الخلّاق كتّاب

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ãÚÑæÝ ÓäÏ
مشاركات: 123
اشترك في: الأحد يوليو 12, 2009 12:48 am

الخلّاق كتّاب

مشاركة بواسطة ãÚÑæÝ ÓäÏ »

في برنامج الماجستير, امبارح جانا متحدث زائر, شاب شديد النباهة من الكونغو اسمه باتريك, يشبه لوممبا سيد الاسم لي حد بعيد. محور حديثه كان عما يمكن أن تسميه (إنتاج المعرفة). كيف أن شمال العالم هو الذي ينتج المعارف وجنوبه هو المتلقي, وفي كثير من الأحيان يمثل الجنوب (مادة) للمعرفة.

في طيات حديثه, ضرب باتريك مثلا عن فنان في شارع من شوارع أفريقيا يرسم رسما, أو ينحت نحتا, ولكن أعماله لا تصنف من ضمن المعارف, ولكن, عندما يدرس كاتبا ما- بآليات غربية- تلك الأعمال, فإن كلامه يعتبر معرفة! ويعتاش صاحبنا الكاتب من قفا ذاك المسكين.
حينها تذكرت حديثي مع صديق كان يعيب على فنان سوداني أنه يضيع زمنا كثيرا في الكتابة بدلا من أن " يرسم شجرة تحت زير" مثلا, ثم يبتعد عن رسمه في صمت ليرسم أي حاجة تانية.

فقلت له معترضا وممازحا:

الخلّاق كتّاب

أو كما قلت
إن بُلِيتْ يا فصيح ما تصيح
عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

علي المك كان يقول انه في امكانه ان يكتب قصة عن كل ما تقع عليه عيناه من ناس ومواقف وشخصيات واماكن. وكان يحاول ان يكتب عن كل شئ في حياته القصيرة، ولا يكتفي بالمشافهة او الونسة.

كانت له الصفحة الاخيرة في جريدة الايام ايام الديمقراطية 1985-1989 اسمها "من اركان الدنيا"، صفحة اسبوعية كان يسوّدها أو يحبّرها بترجمات من فلكلور الهنود الحمر من امريكا الشمالية، ومتذوقاته من الموسيقى الكلاسيكية، وحكايات عن شعراء ومغني الحقيبة، ومزح وطرائف، وحكاوي غير مألوفة اذكر منها انه كتب عن شخص كان "مجنونآ" يعيش وسط خرقه وكراتينه في شارع النيل قبالة مستشفى العيون (مستشفى النهر الذي استشهد به فوق مدفعه عبدالفضيل الماظ في ثورة 1924 ضد الاحتلال الانقليزي).

كانت كتابة طريفة وعميقة ومتواضعة وانسانية حاول فيها سبر اغوار "المجنون" والتعرف عليه والتعامل معه بانسانية تليق بالبشر غض النظر عن حالتهم العقلية او الطبقية.

اريد ان اقول بهذه المقدمة ان الكتابة والتوثيق بالحرف او الكاميرا او الفيديو امور مهمة، وهذا ما نجح فيه الغربيون. لا يتركون شاردة او واردة في بلادهم وفي بلاد غيرهم وإلا كتبوا عنها أو وثقوا لها على نحو من الانحاء.
علينا ان نفعل مثلهم غض النظر عن الدوافع - السيطرة والاستغلال وغيرها من الدوافع - فالجهل عمومآ مصيبة، والمعرفة بالنفس وبالاخرين ضرورة قصوى.
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

ماذا يفعل الكاتب مع الخالق؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »







سلام يا معروف و مثله لعادل
يا معروف مكتوبك في أمر "الخلاق و الكتاب "يحتوي على كلمة مفتاحية ربما كانت في اصل جملة الحراك المفهومي في مشهد الفن المعاصر.أعني كلمة الصمت. صمت الفنان عن الخوض في اسباب خلقه، أما عملا بالحكمة المريبة التي تقول بأن الفنان الحقيقي " يعمل في صمت " و يترك الحديث للآخرين [ إقرأ لـ " جهات الإختصاص النقدي " أو للجمهور أو للتاريخ و غير ذلك من ترهات النقد البورجوازي البائد.]، أو عملا بالدوغما الجمالية " الصوفانية"التي روج لها نقاد الفن الأوروبيين بكون " الفن مكتفي بذاته"
La peinture se suffit à elle même

و بالتالي فكل حديث فيه هو من فضول القول!لا سبيل له لإدراك كنه الفن.
طبعا أنحنا في السودان ورثنا كل ذلك ضمن قسمة غنائم حرب الحضارات التي شنها عليناالإستعماريون الأوروبيون، لكننا أيضا ورثنا تركيب الواقع الثقافي لمجتمعاتنا في حالة تشابكها و تناقضها مع مجتمعات الهيمنة الإمبريالية و مجتمعات ما بعد الهيمنة الإمبريالية،[ أو " مجتمعات امبراطورية العولمة " في تعبير مولانا "أنطونيو نيغري" كرم الله وجهه].و أقل نظرة لواقعنا تجعلنا نعي بأن التصانيف النقدية الكلاسيكية التي ورثناها من الأوروبيين فقدت مشروعيتها النقدية و الأخلاقية تحت شروط واقع معاصر نتقاسمه مع معاصرينا الأوروبيين و غير الأوروبيين.و لو سألت اخونا موسى مروح عن إشكالية صمت الفنان لوجد فيها شبهة من عقيدة " موت المؤلف " التي روج لها " البارتيون السودانيون"، بينما الأمر، في نظري الضعيف ،اقدم من بارت و شركاه الذين استهدوا بالإضاءات التي بذلها مولانا " مارسيل دوشان" عبر منتخباته الجاهزة التي عرفت بالـ " ريدي ميد"منذ مطلع القرن العشرين.و هذه، كما لا يغيب على فطنتك، فولة كبيرة لا سبيل لنا إليها في هذه السانحة، لكني ،لامناص، عائد لها على كل حال.
و حتى أعود ابذل لك و للمتابعين لهذه المنازعة الشيقة مقتطع من رسالة كنت كتبتها للصديق النور اللحمر في خصوص فصاحة التشكيليين السودانيين.

"..

ميزت حركة التشكيل المعاصر في السودان نفسها بفصاحة أدبية عالية شحذت فضول الجمهور العريض للتأني عند الأسئلة المركّبة الجمالية و السياسية التي يطرحها التشكيليون في فضاء العمل العام. لكن كتابة التشكيليين السودانيين تبدو نبتا "مشاترا" في حديقة الكتابات الأدبية السودانية و لو شئت شططا فقل هي نبت "مشاتر" في المنظر الطبيعي للكتابة العربية المعاصرة. و" المشاترة" في عربيتنا المحبوبة " مشاطرة " في النظر،و هي الحَوَل الذي يجعل الناظر يبدو كمن ينظر في اتجاهين في آن واحد. ربما لأن التشكيلي السوداني مضطر للنظر في أكثر من إتجاه في آن. اتجاه أدب التدبير الحرفي للممارسة التقنية و اتجاه التدبير السياسي للممارسة الإجتماعية. وفي الظن البريئ أن نظر التشكيليين السودانيين وجهة التدبير الحرفي أمر "طبيعي" بالمقارنة مع نظرهم السياسي المتقحّم لمقام التدبير الإجتماعي، لكن الشاهد هو أن التشكيليين الفصحاء شملوا التعبير الجمالي بالنظر السياسي مثلما شملوا التعبير السياسي بنظرهم الجمالي المميز، فصارت خيارات المسند و التقنية تؤوّل في منظور الموقف الإجتماعي كشهادة ذات تبعة تثقل أو تخف حسب ملابسات تقاطع الواقع الفني مع الواقع السياسي.[8]
و ربما أمكن فهم الشاغل الأجتماعي في كتابات التشكيليين كأثر باق من تقليد إنشغال الكتاب و الشعراء و المغنين الوطنيين، منذ وقت مبكّر، بالهم السياسي ضمن الحركة المناهضة للإستعمار. و جزء كبير من قادة الرأي الوطني الذين شكـّلوا ملامح النسخة السودانية للفكرة الحداثية هم أشخاص مهمومين بالتعبير الجمالي بصورة أو بأخرى[9].
لكن رد الحساسية السياسية التقدمية للتشكيليين السودانيين بتأثير التقليد الوطني لا يكفي لفهم تميز حيويتهم الفكرية بالمقارنة مع الموسيقيين و المسرحيين و الأدباء ، سيّما و أهل الأدب و المسرحيين و الموسيقيين يمثلون في النسيج الإجتماعي للطبقة الوسطى الحضرية كنبت طبيعي دوره مفهوم [ رغم وصمة الـ " صيّاع" التي لحقت بالموسيقيين في الثلاثينات و الأربعينات ].
و ربما أمكن فهم خصوصية وضع التشكيليين كأثر من عواقب اليتم المؤسسي الذي كتب على التشكيليين السودانيين مكابدته. فبالرغم من انقضاء أكثر من سبعة عقود على استقدام التربية الفنية كمادة دراسية ضمن مناهج وزارة التربية و التعليم و تأسيس" مدرسة التصميم "، التي صارت كلية الفنون الجميلة و التطبيقية لاحقا، إلا أن حركة التشكيليين السودانيين تميزت بكونها نمت و تطورت في غياب مؤسسات الرعاية التي تصاحب الحركات الفنية في العواصم و الحواضر التي تعتني بالثقافة الفنية و تصرف الجهد و المال على مؤسسات الرعاية التقليدية كالمتاحف و صالات العرض و التظاهرات و الفعاليات الموسمية التي تخلق المناخ المواتي لتحقق القدرات و تفتح المواهب.
حتى اليوم لا يوجد في السودان متحف للفن الحديث، كما لا توجد صالة عرض وطنية تأوي انتاج الفنانين الذين تضيق عنهم المراكز الثقافية الأوروبية في العاصمة. و و رغم انتشار التشكيليين السودانيين في مشهد العمل العام المحلي و الإقليمي و الدولي، ليس هناك ما يمكن أن يسمى بـ "سوق فن " محلي يتيح للتشكيليين أن يعيشوا من بيع أعمالهم للجمهور، و غياب السوق الذي يشكل قاعدة اقتصادية لاستمرارية حضور التشكيليين في الحياة العامة يتبعه غياب تقليد نقدي يعقلن العلاقة و يصون الجسور بين الفنانين و الجمهور المحلي. هذه الوضعية يفترض فيها أن تقوّي من عزلة التشكيليين و تسجنهم في " قفص ذهبي " أو في "برج عاجي" أو تنفيهم في " جزيرة مهجورة " و غير ذلك من أساطير الأدب الرومانطيقي. فما هو السر في تلك الحيوية الكبيرة التي تميز حضور التشكيليين السودانيين في مشهد العمل العام المحلي و الدولي؟ أظن أن للأمر علاقة بطبيعة الرعاية الخاصة التي توفرت لهم.و هي رعاية ذات طبيعة آيديولوجية فريدة في نوعها. فـ "التشكيلي السوداني العادي" [ على وزن "رجل الشارع العادي" ، يا لها من عبارة!] يجد نفسه في مواجهة راع[ باترون ] أوحد هو الدولة.و منذ تأسيس "مدرسة التصميم" في منتصف الأربعينات فالدولة هي الراعي الوحيد الذي يصرف على مؤسسات التدريب الفني و يخدّم الفنانين التشكيليين [ كمعلمين و كمصممين ]، في البداية، في المدارس و الدواويين و دور النشر الحكومية ، و منذ السبعينات، في أجهزة البروباغاندا و المحافل و المهرجانات السياسية . و الدولة نبتة عجيبة من زرع الحداثة الكولونيالية في "السودان الإنجليزي المصري". و هي دولة "أجنبية" من وجهة نظر نموذج التطور الإجتماعي السياسي المتخيّل في سودان نافد من قدر الإستعمار . لكن هذه الدولة الـ " أجنبية " على المجتمع السوداني ،هي في حقيقتها تجسيد حي لإلتواءات النسخة السودانية من حداثة رأس المال. وهي دولة أقوى من المجتمع الذي تزعم تمثيله و تجهد في تغييره. و سر قوتها يكمن في اعتمادها على تحالف قوى الهيمنة الرأسمالية المعولمة المتأهبة في كل لحظة لنصرة الطغاة الصغار، الذين يرعون مصالح رأس المال، ضد إرادة شعوبهم. هذه الدولة " الحديثة" هي أيضا أحد أكثر أشكال خيانة الحداثة نصوعا، لأنها دولة أجنبية متسربلة بسرابيل الوطنية التي تحجب عورتها كوكيلة محلية لقوى رأس المال المعولم.و رجالها لم يكتفوا بانتحال مؤسسات الدولة الوطنية لحسابهم الخاص بل انتحلوا جملة المبادئ و الشعارات التي طرحها المشروع الحداثي الإنساني: الديموقراطية ، العلمانية ، حقوق الإنسان ، التنمية المستدامة.. و أفرغوها من محتواها الإنساني الماثل في ميراث حركة" التنوير" في أوروبا القرن الثامن عشر. هذه الدولة المستقوية على رعاياها الوطنيين بجاه غول رأس المال متعدد الرؤوس ، هي أيضا راعي الفنانين الذي يدّرب و يستخدّم و يكافئ و يوسّم أو يطرد و يشرّد ويعتقل و يهين و يعذّب و يهتك و يحيي و يميت بغير حساب، و كل هذا باسم " الصالح العام " ،صالح الطبقة الطفيلية التي غررت بالمسلمين و انتحلت الدين و غرّبته حتى أنكره الحس السليم[10]
ليست هناك أي فرصة رعاية ممكنة في كنف دولة الطبقة الوسطى الطفيلية لفنان لا يرعوي و يرعى مصالحها.و هنا مربط فرس المنازعة مع الكتاب و الفنانين من مستلهمي التراث الذين طرحوا للتعدد أفقا مفخخا بألغام الدين بين شعوب السودان التي هي أخلاط من المسلمين و النصارىو الوثنيين و اللادينيين [ 11 ].
و رغم أن النشاط الإبداعي خصوصي و فرداني، و لو شئت قل: و أناني ، إلا أن الأثر الإبداعي عام ، في معنى أنه يورط صاحبه في مقام العمل العام من اللحظة التي يستجيب فيها الناس لمضمون خلقه.و قد انتهى بنا جدل الفرداني و العام ألى الخوض في اشكالية الملابسات الإجتماعية التي تتم ضمنها عملية الإستجابة. هذا الواقع مسئول لحد كبير عن عناية التشكيليين السودانيين بأدب الشرح النقدي المتوجه لجمهور محلي أميته الجمالية مسلّحة بالتوجس الديني التقليدي من صناعة التصاوير.[ " أشد الناس عذابا يوم القيامة المصوّرون .." ، البخاري].
هذه الإشكالية البالغة التركيب دفعت التشكيليين الذين تصدوا لها لتبني موقف المعلم الشارح. و هو موقف يفرض على صاحبه العناية بمحل الإستجابة و نوعيتها. هذا الشاغل هو الذي يحفزنا على انتاج أدب نقدي يليق بتعقيد الواقع السوداني. هذا الواقع الذي ألهمنا زعمنا المشاتر بأننا جزء أصيل من حركة التشكيل العالمي المعاصرة في مجتمع يعاني من أمراض التخلف و سوء التنمية ، مثلما ألهمنا أن الفن سلاح ضروري في معركة التقدم".
حسن موسى
"كونمينغ " 25 نوفمبر 20012


هوامش


[8]
على ضوء الوعي المتنامي بحال التركيب الإجتماعي و الثقافي و الجغرافي للمجتمع السوداني طرح المبدعون التقدميون موضوعة الهجنة كإطار جمالي لتعريف الهوية الثقافية للسودان.و سرعان ما تحول رجاء المبدعين الطوباوي المتفائل إلى برنامج سياسي يتمتع ، بشكل متزايد، بدعم مؤسسات سياسية مهمة.و افضل الأمثلة يبدو في التزامن الذي تم ضمنه تقارب التشكيليين، من فناني " مدرسة الخرطوم "، و الشعراء في مجموعة " مدرسة الغابة و الصحراء"، من موضوعة الهجنة الثقافية في منتصف الستينات. فشعراء" الغابة و الصحراء" (محمد عبد الحي و محمد المكي ابراهيم و النور عثمان ابكر و آخرين) طرحوا هوية التمازج العربي الإفريقي على نموذج " سنار"، عاصمة سلطنة الفونج التي قامت على تحالف البدو و الزنج المسلمين، وفي مجال التعبير الفني كان الفنانون التشكيلون سبّاقين لبناء عقيدة ـ دوغما ـ جمالية نواتها الشعب. فإبراهيم الصلحي و أبناء جيله من الفنانين العائدين للسودان بعد دراساتهم في أوروبا (أحمد شبرين و كمالا و بعض تلاميذهم) صاروا يتساءلون عن طبيعة الفن الذي يمكن ان يناسب الشعب السوداني فخلصوا إلى ضرورة تأسيس " فن سوداني" على قاعدة " الفن الشعبي"..


و لم يمض وقت طويل حتى تحولت مجموعة لقيات صلحي و شبرين المفهومية و التشكيلية لنوع من علامة مميزة" إمبلم" تنبئ عن استقرار تيار جديد في الساحة الثقافية هو تيار " مدرسة الخرطوم".
و قد لقيت مساهمة " مدرسة الخرطوم" بقيادة الصلحي شعبية كبيرة ".."حتى ان السلطات السياسية جعلت من صورة الصلحي نفسه نوعا من ايقونة قومية للفن السوداني . ورغم أن الجمهور المحلي كان يجهل عمل الصلحي إلا ان وزارة السياحة السودانية وزعت ، في عام 1976 ،ملصقا سياحيا معنونا:" الفن السوداني المعاصر" ، يمثل الصلحي و هو يرسم .كان صلحي ـ الموظف الكبير في وزارة الثقافة ـ في تلك الفترة يتمتع بشعبية واسعة بسبب برنامجه التلفزيوني الناجح " بيت الجاك". في إطار حالة الرضاء السياسي العام الذي اسبغ على تيار" مدرسة الخرطوم" كتب على جماعة التشكيليين الديموقراطيين فرز التشابك الكبير لخيوط الإبداع الفني مع خيوط التواطؤ السياسي ، ضمن المناقشة العنيفة العامرة بالإلتواءات المفهومية، و التي استمرت طوال السبعينات و طرف من الثمانينات قبل أن يتشتت أهلها أيدي سبأ. و كان الإمتحان الرئيسي التي تطور عليها أدبنا النقدي في تلك الفترة تتمثل في صيانة التركيب الدقيق لإشكالية المناقشة من الإنزلاق نحو فخ الغوغائية السياسية التي تصادر قيمة عمل الخصوم المبدعين على مذبح الكسب السياسي. و أظننا يا صديقي نجحنا لحد كبير في هذا الإمتحان العسير دون أن ننزلق في فخ تلك الغوغائية الناعمة التي تعرف بـ " الخلق السوداني الكريم " الذي يزعم أن " إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية"!
.
[9]
." .. في أوائل 1920 ،أسست "جمعية الاتحاد السوداني" بأمدرمان،و هي اول تنظيم سياسي حديث، من خمسة أعضاء مؤسسين من أبناء الجيل الصاعد. فقد كان عبيد حاج الامين و توفيق صالح جبريل و محي الدين جمال ابوسيف و ابراهيم بدري و سليمان كشّة اعضاء حديثي السن".."و كانوا جميعا من الأدباء أو النقاد أو المثقفين الاجتماعيين"(أنظر جعفر بخيت ، الادارة البريطانية و الحركة الوطنية في السودان: 1919 ـ 1939 ، نشر دار الثقافة ببيروت و مكتبة خليفة عطية، الخرطوم 1972) . و يورد جعفر بخيت اسماء من انضموا لجمعية الاتحاد السوداني التي كانت تمزج النشاط الادبي و المسرحي بالنشاط السياسي المناهض للاستعمار، فنقرأ أسماء اعلام مثل الامين علي مدني و عبد الله خليل و محمد صالح الشنقيطي و خليل فرح و علي عبد اللطيف لاحقا.(ص 74 لـ 76). و قد ذكر الشاعر محمد المهدي المجذوب مرة أن مبارك زروق كان رساما مجوّدا:[ حوار مع المجذوب، اجراه عبد الرحيم ابوذكرى، مجلة الثقافة السودانية، رقم 1 ، نوفمبر 1976 ]
[10]
قولة الصديق الشيخ محمد الشيخ تلخص الوضع في بلاغة.
"خرجنا من هذا البلد و الناس تخاف الله، و عدنا فوجدنا الناس تخاف على الله".
[11]
كانت " مدرسة الغابة و الصحراء"، في مساهمة محمد عبد الحي و محمد المكي ابراهيم و النور عثمان أبكر، مهمومة بما سمّوه بـ "البلاغة السودانية" للأدب العربي ، على زعم أنهم هم أنفسهم، في لحمهم و في فكرهم، يمثلون تجسيد واقع الهجنة العرقية و الثقافية التي اتصلت في السودان منذ عهد سلطنة الفونج.و من خلال طرحهم الشعري يبدو الإشتباه بين الماضي الفونجي و الحاضر مقصودا ، بحيث تختلط صورة الشاعر السوداني الحديث بصورة البطل السناري الخلاسي، مثلما يختلط الواقع السياسي و الإجتماعي للسودان المعاصر، المطروح كمشروع للتمازج، بكليشيه دولة الفونج التي يتعايش عربها و زنجها " سمن على عسل"..
و بالرغم من أن التعريف الدارج لـ "الفونج" في أدبيات تاريخ السودان السائدة هو أنهم قوم مسلمون ، لا تعارض في الدين بينهم و بين حلفائهم العبدلاب، إلا أن شعراء" الغابة و الصحراء" المهمومين بالتعددية الثقافية غضـّوا الطرف عن بُعد الدين في اليوتوبيا السنارية المطروحة نموذجا يحتذى.و يبدو أن مشكلة الدين عند شعراء هوية التمازج العربسلاميين قد لعبت دورا حاسما في إختيار " سنار " كمرجع ثقافي و عرقي يُحال إليه السودان، بإمتداداته العديدة في التاريخ و الجغرافيا، بما يضمن إختزاله ضمن المشروع السياسي للدولة العربسلامية. ".."
هذا " الرجوع" لليوتوبيا السنارية ليس في براءة " البداءة النبيلة" لـ " لقاح" الغابة و الصحراء، إذ هو رجوع ملغـّم بخيار ثقافي و سياسي مسبّق هو خيار الثقافة الإسلامية المطروحة كأساس لبناء هوية أمـّة الخلاسيين التي تصلـّي في لغة الضاد و تغني في رطانات شتى!


محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

بسسسسسسسسسسسس


ينصر دينك يا معروف

"الأليات الغربيـة" دا التعبير الكنت افتش ليه الزمن كله.. ونفس الخواجات ديل هم السرقوا المعارف الصوفية وكتبوها
بالأليات الغربية وشالوا منها لغـة الدين.. يعنى يا ناس الفن إلا طرف السوط يصلكم حتى تأمنوا..

كلما أنبت العرب والافارقة قناة، ركب الأوروبيون فيها سناناً..

.
.
-------------------
لا تنسى إقتناء نسخة من كتاب الصين - "وقائع خارج المألوف " على أمازن.. أبحث في أمازن عن
China, facts outside the box
Freedom for us and for all others
صورة العضو الرمزية
تماضر شيخ الدين
مشاركات: 356
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:14 pm
مكان: US

مشاركة بواسطة تماضر شيخ الدين »

https://www.telegraph.co.uk/news/science ... o-him.html

Mr Watson, who shared the 1962 Nobel Prize for uncovering the double helix structure of DNA, sparked an outcry in 2007 and stunned the scientific community when he suggested that people of African descent were inherently less intelligent than white people.
Mr Watson, 86, apologised but saw his income had plummeted and he was forced him to retire from the Cold Spring Harbor Laboratory on Long Island, New York. He still holds the position of chancellor emeritus there.
أضف رد جديد