مؤتمر"الحداثة وصناعة الهوية في السودان:

Forum Démocratique
- Democratic Forum
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

يمكن القول
ان هذا المؤتمر من اكبر المؤتمرات التى اقيمت عن الفكر والثقافة السودانية
بما توفر له من حسن التنظيم
وما دار فيه من حوار
ومن شارك فيه من قامات
وما قدمت من اوراق سوف تصبح مرجعا هاما يؤرخ ويدرس الشعر والغناء والرواية والتشكيل والموسيقى السودانية
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

على أتم الاستعداد يانجاة، للطباعة، ولكل ما تتوسمين فيّ القيام به.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

أعزائي تماضر، محمد حسبو، عادل القصاص
شكراً لتضامنكم الذي كنت متأكدة منه بالطبع. سأتواصل معكم وننسق.
بولا يعرب لكم عن امتنانه ومحبته.

نجاة



صورة العضو الرمزية
تماضر شيخ الدين
مشاركات: 356
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:14 pm
مكان: US

مشاركة بواسطة تماضر شيخ الدين »

ولسة ما سوينا شي...
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

ددد

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

أوراق ومداولات المؤتمر

أكدت ان أسئلة الستينات والسبعينات ما زالت حاضرة وملحة فى 2015

القطيعة المعرفية كمفهوم مركزى فى الحداثة
لم تتحقق فعلى المستوى السياسى نكرر نفس افكار واساليب سياسية متخلفة ولم ننتقل الى مستوى الديمقراطية والحوار بدل عن الحرب والتداول السلمى بديلا عن القوة فى تغير السلطة
وعلى المستوى الاجتماعى لم نحقق افكار حداثية فى التعامل مع المرأة والعدالة الاجتماعية
وعلى المستوى الاقتصادى تحكمنا اقتصاديات اكثر قسوة ووحشية
وعلى المستوى الفكرى والمعرفى نتراجع

وفى موضوع الهوية راوح سؤال الغابة والصحراء مكانه عشرات السنوات((هل نحن عرب ام افارقة))

قبل المؤتمر كنت اتساءل بطريقة ناقدة عن جدوى استعادة الستينات والسبعينات وبعد المؤتمر ومادار فيه من حوار عميق
تأكد لى ان الاسئلة ما زالت ضرورية((دون ان نضع هذه الاسئلة فى خانة الملهاة او المأساة))

تعجبنى اسئلة التهكم والسخرية واظن ان لى حظ فيها
ولكن
لم تقنعنى اسئلة
ساخرة
مثل اها ان شاء الله الجماعة ديل لقو لينا هوية
او زدنا حيرة فى هويتنا بعد المؤتمر

فالمؤتمرات الفكرية الكبيرة يكفيها اجتراح الاسئلة الكبرى وليس الاجابة عليها
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



عندما لا يسقط الإنسان الممتاز

انتجت الثارات القديمة كم من المعارك التي تطور الإنسان ، في ظل الحداثة في مطلع السبعينات من القرن الماضي ، وبين النتاج الفني لمدرسة الخرطوم ، والنُظم البيروقراطية لتدريس وتقييم الأعمال الفنية التي ينتجها الطلاب وهم نُشطاء في مؤسسة الإبداع ، ويتتلمذون في ذات الوقت .
افترع هذه المعركة التي تقدم من شأن تطوير الأعمال الفنية ، ونزعها من الغيوم الفلسفية ، التي أحياناً تُختفي في بطونها كم من الضعف الفني التقني . وقد ظل كثيرون وفي طليعتهم الدكتور عبد الله بشير "بولا" ينبه إلى ضعف المؤسسة التعليمية في كلية الفنون الجميلة سابقاً ، وتم نشر الكثير من الكتابات في منتصف السبعينات .
كان الأستاذ " بولا " في ذلك الزمان و في سابق عهده ذاك مدرساً في كلية الفنون ، وبقدرة التيار التقليدي ، تم نقله من كلية الفنون إلى مدرسة ثانوية !!!
وكان البعض في إدارة كلية الفنون يعتبره مناصراً للمتمردين على المؤسسة ، وتم فصل مجموعة من الطلاب ، كانت مذبحة أكاديمية غريبة !!.
يحتاج الدكتور " بولا " إلى مؤتمر خاص به ، فهو من مؤسسي جماعة ( الهدهد ) الثقافية ، وهو من السابقين في رؤيته هزيمة الواقعية الاشتراكية في الفن ، فقد تنبأ بانهيار التأسيس الثقافي للواقعية الاشتراكية منذ 1976 . وقد قدم في محاضرة بأحد قاعات كلية الهندسة ، أوضح فيها الكثير من مسالب كبت الحريات وضد الدعوة لتبعية الفنون التشكيلية للخطاب السياسي .

من هنا نحيي المثقف ( العملاق ) الذي كان له امتياز تحويل قضية الفنون من أبراج عاجية إلى دور الفقراء ، وقد نبه أيضاً " حسن موسى " في ذات الفترة ، بمقالة مستوحاة من عدد من السيدات السودانيات ، وقد زُرنَّ معرضه في أبوجنزير – ذاك الزمان – وهو الوحيد الذي كان في المعرض . صار يرقبهُن يتحدثن عن علائق الألوان والتشكيلات ، مما أدهشه المداخل التقنية التي يجهلها الكثير من مُدعي ثقافة الامتياز ، لتتفوق المرأة العادية ، في النظرة الفنية الحقيقية التي ينتظرها الفنان .
وبالذكر ، فإن الأستاذة " كمالا إبراهيم إسحاق " في ورقتها التي قدمتها في مؤتمر الشارقة (10-12 أبريل 2015) عن تجربتها باعتبارها من الحداثيين في مسألة العمل الفني الأكاديمي ، فقد قدمت في ورقتها الكثير من الأعمال الفنية لعماتها وخالاتها ، من نماذج " الفن بين أصحابه الحقيقيين الذين غيبهم الإنسان الممتاز في مؤسسة الاحتكار .
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

افتتحت جلسات المؤتمر بورقة منصور خالد
حاولت ان اسجل اهم الافكار الواردة نسبة لعدم توفر الورقة

تناول مشكلة الهوية فى بلد متعدد الثقافات
وعاد الى تاريخ قديم فى الثلاثينات لقراءة مقولات قادة مدرسة ابوروف والهاشمات
واختار نموذج محمد احمد محجوب المفتخر بعروبته مقارنة مع نموذج محمد عشرى الصديق وهو من جذور شلكاوية
اورد نموذج لعبارات للمحجوب تحصر قومية السودان فى العنصر العربى والديانة الاسلام
وقال من حقنا المفاخرة بلغتنا العربية ولكن هناك ثقافة اقدم من العربية وليس من حق احد الزراية بالاديان الاخرى
انكر المحجوب الحضارة النوبية وتذكرها فقط كاثار ولم يتطرق الى اختراع اللغة النوبية منذ زمن قديم
وعلق على اشارة المحجوب للحضارة النوبية بانها وثنية وقال الشعر الجاهلى كان فى زمن الوثنية قبل الاسلام ولم يقلل ذلك من ابداعه
واستغرب ان المحجوب كان مثقفا وقارئا ولم ينتبه الى اشعار شوقى الذى كتب عن الفرعونية او روايات نجيب محفوظ التى افتخر فيها بالفرعونية مثل كفاح طيبة عبث الاقدار
عشرى فى الجانب الاخر كان يريد ان ينضد كل الثقافات فى عقد واحد
اورد منصور حادثة اجابة وزير التربية شيخ على عبد الرحمن على سؤال نائب جنوبى فى البرلمان عن العروبة فى السودان
والتى قال فيها السودان دولة عربية ومن لايشعر بانه عربى عليه مغادرةالسودان
وقال مازحا عن هيمنة اللغة العربية يكون عندك لغةيدوك عليها هوية
اشار منصور خالد الى نموذج الهند كبلد متعدد الثقافات كالسودان يمكن ان تشكل تجربته نموذجا لمعالجة موضوع الهوية
وضرب مثل بانه بالرغم من ان غالبية السكان من اصحاب الديانةالهندوسيةلم ينص الدستور على انها الديانة الرسمية
كذلك سمح فى الدستور بتعدد اللغات ولم تفرض اى لغة
اشار على دور جعفر محمد على بخيت فى اجتراح عبارة كريم المعتقدات للاشارة الى الديانات الافريقية فى السودان بدلا عن وصفها بالوثنية
اورد للمفكر ارنست رينار((دعوة لنظرية اكتشاف الذات الوطنية))

هذه بعض الافكار الرئسية الواردة فى ورقة د منصور
ونحن فى انتظار نشر الورقة وبقية الاوراق الاخرى الهامة والعميقة
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

كلمة د عيدابى

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

سمو الشيخة حور بنت سلطان القاسمي

أيها الإخوة والأخوات الضيوف الأعزاء

أيها الجمع الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،


يستقبل هذا المسرح اليوم نخبة نادرة من أهل الفكر والثقافة والآداب والفنون في السودان، أكاديميون ومبدعون يأتون من الشتات ومن ربوع السودان. هم تجمّع استثنائي بمعنى الكلمة، قلّ أن يجود به الزمان، هم رموز سودانية يعتز بهم أهل السودان، قوس قزح للسودان الحديث المعاصر الذي لا يعرفه الكثيرون لعزلة لنا أو لتقصير الآخرين، فنحن "هامش" في أحوال كثيرة، بيد أنه هامش قد يتجاوز المتون؛ فقراءته قد تفيض على مركزه مثلما حلّ بالشارقة، من هامش أو ثغر ثقافي إلى مركز ألغى نظرية المركز والهامش.

هذه الكوكبة تأتي إلى الشارقة في وقت صعب لتتحاور حول حقبتين تأسيسيتين للثقافة، بل للحياة السودانية بُعيد الاستقلال مباشرة، عايشت فيها البلاد فترة عسكرية حتى قيام ثورة أكتوبر 1964، ثم تحوّلت مجدداً بعد فترة وطنية إلى حكم عسكري في مايو 1969م، لتشهد في العام 1972م حكماً ذاتياً لجنوب البلاد.

هذا التجمع الذي سوف يثرينا بمداخلاته وأطروحاته حول الحداثة وصناعة الهوية في السودان، يضم مفكرين وأهل ثقافة وأدباء وشعراء ومسرحيين وسينمائيين وتشكيليين من أجيال فيهم المرأة نصفنا الآخر الذي له دور كبير في بلادنا، وفيه الأجيال الجديدة مما يعني أن رابطة العقد في كمال. هم أهل الود، والترحيب بهم شرف

لنا جميعاً. إنني على وجه الخصوص سعيد السعادة كلها أن شُرفت بتحيتهم وقول كلمة أهلاً لهم، فلقد عرفت كثيرين منهم، وتعلّمت من كثيرين منهم العلم النافع، وزاملت بعضهم، إلا أنني بعد شتات واغتراب وفراق ألقاهم في الشارقة لأفرح بوجودهم البهي وطلّتهم الفكرية الثقافية، وتجشّمهم المشاق ليكونوا هنا لأجل الوطن العزيز.

في حضرتكم زاد شوقي واشتياقي لكم، فما كان ممكناً هذا اللقاء لولا مبادرة الشيخة حور ومباركة سمو حاكم الشارقة لهذا المؤتمر الذي فيه نفع كثير لأهل السودان.

خمسون عاماً وخمسة أشهر وعشرة أيام مرت على أكتوبر (21).

وثلاثة وأربعون عاماً على الحكم الذاتي لجنوب البلاد.

فكيف ننظر إلى سودان حقبتي الستينيات والسبعينات وشطر من الوطن أخذته غابته، وشطر في صحرائه؟

كيف نغني لأكتوبر الأخضر؟ وكيف نفكر مع ملوال؟

هرمنا والوطن ناء قصي وبعيد، ونحن رفاق الشهداء.. قضوا نحبهم وضاع الوطن، حنينهم ونحن في الشتات هاج في الصدر

أنتم الصفوة، تأتون خفافاً، أضلعي امتدت لكم : كيف هو الوطن الذي لا تحده نيمولي، وليس فيه دينكاوي أو نويري، وفيه شايقي وجعلي؟ من يرفض من، ومن يقبل من؟

الأجيال الأصغر سناً، التي بين ظهرانينا الآن، لم تعش المحن والشدائد، ولم تعرف خساراتنا.

لكم كان الوطن جميلاً في تناقضاته وإثنياته، في تعدديته وثقافاته، في الوازا والكمبلا والطمبور وفي فنونه المبدعة، في الضل الوقف ما زاد، في قطار الغرب، والسكة الحديد التي قربت المسافات في الوطن الحار الجاف المترامي الأطراف والذي أضاعوه، وأي وطنٍ أضاعوا.

كنا في الغابة والصحراء نتوخى عدم الوصول إلى ثقافة الحرب والتفرقة والعنف والتمييز، نتغنى بثقافة الدعوة إلى الوجود المغاير الذي يستنبط تربية جديدة وحواراً جديداً وتآلفاً مجتمعياً جديداً.

ربما أمكن لمؤتمر الحداثة وصناعة الهوية في السودان هذا، استعادة حقبتي الستينيات والسبعينيات، بأن يقتطع من الوقت المضاف ليوجد أرضاً جديدة تنقذ ما تبقى من السودان من الإنقاسامات

والعنف الدامي الذي يعيشه، ليرصف أرضاً جديدة لإلتقاء الجهات كافة، لقاء الغابة والصحراء، فليس ما فات فات وما مضى مضى. مصيرنا مشترك ومستقبلنا واحد مثل الوطن الواحد الحدادي مدادي...فأنتم أدرى بشعاب وطنكم، والأمل فيكم معقود.

فاتني أن أقول كلمة في حق شارقة سلطان القاسمي، الشارقة التي بنى فيها القاسمي قاعة لإفريقيا تطلعاً إلى تعاون وصلات ومصالح مشتركة، وبنى في الخرطوم قاعة للشارقة أخوة ووفاء.

هذا المكان الذي نحن فيه هو فرضة ميناء الشارقة منذ الماضي البعيد، من هنا كانت تبحر السفن إلى عيذاب ومصوّع وإلى مواني البحر الأحمر، كما كانت تبحر إلى السواحل الإفريقية في زنزبار وممبسا وسوفالا.. وكانت العلاقات متصلة بين مناطق "الساحل العماني" وشرق إفريقيا والبحر الأحمر.. هنا المكان أشبه بسواكن القديمة. هذا المكان تمّ ترميمه وتأهيله ليصبح منطقة للفنون والتراث. جزء منه تستثمره مؤسسة الشارقة للفنون وفي جزء كبير منه يُنظم بينالي الشارقة للفنون.

كريمة سموه الشيخة حور رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، وأخي صلاح حسن من جامعة كورنيل الأمريكية بادرا معاً إلى تنظيم هذا المؤتمر البالغ الأهمية نيابة عن سموه. الشارقة جمعتنا في سماحة وكرم انطلاقاً من موقف ورؤية وتضامن لصياغة غد أكثر حرية وعدل وإنسانية.

أقول نيابة عنكم: شكراً سلطان الثقافة والفكر، شكراً للشارقة على هذا التجمع الذي ما كان ليلتئم لولا هذه المبادرة الاستثنائية.

وعليكم أجمعين السلام، وبكم السلام للوطن


______________________
كلمة د يوسف عيدابى الرائعة فى افتتاح المؤتمر
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و ما هوية "الهوية"؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »




سيرة الكون

أثناء ايام المحفل المنصوب لمناقشة سؤال الهوية و الحداثة في سودان الستينيات و السبعينيات انتابني شعور غير مريح بكوني انتمي ، رغما عني ، للإضمار العام المخيم على المنتدى و فحواه أننا هنا، في هذا المنتدى الحديث، إنما ننتمي بسلامتنا لفريق الحداثيين الأخيار مقابل فريق التقليديين من الطائفيين و الإسلاميين السلفيين و من لف لفهم من الظلاميين من خاتني الفتيات الذين يقضون سحابة يومهم في استنباط الفتاوى السوريالية حول ارضاع الكبير و نكاح الرضيعة إلخ. و مصدر قلقي هو في الإفتراض القائل بإمكان الفلتان من قدر الحداثة، و هو فلتان مزعوم يسوّغ عليه " البعض" [ و انا اضع " البعض " بين الأهلة لأنها تنطوي على اشتات و فئات سياسية و مفهومية ما أنزل الله بها من سلطان ]تبسيط ـ و قيل مصادرة ـواقع الصراع الطبقي المعاصر بطريقة تحفظ لأهل الإمتياز من عيال العربسلاميين حظوتهم المادية و الرمزية داخل المنازعة الطبقية المستعرة في السودان كإمتداد طبيعي للمنازعة الطبقية الكونية.طبعا دي فولة لا يسعها مكيالنا الراهن لكن صبرا.
و النقاش حول موضوع المنتدى، الحداثة و الهوية في السودان ، واسع و شاسع و كمان مترامي الأطراف لأنه ببساطة يعني تاريخ العالم و قيل: سيرة الكون بحاله. و من هنا فهو وكالة من غير بواب مفتوحة للغاشي و الماشي. و في فئة " الغاشي و الماشي " كان هناك جمع من المتحدثين ، جلهم أناس لا قدح في رصانتهم الفكرية سوى أن مساهماتهم خارجة على الموضوع المعلن عنه في عنوان المنتدى: "الحداثة و صناعة الهوية في السودان، استعادة حقبة الستينيات و السبعينيات". طبعا تحديد الموضوح بحد " الستينيات و السبعينيات" لم يمنع بعض المتداخلين الشباب المولودين ـ كان ما نخاف الكضب ـ في نهاية السبعينيات من الخوض في الأمور المشتبهات لجيوبوليتيك الثقافة السودانية أثناء تلك السنوات العامرات، بينما بقي عدد من الأشخاص الذين صنعوا تاريخ تلك الحقبة بعيدين عن دائرة هذه المناقشة .و لقد حصل تنويه ، في هذا المنبر ، من طرف بعض الكتاب حول" تجاهل" مساهمة شخص كعبد الله بولا، و هو تنويه مشاتر لأن أهله يجهلون الظروف التي منعت بولا من المساهمة في المناقشة، طبعا أنا اتصور أن هناك جملة من الصعوبات التنظيمية و المفهومية جعلت منظمي المؤتمر يقدمونه بهذه الصورة التي عرفناها و عزائي في كون " الجايات لا بد أن يكنّ أفضل من الرايحات" و هيهات، لكني أكتب هذا الكلام و في خاطري غياب مساهمات اشخاص من وزن د. حيدر ابراهيم علي[ أنثروبولوجيا الدين و السياسة] أو الشيخ محمد الشيخ[ الفاعلية] او د.محمد محمود[ نقد الفكر الديني]أو د. عثمان الخير [ العمارة] أو عبد الرحمن نجدي [ السينما] و كلهم مفكرون انتجوا ادبا يعتد به في الحقبة موضوع المناقشة كما أن انتاجهم لم يتوقف حتى اليوم.
الكلام في موضوع الهوية السودانية أمر شائك و مركب و عامر بالمزالق المفهومية، و لو شئت حذرا فقل" موضوع الهوية في السودان"، لأنك من اللحظة التي تقبل فيها عبارة " الهوية السودانية" تجد نفسك أمام نصب الإتفاقات الإعتباطية التي راكمها آيديولوجيو الطبقة الوسطى العربسلامية الملتحقين بالمؤسسة السياسية لحداثة رأس المال في السودان.ذلك أن العبارة التي تصف " الهوية" كـ " سودانية" تضمر أن للسودانيين بالضرورة هوية جامعة تؤهلهم لإحتلال الحيز المفهومي المفترض للأقوام ال الساكنة في الفضاء الجغرافي و التاريخي الذي يقيمون داخل حدوده. ثم أن هذه الهوية " السودانية" انمسخت بحكم العادة الأدبية، و العادة الأدبية طبيعة مصطنعة تملك ـ حسب المصالح ـ أن تتغول على الطبع. أقول جرت العادة الأدبية بأن السودان يتكوّن من عرب و أفارقة. و أن لهؤلاء العرب و الأفارقة قدر محتوم هو أن يتمازجوا ، باللتي هي أحسن و بالتي هي اسوأ لينتجوا جنس الهجين الذي يغني في لسان إفريقي و يصلي في لسان عربي مبين إلى آخر كلامات الشعراء. طبعا المشكلة هي أن عواقب هذه العادة الأدبية تجعل الجميع يتناسون أن العرب المقيمين في القارة الإفريقية هم أفارقة زيهم و زي غيرهم من سكان القارة المزعومة سوداء و زنجية و مش عارف إيه.و تناسي أفريقية العرب المقيمين في القارة يصادر عن مجتمع إفريقيا صفة التعدد العرقي و الثقافي التي لا تقوم لمجتمع قائمة بدونها.طبعا التفكير في عرب القارة كـ " دخلاء" على نسيجها العرقي و الثقافي لابد و أن ينتهي بأهله للإنغلاق في وهم " صدام الحضارات " الذي ألهم الطيب صالح الخوف من " انقطاع دابر العرب" في السودان أو كما قال :
" أنت عندما تفكر في ماحدث للعرب في شرق أفريقيا، كانوا هناك لقرون..أو حتى نحن العرب الآن في السودان لنا حوالي 800 سنة التي هي فترة وجود العرب في اسبانيا ثم قاموا و طردوهم و قطعوا دابرهم.. أنا لا أرى اي ضمان لما نحن عليه الآن .." [صحيفة " الخرطوم" 26 ابريل 1998، حاوره د. أبوبكر خليل شداد].
.
طبعا لا مجال للخوض في تفاصيل المناقشة لأن معظم المساهمين في جلسات المؤتمر اضطروا لإختصار مساهماتهم بشكل مريع، و ذلك بذريعة ضيق الوقت. و لا مفر من تسويف المناقشة لغاية صدور الكتاب الذي يحتوي على جملة المساهمات. و هذا التسويف الجائر هو مما يحرق الروح [ روحي] التي تصبو ـ و الروح تصبو لحديث الهوية السودانية [ و قيل السودانوية] ـ الذي خرج من تلافيف الأدب ليصبح عمودا فقريا لخطاب الساسة في السودان.و أنا لا أفهم لماذا يصادر المنظمون[ المنظم بالأحرى ] اتصال هذه المناقشة الهامة لحين صدور الكتاب الذي سيحتوي على الأوراق باللغتين الإنجليزية و العربية ! و في نظري الضعيف فقد كان الأولى نشر الأوراق على ملأ الأسافير قبل انعقاد المؤتمر حتى يتم النقاش على أرضية الفهم المشترك ، لكن "كلام القصيّر ما بنسمع ".و خلاصة الكلام" افتح يا سمسم و دعنا نوزع الذهب و الجواهر على الناس!" [ الطيب صالح] . و ترجمتها: يا صلاح ياخي المناقشة دي مهمة لأهل السودان فاعمل معروف خلي الناس تنشر أوراقها و نواصل المناقشة برواقة . بعدين الكتاب يطلع على راحتو، و ما في شي رايح ، [ أو، على قول خالي أرباب" كتيرها رايح و قليلها رايح و آخرها كوم ترابي" ]، شايف؟
سأعود

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

لا لا يا قروية !

مشاركة بواسطة حسن موسى »





لا لا يا قروية !

إياك و الحداثة ؟


لا لا يا قروية !
في منتصف السبعينيات شاعت أغنية طريفة في شكل حوار بين فتاتين الأولى قروية و الثانية حضرية، و قد عُرفت الأغنية باسم " لا لا يا قروية".و احتفاء وسائل الإعلام الرسمي بالأغنية كان يكشف عن مسعى رسمي لتمجيد الثقافة التقليدية و الإحتفال بالحياة في الأرياف كترياق لمصاعب الحياة الحضرية الحديثة.وفي ذلك الوقت كان الإحتفاء المفرط بقيم مجتمع الريف التقليدية من طرف الحضريين القابضين على السلطة الإقتصادية و السياسية، كان يكشف ، بطريقة غير مباشرة، نقدا لواقع تقسيم العمل بين مجتمعات الحواضر و الأرياف على شروط حداثةرأس المال. و هو نقد عفوي يضيء زيف الإحتفاء الرسمي بالتراث المحلي من طرف القيمين على الثقافة الحضرية للطبقة الوسطى العربسلامية..
تبدأ الأغنية ، التي ظهرت مع احتفالات المسرح المدرسي ثم راجت بين اهل الحواضر، تبدأ بنهي أهل الأرياف عن الهجرة للمدينة و تحثهم على البقاء للأرياف للعمل بـ " الطورية" و تمويل" وزارة المالية".طبعا الأغنية لا تحدث عن واقع الأرياف العصيب و قد طالتها الأزمة الإقتصادية العالمية في منتصف السبعينات ثم تضافرت عليها صعوبات الجفاف و التصحّر و سوء التمية الإقتصادية. كان على أهل الأرياف أن يبقوا في ريفهم و السلام :
لا لا لا يا قرويه
ألقرويه :-
يا ربي متين أشوف ألخرطوم
قالو لي في الخرطوم جنينة البلديه
وحدثوني وقالولى الفسحه بالعصريه
وقالو لي كان شفتي البت تسوق عربيه
أحييييييييييييييا وتصرف الماهيه
** ** ** ** ** ** **
ألمدنيه:-
لا لا الليله يا قرويه
وانتي يا قرويه ما تغرك المدنيه
وانتي ماك منسيه والله انتي غنيه
بزراعتك المطريه وبهايمك المسعيه
** ** ** ** ** ** **
ألقرويه:-
ياربي متين أشوف الخرطوم
قالو لي في الخرطوم البت بيمشوا حديثها
ودخلوها الجامعه ووظفوها رئيسه
وقالو لي كان دارت تقوم تنقي عريسها
الدبله الدبله تمشي تقيسها
** ** ** ** ** ** **
ألمدنيه:-
لا لا الليله يا قرويه
منو بلاك يتحمل يمسك الطوريه
منو بلاك يعمل يبني ميزانيه
منو بلاك يمووووول وزارة الماليه
** ** ** ** ** ** **
ألقرويه :-
ياربي متين أشوف الخرطوم
قالو لي في الخرطوم البدره والمنكير
ويا حلاة البت يوم تمشي للكوفير
أحييييييييييييا متين اشوف ألكوفير
** ** ** ** ** ** **
ألمدنيه:-
لا لا الليله يا قرويه
انتي يا قرويه بالكرم معروفه
وفي هبابيب الليل تقوم تعشي ضيوفها
وانتي يا قرويه بالقيم موصوفه

أنظر تسجيل الأغنية

على الرابط

https://www.facebook.com/selma.rahim/vi ... =2&theater



سأعود
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

https://www.youtube.com/v/p95clbGzLqs



https://www.youtube.com/v/NTlMA7XyNAs
أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

ددد

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

سلام حسن

التمازج فى السودان فعلا امر حتمى((بالحسنة او بالعضل))
لم استوعب فكرتك فى نفى او رفض هذا التمازج الحتمى

فكرة العرب كدخلاء فى افريقيا
قد يكون السبب فيها اصلا من العرب الذين يرفضون الانتماء لافريقيا

لاحظ الاعلام الكروى المصرى عندما يشاركون فى مباريات افريقية
يرددون عبارات
نحنا بنلعب فى ادغال افريقا
واصلو اللاعب الافريقى عنيف

مؤخرا الاعلام السودانى ايضا اصبح يردد
عبارات ادغال افريقيا
وعنف اللاعب الافريقى
وضعف التحكيم الافريقى

وكأننا فى خارج القارة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

lماذا نصنع بالوطن؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »





و ماذا نصنع بالوطن؟

"نحنجنداللهجندلوطن"
شكرا يا أسامة على الفيديوهات، و قد اضحكني مقدمو الفيديو الثاني احين وضعوا اكفهم على قلوبهم عند سماع نشيد " نحنجنداللهجندالوطن"، فكأنهم في واحد من تلك الأفلام الأمريكية التي يفعل فيها أهل الولايات تلك الفعلة حين يسمعون" قودبليسأميريكا".و الوطن، هذه الأحبولة الأدبية البائدة، التي صنعتها حداثة رأس المال، هو عند "هؤلاء الناس" السودانيين و عند "أولئك الناس الأمريكيين"،رزق من عند الله، أو هو مكافأة للعباد المؤمنين على تقواهم و ورعهم، "لا تحرموا ما أحل الله لكم .." [المائدة] .
طبعا دا " السودان الجديد" ، نسخة نهاية "الإنقاذ" و هو يباشر آخر إنمساخاته الحداثية نحو وطنية عربسلامية مؤمركة بجاه البترودولار.[و بعدين اشمعنى القلب؟! و فيها إيه لو الواحد ختّ يدو على أضانو أو مسك نخرتو مثلا؟ ].


المستعمرون الأوروبيون الذين كانوا يستحوذون على الأرض بقوة السلاح في إفريقيا و في آسيا و في أمريكا و في أستراليا، كانوا على يقين صلد بكون العالم بأجمعه ما هو إلا هبة طبيعية من العناية الإلهية للنظام الرأسمالي. و من يتأمل في الأدب المكتوب على ورقة الدولار الأمريكي يلمس الإحالة الدينية التي تسعى لتبرير النظام الرأسمالي بالإرادة الإلهية منذ عام 1782، عام استقلال الولايات المتحدة. فبخلاف "توكّلنا على الله "[ إن قود وي ترست]
فهناك العبارة اللاتينية الرهيبة "
ANNUIT COEPTIS , NOVUS ORDO SECLORUM

"، و التي تقول ببساطة:
" سبحان الذي يسّر لنا الهيمنة على نظام العالم الجديد على امتداد القرون " .
و ضمن هذه الروح سعى المستعمرون لبسط هيمنتهم و لدمج المجتمع السوداني في منطق حداثة رأس المال.

و في هذا السياق، سياق فرض حداثة رأس المال, تبدو سيرة عبد الرحمن المهدي ، ابن الإمام المهدي ، كأحد افضل أمثلة المسعى الإستعماري لـ " تحديث " المجتمع السوداني تحت شروط رأس المال. و الكيفية التي باشر عليها عبد الرحمن المهدي الخروج من آيديولوجيا التقليد قبل الرأسمالي لآيديولوجيا الحداثة الرأسمالية تستحق التأني كونها تجسد ظهور نسخة محلية فريدة في تخليق راسمالية وطنية سودانية.أقول قولي هذا و أنا عارف بتحفظات بعض التقدميين السودانيين الذين يصنفون عبد الرحمن المهدي كزعيم طائفي تقليدي ابعد ما يكون عن فكرة الحداثة.و هو تحفظ يثمّن عاليا فكرة الحداثة و يستكثرها على الزعماء الطائفيين و العشائريين الذين يعتمدون في بأسهم السياسي على قوى القطاع التقليدي في المجتمع السوداني. و هو تحفظ ينطوي على تعريف آحادي البعد لفكرة الحداثة باعتبارها فكرة تنويرية و تقدمية فحسب. لكننا نعرف أن الحداثة كفكرة، مثلها مثل أي فكرة، لا تفلت من قبضة تناقضات المصالح بين الطبقات المتصارعة في المجتمع. فعبد الرحمن المهدي المقيم في حرز السلطات الإستعمارية لم يكن في موقف من يملك حق الإختيار بين الحداثة و غير الحداثة، و ذلك ببساطة لأنه فوّض أمره لولاة أمور حداثة السوق الذين صنعوا منه أول نماذج الرأسمالية الوطنية. نوع من "بروتوتايب" فريد لهذا الـ "فرنكشتاين" الذي يصون رزقه في ساحة الصراع الطبقي الحديث و هو متسربل بسرابيل الثقافة التقليدية، ثقافة " البيعة" و " الإشارة" و "البركة".و أسطورة صعود عبد الرحمن المهدي بسيطة في الظاهر، لكن بساطتها الظاهرة تخفي التركيب السوسيولوجي الكبير الذي يستبطن ثناياها الإقتصادية و الدينية و السياسية، بما يجعل منها أحد أهم مفاتيح فهم إشكالية الحداثة في السودان.
تقول الحكاية ،كما يرويها في مذكراته عبد الرحمن المهدي، أن الإدارة البريطانية سمحت له باستصلاح الأراضي الزراعية و استغلالها في منطقة الجزيرة أبا حيث يقيم وسط جموع المريدين ، "الأنصار"، المتحلقين حوله بعد هزيمة الدولة المهدية. يقول:" و بجانب الزراعة الآلية فقد كنت أزرع بالمطر في أماكن عديدة بأراضي النيل الأبيض و النيل الأزرق، و قد كانت اليد العاملة التي تنفذ ذلك هي يد المحبين الذين هاجروا من شتى القبائل و الأقاليم، و خاصة من الغرب، ليكونوا بصحبة ابن المهدي، و كان قصدهم الهجرة و الجهاد في سبيل الله ، اسوة بما فعل آباؤهم مع الإمام المهدي ،فوجهت روحهم الفدائية القوية نحو العمران و ذلك لتقوية أمرنا في إحياء تراث المهدي و رفع شأن الدين بأسلوب يلائم ظروف عصرنا" [ ص 40]. يقول عبد الرحمن المهدي في مذكراته" و بعد 1916 أخذ الأنصار يفدون على " أبا" من غرب السودان و من الجهات الأخرى." الواقع أن السيل المتدفق من الأنصار نحو أبا و تلك الألوف التي تركت ديارها و أهلها و مالها ، لم تتجه نحو أبا لتعمل في الزراعة أو في خلافها بل أتت لتسمع مني كلمة أعلن بها الثورة على الحكم الأجنبي"[ ص 57]. و في انتظار " الثورة على الحكم الأجنبي " شغل السيد عبد الرحمن المهدي جموع الأنصار بـ " إحياء تراث المهدي" و بتعمير و زراعة الأراضي الزراعية التي منحها له " الحكم الأجنبي" . و في الحقيقة كان عبد الرحمن المهدي زاهدا تماما في " الثورة على الحكم الأجنبي". و كما جرت عبارته: ".. كنت أرى أن الثورة المسلحة آنذاك مقضي عليها بالفشل..و ضمن علاقة " الإمام" بـ " الأتباع"و " المريدين" و " الأحباب"، كان الأنصار الذين جددوا البيعة لإبن الإمام المهدي يعملون في استصلاح الأراضي التي منحتها الإدارة الإستعمارية لـ "السيد" " الإمام" الذي كان يتكفل بنفقات إطعام و إسكان " الأحباب" في نوع من شيوعية بدائية على مبدأ من كل حسب قدرته و لكل حسب حاجته، أو كما قال : " كانت علاقة الدائرة مع عمالها دائما تقوم على أسس أبوية محضة حيث ألتزم أنا بسد حاجات العمال بغض النظر عن انتاجهم فتعطي الدائرة للعامل المشتغل و العاجز ما يكفيهما من غذاء و كساء و ضروريات أخرى" [ مذكرات الإمام عبد الرحمن المهدي. ص 58، مركز الدراسات السودانية،1996، الترقيم الدولي : 6ـ09ـ5508ـ9770.]
هذه اليوتوبيا الجميلة لم تستمر ، لأن عبد الرحمن المهدي قرر ان يهجر هذا النموذج الإقتصادي الشيوعي الطوباوي الفريد، ليدبّر أعمال دائرته على نموذج مشروع الجزيرة.أو كما قال: "" و رأيت أن أغير هذا النظام ، في السنوات الأخيرة، و أن أعطي العامل المشتغل في الحواشة 40 في المئة على أساس مشروع الجزيرة.و هذا النظام الجديد يكلف الدائرة أقل من النظام السابق حسب دفتر الحسابات. " و رغم أن الإمام ، في نفس الفقرة ، يسارع للنفي بأنه " لم و لن" يفكر قط ، أن يجعل الصلة بينه و بين الأنصار" صلة إقتصادية بحتة" و يقول"،و هناك رابطة بيني و بين الأنصار تعلو بالصلات الروحية و ترتفع بها فوق الدنيا و ما فيها من حطام زائل " [ ص 58] ، إلا أن طرح العلاقة بين هذا " السير" " الإمام" و " الأحباب" على منطق التكلفة، "حسب دفتر الحسابات"، ينسف اليوتوبيا المهدوية و يمسخ" الأحباب" لمجرد عمال زراعيين يساهمون بقوة عملهم في تحقيق التراكم الأولي لرأسمال عبد الرحمن المهدي.
من يقرأ الفصل الخامس في كتاب " مذكرات الإمام عبد الرحمن المهدي " المعنون بـ " كيف جمعت ثروتي" لا يقاوم استدعاء العبارة المأثورة المنسوبة للأديب الفرنسي "هونوريه بلزاك" التي فحواها أن " وراء كل ثروة جريمة". و جرم هذا السيد الذي يزدري " الدنيا و ما فيها من حكام زائل " هو في كونه يزدري جماهير الانصار الذين جددوا له " بيعة قص الرقبة" في انتظار " الثورة على الحكم الأجنبي" و لا يكشف لهم عن زهده في الثورة و لا يصرفهم ليعودوا لديارهم و أهلهم و مالهم ، بل هو يستخدم قوة عملهم في بناء ثروته على أساس بيعة دينية مفخخة بعقد العمل الرأسمالي " على أساس مشروع الجزيرة" .


نجح السيد عبد الرحمن المهدي في أن يجعل من شخصه طليعة ناجحة للرأسمالية الوطنية في السودان بفضل استخدامه الذكي لجملة من الآليات السياسية و الرمزية: فهو كزعيم روحي يستفيد من وزنه الرمزي في تدعيم مركزه السياسي في فضاء السياسة لأن السلطات الإستعمارية كانت تنشد تعاونه في تدجين جماهير المهدويين الذين خسروا المعركة العسكرية دون أن ينسوا عزمهم على قتال الغزاة الأجانب.و في نفس الوقت يستخدم وزنه الرمزي كزعيم طائفي في تدعيم مركزه الإقتصادي في فضاء السوق، لأن جماهير الأنصار كانوا يمثلون قوة عمل رخيصة و منظمة رهن " الإشارة".و مع تنامي بأسه الإقتصادي و السياسي نجح عبد الرحمن المهدي في أن يطرح نفسه كشخصية محورية في المنازعة السياسية التي دارت بين الفرقاء السياسيين المحليين و الدوليين قبيل الإستقلال.

. [ للإستزادة في موضوع ثروة السيد عبد الرحمن انظر نصي "حداثة الغبش"
.
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... a0522a5658.

ماذا نصنع بــ " الوطن "؟
الحداثة كانت في سجل التاريخ الأوروبي دعوة للتقدم الإجتماعي على مفاهيم العقلانية و على شروط الحرية و العدالة . لكن الحداثة في تجربتنا لم تكن سوى كذبة تعودنا عليها بالتقادم و صدقناها حتى جعلنا منها عقيدة لحراكنا الإجتماعي. و أول الكذب في خرافة الحداثة يتمثل في دخولها لبلادنا بلا استئذان عن طريق العنف الإستعماري. أو كما يعبر كبلنغ في قصيدته " مدرسة كتشنر":
They terribly carpet the earth with dead, and before their cannon cool,
They walk unarmed by twos and threes to call the living to school.
"لقد فرشوا الأرض بجثث الموتى و قبل أن تبرد مدافعهم مشوا مثانى و ثلاث ليدعوا الأحياء للمدرسة "
هذه " المدرسة" هي التي فرخت لنا تلك المسوخ الغريبة التي تتعاقب على السلطة بذرائع امتيازها الطبقي كمتعلمين و كخريجين وكعسكريين وكمؤمنين و تتعاير بـ " إدمان الفشل" و " الهروب" و تحلم بـ " إنقاذ الوطن" و تحديث المجتمع على هدي تعاليم "مدرسة كتشنر".
طبعا مقاومتنا السياسية للنسخة الإستعمارية من حداثة رأس المال تموضعنا بالضرورة في موقف ورثة فكرة الحداثة الإنسانية التي طرحها مفكروا عصر التنوير في القرن السابع عشر. و في مشهدنا كمقاومين لحداثة رأس المال تصبح مجمل حركتنا سعيا اصيلا لإعادة تأهيل فكرة الحداثة و تخليصها من براثن سدنة رأس المال .و مقاومتنا المتواضعة قد لا تقوى على صد الإجتياحات الكثيرة التي تلحق بمجتمعاتنا من قبل قوى السوق الرأسمالي لكنها حاليا تضيئ تناقض المصالح المادية و الرمزية الذي يفرزنا عن قوى رأس المال. هذا الفرز ضروري لأنه الخطوة الأولى لتعريف طبيعة المنازعة بيننا و تعريف طبيعة المنازعة ضروري لتعريف الحلفاء المحتملين على الصعيد المحلي و الكوني.
في النظرية السياسية المعرفة باسم ماركس تبدو هيمنة رأس المال كضرورة لتحقيق وفرة الإنتاج. و شرط الوفرة هو الذي سيمكن العاملين من حل تناقض العمل و رأس المال عن طريق الثورة الإشتراكية التي ستعيد التوزيع العادل لمجمل الخيرات المادية للمجتمع.و ضمن هذا المنطق يقبل الماركسيون نمط التنمية الرأسمالية كـ "شر لا بد منه".و في وثيقة اساسية مثل " الماركسية و قضايا الثورة السودانية" نجد الحزب الشيوعي يبشر بطريق تطور لا رأسمالي و في نفس الوقت يقبل التحالف مع الراسمالية الوطنية في تحالف قوى الجبهة الوطنية. هذا الوضع يفترض أن تكون الرأسمالية المزعومة وطنية ممتثلة لسلطة الفصائل الثورية في الجبهة الوطنية الديموقراطية ، أو ، على الأقل راضية بالإلتزامات و القيود الإجتماعية التي يقتضيها وجودها في تحالف قوى الجبهة الوطنية الديموقراطية. طبعا واقع علاقات القوى في السودان يكذب افتراض الوفاق مع الرأسمالية و قوى الجبهة الوطنية الديموقراطية. فالرأسمالية أقوى من حلفائها المفترضين داخل الجبهة الوطنية الديموقراطية و ذلك بحكم استقوائها بحلفاء طبقيين من خارج دائرة الوطنيين .و حتى يجيئ اليوم الذي يرعى فيه الحمل آمنا بجوار الذئب ، فسيظل الذئب الرأسمالي يتربص بالحمل الوطني شئنا أم ابينا.
لقد لعبت الرأسمالية الوطنية دور رأس الرمح في حركة توطين راس المال الإستعماري في السودان . و مع التطورات السياسية و الإقتصادية التي جلبها لساحة الصراع الإجتماعي السوداني واقع جيوبوليتيك العولمة ، يتفاقم التحليل المتفائل للرأسمالية السودانية كـ " قوة وطنية" لمقام العمى الآيديولوجي ، كون المحللين النابهين يغفلون عن الإنمساخ الإقتصادي و الآيديولوجي المعاصر الذي يجعل من الرأسمالية السودانية رأس رمح حركة رأس المال المعولم التي تلغي الحدود الوطنية و تتجاوز صلاحيات الدولة الوطنية و تسخر من السيادة الوطنية و تسعى لأن تجعل من الفضاء الوطني مجرد تنويع محلي لفضاء السوق الكبير العابر للأوطان. من كل هذا ينوبنا السؤال المحرج: ماذا نفعل بجثة هذا المسخ الرأسمالي المسمى بالوطن و الذي أورثنا إياه اللورد كتشنر لا إيدنا لا كراعنا؟



غايتو ربنا يجيب العواقب سليمة.
و شكرا ليك يا محمد سيد أحمد على عنايتك بهذا الخيط المشربك بين أوتاد الحداثات المتناحرات في البلد المحزون.و قد استوقفتني ملاحظتك عن كون التمازج في السودان حتمي " ضربة لازب"، و بهذه الصفة فأنت لم تستوعب فكرتي في" نفى او رفض هذا التمازج الحتمى " .و أنا لا أنفي أو أرفض هذا التمازج اللازب، فالتمازج واقع على الجميع سيك سيك معلق فيك.ما يضايقني هو بالضبط إنتخاب هذا الوجه من وجوه التمازج الحاصل، أعني وجه التمازج العربي الأفريقي دون غيره من التمازجات التي تمور داخل مجتمع السودان و الإحتفاء به، بل و فرضه، كمخرج سامي من أزمة الهوية الثقافية المزعومة. و أنا أقول " المزعومة" لأني استشعر وراء الزعم بأزمة هوية ثقافية رغبة ، مموهة بالكاد، في تعمية المنازعة الطبقية بمزاعم ثقافية عرقية و فولكلورية. و قد أشرت في حديثي السابق لأن إرتيابي بفكرة التمازج يأتي أيضا من كونها تفترض صفاءا في العرقين وفي الثقافتين العربية و الإفريقية قبل حدوث التمازج، و هذا خطل بين.فضلا عن أن إضمار الصفاء العرقي و الثقافي في خاطر المستعربين أو في خاطر المتأفرقين إنما يقيم في تلافيف مناقشة هوية الخلوسة كما القنبلة الزمنية ، في انتظار اللحظة التي سينمسخ فيها " حوار الثقافات" لمقام "حرب الثقافات". أما ملاحظتك عن اصل فكرة " العرب كدخلاء في أفريقيا"، و الذي ترده لـ "العرب الذين يرفضون الإنتماء لأفريقيا" فهي صحيحة، و الشواهد عليها كثيرة عند المصريين و عند أهل شمال أفريقيا. و قد تطرقت لشيئ من هذا في نصي عن عمل الصديق الفنان " حسان علي أحمد" في الرابط
الفنأفريقانية المصرية في مشهد حسّان الفنان
في الرابط
https://sudan-forall.org/sections/plasti ... hassan.htm


.
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

عزيزي حسن

سلامات

أشكرك على "شكرى" على جلب الفيدوهين.

وأشكرك على،و أشكر نفسي أيضا؟؟؟

على الاهتمام بمسألة "الحداثة"، و التحديث،

من قِبل رسّامين وكتّاب،

كما في حالتك وحالة بولا،

ومن قِبل "شعراء" و "نقاد أدب"، و أحيانا حكواتية هههههههههههه

كما في حالة "العبدلله".

وقد انتبهت سيدي حسن، إلى ذلك ذات ندوة أو لقاء أو "مسامرة"،

حين قلت في افتتاحية مساهمتك الآتي:

بعد السلام على الجميع

أبدأ بشكر لجنة المناشط و الأصدقاء الذين أولوني ثقتهم الغالية و توسموا في شخصي الضعيف القدرة المفهومية على تقحم موضوع في تركيب صراع الطبقات في زمن العولمة
طبعا أنا رسام و كدا و قبل شوية في زول صاحبنا كان عاوز يعزمني عشا قال لي مالك و المحاضرات و صراع الطبقات ؟ ما تشوف رسمك و كفايةـــ ـ ـ. طبعا صاحبنا عارف إنو رسمي ما بيبقى بدون غَلَبَة صراع طبقات
المهم

سأعود إلى ذلك في براح ،
للتحدث عن موضوعة الحداثة في الدرس السوداني الأكاديمي،
وعلاقة "الاكاديميا" السودانية ،
بموضوعة "الحداثة".

نكتب ك"وردية ثانية"،

فأرجو "المهلة".
أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

سلام حسن

من فضائل المؤتمر غير المنظورة تواصل التفاكر حول قضية الهوية
انتباهتك لفكرة البحث فى اوجه التمازج المتعددة من هوية متشكلة بعوامل العرق والعنصر الى عناصر اخرى الصراع الطبقى والبعد الجهوى ((وسط نيلى وجنوب وغرابة )) والبعد الاقتصادى ((مركز وهامش ))والبعد الاجتماعى ((ريف ومدينة)) كلها تستحق البحث والنظر الثاقب

اسهام الحركة السياسية فى موضوع الهوية حقق نجاح فى نشاة احزاب تحاول الارتكاز على افكار اوسع من افكار الطائفة التى قامت عليها احزاب الامة والاتحادى ولكنه ايضا يشهد الان انتكاسة فى العودة لدور القبيلة فى تشكيل او فعالية الحزب السياسى
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

https://www.matarmatar.net/threads/6777/

وقتي ضيق،وارجو قبول هذا الاعتذار.

ساهم الدكتور العلامة عبدالله الطيب ، في الحط من شأن الشعر العربي الحديث،
ومن ضمن ذلك نسخته السودانية.

و انعكس ذلك على مناهج تدريس الشعر العربي.

فقد كان له دور سلبي واضح، في عدم تدريس الشعر العربي الحديث في الجامعة الأم "جامعة الخرطوم"،

عبر مدرستيه :شعر التفعيلة و "قصيدة النثر".

ومقاله المشهور عن "الفتنة باليوت"، يعكس نظرته للشعر العربي الحديث الذي تأثر بأليوت:
عبر عبارة سهلة ومجانية:
"بضاعتنا ردت إلينا".

وهذه من الميكانزمات التي اعتمدها لاستبعاد "تدريس الشعر العربي الحديث"،
باعتبار أن "مصادر" إليوت هي مصادر من التراث العربي، تم إخفاؤها عمدا،
ولا عزاء لمن يقتفي أثر إليوت في الإبداع.
أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

3ـ و خرافة الهوية الوطنية

مشاركة بواسطة حسن موسى »




كتب أسامة الخواض:
" https://www.matarmatar.net/threads/6777/

وقتي ضيق،وارجو قبول هذا الاعتذار.

ساهم الدكتور العلامة عبدالله الطيب ، في الحط من شأن الشعر العربي الحديث،
ومن ضمن ذلك نسخته السودانية.

و انعكس ذلك على مناهج تدريس الشعر العربي.

فقد كان له دور سلبي واضح، في عدم تدريس الشعر العربي الحديث في الجامعة الأم "جامعة الخرطوم"،

"
سلام للجميع و شكرا يا أسامة على رابط محاضرة عبد الله الطيب فقد كنت ابحث عنها منذ سنوات[ و يرزقني" كما يرزق الطير"! ], لكن قولك بأن اعتراض عبد الله الطيب على تدريس الشعر العربي الحديث في" الجامعة الأم"، قد حطّ من شأن الشعر العربي الحديث، فيه اشتطاط كونك ، من جهة، تعوّل كثيرا على دور هذه "الجامعة الأم" في نشر الوعي بين عشائر الشعراء المحدثين[ سؤال انصرافي: هل الجامعة " الأم" هي مرة الجامع " الأب" أو هي بنته؟ ]، ،بينما هي، في حقيقتها الطبقية، مجرد جزيرة صغيرة مسكونة بقلة محظوظة من الناجين من الغرق في محيط "الفاقد التربوي" الكبير. و " الفاقد التربوي" عبارة عجيبة جادت بها قرائح القائمين على وزارة التربية و التعليم في التسعينات لتسويغ النسبة العالية من التلاميذ الذين يلفظهم النظام التعليمي البائس في السودان. و من الجهة الثانية فمعظم الشعراء و الغاوين، الذين اختاروا الشعر الحديث في السودان ، انخرطوا في مغامرة الحداثة بدون أي وساطة نقدية من أحد ، يحفزهم الفضول الأدبي و متعة استكشاف هذه الأرض التعبيرية الجديدة التي رسم خرائطها الشعراء العرب المحدثين ـ و ضمنهم المترجمين ـ المنتشرين في الصحف و المطبوعات المتيسرة للجميع. و من جهة ثالثة فعبد الله الطيب هيمسيلف هو ، في نهاية التحليل، شاعر حداثي مثلما هو ناقد حداثي، و الإشكالية التي يطرحها حول أصالة الحداثة الإليوتية ضمن التقليد العربي هي اشكالية حداثية. و لا يغيب على فطنتك أن كل فولة من هذه تحتاج لفريق من الكيالين ذوي البأس و الخيال، و أنا اليومين دي "شهرين سجن زاتو ما فاضين!"، و لذا لزم التنويه و كدا.
و سلام يا محمد سيد أحمد ملاحظتك في محلها بكون
:
".. من فضائل المؤتمر غير المنظورة تواصل التفاكر حول قضية الهوية،" و أن "البحث فى اوجه التمازج المتعددة من هوية متشكلة بعوامل العرق والعنصر الى عناصر اخرى الصراع الطبقى والبعد الجهوى ((وسط نيلى وجنوب وغرابة )) والبعد الاقتصادى ((مركز وهامش ))والبعد الاجتماعى ((ريف ومدينة)) كلها تستحق البحث والنظر الثاقب "

طبعا تواصل التفاكر حول قضية الهوية مفيد حين يشتمل على التركيب الكبير لموضوعة الهوية في المشهد السوداني. لكن ماذا نصنع مع المتفاكرين الذين آثروا الراحة النقدية في رحاب الثنائية العربأفريقانية التي تجنب القوم الخوض في التمثلات العرقية و الجندرية و الدينية و الجمالية للمنازعة الطبقية في السودان ؟.



و خرافة" الهوية الوطنية " كمان

تطرقت في حديثي السابق لتصوير موهبة عبد الرحمن المهدي في اللعب على حبال التقليد و حبال الحداثة في آن، على أنها موقف حداثي يؤصل لحداثة رأس المال في تربة الثقافة التقليدية ، و و موهبة عبد الرحمن المهدي في هذا المقام لا تضاهيها إلا موهبة "افندية الهوية" الذين اخترعوا للسودانيين هذه الخرافة الآيديولوجية المسماة بـ " السودانوية". و هي تمثل اليوم كخلاصة مساعي الطبقة الوسطى العربسلامية لتخليق وعاء أيديولوجي وطني جامع و مانع على المستويات السياسية و الجمالية في آن.
و في هذا المنظور كان محفل الشارقة لحظة حظوة سياسية كبيرة لنجوم" السودانوية " السياسية المتسربلة بسرابيل الأدب و الفن، أو كما جاء في تقديم المؤتمر" و يهدف هذا المؤتمر إلى توفير منصة لمجموعة المشاركين من العلماء و نقاد الأدب و الفن و العاملين بالفن السينمائي و الشعراء و الكتاب و المسرحيين و الروائيين و الفنانين" .ذلك أن مؤتمر الشارقة الذي طمح لـ " استعادة حقبة الستينات و السبعينات" يبدو كلحظة تجميع لتروس الآلة الحربية الآيديولوجية التي سيكون لها شأن في المعركة الطبقية القادمة التي تنتظر منها الطبقة الوسطى العربسلامية تكريس سلطتها بشكل حاسم في سودان ما بعد الإنقاذيين.و ميزة حقبة الستينات و السبعينات، التي تبدو كلحظة مهمة في صناعة التاريخ السياسي السوداني،تتمثل في كون معظم سدنتها العربسلاميين ما زالوا أحياء يرزقون و يمنـّون النفس باستعادة السلطة و انجاز اليوتوبيا السنارية المجيدة على اشلاء ما تبقى من وطن كتشنر.

ظهرت فكرة الهوية الوطنية السودانية ضمن المنازعة السياسية التي بدأت تتخلق فيها فكرة وطن للسودانيين. و هي منازعة تميزت بكون كل فريق من الفرقاء المحليين فيها كان يعبر عن الإرادة السياسية لحليفه الدولي في قسمة " الحكم الثنائي" البريطاني المصري.و تحالف عبد الرحمن المهدي مع البريطانيين تحت شعار " السودان للسودانيين" ضد الإتحاديين الذين اختاروا التحالف مع مصر تحت شعار " وحدة وادي النيل".و بعد أن تم استقلال السودان بدعم بريطاني في 1956 ظل الكيان الإداري الجديد متأثرا بالمنازعة البريطانية المصرية. لكن فكرة الهوية السودانية تطورت على ايدي مثقفي ما بعد الإستقلال لنوع من مبحث جمالي ذي عواقب سياسية تضمن له دعم السلطات السياسية.و في هذا السياق طرح أدباء و فنانوا عهد الإستقلال موضوع هوية السودان كجسر بين العروبة و الإفريقية و كبوتقة للتمازج حاصلها شعب الخلاسيين الذي يصلي في لسان و يغني في لسان و يمثل بين الأضداد في موضع الحكم بين عرب إفريقيا و زنجها.و لقد شجعت سلطات الطبقة الوسطى العربسلامية، في السبعينيات مساعي تعريف هوية الهجنة الثقافية، في طرح رواد " مدرسة الخرطوم " و " مدرسة الغابة و الصحراء" لأنها توسمت في فكرة التمازج السودانوي نوعا من ضمانة سياسية لمشروع الوحدة الوطنية لسودان يعاني من التشتت الثقافي و العرقي و عواقب الحرب الأهلية في جنوب البلاد. و فترة السبعينيات مهمة في مشهد تخليق أدب الهوية "السودانوية" لأن المجتمع السوداني استفاد فيها من لحظة سلام نسبي عقب" إتفاقية أديس أبابا " للسلام التي أوقفت الحرب في الجنوب و هيأت للسودانيين فرص التباحث حول الهوية الوطنية التي تحترم التعدد العرقي و الثقافي للسودان كضمانة لديمومة وحدة وطنية ضرورية لنجاح التنمية الإجتماعية و الإقتصادية التي كان الناس ينتظرون منها أن تجعل من السودان " سلة غذاء العالم" أو كما قال!.
في تلك السنوات راج شعار " الوحدة من خلال التعدد" و تم بناء عدد من المؤسسات الرسمية التي كانت مهمتها تثبيث هوية التعدد من خلال الإعتناء بصيانة الميراث الثقافي لمختلف الجماعات العرقية و الثقافية في السودان.
لكن موضوعة الهوية لا يمكن أن تفلت عن طائلة صراع تناقض المصالح الطبقية بين الفرقاء الإجتماعيين. و تعريف الهوية في لحظة تاريخية بعينها إنما يتوقف على الطبيعة الطبقية للفئة الإجتماعية التي تطرح هذا التعريف و نوع المصالح المادية و الرمزية التي تجنيها الفئة المعنية بالتعريف.
إن فكرة الهوية السودانية ( و قيل :" السودانوية") هي واحدة من اللقيـّات الآيديولوجية للطبقة الوسطى المدينية " العربسلامية"، و هي الفئة الإجتماعية التي ورثت مقاليد الأمور من المستعمرين، ورثت إمتيازاتهم و ورثت دورهم في رعاية مصالح مؤسسات الإلحاق ببنى السوق الرأسمالي.و هي ، بوضعيتها الخاصة هذه، تبحث عن المخارج " المناسبة لها" من الأزمة الإجتماعية و السياسية المزمنة في البلاد.و هي المخارج التي تكفل لها صيانة إمتيازاتها الإجتماعية و الإقتصادية و مواصلة دورها التاريخي(مهمّتها؟) ضمن مسار محفوف بالمخاطر و الإنهيارات.و كون التكوين الثقافي و النفسي لدعاة الهوية السودانية يتميز بملامح " عربسلامية" واضحة ، فإن ذلك الواقع يطبع طروحات الهوية السودانية ـ يمنة و بسارا ـ بطابع عربسلامي ، نبرته تقوى أو تخف ، وفق الملابسات الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية للحظة التاريخية.
و المتأمل في تاريخ الدعوة " الهويوية" العربسلامية في السودان، يلمس موقفين ظاهرهما التعارض حول الوسيلة لكن باطنهما التوافق حول الغاية النهائية :
و هي تصميم الهوية السودانية على قاعدة الدين الإسلامي و الثقافة العربية.
و الموقف الأول انطوى على منطق الإستبعاد أو الهضم أو الإخضاع ـ للأقوام السودانية المقيمة خارج دائرة الثقافة العربسلامية المهيمنة ـ لمقتضيات مشروع الأمة العربسلامية. و هو موقف عدائي واضح ، سواء اتخذ سمة الدفاع عن العقيدة ( الإسلامية ) و العرق ( العربي) أو سمة الهجوم باسم العقيدة و/أو باسم العرق.و تاريخ العلاقة العصيبة بين أهل شمال السودان و أهل جنوبه حافل بالمؤشرات و بالأمثلة على عواقب منطق هوية الإستبعاد. و ليس هناك مثال أبلغ من مثال الإنقسام و التشظي المحيق بالمجتمع السوداني الذي يعيش تحت نير الحرب الأهلية المتفاقمة كل يوم.


و إذا كانت المناقشات الأولى بين أنصار الدستور الإسلامي و معارضيه في منتصف الستينيات كانت تطرح خوف غير المسلمين من استبعادهم (باسم الإسلام) عن مناصب الولاية ضمن الدولة الإسلامية، فإن منطق الإستبعاد، الذي يقوده نفر من الإسلاميين المتشددين، باسم العقيدة، استفحل وطال المسلمين غير المنسجمين مع اسلام الجماعة التي تهيمن على جهاز الدولة الدولة ،ثم تمدد إلى استبعاد المسلمين الذين لا تنسجم رؤيتهم الإسلامية مع إسلام هذا التيارالإسلامي أو ذاك ، الذي وضعته الملابسات السياسية و الإجتماعية ، في لحظة ما ،على رأس جهاز الدولة.و ذلك أمر عواقبه لن تنمحي بسهولة من ذاكرة مجتمع سوداني مطبوع بالتعدد العرقي و الثقافي و تتنوع فيه الإتجاهات و المذاهب الإسلامية.
و أما الموقف الثاني فهو يبدو أقل عنفا و عدوانية ، بل و قد يتخذ سمة التسامح الثقافي و العرقي بسبيل تحقيق مشروع أمّة الخلاسيين التي تصلي في لسان غير الذي تغني فيه . و هو على كل حال موقف ارتبط تاريخيا بأسماء مثقفين جلهم تقدميون و لا غبار على صدق نيتهم في رؤية أمة من الأعراق و الثقافات المتمازجة تبني وحدتها من معطيات تعددها. غير أن النيّة الصادقة وحدها لا تكفي لمخارجة أهل السودان من واقع التخلف و الحرب و عواقبهما.إلا أن مشكلة منظـّري" الهويولوجيا "السودانية هي في كونهم يتصرّفون كأفندية الخدمة المدنية، الدولة عندهم ـ كالزبون ـ دائما على حق.فهم مشوا مع الدولة النميرية مشوار" الوحدة في التعددية" حين كانت الدولة ترفع هذا الشعار التقدمي ، بالذات بعد "إتفاقية أديس أبابا". و أغلبهم تبع نفس الدولة النميرية حين نكصت ، في مطلع الثمانينيات عن الفكرة التعددية لصالح المشروع العربسلامي على هدي شريعة" الحدود".
و في هذا المشهد تبدو فكرة هوية "التمازج" و " التخلس" التي طرحها نفر من ادباء تيار " الغابة و الصحراء" على نموذج المجتمع السناري، تبدو فكرة نبيلة منزهة عن الشبهات الطبقية لأنها تضمر مبدأ الشراكة و القسمة العادلة بين العناصر المتمازجة [ زنج و عرب أو مسلمين و وثنيين إلخ. و في " إلخ" ضف سود و بيض و جنوبيين و شماليين و غرابة و بحارة إلخ]. لكن الواقع الذي طرحت فيه هوية التمازج في السبعينات يكذب صفة النبل المزعومة. لأن رهط الأدباء الذين قدموا موضوعة هوية الهجنة السودانوية حرصوا على صيانة امتيازهم الرمزي كمسلمين داخل بنية الهجنة المبذولة كإطار لهوية الشعوب السودانية .
"فرغم أن التعريف الدارج لـ "الفونج" في أدبيات تاريخ السودان السائدة هو أنهم قوم مسلمون ، لا تعارض في الدين بينهم و بين حلفائهم العبدلاب، إلا أن شعراء" الغابة و الصحراء" المهمومين بالتعددية الثقافية غضـّوا الطرف عن بُعد الدين في اليوتوبيا السنارية المطروحة نموذجا يحتذى لشعوب السودان المعاصرة.و يبدو أن مشكلة الدين عند شعراء هوية التمازج العربسلاميين قد لعبت دورا حاسما في إختيار " سنار " كمرجع ثقافي و عرقي يُحال إليه السودان، بإمتداداته العديدة في التاريخ و الجغرافيا، بما يضمن إختزاله ضمن المشروع السياسي للدولة الاسلامية التي تبناها نظام المشير المتأسلم جعفر نميري الذي كان دعاة الهجنة الثقافية [ عبد الحي و محمد المكي ابراهيم و نور الدين ساتي و أحمد الطيب زين العابدين] من كبار موظفيه آنذاك..
كما أن مشكلة مشروع الهوية ،في مساهمة" الغابة و الصحراء"، تتلخص في كونه مشروع يقوم على موضوعة " الرجوع". الرجوع لمعطيات التاريخ الثابتة النهائية، كأساس لتعريف هوية قوم يعيشون التحولات التي يفرضها العصر و يصيغون هوياتهم الواقعية على منطق التحوّل ( كأنهم يعيشون أبدا،كأنهم يموتون غدا) . .و بـ " الرجوع " لسنار المدينة الفاضلة المسلمة ، تنجح " هويولوجيا" التمازج في" ضرب حجرين بعصفور واحد"(فيما يعبر مثل عربي من تحريفي). فهم بوصفهم عربسلاميين خـُلـّص يمرّرون مراجعهم الثقافية العربسلامية إلى موقع الحظوة في مشروع الهوية السودانية الذي يدّعون له طابع الشــراكة بين الثقــافة الــعربية و الثقــافة الإفــريقية. ثم هم بوصفــهم إفريقــيين (خُــلـّص؟) " يدسـّون" إسلامهم المصحـّح و المنقـّح المسودن، على "علـْمنة" براغماتية من واقع الإلحاق،بدعوى الخصوصية الثقافية الإفريقية لـــ " الإسلام السوداني" .و هي مناورات ذات مردود سياسي اكيد على صعيد المنافسة مع غلاة الدعاة الإسلامجية في حلبة الغوغائية السياسية العربسلامية. ترى هل كان في وسع شعراء التخلـّس الرجوع إلى مدينة أخرى، بخلاف سنار، قمينة بتجسيد التلاقح و التخلّس؟
لقد عرف تاريخ السودان أكثر من ماض مجيد و أكثر من مدينة فاضلة قبل سنار الماضي الفونجي كـ "مروي " القرن الثالث قبل الميلادي او " دنقلا" النوبا المسيحية او " سوبا".فكلها مدن عامرة بالرموز، غير أنها مدن سابقة على دخول العروبة و الإسلام للسودان.و هي مدن لا تثير اهتمام منظـّري " الغابة و الصحراء" الذين يصححون تاريخ السودان بأثر رجعي ، منذ" دخول العرب" المسلمين وادي النيل.و هو موقف يجد تفسيره في المداهنة الغوغائية للجمهور العربسلامي المعاصر أكثر مما يجده في الجهل بالخارطة الزمنية لأحداث التاريخ السوداني.و بالطبع لم يخطر على بال محمد عبد الحي و شركائه من العائدين إلى سنار ، في مطلع سبعينات نظام النميري، أن تلك العودة إلى الجذور العربسلامية يمكن أن تتحوّل، بعد عقد من الزمان، إلى" تصحيح" متعسف لمجمل تاريخ السودان السابق على الإسلام في إتجاه إلغاء سودان ما قبل الأسلمة و التعريب من ذاكرة التاريخ . لكن لمحمد عبد الحي و شركائه نصيب (الأسد؟) في المسئولية الأخلاقية ، بقدر ما عبّدوا الطريق لسلطة الصيارفة الإسلاموية و سوّغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة و الإسلام." [ للمزيد انظر نصي " شبهات حول الهوية" في خيط " أشغال العمالقة" على الرابط "
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... a1f48e401d



إن هويتنا الثقافية الراهنة الوحيدة الممكنة تتلخـّص في كلمة واحدة:
" الإستبعاد". أي الإستبعاد من أسباب التنمية و من ثمارها. و على اختلاف ألواننا و عقائدنا و ثقافات أسلافنا فنحن قوم مستـَبْعـَدُون. و منذ اليوم الذي ألحقونا فيه بمنطق السوق الرأسمالي، كمصدرين للمواد الخام و كمستهلكين لسلع لم نصنـّعها، أُحيلت هويتنا الثقافية الوطنية إلى متحف التاريخ و فترينات الفلكلور و اكتملت قطيعتنا مع ثقافة الأسلاف، و لات بين سادة عصر الإلحاق من يفتح لنا قناطر العبور نحو موضع الحظوة في هوية المستفيدين من حداثة رأس المال. لقد أحكم سدنة رأس المال تحصين، أنفسهم في موقع الإمتيازات المُذْنبة وراء متراس " الهوية الثقافية" الذي يسوّغ لهم تكريسنا كطرف ضعيف أزلي ضمن علاقة التبادل غير المتكافئ و التي توحّد " تخلّفنا " مع " نموّهم" مثل وجهي عملة الإستغلال.
نعم لقد حان الوقت لأن نطرح إرتيابنا المشروع بموضوعة " الهوية " من حيث المبدأ، باعتبارها واحدة من آليات ميكانيكا الإستبعاد، و ذلك بقدر ما تحيلنا من موقع " الشركاء" إلى موقع " الملحقين" أو " السكان الأصليين" او " العالمثالثيين" أو "النيو ـ مستعمَرين" إلخ.

إن إشكالية الإستبعاد( الإجتماعي الثقافي و السياسي و الإقتصادي) تبدو على قدر من التركيب يليق تماما بجسامة المكابدة التاريخية التي ألقت بشعوب العالم الثالث في هاوية التبعية و التخلف الإقتصادي و السياسي. فحين نفتنا آلية الإلحاق من مواقع الثقافة التقليدية( و أعني بـ " التقليدية" الثقافة الـ " قبل رأسمالية") فهي ، في نفس الوقت، موضعتنا في عمق حركة الثقافة الحديثة المعاصرة(الثقافة الرأسمالية المسيحية المهيمنة) بوصفنا غيرها ، ضدها ، نفيها و تناقضها التاريخي، عالمها الثالث، وجهها المشين، جوعها و تخلفها و قارتها المظلمة.
و في مثل هذا الأفق تصبح فرصتنا الوحيدة في الخلاص: تجاوز النفي الهويوي بعبور نفق الثقافة المهيمنة و إعادة ترتيب منطقه نحو صياغة جديدة لموضوعة الهوية. صياغة تسعنا جميعا ، ضمن تعريف للإنسان بقدرته على الخلق لا بما ورثه من أسلاف ذهبوا. إن فرصتنا في الخلاص تتسع بقدر قابليتنا على المساهمة في مشروع إعادة صياغة لثقافة الحداثة المعاصرة ، بسبيل تحويلها من ثقافة هيمنة و استبعاد إلى ثقافة شراكة و تضامن بين الرجال و النساء المبدعين على اختلاف أصولهم العرقية و الثقافية.فهل نحن أهل لطموح كهذا؟

سأعود.
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

"الكأس التي تحطمت": وهل عبدالله الطيب شاعر "ح

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

عزيزي حسن

شكرا على ردك.

قلت سيدي:

"و من جهة ثالثة فعبد الله الطيب هيمسيلف هو ، في نهاية التحليل، شاعر حداثي"

عبدالله الطيب ليس شاعرا "حداثيا"، كما قلت سيدي،و عليك إثبات ذلك.

هنالك بعض الآراء التي تقول بأنه كان "رائد " شعر التفعيلة، لكنه للأسف قد غادر هذا الموقع "الريادي"مبكرا.

من القائلين ب"ريادة" عبدالله الطيب لشعر التفعيلة،
الشاعر كامل عبدالماجد في مقاله:

بروفسير عبد الله الطيب
خواطر وذكريات

كما في الآتي نصه حول ريادة "عبدالله الطيب"، لشعر التفعيلة:

ولكننى أرى أن بعد سيدنا على الذي اتى بالتفعيلة هو البروفسير عبد الله الطيب نفسه لانازك الملائكة ولا السياب ولا البياتى ولا ادونيس ولاغيرهم لأن قصيدته "الكأس التي تحطمت" والتي نشرت في ابريل عام 1946م هي على وزن التفعيلة وتسبق بذلك شعر شعراء التفعيلة.
https://alsudani.net/news/index.php?opti ... Itemid=226

سأورد نص "الكأس التي تحطمت" على مسؤولية ناشرها.

وقبل ذلك، سأورد تعليق "للناشر" مضمونه أن عبدالله الطيب من المنتقدين بشدة للشعر العربي الحديث التفعيلي وما بعده:

ولعلنا جميعاً نعرِف جيداً أنّ العلامة عبدالله الطيب كان من أكثر من واجه مُنتَقِداً وبشدّة هذا الضَرْب من الشعر وعُرِف عنه ذلك على مستوى الوطن العربي إنْ لم يكن على مستوى العالم!
ولكن ريادته التاريخِيّة لهذا الضَرْب من ضُروب الشعر لا تنفى أنّ أجمل قصائده التي كتبها كانت وفقاً للنوع القديم (العمودي)

يقول "ناشر" قصيدة "الكأس التي تحطّمت" عن تلك القصيدة:

ربما تكون هذه القصيدة المَنْسُوبة للراحل بروفيسور عبد الله الطيب والتي وقفت عليها مُتأخّراً تُثبت سَبْقه لريادة هذا النوع من الشعر السيدة نازك الملائكة صاحبة قصيدة الكوليرا والتي يعدونها أول قصائد الشعر الحر والتي كانت في العام 1947م في حين أنّ كأس العلامة كُتِبت في العام 1946 وهو طالب بلندن

وأدناه نص القصيدة على مسؤولية "ناشره الاسفيري":

الكاس التي تحطمت

(ابريل 1946)

أترى تذكر لما أن دخلنا الفندق الشامخ

ذاك الفندق الشامخ فى ليدز

ذاك الرحب ذاك الصاخب الصامت

ذاك الهائل المرعب اذ كنا معا

أنت واليانوس والاخرى التى تصحب اليانوس

والأبصار ترمينا بمثل الرشقات

وسهاماً خانقات

فجلسنا فى قصى ثم قمنا وجلسنا فى قريب

زاخر بالنور ضاح

نتساقى روح إيناس وراح

وجدال جده كان مجناً للمزاح

والمراح
فوددنا لو مكثنا هكذا حتى الصباح
قد خلعنا حذر الغربة إلأ هجسات
واضطراباً لابساً ثوب ثبات
كحياء الخفرات الحذرات الفطنات
لمح الشرَّ وأغضى النظرات
ومضى مضطربا مرتقبا متخذا زى ثبات
يتوقى الوثبات
ثم لا أنسى اذ الكأس رذوم
وإذ التبغ على النور دجون
وإذ الناس جليس وأنيس ونديم
كيف خر الكوب ذاك المترع الملآن للأرض وسالا
وهوى منكسراً منفطرا
واكتسى وجهك بالدهشة لوناً واستحالا
واذا الدنيا سكون
واذا الصمت اللعين
يتمطى ويرين
واذا الابواب والأنوار والسقف عيون
وحسيس هامس تسمعه الجدران والشارع والشرطى
همس واستياء
تفضح الخسة منه ويواريه الرياء
فتجلّدت على الكرسى حيناً ونسيت الشعر موزونا رصينا
وتلفتَّ إلى الأعذار منها ما يؤاتى
تنسب الشرَّ إلى الأقدار فى هذى الحياة
نبعت فلسفة منك عن الدهر الخئون
وقضاء الله اذ يسبق أوهام الظنون
تتلافى الكوب بالألفاظ والكوب تحطم
وتهشّم
وهوى يسمعه سقف وباب
أتزف العلم للسامع فالسامع أعلم
أتسب الساخط الزارى لا يغنى السباب
ذهبت كأسك كالوهم وسالت
وهوت فى الفندق العامر ذاك الفندق الشامخ
ذاك المرعب الهائل ذاك الصامت الصاخب
دوّت فيه صالت
جلجلت
لا تشتم الاقدار لا يغنى السباب
ذهبت كأسك كالوهم وعزاك الصحاب
لحظة غيبها ماضى الزمان
أنا لا أذكرها إلأ اعترانى
ضحك يملأ حسى وكياني
أفلا تذكرها؟؟؟

https://www.elafoon.net/board/showthread.php?t=15323

في "كتاب في جريدة" الذي أصدرته منظمة اليونسكو عام 1996،

العدد 82، الأربعاء 1 حزيران\يونيو 2005،

مختارات من الشعر السوداني أعدَّها وقدَّم لها الناقد الكبير "مجذوب عيدروس"،

لم يرد ذكر لعبدالله الطيب باعتباره "شاعراً حداثياً".

سأعود، كان الله هوَّن.

أرقدوا عافية

أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »

صورة

صورة جماعية، مؤتمر "الحداثة وصناعة الهوية في السودان: استعادة حقبة الستينيات والسبعينيات"، الذي نظمته مؤسسة الشارقة للفنون مع معهد دراسات الحداثة المقارنة جامعة كورنيل في الفترة ما بين 10 -12 ابريل 2015 الذي انعقد بمسرح معهد الشارقة للفنون المسرحية، الشارقة.
وقوفاً على يمين الصورة، الأستاذ يوسف عيدابي، البروفسير عبدالله جلاب، الاستاذ الفاتح الطاهر دياب، المخرج السينمائي الأستاذ الطيب مهدي، خلفه الروائي الأستاذ جمال محجوب، التشكيلي الأستاذ تاج السر حسن، التشكيلي الأستاذ صلاح حسن عبدالله، التشكيلي راشد دياب، الأستاذ دينق قوج، التشكيلي الأستاذ فتحي محمد عثمان، خلفه المخرج الأستاذ وجدي كامل، البروفسير أحمد إبراهيم أبوشوك، خلفه البروفسير عبدالرحمن أبوسبيب، الأستاذ كمال الجزولي، الأستاذ نورالدين ساتي، البروفسير إبراهيم محمد زين، التشكيلي الأستاذ النور حمد، خلفه التشكيلي الأستاذ علاء الدين الجزولي، الدكتورة ناهد محمد الحسن، خلفها البروفسير عبدالله علي إبراهيم، البروفسير لمياء شمت، خلفها الفنان التشكيلي حسن موسى، الأستاذة ستيلا قايتانو، الاستاذة أروى الربيع، الاستاذ الناقد السر السيد، البروفسير صلاح حسن.
جلوساً: الاستاذ طلال عفيفي، الأستاذ الياس فتح الرحمن، المخرج والمنتج السينمائي الأستاذ سليمان محمد إبراهيم النور، الشاعر محمد المكي إبراهيم، الفنان التشكيلي إبراهيم الصلحي، سمو الشيخة حور القاسمي، الاستاذ منصور خالد، الفنانة التشكيلية كمالا إبراهيم اسحق، الفنان التشكيلي عامر نور.
- الصورة افتقدت من من تقدموا\ن بأوراق، البروفسير رقية مصطفى أبوشرف، الأستاذ المسرحي شوقي عزالدين، والناقد المسرحي الأستاذ عصام أبوالقاسم.

----------
الصورة من تصويري، 12 ابريل 2015
قمت بتصغير الصورة ( تصغير قد يكون مخل بعض الشيئ) فمعذرة، وذلك لاتمكن من اضافتها هنا.

تحايا وتقدير للجميع ..سأعود قريباً.
لكن\م محبتي
آخر تعديل بواسطة ايمان شقاق في الأربعاء مايو 13, 2015 2:55 pm، تم التعديل مرة واحدة.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و حداثة عبد اللع الطيب [ تاني!]

مشاركة بواسطة حسن موسى »



شكرا يا إيمان على الصورة التاريخية و ياحبذا مزيدا من التصاوير.أنا و الله صوري ضارباها غبشة ما عارفها جاتها من وين لكني سأحاول أن انتخب منها الأصلح حتى تعم الفائدة و كدا..





و حداثة عبدالله الطيب[ تاني!]

كتب اسامة الخواض
" قلت سيدي:

"و من جهة ثالثة فعبد الله الطيب هيمسيلف هو ، في نهاية التحليل، شاعر حداثي"

عبدالله الطيب ليس شاعرا "حداثيا"، كما قلت سيدي،و عليك إثبات ذلك.
"
سلام يا أسامة
أنا أفهم اعتراضك على حداثة عبد الله الطيب من حيث كونك تقيـِّم مفهوم الحداثة عند عبد الله الطيب انطلاقا من نصوصه الشعرية المتنائية، عن سبق القصد و الترصّد، عن نوع الطراز الشعري المصنف في فئة" الشعر الحديث" لكن عبد الله الطيب إنما يتنائى عن الحداثة عن دراية ، لا عن جهل، و في هذا الموقف فهو حداثي متأفف من نوع الحداثة الذي التأم عليه شمل عيال الشوام و "أولاد الريف" و من لف لفهم من التراجمة البواسل في بلاد العربان. و في نظري الدياليكتيكي فشعر عبد الله الطيب إنما يقف بامتياز كمثال لـ " ضد الحداثة" ، و في هذا المقام فـموقف "ضد الحداثة" حداثي لأنه لا يكون إلا بالرجوع و بالمقارنة و بالتعارض مع الحداثة. . وفي نهاية تحليل ما، أظن أن تقويمك لمواقف الشعراء العرب من اشكالية الحداثة حسب قرب نصوصهم [ أو حسب تنائيها] من نوع النصوص الأوروبية المكرسة نماذجا سامية للشعر الحديث ـ من زهور شر "بودلير"[1857] لموسم جحيم "رامبو " [1873] لغاية أرض "إليوت" الخراب[1922 ]، هو ، في نظري الضعيف، خطل مناهجي [ ميثودولوجيك ] كونه يستغني بالتفاصيل الاسلوبية للنوع الشعري عن النظر عن المعطيات الجذرية التي تخلقت ضمنها سوسيولوجيا الثقافة الحديثة.و أعني بالمعطيات الجذرية التي تخلقت ضمنها سوسيولوجيا الثقافة ، جملة الشروط التاريخية التي سوغت لحداثة رأس المال أن تطرح نفسها كصيغة عليا مهيمنة و مفردة للإنتاج الإجتماعي المادي و الرمزي.و في هذا المنظور فالمبدع، الأديب او الفنان ، يمثل كشخصية ذات سيادة جمالية فردية. هذه السيادة الجمالية التي يباشرها المبدع على متاعه الرمزي تنبني على زعم جمالي، متنازع عليه، فحواه أن المتاع الجمالي للمبدع هو ابتداع اجترحه الفنان من وحي خياله . و مشكلة هذا الزعم، الذي يملـِّك الفنان كل ما تطاله يده الشاعرة ، هي في كون هذا الشاعر ينزلق من تملك اللقيّات البلاغية لتملـّك المفاهيم السياسية كما في حالة صاحب " العودة إلى سنار" الذي " رغب ـ كما رغب جيمس جويس قبله، في أن يشكل في مصهر روحه ضمير أمته الذي لم يخلق بعد " [ " العودة إلى سنار" ص 41]. و" من ديك و عيك !"، انمسخت "العودة إلى سنار" لبرنامج آيديولوجي افسد علينا ، نحن الغاوون الذين نتبع الشعراء ] ،أفسد علينا بهجة قراءة محمد عبد الحي الشاعر، و صرنا في" التسوي بي إيدك يغلب أجاويدك"! . أقول : مفهوم السيادة الجمالية الكاملة التي تنسب لصاحب الأثر الفني هو اثر باق من ميراث الشعراء الحداثيين في أوروبا نهاية القرن التاسع عشر. و هم قوم غنموا فكرة الحداثة و التجديد من ثنايا الحركة الرومانطيقية، و في فرنسا يؤرخ أهل الأدب لحداثة الشعراء بحركة الشعراء " البارناسيين"،[ مالارميه و بودلير و غوتييه]،
Le Parnasse Contemporain,1876
الذين طرحوا مغامرة قصيدة النثر كمخرج من قيود الشعر الرومنطيقي و تبنوا مبدأ الإختراع و النحت في خامة اللغة على زعم أن المفاهيم و المخترعات الحديثة تحتاج للغة جديدة ، حتى أن "بودلير" كان يحلم ببلاغة غير مسبوقة قمينة بالتعبير ، شعرا، عن ملامح العالم الحديث. و مفهوم السيادة الجمالية الخالصة التي لا تشوبها شائبة ، و التي لا تضاهيها إلا سيادة المالك المطلقة على متاعه المادي في مشهد علاقات الإنتاج الإجتماعي، هذه السيادة الجمالية هي، في نهاية التحليل، نوع من ضمانة أخلاقية لمبدأ الملكية الخاصة، لأن مبدأ سيادة المالك المطلقة على متاعه المادي الثابت أو المنقول يمثل العمود الفقري لكل حضارة رأس المال. لأنه هو المبدأ الذي يمسخ المالك نوعا من إله صغير لا يغالط أحد في مبدأ سيادته المطلقة على كل ما هو تحت يده. و في هذا المشهد يمثل الفنان الرومانسي المحتفل بفرديته كأحد مظاهر التعبير التاريخي لتسويغ موقف المالك البورجوازي مثلما يمثل علم الجمال البورجوازي نفسه كأحد روافع الهيمنة الطبقية للبورجوازية.
و لو رجعنا لموضوع حداثة عبد الله الطيب ،فخلاصة حديثي هي أن الحداثة غير قابلة للإختزال في الأشكال الأدبية و لا حتى في التصانيف الفلسفية لأنها ببساطة اسلوب في انتاج الحياة الإجتماعية ، و لو شئت قل هي "حضارة" عديل كدا!و ضمن حضارة الحداثة الغامرة تتصارع نسخة حداثة رأس المال مع نسخة ، أو نسخ، الحداثات المعارضة لرأس المال.و في هذا الأفق أنظر لعبد الله الطيب ككائن حداثي ضالع بكليته في إشكالية الحداثة مثله مثل عبد الرحمن المهدي أو حسن الترابي أو محمود محمد طه أو آية الله الخميني الذي بشر عيال المسلمين الإيرانيين بـ " جمهورية" إسلامية حتة واحدة! و مافي زول قال ليهو " بغم" في اصل و فصل هذه الـ "جمهورية" المنسوبة للإسلام! أما عن عيال المسلمين المتعلمنين الناهضين على تحديث الإسلام على منهج ماركس فحدث ..

سأعود
أضف رد جديد