بابا كوستا

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
نصار الحاج
مشاركات: 120
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:59 pm

بابا كوستا

مشاركة بواسطة نصار الحاج »

بَابَا كُوسْتَا

الليلُ في هذا المطعمِ العتيق
مفتوحٌ على أشرِعة الرِّيح
لا يعرَفُ الأبواب الخجولة الخُطَى
يطيرُ مع أسرابِ العصافيرِ حتى نهاياتِ البَّهجة الزرقاء
ويفرشُ مائدةَ الكونِ على سحرِ السماوات.

الليلُ في هذا المطعم النبيل
لا يُشبهُ الأمسيات في شوارع الخرطوم
ولا مُسامرات الليل التي أنْهَكَتها عذاباتُ المُحبين
ولا ضجيج العابرين في الصالاتِ المصنوعة من ورقِ الأحلام
بلْ يُشبه الخرطوم في أمجادها الشهيَّة
يُشبه الخرطوم في ليلِ السَّماوات الصافية
يُشبه المطاعم العريقة في مدنِ الأساطير
يُشْبه بابا كوستا في كلِّ العُصور
سابِحاً من شارع الجمهورية حتى ينامَ على تُخومِ سان جيمس.

بابا كوستا
بيتٌ من التاريخ
مسكونٌ بروائحِ العطرِ القديم
وامرأةٌ تُديرُ البيتَ مثلَ كاهنةٍ عمَّدَتها الأساطير اليونانية
على الزَّوايا والمَمَرات
أنوارٌ مُشَبَّعةٌ بروحِ المكان
وعلى الفناء الواسع مسرحٌ للفنون
وفرقة ماجيك ستار الموسيقية في ليلِ الخميس
شبابٌ كَوَرْدِ الخريف
كنهر دَفَقَتْهُ البحيراتُ إلى نهاياتِ الموج
أنغامٌ وموسيقى
وجازٌ يطربُ الليل على نخب الكؤوس الطاهرات
وبناتٌ ساحراتٌ كُنَّ معي
يفْتَحْنَ شباكَ الوردةِ قُبْلةً .. قُبْلةً على صوتِ الكَّمان
وعلى الجدران
ألوانٌ فاقعةٌ في سحرها الغجري
دوَّنَتْ تفاصيلَها أناملُ الرَّسامين من كل جيل
هنالكَ على الحائطِ الشرقي
نشيدٌ من جبال الإنقسنا ينحدر كشلَّالاتِ الحريَّة
وفتاةٌ عاريةٌ تسْقِي بُذُورَ العشبِ أفراحَ المطر
تفتحُ أبوابَ التأويل دوائرَ من عُيُونِ الكون
تُفضِي إلى نورٍ لا يراهُ القابعونَ تحتَ منحدراتِ العَمَى
وعلى الغرفة المجاورة
خلفَ الصالة الصغيرة
لوحات وجداريات
وبورتريهات عن يوميات الحياةِ في باطنِ الخرطوم
وفتاةٌ مشاغبةٌ تُثرثِرُ على هاتفها النَّقال
تحكي عن سهرةٍ سابقةٍ في شارعِ النيل
وأنا في ركنٍ قَصِيٍّ
والليل يبحرُ نحو بدايات الصباح
شربتُ كأساً واحدةً من يدِها السّمراء
فترنحتُ على هضابِ الليل أزرع الخرطوم بالذكريات.

نصار الحاج
3/9/2012م
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

"هنالكَ على الحائطِ الشرقي
نشيدٌ من جبال الإنقسنا ينحدر كشلَّالاتِ الحريَّة
وفتاةٌ عاريةٌ تسْقِي بُذُورَ العشبِ أفراحَ المطر
تفتحُ أبوابَ التأويل دوائرَ من عُيُونِ الكون
تُفضِي إلى نورٍ لا يراهُ القابعونَ تحتَ منحدراتِ العَمَى "






لك الله يانصار...
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

عزيزي نصار
سلامات

أهنئك على هذا النص البديع،فهو علامة فارقة في خطابك الشعري،في حدود ما توفّر لي.

تمنيت لو كنت كاتبه،فقط مع التقليل من مرات ورود كلمة الخرطوم،
كأنْ تلجأ إلى ضمير الغائب،
أو استبدالها ب"المدينة" مثلا،
أو أية إشارة تتعلق ب"الخرطوم".

مجرد ملاحظة عابرة.

شكرا على هذا البهاء الشعري.

أرقد عافية.

المشّاء
أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
نصار الحاج
مشاركات: 120
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:59 pm

مشاركة بواسطة نصار الحاج »

الفاضل الهاشمي كتب:"هنالكَ على الحائطِ الشرقي
نشيدٌ من جبال الإنقسنا ينحدر كشلَّالاتِ الحريَّة
وفتاةٌ عاريةٌ تسْقِي بُذُورَ العشبِ أفراحَ المطر
تفتحُ أبوابَ التأويل دوائرَ من عُيُونِ الكون
تُفضِي إلى نورٍ لا يراهُ القابعونَ تحتَ منحدراتِ العَمَى "






لك الله يانصار...


شكراً لكَ صديقي الفاضل الهاشمي ومحبتي لكَ ..
نصار الحاج
مشاركات: 120
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:59 pm

مشاركة بواسطة نصار الحاج »

أسامة الخواض كتب:عزيزي نصار
سلامات

أهنئك على هذا النص البديع،فهو علامة فارقة في خطابك الشعري،في حدود ما توفّر لي.

تمنيت لو كنت كاتبه،فقط مع التقليل من مرات ورود كلمة الخرطوم،
كأنْ تلجأ إلى ضمير الغائب،
أو استبدالها ب"المدينة" مثلا،
أو أية إشارة تتعلق ب"الخرطوم".

مجرد ملاحظة عابرة.

شكرا على هذا البهاء الشعري.

أرقد عافية.
المشّاء



شكراً صديقي أسامة الخواض
لرأيك في هذا النص وايضاً لملاحظتك التي أرى انها جيدة ومهمة ..
محبتي لكَ
أضف رد جديد