ثــرثــرة حـمـيـمــة ....

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

الاخ الكريم النذير حجازي .. شاكرة كلماتك الطيبة عن ثرثرتي الحميمة ..
خليك قريب النقة كتيرة شديد وما بتخلص الا انا ازهج .. ولا القراء يزهجوا .. ايهما يحل اولاً ..
تحيات طيبات زاكيات ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]ينتهي العزاء بانتهاء مراسم التشريح ...


أبناء الشمس والريح .. أبناء الفقر والحرب والنزوح .. أبناء الجوع والإدمان .. أبناء الشوارع .. بعض من روح الله في الأرض ..روح فاضت لأسباب غامضة تفوح منها رائحة القتل العمد المخطط .. ويستبعد منها احتمال الصدفة .. موت الجملة الذي حصد حتى الآن قرابة المائة روح يجعلنا نتوقف قليلاً لنطرح بعض الأسئلة عما حدث حقيقة .. وكيف حدث .. ولماذا حدث ؟! .. حسب ما يتناقله عامة الناس في الشوارع والصحف والمنتديات الاسفيرية .. هي مؤامرة تطهير كبرى تهدف إلى تجميل أزقة العاصمة ومجاريها وجحورها ومكبات زبالتها من منظر هؤلاء البؤساء الذين نكبهم القدر بشتى المصائب حتى أصبح الشارع مأواهم .. الأرض مرقدهم .. والسماء لحافهم .. وبقايا موائد الميسرين مأكلهم .. إن صدقت الإشاعات وتأكد أن موتهم حدث نتيجة حملة إبادة منظمة من جهات محددة .. إذن ينبغي علينا جميعاً كسودانيين أن نخلع عن أنفسنا سمات الإنسانية لأننا ننتمي إلى وطن يقتل الضعفاء كي يرتاح غيرهم من هم مصادفتهم في احد الشوارع ..

ناقشت احد أصدقائي فيما حدث .. وتداولنا كل الفرضيات المطروحة .. وعندما عبرت له عن عميق حزني للإبادة التي تعرض لها هؤلاء المساكين .. علق ساخراً بأننا ننتمي إلى وطن يمارس الإبادة منذ زمن طويل بأساليب كانت مستترة ثم أصبحت مكشوفة .. وان ما يحدث الآن في جبال النوبة ليس إلا إبادة وتطهير عرقي يهدف إلى محو قوميات بكاملها من خارطة المجتمع السوداني .. وعندما حاججته بان ما حدث ويحدث في الحرب يختلف عما حدث للمشردين المسالمين الذين لم يقوموا بثورة .. ولم يرفعوا سلاحاً إلا سلاح الجوع .. ولم يطالبوا بحقوق إلا حقهم في الحياة حسب رؤيتهم واختيارهم .. اتسعت مساحة سخريته وهو يؤكد لي بان ما يحدث في جبال النوبة ودارفور وكردفان ليس حرباً .. وان الحياة هناك باتت مرهونة بالانتماء العرقي .. وإنها تسلب بمنتهى البساطة إن كان عرقك مخالفاً لما يريد صانعي الحرب الذين يرغبون في تفريغ السودان من عرقيات معينة لشئ في نفس يعقوب ..

إن كان تفكير هذا الصديق صحيحاً .. لحظتها لن املك غير هتاف الأعماق الذي بات يتردد كثيراً بداخلي : ما اقساك يا وطني .. ما أقبحك يا وطني ..
وطن يقتل أبناؤه ويشرد أطفاله ثم يعاقبهم على تشردهم بموت مؤلم .. وطن أصبح حلوه مراً .. وبهجته تعاسة .. وأمنه سراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماء .. وطن يذبحنا كل يوم بسكين صدئ ..

أيها المشردون .. إن كنتم قد قتلتم ذات غدر .. فنحن الملومين .. كل فرد من هذا المجتمع يحمل وزر موتكم .. ولن تكفينا اعتذارات الدنيا كلها لنعيد إليكم حقكم في الحياة ... وان كانت فرضية إبادتكم قد دبرت عن سابق تخطيط .. فلمن فعلها وشارك فيها وخطط لها لعناتنا إلى يوم الدين ..
فليتغمدكم الله بواسع رحمته .. المسلمون منكم والمسيحيون وحتى اللادينيين ..اسأل الله لكم مقاماً خير من مقامكم الذي كان في هذه الفانية .. وداراً خير من هذه الدار التي رفضت وجودكم وهمشته .. وصحبة خير من صحبتنا التي لم تمنحكم الحماية .. اسأل الله لكم جنة ونعيماً مقيماً يعوضكم عن عذاب الأرض الذي لازمكم طيلة حياتكم القصيرة .. وأسال الله أن يصبرنا ويمنحنا القدرة على مواجهة محاكمة ضمائرنا أمام محكمة الإنسانية والحضارة والتاريخ ...


** لي اهتمام خاص بشان أولاد الشوارع .. كتبت عنهم ذات يوم مقال بعنوان ( ناس الرندوك سلام ) نشر بجريدة الأحداث ثم أعدت نشره هنا في هذه الثرثرة .. ثم تفاقم اهتمامي بهم لدرجة جعلتهم أبطالاً أساسيين في روايتي الجديدة التي لم اختر لها اسماً بعد .. إليكم فصل من روايتي يحاول ان يقتحم عالمهم ..





كود: تحديد الكل

( عـطــش العضــام )   

حافظت منطقة المقابر على سكونها  برغم وقوعها في قلب المدينة والحركة المتقطعة في الشارع الرئيسي الذي تطل عليه .. لم تفلح أعمدة الإنارة الموزعة على مسافات بعيدة في تبديد الظلمة المترامية الأطراف .. بل أضفت عليها مزيداً من الرهبة عندما انعكست على الشواهد القصيرة المزروعة قبالة كل قبر فاستطالت ظلالها وتراقصت مع تموجات الريح التي لم تهدأ منذ أمطار الأمس الغزيرة ..
كانت خطوات الكائن الضئيل تقطع الممرات الزلقة بدراية تؤكد اعتياده عليها .. تقافزت قدماه النحيلتان تجنباً للقبور المرصوصة بعشوائية .. بينما كانت عيناه الذابلتان تدوران باستكشاف حذر للمساحة التي تبقت بينه وبين السور الصغير الذي يفصله عن مقصده .. عندما قفز إلى  الفضاء الواقع خلف المقابر ترنح قليلاً وشارف على السقوط وهو يطلق سيل من الشتائم واللعنات .. استعاد توازنه وواصل سيره تجاه التلة العالية المكونة من الأتربة وأنقاض البنايات المختلطة بالنفايات وتترامى على حوافها هياكل سيارات قديمة محترقة وبقايا أثاث متداعي وإطارات سيارات مختلفة الأحجام .. قبل أن يتجاوز العائق الذي يمنع عنه الرؤية .. استطاعت حاسة شمه المشبعة بالسيليسيون أن تميز رائحة حساء طغت عليها رائحة الحطب المحترق  .. سمع صوت احتجاج معدته الخاوية منذ الصباح إلا من قطعة خبز يابسة ببقايا ( طحنية ) وجدها ملقاة على أرضيه الزنزانة المزدحمة .. لم يهتم بتكالب جيش من النمل الأسود الصغير عليها .. نفض الحي منه بنفخة أنفاس متقطعة ثم قام بابتلاع الميت الملتصق بقطعة الخبز على عجل قبل أن يطلب منه احد اقتسامها معه .. كانت ليلة طويلة تنافس فيهما رجال الشرطة في التنكيل بالمجموعة التي تم القبض عليها بتهمة إثارة الشغب خارج إحدى صالات الأفراح الفخمة .. وفي النهاية اُطلق سراحهم بسبب ازدحام الزنزانات ..
عندما انعطف خلف التلة تراءت له أشباح أجساد ملتفة في حلقة ضيقة حول نار الحطب التي تطاير شررها مع هبات الريح .. عندما اقترب منهم رفع صوته محيياً بلهجته المميزة ..

-   سلام يا فِرّد ..
وفي الحال تحولت إليه سبعة أجواز من العيون .. كن ثلاث فتيات  وأربعة صبيان بأعمار متفاوتة هب أضخمهم حجماً وتبعه الباقون للترحيب بالكائن الضئيل .. 
-   وين يا بشكة* ؟؟ مالك مسجل غياب من أمبارح ؟؟ .. عملت ليك دريبات من ورانا ولا شنو ؟؟ ..
-   دريبات شنو يا معلم  !! أنا كنت ترباس* من أمبارح ..
-   ترباس !! ليه عملت شنو ؟! .. 
-   والله يا معلم ما عملت أي حاجة .. كنت كاسر كرونا * في السوق العربي ...مهووي* وخرمان .. فتشت لي جُومّة * بي هنا وبي هناك ما لقيت .. التقول السيل بتاع أمبارح دة شال الكرتة * كلها .. فتشت سلفادور * من أي زول عشان اشتري اللوكا * العالم كله كان فلسان والشرتيت * عدم .. اها في قعدتي ديك جا طاير الولد الصيص* دومة وقال لي ارحكا نمش صالة الأعراس الفي شارع المطار قالو فيها طربانة * مدنكلة ... أنا بالأول أبيت اصدقوا لأني عارفو زول فسيسة *وبتاع جلكسات * لكن لمن جا كم نفر وقالو ماشيين مشيت معاهم .. كنا كلنا عضمة * وماف طريقة غير نشوف يوسف الموصلي * ولا نمش كداري .. في النهاية أبو الزيك كبَ حنّك سنين * لبتاع بوكسي جا ماري ورضا ينزلنا في بداية الشارع وتمينا الباقي بالرجلين .. لمن وصلنا لقينا الحفلة بتاعت ناس مرطبين* للطيش  البنات نار منقد* .. والنسوان بوابير * شرط للأرض .. العربات اقل حاجة فيهم الحنينة * وشوية رضا الوالدين * ووداد بابكر * والأغلبية ليلى علوي * .. المهم وقفنا نتضهب * ومنتظرين نلقى فرقة عشان نلم باقي العضّة * اها الظاهر لمتنا دي ما عجبت العالم بتاع الشهادة العربية* ديل قاموا بلغوا علينا .. لأنه بعد شوية كدة جات الطارة * طايرة وقبل ما نعمل زغبير * أولاد اللزينا حاوطونا ورفعونا في البوكس وودونا القسم .. لمن وصلنا الظاهر العساكر كانو قاعدين فاضيين وما عندهم شغلة  عملو مننا موضوع .. يا زول رجونا جنس رج * لمن آمنا .. وبعد داك رمونا في الزنزانة للصباح .. اها الليلة اليوم كلو إحنا شغالين ننضف في القسم ونغسل الحمامات ونلم الوسخ وبدون ما يدونا أكل ولا شراب لمن حالتنا بقت شلش * تصدق أبو الجعران * خلى الولد المكداكي * طيرة الرهو دق جرس * وعمل روحو ضبان ضكر * وقال لشوال الفحم * عاوزين نأكل .. قام شوال الفحم اداهو ليك كافتريا * لمن غمر ..  قمنا كلنا هرشنا * وسكتنا .. اها قبل شوية كدة جابو كمية من الناس المسنسنين * وعاملين لُبطة* شديدة .. وما لقوا حتة يختوهم فيها قاموا قالوا لينا إحنا شوفوا ربكم وين * وإحنا ما صدقنا ..يا زول طوالي كبينا جاز * واتخارجنا  هسي خلوني من الكلام .. أنا من أمبارح قاعد على باقي سندويتش طحنية بالنمل .. عندكم عاشة الفلاتية * شنو ؟! ..
-   بالجد حالتك شلش .. تعال اقعد عندنا أمبلكصات * قربت تنجض ..
-   ياخي أنا بآكلا كدة  .. أدوني ما قادر اصبر ..

وتقدم نحو القدر القديم الأسود الموضوع على قمة أحجار دائرية صُفت تحتها كمية من الأخشاب التي كانت تحترق مولدة طبقات من الدخان الخانق  .. لم يكن هناك غطاء في أعلى القدر فوقف ينظر بشراهة لفلقات * الخروف التي كانت تغلي بقوة جعلت بعض المرق يتدفق فيطفئ اللهب تحته ويملأ الجو برائحة شحم الضان  .. قامت اكبر الفتيات سناً وأحضرت طبق ألمنيوم قديم منبعج الأطراف ..  شطفته بقليل من ماء المطر المتجمع في حفرة قريبة  .. وكررت نفس الحركة مع مغرفة مكسورة اليد .. وهبت فتاة أخرى لمساعدتها فأخرجت من صندوق خشبي مخبوء تحت كومة من الكراتين كيس نايلون شبه ممتلئ ببقايا خبز يابس .. عندما تحركت بدت بطنها المتكورة ظاهرة وتنبئ عن وصول حملها إلى مرحلة متقدمة .. كان شكلها غريباً وملفتاً بلون شعرها البني المجعد الذي تتخلله خصلات ذهبية تتناسق مع بشرتها العسلية الناعمة وعينيها اللتين تتراوحان ما بين الرمادي والأخضر  وبسبب التناقض المثير في هيئتها أطلق عليها الجميع لقب ( شيطون ) ونسوا اسمها الأصلي .. تضافر قصر قامتها مع امتلاء جسدها ليمنحاها مشية مضحكة جعلتها تعتزل الدوران مع مجموعتها تفادياً لعبارات السخرية اللاذعة والتعليقات البذيئة عن هوية والد طفلها  ..  كما وإنها أصبحت تشعر بالتعب لأقل مجهود .. وباتت تعتمد على أصدقائها في إعالتها .. أوكلت إليها مهمة تجهيز وجبة العشاء يومياً من بقايا الطعام التي يعودون بها من جولاتهم الطويلة ..  والحفاظ على الغنائم التي يحصلون عليها من غزواتهم النهارية .. كانت شرسة برغم ضعفها الظاهر .. وعندما تغضب ينطلق الشرر من عينيها وتتبدل ملامحها إلى هيئة مخيفة حتى أطلق البعض إشاعة أنها تتحول إلى شيطان فعلا .. فتفادى الكل إغضابها .. واستفادت مجموعتها من هذه الإشاعة بعد أن أصبحت غنائمهم في مأمن من أي محاولة سطو قد تقوم بها مجموعة أخرى أثناء غيابهم ...

وضعت الخبز في الصحن وصبت عليه الحساء بكرم .. فتحت قراطيس ورقية صغيرة ورشت محتوياتها من بودرة الشطة الحمراء والكّموُّن الأخضر على وجه جبل الخبز .. ثم رصت فلقات الخروف في الوجه ..  وتهيأ الجميع للأكل .. توقفوا بغتة بعد أن تعالى صوت بكاء طفل شق عنان السكون .. كانت صرخات لحوحة ومتواصلة وتقترب من مكانهم رويداً رويداً .. ظهر التحفز الممزوج بالدهشة في الأعين التي تبادلت نظرات صامتة ما لبثت أن تحولت إلى همهمة متوجسة عندما ظهر من خلف التلة شبح صغير واهن الخطوات يحمل بين ذراعيه ذلك الطفل الصارخ .. هب أفراد المجموعة وقوفاً بعد أن بدأ لهم ذلك الشبح بمشيته البطيئة المترنحة كأحد سكان القبور المجاورة قام من سباته واتى كي يشاركهم وجبتهم أو ربما يجعلهم وجبته .. شعر الجميع بالخوف والتصقوا ببعضهم البعض واختبأت الفتيات خلف ظهور الفتيان .. عندما واصل الشبح تقدمه ودخل في دائرة الضوء الضعيف المعكوس من احد الأعمدة .. ظهر على حقيقته .. كان مجرد طفل صغير لا يزيد عمره عن سبع أو ثمان سنوات .. بدت عليه علامات الإنهاك الشديد حتى لم تعد يداه الصغيرتان تقويان على حمل ذلك المخلوق الزاعق .. وقبل أن يتمكن من الوصول إليهم .. سقط منهاراً على الأرض الرطبة دون أن يفلت حمله من بين يديه .. هرع الجميع إليه وتحلقوا حوله في دائرة وهم يتأملون قدميه الداميتين وملابسه الممزقة والغطاء الرقيق الرطب الذي يضم جسد الطفلة الصغيرة التي انخفضت صرخاتها بعد أن أصابها الوهن ..  ركع احدهم أرضاً وحمل الصغيرة ورفعها إلى الفتيات المندهشات ... تناولتها ( شيطون ) على عجل وضمتها إلى صدرها بحنان امومي جارف .. هرولت بها قرب النار وهي تنزع عنها الغطاء المبلل .. بحثت داخل إحدى الكراتين حتى أخرجت قطعة قماش متسخة لكنها جافة .. لفتها حولها بحرص ثم رفعتها ووضعت رأسها الصغير على كتفها وبدأت تهزها برفق وهي تربت بيدها على ظهرها ..
بينما حمل الفتيان الصبي الصغير ووضعوه بالقرب من النار وهم يحاولون إفاقته بوضع بضع قطرات من الحساء الحار على فمه .. كان جلده مشتعلاً بالحمى .. ويخرج هذيانه متقطعاً غامضاً .. كانت أوضح كلمات فيه هي .. أمي .. أبوي .. السيل .. سعدية ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
  بشكة : صاحب أو صديق  .. ترباس : السجن .... كاسر كرونا : جالس بدون أي شغل 
مهووي : جائع ... جُومة : الأكل  ... الكرتة : بقايا أكل المطاعم .. سلفادور : سفلة أو دين .. اللوكا : الطعام  ..الشرتيت : القروش ..الصيص: تطلق على الشاذ جنسياً المفعول به ..
طربانة : حفلة .. فسيسة : الجاهل الذي يدعي المعرفة .. جلكسات : كذاب ..عضمة : فلس حاد ..
يوسف الموصلي : طلب توصيلة مجانية  ...كبَ حنّك سنين : تكلم بحديث مقنع ..
مرطبين: مرتاحين ...  نار منقد: الفتاة فاتنة الجمال ..بوابير : النساء المتزوجات ( المكبرتات ) 
الحنينة :  سيارة الاتوز ..  رضا الوالدين : سيارة التويوتا الكورلا .. وداد بابكر : سيارة بوكس دبل كابينة .. ليلى علوي :سيارة لاند كروزر .. نتضهب : نتطفل ..العضّة : الأكل ..
الشهادة العربية: كناية عن الراحة ... الطارة : الشرطة .. زغبير : هروب ..  رج : ضرب شديد
أبو الجعران : الجوع .. حالة شلش : وضع متأزم  ..  المكداكي : لص .. دق جرس : كناية عن الاحتجاج بغير حجة ...  ضبان ضكر : الجبان مدعي الشجاعة .. شوال الفحم : عسكري شرطة السجون ... اداهو ليك كافتريا : صفعه قوية .. هرشنا : أصابنا الخوف .. المسنسنين : شاربي الخمر ... لُبطة: مشكلة ...  شوفوا ربكم وين : اطلعوا .. كبينا جاز : أتحركنا



 
للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]
يا أخواني عيانة .. عالجوني على حساب الوزارة ...



يا أخواني عيانة .. وحات الله عيانة .. روحي وحلانة .. عيوني غميانة .. مرارتي فقعانة .. وجيوبي همدانة .. واخلاقي ضايقة شديد وبالحيل كملانة ..

مشيت المستشفى .. قالوا مافي علاج لحالتي السجمانة .. الا عند ناس جون ودكتورة ماريانا ..

كيف العمل يا ناس وقروشي عدمانة ..

سالوني وين راحت .. معقولة بس يا ناس ؟! ..

ما كلكم عارفين قروشي وين راحت .. شالتا فلانة ..

تاني سالوني .. فلانة مين تطلع ..

معقولة ما عارفين ؟! .. فلانة ديك ياخي ..

الكات مسيكينة .. مدسوسة في بيتا .. مشغولة بالحنة وبعركة الدخان ..

ساكنة في اللفة وبتزاور الجيران ..

زولة عادية .. ما ليها في لندن ولا في جزر كايمن ..

جاهلة بالتاريخ وحضارة السودان .. واهم شئ عندها وشها الفتان ..

حالا اتغير لما الملك بهلول شافا قام ريّل .. واصدر الفرمان ..

فلانة لازم تبقى ناصية النسوان .. وتهجر اللفة والحلة والقفة ..

وتلتزم بالحنة وعركة الدخان .. وتبقى ست القصر ..

فلانة طارت فوق .. دكت نواصي السوق .. لغفت بنوك وبنوك .. رصت قصور وبيوت .. وختت البهلول تحت الاباط والشملة ..

فلانة طارت فوق .. وخلتنا نحنا تحت .. نحوم باوجاعنا .. نكدّ عضم جوعنا ..ونشرب بواليعنا ..



نرجع لمرجوعنا .. انا لسة عيانة .. ومحتاجة اتعالج في بلاد برة .. عند جون وماريانا ..

يا اخواني عاوزة قروش .. وروني وين القاها ..

اشيل روشتاتي والف شوارع الله اشحت مع الشاحتين ؟! ..

مافيها شئ والله .. اصلا تلات ارباع شعبنا المسكين بعد جاهم التمكين صبحوا شحاتين ..

ادوني حل تاني .. وروني شن اسوي ؟! ..

الم هديماتي واعرضا في السوق ؟! .. ابيع جزيماتي يمكن تسد حاجة ؟! ..

ابيع وليداتي ومعاهم بنياتي ولحمي وشطيراتي ؟! ..





ناسي العزاز وعدال .. حنّوا على حالي .. وقالو لي هاك الدبارة ..

يا مواطنة يا مسكينة ما ليك حل الا تمشي الوزارة ..

قلت ليهم ياتو وزارة ؟! قالو لي انتي يا غبيانة ما سمعتي بخبر الوزارة ؟! ..

البتعالج الناس الفقارى بملايين القروش بدون حسيب ولا رقيب ..

ما سمعتي بانه الوزارة بقت امارة محكومة بشيخ العدالة ..

شيخاً كريم بدي القروش باشارة من الوزير ابو كبير..

امشي ليهو .. واحكي ليهو عن عياك ..

قولي ليهو وين دواك ووين شفاك .. واكيد هو عارف ..

لانه قبلك عالج الولد الصغير بكوم قروش ما ليها عد ..

امشي ليهو واخدي حقك .. اقلعيهو لانه حقك ..

ولو ابى .. شوفي واسطة .. باقي في البلد المسجم .. أي حاجة فيها واسطة بتبقى باسطة ..

يا مواطنة كوسي واسطة .. شوفي تمساح شوفي هامور شوفي شيخ ولا حوارو ..

وكان عدمتي .. جيبي ورقة .. اي ورقة واكتبي ..

يا مواطنة ما سمعتي بمصطلح تهديد مبطن وابتزاز ؟! ..

هددي ناس الوزارة .. شوفي ليكي كلام مغتغت واكشفيهو .. طالبي بتمن السكوت ..

وكان عدمتي يبقى آخر حل نسوي ( كشف هيئة ) ..

يا مواطنة انتي سمحة ؟! اعملي بوستر كبير واعرضيهو ..

يمكن البهلول يرّيل ويصدر الفرمان بتاعو ..

وتلقي روحك قاعدة في هاواي ولا في تخوم لندن ..

وناس جون وماريانا يبقوا ليكي خدم ..


ناسي العزاز وحنان لقوني زعلانة من الكلام الشين ..
قالولي يا مواطنة .. ما تزعلي من الحل ..
لانو في بلد منحل .. كل شئ يحل .. كل شئ يحل ..

للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]
وسوسة أوراق الشجر ..

عندما أمر تحت شجرة تقبع في محيط ساكن .. اسمع لأغصانها همساً يكاد يبدو ( كوسوسة ) متآمرة بين الأوراق فأتوقف تحتها قليلاً وأصيخ السمع ظناً مني بان معجزة ستحدث فجأة وتجعلني افهم الحوار الذي يدور بين الأوراق ..
تُرى ماذا تقول أوراق الشجر لبعضها البعض في تلاصقها الإجباري الحميم ؟! .. وكيف يبدو لها العالم الذي تطل عليه ؟! هل تراه .. هل تحسه ؟! .. وهل في الأصل لها إحساس ؟! ..
هل تتألم عندما تمتد إليها الأيادي العابثة سهواً أو عمداً وتجتثها من فروعها ؟! .. هل تخاف من صفير الريح وهي تأرجحها بمشاغبة عنيفة ؟! .. وهل تعشق النسمات الرقيقة عندما تعانقها في رقصة شغوفة ناعمة ؟! .. وكيف تستقبل انهمار المطر عندما يغمرها ويغسلها ويرويها ؟! .. وبأي لغة تعبر عن شوقها لقطرات الندى عندما تتأخر عنها في الصباحات الغائمة ؟! .. وهل تفهم الأحاديث السرية للطيور التي تزاحمها بأعشاشها في سكنى الفروع ؟! .. وهل تتأثر بهمسات العاشقين التي تتسلل إلى مسامها ذات مكوث تحت ظلها ؟! .. هل هي مخيرة أم مسيرة في دورة حياتها ؟! .. هل تستطيع أن تحدد إلى أي مدى يمكنها أن تحتفظ بخضرتها الزاهية ؟! .. هل تستطيع أن تتفادى صفرة اليبوسة والاحتضار ؟! هل يمكنها رفض السقوط أرضاً والتمسك بالبقاء في فرعها حسب هواها ورغبتها ؟! ..

وماذا قالت تلكم الأوراق التي خصفها أبونا آدم وأمنا حواء من شجر الجنة ليداريا بها سوأتهما التي ظهرت بعد أن وسوس لهما الشيطان بعصيان أوامر الرب فأكلا من الشجرة المحرمة ؟! .. هل كانت راضية بمهمتها الجديدة كغطاء لعورات بشر خاطئين؟! .. هل احتجت على إنزالها من جنة الخلد إلى ارض الفناء ؟!.. هل نقمت على كل البشر بسبب ما حدث لها أم سامحتهم ؟! .. هل تتآلف أوراق الشجر المختلفة الأنواع والأحجام والأشكال مع بعضها البعض أم انتقلت إليها عدوى عنصرية البشر وباتت المستديرة لا تقبل المستدقة .. والابرية تكره المفلطحة .. والزاهية تحقد على الباهتة ؟! .. هل تقبل الاختلاف أم ترفضه ؟! ..

عندما أفكر بالأشجار وأوراقها .. يخيل إليّ أنها أكثر كائن حي يعكس معنى الكبرياء ويكرّس لمفهوم العطاء المتجرد من كل الغايات .. فالأشجار تموت واقفة أو كما قال الكاتب الاسباني اليخاندرو كاسونا في عنوان مسرحيته الشهيرة .. تموت بلا انحناء .. وبصمت مهيب .. بلا نواح ولا استجداء للبقاء في الحياة ..
وهي تمنحنا زهرها وعطرها وخشبها وظلها وعصارتها دون أن تتوقع منا شيئاً في المقابل .. بل تتقبل بكرم المانح جحودنا لعطاياها .. نصفعها بالأحجار فترمينا بالثمار .. تقينا بظلها من الحرور فنقتلع نحن الأغصان والجذور لنبني مساكن ونطبخ ونتدفأ .. نحرقها .. فتمنحنا عطرها .. تهبنا الإلهام وكل أسباب التفكير والتفكّر في قدرة الخالق على الخلق فنعجنها ونهرسها ونشكلها أوراقاً نصب فيها نتاج إلهامها لنا .. تمنحنا الدواء والشفاء .. فنبصق فيها ونتبول تحتها .. تحمينا من عصف الريح وزحف الرمال فنبيدها لنبني مكانها غابات من الاسمنت البليد البارد الذي يبتلعنا في جوفه مستمتعاً بوحدتنا وانعزالنا ..

يا ترى هل تغتابنا أوراق الشجر عن فعائلنا في همسها مع بعضها البعض ؟! .. إن كانت تفعل فلن ألومها .. لأننا نحن البشر وبكل أنانيتنا ولا مبالاتنا وانغماسنا في ذواتنا الفانية لا نستحق مجاورة كبرياء الأشجار ولا كرمها ..
وما زلت أتمنى أن احصل على معجزتي التي تمكنني من فهم وسوسة أوراق الشجر ..


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]
وداعاً يا صفية .. أو الموت تحت وطأة الوحدة ..


صفية .. فتاة تماثلني عمراً .. سودانية أصيلة .. بهية كنور القمر في ليلة تمامه .. ونقية كأحلام الأطفال .. ترعرعت في ارض المليون ميل مربع حينما كانت كذلك .. درست وتفوقت وتخرجت من اعرق جامعات البلاد بنتيجة مشرفة .. كانت تأمل في أن تعيش حياتها وسط أسرتها التي تحبها .. لكن ضيق الحال أعاد صياغة تفكيرها كما فعل مع كثيرات غيرها .. فقررت أن تهجر البلد وتلجأ إلى الغربة علها تمنحها ما تستحقه من تقدير مادي ومعنوي لم تستطع الحصول عليه في وطنها .. حزمت حقائبها مع دموعها .. وودعت الأهل والخلان والصحب والجيران .. واتت إلى الإمارات وهي تحمل خوفها من غربة قد تمتد .. ووحدة قد تشتد .. وأحلام قد تتبدد .. كابدت وجاهدت حتى تحصل على عمل شريف تستطيع أن تفخر وتفاخر به ويكون حجة ناصعة الوضوح لكل من يحتج على خيارها .. وجدت العمل .. لم يكن يتناسب مع طموحاتها .. ولا تأهيلها .. ولا رغباتها .. لكنها قبلت به .. رضيت بالمقسوم وشكرت الخالق على عطيته ..

مرت الأيام وصفية تعمل بجهد وتحصل على القليل .. وامتدت الغربة ... واشتدت الوحدة .. وبدأت الأحلام تتحول إلى سراب بقيعة تحسبه ماء وكلما جاءت عنده لم تجده شيئاً .. وزاد ضيقها بألم صار يتكور في صدرها ويكبر .. وزاد خوفها بتشخيص الأطباء .. انه المرض الخبيث .. غزاها ذات غفلة .. وتمكّن منها بقسوة ماثلت قسوة العلاج الذي كان البتر .. وفقدت صفية إحدى مقومات أنوثتها .. وتحولت من امرأة كاملة الدسم .. إلى أخرى مبتورة .. تتجرع الكيماوي عبر أوردة اشتكت من حرقته .. وتتجرع معه الصبر والرضا بالمقسوم .. وتحت وطأة المرض والعلاج المؤلم تحولت الغربة إلى كابوس حرمها النوم .. لم يكن لها غير الله يرافقها في وحدتها ووجعها .. لم يكن لها غيره ليمنحها أملاً تعذّر .. ويحمي روحها من يأس تجذّر وتشعب واستوطن ..

وكما قيل بعد الضيق يأتي الفرج .. بشر الأطباء صفية الصابرة بانحسار عدد الخلايا الخبيثة من جسدها .. فتهللت وبدأت تستعد للفرح القادم .. لكن المخاتل الخبيث رفض أن يغادرها فغدر بها.. واختار عظامها هذه المرة وسكن فيها وبدا ينهشها ببطء حقود .. تمددت الأيام واتسعت مساحة الأوجاع حتى سدت كل منافذ الأمل ..

بالأمس السابع والعشرون من شهر يوليو كانت صفية تستعد لجولة جديدة من العلاج .. وكان موعدها بالمستشفى قد تحدد لمقابلة طبيبها .. تركها ابن أختها الذي كان رفيقها الوحيد في غربتها ومرضها .. تركها نائمة في سريرها بعد ليلة طويلة من استجداء النوم ومصارعة الأرق .. وضع قربها كوب عصير وحزمة أمنيات بان تصحو وهي أفضل حالاً .. وغادر إلى عمله .. ظل طيلة فترة الصباح يتصل بهاتفها فيأتيه رنينه حزيناً دون يقطعه صوتها الواهن .. انتابه قلق عظيم .. فاتصل بشقيقتها التي أتت مسرعة .. ومع كل رنة جرس يقابلها الصمت كان خوفها يزداد .. وفي نهاية الأمر لم يكن هناك مناص من استدعاء حارس البناية الذي استدعى الشرطة بدوره حتى يتمكن من كسر الباب ..

كانت صفية في مرقدها وقد تحولت إلى كتلة باردة فارقتها الحياة منذ ساعات طويلة .. ماتت وحيدة .. بلا أنيس يبدد عنها وحشة الموت .. ولا قريب يلقنها الشهادة أو يتلو فوق رأسها بعض آيات القران زاداً لرحلتها الأخيرة .. ماتت وحيدة في غرفة لا تعرف لون السماء ولا يدخلها نور الشمس .. ماتت في غربة أتتها كوردة متوهجة المياسم والمتوك .. ولم ترجع منها أبداً .. لقد دفنت صفية في غربتها التي اختارتها بحسن ظن جميل .. بالأمس دس جسدها البكر ثرى ارض الإمارات دون أن تلثمها أمها او تحتضن جسدها الموجوع .. ودون أن يودعها أصحابها ومحبيها و أخوانها وأخواتها .. رحلت صفية بصمت الغريب في ارض غريبة ودون آهة أو أنة الم ...

أيتها الغربة القبيحة .. كم صفية أخرى سوف تبتلعين في جوفك الوحشي الذي لا يشبع منا نحن مطاريد أوطاننا ؟! .. من ستكون التالية من صديقاتي التي ستنهشينها بمخالبك ؟! .وما هو موقعي في جدول أعمال اغتيالك لفرحنا وأحلامنا .. وحياتنا ؟! ..

ألوم من على موت صفية في وحدتها ؟! .. هل ألومها هي على خيارها الذي هو خياري ؟! .. أم ألوم أهلها الذين وافقوا على خيارها كما فعل أهلي ؟! .. أو ألوم الظروف التي كانت سبباً للخيار وابدأ بلعن بلدي وحكامها وساستها الذين أجبرونا على هذا الخيار الصعب ؟! .. أم ألوم القدر ؟! .. من ألوم ؟! ..

لك الله يا صفية حية وميتة .. أساله أن يرحمك رحمة واسعة وان يسكنك فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً ..
أنت السابقة .. ونحن اللاحقون .. ستكون عظتي مما حدث لك أن احرص على كتابة وصية أطالب فيها أن ادفن في تراب بلدي وبقرب قبر أبي وحولي أهلي وعشيرتي .. لقد اكتفيت من وحدتي في غربتي .. وأود أن تضمني ارض مألوفة بعد موتي .. وتكون حولي رفقة من أحببتهم وأحبوني في حياتي ..

انا لله وانا اليه راجعون ...

للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
النذير حجازي
مشاركات: 535
اشترك في: الجمعة يناير 11, 2008 7:27 pm

مشاركة بواسطة النذير حجازي »

اللهم ارحم صفية رحمةً واسعة واسكنها فسيح جناتك مع الشهيدات والصديقات وحسن أولئك رفيقةً، والهم أهلها وذويها الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون، عزيزتنا سناء جعفر، إن شاء الله البركة فيكم، وجبر الله كسركم، وألف رحمة ونور تتنزل على قبر والدك.

تحياتي
give me liberty or give me death
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

العزيزة سناء... أذكر أن آخر مرة تداخلت معك هنا بالكتابة كان قبل عام مضى... لكن للحق أنني أقرأ كل ما سنحت سانحة وأمتع بالفيض الشعوري الرفيع المقام من الحرف والروح والرؤى. شكرآ للإلهام وشكرآ لك على صبر "الكتابة". لله درك.


محمد جمال
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]النذير حجازي ..
تحية طيبة .. وربنا يرحم موتانا وجميع موتى المسلمين ..
توزيع الاحزان يخفف وطأتها .. فشكراً لانك حملت نصيبك من حزني ...



محمد جمال الدين ..
وجودك في كل الامكنة يزّينها بمنطق جميل ..
ابشرك بان صبري على الكتابة قد اوشك على النفاذ ..
فقد ارهقتني مصارعتها .. وبت اتوق الى خمول العقل عل الروح تهدأ ...بت اتوق الى سكون الخيال .. عل القلب يرتاح ..
بت اتوق الى العادية والنمطية .. ولكن هل من سبيل اليها ؟!
للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

رمضان .. وقنوات تلفزيون السودان ...

حصيلة التسعة يوم الأولى : وما زال الشهر الفضيل في بدايته ..


للجميع .. رمضان كريم .. وربنا يجعلكم من عتقاء هذا الشهر ..
منذ زمن طويل يقارب العقد .. جافيت تلفزيون السودان ( إلا فيما ندر ) .. والقرار دة ما كان تنصل من إبداعات أهل بلادي وتجلياتهم في الشاشة الصغيرة ... ولكن حفاظاً على مرارتي من الانفقاع .. وعلى مستوى السكر في دمي من الارتفاع .. وعلى حواسي من التبلّد .. يعني قرار ابتعادي عن القنوات السودانية البقت كتيرة ومسيخة بلا فايدة أتى لأسباب صحية بحتة ..

لكن في رمضان الوضع بختلف .. وتلقائياً كدة إحنا الناس البرة بنلقى روحنا متابعين قنواتنا عسى ولعل تأتينا بقبس أو جذوة متعة تعيد لينا إحساس رمضان السودان بتاع زمان .. نقوم نتفرج عشان نتذكر ريحة الحلو مرّ البتملى البيت من عصراً بدري .. وعشان نسترجع طعم سلطة الروب بالعجور والجزر ( هنا مافي عجور ) .. والطعمية أم سمسم .. والعصيدة والملاح .. وكل حاجات رمضان المميزة ..

في الزمن داك كل شغل المطبخ كان بتبرمج على حسب قناة السودان اليتيمة .. يعني عمل العصير قبل مسلسل ( لا اله إلا الله ) وحش السلطة أثناء المسلسل .. ورمي الطعمية بعد المسلسل .. تسخين الشوربة والملاح مع البرنامج الديني القبل الآذان .. غسيل العدة قبل المسلسل المصري .. عمل العشا مع السهرة مهما كان نوعا ( حتى لو فلم هندي قديم ) .. كان التلفزيون شئ مهم وأساسي في حياتنا .. كانت البرامج على قلتا جميلة وممتعة وهادفة .. والدعايات على بساطتا مريحة وبتركز في الرأس وبتبقى مألوفة وبننتظرا بفارغ الصبر .. حافظين كل كلمة فيها .. وكل تعبير وكل حركة .. ومرت الأيام .. واتولدت كمية من القنوات .. وقّلت المتعة .. وبقت متابعة قنوات السودان نوع من العذاب بنمارسه على روحنا ونحن بنامل في بعض الاشراقات علها تزيل عنا وعثاء الغربة .. لكن يبدو أن آمالنا مبالغ فيها ..

في رمضان دة حاولت التقط بعض البرامج الاتوسمت فيها خير وقلت حتكون جديرة بالمتابعة .. وبديت باغاني السر قدور والمجموعة اياها .. اها قوموا يا علماء السودان اعملوا فتوى وطفشوا لي البرنامج لنص الليل بتوقيت الإمارات .. ضغطت على نفسي وجبرتها على الصحيان عسى ولعل .. ومن أول حلقة قلت بركة الجات منكم يا ناس النيل الأزرق والتزمتوا بالفتوى واخرتوا البرنامج .. لاني لقيتوا نفس الملامح والشبه بتاعت السنين الفاتت .. نفس طريقة السر قدور الغياظة وضحكته العجيبة .. نفس أي شئ .. اللهم الا طريقة القعدة .. وبالتالي امتنعت عن الحضور ..

مشيت افتش باقي البرامج في القنوات التانية لقيت حاجة اسمها ريحه البن .. قلت يا سلام .. عنوان موحي ومشجع لأني بحب البن وريحته .. بس للأسف طلعت بعض حبات البن ضاربة وخربت النكهة خصوصاً لمن واحد من الشعراء الشباب ديل القى ليه قصيدة كلها ( هناي ) و( هناي ) وصدقوني ما عرفتو جادي ولا بهزر .. ودة شعر ولا حلمنتيش ولا شنو بالظبط .. غايتو الشعر الحر والحداثي دة فيه توصيفات وكلمات ما انزل الله بها من سلطان .. وكله كوم وواحدة من الشاعرات المجيدات اتجلت وشبهت لينا ميلاد القصائد بالدمامل التي تتكون ليخرج الشِعر كما يخرج القيح ( الله يقرفكم .. صحي الملافظ سعد ) .. وطوالي نفسي اتسدت من البرنامج وبرضو قررت الامتناع عن الحضور ..

اها مشيت احضر برنامج تاني بركز على مقابلات مع حالات انسانية وبيحاول يساعدا .. اندهشت من حلقة امبارح الجايبين فيها لقاء مع امراة ( من ذوي الاحتياجات الخاصة ) اتبنت طفلة من المايقوما وبتربيها .. اندهشت ايما اندهاشة من توصيف الطفلة بانها ( ولدت من الخطيئة ) .. بلاهي دة شئ انساني ؟! .. يعني الما عارف عن انه الطفلة دي ( لقيطة ) ومتبناة من مركز المايقوما هسة عرف .. وكل زميلاتا في المدرسة وناس الحلة وبتاع الدكان وكمساري البص والحافة حيعرفوا انها ( ابنة الخطيئة ) .. يعني لو أي زول تاني لاقاها في الشارع وقال ليها ي ( بت الحرام ) ما بنقدر نلومو .. موش دة كلام البرنامج الانساني ؟! .. شئ غريب ومحير فعلاً .. يا ترى الأم الاتبنت دي زاتا كيف وافقت على انها تعرّض الطفلة البرئية لموقف زي دة ؟! ..يا ترى هي المافاهمة أبعاد التصرف دة ولا انا الفاهمة الشئ الاتعرض في البرنامج بصورة غلط ؟! ..

نجي للدعايات .. من خلال متابعتي ( الما لصيقة شديد ) للدعايات في القنوات التلفزيونية سواء أن عربية أم أجنبية .. زي الدعايات بتاعتنا ما لاقتني .. وحات الله كرهونا العدس والمرقة والزيت والبوهية واسبيرات العربات والعفش وشركات الاتصالات والشاي.. وعلى ذكر الشاي .. أول مرة أشوف زول بعمل إعلان لمنتجين متنافسين في نفس الوقت .. غايتو دة يا يكون غباء من جمال حسن سعيد .. ولا من شركة كوفتي مالكة العلامة التجارية شاي الغزالتين .. ولا من ناس شاي ليبتون .. دي أظن سابقة ما حصلت في عالم الإعلانات وممكن ناخد عليها الريادة وقصب السبق .. معقولة بس يا جمال بعد برنامج شاي ودهب مباشرة يجي إعلان شاي الغزالتين ؟! يعني راحت المصداقية شمار في مرقة لوزة ولا كيف ؟! .. هسة كدة ورينا نشرب ياتو فيهم ؟!
شكلي كدة وحفاظاً على ما تبقى من صحة نفسية وجسدية وفكرية وذوقية .. حاقرن صيامي بانقطاع تام عن قنوات تلفزيون السودان .. وبالتالي حابطل ( الشنّاف ) الكتير دة ..


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
äÌæì ÏÝÚ Çááå
مشاركات: 113
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 2:24 am

مشاركة بواسطة äÌæì ÏÝÚ Çááå »

سناء سلامات....وكل سنة وأنت طيبة.

متابعة ....أقرأ من وقت لآخر.....ثرثرتك الحميمة...الحميمة.
حسب ما يسمح به الوقت الذي لم يعد يكفي.
لكن المسافة بيننا كبيرة....فقط قررت المواصلة الي أن نلتقي
في إحدي ثرثراتك....في وقت ما..يعني أسع أنا فيه زار من 2009 نازلة فيهو
قراية.....!!!!!
حكاويك وكتاباتك ممتعة ياسناء,وتمتاز بسرد سلس جاذب.

عمات قفلة معاك لزوم المواكبة بالقنوات السودانية ورمضان.....وقلة الخيارات.
سأواصل.....
لك تحياتي ومودتي,
نجوي
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

العزيزة نجوى دفع الله ..

رمضان كريم .. ونحمد الله انه بلغنا العشر الاواخر .. وان شاء الله نكون من عتقاء الشهر ..

ممتنة لمتابعتك .. النقة كتيرة .. اقري بمهلتك .. واكيد ... أكيد حنتقابل في واحدة من ممرات الثرثرة ..

تحيات طيبات زاكيات لك .. ولمن معك ..

للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]أوجـــاع صــامتـــة


عندما تشتد وطأة الوجع على احدنا ... يصرخ ويتأوه .. فتصبح الأصوات التي تخرج منه على اختلافها متنفساً لوجعه .. وتعبيراً عن حالته .. وتخفف قليلاً من معاناته .. فالصراخ نوع من الاستغاثة التي يطلقها الموجوع علها تجد صدىً لدى آخر يملك القدرة على تخفيف الوجع أو معالجة أسبابه .. لذلك يصبح الوضع قاسياً عندما يُجبر البعض على ابتلاع صرخاته والتوجع بصمت .. فترتد الصرخات الحبيسة إلى أعماقه وتحولها إلى مهرجان من الألم الجسدي والروحي ..
كان هاجس الأوجاع الصامتة يتملكني كلما تعثرت بأحد أصحابها في دربي واستمعت إلى معاناته .. تلك المعاناة التي يزيدها سجن الصمت قسوةً ومرارةً .. أغواني قلمي كي اكتب عنهم .. هؤلاء المتدثرين برداء الوجع .. المتسربلين بعهد الكتمان لاعتبارات كثيرة قد تتعلق بهم أو بصنّاع أوجاعهم .. أو ربما يُفرض عليهم الكتمان من المجتمع الذي وقّع ذات موافقة تضامنية على اتفاقية السرية وعدم الإفشاء بشأن مواضيع بعينها يرى أنها غير قابلة للنشر .. أوجاع صامتة هي مجموعة قصص حقيقية قد تطول أو تقصر حسب تمدد أو انكماش قدرتي على الكتابة .. علماً بأن خيالي لا يملك فيها إلا مساحة صياغتها وإخراجها بشكل يحفظ لأبطالها حقهم في حجب هويتهم الحقيقية ..


وجع أول ..



ومـن الحــب .. ما قتــل ...


هو .. شاب من الطبقة الوسطى .. كان لامع الذكاء .. وسيماً قسيماً .. خفيف الروح محبوباً .. قفز في مراحل الدراسة بتفوق أهلّه لدخول كلية الهندسة في أعرق جامعة في البلاد .. مرت سنوات الدراسة مسرعة ما بين محاضراته .. وغزواته .. كانت وسامته ومرحه عاملان حفزا الكثيرات للتدافع نحوه ومحاولة الحصول على قلبه بشتى السبل والوسائل .. فكان يتنقل من فتاة لأخرى كأنه جندي في مهمة مقدسة كُلّف فيها بغزو كل المدن العذراء والاستيلاء على كل الأراضي البكر .. وعندما تخرج من الجامعة .. ترك خلفه جيشاً من الفتيات الحزينات المكلومات المكسورات القلب اللائي منحنه مشاعرهن .. وفي بعض الأحيان أجسادهن فعبرها كالجسور من واحدة لأخرى ..
هي .. فتاة لطيفة المعشر .. حلوة الخصال .. ناعمة الملامح .. ذكية ومتفوقة .. منذ طفولتها سكنها حلم الروب الأبيض ولقب دكتورة يسبق اسمها .. فكان حلمها دافعها الذي جعلها تقفز خلال سنوات دراستها دون أن تتوقف أو تتباطأ حتى وصلت إلى أعتاب الجامعة .. اختارت أن تدرس الطب خارج السودان .. فذهبت بعيداً إلى بلاد لا تذوب ثلوجها إلا نادراً .. وعادت وهي تحمل لقبها الممتزج بإنسانيتها ورغبتها العارمة بمساعدة من يحتاجها ..
تقاطع طريقهما في إحدى المناسبات الاجتماعية .. لفت نظرها بوسامته ومرحه وقدرته على اختراق القلوب .. ولفتت نظره بهدؤها وأدبها وابتسامتها وحلو حديثها .. حدثها عن الهندسة وحلمه بان يبنى العمارات الشواهق .. حدثته عن الطب وحلمها بان تبني مستشفى لعلاج المحتاجين .. والتقى الحلمان على أمر قد قدر .. فبني في قلبها صرحاً من الحب .. وأنشأت له بداخلها سكناً يعصمه من ريح النزوات وفيضان العلاقات التي كان غارقاً فيها من رأسه حتى أخمص قدميه ..
وتزوجا .. ومع قدوم الطفل الأول .. ضاق الوطن بأحلامهما فحملاها واختارا الذهاب إلى إحدى دول النفط الخليجية بعد أن وضعا نصب أعينهما أهداف مسورة بحدود زمنية يعودان بعدها إلى الوطن لتحقيق كل الأمنيات المؤجلة .. حصل هو على عمل جيد بدخل مريح في شركة هندسية رائدة .. وحصلت هي على عمل مرهق في إحدى المستشفيات الحكومية أضاف إليها أعباء جديدة خصوصاً مع الجنين الذي بدأ ينمو في أحشائها إضافة إلى طفلتها الأولى التي ما زالت في مرحلة تحتاج فيها إليها لتلبية كل متطلباتها .. وبيت يحتاج إلى عناية .. وزوج يحتاج إلى اهتمام وتدليل .. وأصبح تقسيم وقتها يحتاج إلى ساحر ماهر يستطيع أن يوازن بين ساعات اليوم المحدودة وواجباتها اللامحدودة .. كانت تصل إلى أقصى درجات الرهق الجسدي والروحي .. وعندما تشارف على الانهيار يعاودها الصمود .. وتتمسك بيقين أن هناك وفي آخر المشوار شيئاً يستحق التعب لأجله ..


وللقصة بقية ...



للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

مرت الأيام وهما يصارعان الغربة والتعب وضغوط الحياة .. كان كل منهما يجد راحته لدى الآخر .. ويجد عزاءه في أعين الطفلتين الجميلتين .. ثم بدأت الغربة القبيحة تفعل أفاعيلها .. فهي كيان متوحش ومتطرف في تأثيره على من يجاورونه .. وقد تدفع من يختارونها إلى القرب الشديد حد الالتصاق .. أو التباعد الشديد حد الجفاء .. أحيانا ينجح البعض في إيجاد منطقة وسطى متوازنة تضمن اتساقهم مع محيطهم وتبعد عن علاقاتهم الإنسانية تأثيرات الغربة المتطرفة ..

ويبدو أن الزوج المحب قد بدأ يشعر بوطأة الدوامة التي تعتصره بين فكيها .. فما بين العمل المرهق والزوجة المنشغلة بالتوفيق بين وظيفتها وحياتها الأسرية .. بدأت سوسة الملل تتسرب إلى حواسه العطشى دوماً إلى ذروة الاهتمام .. وعاوده حنينه إلى تلكم الأيام التي كان يصول فيها ويجول بين قلوب النساء وأجسادهن .. راوده الشوق إلى إحساس المغامرة الذي كان يصاحب كل علاقة جديدة .. وإحساس الاكتفاء الذي كان يعقب كل غزوة .. والنشوة التي تعقب كل انتصار على أنثى عبرت سريره بعد رضا أو تمنّـع .. تلبسته الرغبة الشديدة في التحرر من سجن الالتزام لامرأة واحدة حتى لو كانت حبيبته التي تحولت إلى زوجته .. التي تحولت إلى امرأة منهكة خاصمت التطيب واكتفت برائحة الأدوية التي تفوح منها عند عودتها من المستشفى ..

وبدا الزوج يتغيب عن المنزل لفترات قصيرة يزور خلالها المقاهي المشبوهة المتناثرة في أزقة الدولة الخليجية وحواريها الخلفية .. كان الهدف الظاهري من زيارة تلك المقاهي هو احتساء القهوة والتمتع بخدمة النادلات الحميمة وغنجهن المفضوح مع الزبائن الكرماء الذين لا يتوانون عن تلبية طلباتهن بشراء ( جبنة ) إضافية .. أو شيشة مقابل المجالسة والملاطفة .. وقد تتسع الطلبات لتشمل بطاقة هاتف أو وجبة طعام .. أما الهدف المستتر فهو اقتناص إحدى النادلات والاتفاق معها على مكان وزمان محددين لإقامة علاقة حميمة قد تقصر أو تطول حسب جمال النادلة وقدرتها على إرضاء زبونها بشتى الوسائل التي تضمن عودته إليها ..

يقال أن عودة المدمن إلى الإدمان بعد الإقلاع قد تكون أسهل مما يبدو حتى وان طال انقطاعه عن التعاطي .. وانه لا يحتاج إلا لجرعة صغيرة تعيده إلى المربع الأول .. وهكذا بدا تسونامي النزوات فورانه لدى الزوج وتعالى موجه حتى طغى على كل ما عداه .. وبدأت الزوجة تشك بتصرفات زوجها المريبة وغيابه الطويل .. وتحول شكها إلى شبه يقين بعد عزوفه عنها وعن سريرها إلا في أوقات نادرة ومتباعدة يكون فيها عجولاً زاهداً كمن يؤدي واجباً ثقيلاً .. بذلت كل ما بوسعها كي تعيده إلى حظيرتها .. واستخدمت كل أسلحتها كي تكسب معركتها ضد عدو مجهول يحاول أن يقوض حياتها .. صمت إذنيها عن الإشاعات المتناثرة في محيطهما عن انفلات زوجها مع النساء .. واصلت عملها حتى تضمن الأمان المادي لزهراتها الثلاث اللائي أنجبتهن ذات حب .. ولم تعد تسال زوجها عن أسباب تأخيره أو تزايد مصاريفه في أوجه صرف مستجدة تدركها حق الإدراك لكنها تدّعي عدم معرفتها ..

وللقصة بقية ...

للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

ومرت الأيام والشهور وتبعتها السنوات والحال على حاله .. الزوج غارق في ملذاته وتنقلاته من امرأة إلى أخرى وهو يبذر صحته وماله وسمعته وكرامة زوجته .. وهي تتجاهل كل المحاولات التي تتم للفت نظرها لما يدور تحت قدميها وتتمسك ببقايا حبها لزوجها وأملها في عودته إليها .. حتى أتاها في احد الأيام وهو يخبرها باقتضاب عن عزمه المغادرة إلى الوطن في إجازة قصيرة .. فوجئت بالقرار وتوقيته الغريب الذي لا يصادف أي مواعيد إجازة .. ولم تستطع منعه من المغادرة .. فسافر وتركها وحيدة مع بناتها ودهشتها وحسرتها على الحبيب الذي ضاع منها والزوج الذي أصبح غريباً عنها ..
وعندما لم يعد حتى بعد انتهاء الأيام المقررة لعودته .. اتصلت به لتسأله عن سر تأخره .. وفوجئت مرة أخرى بقرار قطع أنفاس تفكيرها وشل عقلها وحواسها .. اخبرها بأنه قد قرر البقاء في الوطن ولن يعود إلى الدولة الخليجية مرة أخرى .. سألته عن الأسباب فرفض الإفصاح .. ومنحها حرية القرار في العودة أو البقاء .. فاختارت البقاء لفترة مؤقتة تستطيع فيها توفيق أوضاعها وتسديد التزاماتها قبل العودة النهائية ..
كان لابد لها من تجديد إقامتها حتى تستطيع مواصلة العمل وإعالة بناتها .. عندما ظهرت نتيجة الفحص الطبي اللازمة للتجديد كانت كالصاعقة على رؤوس جميع من عرفها .. أنها مصابة بالايدز .. وتم رفض الإقامة وتقرر إنهاء خدماتها وترحيلها إلى وطنها بأقصى سرعة ممكنة .. لم تكن قد أفاقت بعد من صدمة مغادرة زوجها عندما داهمتها مصيبة مرضها المميت ..
كادت أن تصاب بالجنون لولا بقية إيمان تمسكت بها .. عصفت بها الحيرة ولم تصدق الخبر وطالبت بإعادة الفحص في مكان آخر وهي تأمل بان تكون النتيجة خاطئة أو ربما اختلطت مع نتيجة امرأة أخرى ..فهي زوجة ملتزمة ولم تعرف يوماً رجلاً غير زوجها .. كما وأنها لم تتعرض إلى نقل دم حتى أثناء العمليات التي صاحبت ولادة بناتها .. وكانت شديدة الحرص اثناء معالجة مرضاها .. لكن لم يكن هناك مجال للخطأ .. التحاليل أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها تحمل الفيروس القاتل داخل جسدها منذ فترة ليست بالقصيرة ..
وتم ترحيلها على عجل .. عادت إلى ارض الوطن وهي تحمل مرضاً ممهوراً بختم العار والخطيئة .. عادت لتجد أن زوجها .. حبيبها ووالد بناتها قد هزل جسده وبدأت علامات المرض ظاهرة عليه بشكل جلي .. لحظتها فقط عرفت سر مغادرته المفاجأة .. لحظتها فقط أدركت من أين أتاها الايدز .. لقد نقله إليها زوجها الذي انتقل إليه خلال علاقاته المتعددة مع عاهرات الغربة .. لحظتها فقط لفظت بقايا حبه من قلبها .. فهو لم يكتفي فقط بخيانته لها مع أخريات .. بل نقل إليها قذارة خيانته .. نقل إليها الموت القادم ببطء وألم ..

اغرب ما في الامر أنها لم تطلب الطلاق .. بل انفصلت عنه بصمت مهيب .. فعاد هو إلى مدينته البعيدة عنها .. وبقيت هي في منزل أبويها وهي تحرص على منح بناتها مخزون من الحب يكفيهن بعد رحيلها القريب ..
وكلما خلت إلى نفسها كانت تفكر في زوجها .. ذلك الرجل الذي منحته الحب فمنحها الموت .. منحته الإخلاص فمنحها الخيانة .. منحته أبوته لثلاث زهرات نديات .. فمنحها ومنحهن العار .. تغربت معه ولأجله وهي تحلم بمستقبل ساطع .. فعادت تحمل وزر جريمة لم ترتكبها .. عادت مطرودة وذليلة ومليئة بالعتمة والمرارة ..
وما زالت حتى هذه اللحظة تنتظر موتها أو موته .. أيهما يحل أولاً ..


انتهى الوجع الاول .. وقد نلتقي في اوجاع قادمة ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
النذير حجازي
مشاركات: 535
اشترك في: الجمعة يناير 11, 2008 7:27 pm

مشاركة بواسطة النذير حجازي »

يا الله يا سناء، هذه مأساة حقيقية وقصة خاتمتها محزنة جداً، وأظنها تتكرر كثيراً لدي الأسر السودانية في الغربة وخصوصاً خيانة الأزواج لزوجاتهن وخيانة الزوجات لأزواجهن، وأعزو السبب هو إلى نمط تفكير الأسر السودانية ونظرتها للطلاق، وإصرارها من عدم الطلاق. فنجد هنالك العديد من الزوجات السودانيات أو الأزواج السودانيين قد فقد كلٍ منهن أو منهم رغبتها أو رغبته في شريك أو شريكة حياتة، ولكن يصر على البقاء تحت سقف واحد من أجل خاطر الأبناء، فهذا خطأ، ففي رأيي الشخصي الإنفصال أو الطلاق يجنب من الوقوع في مثل هذه المأساة، وأيضاً أحمل المرأة السودانية أو المرأة الشرقية عموماً هذه المسؤولية، فنجد المرأة الشرقية عموماً بعد الزواج لا تهتم كثيراً بتلبية رغبات زوجها الجنسية، فللاسف معظم النساء الشرقيات يعتبرن إغرائهن وإغوائهن لأزواجهن ينتهي بلحظة الحصول على عريس مناسب ويعتبرن هذه المرحلة هي خاتمة المطاف، وينسين بأن الرجل بطبعه عينو طايرة بالفطرة، وحتى الخواجيات يسمين الرجل بالكلب لزوغان عينه.

تحياتي لقلمك وتعاطفي مع شجنك

give me liberty or give me death
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]النذير حجازي سلام وتحايا ..

المؤسسة الزوجية عالم يكتنفه الغموض .. يدخله البعض باحلام وامنيات قد تتحقق او لا تتحقق .. ويدخله البعض بناءاً على حسابات قد تصيب او تخيب .. ويدخله البعض استناداً على مشاعر قد تعيش وتكبر او تصغر وتنتهي ..
وفي كل الاحوال هو مؤسسة تحتاج الى عمل دؤوب من الطرفين حتى يكون الناتج مرضياً .. ويلعب الحظ دوراً في الحصول على شريك يؤمن بضرورة نجاح هذه المؤسسة ويمتلك قدرة عالية على ادارة شئونها بحكمة وتوجيه دفتها في الاتجاه الصحيح خصوصاً اثناء العواصف والانواء ..

طريقة التعاطي مع الخيانة الزوجية والطلاق والانفصال تكاد تكون متشابهة في كل المجتمعات العربية .. فكثيرات يفضلن الاحتفاظ بعلاقة زوجية هشة ومحفوفة بالتعاسة على خيار الانفصال عملاً بالمثل المصري ( ضل راجل ولا ضل حيطة ) .. وكثيرون يختارون البقاء داخل هذه المؤسسة فقط من اجل الابناء ولتجنيبهم مغبة الطلاق وتبعاته ..

كتبت في احدى تساؤلاتي التي لا تنتهي عن الزواج ما يلي :


كود: تحديد الكل

ما هو الفرق بين الزواج ... وزواج ؟! ...

احيانا يكون الزواج اندماج فعلي بين آدم وحواء ... يسيران في الطريق وهما يواجهان حلو الحياة ومرها ... يختبرا الوفرة والقحط .. يواجها الريح بمصدات المودة والرحمة وحسن المعاشرة ... يا لسعادة من يعيش هذا النوع من الزواج ...

وأحيانا يكون الزواج مجرد واجهة مزيفة .. صورة شكلية ... خلفها يعيش كل زوج في جزيرة منفصلة ويقطع كل الجسور التي تربطه بالطرف الآخر ... ويتعلم الاثنان كل انواع النفاق وكل ضروب المداراة حتى لا يكتشف العالم الخارجي نوع الحياة الزوجية التي يعيشانها ... وحتى تكون الصورة الاجتماعية مكتملة بلا عيوب ...
وهنا تصبح العلاقة بين كل منهما منفردا وبين المجتمع ... وينسى كل طرف ان يوطد العلاقة بالطرف الآخر ... فهي مجرد صورة ليس الا ...
يا لتعاسة من يعيش هذا النوع من الزواج ...
للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]وجع ثاني ... وجع آدم ...

كان صبياً شقياً .. مرحاً فضولياً .. مليح القسمات .. جميل الصفات .. حنوناً كريماً يجود بما لديه حتى لو كان آخر قرش في جيبه .. يتشارك مع اصدقائه السندويتشات والالعاب .. والاسرار .. .. مع تدرجه في العمر .. كانت صفاته الجميلة تزيد ولا تنقص .. نشأ في اسرة متماسكة ومحبة .. الام ربة منزل تدير شئون بيتها وترعى صغارها بكل حرص وتدبير .. الاب موظف بسيط يتنقل من مدينة الى اخرى حسب متطلبات عمله .. فاعتاد الصغير على الانفتاح والقدرة على تكوين الصداقات اينما حلّ .. ومرت السنوات .. وانتقلت الاسرة الى احدى المدن القريبة من العاصمة .. كان الصبي في بداية عامه الخامس عشر وقد بدأ يتحول من طفل الى مراهق يلفت الانظار بوسامته وذكائه .. وسرعان ما تآلف مع مجتمعه الجديد وكون علاقاته واصبح قائداً صغيراً مهاب الجانب ولا يجرؤ احد من مجموعته الصغيرة على شق عصا طاعته ..احبه اساتذته لتفوقه حتى اصبح بعض أقرانه يحسدونه على ذلك.. وبالمقابل بادل هو استاتذته حباً بحب .. وزاد على حبه اليهم بالاحترام الذي وصل حد التبجيل .. فكانت طلباتهم اوامر مقدسة يجب تنفيذها .. لم يقل يوماً لا او يضيق او يتبرم من اعتمادهم عليه في تنظيم فصله وتجميع الدفاتر او توزيعها والحفاظ على النظام اثناء غياب احد الاساتذة .. وهكذا مرت ايام الصبي وهو يعيش في سعادة ورضا بالغين .. حتى مدير المدرسة نفسه كان يخصه باهتمام بالغ ويتابعه باستمرار .. بل وطلب منه ان يلجأ اليه ان استعصى عليه اي امر من امور الدراسة او حتى لو واجهته اي مشكلة حياتية اخرى .. وكان احياناً يطلبه في مكتبه لاداء بعض المهام الصغيرة وهو يربت على كتفه ويحتضنه بحنان ابوي واضح ..


وللقصة بقية ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]
في احد الايام وعندما شارف اليوم الدراسي على الانتهاء طلب مدير المدرسة حضوره الى مكتبه وأمره بترتيب اوراق امتحانات الفصول الصغيرة .. فشعر الفتى بالزهو لهذه الثقة واقبل على المهمة بهمة عالية وانهمك فيها بكل تركيز ..ولم يرفع راسه الا عندما احس بكف المدير وهي تربت على كتفه .. لحظتها كان الهدوء يعم كل شئ .. اختفت هرجلة الطلاب واصوات ضجيجهم المعتاد .. لم يكن هناك صوت غير دقات الساعة المعلقة في احدى الجدران وهي تشير الى انقضاء مواعيد خروجه من المدرسة منذ زمن طويل .. نهض الفتى منزعجاً من تاخره وهو يفكر في وجبة الغداء التي فاتته وقلق امه عليه .. وحال نهوضه وجد نفسه ملتصقاً بالمدير الذي كان يقف خلفه تماماً .. احس بالخجل وحاول الابتعاد معتذراً .. لكنه فوجئ بيد المدير وهي تثبته بقوة .. وتعتصره بشدة .. وتتحسس جسده بلهفة وحرارة .. جمد في مكانه كلوح خشبي .. وظن لوهلة انه يعيش كابوساً لن يلبث ان يصحو منه ليجد نفسه في سريره الآمن وسط اسرته المحبة .. لكن الكابوس استمر باصرار من المدير الذي كان ينفث في اذن تلميذه تعابير الحب والرغبة والشبق .. كان يوسوس له بان ما يريده منه ما هو الا تعبير عن تمييزه له عن بقية تلاميذه .. وان ما يود ان يتشاركه معه هو شئ لا يحدث الا للمختارين بعناية .. سماً زعافاً ذاك الذي كان يدسه المعلم المربي في اذن تلميذه الذي يبجله ولم يرفض له طلباً ابداً .. وفي نهاية الامر لم يستطع رفض هذا الطلب ايضاً .. خصوصاً انه اتى بصيغة الالحاح والاصرار والترغيب والترهيب ..


وللقصة بقية ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

عندما حدث الاختراق الاول كان قاسياً برغم تاكيد المدير بان الالم لن يتعدى لحظة صغيرة خصوصاً بمساعدة ( الفازلين ) الذي استخدمه بكرم من علبة استخرجها من درج مكتبه .. لكن لم يكن هناك شئ يستطيع تخفيف الالم .. وسالت دموع الصبي بغزارة وهو يستعطف مديره بالتوقف .. لكن الذئب الذي اثارته رائحة الدماء الطازجة واصل في التهام فريسته حتى حد الشبع .. وعندما توقف وامر الفتى بارتداء ملابسه بدا وكأن دهراً قد مرّ .. وعاد الفتى الى بيته جريحاً كسير النفس يود لو يختبئ من العالم كله .. يود لو ينتهي العالم كله ..اصابته حمى شديدة و كان يتقيأ بعنف في محاولة للتخلص من القذارة التي ملات جوفه .. تغيب عن المدرسة عدة ايام بسبب المرض .. فزاره الجميع .. بما فيهم المدير الذي رمقه بنظرات مبهمة وهو يخبره بانه يتمنى له شفاءاً عاجلاً ويتوقع عودته الى المدرسة في أقرب وقت .. بدت كلماته كرسالة سرية لم يفهم مضمونها احد سواهما .. ولم يجد الصبي مناصاً من العودة .. لكنه لم يعد ابداً كما كان .. تغيرت احواله بشكل ملحوظ .. هزل جسده .. خبت جذوة المرح بداخله .. وتدنى مستواه الدراسي .. ومع كل زيارة الى مكتب المدير بعد انتهاء اليوم المدرسي كان يتحول الى انسان آخر ..اختفى لطفه وتسامحه وحل مكانهما عنف مكتوم ظهر في تعامله مع اقرانه .. واصبحت ميوله الانعزاليه واضحة للجميع .. لم يعد يشارك في النشاطات المدرسية .. والتزم الصمت التام امام الاسئلة اللحوحة عن اسباب تغير احواله .. اعتبرها البعض تحولات المراهقة الطبيعية .. بينما عزتها امه الى ( عين الحسود) التي اصابت ابنها بسبب تفوقه وادبه ووسامته ..


وللقصة بقية ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
صورة العضو الرمزية
سناء جعفر
مشاركات: 656
اشترك في: السبت إبريل 15, 2006 10:49 pm
مكان: U.A.E , Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة سناء جعفر »

[font=Microsoft Sans Serif]

كان الفتى يشعر بالعجز والارتباك امام ما يحدث له .. لم يستطع ان يخبر احداً .. ولم يكن يملك غير الدعاء في سره ان يحدث شئ ما ويخلصه من مآساته .. كان يتمنى الموت كل يوم .. له ..
وللراعي الذي تحول الى ذئب ينتهك جسده الغض كلما اتيحت له الفرصة .. وفي يوم من الايام تحققت امنيته امام ناظريه في مشهد فزع له الجميع الا هو .. كان المدير يعبر الشارع من امام المدرسة الى الجهة الاخرى عندما اتت سيارة مسرعة اعمى القدر سائقها عن الانتباه فكان الاصطدام الذي رفع جسد المدير عالياً قبل ان يهبط على الارض جثة هامدة ..
كان يظن ان كابوسه سوف ينتهي بهذه النهاية الغير متوقعة .. لكن يبدو ان ما حدث له قد غيره الى الابد .. وان ما مرّ به زرع فيه مشاعر متناقضة جعلته عرضة لخوض تجارب اخرى شبيهة ولكن معكوسة .. وكأنه اراد ان يختبر احساس الفاعل المسيطر بعد ان عاش طويلاً تحت وطأة احساس المفعول به الضعيف .. وتنوعت علاقاته السرية وهو يدرك انه ينحدر بسرعة نحو القاع ولا يملك ان يوقف انحداره .. لقد اصبح الحمل ذئباً وتحول من ضحية الى جلاد .. واستمر الحال هكذا حتى نقل الوالد الى مدينة اخرى فاصطحب معه اسرته لحياة جديدة وجيران جدد ومدارس جديدة للابناء واصدقاء جدد .. ووجد الفتى ان هذه فرصته لتغيير الواقع المخزي الذي عاشه .. حاول ان يدفن كل ماضيه خلفه .. لكنه لم يستطع ان يتخلص من احساس الخزي الذي استوطن دواخله .. فسعى باصرار لاستعادة لمحة من حياته التي مزقتها انياب الراعي المبجل .. اجتهد ودرس حتى استطاع الالتحاق بكلية جيدة في جامعة معروفة .. وبعد ان حصل على شهادته حرص على البحث عن فرصة عمل خارج الوطن ظناً منه بان ابتعاده سوف يردم ثقب روحه .. لكنه اكتشف ان ما حدث له لن يزول بتغيير المكان .. فقد حمل وجعه معه اثناء اغترابه .. ذلك الوجع الذي تحول الى هوة عميقة كانت تبتلع كل محاولاته لاقامة علاقة عاطفية طبيعية مع اي فتاة .. وتساءل لماذا لا يستطيع ايجاد فتاة احلامه ؟! لم تكن المشكلة في انعدام الفتيات من حوله .. بل في نوعية الفتاة التي يرغبها.. كان يبحث عن فتاة بمواصفات خاصة .. اهمها ان تكون لعوب ماكرة وفي جعبتها رصيد وافر من التجارب العاطفية والجسدية !! .. يبدو ان احساسه القديم بالهوان والدونية والقذارة سيطر عليه وجعله على يقين بانه لا يستحق سوى هذا النوع من الفتيات .. وانه علاقاته لن تنجح الا مع هذا النوع من الفتيات .. لانه لن يحس امامها بالنقص ولن تتفوق عليه بالنقاء او الطهارة ..ولن يضطر امامها الى لبس الاقنعة التي ارهقه حملها منذ مراهقته ..


وللقصة بقية ...


للصمت صوت عال ... فقط يحتاج الى الهدوء حتى يُسمع ...
للصمت غموض آسر .. يجذبنا اليه عندما يموج العالم حولنا بالصخب المؤلم ...
للصمت جمال وكمال وهيبة ووقار ...
للصمت بهجة سرية لا يعرفها الا من عاشه وتأمل معناه ...
للصمت جيرة طيبة ... ودودة ... مريحة ...
أضف رد جديد