جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

أصل العالم و أصل الخوف..

مشاركة بواسطة حسن موسى »

" أصل العالم" و أصل الخوف..

نقلت جريد الـ " كنار أونشينيه" الفرنسية (24 أكتوبر 07) أن الرئيس الفرنسي زار متحف " إورسيه" الباريسي ليشاهد المعرض الكبير المنعقد على شرف " غوستاف كوربيه" من أهم رواد الواقعية في الفن الفرنسي للقرن التاسع عشر.(1819 1877).
و قد صحب الرئيس في زيارته عدد كبير من الصحفيين و الإعلاميين و المصورين الذين سجلوا بكاميراتهم تفاصيل جولة ساركوزي في المعرض.و حين وصل الرئيس ساركوزي أمام لوحة " كوربيه" الشهيرة المعنونة " أصل العالم" طلب من المصورين أن لا يصوروه و هو يتأمل عمل " كوربيه" الشهير.و و الصورة الأكثر شهرة بين تصاوير " كوربيه" تمثل امرأة عارية مستلقية تعرض فرجها في مركز اللوحة.و شرح المرافقون للصحفيين أن الرئيس لا يرغب في أن تلتقط له صورة و هو يتأمل " أصل العالم "..
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ
مشاركات: 267
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 9:57 am
مكان: كندا

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚËãÇä ÏÑíÌ »

صورة العضو الرمزية
ÓíÝ ÇáÏíä ÅÈÑÇåíã ãÍãæÏ
مشاركات: 481
اشترك في: الأربعاء مايو 25, 2005 3:38 pm
مكان: روما ـ إيطاليا

مشاركة بواسطة ÓíÝ ÇáÏíä ÅÈÑÇåíã ãÍãæÏ »

السلام للجميع
يمكن قبول تسمية " أصل العالم " علي نحو معين ، ولكني أفضل عليها إسم " بوابة الخروج للعالم " . وقد أبدع الرسام كوربيه أيما إبداع في تصوير ذلك العضو الخطير ، بحيث لا يتردد أي جسم معافي في تلبية نداء الحياة إذا ما تجسد أمامه بصورة حسية .
أفهم أن يصبح ساركوزي مواطناً فرنسياَ ناجحاً . وما لاأستطيع فهمه كيف أصبح رئيساً للجمهورية ، وهو يعاني من مثل هذه العقد التي تجعل تصرفاته صبيانية في بعض الأحوال .
" جعلوني ناطورة الكروم .. وكرمي لم أنطره "
نشيد الأنشاد ، الذي لسليمان .
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

أقتصاد النظر

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جيوبوليتيك الجسد 38
...........

للأخ سيف الدين الشكر أجزله على المداخلة و " بوابة الخروج للعالم " هي أيضا" بوابة دخول " على عوالم شتى ، و هذا حديث ذو شجون.
و
الشكر موصول للأخ محمد عثمان دريج على إيراد رابط صورة مولانا "غوستاف كوربيه" " أصل العالم"، و الشكر الأكبر لرئيسنا المفدّي " نيكولا ساركوزي" ، على تنبيهنا لمفعول تصاوير الجسد على أهل البأس و السلطان.
نعم ، الشكر موصول أيضا لهذا السلطان الجمهوري المحزون الذي هجرته امرأته، " سيسيليا" الجميلة، لتلتحق بغرامها العادي ـ و" حب الناس مذاهب"، و المكضـّبني يراجع حكاية زوجة السلطان شهريار التي وقعت في غرام عبدها وجابت" الهوا" لبنات بغداد ـ
هذا السلطان الهنغاري الأصل، هو سلطان حقيقي قادر على تجييش الجيوش ، باسم الجمهورية الفرنسية ، و قيل باســـم "حقوق الإنسان"، لقهر الشعوب المستبعدة في أنحاء العالم الثالث من ساحل العاج ، لتشاد ، أفريقيا الوسطى للكونغو ، لرواندا،لإيران و لافغانستان لغاية " فاس الما وراها ناس"، إرضاءا لسدنة رأس المال المتعولم.
هذا الرئيس اليميني الذي يجاهر بالقطيعة مع اليمين الديغولي التقليدي،و يتباهى بأنه يذهب لنهاية المنطق الأيديولوجي اليميني، و يسحر المعلقين السياسيين كل يوم بقدرته على الخوض في كل المواضيع السياسية الفرنسية المصنفة في خانة الـ " تابو"، صار أيقونة ناجحة لما يعرف في المصطلح السياسي الفرنسي بـ "اليمين غير المعقد"
La Droite décomplexée
و قد تجد ، حتى بين خصومه السياسيين ، من يشيد بشجاعته في إقتحام المواضيع الحساسة مثل حقوق " المسلمين الفرنسيين" و" وضع المهاجرين" أو " الموقف من إنضمام تركيا للإتحاد الأوروبي" أو "الموقف من سياسات الولايات المتحدة في قضية الشرق الأوسط" أو تصفية نظام الضمان الإجتماعي الفرنسي أو تخفيض ميزانية مؤسسات قطاع الدولة إلخ...
ما الذي يجعل هذا الرئيس الشجاع يخاف من أن يراه الناس في مواجهة صورة " غوستاف كوربيه"؟
هل هو خوف براغماتي من فقدان رصيد الرضاء الشعبي الذي بناه لدى الجناح المحافظ المعادي للفن وسط مجموعات اليمين المتطرف و الأصوليين الكاثوليك، أم هو مجرد خوف(أوديبي؟) عصابي بدائي من حضور الحيوان في صورة الفرج المؤنّث؟
إن حادثة منع المصورين الصحفيين من تصوير الرئيس في مواجهة " أصل العالم" هي من نوع الأحداث التي يتخلـّق أثرها بعد فترة من إطلاقها كما القنبلة الزمنية، أو قل كما " السفروق" الذي يغير إتجاهه و يرتد راجعا نحو من أطلقه.و لا بد أن المحللين الساسيين ، قبل المحللين النفسيين، و مؤرخي الفنون، و دارسي الجنوسة، يعكفون هذه الأيام على فحص الأبعاد و العواقب السياسية و النفسية و الجمالية لحادثة متحف "أورسي"، ليخرجوا على الجمهور الفرنسي بتفاكير شيقة، قطعا، في شكل مقالات و برامج تلفزيونية و كتب تعالج سؤال جيوبوليتيك الفن و الجسد في المشهد الرئاسي.
و في الإنتظار أتذرّع بحادثة "أصل العالم" في نفض الغبار عن أضابير حديث جيوبوليتيك الجسد الذي شغلتني عنه " قدود الدنيا"(و هي أزرط من " أمور الدنيا أم قدود")، و الحمد لله على كل شيء. ذلك أن صورة مولانا " كوربيه" كانت من بين التصاوير التي انتفعت بهاـ خلال النصف الثاني من التسعينات ـ في تركيب مفاكرة تشكيلية مع جهات و أشخاص متنوعي المشارب.و كنت قد وعدت في الحلقة الأخيرة من " جيوبوليتيك الجسد" أن أطرح للقراء طرفا من المناقشة التي دارت مع الصديقة الباحثة في سوسيولوجيا الفن الأفريقي، الأستاذة " إليزابيث جيورجيس". و هي مناقشة نشرت جيورجيس طرفا منها في مجلة "إنكا الأمريكية التي يحررها الصديق صلاح حسن الجرق مع قوميسير المعارض النيجيري إيكيوي إنويزور.
Art in a changing world, a dialogue with Hassan Musa. Elsabet Giorgis, in
Nka,Journal of African Art, N°. 13/14, Spring/summer 2001,
و الفاكس المعنون ل "جيورجيس" هو جزء من مراسلات دامت عدة أسابيع خلال عام 2000.نشرت رسالة إليزابيث جيورجيس بالإنجليزية( في عدد " جهنم" رقم 26 لعام 2005).و قد بدا لي من الأنفع( حقنا لدماء اللغة الإنجليزية) ترجمتها ( ترجمة غير حرفية)للسان العربان فهاؤم:

"Fax to
Elsabet Giorgis
دوميسارق في 1/7/2000
العزيزة إليزابيث،
شكرا على رسائلك.
".." لا خلاف لي معك في كون ما يسمى ب" الفن الأفريقي" المعاصر، ما هو إلا أحد إحتمالات تقليد الفن الأوروبي.(أنا اخترت إحتمالا أوروبيا مغايرا). ومن المتعذر تسويغ مفهوم " الفن الأفريقي" خارج إطار رؤية الأوروبيين لأفريقيا.ربما لهذا السبب نجد أن معظم تظاهرات الفن الأفريقي المعاصرـ من معارض و مطبوعات و مناقشات ـ إنما تتم خارج أفريقيا. سأعود لهذا لاحقا.و لنتحدث عن صوري التي يبدو حديثنا عنها بين أولويات مجلة " إنكا".إن مقاربة ما تقوله وسيلة التصاوير بالكلمات مهمة عسيرة بالنسبة لي ( ولغيري من الرسامين). بيد أن هذه الصعوبة تعطي وسيلة التصاوير خصوصيتها التعبيرية كوسيلة فريدة غير قابلة للاستبدال بغيرها من الوسئل التعبيرية.و عليه فما سأقوله في خصوص تصاويري إنما يبقى في حدود معالجة المرامي الفكرية و شروط التدبير التقني للعمل من وجهة نظر حالي الراهن.
حول صورة " أصل العالم":
ثمة سحر خاص بفن الرسم مردّه الإمكانية المفتوحة أمام الرسامين لإختراع عالم كامل مواز لعالم الواقع، لكنه عالم يبقى رهن مشيئة الرسام.نوع من" دار" خاصة ذات سيادة ،بينما أبوابها مفتوحة طوعا لأهل النظر. وحين بدأت إنشغالي بالرسم كنت أهوى الدخول في دور الرسامين الآخرين و إستكشاف المكان من الداخل.و أظن أن هذا هو ما يفعله كل من يتأمل في التصاوير" الجيدة ".و كل التصاوير" جيدة" مبدئيا ـ أو قــل: من وجهة
" نظري" أنا على الأقل، (وعن بحر" النظر " فحدث ـ بعد الـ "هيهات" ـ ولا حرج).
لكني أعني بعبارة " التصاوير الجيدة " ذلك النوع من التصاوير الذي يستقبل الناظر و يستبقيه في ثنايا الصورة فيخرج ، بعد فترة ، تطول أو تقصر،وهو طرب منتش، مثلما قد يخرج وهو مثخن بالجراح، و قد لا يخرج.
ما علاقة هذا الكلام بصورتي" أصل الفن"؟
لا أكشف سرا لو قلت أن مسعاي ينطوي على طموح لتفخيح الصور بشيء من المكائد الأيقونية و النفسية التي قد تؤثر على من يخاطر بالنظر فيها.و لكن كون الصياد ينصب شركه لا يعني أن الطريدة ستمتثل لبرنامجه، و صيد كهذا يبقى صيد كفاح ونظر و قسمة و نصيب و لذلك نثابر عليه كأننا نعيش أبدا ، كأننا نموت غدا.
و كما ترين فصورتي " أصل الفن " ترتكز مباشرة على صورة" " أصل العالم " لـ " غ. كوربيه"،( بعد الـ "هيهات" اللازمة)، و " أصل العالم " في نظري من أكفأ فخاخ تاريخ الرسم الأوروبي.و " كوربيه" رائد الواقعية الوضعية(بوزيتيفيزم) للقرن التاسع عشر ،نجح ، بهذه الصورة الفضيحة، في تفخيخ مجمل التقليد الأيقوني للمجتمع الأوروبي. فمنذ العصر الإنطيقي توصّل التقليد الأيقوني الأوروبي إلى تثبيت نظام من الإتفاقات الدلالية بين الصور و معانيها في الخاطر الجمعي.هذا النظام ما زال يؤثر في الطريقة التي يقرأ بها الأوروبيون ( و من هم تحت جاه الثقافة الأوروبية) العالم في بعده الأيقوني البصري.فمنذ العصر الإنطيقي واظب التقليد الأيقوني الأوروبي على تمثيل " الحقيقة " في صورة امرأة عارية .و قد ألف الناس صفة العرى في توصيف الحقيقة.مثلما ألفوا صورة" الحب" طفلا صغيرا لاهيا مجنـّحا مسلحا بقوس يرمي بسهامه على الرجال و النساء كيفما اتفق و لا يأبه بالعواقب و يمسخ الحب عاطفة لا تعرف الضبط و لا تعترف بأي قانون. أما " العدالة " فهي امرأة معصوبة العينين( محايدة) تحمل بيدها ميزانا و بيدها الأخري سيفا.بينما يخطر " الموت " في صورة هيكل عظمي يطوّف بين الناس و بيمينه منجل طويل النصل يحصد به أرواح الأحياء...
و كوربيه " الواقعي" يستثمر نظام الإتفاقات الأيقونية القديم بطريقة جديدة. فالواقع في مشهده يقيم في مركز الحقيقة ، و لا حقيقة خارج الواقع،و لو شاء قال: " الشريعة عليها بالظاهر" الوضعي ،أو: " شوف العين يكتل الغزال" لوحطّ النظر على مقتل من الغزال. و في رواية أخرى لـ " كوربيه" أن يقول:" شوف العين يقتل الناظر نفسه" حين ترتد نحوه النظرة المسمومة بموضوع الحظر.
ترى هل هي مصادفة بريئة كون "أدب العين" يحتوي على كل هذه المشاهد الدامية التي يهلك فيها جمهور المحبين اليتامى بسلاح الرمش الفتـّاك؟( لقد حذرتكم من كونها ترجمة غير حرفية ولا عذر لمن أنذر).
في صورة " أصل العالم " يختصر " كوربيه" المسافة بين " الواقع" و "الحقيقة" و يردفهما " على سرج واحد". و يتمادى بمقولة " الحقيقة العارية " إلى منتهاها المنطقي:فإذا كانت الحقيقة تمثـُل عارية لأن ليس لديها ما تخفيه ، فهاكم اذن ، يا حضرات المشاهدين الأماجد، هاكم هذا الطرف " الواقعي" من صورة الحقيقة التي لا تخفي شيئا، افتحوا أعينكم ، لو كنتم تتحلـّون بالشجاعة الكافية، وحدّقوافي فرج" الحقيقة"، فرج
" الواقع".هذه الحقيقة، حقيقة الحيوان، الواقعة في جسد الأنثى هي، بلا منازع، الموضع الذي تنعقد عنده خيوط إقتصاد الكشف و الحجب و تنظم عليه الثقافة رموز النظر بين المحرم و المباح." و العين تزنى" كما جاء في الأثر.
لقد بقيت صورة " كوربيه " ـ التي كانت من مقتنيات " خليل بيه"، سفير تركيا العثمانية في باريس، بقيت مخفية يسمع بها المهتمون بالتصاوير و لا يرونها لسنين طويلة. و كان المعلقون يفسرون ذلك بكون روح المحافظة البيوريتانية في القرن التاسع عشر لم تكن تسمح بعرض صورة بهذا القدر من الجسارة الأيقونية.لكن صورة كوربيه " الفضيحة " عبرت القرن العشرين ـ قرن الثورات الإجتماعية و الثقافية و الـ " جنسية " ـ و هي مخفية بطريقة أو بأخرى.كان آخر من اقتناها هو " جاك لاكان" الذي طلب من الرسام السوريالي" اندريه ماسون" أن يرسم له" صورة/ قناع" يخفي بها " أصل العالم". ياله من مصير عجيب، ففي القرن الواحد و العشرين، لم يجد نيكولا ساركوزي، رئيس الجمهورية الفرنسية ، راعي الفنون و الآداب و الرجل الذي يملك سلطة توسيم وترسيم المبدعين بأرفع أنواع الأوسمة والأنواط، لم يجد مسلكا أفضل من التخفي من كاميرات المصورين،(" و إذا بليتم فاستتروا") أو كما قال، فما كُنه هذه النظرة الرئاسية التي تطفئ نور الآلة الإعلامية بسبيل النظر لهذه الحقيقة العامرة بالإلتباسات الدينية لنصرانية رأس المال؟و كيف ينظر سيادة الرئيس إلى " اصل العالم"؟هل ينظر لخبرة الرسم المودعة في معالجة " كوربيه" التشكيلية لصورة تمثل موضوعا قديما من موضوعات تقليد التصوير الأوروبي أم هو ينظر لما تمثله الصورة: فرج الأنثى في بعده التشريحي؟. إن إجراء إبعاد عدسات المصورين من لحظة مشاهدة "أصل العالم" ، لتمكين الرئيس من مشاهدة الصورة في الخفاء ، يملك أن يفهم كتدبير حماية و تحوّط من مخاطر النظر كإحتمال في زنى العين. و بهذا التدبير " الإداري" يحيل الرئيس ساركوزي فعل النظر في صورة "كوربيه"إلى مقام خطيئة بصرية تسترجع و تؤهّل ـ بأثر رجعي ـ مجمل ميراث أدب النظر المحظور في التقليد اليهودي النصراني الذي نحيا (و نموت) في ظله.و ربما أمكن فهم بقاء لوحة " كوربيه" مخفية في حرز نصرانية السوق بكون محبّي الفن الأوروبيين،"الذين يحبّون النصرانية أكثر من الحقيقة" ينزلقون عفوياـ وفق عبارة " كولريدج"ـ إلى مقام بلا طموح، حيث " يحبون الكنيسة أكثر من النصرانية"، قبل أن ينحط بهم الحال لحيث " يحبون ذواتهم أكثر من أي شيئ آخر.".
و هكذا ، يبدو أن هذه الصورة، التي تتجسّد فيها تناقضات المجتمع النصراني التناحري لفجر الثورة الصناعية، صارت تلتبس مع ما تمثله.و إلتباس الصورة مع ما تمثله هو علامة من علامات اضطراب نظام الإتفاقات الرمزية للجماعة.و ربما كنا اليوم، ضمن شروط العولمة الغاشمة، نعيش حالة من إضطراب الرموز أشبه بما كان عليه حال المجتمع الأوروبي عند فجر الثورة الصناعية.(إنكماش الأزمنة و الأمكنة و اضمحلال الحدود السياسية و حدود الجندر و هجمنة قيم السوق على الأخلاق وعواقب التقنية ومخاطر هندسة الجينات و التلوث إلخ)، و ربما كان استشراء هاجس الهوية الأوروبي ـ الذي يغوي الأوروـ أمريكيين باشعال " حرب الهويات" ضد " الآخر"( هنتنغتون) و عينهم على موارد الطاقة ـ هو أحد عواقب الإضطراب الراهن في الأنظمة الرمزية التي بنى عليها المجتمع الأوروبي النصراني بأسه الحضاري القديم.
هل يعنى خوف الرئيس ساركوزي من مواجهة صورة " أصل العالم" أمام الملأ أن الأوروـ أمريكيين فقدوا القدرة على النظر في الصور التي ورثوها من أسلاف عرفوا كيف يصونون المسافة النقدية بين الصورة و ما تمثله ؟أم أننا بصدد أسلوب جديد ـ قل عولماني ـ في النظر إلى الصورة؟مندري.لكن فيما وراء الإدّعاءات الفكرية المعتادة أظن ، آثما، أن القوم ، إما غير قادرين ،أو غير راغبين في قبول المسافة التي عرّفها روّاد التنوير بين صورة الحقيقة و حقيقة الصورة.و ربما كانت حالة الإضطراب الراهن في العلاقة مع الصورة تتفسر في أن الأوروبيين اختاروا عمدا موقف اللبس بين كلمة " الكلب " و الحيوان الحقيقي الذي تدل عليه ،أو قل : بين كلمة العدالة و الموقف الحقيقي الذي تعبر عنه. و يمكن تفسير سبْق القصد و التعمّد في خيار اللبس الأوروبي في منظور المصلحة الطبقية .فاللبس الأخلاقي عند الأوروبيين يتأسس كموقف إجتماعي و طبقي من اللحظة التي يتجلّى لهم فيها التناقض الأخلاقي بين مبادئ الحداثة التي تستلهم قيم التنوير النصراني العادلة( الحرية و المساواة)، و مبادئ رأس المال الكولونيالي التي تسوّغ قهر الضعفاء.
سيدنا جان بول سارتر قال مرة:لقد عشت زمانا طويلا في عالم مكون الكلمات حتى اعتراني الإعتقاد بأستحالة وجود العالم خارج الكلمات.ربما ساعدنا هذا في فهم ولع محبي الفن الأوروبيين بما يسمى بـ "الفن البدائي" كونه يمثل نوع الفن الذي يسوّغ بدائية موقفهم من الظاهرة الفنية.و ربما ساعدنا ذلك في تفهم الضمور الذي أصاب العقيدة الدينية للنصارى مقابل البأس الكبير للمؤسسة الكنسية ضمن المجتمع الأوروبي المعاصر.و ربما أمكن فهم كيف أن " أصل " الشيئ صار أكثر أهمية من قيمته الواقعية.أن لوحة "كوربيه" بما تنطوي عليه من أسئلة تقف مثالا طيبا على مدى الأفاق التي يمكن للأثر الفني أن يطالها.


ثمن النظر:
ثمة خرافة شهيرة في الفلكلورالإيروسي للسودانيين العربسلاميين فحواها أن نظر الرجل إلى فرج الأنثى يورث العمى.فهل كان الرجال الذين توارثوا لوحة "كوربيه" الشهيرة يخافون العمى؟مندري. لكنك يمكن ان تجدي موضوعة النظر المخاطِر( لجسد الأنثى) في الأساطير القديمة ، كما في حالة الـ " ميدوزا" الإغريق التي كانت تمسخ من ينظر إلى وجهها تمثالا من الحجر.و إله المسلمين يخلق و يحيي و يميت بسلطان النظر كما جاء في الأثر:
" أن الله لما أراد ان يخلق السماوات و الأرض خلق جوهرة خضراء أضعاف طباق السماوات و الأرض. ثم نظر إليها نظرة هيبة فصارت ماءا، ثم نظر إلى الماء فغلى و ارتفع منه زبد و دخان و بخار و صار سحابا و أرعد من خشية الله .".( قصص الأنبياء، الثعلبي ).
و كل هذه المخاطر التي تحيق بفعل النظر تؤسس لما يمكن أن نطلق علية " إقتصاد النظر"، الذي تعرّف عليه الجماعة أوجه المباح و المحظور بين موضوعات النظر. و على إقتصاد النظر ينظم الناس علاقة التبادل ، فليس هناك نظر بلا مقابل،فمن ينظر يدفع ثمن النظر.و من يسيطر على موضوع النظر يقبض ثمن النظر. كل هذا يردنا للعلاقة بين الصورة و السلطة. أعتقد أن صورة جسدنا و صور أجساد الآخرين في خاطرنا إنما تعتمد لحد كبير على الطريقة التي تعرّف بها القوى المهيمنة في المجتمع دور الجسد.أعتقد بأننا ـ كأفارقة ـ قد تم دمجنا ، منذ أجيال، في رؤية الأوروبيين الرأسمالية النصرانية للجسد.و يمكن أن تعتبري أننا قد استوعبنا تقليد الجسد الأوروبي و تمثلناه( و قيل : " أفرقناه") منذ القرن التاسع عشر.و ذلك بنفس الأسلوب الذي تمثـّل به هنود أمريكا"إكتشاف" الأوروبيين لأمريكا.فالمواطنون الأمريكان/ الهنود يحتفلون اليوم بأعياد "إكتشاف" أمريكا رغم أن أسلافهم كانوا يسكنون أمريكا قبل " إكتشاف" الأوروبيين لها.و في هذا المشهد ينمسخ الأفارقة و يصبحون رهائن و حراس في نفس الوقت للنسخة الأوروبية لثقافة الجسد . و هي ثقافة ـ في بعدها الديني النصراني ـ تصور الجسد كمصدر للخطيئة و الوسخ و الدنس ، بينما بعدها العملي الرأسمالي لا يرى في الجسد سوى آلة للإنتاج و الإستهلاك. و إذا نظرتي لصورة " كوربيه" من هذه الزاوية فلربما تمكنتي من فهم طاقة المعارضة الإجتماعية( و قيل : الثورية) المتكنـّزة وراء صورةهذا الفرج المبتسم المستقر في قلب جسد ينضح بالعافية.و ربما كان تداخل الأمور بين الفن و الدين و الإقتصاد و السياسة و علم النفس هو الذي يلهم محبّي الفن الأوروبيين كل هذا الهلع أمام صورة " أصل العالم".
أظن ان " كوربيه"، من خلال هذه الصورة،يتجاسر على إتخاذ اقصر الدروب نحو"واقع" الفضيحة التي تتلبّس جسد الأنثى المصلوب في قلب التقليد الأيقوني النصراني.ففي هذه الصورة المدهشة يمكنك أن تتأملي اللحم الأبيض ليسوع المصلوب الذي يبرّ الإنسانية جمعاء بـ "حياة
أبدية" ، هي حياته هو، و جرحه فرج مدمّم يغمر كل من يجازف بالنظر..أوليس هو القائل:" من يأكل لحمي و يشرب دمي ستكون له حياة أبدية".؟ بل تأملي هذا الجرح المزيف الذي يملك أن ينمسخ فرجا حليقا على وجه السيدة " موناليزا" فيزيد ابتسامتها ("الغامضة"؟) غموضا على غموض، بمشيئة سيدنا ليوناردو دافنشي كرم الله وجهه.ترى هل يمكن فهم" سحر" إبتسامة " مونا ليزا" الخفي الشهير بمجرد إحالتها إلى مقام الفرج المبذول على وجه الأنثى الذي يحتل صدر اللوحة كما يحتل فرج " جوانا هيفرمان" لوحة " أصل العالم"؟ مندري.لكن لو تابعتي هذا الإسقاط المشاتر لنــهــايــاته، للاحظتي أن هذا الفرج/ الجرح/ الثغر يمثـُل كقاسم مشترك ، بين بعض تصاوير" دافنشي"، إبتداءا من جرح المسيح المصلوب لإبتسامة" مونا ليزا" وصولا لبعض تصاوير السيدة العذراء التي استفاد " دافنشي " فيها من بورتريه "مونا ليزا".فكأن صورة الفرج المدمّم على صدر يسوع المصلوب تحيل النظر النصراني لصورة ثغر أمه العذراء ،. و بذريعة " إنزلاق النظر" يصبح جرح الإبن فرجا لهذه الأنثى الطاهرة التي اصطفاها الله و نجّاها من اعباء الفرج و قدَر الحيوان المكتوب على جنس النساء الأخريات.فكأن الفنان يلتف على أركان العقيدة حين ينتفع بصورة جرح الإبن لكي يعيد تأهيل السيدة العذراء في صورة الأنثى التي تأكل الطعام و تمشي في الأسواق و تشتهي مثل سائر بنات الإنسان.
و فيما وراء منافع إعادة تنظيم أركان العقيدة النصرانية بذريعة الفن يملك هذا الفرج المتسمي بـ " أصل العالم" أن يمثـُل كثغر نحو عالم جديد، نوع من يوتوبيا مقلوبة تتعهّر على فراش راس المال و تتبسم ، كاشفة عن أنياب طوال قبل أن تنهش لحم أطفالها وتفترسهم افتراسا، و فمها الفاغر ابدا يطلب المزيد. ترى هل صنع " كوربيه" " الواقعي" " أصل العالم" كـمجاز "آليغوري" لحال المجتمع الرأسمالي المتخلّق في القرن التاسع عشر؟".."
أليزابيت،كما ترين ، فالسفر داخل صورة " كوربيه" طويل و ثمة أمور كثيرة تقال.سأعود لها لاحقا. أرجو ان اقرأ ملاحظاتك و في الرسالة القادمة سأحاول معالجة الوجه التقني في صناعة الصورة.".."
حسن
3 يوليو 2000

.................
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.

[flash width=250 height=250]https://www.sudan-forall.org/files/origine-de-l-art.jpg
أصل الفن


[flash width=250 height=250]https://www.sudan-forall.org/files/origine-du-tiers-monde.jpg
أصل العالم الثالث


.
صورة العضو الرمزية
ÚÕÇã ÃÈæ ÇáÞÇÓã
مشاركات: 814
اشترك في: الأحد أكتوبر 23, 2005 4:48 am
مكان: الخرطوم/ 0911150154

مشاركة بواسطة ÚÕÇã ÃÈæ ÇáÞÇÓã »

إدوارد سعيد وتحية كاريوكا
البوب آرتس وبولطقيا الجسد في الدراسات ما بعد الكولنيالية



عـلي بدر


كانت نبيهة لطفي مخرجة الأفلام التسجيلية المعروفة، هي التي جمعت إدوارد سعيد والراقصة المصرية نبوية محمد كريم المعروفة بتحية كاريوكا في شقتها بالدقي، وهي الشقة التي شهدت الفصل الأخير من حياة الراقصة المصرية ومن أحداثها الصاخبة المتقلبة، كان ذلك أواخر الثمانينات عندما زار إدوارد سعيد القاهرة بدعوة من الجامعة الأميركية لإلقاء محاضرة، فانطلق من أوتيل هيلتون الذي كان يقطن فيه مع نبيهة لطفي إلى مركز الثقافة السينمائية الكائن وسط البلد لجمع مواد توثيقية وإرشيفية عنها، ثم ذهب إلى مركز جمال الليثي لشراء أفلامها السينمائية وعروض رقصاتها، ليكون أكثر إلماما بحياتها ومشروعها، ولم يكن سبب هذا اللقاء في واقع الأمر هو استعادة شبابه المبكر أوتذكر أيام القاهرة الكولنيالية التي قطنها فيما مضى، إنما كان يبغي تصوير فيلم وثائقي عن حياته وتطورات مشروعه الثقافي والسياسي، وأراد أن يبتدئ به من مدينة القاهرة، ومن لحظة تعرفه أول مرة على تحية كاريوكا وهي ترقص في كازينوبديعة مصابني بوصفها واحدة من الشخصيات التي أثرت على مراهقته تأثيرا كاملا.

كان لقاؤهما الحاسم صاخبا إلى حد ما، المعجب القديم والمفكر الذي أصبحه فيما بعد، والراقصة المصرية التي كانت نموذجا إيروسيا مكرسا من الناحية الثقافية والسياسية والاجتماعية، وإن وجدها بعد أكثر من ثلاثين عاما امرأة مترهلة تضع إيشاربا على رأسها بعد حجها وتكريس حياتها للتقوى الدينية الورعة، إلا أنه كان مستمتعا جدا بلقائها ومشغوفا بأحداث حياتها، وزيجاتها، ومواقفها السياسية، وقد اعترف لها صراحة بأنه وجدها على الرغم من كبر سنها وبدانتها أجمل بكثير مما كان قد تصورها قبل أن يراها، غير أن التصوير لم يتم، ذلك لأن إدوارد سعيد بعد أن سافر إلى أميركا أصيبت تحية كاريوكا بنوبة قلبية، لم تمهلها طويلا فتوفيت دون أن يتم مراد إدوارد سعيد، وبدلا من هذا كتب نصه الرائع عنها، النص الذي مسح ببلاغته العذبة مرحلة كاملة من الثقافة الشعبية في مصر.

عوامل حاسمة في النظرية الثقافية
ثلاثة عوامل نظرية حاسمة من وجهة نظري أدت إلى كتابة إدوارد سعيد مقالته الرائعة عن الراقصة المصرية (نبوية محمد كريم) المعروفة بتحية كاريوكا، أولا: بروز دراسات البوب آرتس والثقافة الشعبية وأبحاث الفن الشعبي العفوي والمجاني كفرع من فروع تيار ما بعد الحداثة، والثاني بروز تيار ما بعد الكولنيالية في دراسة بولطقيا الجسد حيث يكون جسد تحية كاريوكا هو السطح الذي تنقش عليه الأحداث التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية نفسها، والثالث هو الاهتمام الذي أولته النظرية النقدية المعاصرة للكيانات المقموعة والمهمشة من الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، مثل النساء، الزنوج، الفقراء، الأقليات الدينية والعرقية والأثنية. وإن لم تكن هذه التيارات الثلاثة بعيدة نسبيا عن اهتمام سعيد في كتاباته المبكرة، إلا أن هذه المقالة جاءت صادمة وعلى نحوغير متوقع في مسار سعيد، لا لأنها تعكس اهتماما ميثدولوجيا مقتربيا جديدا لإدوارد سعيد في فترة حاسمة من تطوره الفكري والنقدي حسب، إنما لأنها تهدم وبشكل كامل الفوارق الهرمية في التراتب العنيف بين ثقافة مثقفة وثقافة مهمشة، بين ثقافة رسمية متعالية وثقافة ثانوية مهملة، بين ثقافة مكرسة من الناحية السياسية والاجتماعية والأخلاقية وثقافة منحطة، بين ثقافة مفكر بها وثقافة لا مفكر بها، بين ثقافة معلن عنها وثقافة مسكوت عنها، بين ثقافة أساسية وثقافة ثانوية وهامشية، بين ثقافة متعارف عليها وثقافة مخبئة وسرية ومتستر عليها، غير أن هذه الثقافة الخفية هي ثقافة موجودة وكائنة وفاعلة ومحرضة وباعثة ومتغلغلة ومتشربة، بل هي ثقافة كاسحة.

إن مقالة سعيد تؤكد على الترابط بين النصوص وبين الوقائع الوجودية للحياة، تؤكد على العلاقة بين النصوص والكيانات البشرية والسياسة والمجتمعات والأحداث، إن الوقائع المتعلقة بالسلطة تتشكل في إطار وقائع ثقافية وفنية واجتماعية متنوعة، تبتدأ من الفرمان وتنتهي بالرقص، إنه خطاب يتعلق بضروب المقاومة التي يبديها الرجال والنساء والحركات الاجتماعية والسلطات والمعتقدات التقليدية، وهذه هي التي تجعل من الراقصة نصا، وحضور الوقائع السياسية في الفن أمراً ممكناً.

كان إدوارد سعيد يدرك أن دور تحية كاريوكا هو نوع من النصية التي ما من سبيل قط إلى تجاوزها، هي نص ما من سبيل على الإطلاق لعبوره وإهماله وإخفائه، أوالتنكر له ومجافاته والتحايل عليه، إنها نص كامل ومنجز في الإطار النصي- الثقافي الذي يحرك ميدانا كاملا من الأفكار والعلاقات ويبرزها في إطار خطابي متجانس من التاريخ الثقافي العربي في الحقبة الأولى من تشكل المدينة العربية وتأسيسها على أساس كولنيالي، إنها منجز مكتمل تم تحققه من خلال بنية خطابية متكاملة من علاقات اجتماعية وثقافية وسياسية وتاريخية وأدبية وإثنية، إنها نص يمكن دراسته وتحليله ابتغاء الوصول إلى وعي التاريخ "الحقيقي" في تلك المرحلة المهمة من الحياة الاجتماعية والسوسيوثقافية المصرية، إنها نص يمكن ترحيله وتقديمه في إطار علائقي أي دراسة شبكة العلاقات الثقافية التي تتحكم بمرحلة معينة من مراحل التاريخ، وهكذا استطاع إدوارد سعيد لا أن يكتب مقالة ثرية وبليغة وصاخبة عن راقصة مصرية عاشت في منتصف القرن الماضي حسب، إنما استطاع أن يمسح ببراعته الفذة مرحلة تحية كاريوكا التي تتوجت في بروز الفن في الحياة الاجتماعية والسياسية قبل الثورة وبعدها، في قصر عابدين أيام الملك فؤاد أوفي مرحلة العسكر، أيام الثورة أوأيام الانفتاح، وقد دفع إدوارد سعيد مقالته بعيدا لتشكل نقطة الجذب الحقيقية في دراسة الثقافة الشعبية.

لقد طرح إدوارد سعيد في مقالته طقما متماسكا من الأفكار ومن الصياغات ومن الرؤى والأفكار التي ألفها من تاريخ تحية كاريوكا ومن حياتها ومن فنها ومن براعتها في أداءات متوازية، أداءات مترافقة ومتوافقة ومتطابقة مع بعضها البعض، أولا: الأداء الفني في الرقص الشرقي وقد برعت به تحية كاريوكا براعة تامة، برعت في إحداث الأثر الفني عبر تقشفها في الحركة، واحترافيتها في الجذب والإغواء عبر استخدام نظام استطيقي عفوي منفذ ببراعة في الانتقال من حركة إلى حركة أخرى، وبناء سلسلة مترابطة من الموتيفات المتكررة للإيحاء الفني بعيدا عن التصريح العلني، أوالإعلان الفضائحي للجسد على نحومتعمد، إنما بحركة مفترضة وإيحائية ثابتة، حيث تبقى تحية على نحومتواصل ذات طاقة كلاسيكية مهيبة، ملموسة وافتراضية، قريبة ونائية، ممنوحة لكنها لا تطال، ثانيا: الأداء الثقافي المتوافق مع الإبداع الفني، وهو الوعي الأنثوي القادم من لياقة اجتماعية محلية موروثة عن نظام خاص بالتاريخ الثقافي الشعبي العربي.

وقد عده سعيد واحدا من مكملات الثقافة الشعبية في هذه المنطقة، ومن مكملات الهوية الوطنية، ومعبرا عن التواتر الاتساقي في الموروث الشعبي لشخصية العالمة القادمة من التاريخ العربي الإسلامي ولا سيما إبان العصر الذهبي للإمبراطورية العباسية وابتداء من شخصية الجارية تودد في ألف ليلة وليلة، وأخيرا: الأداء السياسي، حيث حولت تحية كاريوكا قدرتها على الجذب والإغواء إلى ناظم وضابط سياسي تتحكم به في دفع الروح الوطنية والقومية للجماهير، واستخدمت شخصيتها الفنية الاعتبارية في إبداء الرأي والتظاهر والاحتجاج والاعتصام والرد، والوقوف إلى جانب التيار السياسي اليساري في الخمسينات، ومع سياسة الانفتاح في السبعينيات عن طريق مسرحيتها الشهيرة يحيا الوفد وقد شاهدها إدوارد سعيد في العام 1975 في سينما ميامي في القاهرة، وعبر عن اشمئزازه منها لموالاتها إبان ذاك السياسة الساداتية المعادية للالتزامات العالمثالثية التي طبعت تاريخ مصر، لكن هذا لم يمح دورها الثقا - سياسي في مساندة اليسار المصري، وانتمائها إلى عصبة السلام، والدور المهم والأساس الذي لعبته مع فايز حلاوة في تأسيس الكابريه السياسي. كانت حياتها عاصفة بحق وحقيقة وقد أذهلته بالمعلومات التي قدمتها له عن نفسها:

لقد عرف إدوارد سعيد من ذلك اللقاء النادر أن اسمها بدوية محمد كريم، كانت آخر طفلة لمحمد النيداني وهو شخص سعودي تزوج سبع نساء آخرهن والدتها، أما تحية فهي الابنة الوحيدة لهذه المرأة التي لم تكن مصرية أيضا، وقد تركها والدها عند جدتها لتربيتها وتعليمها بيد أن أخاها أرادها أن تعمل في خدمة زوجته المالطية، فهربت من منزله، ركبت القطار قاصدة القاهرة وهي في الخامسة عشر من عمرها، بعد أن تطوع بعض الركاب بدفع ثمن تذكرتها، والتحقت بسعاد محسن التي كانت تزورهم في الإسماعيلية لإحياء الحفلات، وقد عملت عندها في صالة "بيجوبالاس" بمرتب شهري بلغ ثلاثة جنيهات في فرقة كومبارس، ثم ذهبت مباشرة إلى واكيم الذي قدمها إلى بديعة مصابني "ملكة الليل والمسارح آنذاك". وقد اختارت لها بديعة مصابني اسمها الفني تحية، أما لقب كاريوكا فجاء بعد سنتين من العمل، عندما شاهدت فيلماً قدمت خلاله رقصة جديدة مستوحاة من موسيقى برازيلية اسمها كاريوكا، أعجبها الاسم وقدمت الرقصة في إحدى وصلاتها، فأثارت إعجاب الرواد وأصبح اسمها تحية كاريوكا.

لقد كانت أبرع راقصات زمانها فقد تعلمت رقصة "الكلاكيت" عند الفنان روجيه، والرقص الشرقي من حورية محمد، والصاجات من نوسة والدة الراقصة نبوية مصطفى، وتزوجت أكثر من 12 مرة، الأول هو انطوان عيسى، ثم المليونير محمد سلطان، ثم ضابط أمريكي يدعى جلبرت ليفي الذي سافرت معه إلى الولايات المتحدة وهي تحلم بهوليوود، وفي الخمسينات اشتركت بفيلم أميركي غير أن منتجه تخوف من إشراك عربية فيه وإغضاب اليهود، عادت بعد ذلك إلى مصر لتتزوج بعد طلاقها من الأمريكي مصطفى حمزة صاحب إحدى دور العرض السينمائي، ثم تزوجت المخرج فطين عبد الوهاب، ثم الطبيب حسن حسني، وكان النجم رشدي أباظة أبرز الرجال الذين أحبتهم وعاشت ثلاث سنوات في عصمته، قبل أن تتزوج المطرب محرم فؤاد، فالموسيقار محمد سلطان، ثم الرياضي عبد الله الخادم، وأحمد ذوالفقار صبير، وطيار الملك فؤاد حسن عاكف، والصاغ مصطفي كمال صدقي، وأخيراً فايز حلاوة أطول زيجاتها حيث دام زواجها من حلاوة مدة 23 عاماً ثم طلقها بعد ذلك واستولى على ثروتها وطردها من الشقة الزوجية بعد سنوات من الشهرة والمجد والصعود، كما قالت ذلك لإدوارد سعيد.

الوعي السياسي والأنثوي
ما أثار إدوارد سعيد حقيقة في شخصية تحية كاريوكا هو وعيها السياسي والطبقي، فلم تكن بعيدة عن السياسة على الإطلاق، كانت منخرطة في صفوف اليسار المصري، وبالرغم من أنها رقصت أمام الملك فاروق في كازينو(الأبراج ) الشهير، ورقصت على أنغام أغنية "غنيلي شوي شوي" لأم كلثوم في قصر عابدين، إلا أنها كانت قريبة من المثقفين والسياسيين والكتاب اليساريين في ذلك الوقت، وقد صعدت من نبرة صوتها ضد العسكر بعد تصعيد موجة العنف ضد أحرار مصر في زمن عبد الناصر وقالت جملتها الشهيرة: "ذهب فاروق وجاءت فواريق" مشددة على استمرار الاستبداد السياسي والقمع فاعتقلها عبد الناصر إلى جانب المثقفين والفنانين اليساريين في الخمسينات، واتهمها إلى جانب مصطفى كمال صدقى بتهمة القيام بنشاط معاد للثورة، وهي التهمة التي ألصقها عبد الناصر بالمثقفين اليساريين والتنظيمات اليسارية المحظورة وكانت أكثر تهم معاداة النظام العسكري عقوبة آنذاك، وأودعت تحية كاريوكا سجن الاستئناف وعندما أخذ المخرج حلمي رفله التردد عليها في السجن لفت نظر رجال المباحث فألقي عليه القبض ووجهت إليه تهمة مساعدة ومؤازرة المتهمين في القيام بنشاط هدام للمجتمع المصري. وفي تلك الفترة أيضا حمت تحية كاريوكا المثقف اليساري المصري صلاح حافظ في منزلها وكان طالباً وصحافياً وسياسياً شاباً آنذاك.

وقد مثلت في أفلام عديدة بلغ عددها 200 فيلم أبرزها: "شباب امرأة" الذي أخرجه صلاح أبوسيف وعرض في مهرجان "كان" حيث لفتت أنظار الصحافة العالمية عندما ظهرت باللباس البلدي للمرأة المصرية وخطفت الأضواء، وهناك وقعت تلك الحادثة المشهورة مع الممثلة ريتا هيورات التي أدلت بتصريحات تسيء إلى العرب فتصدت لها أمام جمهور واسع. كما عملت في المسرح مع إسماعيل ياسين وأبوالسعود الابياري، قبل أن تؤسس في الستينات بعد زواجها من فايز حلاوة فرقة مسرحية تحمل اسمها، ولمعت مع فايز حلاوة في تقديم العديد من المسرحيات السياسية مثل روبابيكيا ويحيا الوفد، لقد كانت منخرطة في العمل السياسي بشكل كامل، وتدربت على السلاح خلال عدوان 1956 على مصر، ثم خلال حرب حزيران 67، كما جمعت التبرعات لنصرة أطفال الحجارة، كانت مناضلة نقابية من الدرجة الأولى قادت إضراب نقابات المهن الفنية ضد قانون اعتبرته جائراً بحق الفنانين وأعلنت الاعتصام عن الطعام بالرغم من تدهور صحتها، وقد أسست مع فايز حلاوة الكاتب والممثل المسرحي (الكباريه السياسي)، وهو مسرح يعالج مظاهر العلاقة بين المواطن والسلطة في إطار نقدي ساخر موجه للسلطة، ومثلت معه مسرحية (روبابيكيا) و(الثعلب فات) و(حضرة صاحب العمارة) و(كدابين الزفة) و(البغل في الإبريق) و(شفيقة القبطية) و(يحيا الوفد) و(الباب العالي) و(حارة الشرفا) و(قهوة التوتة) و(بلاغ كاذب).

كان سعيد يقترب شيئا فشيئا من الثقافة الشعبية ومن الميدان الميثادولوجي الذي يؤسسها، لقد هزه الحماس الفائض للثقافة الشعبية التي كان كل من ليوتار وبورديار يشجعانها، كان ينظر إليها من وجهة نظر سياسية ومن وجهة نظر ثقافية أيضا، وكان يبغي من وراء طرحه لنموذج تحية كاريوكا هو تقديم معنى جديد يمتزج مع شبكة من المعاني المعقدة لمظاهر اجتماعية مختلفة يبرز من بينها أحد أبرز مظاهر الثقافة الشعبية هو الرقص الشعبي، هذه المقالة هي انتصار لأخلاق السعادة، للاحترافية الفنية في الفن الشعبي، وليس مصادفة أن يقترن اهتمام إدوارد سعيد هنا بمظاهر العالم، وبالفن الشعبي، وبالنصية الدنيوية، والنقد الدنيوي، وأن يطرح مفهوم العالم جنبا إلى جنب النص والنقد، بعد بروز فلسفة ضيقة بكل المقاييس، فلسفة نصية تصر على عدم التدخل النقدي، وعلى الخلفية السياسية والاجتماعية لسطوع الريغانية المخيفة لأكثر المثقفين، وبروز حرب باردة مهددة جديدة، وتفاقم مظاهر العسكرة وظهور شبح الحرب، والانجراف الهائل باتجاه اليمين، ففي الوقت الذي كتب إدوارد سعيد مقالته عن تحية كاريوكا كان هنالك نقد يميني الجانب يعزف عزوفا كليا عن العالم والحياة والمجتمع ويقدم نصا ميثادولوجيا تكتنفه إلى حد بعيد الشكوك والمغالطات.

كان سعيد يدرك إدراكا تاما أن تحية كاريوكا هي نقطة البدء في تحديد الأفكار والصياغات في مفهوم الثقافة الشعبية، فهي الخط العريض لثقافة بأكملها هي ثقافة الرقص الشعبي، ثقافة كائنة من هذا المكان، ثقافة مؤثرة غير مجلوبة أومستوردة، أوقادمة عن طريق تثاقف ـ أواستجلاب ثقافي مثل الفيلم السينمائي أوالغنائي أوالموسيقي المعاصر، هذه الأفكار والصياغات هي التي حملت الرقص الشعبي بعدا سياسيا وثقافيا واجتماعيا مغايرا تقريبا، ولا تتجاوز هذه الأفكار والصياغات الأحداث التاريخية العالمية أوالقومية التي تقدمها هذه الراقصة بوصفها هي الأخرى حدثا، إنما تنشبك هي الأخرى في التاريخ الخارجي، وفي النصوص التي تشكل المرحلة التاريخية التي تؤسسها، والأحداث التي نجمت عن هذه النصوص ذاتها، إن أحداث وظروف تحية ما هي إلا نصية أيضاً، إنها نص وهي أحداث إلى حد ما، وهي فوق كل هذا وذاك قسط من العالم الاجتماعي والحياة البشرية الذي يتحول إلى نص يمكن تحليله والإطلالة عليه، إنها قدر بالتأكيد من اللحظات التاريخية التي احتلت مكانها من خلال الدور الذي لعبته في المسار التاريخي حتى يبدوالتنكر له أومجافاته متعذرا هنا.

ولكن ما هو الحادث التذكاري الذي حفز سعيد لا لأن تكون تحية كاريوكا رمزا وطنيا فقط إنما لتصبح واحدة من الرموز الإيروسية العظيمة التي شكلت جيلا بأكمله من المثقفين والمنتجين المدنيين والثقافيين، رمزا إيروسيا معدلا عن طاقة رومانتيكية مبهجة، طاقة سعيدة تتحول إلى جاذبية هائلة ومطلقة شبيهة بقدرة سيريس الساحرة التي تغوي البحارة الذين تلتقيهم في عرض البحار، ما هو الحادث التذكاري الذي جعلها النموذج التصريحي للمرأة القاتلة، نموذج الأنوثة الخالدة، أوباترون المرأة المستحيلة التي لا تطال، هذا الحادث التذكاري الأول الذي سرده إدوارد سعيد في مقالته:

كان الأمر لا يعدوأن يكون حادثة بسيطة وعابرة بطبيعة الأمر، حادثة بسيطة وتقليدية ومتكررة غير أنها طبعت في ذهن إدوارد سعيد تخريجا ثابتا ومتواصلا لشهواته المكبوتة طوال السنوات التي غادر بها القاهرة إلى أميركا، ففي العام 1950 تدبر سمير يوسف صديق سعيد في المدرسة أمر طاولة في مسرح بديعة المكشوف في الجيزة على النيل، وقد اهتز إدوارد سعيد وللمرة الأولى أمام إثارة كاملة لمشهد إيروسي عظيم نفذته واحدة من أكبر الراقصات في تاريخ هذا الفن، بمرافقة مطرب بليد الملامح، وتقليدي إلى حد بعيد، وقد جلس سعيد ومفاصله متراخية وأيديه متشبثة بالكرسي يشلها التوتر، كانت تحية تؤدي تأليفا طويلا ومتواصلا من الإيماءات مع الموسيقى التي تعلووتهبط بنغماتها المتجانسة، كانت تؤدي تأليفا متجانسا لمسرحية إيروسية هائلة الإثارة نظرا لإرجائها الذي لا ينتهي، وكانت تقدم وصلة من الجنس الغامض والمؤدى والمنظم ببراعة هائلة ولكنه جنس عصي على التحقق والاكتمال، جنس مرجأ على الدوام ومستبعد بصورة نهائية.

يشير سعيد وهو يصف ببراعة كاملة هذه الحركة التي تقوم بها تحية على المسرح إلى شبكة متصالبة متآلفة ومتأنقة من تقنيات الرقص، يشير إلى العلاقة بين الرقص وأخلاق السعادة، يشير إلى شبكة من القوانين التقنية والاجتماعية والأخلاقية التي تحكم مسارا صارما وكليا من الأداءات الثقافية، بل تفرض من خلال الثقافة السائدة ذاتها القوانين المتعلقة بكيفية بحث هذه الإجراءات والمتواليات التي تطرحها الثقافة الشعبية ومنهجياتها لقد بين سعيد في هذه المقالة مظهراً ثانوياً من مظاهر قدرة الثقافة على السيطرة على العمل وعلى تجويزه. وأما الشيء الأهم في الثقافة فهو أنها منظومة من القيم التي ترشح إلى تحت كي تغمر بقطراتها كل شيء تقريباً ضمن نطاقها هي، وإلى حد البلل.

لقد حملت مقالة إدوارد سعيد مشاعر متحمسة، مشاعر طاغية، مشاعر مفعمة بالإعجاب والتقدير لتحية كاريوكا، وقد وضعها جنبا إلى جنب صناع الثقافة والحياة والفن في العالم مثل ريمون شواب وثيبودية وستارابونسكي وأدورنو، لقد ألهمته هذا النص الاستثنائي الذي جاء في زحمة مواقف متتابعة، وأحداث متوالية، وتطورات صاخبة في الثقافة والنقد، ومن بين هذه الفوضى الخلاقة التي خلفها سعيد والركام الذي قفز فوقه يبرز نصه عن تحية كاريوكا متواصلا مع رقصها الأرابسكي المديد، يبرز منسجما مع البسمة المضيئة التي تفتر عن شفتيها والتي تضيء الخلفية عادة، هذه البسمة التي وصفها سعيد بأنها نقطة ثابتة في عالم متقلب، لقد كان انخراطه في دفاعه اللافت عنها قادما من عمق تحديده الفني الدقيق إلى التحولات التقنية في أدائها، تحولات الأستطيقيا وتحولات الفن والمعبر عنه بهذا التثني الآسر في الحركة والذي يؤدي إلى الإيحاء الإيروسي أكثر مما يؤدي إلى الحركات الجسدية الشهوية المبتذلة، وبهذه القصدية المهيبة التي تبقى محافظة على طابعها المعدل حتى أثناء المقاطع الأكثر خفة وسرعة، إن إعجاب سعيد بتحية كاريوكا يكمن في ابتعادها عن النموذج الشعبي المخدر بشهواته المكشوفة والمفضوحة، أوالنموذج الغارق في الألعاب البهلوانية الرخيصة، والنطنطة الحريمية المتخلعة، وبدلا من هذا كان أداؤها يخلص إلى الرقص الحقيقي كفن وكأداء فني بعيدا عن الانخراط الحريمي في ستربتيز معدل، وتقديم بدلا عنه السحر القديم الذي يوحي على الدوام بكل ما هو كلاسيكي وتذكاري واحتفالي في الآن ذاته.

البوب آرتس وبوليطقيا الجسد
مثلما كان عرض تحية كاريوكا المكمل بابتسامة تفتر عن ثغرها وبتأمل ذاتي لجسدها واستمتاع بحركاته، كان نص سعيد هو الآخر يقدم تأملا ذاتيا لحياته الشخصية وتذكاراته في القاهرة الكولنيالية في العام 1950، وكان إدوارد يومها ما زال شاباً يافعاً في سنوات دراسته، ويعيش مع أسرته بالقاهرة، قبل أن تطولها قرارات التأميم الناصرية وتهاجر إلى أمريكا، كان نصه يعبر عن تيار جديد في النقد الثقافي، تيار يحلل الثقافة الشعبية والبوب آرتس ويجعل من الجسد الحي بوليطيقيا حقيقية لتفسير المدينة ونشأتها، ولتحليل الحياة الكرنفالية في القاهرة التي شهدها، وعاشها عبر تلك السلسلة الإيروسية التي لا نهاية لها، سلسلة الجنس الإسلامي المتوسطي اللاتيني العربي الكامن في القاهرة السرية، والذي افتقده سعيد فيما بعد. كان الرقص هو الأكثر بروزا في الحياة المدنية الحضرية في القاهرة الكولنيالية كما عاشها سعيد، المركز الحضري ذي الأنماط الاجتماعية المتفاوتة، كان إدوارد سعيد يعين عبر مشهد وصورة تحية كاريوكا التوافق الإدراكي للحياة السياسية عبر التلقي الإيروسي للجسد والذي حفزته طاقة ليبرالية شكلت مشهدا كاملا في الحياة السياسية المصرية أوانذاك، حيث يتركز حضور الجسد على المسرح ك(فرجة) أو(معجبة) أو(سباكتاكل) وهو حضور متميز تدفعه هذه الكتلة الحية وهي تتناغم عبر موجهاتها الثقافية الحقيقية، إنه تعبير سياسي واجتماعي وثقافي عبر دنيوية هذا الجسد ومشهديته، فقد كان زوار مصر السياسيين يطلبون في المقام الأول حضور عرض راقص لتحية كاريوكا، كما فعل الزعيم التركي كمال أتاتورك.

من جهة أخرى قلص سعيد المنطقة المفتوحة بين الرومانسية والإيروسية، وجعل النطاق المميز في مملكة الرقص هو الجسد، أما التعبير الأكثر تأثيرا وإيحاء فهو الرومانسية الطاغية أكثر مما هي الإيروسية القريبة والمقدمة والمعلنة، فالجسد هنا هو المحور الرئيس الذي تتجمع حوله الأبصار وتختفي عمليا الموسيقى الرتيبة والمتململة، حيث يتحرك الجسد من خلال نسيج شعوري بسيط منفذ ببراعة، نسيج شعوري يتشكل عبر حركات الرقص وتلقائية الأداء ومن هذه الحركة والأداء يحدث الأثر الإيروسي المحوري نظريا، والمبتعد عمليا، أوالمؤجل على نحوخاص، وهذا التأجيل هو الذي يترك للرومانسية الطاغية هذا المذاق الذي يدوم طويلا، وربما أكثر حتى من المذاق الإيروسي.

يكشف سعيد علانية سر تلك المفارقة التي مفادها أنه يستعيد ذكريات حياته، يعيد صورة موطنه الثاني، القاهرة التي أتاحت له فرصة ذلك الإنجاز الرائع، وقد انقلبت تلك اللحظة التي جاء بها لزيارة القاهرة إلى تحد جديد، ومخاطرة جديدة، وقد صنع من هذه الزيارة عملا ثقافياً ذا أهمية فائقة، لقد كتب هذه المقالة في خريف عمره عبر حبك فكرة الرقص الشعبي كتعبير أدنى للثقافة الدنيوية التي نادى بها فيما مضى، إنه يتذكر على نحوبارع تاريخ اقتلاعه من جذوره، يتذكر بها هذا التشرد المتعمد، إنه يتذكر بها وجوده كمنفي ومتغرب، ويصبح الرقص هنا توكيدا على التلاؤم والانتماء والتوحد والتجمع.

المصدر : مجلة الكلمة الالكترونية : السنة الأولى، العدد 9 سبتمبر2007
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جوزيفين بيكر و فينوس الهوتنتوت

مشاركة بواسطة حسن موسى »

[size=24]
جوزيفين بيكر و فينوس الهوتنتوت
[align=left][align=left]

Black Womanhood,Icons and Ideologies of the African Bodyمعرض





نشر هذا الحوار مع "باربارا تومبسون" بالإنجليزية ( و حين يتوفر لي براح من الوقت أترجمه للغة العربان فمعذرة على المشقة ) في كتالوج المعرض المعنون " الأنوثة السوداء: الصور و الأيقونات و الآيديولوجيات" ، و الذي أقيم في متحف "هود للفنون" بـ "دارتموث كوليج" ، نيوهامبشير في الولايات المتحدة.
و قد تم الحوار من خلال وسيلة البريد الإلكتروني في الشهور الماضية.
و الفكرة من إثباته هنا هي توسيع المفاكرة حول جيوبوليتيك الجسد ضمن منظور العلاقات الأوروبية الأفريقية على المشهد الرمزي و السياسي لحضور الجسد.و سيلاحظ القارئ أن الحوار يركز على الثقل السياسي في صورتي "جوزيفين بيكر" ( اليغوريا الموز) و سارتجي بارتمان ، الشهيرة بـ " فينوس الهوتونتوت" ،(أشياء العبادة) اللتين اختارتهما للمعرض باربارا تومبسون.
احتوى الإفتتاح على محاضرات و منتديات حول صورة الأنثى السوداء في الخيال الأوروبي من مداخل متنوعة أرجو ان اتمكن من عرضها لإستكمال صورة التظاهرة.


Exchange with B.Thompson
(Catalogue of the exhibition « Black Womanhood,Images, Icons and Ideologies of the African body, April 1- August 10, 2008 .Hood Museum of Art , Dartmouth College)

أنظر الرابط
www.hoodmuseum.dartmouth.edu








Barbara Thompson :
Can you tell me about your interest in black womanhood and about your specific choice of using these two women in your paintings?


Hassan Musa :
I thnink the first time I saw an image of Josephine Baker was towards the end of the fifties.It was a facinating sequence in a black and white film about a black woman singing in a cage.At that time,I think I was eight years old,but I was already a serious movie goer. I hade no idea who that woman was but I was intrigued by the fact that the cage was not really a cage that could keep anybody in, and that the woman could leave if she wanted to,infact I wished secretly if she could walk out of the cage and be free,but the woman seemed to enjoy being in that cage.
Later I started to know more about Joséphine Baker but I never managed to make the connection between the singer in the cage and the danser with the banana skirt, until few years ago where I reviewed that sequence of tha cage singer while watching a French TV documentary on Joséphine Baker.The fact bthat the singer was happy with her cage seemed to me referable to these biblical figures like Jesus or St.Sébastian who seem to enjoy their pain so much that they metamorphose into extra-human.There is something biblical about the experience of Joséphine Baker.It has to do with the way that she accepted ( and enjoyed)the role of the typical afican female for the benefit of the european colonial male society.This biblical dimension is absent in the experience of Saartje Baartman.Baartman was captured,deported to Europe and forced to play the savage african female in a real cage where no escape is possible.If the career of Baartman was so short, compared to the long career of Baker, it is because of miserable material conditions of life that her « owners » offered her.What is common in the Baker and the Baartman experience is that both of them were put on a scene infront of an European male audience.But the difference between Baartman and Baker might be in the attitude that of each woman showed twards the fact of being considered as black female.It seemed to me that Joséphine Baker was rased as a black person.Her education as black american made her internalizing the identity of a black being, while Baartman who was uprooted from the traditional african context might find it difficult to assimilate the version of identity that europeans reserve for black beings.I think africans living in the traditional pre capitalist societies never identified themselves according to the colour of skin.I think Africans started to identify themselves as Black when Europeans, who define themselves as White, came and called them Blacks.The appelation of « Africans » itself is an European idea.During my childhood in the western part of Sudan, I remember, we used to meet with alien persons from the neighbouring countries.There was some Egyptians,fiew ethiopians,and a lot of people from west african countries.Westafricans were generally Muslim pilgrims walking their way to Mecca.Like every body else, I used to identify these persons by reference to their countries.The idea of including all these persons in the category of « Africans » seemed rather incongruous at the middle of the fifties.To internaliz the concept of « Africans » we had to assimilate all the «Panafricanist»propaganda of the Cold War periode inorder to give existance to this strange idea of belonging to acontinent called « Africa ».The Panafricanism, which was a political«tool» that the african nationalists used to fight colonialism, is not easy to understand out of the geopolitical context of the Cold War.
You may ask about the connection between the situation of black womanhood in the Baker/Baartman perspective and what I am saying about the invention of « Africa » as a false category.I think the connection is in the false-hood of these two categories :Black-hood and African-hood.Afiicans never had the opportunity to choose being black or being african.Both identities were imposed to Africans from the outside by dominating colonial forces.Never the less the false-hood of black and african categories is imposed as an accomplished fact.
Once you say that you have to face the second question :What can the African and the Black persons do with this real-fals status ?The reality of an african false-hood as an atractive practical option,( or may be the only real option allowed)is in the heart of all the conceptual effort related to the images related to african cultures.
This is where I try to work as an image maker manipulating the levers of art and exclusion in this specific zone of contemporary art called « contemporary African Art ».This is where I differenciate between the destiny of Saartje Baartman and the destiny of Joséphine Baker.I feel a great compassion,(and a great anger),for the terrible moral and physical sufferings of Saartje Baartman, but it is not the same kind of compassion that I have for Joséphine Baker.Joséphine Baker is different.She positioned herself as an Artist.Art offered her, not only the means to escape the condition of excluded persons, but also a shortcut to recognition and glory.But the artiste she was allowed to be, in the Paris of the twenties,was conditioned by the colonial and racial considerations of the French society at that time.The complexity of her attitude as a black person, a woman and an artist deserves much more attention than the usual commemoration of « la Revue Négre »,Joséphine Baker stands as a central figure in the problematique question of africanist aesthetics when instrumentalized as a lever for exclusion.


B.T. :
Also many of your paintings have made visual references to western art history, appropriating iconography from famous representations of religious figures (St. Sebastian), artists (Van Gogh), political figures (Bin Laden). What--if any--art historical references have either directly or indirectly played a role in influencing your choices of representing black womanhood both in these two works as also in your larger oeuvre?

What do these two women (Baker and Baartman) mean to you, what do they represent, and what do you hope to communicate to the viewer about them or about their histories?

Also, what do you hope to communicate about your inclusion of Michel Leuris in the Baker painting and what is your role role in the Baartman painting?



H.M. :
When I was living in Sudan I used to consider my self as an artist, I mean I considered my self as part of the art world affected by the european cultural tradition.If, at the Khartoum school of art,we studied the same programme as in the european art schools, that was not because we wanted to avoid the African art tradition ;It was just because there was no African art programme available for the Sudanese art students.
So,when I came to France,in 1978, I discovered that I am only allowed to be an « African artist ».Out of this category, situated in the dark side of the european main stream art, my work can not have any visibility.
I remember,with some of my african friends in France, we used to laugh about this situation as an other european « ism ».This is how the terme « Artafricanisme » was forged to describe the type of an european art practice designed for african or black persons.
When I say I am part of the art world, I mean that I am fully aware of the moral and material advanages and risks that I take ( like everybody else)while I work within the european traditin of art.It is just like inheriting a big house from a distant unknowen rich uncle.You accept the the unexpected present,you enjoy living in this comfortable house but you never know when and where you may find a skeleton in the cupboard.
In my experience I think I managed – so far so good - to ignore the skeletons in the european cultural tradition(racisme,violence,dogmatism ,Fascism,scientifism etc.), and to concentrate on the extraordiary human intellegence that expresses itself in arts,sciences and litterature.In this perspective, my project is to enlarge the européean tradition, (my european tradition) to make it apte to include all the extra–european traditins.The ultimate goal is to create – on the bases of the actual european tradition- new humanitarian culture where the european traditin is one part of a an ensemble.I know it is utopian but it is the only moral way out from the actual situation .
When I am using« the visual references to western art history » in my work I am not in the position of the « other »,the cultural alien, borrowing material fromthe western culture.Iam the partener and I am using my own western cultural material to construct my part of the collective answer to the main questions of our world.
So when you approach the use of icons like Baartman,Baker, I think it is important to confirm their european origin.The liste of black icons invented by europeans for european use is too long to be enumerated here.For me the Joséphine Baker is not more african than that of St.Sebastian,Picasso,Leiris or even VanGogh.All this is about « my » european iconic material.
In some of her music-hall performances, Joséphine Baker used to cover her « white » skin with black paint so as to look more conform to the « african » image in the expectation of her white audience.In such an attitude, Joséphine Baker, the artiste, is taking a « security distance » from the risk of being african.She knows she is not african, she is just playing the role.African-hood is just an icon, among others,that she was able to use.Other persons – like Michel Leiris(an other african icon) – helped her to assume the role of the african female.I think research workers on contemporary art of the africans should pay more attention to the role of Michel Leiris in the invention of an art defined today as « African ».In a book about the artist Wifredo Lam,(Lam Métis,Edition Dapper, 2OO1), the french art historian, Jean-Luis Paudrat reported how Picasso once asked Leiris to « teach Lam l’art nègre »(p.75).
I think that most of the parisian intelligentsia arround Joséphine Baker was trying to « teach » her « l’ art Nègre ».I also think that Baker was happy to learn and to performe « l’ Art nègre » of her parisian audience.the film sequences of the black singer enjoying the cage condition is a fine illustration of the state of complaisance affecting the Baker artistic career.


B.T. :
Many of your paintings from the Baker series (and others!) also incorporate old maps such as parts of Africa, Europe, or Japan. In some instances the maps are seemingly incongruent to the figures being portrayed in your paintings (eg.), however in others the connection seems more clear (such as in Allegorie a la Banane).

Can you tell me about your use of maps, why specifically old maps, and how do you connect the maps to the figures and stories in your paintings. For example, in Allegorie a la Banane, you depict Josephine Baker in her famous banana skirt, who is superimposed on an economic map of colonial Africa. Why this map and this icon of black womanhood?



H.M. :
Maps are images,(hand made)interpretative images.Living images reflecting life changes.As images, maps are naturaly false representation of reality.As cultural objects ,I think no map is innoncent because People usualy draw maps to mark the limits of the land under their contrôle (or the lands they want to contrôle).All the great wars were conducted arround maps and millions of people died because some one sends them defending or attacking a line on a map.All this history makes maps look more obscene than the conventional folkloric images of obsceninty.
I think there is something pornographic about maps .It has to do with the map pretention to show the reality.All pornographic images tend to expose what is suppose to be « the real thing » about sexual behaviour, while they are only showing their conformity with the one dimensional commercially codified norms for a complex humain behaviour.
Saartje Baartman was exposed in a cage for the londoners or the parisians who payed to see her sex organs. She never had a choice about exposing herself as an african sex symbol.A state of deep misunderstanding should have isolated her from her european audience.She was unable to understand the spell of the « art Nègre » that might have enchanted her european audience.
But when you consider things from the Joséphine Baker point of view, you may find that Baker, the artist,positioned herself deliberatly in the « Art Nègre » attitude.

I use maps in my paintings the way I use printed fabrics.When I take a peace of cloth wit a sunflower patterns to paint on it , the order of the sunflower patterns works as a map that enable me to reach the image of a VanGogh lost some where in the fabric visual story.The difference between a map and a fabric with sunflower patterns is that the map patterns are loaded with precious political references.I picked the firest maps from my school garbage.Maps of the twentith century world,(Soviet Union,French colonies etc.),were throwen away because they were considered out-dated.
I always appreciated maps. I remember when I was s a child I used to draw geographical maps for my class- mates who were not very good in drawing.I enjoyed drawing and colouring maps.This practice represented – for the child I was – an opportunity to project my dreams far away from my small home town.In this perspective maps were magical objects.
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »

[align=left]Salam ya Hassan,
Thanks for publishing this interesting interview.
You said:
"The ultimate goal is to create – on the bases of the actual european tradition- new humanitarian culture where the european tradition is one part of a an ensemble."


I think this is a legitimate dream or goal. But one might argue, that some civilizations around the world were dominant at some point in history, and they did influence and categorize "other cultures" around them, some what the same way as the "european tradition". I said, some what, as humanity never experienced fast flow of information like in this century or the last one.

I agree with you on the awareness of J. Baker's verses Baartman's ordeal where she had no way out and didn't choose any of it. But Baker (played) on the assumed & expected of "african females" (not women) in the european mind at that time. I would go even further and say that, she did open a door for the "exotic & sensual" african women of today especially entertainers and singers (and some none Africans as well, like Madona! As she hid the fact that she is white for some time at the beginning of her career, depending on the elusion of her African like voice!) to capitalize on the same stereotypes in one way or another.
On the other hand, I think Baker was mainly looking for attention, as an ambitious entertainer and singer, any way she can! As she didn't find it (the attention) in her home country at the beginning of her career.

Best,
Iman
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

إيمان شقاق
سلام جاكم
شكرا على العودة لهذه المفاكرة في شأن صورة المرأة الإفريقية في الخيال الأوروبي . و نحن في نهاية التحليل( سيك سيك معلق فيك) طرف في هذا الشأن بحكم تمثلنا العفوي لجزء كبير من ميراث الخيال الأوروبي و نظرته لإفريقيا و اهلها و هذه الفولة، فولة نصيبنا من ميراث الخيال الأوروبي، تستحق فريقا بحاله من الكيالين المدققين الأشاوس حتى نقوى على عقلنة التخلّق الأيديولوجي البالغ التركيب الذي يجعلنا ننظر لذواتنا( و قيل لهوياتنا) بالطريقة التي نفعل اليوم.و هي طريقة بالغة الإلتواء. بل هي الإلتواء بلحمه و شحمه.
أنا اعمل على ترجمة الحوار مع باربارا تومسون للغة العربان حتى يتيسر تناوله للجميع، ذلك ان المناقشة في رطانة البريطان تضطرني للتعريج المتواصل على صفحات المعاجم، و هذه رياضة شاقة لشخص مثلي يتشبث بلغة القرآن حتى لا يتفرّق دمه بين اللغات و هيهات.
استرعى انتباهي ما جاء في تعليقك على سيرة " الشيخة" مادونا (المغاربة يسمون المغنيات " شيخات") التي" أخفت كونها بيضاء في مستهل اشتغالها بالفن، اعتمادا على الإيحاءات الصوتية الإفريقية في إدائها الغنائي". ذلك لأن من الصعب على مادونا البيضاء التي ظهرت في شاشات التلفزة و السينما ان تدّعي قرابة عرقية مع الأفارقة بمجرد استلاف تقنيات الأداء المنسوبة للأفارقة.
سأعود
صورة العضو الرمزية
الوليد يوسف
مشاركات: 1854
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 12:25 am
مكان: برلين المانيا

مشاركة بواسطة الوليد يوسف »

استرعى انتباهي ما جاء في تعليقك على سيرة " الشيخة" مادونا (المغاربة يسمون المغنيات " شيخات")


حسن موسي......سلام جاك

ساكت كده بس حباً في المغالطة والغلاط بالمناسبة المغاربة لا يسمون كل المغنيات " شيخات " فقط المغنيات المخضرمات اللائي بلغن من العمر عتيا فقط هن من يطلق عليهن هذا الأسم وذلك مثل (الشيخة رميتي ) سيدة موسيقي " الراي " وواحده من مؤسسيه العظماء والتي غادرت هذه الفانيه في مطلع هذا العام. أما المغنيات صغار السن فيطلق عليهن لقب " الشابة " وذلك مثل (الشابة نصيرة ) و( الشابة وفاء ) وما الي ذلك تماماً كما عند الرجال يطلق علي المغني صغير السن لقب " الشاب " مثل (الشاب خالد) و(الشاب حسني) شهيد موسيقي الراي الذي مات مغدوراً من قبل الجماعات الأسلامية وأيضاً (الشاب مامي) كما يطلق علي المغنيين من كبار السن لقب الشيخ وذلك مثل (الشيخ حمادة) الذي يعتبر من مؤسسي موسيقي الراي القدامي وهذه التسميات أنتشرت وأشتهرت من مدينة وهران الجزائرية وفي ظني أن هذه التسميات ذات علاقة وطيدة بألأدب الصوفي المنتشر في تلك البقاع لأرتباطه الوثيق بفن الموسيقي المخلوطة والممزوجة من عناصر ثقافية موسيقية متنوعة ومتعددة تعبر عن واقع هذه البقاع علي نحو منقطع النظير.أما الشيخات صغار السن فنجدهم عند عرب الخليج حيث تعادل كلمة "شيخة" كلمة أميرة والله اعلم.
وينصر دينك يا شيخ

وليد يوسف
السايقه واصله
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »

سلام يا حسن،
توضيح لكلامي عن مادونا، حسب ما جاء في حوار سمعته قبل فترة في راديو NPR، حيث ورد تعليق أنها في بداياتها الفنية اخفت صورتها واعتمدت على صوتها، الذي صنفه البعض انه قريب من اصوات وطريقة أداء مغنيات من اصول افريقية.. وكانت هناك اسئلة عن إن كانت هذه المادونا "سوداء"!


.
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

حرام على بلابله العجور!!

عصاب الأعضاء التناسلية عند غلاة الوهابين

فى إحدى قرى محافظة الأنبار (غرب العراق) يفتى غلاة الوهابين بتحريم شراء العجور
على النساء. وقتل الماعز الجبلى (كريت)كون ذيله المفرنب الى أعلى لا يستر عورته!!

تصور فتوى لمصادرة العجور من سلال النساء فى السوق???

رغم ضعف موثوقية الرابط
هنــــــــا

الفاضل الهاشمي
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
Awad Mohamed Ahmed
مشاركات: 106
اشترك في: الاثنين نوفمبر 19, 2007 9:48 pm

مشاركة بواسطة Awad Mohamed Ahmed »

الوليد
سلام كتير

وفي ظني أن هذه التسميات ذات علاقة وطيدة بألأدب الصوفي المنتشر في تلك البقاع لأرتباطه الوثيق بفن الموسيقي المخلوطة والممزوجة من عناصر ثقافية موسيقية متنوعة ومتعددة تعبر عن واقع هذه البقاع علي نحو منقطع النظير.أما الشيخات صغار السن فنجدهم عند عرب الخليج حيث تعادل كلمة "شيخة" كلمة أميرة والله اعلم


هل يكون للامر علاقة ببدايات الفن الغنائى الحديث فى المشرق العربى؟
فمن المعروف ان الرعيل الاول من المغنيين فى بدايات القرن العشرين كانوا يحملون لقب الشيخ مثل كامل الخلعى و سيد درويش و الشيخ ابو العلا (مكتشف ام كلثوم) و غيرهم
بل امتدت بركات الالقاب الدينية حتى شملت الراقصات اللائى كن يلقبن بالعالمات فى تلك الفترة
ايمان شقاق
مشاركات: 1027
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 8:09 pm

مشاركة بواسطة ايمان شقاق »

[web]https://www.imow.org/wpp/stories/viewStory?storyId=1098[/web]



https://www.imow.org/wpp/stories/viewSto ... toryId=129
إيمان أحمد
مشاركات: 774
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:27 pm

مشاركة بواسطة إيمان أحمد »

الأستاذ حسن موسى والأخت العزيزة هالة الكارب وجميع المشاركين
تحياتي
أحاول متابعة الخيط - ولا أزعم الإلمام بتفريعاته المختلفة.
هالة الكارب
سلام و شكرا على القراءة الرشيدة
إشارتك لتعدد الهويات تستحق المزيد من النبش، و سأعود لمسألة النسوان كأرض مبذولة للإغتصاب..لكن هذه الأرض تبقى مفخخة بتعدد الهويات الذي أربك السلطان في مناقشة رمبيك. و هذا باب يجيب الريح و هو مسدود.
سأحاول العودة لكل هذا في أسرع فرصة.


آمل أن أقرأ المزيد من النقاش حول هذا الموضوع، فلي اهتمام بمسألة استخدام الإغتصاب كسلاح للحرب وعلاقته بمفاهيم الجسد........ ومافي إفريقيا بس، ده سلاح "دولي"!

إيمان
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »


جيوبوليتكس جسد السبايا والجوارى:

أبو الحُسن
هاكَ شيئاً من جسد قديم ؛ جسد السبايا فى إحداثيات منحنيىْ الزمان والمكان (القرن السابع، الجزيرة العربية) (والعهدة على د. عباس محمد حسن فى تنويرنا بانحناء الزمكان فى علم الفيزياء)

جاءت حكاية على لسان أمير المؤمنين على بن أبى طالب قال فيها:

"لما أُتى بسبايا طيء وقفت جارية صماء؛ حوراء العينين لعساء دلفاء عيطاء شماء الأنف معتدلة القامة والهامة ردماء المتنين جدلجة الساقين لفاء الفخذين خميصة الخصرين ضامرة الكشحين مصقولة الكعبين، فلما رأيتها اعجبت بها وقلت لأطلبن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجعلها فى فيئ ؛ فلما تكلمت نسيت جمالها من فصاحتها"

البداية والنهاية لابن كثير

مودتى
الفاضل الهاشمى

The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جيوبوليتيك الشم؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جيوبوليتيك الشم؟


الفاضل الفاضل يا زول "جسد السبايا" ما زال ممددا على تناقضات مطلع القرن الواحد و العشرين.لكنها فولة أخرى.

قالوا القلوب شواهد، فقد كنت بسبيل نبش موضوع جيوبوليتيك الجسد بعد المنازعة التي حصلت في الخيط المعنون " و الفقر" بين أبو بكر و أبو الريش.فقد حكى ابو الريش وقائع الضيق الذي حصل له من جراء روائح بعض المسافرين " الأفارقة" في الطائرة التي كانت تقله معهم للصين. و أظن ان عبارته التي شنقلت الريكة كانت :".. المكيف الذي فوق هذا المقعد تنبعث منه غازات سامة شبيهة بتلك التي تنبعث من ملايين البشر بدءا من الأباط..".فثارت " حساسية" أبي بكر الذي سعى لأن يشرح لأبي الريش ( شفت الضبط و الربط دا كيف؟) بأن هناك تفسير للروائح الجسدية " الكريهة" باحتمالات ثلاثة منها الفقر و الجهل" و بعض الخصائص الوراثية و الطبيعية".و ابو الريش و أبوبكر شخصان مثقفان يقيمان على حساسية سياسية مرهفة و متوترة.و لعل هذه الحساسية العالية هي المسؤولة عن لجوء كل منهما لنوع البلاغة الأدبية التي تلمس المعنى هونا و تبقي العبارة معلقة في علياء" البوليتيكلي كوريكت خلف غشاء " الغازات السامة " و" الروائح الكريهة".و واقع الأمر أن مناقشة أبوي بكر و الريش ( و الزعل مرفوع) موضوعها " الصـُناح "، و الصناح عربية سودانية و المعجم يوردها بالميم " صُماح" و هي العرق المنتن، و السودانيون يقولون " الولد شمّ صناحُه" في معنى بلوغه مبلغ الرجال. و كيمياء العرق باب بحاله في لغة إيروس التي دبرها الطيب صالح في أكثر من موضع من " موسم الهجرة" كمكيدة أدبية عالية الكفاءة:
" كانت تدفن وجهها تحت ابطي و تستنشقني كأنها تستنشق دخانا مخدرا. وجهها يتقلص باللذة. تقول كأنها تردد طقوسا في معبد:أحب عرقك، أريد رائحتك كاملة".. و كما ترى فـ" صناح" البطل الإفريقي هنا يلاقي استقبالا مغايرا و يتعالى في خيال إيروس الإكزوتي لمقام الطِيب الذي حُبّب لمحمد بن عبدالله مع النساء بعد الصلاة.و شتان ما بين مقام " الغازات السامة " و الروائح الكريهة" في طائرة أبي الريش و مقام " رائحة الأوراق المتعفنة في غابات إفريقيا، رائحة المنجة و الباباي و التوابل الإستوائية، رائحة الأمطار في صحارى بلاد العرب".
الأعزاء
الفاضل و أبو الريش و أبوبكر و بقية المتابعين و المتابعات
هذا الموضوع الذي أصله في تربة الكيمياء يمتد بفروعه العديدة نحو سماوات سياسية ما أنزل الله بها من سلطان. و يلزمني نبش قد يطول في الأضابير فصبركم و من كان عنده فضل وثيقة أدبية أو فنية أو سياسية في هذا الأمر فليجد به ينوبه ثواب و أجر عظيم.
مودتي
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

_
آخر تعديل بواسطة محمد عثمان أبو الريش في الأحد مايو 17, 2009 11:37 pm، تم التعديل مرة واحدة.
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

ما حجبنى عن هـذا الخيط الهام جداً
Freedom for us and for all others
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

شكرا ولو أخيرا، للأخ حسن على هـذا الخيط الغنى والخصب.

عام 1973، كنت ضمن وفد رافق الأستاذ محمود محمد طـه الى الأبيض،
وقد زار منزلة الأستاذ بعض الأطباء، وسـأل أحدهم الأستاذ سـؤالا مباشـرا وجريئـا عن أحداث رفاعـة، وقد كان ذلك الطبيب من رفاعـة وكان ضمن الشباب الذين استجابوا لنداء الأستاذ لتحرير المرأة من السجن. فشـرح له الأستاذ موقف الجمهوريين من الخفاض، ومن أن كل الموضوع كان نضالا ضـد المستعمـر وأتخذت حادثة سجن المرأة الرفاعيـة كسلاح لأجل حشـد الناس ضـد المستعمـر.. وكان شرحا مفصلا وطويلا، اقنع الطبيب، بدليل أنه قال فى النهايـة: يعنى يا أستاذ إستغليتونـا! والله انا خايف لحد هسى قاعدين تستغلوا فينـا.. وضحك وضحك الأستـاذ ولم يعلق.
عبارة "والله انا خايف لحد هسى قاعدين تستغلوا فينـا" دى فهمهـا غميس!

بعد كل هـذه السنين والعقود، الواحد يراجع شريط الأحداث بحرية وحياد أكثر.. وبالرغـم من ان الجمهوريين لا يخفضون بناتهم، ويعارضون ذلك وسط أقاربهم وربما جيرانهم، إلا أنه لم يكتب كتابـا واحدا عن الخفاض الفرعونى، وأتمنى أن يدلى الأخوان ياسر وخلف فى هـذا الموضوع.. فقد نشرت كتب ( توعويـة) عن تعلموا كيف تصلون، وتعلموا كيف تجهزون موتاكم (تصحيح).. من سلسلـة كتب تحت شعـار "من سلسلـة كتب الثورة الثقافيـة.. ولم يصدر كتاب عن الخفاض الفرعونى وضرره على الضحيـة وعلى المجتمـع.. ولم تقم محاضـرة واحدة عن الموضوع أيضاً.. هـذا السـؤال قائم فى الذهن منذ وقت بلا إجابـة.

وهنا تعليق على ما رأه الأخ حسن من أن النضال كان ضـد التسليـم بمحاولة قيادة رأس المال الغربى لعصـر الحداثة (القادم).. ولكن لماذا التسليم بقيادة الإستعمار لأوجه أخرى للحداثة، مثل الكبارى ومشـروع الجزيرة والسكـة حديد، بل كلية (غردون) ذاتها المسمـاة على الحاكم الذى ثار عليه المهدى وهزمه.
الم يكن سهلا فى ذلك الوقت الذى كان فيه الســودانيون يعتقدون أن التعليم المدنى من الشيطان، الم يكن سهلا أن تستغل هـذه العقيـدة لمحاربـة المستعمـر أيضـاً؟
وأتفق مع الرأى أن دعاوى الحداثة كانت (ولا زالت) فجرا كاذبـا، ففى حين تسجن المرأة التى تخفض إبنتهـا، نجد فى الغرب النسـاء يتاجر بهن، ولا يعترض النظام (الحديث) على رؤيتهن كسلـع فى المتاجر وإعلانات التفزيون، فى إبتذال واضح لجسـد المرأة، وتسخيره لصالح القيمـة الماديـة.. وأدعياء الحداثة من السياسيين الغربيين ينطبق عليهم قول الشـاعـر:

برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا

فمشى في الارض يهدي ويسب الماكرينا

ويقول الحمد لله اله العالمينا

ياعباد الله توبوا فهو كهف التائبينا

وازهدوا في الطير ان العيش عيش الزاهدينا

واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا

فاتى الديك رسول من إمام الناسكينا

عرض الامر عليه وهو يرجو ان يلينا

فاجاب الديك عذرا يا اضل المهتدينا

بلغ الثعلب عني عن جدودي الصالحينا

عن ذوي التيجان ممن دخلوا البطن اللعينا

انهم قالوا وخير القول قول العارفينا

مخطىء من ظن يوما ان للثعلب دينا
Freedom for us and for all others
أضف رد جديد