جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عبد العزيز عبد الماجد
مشاركات: 111
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:34 pm
مكان: الرياض - السعودية
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد العزيز عبد الماجد »

صورة
-----------
هذه لقطات مأخوذة من فيلم زواجي، بالمحمية عام 2005. ففي صبيحة يوم الزواج وأمام منزلنا العامر، تمت لعبة خفيفة لرقصة الصقرية، بين بعض أبناء عمي. رغم أنها كانت صغيرة تأخذ شكل التمرين، ولكن أتمنى ان تمنحنا بعض المشاهد لرقصة "الصقرية" وحركات راقصيها..
(مع ملاحظة ان العريس يظهر في لقطة عرضة..:))..

-----------
صورة
هذه صورة من زواج أحد أبناء عمي في عيد الأضحى الماضي. ويبدو مشهد البُطان، ويلاحظ إصطفاف الصبيان "الراكزين" للسوط.
من خلال مشاهداتي الأخيرة، لاحظت ان عادة البُطان، أصبحت حاضرة في حفلات الجعليين، بشكل مخيف. مخيف لأنها تبدو ليست كما السابق. وإنما الشباب الممارسين لهذا الطقس، يمارسونه فقط كتأكيد لإنتمائهم القبلي في زمن إستشراء الخطاب القبلي في السنين الأخيرة. فحتى شباب جعليين البنادر، الذين كانوا بعيدين عن هذا الطقس، أصبحوا أكثر ممارسة له. هذا الطقس الذي كان قد إنحصر فقط على الجعليين المستقرين في مناطقهم. عاد البطان وإن كان قد فقد كثير من مميزاته وصفاته. فبنات الجعليين الآن لا يكترثن كثيراً للشاب او "الجرِّق" الذي يركز للسوط. على اي حال بدأ لي في حفلات الجعليين في السنين الأخيرة، أن الأمر واضح أنه متأثر بالخطاب القبلي القبيح. ولي عودة لهذه النقطة.!!!.

---------
صورة

هنا تبدو دَارة، حفلة الجعليين، ويلاحظ المساحة الشاسعة، التي تسمح بالعرضة والرقص والصقرية. كما تبدو جموع المشاركة الإجتماعية في الإحتفاء بالزواج. وملاحظة الترتيب لفكرة الإحتفال نفسها.


ولكم التحايا
ãÃãæä ÃÍãÏ ãÍíí ÇáÏíä
مشاركات: 101
اشترك في: الاثنين ديسمبر 26, 2005 9:15 am
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÃãæä ÃÍãÏ ãÍíí ÇáÏíä »

يا عزيز
مداخلتك ذكرتني رحلة الي العبيدية لمشاركة المصمم هارون عبد الرحيم احتفالات زواجه في عام 1983، وقد كنت سعيدا اذ ازور المنطقة لاول مره بدأ الحفل بعد الغروب حيث تجمعت النساء في جانب مستدير والرجال في جانب مواجه، وكان الكل مبتهجا ثم دخل المغني المحلي وفرقته وبدأ مطلقا الجملة الاولى من أغنيته:

شتلة الموزة
طلقت النار فينا البلوزة

ومع المفتتح هذا دخلت الحلبة مجموعة متراصة من الفتيات في رقصة مجموع جميلة لم ينتظر الشباب كثيرا اذ سرعان ما اندفعوا متقافزين للرقص حول الفتيات.. وكلهم يحملون عصى يهزون بها عين السماء.
ثم بدا الاحتكاك اذ دخلت مجوعة اخرى من الشبان المتحمسين للرقص.. وفي لحطة خاطفة تعمرت معركة وساد هرج سرعان ماخلف دماءا،، توقف معها المغني عن ولوج المقطع التالي.. ثم دخل الناس لفض الاشتباك مع انسحاب سريع للحمامات الراقصات.. وكان انفضاض الحفل ،، وكان الليل والقمر والنسيم على موعد مع اللغط والضجيج والتلاسن،،

المهم خرجنا مع مجموعة من شاب اهل العريس الي قوز بارد لمواصلة الجلسة والانس البديع.. وعرفنا ان بالبلد فريقين: ناس فوق وناس تحت، وان مجموعة الراقصات كن من احد الفريقين ودخل شباب فريقهن للرقص حولهن باعتزاز،
لكن المجوعة التي تلت من الراقصين الشباب كانت من الفريق الآخر لذلك شعر شباب الفريق الاول بالغيرة و (الحمشنة) فكان العراك وكانه دفاع عن اعتداء!
لكن بعد ذلك كان الفريقين في كامل الود والضحك

انظر الي الدلالات في الاغنية:
تشبيه جسد البنت وكانه شتلة موز
كذلك زي (البلوزة) ذو الدلالات الحداثية في قرانا وقتها
وكيف انها (طلقت النار) التي اهاجت الشباب

وكيف حُملت رقصة الفتيات كل صراعات القرية التقليدية
انه جيبولتيك جسد مصغر نصادفه في كل اريافنا العتيقة

التحية للزميل هارون ولاهالي العبيدية لكرمهم الجميل
(في نفسي ذعر من جميع المهن)
آرتور رامبو
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

عرضة عبد العزيز و شكلة شباب العبيدية

مشاركة بواسطة حسن موسى »

عرضة عبد العزيز و شكلة شباب العبيدية

سلام للجميع و تحية خاصة و عرفان للتشكيليين [عبد العزيز و مأمون و آخرين] اللذين اتقاسم معهم فكرة الرقص كتعبير تشكيلي وسيلته[ و غايته] حياة الجسد. فحديث الجسد لا يكون ما لم نتضامن عليه كل بحسب نظرته. و حديثك و تصاويرك يا عبد العزيز كنز عظيم اتأمل فيه كل يوم و أمنـّي النفس بالمزيد فلا تبخل علينا ينوبك ثواب.
رغم إحتفاء مغني العرضة أمام العارضين الذكور بقدر الإناث كقيمة جمالية مركزية في سبيلها يقتحم الذكور حلقة المبارزة و البطان:
" المابي البنات حد الله بينـّا و بينو " [ ود النزيهة] ، إلا أن من ينظر في مجموعة الصور الفتوغرافية التي توثق للعرضة و للبطان يلاحظ غياب النساء من المحفل. و لا أدري ما إذا كان تفسير هذا الغياب يكمن في خيار زاوية إلتقاط الصور أم أن غياب النساء من محفل العرضة و البطان أمر مؤقت و رهين بالملابسات السياسية [ الإسلاموية] التي ألهمت الناس ان يعيدوا صياغة بنية المحفل التقليدي التي كانت تشمل الجنسين في الماضي ، فما رأيك ؟
لا شك ان العرضة ـ مثلها مثل أوجه التعبير الثقافي الأخرى التي تتم في الفضاء العام ـ لا تنجو من تأثيرات التوجه السياسي للسلطات . و قد تطرقت في مطلع هذا الخيط لبعض من هذا في الرابط
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... b4cef76b3b
يا مأمون مشاجرات الشباب الشعائرية في حفلات الاعراس جزء اصيل من بنية محفل العرس، و ربما كانت محاولة ملتوية لرأب الصدع الذي صنعته الحياة الحديثة في جسم المحفل التقليدي الذي يكون البطان فيه مرتبطا بجملة من المواقف التأهيلية التي غايتها مساعدة الشاب اليافع على عبور القنطرة الممتدة بين ضفتي الطفولة و الرجولة و مقاربة الإناث و تأسيس العلاقة معهن ضمن التأطير الذي ترتضيه الجماعة. و" لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى حتى..إلخ
"..
سأعود
ãäÚã ÇáÌÒæáí
مشاركات: 118
اشترك في: الثلاثاء مارس 17, 2009 2:07 am
مكان: واشنطون دى س

مشاركة بواسطة ãäÚã ÇáÌÒæáí »

أخانا الذى فى باريس
تحياتى
رغم أننى كنت اتابع هذا الخيط .. ولفترة طويلة، إلا أن طوارئ المعايش ابعدتنى فترة عن كافة الأسافير، ولم يعد متاح الوقت يكفى، إلا إلى بعض ونسات جانبيات فى الفيس بوك، وربما نظرة هنا ونظرة هناك... وواحدة اخرى.. وكنت على عجل، حنى لفتت انتباهتى الصديقة نجاة محمد على الى العمليات الجراحية النقدية الدقيقة والتى اجريتموها فوق جسد أغنيتنا المسكينة، قيل، لإستئصال ورم سوسيوبولياتيكى إحتاج من وجهة نظركم الى مبضع النقد.

يازول، قد جئت جاريا أرى ماذا يريد منى حسن موسى، فوجدت أن القراءات السالبة، تشاركت معك فيها الصديقتين نجاة وسارة حسبو!!! حسبى الله ونعم الوكيل!!

من نافلة القول ( يعجبنى هذا التعبير كثيرا ولم تسنح لى فرصة لاستخدامه... فشكرا.. للفرصة)
أقول أن من نافلة القول، وللأسف العميم أن ملاحظاتكم جميعا جاءت صائبة، من حيث الموضوع، أما من حيث الشكل، فيمكننا أن نتغالط حتى السنة القادمة فى أن تلكم الاستخدامات، رغم فلتانها البائن، انما ركبت بالضبط حيث يجب لها أن تركب!!


" .. العوجة يا بت
في الكلام الما تمام
في الإنصياع الأعمى للوالي
الوقف مفنوس و يترقـّص كما خنثى الحمام .."


الإشارة هنا ليست للرقص أو الرقيص. وإنما ( للتِرِقِصْ ) وليس أى ترقص، وانما ترقص الوالى الذى جاءنا يدحرج شرع الله امامه، وراح، قال، يأمرنا بالمعروف، ولم يتمخض معروفه هذا سوى النظر فى كسوة النساء، وبنطال تلك وطرحة هذى. وهاك ياجلد ومرمطة، قيل لأجل اقامة مجتمع معافى من كل عيوب الملاهى الدنيوية!! ثم راح، بالضبط يترقص كما خنثى الحمام!! مفنوسا كما العروس فى بهاء ليلة دخلتها!! موشحا بالأصفر والأحمر والمقصب والمذهَّب. هذا هو المنظر الذى طاف بخاطرى وأنا أنجر تلك الكلمات.

وانت نفسك قد جبت المفيد هنا

ففتوى د. عبد الحي يوسف تستحق التأني لأنها تتعلق بموقف ديني ناقد ـ بشكل غير مباشر ـ لمسلك رئيس النظام الذي يرعى الإسلاميين السلفيين و يمكّنهم في اوصال المجتمع ماديا و رمزيا

ففيم نحن متغالطان؟؟
ربما سلبية ارتباط الأمر بالجندر، هى التى أثارت حفيظتك النقدية، وعموما اتفق فى إن الامر لايخلو من الإشارات السالبة.


نجئ لنجاة

ليه يا منعم، أماتو شِنْ سوّن؟ العار ده يتشال من مرة عشان تلبسو مرة
غيرها؟ العار يلبسه وحّدو وبراهو وتلبسو أجهزة قمعه.


لا يانجاة، عليك الله عاينى للنصف الآخر من الكوب. الأم التى تنجب مثل هؤلاء الأبناء، ولاتحسن تربيتهم ثم تطلقهم فينا مثل كلاب لهب، تستحق أن تلبس العار الذى يحاول ابناءها إلباسه لبنات الناس التانيين!!

ولم نسمع بواحدة قالت لولدها ( سأقطع شطرى إن لم تترك هذه الشغلة المايلة ) بل تراهن مبسوطات من اشتغال ابنائهن بأمور إزلال خلق الله. وعليه فليس لهن حق الاستفادة من وضعهن كإناث..أو حتى كبشر!! ولاتجوز عليهن الرحمة.

إن الغرض الرئيسى من كل تلك العملية هو كسر عين الفتاة وأهلها!! فلنرد اليهم بضاعتهم !!

ثم تعالوا هنا تسألكم بالله، هذا هو الجزء السالب من الأغنية. فهل أفهم أن بقية الأغنية ايجابى؟؟ وطالما هو كذلك لماذا لم تقولا به!!!؟ خاصة، وكما قالت سارة حسبو

لولا اننا سننتبه

يعنى انتباه النقد عندنا لاينظر إلا الى الجوانب السلبية من المسألة ويهمل حتى الإشارة الى الجوانب الإيجابية؟؟

على العوم ...الله فى.

منعم الجزولى
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سميرة ابراهيم في وجه الغول العسكري

مشاركة بواسطة حسن موسى »

ÇáÝÇÊÍ ÅÈÑÇåíã æÏíÏí
مشاركات: 30
اشترك في: الأحد إبريل 30, 2006 7:52 am
مكان: الخرطوم - السودان
اتصال:

مشاركة بواسطة ÇáÝÇÊÍ ÅÈÑÇåíã æÏíÏí »

...
آخر تعديل بواسطة ÇáÝÇÊÍ ÅÈÑÇåíã æÏíÏí في الخميس ديسمبر 29, 2011 4:57 pm، تم التعديل مرة واحدة.
ÇáÝÇÊÍ ÅÈÑÇåíã æÏíÏí
مشاركات: 30
اشترك في: الأحد إبريل 30, 2006 7:52 am
مكان: الخرطوم - السودان
اتصال:

عام الجسد

مشاركة بواسطة ÇáÝÇÊÍ ÅÈÑÇåíã æÏíÏí »

عن (الشرق الأوسط) الاربعـاء 03 صفـر 1433 هـ 28 ديسمبر 2011 العدد 12083

عام الجسد
مأمون فندي
بدأ عام 2011 بشاب تونسي يضرم النار في جسده في العلن في سيدي بوزيد، تلك المدينة التونسية المهمشة، وقامت الثورة في تونس على رماد جسد محمد البوعزيزي، وانتقلت النيران من جسد البوعزيزي إلى كل الجسد السياسي العربي إلا قليلا، وهاهو العام ينتهي بجسد فتاة مصرية يعريه جنود الجيش المصري في الشارع وفي قلب الميدان ولا نعرف ما الحريق الذي يليه، أم أن النيران لا تنتقل عدواها من أجساد النساء كما تنقلها أجساد الرجال؟ إنه على ما يبدو عام الجسد العربي حريقا وتعرية.
الجسد والسياسة حالة عالمية، لكنها تتخذ منحى خاصا في الحالة العربية؛ فمعركة الحداثة في تركيا مثلا كانت على علامات الجسد، ممثلة في لباس الرأس (الطربوش)، الحال نفسه كان بالنسبة للباس ماو تسي تونغ في الصين، فما يوضع على الجسد أو ما يخلع عنه كلها رموز سياسية لها دلالتها؛ فالجسد هو لوحة الإعلانات الأولى في معظم الحضارات.
عندنا اللحية والزبيبة والعمامة كلها رمزيات دينية في أعلى لوحة الإعلانات وهي رأس الإنسان، وعندنا الحجاب أيضا، وغالبا لا تتحدث الحضارات عن أدنى اللوحة أو حتى وسطها؛ فليس هناك تحريم أو تجريم للبس الأحذية مثلا من عدمه؛ لأن العين تعترف بما في مستواها وما يقابلها؛ لذا تجد التشديد في معظم الحضارات على الجزء العلوي من الجسد.
النقطة الأساسية هنا هي أن الجسد سياسة، وما قام به البوعزيزي في تونس أو ما قام به الجنود في مصر من تعرية جسد الفتاة كان في صميم السياسة، كما أن الحديث المصري الذي انشغل بملابس الفتاة على حساب الجريمة هو حديث الجسد وحديث السياسة في الوقت ذاته.
الجسد هو حكاية العرب الأولى والأخيرة في السياسة والثقافة، هو مركزية التناقض العربي، هو المقدس والمدنس في النفس ذاته والجملة ذاتها والرجل ذاته والمرأة ذاتها، وفي حرقه إنهاء لهذا التناقض، كما في تعريته أيضا وسيلة أسهل للقضاء على التناقض ذاته، جسد المرأة وجسد الرجل وجسد السياسة وجسد الوطن.. كلها مدنية في الصباح ومقدسة في المساء أو العكس.. إن مأساة العرب الأولى هي مأساة الجسد. من حالة الخلط بين جسد المرأة وشرف القبيلة والعائلة إلى تفخيخ الجسد كحالة استشهادية جهادية شاهدناها في فلسطين والعراق، إلى ضرب الجسد في احتفالات الشيعة، إلى التعذيب في السجون، إلى الرجم وإلى جرائم الشرف.. كلها معضلة جسد، وإذا كان الأمر كذلك فما الذي يجعل هذا العام عام الجسد، إذا كانت للقصة أبعاد عالمية وكذلك أمور سبقتها محليا؟
الإجابة ببساطة هي أن تناقل الصور الجسدية هذه المرة بوسائل الإعلام الحديثة جعلها أكثر تركيزا وتعظيما، وكانت آخرها تلك الصورة للفتاة المصرية العارية تماما، المتداولة على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت). كانت سياسة الجسد في السابق محصورة في حدث صغير أو محدود، أما هذا العام فتأثير الجسد أحدث ثورات وحشد الملايين في الشوارع من النساء والرجال، جميعهم مدفوعون بسياسة الجسد في قلب جسد السياسة. ومن هنا جاءت الخصوصية هذه المرة.
فك الارتباط مع إشكالية الجسد هو بداية تفكيك الحالة الثقافية والسياسية. فض الاشتباك مع ما يشدنا كثيرا إلى الأرض ويثقل خطانا هو ما قد يأخذنا إلى المرحلة الثانية، إما عقلانية وإما روحانية، لكنها منطقة ومجال أعلى من مجال الجسد الذي بقينا فيه لقرون طويلة. الجسد هو الثلث المعطل للحياة العربية سياسيا وثقافيا. يأخذ منا حيزا أكبر في الحوار مما يجب ويجعلنا حضارة مظهر لا حضارة جوهر. نركز كثيرا على كل ما هو معروض على لوحة الإعلانات البدائية الأولى حجابا ونقابا وزبيبة ولحية ولباسا. هذا كله يجعل النفاذ إلى عوالم العقل والنفس والروح أمرا صعبا بالنسبة لنا.
لو كانت هناك ثورة حقيقية ستقوم يوما ما في عالم العرب فهي ثورة فض إشكالية العربي مع الجسد وحسم أمره تجاهه، هل هو مقدس أم مدنس؟ هل هو مركزية الفضيلة أم بؤرة الرذيلة؟ كي ننتقل إلى فضاءات أرحب وحتى لا نكون مشدودين دائما بثقل المادة إلى الأرض دونما أن نحلق في مدارات أسمى، فالحياة واحدة، والبقاء كل هذه القرون في سجن الجسد ربما هو ما أوصل البوعزيزي إلى إضرام النار فيه دونما وعي منه، وربما هو الأمر ذاته الذي حرك الجموع إلى الشوارع والشاشات لمناقشة قضايا الجسد.
يتحرر جسد السياسة فقط عندما يتحرر الإنسان من أعباء الجسد، وذلك ينطبق على الحضارات كلها، والحضارة العربية ليست الاستثناء في ذلك، وإن كانت تبدو كذلك فلن يدوم الاستثناء كثيرا.
البوعزيزي وفتاة الميدان رمزان لأمور أكبر وأعمق. لم يكن يقصد البوعزيزي إشعال ثورات من تونس مرورا بليبيا ومصر واليمن وسوريا، وبالتأكيد لم يكن يقصد الجنود في مصر أن يشعلوا ثورة الجسد التي قد تحدث أو لا تحدث، لكنه قانون التبعات غير المقصودة للحدث، التي غالبا ما تدهشنا وتفوق توقعاتنا. فهل يحمل إلينا العام الجديد مزيدا من الدهشة؟ أعتقد ذلك فالعرب الآن، على الرغم من كل ما نرى من حولنا، هم فقط على حافة الدهشة ولم يجرفهم التيار إلى مركزها بعد.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

ثورة الجسد و جسد الثورة

مشاركة بواسطة حسن موسى »

شكرا يا الفاتح على بذل نص فندي فهو ، على قصره ،حافل برؤوس مواضيع كثيرة مهمة.و جدل القطع و التواصل بين جسد الثورة و ثورة الجسد العربي ينتظر مساهمات العرب و غير العرب.ربما لأن المعركة الفاصلة القادمة ضد قوى الظلام الكوني الكبير، و التي ستخوضها القوى التي تسمى اليوم بـ " الثورات العربية "، هي معركة ستتم على أرض الجسد بمستوييه المادي و الرمزي. و هي ـ كان ما نخاف الكضب ـ معركة تتجاوز هموم الجسد العربي الصغيرة لتعانق هموم الجسد الإنساني المعاصر، لكن خسائر العرب فيها ستكون بالغة الفداحة بحكم تقاعسهم الطويل عن العناية بمطالب الجسد.
لا بد من عودة متأنية لتفاكير مامون فندي.


صورة
إيمان أحمد
مشاركات: 774
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:27 pm

مشاركة بواسطة إيمان أحمد »

سلام عليكم


يا حسن والجميع، شكرا على الخيط الغني.

" و صرنا نحيض كشبه الرجال "

بالإشارة للعبارة أعلاه التي أوردتها من قصيدة الأستاذ عز الدين هلالي وتأويلك لها، حبيت إضافة رأيي في فكرة انحطاط "الحيض". هذا النشاط الجسدي الفسيولوجي الذي تتميز به المرأة عن الرجل (أو ربما لا تميز هنا بل تأخُر في رأي البعض) هو نشاط لم تختاره المرأة ولم يشاورها فيه أحد حينما جُعل من أحد خصائصها الفسيولوجية وتقابله أنشطة عند الرجل بالتأكيد لكن لا أحد يتحدث عن هذه الأخيرة كثيراً ولم أسمع بها تستخدم للحط من قدر الرجل أبداً! مش قصة عجيبة دي؟! ده من ناحية تركيب تشريحي، وتكوين بايولوجي، وفسيولوجي.

هناك ثقل اجتماعي يلاحق البنات طوال سنوات البلوغ والمراهقة بأن مسألة الحيض هذه فيها شيء غلط ونقيصة. شيء محرج لابد من إخفائه. لعنة تصيب البنت ولا تتخلص منها حتى تبلغ سن "اليأس" فتنقطع عادة الحيض عندها والمفروض بأن تستريح. وقتها، تكتسب المرأة مقام الحكمة في بعض المجتمعات، ويبقى رأيها مسموع وتجلس في مجالس الرجال بأريحية أكثر. لكن السوط يظل على ظهرها وقبل أن تتنفس الصعداء تجد نفسها في مواجهة غول أكبر وهو خروجها من سوق الsex appeal. وذلك بالطبع باب آخر للحط من قدرها. يعني كده ووب، وكده ووبين.

المدرسة دي بتستخدم طبيعتنا للحط من قدرنا.. ولاحظ إنه في الجزء الأوردته من النص فوق سيرة النسوان ماوردت بصورة مباشرة. فقط هي إشارة ل"أشباه الرجال".

ربما ارتكزت فكرة انحطاط الحيض جزئيا على مرجعية دينية إسلامية تصف المرأة الحائض بأنها "نجسة"، لابد أن تغتسل لتطهر. أو ربما انبنى الدين على هذه الأفكار!!! مين عارف؟

يا ترى هل الولادة برضو نشاط وضيع يليق بشبه الرجال؟!

إيمان
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

تحرير جسد اللغة

مشاركة بواسطة حسن موسى »

بلاغة اللغة التي يستخدمها أدباء العربية " الضكور" التقدميون المعاصرون تخلّقت تحت شروط ثقافة تقليدية عمادها الإستعلاء العرقي و الجندري و الثقافي. و هي بلاغة ملغومة بالخوف و الهواجس و أنواع العصاب الإيري التي تتربص بالأدباء و تأخذهم في فخاخها المتنوعة أخذ الفجاءة و ما تديهم نفس و لو كورك حمار الوادي!
هؤلاء الأدباء المتوجسون من الحيض و من قدر الأنوثة و من مخاطر الخنوثة و من غوايات الشياطين هم في نهاية المطاف ضحايا نفس ثقافة الجسد التي تلهمهم احتقار جنس النساء عامة. و في ظن آثم ـ و الله يكضب الشينة ـ فـ "هؤلاء الناس" مقيمون بشكل مؤبّد[align=left] في حفرة البلاغة الذكورية العرقية و الدينية القديمة و لا فرصة لهم في المخارجة من قدر الضحية إلا في إختراع بلاغة جديدة لنج من خامة الخروج و المعارضة المستديمة..و في حسن ظني فأنا متفائل بالـ " كسرة" الظاهرة التي يعمل عليها نفر من الكتاب العاكفين على الإنحراف بلغة القرآن لطلاسم عجيبة [و حية] ما أنزل الله بها من سلطان! و ما أدراني فسيد الرايحة يفتح خشم البقرة و لا جناح!
يا إيمان " النجاسة" موضوعة جوهرية في تأسيس الإعتقاد الديني و بالذات عند أهل الكتب السماوية و لكن هذه فولة تفيض عن سعة هذا المقام.
شكرا على نبش الموضوع و لا بد من عودة .
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و " أصل العالم " الإسلامي ؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »



و "أصل العالم" الإسلامي ؟



"عامان مرّا عليها يا مقبلتي
و عطرها لم يزل يجري على شفتي
كأنها الآن لم تذهب حلاوتها
و لا يزال شذاها ملء صومعتي
إذ كان شعرك في كفي زوبعة
و كأن ثغرك أحطابي ..
و موقدتي
قولي: أأفرغت في ثغري الجحيم
و هل من الهوى أن تكوني أنت محرقتي؟
لمّا تصالب ثغرانا بدافئة
لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
تروي الحكايات أن الثغر معصية
حمراء.. أنك قد أحببت معصيتي
و يزعم الناس أن الثغر ملعبها
فما لها التهمت عظمي و أوردتي "
من " طفولة نهد " لنزار قباني.
هذه الكلمات في سورة الجسد تمر اليوم، " زي الورد " كما تعبر بلاغة الأهالي ، و لا يأبه بها سوى ذلك النفر المختص من بين دارسي سوسيولوجيا الأدب العربي الحديث.ذلك أن تطور الكتابة العربية و تطور القراءة العربية فتحا بصائر هواة الأدب على خيارات أدبية مغايرة و على مواقف مفهومية جديدة في أدب الجسد [ و في جسد الأدب أيضا] حتى ان جمهور الأدب المعاصر قد يجد صعوبة في تفهم كيف أن كلمات نزار قباني أعلاه كانت تروّع خواطر الجماهير العربية و تزعزع طمأنينتهم في مطلع الخمسينات.
لقد كتب نزار قباني " طفولة نهد" و هو شاب في منتصف العشرينات .و يقال أن الناقد المصري " أنور المعداوي "، الذي عرض عليه نزار قباني قصائد " طفولة نهد"، قدّم للديوان بنص نقدي حمله لمجلة " الرسالة " الأدبية التي كان يرأس تحريرها أحمد حسن الزيات.و نشر الزيات نص المعداوي لكنه غير عنوان الديوان من " طفولة نهد" لـ " طفولة نهر". قالوا أن نزار قباني علّق على موقف الزيات بأنه أرضى صديقه الناقد أنور المعداوي بنشر النص مثلما أرضى قراء "الرسالة" المحافظين بتجنيبهم كلمة " نهد" " لكنه ذبح اسم كتابي الجميل من الوريد إلى الوريد".
و اليوم، في زمن ثورة الإتصالات ، لم يعد أحفاد نزار قباني بحاجة لوساطة المقربين من مراكز سلطة النشر حتى يتسنى لهم نشر انتاجهم على الجمهور، بل لم يعد بينهم من يبالي بمشاعر القراء المحافظين أو غير المحافظين. ذلك ان واقع وسائل الإتصال و النشر المعاصر قد فجّر مفهوم " سلطة النشر" كأمر متمركز في مواضع واقعة في دائرة نفوذ السلطة السياسية، فصار بإمكان كل من هبّ أن يبذل ما يشاء على صفحات الأسافير. و في " ما يشاء " تستوى النصوص المكتوبة و المنطوقة مع أنواع التصاوير و التصاويت و إلخ ..أقول هذا و في الذاكرة قصائد محجوب شريف في هجاء نظام النميري بعد مذابح يوليو في مطلع السبعينات. في ذلك الظلام الحالك كان الأصدقاء المعارضون يستنسخون كلمات محجوب اللاهبة على وريقات تمر سرا من يد ليد و يحفظونها و يروونها في مجالس الإنس المعارض و ينتفعون بها في جبر كسور الجسد التقدمي المثخن بالجراح. كان الشعر المعارض بمثابة البلسم النادر لقوم لا زاد لهم غير الأدب.بل أن الصورة الأدبية كانت هي الصورة الوحيدة المتاحة تحت شروط الضيق التقني التي عرفها العمل المعارض في ذلك الزمان. اليوم حين أتأمل في سيرة الأدب المعارض يبدو كل هذا الحراك الباسل كمثل زوبعة في فنجان الأدب .أو كما قال مولانا" جان بول سارتر" في واحدة من شطحاته العرفانية: لقد عشت في عالم الأدب زمانا طويلا حتى بدأت أعتقد أن ليس هناك عالم خارج عالم الأدب . لقد غيرت ثورة الإتصالات الواقع الثقافي و فتحت بصائر الناس لعالم التصاوير و التصاويت الذي يحجّم الأدب لمجرد مساهم آخر ضمن جوق المساهمين في تخليق الوجود الإنساني المعاصر. و على مشارف حضارة التصاوير المعاصرة يتضعضع كل الوجود الرمزي الذي تخلّق عبر القرون تحت تأثير البأس الحضاري الجبار للكلمة: " في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله " [ انجيل يوحنا 1/1]. " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون" [ يس،82].
تحت شروط الواقع الثقافي الجديد الذي تتعاظم فيه سطوة الصورة لا بد لعيال المسلمين [ و عيال غير المسلمين ] من تأسيس منهجية جديد لقراءة شفرة الوجود المعاصر ضمن تركيب فكري جديد صارت التصاوير فيه تتغوّل على قطاعات مفهومية واسعة كان الناس يتعاملون فيها بوسيلة الأدب.
فما الصورة؟
ما هو هذا المتاع العجيب المتحول بين الأبصار و البصائر و الذي تواضعنا على تعريفه بـ ّ الصورة"؟ الإجابة على السؤال في هذا المستوى من التعميم لا تؤدي، ربما لأن الإجابات المحتملة في هذا الشأن تتعدد بتعدد التصاوير التي تنتخبها بصائر هؤلاء و أولئك من الفرقاء الطبقيين المتنازعين حول معاني الصورة. و أظن أن المصلحة المنهجية في هذه المناقشة تقتضي مقاربة مفهوم الصورة من خلال صورة بعينها ننتفع بها في حصر التفاكير في حيز يصونها من أن تطفح فتنبهل و تنبهم في أكثر من وجهة. و من تحديد الصورة المعينة يمكننا أن نتوصل لفرز طبيعة الأنظار المتقاطعة عندها .هذا التنظيم المنهجي ضروري لعقلنة هذه الصورة الأكثر ذيوعا و التي استبدت بحقل النظر العربسلامي بشكل غير مسبوق . أعني صورة هذه الشابة المصرية المسماة "علياء المهدي " التي انتفعت بفرص النشر الواسع الحر التي تتيحها وسائل الإتصال الأسافيري و نشرت في مدونتها الإلكترونية مجموعة من صورها تعرض فيها جسدها العاري او تتبادل القبلات مع صديقها المسمى " كريم عامر" . و رغم أن الإنترنيت يزدحم بتصاوير العراة من كل لون و جنس إلا أن الجديد في صور علياء المهدي يمكن تلخيصه بكونها صور صادرة ، بمبادرة شخصية ليس وراءها مؤسسة سياسية او تجارية تدعمها. إنها صورة صادرة عن فتاة " عادية" تشبه الكثيرات من شباب الطبقة الوسطى العربسلامية الذين يؤثثون فضاء الأسافير بمدوناتهم و بثرثراتهم البريئة التي تراعي حدود الآداب و العادات و التقاليد. لكن هذه الشابة خرجت على أداب و تقاليد الطبقة الوسطى العربسلامية حين تجاسرت على إشهار خصوصيتها و بذل" أعز ما تملك " على الملأ ، ثم زادت و شفعت حركتها بخطاب سياسي يدعو للثورة على قيود الدين و الإنتصار للفن و حرية التعبير..و هي دعوة ، على جرأتها، ما كانت لتثير اهتمام كثير من العربسلاميين، بالذات في هذه اللحظة من عمر ما يسمى بـ " الثورة المصرية" ، لولا أن " الثائرة" المصرية الشابة شفعتها بصورها.فالواقعة الثورية التي تتوسل للتغيير بوسيلة التصاوير تطرح في هذا المقام تراتبا بين الصورة و النص الغلبة فيه للصورة. و صور علياء المهدي، لمن يتأمل في منطقها الجمعي، تطرح نوعا من خطاب أيقوني كلي تتساند قطعه و تتضامن بما يباعد موضوعها عن بساطة الصور العادية التي دأب الناس على إنتاجها بشكل عفوي لأسر اللحظة الفانية و تسجيل التذكار.إنها صور وراءها إرادة فنانة واعية، ليس في العنوان الساذج الذي اعطته علياء المهدي :" فن عاري" فحسب، بل في المضمون الذي يحفز عليه المنطق الداخلي للصور. فلو نظرنا للصور في مقامها كوسيلة خطاب أيقوني بصري فثمة تراتب يدعو للتأمّل بين صورة الشابة العارية و صورها الأخرى الكاسية ، مرة و هي واقفة تحت يافطة مكتوب عليها " ساحة أنتظار الحرية" أو صورتها و هي تقبل صديقها. و هو تراتب متحول غرضه الظاهر التعبير عن إنحياز هذه الشابة " الفنانة" لفكرة الحرية.
خطاب الصورة يقول:
ـ1 ـ لقد رحل مبارك لكن الشعب المصري ما زال واقفا " في إنتظار الحرية ".
ـ 2 ـ الحرية ليست منحة من السلطات لكنها حق ينتزع بالإرادة.
ـ3ـ الحرية هي أن نختار اسلوب حياتنا و أن نتحمل مسؤولية هذا الإختيار.

هذه الحرية، التي يجاهد الشعب المصري الأعزل لإنتزاعها من مخالب أعظم أجهزة القمع البوليسي في الشرق الأوسط ، ما زالت بعيدة المنال. و بلوغها يقتضي من المصريين المراوحة بين مقاومة أجهزة القمع المادي و مجاهدة أجهزة القمع الرمزي الكثيرة، الظاهرة و الخفية، التي تعشش كما السرطان في ثنايا الثقافة الشعبية و في عادات القول و الفعل اليومي. و المواجهة المصورة في " يوتيوب" مع موظفي الأمن ، الذين آخذوا علياء المهدي و صديقها على مخالفة " قانون الآداب"،تبدو كما لو كانت لحظة من الكوميديا المصرية الدارجة التي تنتهي بحكمة مصرية يسخر فيها البطل الشعبي من رموز السلطات و السلام. لكن ضبط النفس الظاهر في موقف موظفي الأمن، الذين كانوا يبتسمون أمام كاميرا " المتهم "، ما هو إلا بعض مكاسب حركة التغيير الديموقراطي في مصر.فهؤلاء الموظفون المكلفون بحفظ الأمن كانوا ، قبل سقوط مبارك ، يصونون الآداب و يحفظون الأمن بالشتم و الضرب و التعذيب و التقتيل و هم على يقين من أن ظهرهم محمي بترسانة من القوانين و العادات و التقاليد التي تسخر من معاني الحرية و الديموقراطية و لا تبالي بحقوق الإنسان المصري. [ و" يا دمشق كلنا في الهم شرق.."!].
لكن صور علياء المهدي، فيما وراء الخطاب السياسي الشجاع الذي رمت إليه صاحبتها تمثل في المشهد الإسفيري الكوني كما قذيفة " السفروق" [ و ترجمتها في لسان الكردفانيين : الـ " بومرانغ " ] الذي يعود لصاحبه بالخير أو بالشر.فبماذا عادت عليها [ و علينا ] تصاوير هذه الشابة الفنانة الثائرة ؟
رابط " مذكرات ثائرة "
https://arebelsdiary.blogspot.com/?zx=e1f5e71de752c5d7

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

" العارية المصرية الكبيرة "

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة


صورة


صورة

صورة


صورة

صورة



صورة "العــارية المــصــــرية الــكـــبيــرة "
Great Egyptian Nude !

مرا عريانة !
خليني اخش
اشوف الصورة في النت
دانا ما صدقت
لقيت حاجة اعملها يا بت
غير افلام البورنو
وضربك انتي كل ليلة يا ست
مرا عريانة ?
احلوت السهرة
دانا يا دوب جاي
من ميدان التحرير
وسايب الثورة
ويا دوب مولانا قايل
ان جسم المرا عورة
لكن انا برضو حانتخبوا
في مجلس الشورى
وحانتخب الاخوان والنور
في اول دورة
وفي تاني دورة
بس خليني اشوف الصورة في النت
مرا عريانة
خليني اخش اشتمها
علياء دي بت حيوانة
وعاهرة وما هياش انسانة
وكافرة زي ما قال مولانا
وبوظت اسم مصر الكنانة
مش زي دينا وروبي ونانا
علياء دي بت حيوانة
بس خليني اشوف الصورة في النت
مرة عريانة
اقيموا عليها حدود الله
دي حاجة اخطر من سقوط بغداد
وحصار رام الله
دي حاجة اخطر من غزو لبنان
و مقاومة نصر الله
دي اخطر من فحوص العذرية
دي لو في السعودية
كانوا اعدموها
حنقيم عليها شرع الله
باذن الله
بس خليني اشوف الصورة في النت
مرا عريانة
بلا تحرر جنسي بلا هباب
خلي اللي نزلو الميدان من الشباب
يرجعوا بيوتهم قوام
بلا خالد سعيد بلا سالي زهران
بلا عبد الفتاح بلا مينا بلا نوارة
جتكو نيلة انتو والحضارة
بلا تحرر جنسي بلا هباب
دا ما فيش اجمل من النقاب
بس خليني اشوف الصورة في النت

الكاتب اللبناني احسان المصري








ردود الأفعال التي أثارتها صورة علياء المهدي العارية لا تحصي. و في منظور الأدب تبدو استجابات الجمهور الإسفيري نصبا عظيما من " قلة أدب" كتاب الأسافير، و أنا أعني "قلة الأدب" في معني تواضع الحيلة البلاغية و في معنى انسداد البصيرة الأخلاقية معا . و باستثناء بعض الكتابات المغايرة النادرة لكتاب من نوع إحسان المصري أعلاه [أنظر الرابط
https://www.ahewar.org/m.asp?ac=&st=&r=20&i=2927&fAdd=

https://www.youtube.com/watch?feature=en ... _BQ5C_OaYw
]، يظل القاسم المشترك الأعظم لمجموعة الكتابات الإسفيرية التي عالجت موضوع صور علياء المهدي هو غياب المحاولات الجادة لعقلنة موقف هذه الشابة المصرية ضمن أفق تحليلي لجيوبوليتيك الجسد المؤنث ضمن المسعى " الثوري" المصري الذي يستشرف التغيير في المقام السياسي الجمعي دون أن يهمل المقام الرمزي الفرداني . و ربما أمكن تفهم قلة حيلة القوم من واقع كون علياء المهدي اختارت سلاحا لم يتعود عليه أهل المحافل الإسفيرية الذين يشغلون فضاء الإسافير بوسيلة الأدب الكلامي فيسوّدون الصفحات بحبر البكاسل الرخيص و ينامون على عقيدة بائدة مضمونها أن العالم لا يُدرك إلا في حرز الكلام ، حتى باغتتهم "علياء"، [ ياله من إسم !]، من علياء تصاويرها الفنانة و أيقظتهم من نومة أهل الكهف الأدبي العربي بهذه الصور المُزلزِلة. لقد اختارت علياء المهدي سلاح التصاوير الفتـّاك و أصابت الغول العربسلامي في مقتل غميس، هناك حيث تكون العلاقة العصيبة مع الصورة نوعا من " كعب آخيل" الثقافة العربسلامية المعاصرة، التي تنتحل أطلال التقليد الديني البائد لتمويه تواطؤها التاريخي مع حداثة رأس المال المتعولم المتأسلم . و عصاب التصاوير الإسلامي ،داء عضال ،متفشي بين عيال المسلمين المعاصرين المتوجسين من الصور. هذا العصاب القديم/ الحديث، محطة مهمة في مسار عقلنة العلاقة مع عالمنا المعاصر الذي يتخلّق كل يوم بين صورة الواقع التي تمثـّل " الحقيقة" فتزيفها ، و واقع الصورة التي تجعل من الزيف واقعا جديدا يؤثر بدوره في خيارات الناس . و ما لم يؤسس عيال المسلمين منهجا نقديا في أسلوب قراءة خطاب التصاوير فهم سيظلون يكابدون موقف الضحية أمام أنواع الزلازل الرمزية العنيفة التي تتوعدهم بها تكنولوجيا تصاوير معاصرة يملك أزمّتها قوم لا يرون في مجتمع المسلمين سوى سوق واسعة للإستهلاك أو/و مصدر مهم من مصادر الطاقة.
صورة علياء المهدي ما هي إلا مؤشر بين مؤشرات عديدة على أن المعركة الطبقية القادمة في بلدان المسلمين هي معركة معولمة تشكل التصاوير البصرية واحدة من ساحاتها الرئيسية .
فما الصورة؟
أقول: ما الصورة، إن لم تكن وهما بصريا جديدا ينضاف لأوهام الإدراك النافعة التي تعين الناس على البقاء في وجه صعوبات المجتمع التناحري؟
الصورة ليست مجرد علامة بصرية مبذولة على مسند ورقي أو إلكتروني بغرض الزخرفة أو الترفيه و لكنها مكيدة عالية من مكائد "ود ابن آدم ، " غايتها التضامن ـ بين الناظرين ـ على صيانة مسافة أمنية من فحش الواقع الطبقي التناحري. هذه المسافة التي صرنا نتوسل إليها بوسيلة التصاوير ضرورية حتى نتمكن من رؤية واقعنا و عقلنته بما يصون مصلحتنا في البقاء على شرط الحرية. و في مشهد ضرورة البقاء ينطرح همّ العناية بالتصاوير كأولوية قصوى لكافة المقهورين و المُستبعـَدين في الأرض.
و من يتأمل في الأسلوب " التصاويري" الذي عالج به عيال المسلمين " الضكور" قذيفة علياء المهدي الفتوغرافية ، يلمس الهلع العظيم الذي استولى على بصائرالذكور الأسفيريين ففضلوا الإشاحة الكاذبة بوجوههم بعيدا حتى لا يقع نظرهم [ أو" حتى يقع عرضا" في رواية] على ذلك الوحش العاري المرعب الذي يتربص بهم في دغل البكاسل فيصيبهم عمى البصر ،و لهم العذر، فهم من نسل ثقافة إيرية [" فاليك"] الفرج المؤنث رعبها و غولها المفضّل. وقد جاء في الأثر أن " النظر إلى الفرج يورث العمى" و هي قولة ذات مرام بعيدة جبارة لا سبيل لفحصها هنا فصبرا.. و رغم أن فقهاء المسلمين المعاصرين يصنفونها في مصنف" الأحاديث الضعيفة" ، إلاّ أنهم لا ينفكون يسوّدون شاشات المنتديات الإسفيرية بشرحها و يتابعون دقائقها من جحر ضب خرب لجحر ضب خرئ و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه!
[ أنظر الرابط

https://www.islamweb.net/fatwa/index.php ... d&Id=79452

https://islamqa.info/ar/ref/153538
و الرابط

https://www.alhikmeh.com/arabic/mktba/fq ... /index.htm

https://www.saaid.net/Doat/Zugail/244.htm

و هناك من حاول مسح الصورة العارية أو تعطيل الوصول لــمدونة علياء المهدي[ الرابط
https://arebelsdiary.blogspot.com/?zx=e1f5e71de752c5d7
و هناك من نشر الصورة بعد " سترها" بسراويل و حاملات نهود من قماش البكاسل الملوّن الرخيص، و الأجر على الله! و في هذا المسعى تنافس المتنافسون و فيهم من اقترب من مقام مولانا " رونيه ماغريت" صاحب التصاوير السوريالية المدهشة، و هناك من انتحل لعلياء المهدي صورة فتاة ميته مدمّمة الوجه على زعم أن علياء المهدي لقيت الجزاء الذي تستحقه على "عملتها المهببة"! و كل يسعى وراء رزقه الأيقوني بذريعة ستر هذه الفضيحة المتمددة على الأسافير، و غايتو ، "الله ما شق حنكا ضيعه".



صورة " الغرباء" :
الثورات و الأحداث الكبيرة تترك علامتها[ توقيعها ]على دفتر التاريخ في شكل أيقونه بصرية ثبتت بالتكرار و سارت بها ركبان الآلة الإعلامية . فقد أورثتنا، ثورة أكتوبر البولشفية صورة" لينين" الخطيب يلهب الجموع ، كما أورثتنا،الثورة الصينية صورة " ماو" يتقدم " المسيرة الطويلة"،و من ألبوم الثورة في أمريكا اللاتينية خرجت صورة "شي غيفارا" كما خرجت صورة" الخميني" من ألبوم الثورة الإيرانية . و إذا جاز لنا إعتماد صورة بوعزيزي، ملتهبا في الشارع، كأيقونة بصرية للثورة التونسية، فما هي الصورة الأيقونية التي يمكن أن تمثل الثورة المصرية ؟ للإجابة على مثل هذا السؤال لابد من التأني عند الطبيعة المركبة لثورة المصريين كخروج غريب و مشاتر على درجة عالية من الوقاحة الآيديولوجية التي تضرب عرض الحائط بجملة الإتفاقات السياسية التي جعلت من فكرة "الثورة" في مصر من الأمور المستبعدة من" أوراق الطريق " التي يكتبها لمجتمع المسلمين خبراء جيوبوليتيك الشرق الأوسط . طبعا خبراء جيوبوليتيك الشرق الأوسط لم ينجحوا في التنبّؤ بأي من الثورات التي تمخضت عنها مجتمعات الشرق الأوسط [ لا في إيران الشاه و لا في تونس بن علي و لا في مصر مبارك ..]. لم يكن هناك من يتوقع ثورة المصريين على مبارك وشلته، على زعم أن نظام العسكرقراطية المصرية قديم و ثابت ، بجاه الأوروأمريكيين، و بدعمهم المادي و السياسي، ناهيك عن الزعم المستقر بأن لا بديل متوقع لنظام العسكرقراطية المصرية غير الفوضى و الإرهاب، سيـّما و النظام بالتزاماته بالإتفاقات الدولية والإقليمية المهمة [ إتفاق كامب دافيد ،أوسلو، الحرب ضد الإرهاب ..إلخ..] يطرح نفسه كضامن للسلام و الإستقرار في الشرق الأوسط . لكن توق المصريين الكبير الكبير للديموقراطية ،هذه المرة على الأقل، لم يطابق حسابات خبراء الجيوبوليتيك.فقد ثار المصريون على مبارك ، ثم لم يقنعوا من الغنيمة بذهاب الطاغية ،و إنما تمادوا و طالبوا بذهاب المؤسسة العسكرية التي صنعته حتى لا تخرج لهم مباركا جديدا. و على ضوء الواقع السياسي الجديد ، الذي خلقه صعود التيار الإسلامي المحافظ في الإنتخابات، ظهر في الأفق السياسي القريب إحتمال تصالح حزب المؤسسة العسكرية مع حزب الإسلاميين " المعتدلين" الصاعد، كمخرج لإنقاذ " رأس مال" نظام الميسورين من الطبقة الوسطى العربسلامية. و هو الإحتمال الذي تحبذه دوائر رأس المال الأوروأمريكي و ملحقياتها الشرق أوسطية . وسط العكر السياسي الكبير ما زال قطاع طليعي معاند من الديموقراطيين المصريين يطمح لبناء مصر العدالة و الديموقراطية و العلمانية.هؤلاء هم " الغرباء" الذين سيحيون سنة الديموقراطية بعد اندثارها فطوبى لهم! و من "علياء" قلعة " الغرباء" تقف هذه الحقيقة العارية كآليغوريا مصرية لمطلب الحرية، فطوبى لها حتى تنقضى وحشتها الكبيرة وسط الزحام، و طوبى للديموقراطيين المستوحشين في شعاب ربع الخراب العربسلامي الكبير ، و طوبى و غبطة لنا جميعا لأن أكثر من نصف قرن من القهر الممنهج و مصادرة الحقوق الأساسية للإنسان و غسيل أدمغة الأجيال، لم يمنع أهالي مصر من الثورة على أنظمة الظلام الفكري الغاشم المدعوم من قبل دوائر رأس المال المعولم.
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سبي الحداثة العربسلامية

مشاركة بواسطة حسن موسى »



سبي الحداثة السودانية


في خيط مجاور
https://www.sudan-forall.org/forum/viewt ... e27e512b2c

حكى الصديق محمد جمال الدين[ الهولندي] الحكاية التالية التي دارت أحداثها أثناء مؤتمر نوفمبر2004، حول الأزمة السياسية السودانية في دارفور،الذي انعقد في لاهاي و شارك فيه سياسيون سودانيون من مختلف المشارب و منظمات دولية مهتمة بالشأن السوداني. قال محمد جمال:
"أثناء الجلسات الرسمية للمؤتمر الدولي [ حدثت ].. مشادة لفظية ساخنة بين خالد كودي و فاطمة عبد المحمود ، بعد أن سأل خالد كودي فاطمة سؤالا أدهشها جدا ، و يبدو أنها لم تكن تتوقعه :" هل تم اغتصابك من قبل؟"، و هي كانت ممثلة للجنة قضت بأن لا اغتصابات في دارفور، و ذكرت في دفاعها أننا في السودان لا نعرف الإغتصاب أصلا بمعنى أن المرأة في السودان دائما تتمنـّع و الرجل يفعل فعلته! .. هذا و الله ما حدث ![ يعني الإغتصاب والـ
making love
مع المحبوب حاجة واحدة
و عندما ركز خالد كودي على السؤال و كرره أكثر من مرّة بكت فاطمة عبد المحمود و هي امرأة سبعينية فتعاطف معها بعض الحضور.و عندما انتهى المؤتمر جاءني أحد سفراء النظام، و هو رجل كارير دبلومات " ، يرجوني حذف المقطع الفاطمي من مشاهد المؤتمر عند نشره مبررا لي رجاءه بذكر بعض المصاعب التي لاقتها الضيفة أيام عملها مع الرئيس جعفر نميري.! تلك قضية كانت في غاية التعقيد كون زميلي الصحفي الهولندي" يوس فان بوردان" لم يفهم ذلك و قال لي: لا حق لهم في الإعتراض و اعتبر أن تلك النقطة الجدل من أقوى مشاهد الحدث. لكن لأنني كنت المشرف الأول على المؤتمر استطعت اجبار الجميع على حذف ذلك المقطع وقوعا تحت طائلة قيم و مرموزات سودانية ثقافية " وجودية " لا قانونية ، إذ أن لا أحد له الحق غير منظمي المؤتمر في [ تحديد؟] ما ينشر و كيف يتم النشر. "


شكرا يا محمد جمال الدين على هذه الحكاية العامرة بمواعظ الحداثة، و هي مناسبة طيبة للتفاكر في هذا الوجه البالغ الإلتواء من وجوه توطين الحداثة في تربه مجتمع العربسلاميين السودانيين. و توطين الحداثة عملية بالغة التعقيد طرفها الغليظ يبدأ بالأمتثال ـ أو بالمقاومة ـ للمنطق الإقتصادي للسوق الرأسمالي مثل تقسيم العمل و تسليع الإنتاج المادي و الرمزي و تقديس الملكية الفردية وحماية الدولة لحرية الإستثمار و التنقل و التعبير و احتكار الدولة للعنف، بينما تتناهي أطرافها بتمثل القيم الإجتماعية الرمزية و الجمالية المواتية لنمط الإنتاج الرأسمالي ، مثل الإنعتاق من الروابط الإجتماعية الدينية و العرقية التي كانت سائدة في المجتمع قبل الرأسمالي و إعلاء معاني الحرية و التمثيل الديموقراطي البرلماني و توجيه المؤسسات التعليمية و الثقافية وفق قيم السوق .و قد استرعت هذه الحكاية انتباهي لأسباب شتى أولها أنها ، من حيث الشكل، " محكية " جميلة ـ في المعنى الأدبي للعبارة ، و ذلك لأنها تستوفي عناصر البنية الأدبية للتراجيديا اليونانية التي يهيئ " الكورس/الراوي" فيها مسرح الأحداث و يقدم الممثلين و يعلق على الأحداث و يخاطب جمهور الصالة الإسفيرية في العالم أجمع . و تعليق محمد جمال الأخير: " هذا و الله ما حدث! " يعطيه صفة "الكورس" المنخرط كطرف في المنازعة التراجيدية كونه يجود بوجهة نظره في الأحداث و يرسم مصائر الشخوص في التراجيديا اليونانية .و لو فحصنا القرابة الدرامية بين محكية محمد حمال و شكل التراجيديا اليونانية لوجدنا العجب من حيث:
1ـ تهيئة مسرح الأحداث و سياقاته :
السياق السياسي [ الدرامي ]: ممثلون محليون و دوليون يمثلون مصالح متباينه يتحاورون حول المخرج من الأزمة [ العقدة ] التي نتجت عن الصراع التراجيدي في دارفور .
السياق الجغرافي [ الديكور ]: صالة المؤتمرات في لاهاي و في خلفية المشهد صور الحدث البعيد في بوادي دارفور [ صور معسكرات اللاجئين و الفصائل المتحاربة و بعض معدات و أجهزة و ممثلين للمنظمات الدولية ] .
2ـ تقديم الشخصيات المتصارعة الرئيسية و الثانوية :
رغم أن خالد كودي و فاطمة عبد المحمود لا يمثلان ثقلا نوعيا مهما على صعيد المواجهة السياسية في دارفور إلا أن كل منهما ، يحمل قناع القوى التي يمثلها و يؤدي دوره بكفاءة عالية ضمن خصوصية هذا المشهد الهولندي للتراجيديا السودانية الكبيرة .
و وسط جمهرة كبيرة من المعارضين السودانيين، تلبس فاطمة عبد المحمود قناع الشر ، بشكل طبيعي، كونها تجسد الجهة الحكومية الرسمية[ ترجموا: جهة " الخيانة "! ] و لا غضاضة، فهذه السيدة البريئة جاءت لهذا المحفل الدولي ممثلة للجنة رسمية أنشئت للدفاع عن نظام الخرطوم الذي يشير إليه الجميع كمسؤول أول عن مآسي السودانيين، و براءتها تتجلّى في قبولها هذا الدور الإنتحاري داخل محفل غير مهيـّأ لأن يسمع منها أي شيئ بخلاف إدانة سياسات نظام رئيسه مطلوب للمثول أمام محكمة العدل الدولية، ناهيك عن ذلك التاريخ السياسي السابق الموصوم بوصمة العار بسبب ضلوعها السادن في نظام جعفر نميري. و الراوي ـ عفوا " الكورس" ـ لا يعطيها فرصة لتحمل قناعا آخرا بخلاف قناع قوى الشر حين يقدمها باعتبارها " ممثلة للجنة قضت بأن لا اغتصابات في دارفور"، في حين أن وسائل الاعلام تطفح بشهادات النساء [و الرجال] عن وقائع الإغتصاب كسلاح سياسي ، و قيل كـ " شرف " للضحايا حين يكون المغتصب من عرق أنبل ![ كما جرت العبارة الشهيرة المنسوبة لرئيس جمهورية الإنقاذ]
و في مقابل فاطمة عبد المحمود يقف خالد كودي، مجرد ناشط سياسي ديموقراطي معارض في المنفي .و هذه الصفات المتواضعة تجعل منه خير حامل لقناع قوى الخير في هذه المنازعة المسرحية المعولمة بين قوى الخير و قوى الشر. لكن صفة التواضع في حال خالد كودي تملك أن تموِّه وراءها نقطة قوّة غير متوقعة، لأن المعارضون الديموقراطيون من عيال المسلمين الواقفين في وجه غول الإسلام السياسي، هم بسبيل أن يتحولوا لبديل ـ أو على الأقل لورقة ضغط ذات كفاءة ـ في الحرب التي اضطرت دوائر رأس المال العالمي لخوضها ضد حلفاء الأمس الذين تمردوا على القيد القديم و طمحوا لبناء " مشروع حضاري إسلامي " قوامه الآيديولوجي معاد للهيمنة الإمبريالية على موارد المجتمعات الإسلامية و لمنطق السوق الحر المعولم و معاد للنصرانية و لليهودية وللبوذية و للهندوسية و العلمانية و لكل ما هو غير الإسلام . و قوّة القناع الذي يحمله خالد كودي تزداد من واقع وجوده كنموذج لناشطي المنافي المثقفين و العلمانيين الوافدين من خلفية ثقافية مسلمة و العازمين على التخلص من نظام إسلاميي الخرطوم بشتى السبل بما فيها حمل السلاح، مثلما يكسب كودي ، كـ "فنان" ، من رصيد التعاطف الطبيعي الذي يجود به الضمير الثقافي للطبقة الوسطى الأوروأمريكية لشخص الفنان بشكل غريزي.فالفنان في الخاطر الثقافي المعاصر صنو النبي، و حين يضيف الفنان لحالته صفة "المنفي" و لأسباب سياسية، فهو يدخل في دائرة الأنبياء المهاجرين الذين تنتظرهم كرامتهم في غير أوطانهم .و بيكاسو "الجمهوري الأسباني" المعارض لنظام فرانكو، لم يكن الفنان المنفي الوحيد الذي احتفت به الأوساط الثقافية في فرنسا ،فقد كان هناك جوان ميرو و جوان قريز و آخرون أصغر سنا لا يذكرهم دائما مؤرخو الفن الحديث. و على نموذج بيكاسو ثبّتت الدوائر الثقافية الفرنسية تقليد العناية المبدئية بالفنان المنفي .


و الـ "دبلومات الكارير" كمان!

و في خلفية المشهد تتحرك ظلال الممثلين الثانويين من شاكلة هذا الـ " دبلومات كارير " الذي يرتدي قناع الحيدة و يتسربل بسرابيل الأجاوييد المحترف و قيل : " يشجع اللعبة الحلوة ".
" دبلومات كارير"؟ يعني ممثل رسمي لنظام عمر البشير الإسلامجي يعمل شغل حكومة المؤتمر الوطني بس لابس بدلة و كرفته و حالق دقنو كمان!
يا للبراءة! [ بعد شوية حنشوف الـ"أمنجية كارير" و الـ " دبابين كارير " و " ربّاطة كارير " و الـ " معذبين كارير "و "هلمجرا كارير" و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه]

المهم يا زول، قد لا يهمنا كثيرا، ما إذا كان تقديم محمد جمال الدين لشخصيات هذه التراجيديا الهولندية ،قد تم عن وعي بكل الأبعاد المسرحية الديونيزيوسية ، مثلما لا يهم كثيرا موقف الممثلين أنفسهم من طبيعة السياق المسرحي الذي يدبرون منازعتهم في إطاره. لكن التطابق الشكلي الظاهر لمحكية محمد جمال مع شكل التراجيديا اليونانية يستحق التأني. و من يدري فربما نفعنا نموذج التراجيديا اليونانية في تخليق مقاربة مفهومية أكثر كفاءة للتراجيديا السودانية و فوق كل ذي علم عليم.


ثقافة الإغتصاب

حتى أعود مرة أخرى لسؤال الشكل، في محكية محمد جمال أعلاه ، لابد من التوقف عند الإشكالية الثقافية المركبة التي تلف أطراف هذه المنازعة السياسية بين خالد كودي و فاطمة عبد المحمود.ذلك أنها طرف من إشكالية الجسد ، جسد النساء ،كموضوع محوري في السياسة السودانية.
قال محمد جمال، و عليه العهدة، أن فاطمة عبد المحمود نفت حدوث الإغتصاب في السودان
:" . و ذكرت في دفاعها أننا في السودان لا نعرف الإغتصاب أصلا بمعنى أن المرأة في السودان دائما تتمنـّع و الرجل يفعل فعلته! ."
و نفي فاطمة عبد المحمود للإغتصاب يضمر نقدا مفهوميا لفعل الإغتصاب كإعتداء على حرمة الشخص، و ذلك حسب التعريف القانوني الدارج الذي يعتمد على واقعة غصب الشخص على ممارسة الجنس ضد إرادته أو استخدام القوة أو الإرهاب لإجبار ضحية الإغتصاب أن تكون ، ضد إرادتها موضوعا للمتعة الجنسية للمعتدي.و فاطمة عبد المحمود تعرف أن الإغتصاب كإعتداء على حرمة الشخص جريمة تعاقب عليها كل الأعراف و القوانين ، في السودان و في غيره. لكنها " تغرّق السمكة " السياسية في ماء الأنثروبولوجيا السودانية حين تنفي واقعة الإغتصاب السياسي، أو الإغتصاب كسلاح سياسي في يد النظام مقصود منه إرهاب الخصوم السياسيين و إذلالهم و كسرهم معنويا ، بإحالته لنموذج العلاقات الجنسية التقليدية بين الرجال و النساء في السودان ،و التي عرّفتها إضمارا باعتبارها علاقة عنف تفرضه على الرجل هذه الأنثى المتمنـّعة التي لا تطيق أن تؤخد إلاّ غلابا .
وهكذا نخلص ، مع هذه الدكتورة الجليلة إلى أن المعترضين على اغتصاب النساء في دارفور مجرد مثقفين مستلبين تحت تأثير الثقافة الغربية،مجرد علمانيين فات عليهم أن كل هذا إنما هو بعض من" كيد النساء" الذي جاء في الأثر أنه " عظيم ".
تري هل كان بكاء الدكتورة عبد المحمود في هذا المحفل بعض من" كيدهن" الذي جاز على محمد جمال الدين فامتثل لضغوط "الأجاويد الكارير" إياه؟ مندري؟
المهم يا زول، لن نتوقف كثيرا عند الكيد السياسي المتواضع لهذه الدكتورة التي رمت بها أقدار السياسة السودانية في هذا الموضع الحرج الذي لا يليق بمقامها الأكاديمي و الذي لا يشرّف بناتها و حفيداتها الباسلات الواقفات في وجه الغول في كافة أنحاء السودان ، لكن مفهوم العنف الذكوري كإطار " طبيعي" للعلاقة الجنسية بين الرجال و النساء في السودان يستحق أن نتضامن عليه بالفحص و بالفرز النقدي الضروري على أمل أن نخارج عيال المسلمين من هذه الوكرة الغميسة المزدوجة بين جسد السياسة و سياسة الجسد .و هي وكرة لا يبدو أن المخرج منها قريب.
سأعود
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

سلامات حسن موسى

جميل أن نرى هذا الخيط المجلجل يتصدر من جديد مشهد الأحداث.

راقني جدآ تحليلك للحكاية الصغيرة أو قل "الواقعة" بتاعة فاطمة عبد المحمود وتحديدآ ما أراه توفيقآ منك في موضعتها إيروسيآ وأغريقيآ ثم صبها بسلاسة فائقة في مكانها من "جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان".

وقد أذيعك سرآ أو لا أفعل إن قلت لك أنني أعي وعيآ يلامس عروق الخجل النابضة، بمعنى الحكاية، عندما رويتها متعمدآ، وكنت أصلآ أنوي المرور عليها لدى خيطي المجاور "كل شيء عن هولندا والسودان في هولندا!". فأنا لا أراني أتعالى على الحق ولا أعلو عليه ولا أدس عوراتي خلف دماء وصرخات الضحايا!. وأعرف أنني أعبس وأتولى مهما ظننت بنفسي الكفاءة والنفس أمارة بالسوء وقيل أعظم!.
أعني أنني أحكي "العلي واللي والبي" وطوعآ، مما فعلت يداي ومما رأت عيناي لظن مني أظنه أصيل أن ذاك ربما كان مفيدآ في شيء ما الآن أو في المستقبل (أحسن من الواحد إقعد ساي زي الهم:)). وقد سبق أن حددت هدفي من الحكي في الخيط المعني (إذ كلما أود قوله من كل هذا وكما أسلفت القول: أنني أستطيع أن أتحدث عن تجربتي وبأقصى حدود الشفافية الممكنة رجاء أن يكون بها ما يفيد إنسان ما حتى إن كانت عثرات وما أكثرها!. إضافة إلى هدف ذاتي غير معلن تمامآ وهو رغبتي الجامحة في التعلم والإفادة من تجارب وآراء وردود أفعال الآخرين من كانوا ... وذاك الأمر ربما مثل الطاقة الخفية التي تدفعني دفعآ إلى فعل كل هذا!. كما أنني كمتصد للعمل العام أشعر شعورآ أصيلآ بأن الأمانة تقتضي أن أقول ما عندي حتى لو كان ضدي أو أسيء فهمه إذ أن هدفي ليس "شخصي"!).

أقول قولي هذا لشيء في نفس يعقوب الإسرائيلي وذاك أنني حينما رويت واقعة فاطمة عبد المحمود أعرف أنني ربما أضع نفسي في موضع النقد والحرج "طوعآ" لذات الأهداف التي قلت بها سلفآ!. ولو أن في الحكاية من الناحية الإجرائية حكاية تانية. فأنا كنت آنذاك في موضع الوسيط بين أطراف الصراع المختلفة متخليآ بشكل مؤقت "متعمد وواعي" عن موقعي من الصراع أو هكذا قضت ظروف الحدث. ولم يكن هناك بديل آخر!. فأنا بتاع لولوة كما وصفني الصديق عبد المنعم عبد الفتاح رئيس فرعية قوات التحالف السودانية بهولندا عندما رشح زملائي في الحركة المسلحة الزميل المقاتل أبوذر عمر النور ليمثل التحالف في التجمع الوطني الديمقراطي "سوق أم دفسو المعارضة السودانية" وحتى أيام نيفاشا... فأعترض المقاتل عبد المنعم وذكر في حجته بأن المقاتل أبوذر ما بعرف للولوة وقمت أنا عبر تكليف حزبي لا يقبل النقاش بتك المهمة بتاعة اللولوة ومثلت التحالف في التجمع وحتى جاء الأجل. وكنت لوهلة أشعر بالبأس كون زملائي يظنون بي الطنون من شاكلة "بتاع لولوة"!. ذات الأمر فعلته "طوعآ" أيام مؤتمر دارفور الذي أكتشفت عنده أن اللولوة هي دبلوماسية التفاوض مع الخصم أو هكذا عزيت نفسي!.

لماذا حذفت المشهد الفاطمي بتلك الطريقة شبه الديكتاتورية؟!. لان هناك إتفاق "جنتلمان" مع وفد النظام لا يعلمه أحد غيري فحواه أن لا يتحرش بهم أحد كلما أمكن كونهم في حالة تفاوض. وقد أعتبر الأخ السفير "الكارير دبلمات" ذاك المقطع تحرشآ بالسيدة البريئة فاطمة عبد المحمود (بريئة من وجهة نظره وفي عيونه) رابطآ إياه بحدث آخر حدث أثناء أحد فترات الراحة حيث "قيل" أن أحدهم من غرب السودان "غاضب جدآ من الحكاية" نبذ السيدة البريئة وذكرها بأيامها مع نظام مايو "نميري وأبو القاسم". ولكنه زاد على ذلك أن ذكر أو بالأحرى تفوه بإمور شخصية يحسبها المجتمع عارآ كبيرآ جدآ وخطيرآ جدآ يمس الشرف الرفيع!.

وتلك هي الحكاية... حكاية كوني وسيط بين أطراف الصراع السودانية المسلحة وغير المسلحة من جهة وطرف الخواجات من الجهة الأخرى. وما أدراك بصعوبة تلك المهمة وكارثيتها!. أظنك قادر تتخيل!... وإلا اسأل أصحابك كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي : ).

سأروي المزيد فيما يتعلق بهذه الجزئية بخيطي المجاور "كل شيء عن هولندا والسودان في هولندا!"

https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... 2db7fe6f3e

كدا واضح يا رب؟.

تحياتي

محمد جمال
صورة العضو الرمزية
حاتم الياس
مشاركات: 803
اشترك في: الأربعاء أغسطس 23, 2006 9:33 pm
مكان: أمدرمان

مشاركة بواسطة حاتم الياس »

لدى سؤال أخر هنا...ماهى الفائدة من أجابة هذا السؤال فى استنطاق فاطمة عبدالمحمود مثلاً لو كانت أجابتها نعم حدث ذلك
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سبي الحداثة 2

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سبي الحداثة 2


مسرح العرائس الأنثروبولوجية!

ما الذي يحفـّز سيدة متعلمة و مثقفة في مقام الدكتورة فاطمة عبد المحمود على الإنخراط في بروباغاندا نظام الإنقاذ لتبرير أو نفي واقعة في لؤم الإغتصاب السياسي الذي يجعل من أجساد النساء امتدادا لساحة المواجهة الحربية بين الفرقاء السياسيين؟ بل ما الذي يحفزها أصلا على تسويغ أو قبول ذلك الطقس الجنسي التقليدي الذي يمكن تعريفه " الإغتصاب الأنثروبولوجي "؟ و أعني بـ " الإغتصاب الأنثروبولوجي " لحظة العنف الجنسي المقبول، أو " الدخلة "، التي تتوج مسار طقوس الزواج التقليدي و تشهد عن " استهلاك " موضوع عقد الزواج وسط الجماعة العربسلامية السودانية . حين يدخل رجل غريب على امرأة غريبة و حولهما جمهور الأسرتين أو العشيرتين ينتظر منهما أنجاز طقس النكاح و بذل البراهين على أداء كل طرف للدور المناط به كرجل و كامرأة: برهان فحولة الرجل بانجازه لمعني " الدخول " باقتحام خصوصية جسد هذه المرأة الغريبة التي اختارها له أهله ، و في الزمان و المكان اللذين حددهما منظمو الزيجة بين الأهل .أما برهان أنوثة المرأة الذي يتوج جملة الطقوس و العادات التي حضّرتها لهذه اللحظة الفريدة في عمر النساء ، فهو أكثر تعقيدا من مجرد بذل جسدها وذلك الشيئ الذي يسمونه " أعزّ ما تملك " كناية عن غشاء بكارتها ، لشخص غريب اختاره لها أولياء أمرها. لأن هذه الـشابة اليافعة المقبلة على دخول قارة الجنس المظلمة بغير تجربة و بلا تحضير و بدون خرائط سوى بعض المعلومات الضبابية عن دورها في تراجوكوميديا الزواج ، تجد نفسها مطالبة بلعب دور الـ " عروس " المطلوب منها أن تسعد بتمتيع بعلها و في نفس الوقت الذي تبدي فيه لهذا البعل السعيد قلة حيلتها و جهلها التام بخفايا الجنس ، هذا الشيئ العجيب الذي يمتـّع البني آدم الذي يلعب دور الـ " عريس "! و ضمن هذه الملابسات فالعروس المثالية هي التي تقاوم عريسها باسم الخفر و حسن التربية رغم يقينها بأن المقاومة الجادة تملك أن يخرج بها عن السناريو الرسمي المرسوم لطقس الزواج، و هذا الأمر يجعل من مقاومتها تمنـّعا مستلطفا يؤكد ميراث الأدب الشعبي الوافر في مفهوم " دلال" العروس التي تقول " لا " بينما هي تقصد " نعم ". بينما الأخ "العريس" الذي يدخل المسرح و كاهله مثقل بوصايا و تعليمات الخبراء و المجربين الذكور العارفين بكيد النساء يجد نفسه في وضع لا يحسد عليه،لأنه رغم تجربته و معرفته التي قد تفوق تجربة و معرفة عروسه بأمور الجنس، إلا أنه داخل سيناريو الزواج التقليدي ينمسخ مجرد دمية أخرى في مسرح للعرائس يتحكم في مصائر شخوصه منطق استثنائي تضمحل سيادة الفرد فيه أمام سيادة العشيرة .لأن الزواج في إطار المجتمع التقليدي هو " عقد تحالف" بين الأسر و العشائر و القبائل قبل أن يكون " عقد قران" شخصين. و داخل هذا الحلف تتم التضحية بسيادة الأفراد لصالح سياسة الجماعات التي قد تترابط بمواثيق كثيره بينها الزواج.و ضمن هذه الملابسات، فالعريس الذي " يدخل" على عروسه، و يدخل فيها ماديا و رمزيا، يعرف أن لا مخارجه له من هذه التجربة الرهيبة بخير اللجوء للعنف الجنسي، بينما عروسه تعرف بدورها أن العنف الجنسي ينتظرها في شعاب هذه التجربه باعتباره جزء من هذه " العادة " المسماة بالزواج.هذا الواقع يجعل من طقس الدخلة لحظة اغتصاب مقبول من كل الأطراف الضالعة في تحضير الزواج و تهيئة الزوجين لعبور التجربة. هذا القبول الجمعي للعنف الجنسي اللصيق بتجربة الدخلة يسوّغ نفسه كأمر " طبيعي " من خلال جملة من الطقوس و العادات التي تكسب دراما العرس التقليدي خصوصيتها كلحظة استثنائية خارج الزمان و المكان الواقعيين .و من يتأمل في الأدب الشعبي و اللغة و المفردات المتعلقة بدراما العرس السوداني يلمس الجهد الكبير المبذول من قبل الجماعة العربسلامية التقليدية في تسويغ العنف الجنسي و النفسي الكبير الذي يطال الزوجين رغم أن نصيب المرأة السودانية فيه يفوق نصيب الرجل بما لا يقاس.
قبل سنوات قادتني ملابسات السفر لقضاء أيام في ضيافة صديق ناشط يساري ،تصادف أن زوجته ، زميلة جامعية، قد وصلت من السودان و حنة زواجهما ما زالت نضرة في يدها و ساعدها. و بما أن الصديق لم يكن بمستطاعه دخول السودان في تلك الفترة العصيبة، فقد قام أهله بتنظيم الزيجة من خلال موكـّله في العقد و ضبحوا و سفـّروا الزوجة للبلد الأوروبي حيث يقيم الزوج. و بما أنني في تلك الفترة كنت مشغولا بتجميع مادة بحث حول التحولات في طقوس الزواج في السودان ، لم أقاوم سؤال الزميلة الفصيحة : " و عملتوا كيف مع قطع الرحط؟"، نظرت نحوي بأعين كحيلة مستغربة :" قطع الرحط دا شنو؟ "، فأسقط في يدي! و أخذت أشرح لها، كما الدليل السياحي، معنى "قطع الرحط" .و في نهاية شرحي شعرت بشيء من الإمتنان في نظرتها، لكن امتناني أنا كان أكبر من امتنانها لأني رايت في جهلها البريئ بطقس " قطع الرحط " نوعا من قطيعة ثقافية أو، على الأقل،" كسرة" مهمة في إتصال تقليد الزواج. و أهمية هذه الـ " كسرة " تتأتي من كونها تتم بعفوية كبيرة بدون أية خطاب نظري أو أدنى تبربر بروباغاندي علماني أو ديني.و هكذا يملك الناس أن ينسوا طرفا من ممارسة طقوسية لم يعودوا يستشعرون ضرورتها العملية.أقول قولي هذا و أنا عارف أن النسيان سلوك أنساني بعيد كل البعد من البراءة التي تبدو على الناسين.ذلك أن الذاكرة إنما تعمل على آلية إنتقائية فتصنف مواضيعها ، حيب المصلحة، على منطق الأهم و الأقل أهمية .و من يتأمل في مخزون الذاكرة الشعبية يجد أن ذاكرة ألسودانيين قد نسيت أمورا كثيرة في العقود الخمسة الأخيرة مثلما حفظت أمورا أخرى.و من يتفحص حساب المصالح في عمل التذكر و النسيان داخل المشهد الإجتماعي السوداني يخلص إلى أن الذاكرة الجمعية السودانية هي في نهاية التحليل ذاكرة طبقية ضالعة بصورة أو بأخرى في سياق الصراع الطبقي الذي ينظم مواقف الفرقاء في مشهد السياسة السودانية. وهذه المرأة الدكتورة الناشطة السياسية الحديثة التي تتصدر محافل الخصوم السياسيين" الضكور" المعارضين لتتذكر أمامهم حجة " الإغتصاب الأنثروبولوجي" كتبرير لجريمة " الإغتصاب السياسي " للنساء السودانيات هي خير مثال على إنمساخات الذاكرة في خدمة الموقف الطبقي.
لقد تساءل حاتم الياس عن جدوي السؤال الذي طرحه خالد كودي على الدكتورة فاطمة عبد المحمود. و الذي يبدو أنه أثار حرجا لدي البعض و جعل الدكتورة تبذل دموعها أمام المحفل. و فعلا كان الحرج سيقع لو أن خالد كودي بقي ماشي في الشارع و كل ما يلاقي ليهو مرة يسألها : " يا زولة هل حصل اغتصبوكي ؟"، لكن يا حاتم خالد كودي دا عبر المحيط الأطلنطي و جاي صاري سؤاله للدكتورة الجليلة التي تنكر واقعة الإغتصاب و تنكّرها في ثوب التقليد الثقافي المقبول ، و أظن من حقه يسألها أي سؤال و لا حرج و "لا حياء في الدين" كما جاء في الأثر. و أنا بقول ليك كلامي دا لأني شاعر بشبهة " حياء " شهم في سؤالك و هذا مما يشرفك كزول " ابن ناس " كما تعبر بلاغة الأهالي ، لكن كمان الدكتورة دي بالغت شوية.
و حتى يجود علينا العالمون ببواطن الأمور [ شايف يا محمد جمال ؟] بالمزيد من خفايا هذه التراجوكوميديا الدولية فمن الصعب الخوض في تقييم جدوى سؤال خالد كودي. لكن ليس لأحد أن يحجر على خالد كودي أو على غيره حق صياغة و طرح الأسئلة المحرجة و غير المحرجة طالما تم الأمر في سياق حوار مؤسسي بين خصوم سياسيين يستخدمون وسيلة الأدب الكلامي التي لا تقتل غزال كما جاء في حكمة الشعب [ الغزال و الشعب ذاتو انقرضوا بهناك مع حملة الكلاشنكوف]. و حتى يجود علينا العارفون بمفعول وسيلة الدموع في ساحة الخصام السياسي، التي يختلط فيها الرجال بالنساء و يتقارعون الحجة بالحجة، بجدوى دموع الدكتورة فاطمة عبد المحمود، فليس لأحد أن يحجر على المجتهدين حق الإدلاء بوجهات أنظارهم في نوعية هذه الدموع المبذولة في ميلودراما السياسة السودانية.
سأعود
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

تصدير طقس الإغتصاب الأنثروبولوجي


ابوالحُسن سلام يغشاك دفئاً وسلاما (مش برداً ??)

تقول/تكتب:

Quote

"هذا القبول الجمعي للعنف الجنسي اللصيق بتجربة الدخلة يسوّغ نفسه كأمر " طبيعي " من خلال جملة من الطقوس و العادات التي تكسب دراما العرس التقليدي خصوصيتها كلحظة استثنائية خارج الزمان و المكان الواقعيين .و من يتأمل في الأدب الشعبي و اللغة و المفردات المتعلقة بدراما العرس السوداني يلمس الجهد الكبير المبذول من قبل الجماعة العربسلامية التقليدية في تسويغ العنف الجنسي و النفسي الكبير الذي يطال الزوجين رغم أن نصيب المرأة السودانية فيه يفوق نصيب الرجل بما لا يقاس."

ثم:

"الذاكرة الجمعية السودانية هي في نهاية التحليل ذاكرة طبقية ضالعة بصورة أو بأخرى في سياق الصراع الطبقي"

Unquote

طبعاَ هناك ثائرات مجهولات يتحايلن بمكائد ذكية تتراكم حتى منطقة القندول الذى يشنقل ريكة العادة.. ويمكرن بذكاء حول ذاكرة الجندر التى تكمن (عندى) فى الذاكرة الطبقية كمون النار فى الحجر ...فيكسبن معركة معركة فى سجالات الحرب.

يحكي الراوى ان نساء من بنى هلبة كن يجهزن عروستهن لليلة الدُخلة فقالن لها ضمن التوصيات: "أوّل ماالعريس يقرّب ليكى ، ارفسى اقطعى قلبا (اى قلبه) "

لا بد ان هؤلاء النساء الخبيرات الحكيمات خبرن ان ذلك الطقس العنيف المتوحّش يفسد على هذه المؤسسة الغميسة ويشوّهها بتعميم خصوصيتها لتتناغم مع فضاء المشاعيات وخطابها لغاية مشهد دم فض غشاء البكارة الذى يعرضه العريس (اقرأ المغتصب) على ذاكرة النظارة الجمعية وهو منتشٍ ببضاعته التى غزت جخنون فرعون ثم اعلان صون عروسه للجخنون اتّطير عيشتو.

يا ترى هل تستدعى اجهزة الامن هذا الطقس السايكلوجي العنيف القمعي وهى تغتصب بنات المسلمين اللواتي يتظاهرن ???

قلنا نميّز المتابعة كما قالت صاحبة محفل الانداية لزبائنها وهى مسافرة من مدني لسنار بلكنة عربى غرب السودان: أشربو ميّزو ياعيالي (اى اشربو ومزّو وما الى ذلك بدون مشاكل)
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

هذا الخيط فخم!

لو أنني تمنيت شيئآ في ليلة القدر لتمنيت أن يكون هذا الخيط ملك يدي "حقي"، وأنا إبن صلاح (حسب معايير الطريقة القادرية) إن لم أكن في ذاتي صالح ( وإن شك أحدكم فله الحق... لكن البركة ورثة بحسب تلك المعايير ذاتها "المسلمات")... فالأمنية ليست ببعيدة وليلة القدر قاب قوسين أو أدنى :) . إذ لم أحسد طوال حياتي إنسانآ على "كتاب" كما حسدت حسنآ اليوم!.

والسر أنني كنت في إجازتي الصيفية "هذا الإسبوع" هادئآ والحمد الله فعكفت على قراءة الخيط من جديد... فوجدته أفخم مما حسبته أول مرة.
وأكثر ما راقني هو المقاربات الأنثربولوجية للجسد والسياسة... وكلنا يعلم أن خلفية حسن موسى الأساس تشكيلية ... هل للتشكيل علاقة بالأنثروبولوجيا؟. لم يكن هذا السؤال ليخطر على خلدي من قبل كونه خارج دائرة وعيي الذاتي!. هذا للأمانة.

ودهشتي لم تتأتى عن جهل بمقدرات حسن موسى "العديدة" ولكن تلك تخصصية فادحة!. (أنا بتاع أنثربولوجي).

لو كتب حسن موسى هذا الخيط ولم يفعل شي غيره طوال حياته غير أنه تسكع في شارع الشانزليزيه... ومات... مات، حرفيآ، ... بعد 47 سنة بس**... كما نتمنى له... لكفاه كاريزما*! : ).

محمد جمال

----
* كاريزما... إشارة للخيط الآخر. ** معليش إذا كانت ال 47 سنة شوية... إفتح الله وإستر الله : ).

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

محل اللولوه

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يافاضل و يا محمد
لينا حوالي اسبوعين منذ أن ألقينا عصا الترحال في "الصين الجديدة" كما يقول مغني ذلك الزمن القديم [ "الجميل" سابقا ].
و هذه الصين التي نستكشفها متجددة فعلا باستمرار ، بل هي كل يوم في شأن عجيب محير حتى بالنسبة لأهلها.و هذه بالطبع فولة تحتاج لكيّال ـ و قيل لفريق بحاله من الكيالين الجبابرة ـ حتى نتمكن من فهم ما يدور فيها.
المهم يا زول ،انترنيت في الصين يكشف عن وجه العالم الثالث الذي لا بد أن الصينيين لن يتخارجوا منه بأخوي و أخوك و لو ديّنوا أمريكا و أوروبا كل مدخراتهم. يعني الكونيكشن المشترينها بالشي الفلاني تجيك ساعة و تغيب سنة و اهو الشكية لأب ايدا قوية حتى أعود لكل هذا في خيط مستقل.[ هسع مداخلتي دي أنا بي غافلت الكونيكشن و نزلتها !]
شكرا يا فاضل على " التمييز" و لا بد من المزيد من شهادات المعنيّين والمعنيّات بخفايا هذا المسرح الخاص/العام الغميس الذي حاول أهل الحواضر الاحتيال عليه بحيلة الحب " الذي انتاب شعبنا " مع جيل المغنيين الحضريين: " لو عاوز تحب حب و أنساه ريدنا "!طبعا فولة الحب كمكيدة ثقافية حضريةأزرط من فولة " الصين الجديدة " ذاتها فصبرا.
محمد جمال ابن الصلاّح [ و دي أنا ما عندي شك فيها ]، يا زول الخيط خيطك [ على وزن "البيت بيتك "] و افضل طريقة للإستحواذ عليه هي في إثراءه و تخصيبه بتفاكيرك الأنثروبولوجية و غير الأنثروبولوجية [ بتاعة اللولوة القلتها ]. و سؤالك عن علاقة التشكيل بالأنثروبولوجيا مهم في منطقة التأمل في خصوصية الظروف التي كونت التشكيليين السودانيين و جعلت منهم هذا النفر المتميز بين جمهرة المنخرطين في العمل العام في السودان وفي خارج السودان.و هذه أيضا فولة لا تضاهيها فولة الصين الجديدة فغايتو الله يدينا عافية نفلفل و نفرز و "نمزمز" كما قالت ست الانداية الهميمة.
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

سلامات حسن وكل عام وانت تمام

أعدك بأنني سأفعل جهدي معك والفاعلين الآخرين المخلصين لدى هذا الخيط صاخب الرؤى... Yes, we can على قول أوباما الذي ضمخ بالفشل الذريع!.

نتمنى لك رحلة موفقة في بلاد العم ماو. ونطمح أن تحدثنا عن الصين الجديدة "الرأسمالية" المتجددة... لا بد أن هناك قصص مفارقة لخيالاتنا ومسلماتنا!.

محمد جمال
أضف رد جديد