الجمهور يمنح القافزات هوية إجتماعية شعبية و، في نفس الوقت، يصعّدهن لمقام بطولي قصير الأمد مشحون بقدر من التشويق المكثف الذي يكسب الحدث ثقله المسرحي.كم هو غريب و مشاتر هذا الحدث المسرحي الذي يسخر من وهم " الحائط الرابع" الذي يفصل الممثل عن الجمهور و يمد لسانه لكافة الإصطلاحات المدرسية التي تصنع الفعل المسرحي فيما أورثنا تقليد المسرح الأوروبي . هذا المسرح[ قل " مسرح الكوبري"! ]، هو مسرح مؤقت ، حر، مرتجل، هش، و مجاني و فاني، يخرج الممثل فيه من صفوف الجمهور، يتقدمه، و يخاطبه خطابا يستغني عن لغة الكلمات بأدب الجسد الحاضر في الزمان و المكان.هذا مسرح الممثل فيه لا يواجه الجمهور ليخاطبه بلغة الكلام المباح، فهو لا يحتاج للكلام الذي يصدر عن الوجه و العين و اللسان. الممثل هنا لا يعرف الثرثرة، إنه يولي الجمهور ظهره و هو واثق من أن الأبصار و البصائر المحتشدة من وراء ظهره تتابع كل جزيئات هذه المخاطرة المشهدية الفريدة. و أهل المسرح الحق لا يستغنون عن المخاطرة كونها تمثل بالنسبة لهم السياق المثالي الذي يتيح للفعل المسرحي ان يتحقق كشراكة في لحظة الخطر الوجودي المتخلقة، عفو الخاطر، بين الممثل و الجمهور . و " لحظةّ الخطر الوجودي" هي تلك اللحظة التي تميز الخلق المسرحي، بوصفه علاقة خاصة بين الممثل و الجمهور،تميزه عن غيره من المحافل التي تلمّ الناس في التجمعات العفوية التي تنعقد على ذرائع الغناء و الرقص او الرياضة او العمل او القتال.و هي محافل ثلم فاعليتها ركام الإتفاقات الإجتماعية و لوائح السوق و الذوق العام.أقول بأن لحظة الخطر الوجودي في مقام الفعل المسرحي ، هي لحظة أهم ما فيها أنها تتم على إختيار طوعي من قبل الطرفين، إختيار مضمونه اقتسام متعة الحدث المشهدي.فالممثل يقف على مسرحه المرتجل و هو واثق من حضور الجمهور و متابعته للحدث، و الجمهور يحضر و ينتظر و هو واثق من أن الممثل سيشرّكه في فعل المخاطرة المسرحية الفريدة، و هذه في نظري الضعيف أعلى درجات الإحسان الجمالي
.
كتب بعض الاصدقاء محيلا مسلك القافزين لباب الإحباط السياسي و قال : " ربما لكونهم لم يستطيعوا إحداث وثبة في الشارع فجعلوها في النيل" . و هي قولة تنبه للمضمون السياسي المضمر في حركة الصبايا القافزات ، لكن ربما كان من الإنصاف تعديلها لتصبح : ربما لأنهم انتبهوا لأن الإنتفاضة السياسية في الشارع هي وثبة آحادية البعد ، تفتقر للبعد الجمالي الذي يحفز الناس على الإنخراط فيها و تخليقها كعمل ثوري في المعنى الأصيل لمدلول الثورة. و في نظري القوي فنوع الوثبات القائمات على وصفات السياسة "اللينينية"، التي تعطي الساسة المحترفين حق القوامة السياسية على الشعب، صار مكانها دور الوثائق و متاحف التاريخ السياسي فالثورة لن تكون بغير جمالية جديدة تمنح الجسد حقوقه التي صادرها سدنة الثبات

هؤلاء القافزون و القافزات ،الذين يحضـِّرون قفزتهم بتركيز كبير ، هم في حقيقتهم السياسية،يمثلون الوجه الآخر لجماعة الشباب الغر الذي قفز بغير نقد في مسارب العصاب الديني التي هيأتها لهم ملابسات الصراع الطبقي المتجلي في أشكال العنف السياسي، فانبتـُّوا في المتاهات المدممة للسياسة السودانية.و القافزون و القافزات الذين شهدوا أخوتهم الأكبر سنا يموتون غيلة في الحرب الأهلية أو في مظاهرات الحواضر السودانية مثلما خبروا مسلسل الإهانة و الإذلال اليومي في حق اهاليهم من طرف السلطات،صاروا يعرفون أن ليس هناك مخارج كثيرة يعوّل عليها للخروج من الأزمة الشاملة التي تطبق على الحياة الإجتماعية في السودان. وفي نهاية المطاف لم يبق أمامهم سوى هذا المسرح المجاني الذي يهيء لهم فرص النجاة من الغم المقيم في المخاطرة المشهدية ، و لسان حالهم يقول: أيها الشعب المدمّم المقهور المغلوب على أمرة،انهض و خاطر ! مازالت هناك فرصة أخيرة للنجاة في المخاطرة!.و حين يصبح فعل الخلق المسرحي مخاطرة فما ذلك لأن أهله ولعون بالخطر و إنما لأن مجمل حركة الأنسان السوداني أضحت مخاطرة يومية مستمرة
فعل القفز الذي تقوم به الفتيات السودانيات إنما يندرج ضمن سلسلة طويلة من القفزات التي اضطلعت بها النساء السودانيات لإنتزاع حقهن في الوجود و في الحركة داخل الفضاء العام.و على أثر القافزات ستتقدم مجموعات جديدة غير متوقعة من النساء السودانيات القادرات على شرعنة وجود الجسد المؤنث داخل الفضاء العام على شروط الحرية .و تاريخ الحركة النسوية السودانية عامر بأمثلة التمرد المضيئة.فبعد أكثر من عقدين من بروباغاندا الإسلاميين التي تنظر للمرأة كعورة لمجرد كونها أنثى ، تقف الشابات السودانيات المسلمات في الفضاء العام ليجهرن بمطالبهن المهنية و السياسية و الجمالية، و هو موقف ما كان له أن يكون لولا التاريخ الناصع لمسلسل التمرد الذيطبع تاريخ الحركة النسوية السودانية..

........
[1]ـ هذا الجزء من محاضرتي هو إعادة كتابة للنص الوارد ضمن مداخلات خيط" جيوبوليتيك الجسد" في المنبر فمعذرة لمن أحسوا بالتكرار في الخيط



.

صورة





.

صورة


صورة السباحة السودانية الأولى ، سارة جاد الله، هي بعض من إشراقات ذلك الزمان العامر بتناقضات الحداثة في سودان السبعينات.في ذلك الزمان ساد بين السودانيين تفاؤل كبير فحواه أن كل شيئ ممكن و أن التنمية الإقتصادية ستجعل من السودان سلة غذاء العالم و أن الفن و الأدب و ضروب التعبير الجمالي ستهزم الظلاميين و أن الديموقراطية آتية باسلوب سوداني و أن الإشتراكي السودانية في متناول اليد. بالنسبة لنا لم تكن سارة جاد الله مجرد سباحة فقك كانت أخت نجاة زميلتنا و صديقتنا في كلية الفنون كما كانت ابنة جاد الله جبارة أحد أعلام الرواد السينمائيين في السودان.و حين وقعت على صورتها في بعض منابر التواصل الإسفيري هالني التكالب العدواني على براءة الصورة، حيث بدا جليا مسعى " ستر" الجسد المؤنث من خلال سلسلة من التدابير الغرافيكية الفجة من نوع تسويد جزء من الصورة و استنساخ الكاس و موضعته بحيث يغطي جزء من الصدر.لا بد أن خاطر من قام بهذا العمل الشنيع كان موزعا بين الحس الوطنوي الذي يجعله يحرص على نشر الصورة و الحس الديني الذي يحفزه على ستر العورة.عجبي..


.

صورة


مرة سخر صديقنا و استاذنا الفنان جرجس نصيف من عبارة " الزمن الجميل" قائلا يا أخوانا إنتوا الزمن الجميل دا وين؟ أنحنا تظاهرنا بعد الإستقلال اعتقلونا بنص قانون النشاط الهدام و عارضنا نظام عبود اعتقلونا و بعده عارضنا نظام نميري برضو اعتقلونا و لي يوم الليلة دا أنحنا معتقلين! زمن جميل بتاع شنو؟! لكني رغم بلاغة جرجس اللطيفة ، انظر في صورة لاعبات فريق الهلال للباسكت في واحدة من دورات الباسكت العاصمية فيبدو لي الزمن الجميل حقيقة ماثلة لا غلاط فيها, طبعا جرجس ما حضر الزمن الجميل لأنه ببساطة كان في المعتقل. معليش ما بتدي حريف!


,

صورة


مشهد من منافسة أجمل تسريحة في أحد أندية الخرطوم في السبعينيات، برضو تقول لي "زمن جميل" مافي؟!
.









.



.
صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

حسن موسى:


"كتب بعض الاصدقاء محيلا مسلك القافزين لباب الإحباط السياسي و قال : " ربما لكونهم لم يستطيعوا إحداث وثبة في الشارع فجعلوها في النيل". وهي قولة تنبه للمضمون السياسي المضمر في حركة الصبايا القافزات ، لكن ربما كان من الإنصاف تعديلها لتصبح : ربما لأنهم انتبهوا إلى أنَّ الإنتفاضة السياسية في الشارع هي وثبة آحادية البعد ، تفتقر للبعد الجمالي الذي يحفز الناس على الإنخراط فيها و تخليقها كعمل ثوري في المعنى الأصيل لمدلول الثورة. و في نظري القوي فنوع الوثبات القائمات على وصفات السياسة "اللينينية"، التي تعطي الساسة المحترفين حق القوامة السياسية على الشعب، صار مكانها دور الوثائق و متاحف التاريخ السياسي فالثورة لن تكون بغير جمالية جديدة تمنح الجسد حقوقه التي صادرها سدنة الثبات".

إبراهيم جعفر

هذا حديثٌ فيه ابتداع وجدَّة جديرة بالتأمل، أخذاً ورداً...
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الدولة المصرية تقنن سوق الزواج الشرعي

مشاركة بواسطة حسن موسى »


زواج الدولة
العبارة " زواج الدولة" تشير إلى نوع جديد من الزيجات ابتدعه المسؤولون المصريون لتنظيم سوق الزيجات السريعة التي تنعقد في الموسم السياحي المصري.و قد استرعت الظاهرة انتباهي فأضفتها لخيط جيوبوليتيك الجسد باعتبارها أحد تجليات حضور الدولة في مقام الزواج بوصفه سوق مثله مثل غيره من الأسواق التي تستدعي حضور السلطات. لكن يبقى أن سوق الزواج يتميز عن غيره من مجالات الإستثمار بكونه يرفع عن مؤسسة الزواج خصوصيتها الرمزية كعلاقة إنسانية منفتحة على كل مخاطر العلاقة الإنسانية المحمودة منها و المرذولةليجعل منها موضوع تعاقد بين العارض و الطالب. و في هذا المحك، محك السوق ينطرح هذا النوع من الزيجات كتعبير عنيف عن طبيعة الصراع الطبقي المعولم في مجتمع العربسلاميين، لأن هذه الزيجات تطرح النساء الفقيرات في أغلب الأحوال كسلع مبذولة لمن يملك المال.و قد أثار الخبر موجة من الإحتجاجات وسط المدافعين عن حقوق الإنسان و المدافعين عن حقوق النساء في مصر:
كتب محرر موقع " وطن"

خاص – وطن
أصدر وزير العدل المصري المستشار أحمد الزند الثلاثاء قرارا أثار استياء الكثير من الجمعيات والمنظمات الحقوقية، حيث يلزم طالب الزواج الأجنبي من مصرية، بإيداع مبلغ قدره 50 ألف جنيه بالبنك الأهلي باسم الزوجة المصرية، حال جاوز فارق السن بينهما 25 عاما.
وجاء نص القرار كالتالي: يكلف طالب الزواج الأجنبي من طالبة الزواج المصرية بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دوري ممنوح/ المجموعة (ب) بالبنك الأهلي المصري بمبلغ 50 ألف جنيه باسم طالبة الزواج المصرية، استيفاء للمستندات المطلوبة لدى مكتب التوثيق، إذا ما جاوز فارق السن بينهما 25 عاما، عند توثيق الزواج.
وفي هذا السياق؛ أعربت مؤسسة ” قضايا المرأة المصرية ” عن استنكارها قرار المستشار أحمد الزند، وزير العدل – رقم 9200 لسنة 2015 – بشأن تعديلات قوانين الشهر العقاري والتوثيق و يعمل به من أول نوفمبر 2015 ، و صدر فى 12 /11 /2015، وتضمنت القوانين المعدلة تكليف طالب الزواج الأجنبي من طالبة الزواج المصرية بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دوري ممنوح / المجموعة «ب» بالبنك الأهلي المصري بمبلغ خمسين ألف جنيه باسم طالبة الزواج المصرية، استيفاء للمستندات المطلوبة لدى مكتب التوثيق، وذلك إذا ما جاوز فارق السن بينهما خمسة وعشرين سنة، عند توثيق العقد.
وأكدت المؤسسة أن بنات مصر و نسائها لسنَ للبيع، و أن مدلول القرار السابق ما هو إلا صورة من صور تسعير الزواج وربطه بمقابل مادي، وهو أمر لن يحل مشكلة الاتجار بالنساء وكذلك اتخاذ البعض ورقة الزواج كوسيلة لذلك، بل سيفتح الباب على المزايده بأن من يملك أكثر يتزوج أكثر.
و ناشدت ” قضايا المرأة ” الجهات المختصة استبدال القرار بآليات عمل وقرارات تحد من مشاكل زواج الأجانب من مصريات مثل وضع سن معين للزواج وتقنين الزواج العرفى وزواج المسيار واتخاذ الضوابط القانونية والتشريعية اللازمة لحماية المرأة من مخاطر وتبعيات ذلك الأمر.
وشددت المؤسسة على ضرورة العمل للحد من ظاهرة زواج الأجانب من مصريات عبر آليات عمل وخطة استراتيجية واضحة نظرا لما ينجم من بعض تلك الزيجات من اتجار بالنساء، وهذا ما قد رصدته المؤسسة من خلال عملها على قضايا الاتجار، وناشدت الدولة بالالتزام بتطبيق القانون للحد من تلك الظاهرة و ليس تسعيرها
Link
https://www.watanserb.com/2015/12/08/%D8 ... %84%D9%85/


سأعود
صورة العضو الرمزية
الحسن بكري
مشاركات: 605
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:51 pm

مشاركة بواسطة الحسن بكري »

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الشرق شرق و الغرب في طينو

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا الحسن و لعلك على أحسن حال.
شكرا على الرابط لكن زولك دا مارق من جنة الشرق و سقطها, أعني هذا الشرق الذي لم يعديدري هل يسير في خط مستقيم أو في في خط دائري أو حتى في زيقزاق لكنه صار يترنح كما المذبوح و دمه يشرشر من أفغانستان لليمن لليبياالماوراها ناس.بالله شوف جنس الكلام دا:
"..
يبدو الشرق أكثر إخلاصًا للحيرة، أكثر اعتزازًا بالمراوغة، لهذا يظل موطنًا للسر والإثارة بأكثر من الغرب الذي يمضي في طرق مستقيمة ويعيش النموذج المطلق للإخفاء والنموذج المطلق للكشف بتتابع يكشف عن الكثير من أسباب الضجر الذي يقود إلى المزيد من التغيير."
غايتو نترحم على روح مولانا إدوارد سعيد و نقول :يا النبي نوح!
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

صراع الزواج الطبقي في مصر

مشاركة بواسطة حسن موسى »



صراع الزواج الطبقي في مصر

ما زالت قضية تقنين زواج المصريات من الأجانب تستقطب اهتمام القوى السياسية في مصر،
و قد " انقسمت الأحزاب ـ حسب تقرير زينب القرشي في موقع " بوابة الوفد" ـ ما بين مؤيد ومعارض للقرار، وبين قوى أخرى انتصفت الطرفين نتيجة موافقتهما على تفعيل القانون ولكن مع ضرورة اضافة عدد من التعديلات له، وكانت الأحزاب المؤيدة للقرار رأت أن هذا القانون انتصار للمرأة ويحافظ عليها من الاستغلال.
فيما شن عدد من القوى المعارضة هجوما شنيعا على المستشار أحمد الزند، وزير العدل، معتبرين أن إصداره لهذا القرار يساعد على استغلال الفتيات المصريات الفقيرات ويهيأ الأمر أمام الاثرياء العرب لاهدار كرامة المصريات. وقال عاطف مغاورى، نائب رئيس حزب التجمع، أنه كان لابد من البداية من تفعيل هذا القانون لحماية حقوق الفتيات المصريات من الاستغلال، مؤكدًا أن الكثير من بلدان العالم يحفظ حقوق فتياتها من خلال وضع شروط على الأطراف الأجنبية فى ظل حالة تدنى المستوى الاجتماعى الذى تعيشه الفتيات.".."ولفت نائب رئيس حزب التجمع، الانتباه، إلى ضرورة أن تقوم الدولة بتطبيق عدد من القواعد الأساسية التى تضعها بعض البلدان كشروط لابد منها لاتمام الزواج ومنها ما يفيد معرفة كفاءة الزوج وحالته المادية ووظيفته والعديد من المعلومات الشخصية والتأكد منها مسبقًا من خلال سفارة بلاده.".."ورأى ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل، أن القرار من حيث الشكل فيه تأمين للمتزوجة المصرية من أجنبى إذا كانت فارق السن فوق الخمسة وعشرين عامًا، مكملا ان القرار فى ذات الوقت رخص بيع المصريات للاجانب لأن فارق العمر كبير ومبلغ الخمسين ألفًا، ضئيل جدًا ولا يؤمن الفتاة.وناشد «الشهابى»، وزارة العدل، رفع شهادات الاستثمار إلى أربعة أضعاف هذا الرقم وأن يكون هناك تنظيم أكثر احكاما، مطالبًا الوزير بمعالجة الثغرة الموجودة فى محافظتى بنى سويف والجيزة التى يكثر فيها مثل هذه الزيجات. وتابع، رئيس حزب الجيل، أنه لابد ان يتم التأكد بوثائق رسمية من اسم الشخص الأجنبى الراغب فى الزواج من الفتاة المصرية وجنسيته وعمله بالإضافة الى موافقة سفارته على هذه الزيجة حتى تتحمل تبعات أى مكروه يحدث للفتاة المصرية. فيما أشادت منال العبسي، رئيس مجلس إدارة الجمعية العمومية لنساء مصر، بالقرار واضافة 10 آلاف جنيه على القرار القديم، مبينة أنه يحفظ ويصون كرامة الفتيات ويؤمن مستقبلهن ويواجه بشكل صريح ظاهرة الزواج العرفي والمتاجرة بالفتيات عند الزواج من أجنبي التي كان من الواجب محاربتها."..". وتمنت «العبسي» وضع قواعد صارمة لزواج الأجنبي من المصريات، مقترحة أن تكون سفارة الأجنبي طرفا في الزواج حتى لا يكون زواجا مؤقتا خلال فترة الإجازة والزيارة، ثم يترك زوجته ويختفي ويعود لبلاده دون تأمين معيشتها.
ومن جانبه شن حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، هجوما عنيفا على وزير العدل، معتبرًا أنه اكتفى فقط برأى رئيسة المجلس القومى للمرأة، وتجاهل مناقشة الأحزاب والجمعيات الأهلية التي لها خبرات في التعامل مع هذه القضية منذ عشرات السنوات وتعمل علي ارض الواقع لمساعدة بعض الفتيات ضحايا هذه الزيجات. واعتبر الحزب، فى بيان صادر له مساء يوم الخميس، أن الهدف من تطبيق هذا القرار بالحد من ظاهرة استغلال الفتيات المصريات، لن يتحقق، لأن مبلغ 50 ألف جنيه «زهيد» بالنسبة للزواج العربي والذي عادة ما يصرفه في ليلة أو ليلتين في ملهي ليلي ولذا فيعتبر هذا المبلغ حافزا أو غطاء قانونيا توفره له الدولة وليس رادعا لهذه الزيجات. ونص البيان، على أنه كان من الأجدى أن يضع وزير العدل قيودا أكثر منطقية وجدية بأن يجبر الزوج الأجنبي علي توثيق عقد الزواج في قنصلية بلاده حتي يسهل الوصول اليه في حالة الانفصال أو اختفائه حتي تستطيع مطلقته إثبات نسب أطفالها منه، والحصول علي مستحقاتهن واثبات الضرر الجسدي وغير الجسدي الذي عادة ما يلحقه بهن. وطالب التحالف الشعبى الاشتراكى، وزارة العدل، برفع يدها عن تقنين الاتجار بالنساء المصريات، ورفع يدها عن تنظيم استغلال الفتيات في خدمات جنسية تأخذ شكل الزواج، وفقًا للبيان، كما طالبها، بالتصدي لهذه المشكلة بشكل يحفظ كرامة المرأة المصرية وتخفيض الفارق في سن الزوج والزوجة الي ١٥ سنة بدلا عن ٢٥ سنة حتي يتحقق بعض من التكافؤ.".." وهاجم، الحزب، المجلس القومى للمرأة، لموافقته على القرار، معتبرًا أن ذلك يعتبر تشجيعا على إهدار كرامة الفتيات الفقيرات، مطالبًا المجلس بأن يضع وينسق ويراقب تنفيذ خطة شاملة للنهوض بالمرأة والفتاة وأن يتيح فرص التعلم والتشغيل في القري التي تنتشر فيها مثل هذه الزيجات. واختتم البيان بأن المجلس يمكنه حماية حقوق الفتيات الفقيرات من خلال توفير مشروع صغير لكل فتاة معرضة للاستغلال في مثل هذه الزيجات يدر لها دخلا مستمرا ويكون عندئذ أكثر قبولا من المتاجرة فيها من أجل حفنة دولارات."
الرابط
https://alwafd.org/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8 ... 9%86%D8%A8

////////////////////////////

فقط فى عهد العسكر: بيع الفتيات للأثرياء العرب

على الموقع المعارض للنظام المصري " نافذة مصر"
https://egyptwindow.net/news_Details.aspx?News_ID=91022

كتب المحرر :" ..
أثار قرار وزير العدل الانقلابى أحمد الزند بدفع مبلغ 50 ألف جنيه كشرط لإتمام زواج الفتاة المصرية من زوج أجنبي يكبرها بكثير، حالة من الاستياء الشديد في مصر، حيث اتهمه كثيرون بأنه شكل من أشكال النخاسة ويقنن بيع الفتيات المصريات للأثرياء العرب.".."ورفض المجلس القومي لحقوق الإنسان (جهة حكومية) هذا القرار، وطالب بضمان كرامة المرأة المصرية وحقوقها من خلال توفير العدالة الاجتماعية، بدلا من هذا القانون. ".."وقالت الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، إن الحكومة بدلا من مواجهة ظاهرة الزواج السياحي بين الأثرياء العرب والفتيات القاصرات المصريات، قررت مباركة هذا الزواج طالما كان الزوج يملك الثمن ليتمكن من إتمام الصفقة ويشتري الفتاة في إطار قانوني. وطالبت الجمعية، في بيان صحفي الأربعاء بإلغاء هذا القرار المعيب وغير المدروس الذي يعيد المرأة المصرية إلى عصر الجواري وأسواق النخاسة من جديد. ".."وتقول منظمات حقوقية إن آلاف الفتيات الصغيرات في المناطق الريفية المصرية يتم تزويجهن لأثرياء عرب عبر سماسرة يتفقون مع أهل الفتاة على الزواج بصورة غير رسمية لعدة أسابيع مقابل مبالغ مادية كبيرة.
ويلعب الفقر دورا كبيرا في انتشار هذه الظاهرة التي أصبحت تأخذ شكلا من أشكال الاتجار بالنساء واستغلال القاصرات، بحسب منظمات مدافعة عن حقوق النساء، حيث يقضي بعض الأزواج أسبوع أو اثنين فقط مع الفتاة ثم يسافرون مرة أخرى إلى بلادهم دون التزام تجاههن بأي حقوق.وقالت مؤسسة قضايا المرأة إن بنات مصر لسن للبيع، وأن القرار الأخير ما هو إلا صورة من صور تسعير الزواج ولن يحل مشكلة الاتجار بالنساء بل سيفتح الباب للمزايدة لمن يملك أموالا أكثر.".." ويقول معارضون لهذا القرار إنه لا قيمة له، حيث يتجنب غالبية كبار السن الخليجيين الذين يتزوجون من فتيات مصريات توثيق العقود بشكل رسمي ويلجؤون إلى الزواج العرفي للإفلات من أي التزامات تجاه زوجاتهم.وقال آخرون إن الزوجة في كثير من الحالات يتم الضغط عليها حتى تتنازل عن حقوقها المادية، ولن تمنع هذه الوثيقة الزوج من إساءة معاملة زوجته."..".
وردا على الانتقادات الحادة التي واجهتها، أكدت وزارة العدل أنها تستهدف من هذا القرار تحصين الفتاة المصرية التي تتزوج من أجنبي، موضحة أن القرار كان معمولا به منذ 30 عاما، وكان مبلغ التأمين 40 ألف جنيه وتم زيادته فقط لـ50 ألف جنيه. وقال حمدي معوض، المتحدث باسم وزارة العدل، في مداخلة هاتفية مع قناة "العاصمة"، مساء الثلاثاء، إن الحكومة تتعامل مع ظاهرة موجودة ولن تنكرها، ولكهنا تعمل على التقليل من آثارها السلبية وتأمين مستقبل الفتاة المصرية.
"..".ولم تؤيد القرار إلا جهة واحد فقط هي المجلس القومي للمرأة، حيث قالت ميرفت التلاوي رئيس المجلس إن تعديل القانون سيحد من الممارسات الخاطئة التي تقترن بزواج القاصرات المصريات من أجانب.وأوضحت التلاوي في مداخلة هاتفية مع قناة "أون تي في" أن بعض الفتيات القاصرات في بعض القرى الفقيرة مثل الحوامدية بالجيزة تتزوج ثلاث مرات في الشهر الواحد!، وطالبت بتشديد الرقابة على هذه الوديعة بحيث لا يجوز الحصول على قيمتها قبل مرور خمس سنوات من بداية الزواج.
واتهم الاتحاد العام لنساء مصر الحكومة بالسعي إلى تحصيل الأموال وزياردة مواردها بأي طريقة، فهاجمت هدى بدران رئيس الاتحاد أحمد الزند وزير العدل قائلة: "عيب اللي عملته ده هو عشان نجمع فلوس نبيع بناتنا؟ الدولة تجمع الأموال على أجساد البنات الفقراء"..
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

إقتصاد جديد للزواج الإسلامي ؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »


إقتصاد جديد للزواج الإسلامي ؟

التقليد الثقافي العربي أورثنا جملة من الأشكال التي كان عرب المجتمع الجاهلي يعقدون عليها زيجاتهم. و يحفظ التاريخ انواعا شتى من الأنكحة تتعدد اصولها حسب التعدد الثقافي و العرقي للمجتمع العربي قبل الإسلامي.و القائمة طويلة تبدأ بـ "
نكاح الاستبضاع:[ استبضاع مرادف جماع وزواج. ومنه الاستفحال. باضعها أي جامعها ].
وفي الاستبضاع تنكح الزوجة من قبل رجلٍ آخر بموافقة زوجها. ولا يمسسها زوجها حتى يتبين حملها من ذلك الرجل. ويحدث الاستبضاع رغبة في صفات الرجل الآخر من شجاعةٍ وفروسية وحكمة وقيادة. فإن ضاجعت الزوجة فارساً شهيراً سُمّي ذلك الاستبضاع بـ ((الاستفحال)) بمعنى صفات الفحولة. فكأن الرجل الضعيف يستعير من الفحل القوي لنسله بعض من الصفات التي يفتقر إليها .هذا النوع من الأنكحة يندرج في باب تخليق هوية إيجابية لذرية تواجه صعوبات الحياة بكل الأسلحة الرمزية و المادية الضرورية للبقاء في مجتمع جاهلي البقاء فيه للأقوى.
نكاح الرهط:الرهط : مجموعة رجال دون العشرة . رهطيّة : مزواجة. وفي هذا النكاح يدخل على امرأةٍ واحدة عدّة رجال فيضاجعها كل منهم، وإن حملت ووضعت مولودها، ترسل في طلبهم جميعاً، وتسمّي مولودها باسم من ترغب منهم، ولا يمكن لأيّ رجل الاعتراض على ذلك .
ومن أشكال هذا النكاح :
نكاح الرهط الأخوي: وهو اشتراك عدة أخوة في زوجة واحدة و نكاح الرهط يبدو كما لوكان حيلة لتجاوز البؤس الجنسي اللاحق بالبؤس المادي لفقراء العرب الذين لا يملكون ما يتيح لهم الزواج و بناء أسرة. أما نكاح الضمد : وهو اتخاذ المرأة أكثر من خليل. وفيه إشارة إلى تعدد الخلان والأخدان، [ " تعدد الأزواج؟!"] فهو أدخل في نظام الدعارة التقليدي.

نكاح المقّت :وفيه ينكح الولد امرأة أبيه. أي إذا مات الأب، يقوم أكبر أولاده بإلقاء عباءته على امرأة أبيه، فيرث نكاحها. وإن لم يكن له فيها حاجة، يزوّجها بعض أخوته بمهر جديد. وإن شاء الأبناء زوجوها لمن رغبوا فيه، وأخذوا صداقها. وإن شاؤوا لم يزوجوها مطلقاً، ويحبسونها حتى تموت ليرثوها، أو تفتدي نفسها.و عبارة " المقت" تجسد حقيقة المصير المقيت الذي ينتظر أرملة الأب كونها تختزل لحال المتاع العادي بلا إرادة أو رغبة تخصها,

نكاح الشِّغار: يطلق على الرجل الذي يزوّج ابنته على أن يزوّجه الرجل الآخر ابنته أيضاً وبدون مهر. وقد يحصل مع الأخت أو القريبة. و هو أفضل تعبير عن البعد الإقتصادي للزواج كعملية تبادل للمنافع. " أعطيك بنتي مقابل بنتك!"


نكاح البدل: يتم بتنازل رجلين عن زوجتيهما كل واحد للآخر . أي يتبادلان نساءهما برغبة الطرفين. و هو أيضا عملية تبادل للنساء بوصفهن متاع بلا إرادة ، لبعولتهن حق التصرف فيهن.

وتحسب بعض المصادر الأنواع الأكثر رواجا في المجتمع قبل الإسلامي . و هي :
زواج المتعة : و هو الزواج المؤقت. ، وزواج التفشل: هو زواج الأباعد. أي الزواج من امرأةٍ غريبة .
وزواج الإضواء : هو زواج الأقرباء . [يقال: أضوى فلان : أي ولد له ولد ضاوٍ لزواجه من قريبته. ومنه زواج الضعل: أي ولد له ولد مشوه أو معاق لزواجه من قريبته.
و زواج الاهتجان: هو الزواج في الصغر.[يقال: اهتجنت فلانة : افتضّت قبل البلوغ أو تزوجت صغيرة. وهي الهاجن والمهتجنة. ولتزويج الذكور صغاراً يقال كذلك : التَبَأ ابنه: أي زوّجه صغيراً.
و زواج الكُورة:زواج بالجملة، مخفّض المهر.
أما زواج الأكان: نسبة إلى ((أكان)) من المجتمعات البدائية المعاصرة. وفيه يبقى الزوجان كل في بيت أهله. وتقوم الزوجة بزيارة زوجها ليلاً. ويرعى الزوجان أطفالهما في بيت والدي الزوجة أو أخوتها.فهو يندرج غالبا في نوع زواج الفقراء الذين يتجاوزون عن واقع كون الرجل لا يستطيع الوفاء بواجبات رعاية الأسرة و تأمين قوتها فيتولى أهله ، أو أهل زوجته ،أمر معاش أسرته.

من هذه القائمة يستنتج القارئ أن المصنف لا يفرز بين الزيجات على أساس أخلاقي، فهي زيجات تعبر عن طبيعة الإتفاق أو التعاقد الحر [ و لو شئت قل الـ " ليبيرتاني " حسب التعبير الفرنسي " ليبيرتان"
Libertin
التي تترجمها المعاجم الفرنسية العربية بـ " فاجر او فاسق او زنديق أو حتى ملحد " و هي ترجمة جائرة نوعا لأن المصطلح الفرنسي يدل على حركة تاريخية " ليبيرتيناج"و هي حركة فكرية تتعلق بالتحرر من الدوغما الدينية و التفكير الحر]. لكن أخلاقية الزواج تأسست ، مع الإسلام ، على أساس اقتصاد جديد للزواج فحواه تبادل الحسب و النسب بين الأكفاء و هو تبادل في مركزه موضوع الميراث.
في نمط الزيجات الإسلامية حافظت السلطة السياسية على حضور مركزي يعطيها الحق في تولي أمر النساء في حالة غياب ولي الأمرمثلا. و بشكل عام كانت السلطة السياسية دائما حاضرة ضمن مؤسسة الزواج في المجتمع المسلم ، و ذلك لأن الزواج يبدو كأحد اهم وسائل صيانة ترابط الجماعة و تكاثرها و استقرارها.و رغم أن الزيجات ظلت ـ و ما زالت ـ تتم بين الأسر كما تنعقد الأحلاف السياسية و الإقتصادية ، و ذلك على زعم مقبول بأن كل طرف مفرد إنما يمثل أسرته و عشيرته في عقد الزواج. فقد تمكن ممثلو السلطة السياسية عبر الأزمنة من إحكام قبضتهم على الزواج كشأن عام . و في هذا المنظور أمكن لممثلي السلطة السياسية أن يتدخلوا ـ باسم الصالح الجمعي ـ في الطريقة التي تنعقد بها الزيجات.بل أن السلطة السياسية العليا ممثلة في الدولة أعطت نفسها حق التصرف في الشرائع و القوانين التي تضبط الزواج .و في الأثر شهادات عن زيجات لعب فيها ممثلو السلطة السياسية دور أولي الأمر كما في حالة زينب بنت جحش التي تمثل كأفضل مرجع على تعريف السلطة السياسية لعلاقة الزواج:
كانت زينب من المسلمين الأوائل، لكن لم تذكر كُتب التراجم قصة إسلامها. هاجرت زينب إلى يثرب بعد هجرة النبي محمد إليها.[9] وفي يثرب، خطبها النبي محمد لزيد بن حارثة ، فأبت زينب في البداية، إلى أن نزل الوحي بقوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ، فقبلت زينب الزواج بزيد.
و ينظر بعض الباحثين لزواج زينب بنت جحش كمحاولة لتجاوز الفوارق الطبقية الموروثة من أنثروبولوجيا الزواج الجاهلي كون زيد كان ينتمي للموالي عكس زينب التي من نسل الأحرار.و رغم محاولات النبي رأب الصدع في العلاقة الزوجية العصيبة بين الأثنين فالتاريخ يحكي بأن زواج زينب و زيد بن حارثة لم يستمر طويلا و انتهى بالطلاق. لكن حكاية زينب و زيد تمثل في تاريخ مؤسسة الزواج المسلم كسابقة مهمة شرعنت لزواج الرجل من طليقة ابنه بالتبني. إلا أن هذا الزواج لم يسر على الوجه الأمثل، فدبّ الخلاف بين زينب وزوجها زيد، فهمّ زيد بتطليقها، فردّه النبي محمد قائلاً: «اتَّقِ اللهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ»، فنزل الوحي بقوله : " إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا الأحزاب 37
الرابط
[size=10]https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B2%D9%8A%D9%86%D8%A8
_%D8%A8%D9%86%D8%AA_%D8%AC%D8%AD%D8%B4


.في هذا المشهد العامر بذاكرة جمعية تقبل تعدد الزيجات يمكن تفهم تلك الحالة الإستثنائية التي ألهمت بعض النساء إختراع صيغة غير مألوفة من صيغ الزواج يمكن أن نسميها " زواج الهبة":
عَنْ سَهل بن سَعدٍ الساعِدِي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتَقَ صَفيةَ وَجَعَل عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.
أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم جَاءَتهُ امرَأة فَقَالت: إني وَهَبْت نَفْسي لَكَ، فَقَامَتْ طَوِيلا.
فقال رَجُل: يا رسول الله، زوجنيها إنْ لَم يَكُنْ لَك بِهَا حَاجَة.
فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكَ مِِن شيء تُصْدِقُهَا»؟ فقال: مَا عِنْدِي إلا إزاري هذَا.
فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنْ أعطَيتَهَا إزَارَكَ جَلستَ وََلا إزارَ لكَ، فَالتمس ِ شيئَاً».
قالَ: مَا أجِدُ، قالَ: «التمس ولو خاتما مِنْ حديد».
فَالتمس فََلم يَجِد شَيئاً.
فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَل مَعَكَ شيء مِنَ القُرآنِ»؟ قال: نعم.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «زَوجتُكَهَا بِما مَعَكَ مِنَ القُرْآن».
Lien :
https://www.zawjan.com/?p=2256
في حالة بنت جحش نجدنا أمام امرأة اضطرت لقبول زيجة ترفضها لمجرد الإمتثال لإرادة السلطة السياسية, و في الحالة الثانية نجدنا أمام امرأة تخاطب ممثل السلطة السياسية بمطالبها في الزواج و تطيل في الوقوف، لكن النبي ، رمز السلطة الجديدة ،لا يستطيع أن يتزوج مع كل النساء الراغبات في خطبته لأنفسهن، فيحيلها لأحد صحابته و تقبل به.و في القصة أنه رجل فقير لكن فقره المادي لا يحول بينه و بين الزواج ذلك أن الرجل يملك أن يمهر زوجته بما يملك من متاع روحي ثمين: بضعة سور قرآنية يحفظها. هذه الحادثة يمكن أن تقرأ كشكل في تقنين الزيجات باعتبار أن السلطات تملك أن تنظم الزيجات حسب تقديرها مثلما يمكن أن تقرأ على أن عقد الزواج هو في حقيقته إتفاق معنوي لا يشترط التبادل المادي.
لكن التأمل المقارن بين نوع العلاقة الحميمة التي كانت تربط النبي بصحابته و بمجموعة النساء و الرجال المتضامنين معه على هذه العقيدة الجديدة و نوع العلاقة التي تربط ممثلي الدولة الحديثة بمواطنيهم في أي من البلدان العربسلامية المعاصرة، يجعلنا نحس بالفارق الكبير بين الوضعيتين. فوضعية النبي وسط المسلمين كانت مطبوعة بطابع علاقة روحية و أبوية [ باترياركية] تجعل الراعي و الرعية في حالة تلاحم قوامها الثقة الكاملة التي يفوض عليها المسلمون أمور حياتهم و موتهم لهذا الراعي الخارج على المألوف، بينما وضعية المسؤول الوزاري الذي يتذرع بحماية الفتيات الفقيرات ليفرض الضرائب و الرسوم على الأثرياء الذين يرغبون في شراء الزيجات المؤقتة بغرض الترفيه ، هي وضعية مصلحة مادية لا مكان فيها لأي بعد روحي. هذه الوضعية تصادر البعد الرمزي للزواج كعلاقة خاصة غايتها بناء أسرة ثابتة تساهم في تقوية أواصر الأفراد و الجماعات التي تكون نسيج المجتمع ، و ذلك لأن الدولة الحديثة ـ دولة رأس المال ـ تقنن للزواج كفضاء مادي يشتري فيه الذكور الأثرياء " الجواري" من نساء الفقراء حسب قانون سوق النخاسة الجديد . و حين ينفتح باب العرض و الطلب على منطق السوق فسيجد المسلمون الفقراء أنفسهم أمام غول نهم يفترس بناتهم و يلفظهن بشكل موسمي بينما عين الدولة ساهرة تحمي المشترين.و هنا يمكن القول بأن قانون زيجات العطلات الذي أصدرته الدولة المصرية مؤخرا ما هو إلا أحد تعبيرات العنف الطبقي الرمزي و المادي الذي يكابده الفقراء في عز " دار الإسلام". و الدولة المصرية ليست نسيج وحدها في هذا الموقف ،فأثرياء مسلمي بلاد النفط تعودوا على زيجات العطلات ـ تحت تواطؤ السلطات ـ في بلاد المسلمين من المغرب لتونس للباكستان و لبنغلاديش إلخ، لكن الدولة المصرية سبقت غيرها بشرعنة هذه الممارسة التي تشتبه بالدعارة و قننتها بنص القانون.و كون الدولة الحديثة تعطي نفسها حق انتحال القوامة على النساء المصريات المبذولات في سوق الزواج السياحي فهذا الواقع لا يعني أن المجتمع المصري ـ من خلال منظماته المدنية و السياسية سيقف متفرجا على عواقب هذه الوضعية.فالمجتمع المصري المعاصر قد اجتاز حاجز الخوف القديم تجاه السلطات منذ انهيار سلطة حسني مبارك.و لا أحد يدري حاليا أي شكل من أشكال الإحتجاج يمكن أن يترتب على ظاهرة الزواج السياحي في مصر لكن هذا الشعب الذي استعاد كرامته بعد عقود من الصبر على عسف السلطات سيتوصل ، بطريقة أو أخرى ، لتجاوز هذا الإمتحان الجديد. و في ما وراء الطبيعة السياسية لإستجابة الشعب المصري لهذا البلاء الجديد القديم [ ردا على الانتقادات الحادة التي واجهتها، أكدت وزارة العدل أنها تستهدف من هذا القرار تحصين الفتاة المصرية التي تتزوج من أجنبي، موضحة أن القرار كان معمولا به منذ 30 عاما، وكان مبلغ التأمين 40 ألف جنيه وتم زيادته فقط لـ50 ألف جنيه.]. أقول فيما وراء المردود السياسي للمنازعة السياسية الحاصلة بذريعة قانون تنظيم زواج المصريات من الأجانب ، يبقى أن هذه الخطوة تفتح الباب تجاه إعادة النظر في أنثروبولوجيا الزواج الإسلامي في منظور العولمة.ذلك أن قطعان الذكورالأثرياء الراغبين في تجديد شبابهم مع الفتيات الصغيرات في بلاد المسلمين ستدفع نحو تعميم النموذج المصري في بقية مجتمعات المسلمين التي تعتمد على السياحة كمصدر رئيسي للدخلو كما جاء في الأثر " بيزينيس إز بيزينيس ".و ترجمتها : "عايرة و أدوها سوط "..
سأعود
آخر تعديل بواسطة حسن موسى في السبت مايو 28, 2016 3:11 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى..

مشاركة بواسطة حسن موسى »


[size=24]
جاء في الأخبار أن مواطنا سعوديا قام باطلاق النار على طبيب أردني في السعودية لأن الطبيب قام بتوليد زوجته
ذكرت المصادر أن الجاني استدرج الطبيب خارج العيادة، وقام بإطلاق النار عليه، بعد أن "قدم إليه داخل عيادته واستدعاه، وقال له: أريد أن أقدم لك الشكر والعرفان على ما قمت به تجاه زوجتي التي قمت بتوليدها".

وبمجرد خروج الطبيب إلى حديقة المستشفى المليئة بالأطفال، قام الجاني بإطلاق الرصاص عليه، ولاذ بالفرار، فيما تم نقل الطبيب للعناية المركزة، حيث استقرت الرصاصة في كتفه.

وأكدت الصحيفة أن قوات الأمن ألقت القبض على الجاني

.

https://www.alquds.co.uk/?p=540315

سأعود
آخر تعديل بواسطة حسن موسى في السبت مايو 28, 2016 3:01 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

يا سيدي الحسن أظن وصلتك لحكاية السعودي الكتل الطبيب الأردني الولَّد زوجتو ما هي الوصلة المناسبة لأنو فتحتها ولقيت حكاية تانية عن واحد كان مع "داعش" في سوريا و"تاب"، على حد تعبير الخبر الصحفي، ورجع السعودية... أفتكر وصلة صحيفة "القدس العربي" دي بتدي صورة ما بطالة عن الحصل من الكاتل السعودي والسبب، الكبير في رأيو التعيس، الخلاهو يعمل جريمتو الكبيرة دي:

https://www.alquds.co.uk/?p=540315
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

شكرا يا إبراهيم

مشاركة بواسطة حسن موسى »


شكرا يا إبراهيم الخليل على عنايتك الكريمة
و قد قمت بتعديل الرابط الفاسد برابط " القدس العربي" لكن لو جيت للجد فصاحب الطبيب الأردني و الداعشي التائب العائد " كيف كيف" كما يعبر أهلنا المغاربة
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

سلام يا حسن.. نيهاو

تابعت الرابط بتاع "أشياء بسيطة" فلم اجد صور البنات المقدمات على الانتحار في كبرى توتى.. ولكن بتحليل
سريع لبعض المادة توصلت (99%) ان صاحبة الصفحة امرأة او فتاة تشكيلية وليست رجلاً..
أها قلت شنو؟ كلكى واللا ما كلكى؟
Freedom for us and for all others
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الإنتحار؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »


نيخاو و رحمة الله و بركاته

أنا أيضا ميال لتصديق وجهة نظرك حول هوية " اشياء بسيطة "
لكن يا محمد عثمان القافزات من الكبري بعيدات كل البعد من فكرة " الإنتحار" التي ألهمتك عبارة " البنات المقدمات على الإنتحار في كوبري توتي".
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

Wei ni hao

سلام يا حسن وشكرا على التوضيح، وحتى الان لم اشاهد الصور، ولكن في السودان لو نط رجل من فوق كبرى يفترض انتحار
فما بالك بمرأة... ومن ناحية اخرى، ومن باب مهارب المبدعين، أقول ان قفز امرأة سودانية بمايوه من على الكبرى
بغرض الرياضة والسباحـة فيمكن اعتباره انتحارا اجتماعيا، فقد أقدمت على قتل الشخصية التي اقفلها فيها المجتمع.
Freedom for us and for all others
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

رابط فيديو ندوة أجندة مفتوحة "سياسة الجسد"

مشاركة بواسطة حسن موسى »





شكرا لناس " أجندة مفتوحة"بلندن على بذل تسجيل محاضرتي حول " سياسة الجسد في السودان"30أكتوبر 2015

الفيديو على الرابط


https://www.youtube.com/watch?list=PLWs ... pp=desktop
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و منو البغسل العدّة؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »


" من أين جئنا؟ إلى أين نسير؟ و منو البغسل العدّة؟ " [ ساشا غيتري]



" النسوان ديل مرقن من وين؟"
عبارة سمعتها و انا في الحافلة المتوجهة للسوق العربي حين اعترضنا موكب موكب المتظاهرين الغاضبين و في مقدمته مجموعة من شابات يهتفن" حرية سلام و عدالة". التفت نحو صاحب العبارة فرأيت شخصا في عقده الخامس هيئته الريفية الفقيرة تنبئ عنه قبل أن ينطق، و تذكرت عبارة الطيب صالح المشهودة " من أين أتى هؤلاء الناس؟". هذه العبارة المناهجية [ ميثودولوجيك] التي تجدّد التفاكير في هويولوجيا التفكير السياسي السوداني،ينبغي لنا ان نفتتح بها كل مناقشة عامة بغاية تعريف مواقع و هويات المتخاطبين في فضاء المنازعة الإجتماعية.و هي منازعة معقدة و بالغة التركيب لأن اطرافها ا[ المحلية و الإقليمية و الكونية] متنوعة بتنوع المصالح و المصادر و الموارد .
كان صوت المتظاهرات الشابات الحاد يعلو فوق اصوات الشبان الغليظة إلا أن جوق التصاويت الغاضبة كان يبلغ المسامع في إنسجام الأنشودة التي تدرب عليها المغنون طويلا.. "حرية سلام و علدالة الثورة خيار الشعب" .هؤلاء المحتجون الشباب على سياسة نظام الإسلاميين السودانيين هم من الجيل الذي ولد و ترعرع تحت مظلة بروباغندا نظام الإسلاميين و أُخضع لمحاولات غسيل الدماغ التي غيرت البرامج و المناهج الدراسية بغابة تخليق مجتمع ممتثل لتعاليم الإسلام السياسي التي الهمت الإسلاميين ا السودانيين الإنقلاب على الديموقراطية في 1989 و اعتقال المجتمع السوداني في نفق مظلم طويل عامر بالعسف و الإستبعاد و الذل و الفساد الأخلاقي و الحرب المعرقنة و التشظي والتخبط السياسي و الإقتصادي غير المسبوق.
خطر لي ان الشباب المطالب بالحرية و العدالة و السلام ، إنما خرج من الفجوة الكبيرة الفادحة في الإستحكامات الآيديولوجية الهشة لليوتوبيا الدينية المزعومة مشروعا حضاريا ظل يشغل الإسيلاميين في السودان منذ ستينيات القرن العشرين. إن انعدام الخيال السياسي لدى الدعاة الإسلاميين من جهة و انشغالهم بالتكالب على السلطة و الثروة في البلاد ، من جهة ثانية،ألهياهم عن رؤية الواقع الذي تتخلق فيه قناعات الشباب في سودان القرن الحادي و العشرين.و لم تحسب بروباغندا الإسلاميين الفظة المستغنية بقشور العقيدة عن مضامينها الإجتماعية، لم تحسب حسابا لواقع العالم الذي يحيا فيه عيال المسلمين في السودان. ذلك أن واقع العولمة الرمزية و المادية تكفل بإقتلاع الشباب من القناعات الآيديولوجية الواهية للإسلاميين السودانيين ليزج بهم في حمأة العالم بخيره و بشروره معا. هؤلاء الشباب و الشابات ضالعون ،بالقوة و بقوة معا، في حياة العالم المعاصر و عمرهم الحقيقي هو عمر التحولات الكبيرة التي خلخلت دعائم و اطر العالم القديم و فتحت الباب نحو وعد اليوتوبيا الجديدة المنفتحة على كافة الإحتمالات. هؤلاء الشباب هم خلق جديد غميس مركب من جملة الإحباطات و النجاحات و الأحلام و الأوهام التي تجسد تلك الوضعية المريعة بين عالم جديد يماطل في التحقق الموعود و عالم بائد يبدو "كباقي الوشم في ظاهر اليد" . في الحيز الزماني و المكاني الضيق الذي ينتظر فيه الشباب تظهر المسوخ التي نوّه بها مولانا غرامشي في قولته" العالم القديم يحتضر بينما العالم الجديد يماطل في الحضور و في عثمة الإنتظار بين الضوء و الظلام تظهر المسوخ". هؤلاء السودانيون الأماجد عرفوا ـ خلال عمرهم القصير ـ جملة من التحولات الرمزية و المادية التي غيرت نظر السودانيين للعالم و لذواتهم.فـ " هؤلاء الناس" الشباب وصلوا للعالم بعد ظهور الـ « إنتر نيت »[" ورلد وايد ويب" 1990] و ما ترتب عليه من تغيير في اسس الإقتصاد العالمي و القفزات الكبيرة في المعرفة التي تيسرت للجميع بفضل محركات البحث الجبارة [ قوقل و فيسبوك وتويتر و يوتيوب ]، و بعدنهاية الحرب الباردة و سقوط الإتحاد السوفييتي [1991]، و بعد نهاية الأبارتايد في جنوب إفريقيا،[1994]ـ و بعد تأسيس منظمة التجارة الدولية التي قنـّنت لعالم السوق الكبير بلا حدود[ 1994]،و بعدتحول الصين لإقتصاد السوق الرأسمالي و بعد حرب أفغانستان و غزو أمريكا للعراق و تفجيرات مركز التجارة العالمي في نيويورك و انمساخ المسلمين لإرهابيين لا يرجى صلاحهم إلخ إلخ.في هذا العالم المعولم تخلقت القطيعة بين الإسلاميين و عيالهم حتى صار عيال المسلمين ينكرون دينهم على رؤوس الأشهاد و لا يبالون و هم في اوروبا أو أمريكا [ حالة الشابة آمال فرح في بريطانيا]أو هم يتحركون بعيدا عن قبضة السلطات الدينية في البلدان المسلمة، أو هم مجهولوا الهوية في علياء منابر الأسافير [ أنظر صفحات " الملحدون السودانيون" و " الرسالة الإنسانية الإلحادية" «  سودانيون لنقد الأديان" و غيرها .. لكن هناك أمثلة لحالات شبان و شابات يقيمون في المجتمعات المسلمة و يجاهرون برفض الإسلام مثل حالة الشاب السوداني محمد صالح الدسوقي الذي طلب من المحكمة الشرعية منحه شهادة بإرتداده عن دين المسلمين لمقام اللادين..
و لو تساءلنا :"من أين أتى" محمد صالح الدسوقي؟ فسنجد أن هذا الشاب
خرج من غمار شبيبة زمن "الإنقاذ" ليحتل، بين عشية و ضحاها ، مركز المنازعة السودانية المتجددة أبدا عند تقاطع الدين و الصراع الطبقي.وعبارتي " شبيبة زمن الإنقاذ" تدل على فئة مفهومية قاعدتها مركبة من سوسيولوجيا الإملاق المادي و الرمزي وأنواع القهر السياسي و بلاوي حروب العرق و الجندر المزمنة في بلاد السودان. هذه الشبيبة، التي لم تخبر سوى الأفق الإجتماعي القاتم ، الذي تتقاسمه خيارات الموت و الهجرة و المقاومة ، تجسد اليوم حالة القلق التي تعصف بمجتمع عربسلامي معاصر منبت بين القيم الثقافية البائدة و الفرص الحضارية الموعودة التي تبذلها ثقافة رأس المال المعولم. و في فضاء التوقعات القائم بين ذاكرة "الزمن الجميل" البائد و خيبات الزمن الجديد[إقرأ " السودان الجديد"] القادم من عكر الغيب، يتخبط عيال المسلمين بين المسوخ و الشناعات و الإشراقات الشحيحة الفانية التي تنوّه بإمكان الحلم الكامن بين مواريث الكوارث التاريخية التي تؤثث الذاكرة الغضة.ـ من ثنايا هذه التراجيديا يخرج محمد صالح الدسوقي على الإسلام، مثلما يدخل آخرون عليه أفواجا، مسحورين بوعود الخلاص في الجذب الصوفي أو في الفردوس الداعشي أو حتى في الإرتزاق السياسي الغليظ و الأجر على الله. «
و هم ينظرون لما وراء حدود الوطن المتشظي و يستشرفون فرص دمج احلامهم و مشاريعهم في جسم العالم المعاصر.و لا عجب فـ "هؤلاء الناس" الشباب إنما أتوا من العالم و هم في طريقهم للعالم. لكن العالم المبذول لحركتهم ـ مثله مثل العالم الذي أتوا منه ـ ليس نعيماخالصا مثلما هو ليس جحيما نهائيا، إنه الجنة و النار في حال إشتباك مريع يفرض على الجميع ، شيبا و شبابا التفكر النقدي في انجع الوسائل للإنخراط النافع في دروبه. هؤلاء الشباب الذين رمت بهم سياسات الإسلاميين في أتون الحرب الدينية في السودان و في غير السودان[ افغانستان، العراق، سوريا ..] ليسوا كلهم ضحايا غرر ت بهم دوائر الإسلاميين المتآمرة.لا ، بعضهم انخرط في المغامرة الجهادية [ الداعشية] عن قناعة و بعد تأمل و تفكر.

.ربما لأنهم وجدوا في الجهاد مخرجا لائقا من حصار الاسئلة الوجودية العويصة التي لم يجدوا لها إجوبة تليق بجسامتها في نوع الحياة التي يحيونها بين أهاليهم و مواطنيهم.. و فيهم من اختار المعارضة المسلحة مثلما فيهم من اختار المعارضة السلبية في الإنكفاء على الذات بعون المخدرات أو الصمت ،مثلما فيهم من اختار مغامرة الهجرة في أرض الله الواسعة. و فيهم ايضا من اختار البقاء و مواجهة سلطات الإسلاميين و تحديها في عقر مسلماتها العقائدية.، على طريقة محمد صالح الدسوقي.
و موقف الدسوقي هو في حقيقته جزء من روح الخروج على الأعراف و التقاليد التي تحرسها الطبقة الوسطى العربسلامية و تصون عبرها استمرارية ثقافة العنف المادي و الرمزي باسم الدين او باسم الحفاظ على اصالة الهوية السودانية .و في هذا المشهد اقرأ مواقف نفر كبير من الشبان السودانيين و من الشابات السودانيات ممن وقفوا و وقفن بشجاعة في وجه وصاية الغول العربسلامي و فيهم و فيهن نفر كبير دفع غاليا ثمن الخروج .


قبل أيام قرأ ت خبرا أثار اهتمامي كوني قرأت فيه ملامح الحساسية الجندرية الجديدة التي تكشفت عنها حركة الشابات السودانيات المنخرطات في حركة الإحتجاج السياسي ضد نظام الإسلاميين.يقول الخبر الذي نشرته العربية .نيت[السبت 09 مارس 2019]ـ
ا"
أثار "تجمع المهنيين السودانيين" مساء الجمعة جدلاً في مواقع التواصل الاجتماعي عندما دعا النساء إلى المشاركة في حملة لتنظيف الشوارع والأماكن العامة ضمن مساعيه لتغيير السلوك الاجتماعي في السودان.

وتعرض التجمع لهجوم من النساء السودانيات في يوم المرأة العالمي، إذ اعتبرت التعليقات على منشوره أنه لا يحترم حقوق المرأة ويحصر دورها في أعمال محدودة مثل التنظيف والأعمال المنزلية. « ـ

لكن تجمع المهنيين يصدر في طريقة تفكيره و في لغته عن الثقافة الذكورية لعيال العربسلاميين. و هي ثقافة تقبل بعفوية قوامة الرجال على النساء كواقع مفهومي يعبر إتفاقات الخاطر الذكوري بدون اعتراض.فـــالرجال" قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما انفقوا من أموالهم»[ النساء] مع كل ما يترتب على تلك القوامة من تصنيف للأفراد و الإمتيازات و تقسيم للعمل على اساس الجنس.و حتى يجيئ ذلك اليوم الذي تتمكن فيه النساء السودانيات من تملّك نصيبهن في شراكة اللغة و في شراكة الخاطر تظل جماعة النساء المناضلات من أجل المساواة معرضة للتجاوزات المادية و الرمزية الجائرة التي تجود بها عقلية القوامة الذكورية.و أخص " جماعة النساء المناضلات من أجل المساواة" لأن بين جماهير النساء العربسلاميات جماعة عريضة تمثلت العقلية الذكورية و استبطنت تعاليمها لحد تبرير مسلك الذكور المهيمنين الذين ينزلقون ـ بحكم العادة الذكورية ـ إلى ممارسة العنف الجسدي على النساء و تلمّس الحجج في ثنايا التعاليم الدينية و العادات السودانية .و آخر الأمثلة نجدها في حالة البروفسير قاسم بدري ،مدير جامعة الأحفاد للفتيات، الذي اعتدى بالضرب على طالباته في شريط فيديو شهير روّع رواد منابر التواصل الإجتماعي داخل و خارج السودان. هذا الفيديو أثار ردود فعل واسعة وسط الجماهير، لكن أغرب رد فعل جاء من طرف عدد من السياسيين الإسلاميين المحافظين و عدد من النساء السودانيات ممن سعوا و من سعين لتبرير مسلك المدير العنيف، بل و خلق موجة تعاطف مع المدير على زعم غريب بأن دافع"بابا قاسم" كان حماية الطالبات[ بناته] ،المتظاهرات ضد الغلاء، من عنف الشرطة.
أنظر الروابط
https://youtube/tbjjhylBqOA
https://www.youtube.com/watch?v=CMrssqMG4v0



يقول محرر العربية نيت أنه بعد تلك"الهبة النسائية"، حذف التجمع المعارض منشوره المثير للجدل، والذي خاطب فيه السودانيين بلغة الشارع قائلاً: "يا مان ويا مانة" (بما معناه يا رجل ويا رجلة)، وقدم اعتذاره للنساء، مشيداً بأدوارهن في الحياة العامة.و جاء في نص رسالة الإعتذار: "يتقدم تجمع المهنيين السودانيين باعتذار واجب لكل النساء بخصوص عبارة وردت في تغريدة له، فهمت على أساس أنها تحمل دلالات سلبية تتماهى مع الصورة التقليدية للنساء في الوعي الاجتماعي القديم، ونقول بكل شجاعة إن ما جاء في إطار الفهم العام أو الغالب للتغريدة لا يتفق مع خطنا ومبادئنا والرؤى التي نحملها من أجل الثورة وسودان الغد. نعتذر للنساء اللائي حطَّمن كافة القوالب النمطية واللائي اجتزن كافة العقبات والمصاعب وحملن مشاعل الوعي والثورة وتقدّمن الصفوف من أجل العدالة الاجتماعية بمعناها الواسع، والتي تنشد المساواة وانتفاء التمييز".

وأضاف: "نؤكد بأن التجمع يتعلّم يومياً من الشعب السوداني، وهو من الجماهير وإليها، يتعلم منها ويعلمها بقدر المستطاع".

ووجد هذا المنشور صدى واسعاً، بين قبول الاعتذار ورفضه، لكن النساء شاركن في حملة النظافة العامة التي انطلقت صباح اليوم السبت في العاصمة وعدد من مدن البلاد.

وأظهرت منشورات السودانيين تحت هاشتاغ "موكب 9 مارس" الذي أطلقه التجمع، مشاركة النساء إلى جانب الرجال رغم الاعتراضات والجدل الواسع الذي حدث بشأن دعوتهن. »ـ

لو قرأنا هذه الحادثة من جهة النساء الغاضبات فهي دليل ملموس على تقدم حركة الوعي الجندري النقدي وسط النساء السودانيات. هذا الوعي هو حصيلة جهد طويل غير منظور حققه تضامن النساء و الرجال التقدميين الذين ناضلوا لصيانة حق الإنسان السوداني في الكرامة و الحرية و المساواة بصرف النظر عن جنسه أوحسبه أو نسبه.أما لو قرأناها من جهة تجمع المهنيين السودانيين، فإن اهم ما فيها هو رجوع تجمع المهنيين عن دعوته التي وجهها للنساء بتنظيف الشوارع ثم اعتذاره للنساء السودانيات معترفا بالخطأ الحضاري الجسيم. و تراجع التجمع يستقيم مع زعمه النبيل بأنه يتعلم من الجماهير لكني اتحفظ بعض الشيئ على الزعم القائل بأنه يعلمها[رغم الإستدراك الغميس الذي يلتف على الإعتذار بالعبارة :" بقدر المستطاع" ]ذلك أن التجربة السياسية السودانية علمتنا أن عيال العربسلاميين ،الذين تعلموا على حساب الشعب، انتحلوا هويتة الشعب و انقلبوا على إرادته وصادروا حريته خلال ثلاثة ديكتاتوريات [ عبود و النميري و البشير] كانت كل واحدة فيها تدعي أنها إنما جاءت لإنقاذ الشعب و تعليمه و إخراجه من ظلام الفوضى لنور النظام و الظبط و الربط و خلافو.[سؤال انصرافي : من أين أتى هؤلاء المهنيون السودانيون؟].

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جمهورية الكنداكات

مشاركة بواسطة حسن موسى »



جمهورية الكنداكات

و من أين أتى هذا الشعار السهل الممتنع"تسقط بس"؟

حكت شمائل النور، [ الجزيرة نيت] ، حكاية الشعار السياسي الأكثر شعبية بين المعارضين لنظام الإسلاميين السودانيين : » تسقط بس"، و كتبت :ـ
"
في مطلع الأسبوع الأخير من ديسمبر/كانون الأول، احتفى ناشطون برسالة نصية من أحد الشباب ردا على محبوبته التي تستفسر عن صحته، فكان رده "حكومة تحرمني منك.. تسقط بس".
الرسالة التي جاءت بعد ساعات من حجب منصات التواصل الاجتماعي بقرار حكومي، سرعان ما تلقفها المدونون وذيّلوا بها منشوراتهم، وتحول الأمر بسرعة البرق إلى وسم تصدر المواقع #تسقط_بس.
"
لا أدري مدى صحة هذه الحكاية لكن رومانسيتها تسحر القارئ فلا يملك إلا قبولها و تبنيها حتى و لو جاءه باحث جاد برواية من شاكلة :
لقد تم إختيار شعار " تسقط بس" من قبل اللجنة الفلانية في تجمّع المهنيين السودانيين التي اجتمعت و ناقشت و صوتت ليتبنّي المتظاهرون هذا الشعار لأنه يمثل الحد الأدنى للإتفاق السياسي العريض بين المعارضين مختلفي المشارب السياسية بلا بلا بلا.. »ـ أقول لو جاءنا باحث برواية حقيقية لأصل الشعارلأشحنا بوجوهنا عنها، ربما ، لأن الحكاية الرومانسية تجد سندها في كون حركة الإحتجاج التي أطاحت بالديكتاتور هي، في حقيقتها ، حركة شباب رومانسي متفتح نحو حياة عمادها الحب و الحرية و الأمل في مستقبل مشرق.وفي مشهد التفاؤل فالبرنامج الإجتماعي المضمّن في الشعار" حرية سلام و عدالة. الثورة خيار الشعب " قابل للإستطراد ليصير" حرية سلام و عدالة و تنمية و تعليم و تكنولوجيا و صحة ومواصلات وإ سكان وفن و أدب و علم و تضامن وحب و ورد إلى آخر كلام الشعراء. و ربما لأننا شعب من الشعراء، الكلم الطيب ترياقنا الأكثر كفاءة ضد واقع البؤس السياسي و الإقتصادي الذي ظل يلازمنا في أحوال حركتنا و سكوننا طوال العقود الثلاثة الماضية. و في مشهد الشعراء فذلك المحب الشاب لا يمكن أن يفلت من الذاكرة الشعرية الشعبية المسكونة بآثار الشعراء الكبار من طينة الشاعر العاشق الكبير محمد سالم حميد [1956ـ2012]ـ الذي يقول في قصيدته المشهودة : »ياتو وطن؟" :ـ
ياتو وطن في الكون الواسع
دون عينيك راح يبقي وطن
وياتو سكن في الدنيا الغنوة
دون عينيك راح يبقي سكن
ياتو شمس راح تشرق تطلع
لو عينيك بالدمعة بكن
".. »ـ
......
احبك واعبد..احبك واعبد.
وارسم دنيا تكون ترنيمك
واصنع دنيا تكون تحديدك
واكتب في عنوان دنيانا
مافي وطن في الكون الواسع
دون عينيك راح يبقي وطن
ومافي سكن في الدنيا الغنوة
دون عينيك راح يبقي سكن

.. »ـ
و حين أوصف حركة المعارضين الشباب بـكونها حركة رومانسية فعبارتي تستدعي معاني الخروج الجامح على الأعراف و التقاليد و جملة الثوابت الإجتماعية التي راكمها نظام سياسي ظلامي حبس حركة الشباب داخل سجن العقيدة و التقليد. فنظام الإسلاميين سعى منذ أيامه الأولى لضبط حركة الشباب بجملة من الضوابط المادية و الرمزية المتذرعة بذرائع الدين و التقاليد الذكورية المعرقنة . و هي ضوابط آيديولوجية تحكم توجهات البرامج التعليمية في المدارس و ضوابط قانونية تضبط حركة الشباب في الشارع كما في "قانون النظام العام " الذي يمنح السلطات حق التسلط على أي شخص و ضربه و اعتقاله و إذلاله بأوهى الذرائع ، ناهيك عن أنواع العسف العشوائي الذي لا يحتاج لذريعة ليبطش بالشباب سواء كانوا في بيوتهم او في الشارع أو في المعتقلات او في بيوت الأشباحوالمادة 152 من القانون الجنائي والمتعلقة بـ "الأفعال الفاضحة والمخلّة بالآداب العامة" تستهدف حضور النساء في الفضاء العام.و ذاكرة وسائل التواصل الإجتماعي عامرة بحوادث الإذلال و الإعتداءات و التجاوزات التي اقترفها نظام الإسلاميين في حق السودانيين عموما و في حق الشباب على وجه الخصوص.[ففي عام 2016 طبقت محاكم النظام عقوبة الجلد على 15 ألف امرأة باسم "قانون النظام العام "، أنظر فيديو 2010 المعروف بـ "فتاة الكبجاب" على الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=wn_61qUxbq0


و فيديو 2013 على الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=eq5k4o_Lhdw


. الحضور الظاهر للنساء و مشاركتهن العالية في تظاهرات ثورة ديسمبر ألهمت بعض الأقلام المتعاطفة بتوصيف الحراك الثوري بكونه "ثورة النساء" على القهر الذكوري و السياسي المتلبّس بلبوس الدين، و هي قولة لا تجانب الحقيقة لكن ثورة النساء الراهنة ما كان لها أن تكون لولا تضامن جمع الذكور التقدميين الذين صاحبوا حركة النساء و افسحوا لها براحا يليق بحجم الغضب المعتمل في نفوس السودانيين ذكورا و إناثا على مدى ثلاثة عقود. ذلك لأن إذلال النساء هو في حقيقته إذلال لكافة أعضاء المجتمع بصرف النظر عن هوياتهم الجنسية. في الأشهر الماضية قطعت حركة النساء و الرجال الثائرون على نظام الإسلاميين في السودان شوطا طويلا على درب المساواة في الحقوق الرمزية و المادية بين الرجال و النساء السودانيات، لكن ما تزال أمام الحركة التقدمية اشواطا أكثر وعورة تتطلب من السودانيين المعنيين بالتقدم جهدا ماديا و نفسيا و أدبيا على قدر جسامة مشروع الثورة السودانية.و في هذا المنظور اسعى لعقلنة الحضور الخلاق لحركة الرجال و النساء المتضامنين على دحر مؤسسات الثقافة الذكورية المسلحة بالحجج الدينية و بسلطة التقاليد البائدة.


حبوبتي كنداكة


اسم الكنداكة راج بين السودانيين في شبكات التواصل الإجتماعي في السنوات الأخيرة، على إتفاق جمعي لتوصيف النساء السودانيات المنخرطات في حركة المعارضة السياسية لنظام الإسلاميين السودانيين. فالكنداكة هو لقب ملكات مروي. و قد كتب صديقنا الباحث الخير محمد حسين
"
.كنداكة: لقب نوبي (دنقلاوي) كان يطلق على الملكة في مروي ، وهو من
مقطعين أصله : قَندِ آقا-Gendi a`aga . قندِ : لها عدة معاني: الكمال، حسن،طيب، اعتدال،استواء.أما (آقا) فتعني:الجالسة ، الباقية.وإليكم بعض الأمثلة للتقريب: قندِ نوق : امش بطريقة صحيحةً. قندِ تيب: قف معتدلاً . قندِ تيق: اجلس جلسة صحيحة، وتجد المفردة (آق) هذه في التحية الدنقلاوية للسؤال عن الحال(سرين آق مي ) ، وكذلك في اسم الملك النوبي( طهراقا ) (طهر آقا) . فالترجمة الحرفية لـ كنداكة (قَندِ آقا) : الجالسة جلسة صحيحة ، وتعني ضمنياً : المتمكنة على العرش.
"
https://www.sudan-forall.org/forum/viewt ... d35c1aa8a0


…و مفهوم سيادة النساء في السياق المروي صار عقيدة شعبية شائعة بين السودانيين المعاصرين الذين ينتفعون به في مقاومة "المشروع الحضاري" للإسلاميين الذي أثبت ، عبر عقود ثلاثة من القهر الذكوري الأبوي الممنهج ،طبيعته الأصيلة في الحط من قدر النساء السودانيات و مصادرة اهليتهن السياسية باسم الإسلام. و من يتأمل في الصورة التي أورثنا إياها التاريخ المروي يرى تلك الملكة العملاقة ترفع ذراعها عاليا بالسيف لتنكل بأسراها المقيدين الباركين عند قدميها. لكن الصور ـ كما الكلمات ـ هي بنات الإلتباس و إنزلاقات المعاني، ومن صورة الكنداكة المروية الرهيبة الماثلة في الرسم الأثري انزلقنا بيسر نحو الكنداكة التي نتمناها و التي نشحنها اليوم بالمعاني الرمزية النبيلة بما يسوّغ لنا اسقاط الإنتماء الوطني السوداني لعمق تاريخي سابق لحضور الإسلام و الثقافة العربية في السودان. في هذا المشهد يتفنن الشعراء و الفنانون الثائرون في تخليق صورة الكنداكة الحبوبة.أو كما قال : »أنا حبُّوبتي كنداكة »ـ.
و قصيدة الشاعر أزهري محمد علي التي صارت شعارا للمتظاهرين تقفو أثر تقليد شعر الحماسة الشعبي حيث يقف الشاعر مخاطبا قومه و يشحذ هممهم في مواجهة العدو و لو كلفتهم المواجهة حيواتهم.هذا التقليد العريق تجدد على يد شعراء تقدميين مسلحين بالوعي السياسي الحديث المصادم من طينة خليل فرح ومحجوب شريف و حميد و القدال وغيرهم من " شعراء الشعب" .الذين جسدت قصائدهم صوت الحركة الشعبية المقاومة للإستبداد منذ عهد الإستعمار لفترة ما بعد الإستعمار بالذات في سبعينيات النميري التي ابتدر فيها العسكر مسلسل العنف في المشهد السياسي السوداني و هيأوا أرض السياسة لقبول عنف الدولة على المواطنين [ في المعتقلات و في بيوت الأشباح في الحواضر و في حروب الإبادة العرقية في أرياف الهوامش]، كشكل عادي من أشكال الممارسة السياسية. في وجه العنف الغاشم خبر الشعب كفاءة الشعر كسلاح يزعزع إرادة الإستبداد. أو كما جرت كلمات محجوب شريف :
"..ـ
مساجينك مساجينك مساجينك
نغرد في زنازينك
عصافيراً مجرحه بسكاكينك
نغني ونحن في أسرك
وترجف وانت في قصرك
وبالسودان مواقفنا
ولمن تهب عواصفنا
ما حيلة قوانينك"

و في مواجهة نظام الإسلاميين خرج الشعب الأعزل و هز عرش الإستبداد و أجبر الطاغية على الرحيل لأن كل كلمة و كل هتاف كان أقوى من الرصاص.أو كما قال الشاعر أزهري محمد علي :
الطلقة ما بتكتل
بكتل سكات الزول
هذه العبارة البسيطة المشحونة بحكمة وجودية عالية في معاني الحياة ، صارت غذاءا يوميا للمتظاهرين الشباب المارقين في مواجهة الرصاص ، ربما لأنها منحتهم أدبا شعبيا على مقاس التراجيديا السياسية التي يغالبونها ، و ربما لأنها نبهتهم إلى وجود إحتمال أدبي جديد يغالبون به الأدب الرسمي الظلامي المتلفـّع بالدين و الذي استثمرته آلة البروباغندا السياسية للإسلاميين لحد الإنهاك .

الطلقة يمّة جواز .. لي حقنا المقلوع
الطلقة يمّة خﻼص .. لي زول خﻼص موجوع
الطلقة يمّة طلوع .. من ذل مهانة وجوع
الطلقة يمّة غسول ..
الطلقة يمّة ثمن .. لي كلمة سمحة وقول
الطلقة يمّة حياة .. لي زول جريح مقتول
زي وخزة الشوكة .. أقصر كمان في الطول
قال المناضل يوم ..
الطلقة ما بتحرق ..
بيحرق سكات .. الزول
بيحرق سكات الزول

والطلقة ما بتقتل ...
بقتل سكات الزول...


 
و حين اعتلت الطالبة آلاء صلاح سطح سيارة وسط المتظاهرين و صدحت بقصيدة الشاعر أزهري محمد علي ، حوّلها سحر الشعر لمقام ملكة كنداكة تستمد بأسها من تضافر آلاف المتظاهرين الشباب الذين يقاسمونها غضب الشعب و عزمه على الخلاص . و من علياء عرشها المرتجل تمنح الكلم جسدا ينتصب عند تقاطع الزمان و المكان و يجعل من الثورة امرأة تتحدى الطغاة الذين أفسدوا و بغوا لعقود طويلة.و قد احتفى الكثيرون بالفيديو الذي يصور وقفة آلاء صلاح و بلاغتها الحركية الرشيقة التي تمثل كرد عفوي على رقص الرئيس المترهل الأخرق الذي تعود ان يدعو الشعب الأعزل لمنازلته في الشارع و هو يقف وراء جنده المدججين بالسلاح. لو كان البشير يدري ان هذه الشابة الثائرة ستصرعه في فضاء المواجهة الثورية لما تجاسر على طلب النزال مع الشعب. هذه الشابة الثائرة جسدت إرادة التغيير من أجل الحرية و الديموقراطية و السلام فتبنتها الخواطر الثورية ،لا في السودان وحده بل في العديد من قنوات الإعلام الشرق أوسطية التي أجبرتها حركة هذه الشابة الثائرة على التأني عند المعاني السياسية الجبارة المودعة في حضور النساء السودانيات في ساحة معارضة الإستبدادـ
:

الطلقة ما بتقتل .. بقتل سكات الزول
نحن السقينا النيل .. من دمنا الفاير ..
ما بننكتم نسكت .. في وش عميل جاير ..
الخوف عديم الساس .. وأنا جدي ترهاقا ....
حبوبتي كنداكة .. وعبد الفضيل الماظ
فرّاس بشيلو الرأس ..

.. »ـ
  السودانيون يعرفون أن هذه " الكنداكة" لم تخرج من فراغ و إنما وراءها جمع غفير من الكنداكات اللواتي لم يغفلن يوما عن مناهضة حكم الإستبداد الإسلامي في السودان..
و قد شهدت بفرح غامرالحيوية النقدية التي طبعت مداخلات مجموعة الشابات في الفيديو الذي سجل وقائع جلسة " شباب توك" التي نظمتها و بثتها قناة دويتشه فيلا [ صوت ألمانيا]
[ أنظر الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=LLgcdCV-IXQ
]
و قد صدقت كلمة الصديق د. محمد محمود في وصف المأزق السياسي والفكري و الأخلاقي لدعاة الشريعة في السودان. يقول محمد محمود أن مناقشة "شباب توك" :"هزّت القوى المحافظة في المجتمع السوداني وأثارت ثائرتها، وخاصة ما قالته وئام شوقي التي تعرّضت لاحقا للإساءة والتجريح والتهديد. لم يكن ما قالته وئام غريبا على آذان الذين يحملون رايات الإسلام في السودان وفي مقدمتهم السيد محمد عثمان صالح، رئيس هيئة الفقهاء، الصوت الرسمي للشريعة، الذي كان مشاركا في الجلسة. ولكن ما كان مباغتا وصادما ومهيِّجا لغضب القوى المحافظة وحَنَقها هو مشهد وئام بالزِّي الذي تزيّت به (والذي يعكس التزامها بحريتها الشخصية) وصرختها التي أطلقتها في وجه الفقيه الأكبر، بانفعال ينضح ثورة وشجاعة، وهي تعرّي قهر الشريعة للمرأة. كانتا دقيقتين صاعقتين التهبت وأشرقت فيهما وئام نارا ونورا. وكان الشيخ مذهولا مندهشا وقد خضّته الصدمة، وكانت الشريعة تقف عارية في قفص اتهام وئام (العارية في نظر البعض).
في تلك الأمسية لم تقف الشريعة وحدها في قفص الاتهام وإنما وقف الإسلام نفسه كدين مؤسَّس في قفص الاتهام. نظر ممثل الشريعة بتعالٍ وزراية لعزّة تاج السر التي جلست أمامه وهي كاشفة الوجه والرأس ليقول لها: إن ربنا يأمرك بأمر وأنك تخالفينه. وأجابته عزّة بتحدٍّ وثقة بأن: ربنا هو من يحاكمني وليس أنت. بهذه الجملة البسيطة الشجاعة جرّدت عزّة رئيس هيئة الفقهاء، وهو المستوظَف ليخاطب الآخرين بصوت السلطة الدينية الآمِر الناهي، من سلطته ونزعتها عنه في لمح البصر. بهذه الجملة البسيطة الشجاعة أزاحت عزّة الرؤية المؤسسية للدين وجهازها الرسمي عن طريقها لتعلن حريتها وتفتح لنفسها (وللآخرين) أفقا أكثر رحابة. وبالإضافة لتحدي عزّة وجد رئيس هيئة الفقهاء نفسه أمام تحدٍّ آخر عندما طرحت أسيل عبدو، الجالسة قبالته، فكرة جذرية وهي فصل الدين عن الدولة (أي العلمانية) كخيار. وأكّد استمرار الحوار ما يلخّص رأيها في تجربة دولة المشروع الإسلامي، التي نشأت وترعرعت في ظلها، وهو أن الدين قد أمسى استغلالا وتسييسا.
"
على أكتاف هؤلاء "الكنداكات" المتمرسات على مواجهة سلطات الإستبداد الرسمية و غير الرسمية في تفاصيل النضال اليومي، تقف آلاء صالح اليوم و نديداتها و من أرحامهن ستولد كنداكات سودان المستقبل.

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

" الدخان " ضار بالصحة

مشاركة بواسطة حسن موسى »



"الدخّان" ضار بالصحة



فى مرا عضاها كلب بتجى تاخد الحقن يوميا لما تمت العشرة حقن واحد من الدكاترة قال ليها حقو تمشي تشوفى الكلب عشان لو مات نوقف الحقن مشت تشوفو عضاها تاااانى &

[ من فيسبوكو حرام]




في يوم المرأة العالمي[8 مارس2019]كتب الصديق محمد محمود كلمة تضامن مع النساء السودانيات الواقفات في وجه الغول الإسلاموي في السودان.و الكلمة منشورة في خيط مجاور تحت عنوان" عندما تصبح الثورة امرأة".و قراءة محمد محمود متعة و نعمة لأنه يخلـّق مكتوبه من كيمياء فريدة يمازج فيها بين آيات علمه و غضبه و شعره في آن. و لا عجب فمحمد من الكتاب الأكاديميين السودانيين القلائل المنتبهين للحكمة الشعبية التي تقول : " التعبير نصف التجارة"، فيصنع على هديها نصوصا تميزها العناية الكريمة بالبعد الأدبي للمكتوب.لكن الأدب، هذه الصناعة المخاتلة، تنطوي، أحيانا، على مخاطر وجودية قلما يتنبه لها الكتاب.لأن الأدب، ليس مجرد أداة طيعة نستخدمها في توصيل المفاهيم المتداولة بين الناس، و إنما هو أيضا أرض واسعة عامرة بالفخاخ و الإلتواءات الآيديولوجية التي تتربص بالكاتب [ و بالقارئ؟]في كل لحظة يستعير فيها وسيلة اللغة. و رُبّ لغة تنبو فتلتف عليك و تكتُبك بينما أنت سادر في كتابتك .جالت بخاطري هذه الفكرة حين قرأت ذلك المقطع من نص محمد محمود الذي يقول فيه :

".. خرجت المرأة، رغم ما حاول الإسلاميون من غرسه في وعيها من دُونية وهامشية، لتصبح قوة مؤثِّرة في الشارع تكسر حاجز الخوف وتطيح به وهي تهتف وترفع شعارات الثورة وتستنشق غازات قنابل قوى القهر غيّر هيّابة وغير آبهة (تلك الغازات التي أصبحت "دخانها" الجديد). وفي قلب كل ذلك تشحذ سلاحا تاريخيا — تزغرد. تنطلق الزغرودة لتطلق وعدَ الفرح بغد منتصر فتندفع موجات المتظاهرين بإصرار وهم يواجهون رصاص قوى القهر. الثائر تلهبه شرارة الزغرودة ويحتضنه ومضها ويلفّه شعاعها، والقاهِر لا زغرودة وراءه وإنما هي الرغبة المجرمة المدمّرة لاجتثاث الحياة وهو يطلق الرصاص يمينا ويسارا، وكأن الرصاص قادر على إسكات الزغرودة وقتل وعدها. »
استوقفتني اشارة محمد لـ " دخان" المرأة الجديد التي تستدعي ذاكرة " حفرة الدخان"في الثقافة الإيروتولوجية للمجتمع التقليدي مثلما استوقفتني اشارته للزغرودة كسلاح تاريخي يحفز المتظاهرين الذكور على مواجهة الموت،و اصابتني حيرة فتوجست من إحتمال أن يكون صاحبي قد انخرط ـ على حين غرة ـ في عادات الأدب الأكتوبري الذكوري المجيد
طبعا شعر الأكتوبريين صار مثل العملة التي انقضت صلاحيتها و مكانه اليوم متحف المحفورات الأدبية السودانية، و ذلك لأن الشبان و الشابات المنخرطات في مقاومة نظامالإستبداد الإسلامي يحتاجون لشعر جديد يراعي خصوصيتهم كأفراد موجودين في العالم و واعين بكونهم فاعلين فيه و منفعلين به في آن.
فكتبت اسائله :
13 مارس 2019
"
نظرت في كلمتك" المرأة كاملة عقل، عندما تصبح الثورة امرأة " التي جلبها لمنبر "سودان فورأول" الصديق العزيز عثمان حامد و استوقفتني عبارتك التي تقول فيها :
" خرجت المرأة، رغم ما حاول الإسلاميون من غرسه في وعيها من دُونية وهامشية، لتصبح قوة مؤثِّرة في الشارع تكسر حاجز الخوف وتطيح به وهي تهتف وترفع شعارات الثورة وتستنشق غازات قنابل قوى القهر غيّر هيّابة وغير آبهة (تلك الغازات التي أصبحت "دخانها" الجديد). "ـ

في عبارتك "(تلك الغازات التي أصبحت "دخانها" الجديد) » أظنك غفلت عن رؤية الصورة الراهنة التي تبدو فيها هذه المرأة الشابة التي خرجت في مواجهة الغول الإسلامجي لتنازع سدنة النظام و تقارعهم الحجة بالحجة، كما شهدنا في أكثر من فيديو مبذول في الأسافير و ليس آخرها الجدال البديع مع ذلك البروفسير المزعوم المتسمي برئيس مجلس علماء السودان أو تلك الفيديوهات الكثيرة التي تبدو فيها النساء الشابات في منازعة جسدية صريحة ضد عساكر النظام العام المسلحين بالهراوات و الغاز و الرصاص و انواع البذاءات الشنيعة التي ينكرها كل سوي على إختلاف العقائد.أقول : أراك غفلت عن رؤية هذه الصورة الجديدة للمرأة السودانية لأنك جمّلتها بـ "دخان" جديد من عتاد نظام الإستبداد بينما هي ،في خروجها البطولي الباهظ ، تغادر " حفرة الدخان" و جملة حفر الثقافة الذكورية السودانية التي تصونها العقيدة الجمالية لطبقة وسطى عربسلامية متذرعة بحفظ التراث و تكريس أصالة الهوية الثقافية السودانية و غير ذلك من ترهات الذكور العربسلاميين المذعورين من انفراط عقد الهيمنة الرمزية و المادية الذي بنى عليه أراذل الذكور المسلمين امتيازهم المذنب الطويل على جنس الإناث. و رؤيتي لغفلتك عن رؤية الواقع الجديد للنساء الخارجات يعززها قولك في الزغرودة كسلاح تاريخي تشحذه المرأة الثائرة " لتطلق وعد الفرح بغد منتصر فتندفع موجات المتظاهرين بإصرار وهم يواجهون رصاص قوى القهر. الثائر تلهبه شرارة الزغرودة ويحتضنه ومضها ويلفّه شعاعها، والقاهِر لا زغرودة وراءه وإنما هي الرغبة المجرمة المدمّرة لاجتثاث الحياة وهو يطلق الرصاص يمينا ويسارا، وكأن الرصاص قادر على إسكات الزغرودة وقتل وعدها.» ـ
 فما معنى هذا التصويت الأنثوي الغريب الذي ينتشر في مشارق بلاد العربان و مغاربها تحت اسم الزغرودة؟استخرت سيدنا قوقل ،كرم الله وجهه ،و أفادني بأن " الزغروتة أو الهلهولة وتسمى أيضاً اليباب او، الغطرفة في الخليج العربي
والزغاريت جمع التزغريته في المغرب العربي، هي صوت الولولة، وتصدر بالتحريك الجانبي للسان داخل الفم على أن يكون متتابعاً، مع إصدار الصوت بإخراج الهواء من الحلق بقوة وقد تتم الاستعانة باليد، ويكون الصوت الناتج هو زغرودة. »ـ
"..في بعض المدن والحواضر المغربية مثل مدينتي الدار البيضاء وبني ملال، تبادر نساء الأسرة التي استقبلت مولودا ذكرا لإطلاق ثلاث زغاريد حارة دليلا على فرحة الأسرة العارمة به، وزغرودة واحدة فقط للأنثى، وهي عادة آخذة إلى الاندثار.
وذكر هوميروس ولولة المراة الليبية الشمال أفريقية وعبر عن اعجابه بصوتها
في الإلياذة يصم الملك عوليس اذنيه حين كان في مركبه قرب الشواطىء الليبية حتى لا يسمع اغاني الليبيات التي تسمى سيريناد.
أنظر الرابط
https://ar.wikipedia.org/wiki/زغردة

فما غرض الزغرودة إذن ؟
هل هي صيحة حرب تطلقها الأناث لتحفيز الذكور على مواجهة الموت في ميدان القتال؟ أم هي تصويت الأنثى الضعيفة المرتاعة التي تستجدي شهامة الذكور و تستنفر نخوتهم لحمايتها من مخاطر الموت أو السبي و الإسترقاق على أيدي الذكور المعادين [ وا معتصماه]؟ أم هي وعد إيروسي تبذله الإناث للذكور الخارجين للقتال الذين ، حين يعودون، [ لو عادوا ]، فيجنون عائد البلاء الحسن في ساحة الوغى،[ و لو ما عادوا فمآلهم جنان مأهولة بما طاب من الملذات من حور عين و خلافه جزاءا وفاقا لفضيلة الإستشهاد في سبيل الحق و كذا]. الزغرودة ـ في نظري الضعيف ـ هي كل هذه المعاني في آن واحد. و هي تعبير بالصوت المسموع عن إلتزام الإناث في المجتمع الشرقي باللوائح التي تعرّف دور الأنثى و نوعية سلوكها داخل الجماعة الشرقية. و هي لوائح كتبها الذكور و ألزموا بها جماعة الإناث يتوارثنها أم عن جدة. و الرجل لا يزغرد، بل أن زغرودة الرجل تملك أن تؤوّل كطعن في رجولته أو كنوع من التخنّث أو التشبه بالنساء.طبعا هذا لا يمنع الذكور في بعض أقوام السودان العربسلامي من إطلاق الـ " روراي" الذي يمثل كصيحة حرب ذكورية تشبه الزغرودة و تشتبه بها أحيانا.
لائحة الزغرودة القتالية تنص على تصميم حركة مسرح المعركة [الـ " ميزانسين «]ـ  بحيث تتقدم مجموعة الذكور المقاتلين و من خلفهم مجموعة النساء المزغردات . و النساء في هذا المشهد لا يقاتلن رغم أن مصائرهن تظل مرتهنة بنتيجة القتال.و هن في كل معركة يقامرن ، رغما عنهن ، مقامرة كبيرة، حين يبذلهن الولاة الذكور موضوعا محتملا للأسر و السبي و الإذلال.و هذا الواقع يلهمهن إجتراح أنجع الوسائل ل تحفيز الذكور على الإنتصار.و في هذا المشهد فالزغرودة تصبح جزءا من ترسانة متكاملة من عتاد الأدب القتالي النسائي الذي يتنوع بين شعر الحماسة و الفخر و الهجاء مع الغناء و الموسيقى و التطبيل.
و لو عدنا لمشهد النساء السودانيات الخارجات ـ منذ شهور ـ في مواكب الإحتجاج السلمي ضد نظام الإسلاميين السودانيين، فواقع الحال يكذب " ميزانسين" المشهد الحربي العربي التقليدي. ذلك أن النساء السودانيات المعارضات يمشين في مواكب الإحتجاج السياسي جنبا إلى جنب مع الذكور المعارضين و يتعرضن للغاز و الضرب بالهراوات و الرصاص و الإعتقال و الإذلال . بل هن يتعرضن حتى للإغتصاب الذي يستخدمه زبانية نظام الإسلاميين كسلاح سياسي لإرهاب الخصوم. و في هذا المنظور فزغاريد النساء السودانيات المارقات في الشوارع لمواجهة الغول الإسلاموي تقتضي من المراقب قراءة جديدة تموضع الزغرودة كصيحة حرب نسائية تحفز بها المزغردة نفسها ككائن ذي سيادة رمزية مميزة عن السيادة الرمزية للذكور الذين يشاركونها فعل الإحتجاج في الفضاء العام. هذا الموقف الجديد من الزغرودة يملك أن يحررها بالمرة من حرز علامات الأنوثة ليجعل منها علامة إحتجاج[ أو علامة ابتهاج] مبذولة لكافة المحتجين [ أو المبتهجين] بصرف النظر عن هوياتهم الجنسانية. هؤلاء الثوار الذكور الذين يزغردون في معية الثائرات على نظام الإسلاميين لن ينتظروا زغاريد النساء فيندفعون لمواجهة رصاص قوى القهر بعد أن تلهبهم شرارة الزغرودة ويحتضنهم ومضها ويلفّهم شعاعها ، إلى آخر كلام الشعراء. هؤلاء الذكور المزغردون هم طليعة الثورة الجمالية العميقة التي يمكن ان تتمخض عن التغيير الحقيقي الذي ينتظره المجتمع السوداني الجديد. و حين تصبح هذه الثورة الجمالية واقعا فإن المتظاهرين السودانيين الجدد سيجدون صعوبة كبيرة في فهم ادب الزغاريد الماثل في ثنايا أدب الشعراء العظام الذين ـ بحسن نية ذكوري كبير ـ تغنوا بأمجاد الشعب السوداني و مدحوا بطولاته بآيات من سوء الفهم الأبيض الفريد. و الله ـ كان ما نخاف الكضب ـ فعبارتك الشاعرية يا محمد ، هي ، في حقيقتها الأدبية ،وجه من وجوه الإستذكار العفوي لأدب الأكتوبريين الأماجد و في طليعتهم شاعرنا الضليل العظيم الذي قال في " أناشيد أكتوبر" :
"
في لحظة الغدر الذميم ينبعث من خلفنا
زُمَرُ الزغاريد التي صدحت بها أخواتنا
فتسوّخت قدم الكفاح على لهيب المعركة
ثبـّتن أقدام الكفاح على لهيب المعركة
الدم يرخص و الرئات لتنشوي
لن تنثني خطواتنا المتشابكة
.
الأربعاء على جبين الدهر لؤلؤة و متـّكأ انتصار
زغرودة تحمي ظهور الثائرين و كأس أفراح تدار.. »
[ أمتي ، محمد المكي ابراهيم]ـ

حسن

…......
كتب محمد محمود في
14 مارس 2019

عزيزي حسن
تحية طيبة

لك جزيل الشكر على حفريتك. عندما انتهيت 
من قراءة ملاحظاتك وتأملاتك الثاقبة (وأنت عندي
من ذوي النظر الليزري) قلت لنفسي: أنا لم أحفر
حفرة دخان ولكن هاهو حسن يحفر حفرة ذات
دخان نقدي يدخل المفاصل ويتسرب للعظام.

تلك المرأة التي نراها اليوم في المظاهرات امرأة جديدة.
وعندما استخدمت تعبير الدخان قصدت به في واقع
الأمر مغادرتها للحفرة ودخولها في معترك جديد أصبحت
غازات البمبان فيه "دخانها" الجديد. هذا هو قصد العبارة.
وعلى مستوى آخر فالعبارة رد على الصادق المهدي الذي
استخدم صورة حفرة الدخان بمعناها التقليدي وهو في مقام
التقليل من قيمة انتفاض الشباب.

وعندما نأتي للزغرودة فالمسألة أكثر تعقيدا. ولقد فكرت كثيرا
في الزغرودة ومغزاها في هذا المقام. وجدتها شحذا لسلاح قديم
تقوم المرأة بتوظيفه في السياق الثوري الجديد. وهنا تأتي تأملاتك عن
تاريخ الزغرودة ووظائفها وما تعنيه في مختلف السياقات. وهي تأملات 
ثاقبة نحتاج للتحاور فيها لنرى ما للزغرودة وما عليها وخاصة أن
همنا هو تحليل وعينا والغوص في مختلف طبقاته لوضع أيدينا
على تشوهاته. نعم، كنت مدركا أن الزغرودة منطقة ملتبسة ذات
موج متلاطم ولكنني قررت وأنا أتأمل الوضع الثوري من زاوية مساهمة
المرأة ألا تفلت من يدي لأنني رأيت فيها دورا تواطأ شباب الثورة عليه. وبالمقابل
كان لابد من التأكيد على أن قوى القمع لا زغرودة وراءهم. طبعا هذه
منطقة غنية بالكثير من الزاد للتفكير والتأمل وربط الخيوط. ولكن وفي تقديري وبصرف 
النظر عما يمكن أن نقوله عن الزغرودة فإنها تبقى الآن وحتى إشعار آخر  
أداة من أدوات رفع درجة الغليان الثوري وتبقى صوتا كلما سمعه 
القامعون تسرب في أوصالهم الخوف. »ـ 

كلمة محمد محمود القصيرة تفتح أمامنا باب التفاكير في أولويات الثورة و أدواتها. و هو باب تأتي منه الريح ـ ريح التغيير ـ حتى و هو موصد، لكننا مضطرون لفتحه على مصراعيه و الكاتل الله و البحيي الله و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

Female Genital Mutilation

مشاركة بواسطة حسن موسى »





In a Victory for Women in Sudan,
Female Genital Mutilation Is Outlawed
A new law criminalizes genital cutting, a harmful practice that nine in 10 Sudanese women are said to have endured. But some warned laws alone cannot eliminate the practice.




By Declan Walsh
April 30, 2020


CAIRO — Sudan’s new government has outlawed the practice of female genital mutilation, a move hailed as a major victory by women’s rights campaigners in a country where the often dangerous practice is widespread.
The United Nations estimates that nearly nine in 10 Sudanese women have been subjected to the most invasive form of the practice, which involves the partial or total removal of external female genitalia and leads to health and sexual problems that can be fatal.
Now, anyone in Sudan who performs female genital mutilation faces a possible three-year prison term and a fine under an amendment to Sudan’s criminal code approved last week by the country’s transitional government, which came to power only last year following the ouster of longtime dictator Omar Hassan al-Bashir.
“This is a massive step for Sudan and its new government,” said Nimco Ali of the Five Foundation, an organization that campaigns for an end to genital mutilation globally. “Africa cannot prosper unless it takes care of girls and women. They are showing this government has teeth.”
Genital mutilation is practiced in at least 27 African countries, as well as parts of Asia and the Middle East. Other than Sudan and Egypt, it is most prevalent in Ethiopia, Kenya, Burkina Faso, Nigeria, Djibouti and Senegal, according to the United Nations Population Fund.
“The law will help protect girls from this barbaric practice and enable them to live in dignity,” said Salma Ismail, a spokeswoman in Khartoum for the United Nations Children’s Fund. “And it will help mothers who didn’t want to cut their girls, but felt they had no choice, to say ‘no.’”
“Now,” she added, “there are consequences.”
Experts warn, however, that a law alone is not sufficient to end the practice, which in many countries is enmeshed with cultural and religious beliefs, considered a pillar of tradition and marriage, and supported by women as well as men.

“This is not just about legal reforms,” Ms. Ismail said. “There’s a lot of work to be done to ensure that society will accept this.”
In Egypt, for instance, genital cutting was banned in 2008 and the law amended in 2016 to criminalize doctors and parents who facilitate the practice, with prison sentences of up to seven years for performing the operation and up to 15 if it results in disability or death.
Yet prosecutions are rare, and the operations continue quietly, with 70 percent of Egyptian women between 15 and 49 having been cut, mostly before they reach the age of 12, according to the United Nations.
Earlier this year, a 12-year-old Egyptian girl died on an operating table at a private clinic as a retired doctor performed genital mutilation without an anesthetic. In February, the Egyptian authorities referred the doctor and the girl’s parents for prosecution.
As global and local campaigns to end the practice have grown in recent years, some communities have slowly begun to turn against genital cutting, which is often seen as a rite of passage in communities of various faiths. In some places, campaigners have come up with alternative initiation ceremonies.
One such program among the Maasai in Kenya, where cutting has been outlawed since 2011, has reportedly helped saved at least 15,000 girls from the practice.
Most Sudanese women undergo what the World Health Organization calls Type III circumcision, an extreme form of the practice in which the inner and outer labia, and usually the clitoris, are removed. The wound is then sewn closed in a practice known as reinfibulation that can cause cysts, lead to painful sex and prevent orgasm.
Word of the new law has yet to reach many Sudanese, as a result of a strict lockdown to prevent the spread of the coronavirus.
“The timing has been unfortunate,” said Ms. Ismail, of the United Nations. “Everyone was preoccupied with Covid-19,” she added, referring to the disease caused by the coronavirus.
Still, attitudes had already been shifting. Six of Sudan’s 18 states enacted laws to restrict or ban genital mutilation, beginning in 2008, but the measures were applied with limited success and resulted in no prosecutions, according to a report by 28 Too Many, a campaign group.
In 2016, Mr. al-Bashir, the country’s ruler of three decades, tried to introduce a national law banning the practice, but the effort was quashed by religious conservatives. The transitional government that replaced Mr. al-Bashir, a power-sharing arrangement between civilian and military leaders who have agreed to steer Sudan to elections in 2022, has overcome that hurdle.
Under Prime Minister Abdalla Hamdok, women ministers lead five government ministries, and the government has repealed unpopular Bashir-era laws that dictated what women could wear or study, or even where they could congregate in public.
Tensions between military and civilian leaders have led to political turbulence, and even stoked fears of a possible military coup, inside the transitional government. Even so, significant changes have taken place.
The minister for religious affairs, Nasr al-Din Mufreh, recently attended a ceremony marking International Day of Zero Tolerance for Female Genital Mutilation. “It is a practice that time, place, history and science have shown to be outdated,” he said, adding that it had no justification in Islam.
The minister said he supported the campaigners’ goal of eliminating the practice from Sudan by 2030.

https://www.nytimes.com/2020/04/30/worl ... v5kzlYu3l8
أضف رد جديد