تنشيط الذاكرة وروائع القص/ صالح جبران لعثمان الحوري

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

تنشيط الذاكرة وروائع القص/ صالح جبران لعثمان الحوري

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

الخور العظيم ينحدر من المرتفعات و يشق مجراه في السهل الساحلي ليصب في خليج الميناء علي وجه التحديد. هو غير عميق وجاف طوال العام .وقد يتدفق بالمياه في زمن الرزاز الشتوي . وهو يشق المدينة الي شطرين :شمالي وهو المدينة الرئيسية الحكومية ، وجنوبي وهو الاحياء الجنوبية المزدحمة بالسكان من شتي انحاء افريقيا شمال خط الاستواء ومن جزيرة العرب والسند، وفي هذا الشطر يوجد المطار و مصفاة النفط واهم الخمارات والحانات .... الخور يشق المدينة - علي يساره المنطقة الصناعية بمخازنها وورشها وحديدها ونيرانها ، وعلي يمين الخور توجد مجموعة من الاحياء الشعبيية المقامة علي ضفاف الخور ... احياء غرب افريقيا وحي الجنائن وديم جابر وهذه الاحياء عبارة عن واحة خضراء يانعة وسط اسمنت المدينة وغبار السهل الساحلي و وهج الشمس الابيض.... واحة حقيقية، فالبيوت الخشبية الصغيرة تلتف حولها اشجار النخيل و النيم والسيسبان والبرازيلي ،وتجري المياه في الجداول بعد ان ترفعها السواقي من الابار .
وفي القطاع الاوسط من الخور ، تجاه ديم جابر وحي الجنائن فاْن تربة الخور من الرمل المخلوط بالطمئ، هنا ماْوي صالح جبران في الليل . يتوسد الرمل و يتغطي بالنجوم .... وفي نفس البقعة توجد غابة السيسبان، تنمو في قلب الخور المسطح... والغابة وكر من اوكار اللصوص.... وفي الليالي القاحلة وعندما لا يكون صاح ثملا و يرقد مصابا بالارق ، فانع يسمع تحركات لصوص المدينة . لكنهم لم يكونوا ليكترثوا لانسان ماْواه رمال الخور ، وسادته الارض وغطاؤه رطوبة الليل و نجوم السماء.. و كثيرا ما كانوا يستغلونه لحراسة طريق العربات التي تعبر الخور :
عم صالح : كيف الحال ؟ خد مزمز ...
يتبع .....
-------------------------------------------------------------
طبق الاصل ...عن الملحق الثقافي لصحيفة الايام السودانية / بتاريخ 20 - 09 - 1982
آخر تعديل بواسطة عادل السنوسي في الثلاثاء يونيو 19, 2007 2:38 pm، تم التعديل مرة واحدة.
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

عم صالح : كيف الحال . خد مزمز ... نص قزازة كامل من بيت صاحبك ادم عجبنا ... خليك واقف هنا زي الديدبان .. نص قزازة وكمان جنيه ... اذا شفت اي عربية متجه عليك تنحنح بصوت عالي ... خليك صاحي زي الديدبان... فكر صالح انهم عصابة من تجار الحشيش يخفون بضاعتهم في غابة السيسبان . وقف متسمرا تحت الظلام يراقب الطريق بعينيه المتعبتين ، وهناك ناحية الشرق كانت اضواء الميناء تتلاْلاْ في ليل الصيف الرقراق ، وضوضاء المدينة تخفت بعد العاشرة مساء ...وكان صالح يسمع الهمهمات الماْلوفة و الاصوات الليلية لسكان الاحياء المجاورة وهم يعودون الي بيوتهم من مقاهي ديم سواكن او من السينما او من حانات ديم برتي وتل ابيب .
رفع صالح الزجاجة الي فمه وكرع منها تحت النجوم الرطبة و في مواجهة الميناء المتلاْليْ .. واحس بخرير العرقي الجيد في حلقه وشعر به يستقر في معدته الخاوية ... وبعد عدة جرعات كبيرة غنت النجوم لساكني الارض وغردت اشجار الجنائن تحت الظلام .
يتبع ...
طبق الاصل / عن الملحق الثقافي لصحيفة الايام السودانية بتاريخ 20 -09 - 1982
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

.... وبعد عدة جرعات كبيرة ، غنت النجوم لساكني الارض وغردت اشجار الجنائن تحت الظلام . وتحسس صالحا الجنية في جيبه . غدا سيكون الصباح حلوا عذبا ، شكرا لعصابة الحشيش ... انهم ابناؤه يلتقي بهم نهارا في الحانات والمقاهي و يعرفهم ويعرفونه و بينهم منافع متبادلة . منذ عام 1940 وهو مقيم في هذه المدينة ..اجداده من اقدم اليمانية الذين استقروا علي ساحل البحر الاحمر الافريقي ، ولقد تزوج والده من امراْة من قبيلة الارتيقة السواكنية ، فولدت له صالحا ... صالح لونه اصفر ذهبي وشعره سبط ناعم لكن ملامحه افريقية حامية ، اجداده لابيه كانوا بحارة ماهرين في البحر ، واجداده لامه اهل علم وصلاح وتقوي .. فلماذا تردي هو الي مهوي التسول ؟ هل لانه يكره ان يكون اجيرا ؟؟ ام لاْنه يكره العيش في بيوت الفقراء المزدحمة بالسكان ويحب العراء و السماء الكشوفة وطراوة الليل في المناطق الخلوية ؟ ام هو حب الخمر وادمانها الذي جعل منه شحاذا يعيش علي التسول ؟
يتبع ............
صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

متابعك يا ود السنوسي. بس تلزمني قراية "ورقية" (أي خارج الإسفير الإلكتروني هذا- كما قد يسميه "فردة")- بل وإعادة قراية- متمهلة لشغل أستاذنا عثمان الحوري المميز، في جملته، لذا سأحاول طباعة حكاية "صالح جبران" هذه وقراءتها بالتمهل الذي ينبغي لها، وإن يتوفر لي كلام عنها بعد ذلك سأقوله.

سلام يا زول.
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

شكرا يا ابراهيم اخوي علي المرور والاهتمام والمتابعة ... انا والله مقصر وكنت اود كتابة القصة كاملة = مرة واحدة = ولكني زيك ، لا اطيق القعدة الطويلة امام الكي بورد ، كما اني لست حريف كومبيوتر ، ولكن ساتابع واكمل القصة الرائعة اعلاه ..
الاخ عثمان الحوري صديق عزيز = رائع = ولكم تجولنا معا في ازقة وحواري بربر و (اناديها ) في السبعينات و اوائل الثمانينات من القرن المنصرم ، وهو لم يزل بخير ، وان كان قد توقف عن النشر ! واسمح لي ان اعرج الي الاخ المبدع بشري الفاضل ، العضو هنا = في هذا المنبر = الذي امتعنا في السبعينات خلال الملحق الثقافي لجريدة الايام وايضا الصحافة ، صاحب قصة (الغازات ) واحيه من هنا واقول له : انا كنت راكب في نفس (البص ) بتاع الغازات ، وكنت اقف وراء (سعاد ) و (قاسم ) الشرطي الذي تحول الي ( بنبانة ) حقودة .... واقول له لاول مرة ، باْني قد قراْت ( مخطوط ) القصة قبل نشرها ( في ملحق الصحافة ) ، وانا متابع ، او (احاول ان اتابع ) كل مايكتب الاخ بشري ، واتمني ان يدخل هنا .. فذيل هاهينا مخزن احزان ....
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

استيقظ صالح من النوم منزعجا ، فكاْن شخصا قد جذبه من قميصه بعنف ليصحو ... وكان في اللحظات الاخيرة من نومه قد احس شيئا كخربشة الاظافر علي وجهه و كسقوط القذي في العيون و الاسواْ من كل ذلك ، انه استيقظ جافا متخشب الجسم و مرتجف الاطراف و يحتاج لكوب من الخمر ليستعيد توازنه.... ليلة امس قد شرب كثيرا ... نهض من الرمل باعياء شديد مستعينا بعصاه، وكان يري الاشياء من حوله بطريقة مشوشة ، كاْنما من وراء لوح زجاج به شقوق وعليه تراب . الشمس اشرقت ، افواج من الناس كانوا يخبون سائرين علي طرقات الخور قاصدين قلب المدينة ... كان صالح يحس باْن ثمة مكان شاغر في راْسه ، فكاْنه ترك اذنه اليمني علي الارض الرملية ... وكان يحس بالام غامضة في اماكن متفرقة من جسمه .. وبدون ارادة واعية رفع يده اليمني و تحسس عينه اليسري . وجد مكان العين خاليا وتبللت اصابعه بسائل لزج و بشئ من الدم . وفي الحال لسعه الم حاد في مكان العين التي اكتشف عدم وجودها . الم حاد.. كان في الانتظار . انتفض صالح بالفزع و راح يهرول كحصان اعمي . احد الرجال جاء من جهة حي الجنائن و راْي الاطفال متجمهرين علي حافة الخور ... ساْلهم : عمكم دا مالو يا اولاد قام جاري ؟ كل واحد من الصبيان حاول الفوز بالرد علي السؤال ولكن اكبرهم سيطر علي الموقف و قال : الراجل دا كان نايم في الخور ، الغراب نزل فوق راسو واكل عينو وهو نايم .. الراجل صحا من النوم لقي عينو مافي ..قام يجري ........
يتبع ...
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

اها ...وقفنا وين ؟ اها ..... I get it ... طيب نواصل ...
-----------------------------------
ضحك الرجل و ضحك الاولاد المتجمهرون عند حافة الخور و من بينهم اطفال الثري محمد احمد القاضي الذي يوجد بيته بالقرب من مكان الحادث .... و اطفال سيد عبدالكريم المساعد الطبي في المركز الصحي ..
و في بيت ادم عجبنا كان سكان المنزل متجمهرين حول الشحاذ صالح جبران الذي يعرفونه حق المعرفة ، فهو من زبائن المنزل المستديمين .... ومنزل ادم عجبنا ينقسم الي شطرين : شطر لسكن عائلته ، و الشطر الاخر هو عبارة عن مقهي او حانة يتجمع فيه الزبائن نهارا و شطرا من الليل حيث يبيع لهم صاحب البيت اكواب العرقي المسكر ، و يبدو ان حكاية الغراب الذي اكل عين الشحاذ قد راجت بين الحاضرين من رجال و نساء و اطفال . و كلهم من النازحين من جبال النوبة في كردفان . سود الالوان غلاظ الاجسام و يرطنون بلهجتهم المدمدمة .. كانو يضحكون بمل ْ اشداقهم و هم يرون منظر العين التي سمل الغراب بمنقاره الحاد بؤبؤتها و ترك مكان البؤبؤة حفرة مظلمة يسيل منها سائل دمعي لزج مع شيئ من الدماء ... و كان الرمشان يهتزان و ينفتحان و ينغلقان و كاْنهما فقدا وجودهما ..... و كانت ربة المنزل الحسناء السمراء ، التومة ، اكثر الحاضرين احساسا بفداحة المصيبة التي حلت بصالح المسكين .. وبما انه من زبائن الحانة التي يديرها زوجها ، وبما تعلم تعلم انه ينام علي رمال الخور ، و بما انها تعلم انه ليلة امس كان قد شرب كثيرا بعد يوم موفق في التسول . بما انها تعرف كل ذلك ، فانها كانت تحس احساسا غامضا بالذنب نحو صالح ، و علي صرامتها مع الزبائن فقد ملاْت لصالح كوبا من العرقي البكري و قدمته لها بنفسها فكرعه علي دفعتين و هو يتمطق طعمه المرير ، و ملاْت له كوبا اخر فكرعه علي مهل و هو يحكي للحاضرين حكايته و لقد هداْت اعصابه بعد الكوبين واسترخي جسمه ... و راح يحكي تفاصيل الحادث بتظرف واضح مضيفا اليه تفاصيل من خياله ... ولقد تبرعوا اليه بكوب ثالث فرابع ......
يتبع ...
طبق الاصل عن الملحق الصحافي لصحيفة الايام ، عدد 20/ 09 / 1982
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

خدرته الخمر القوية فنسي الام عينيه وراح يستمتع بكرم المستمعين الضاحكين وفي اعماقه كان يحس بالامتنان للغراب الذي سمل عينه . فلقد كان صالح يكدح طول النهار في التسول ليجمع ثمن كوب واحد..اما الان فهاهي الاكواب تتري عليه في مقابل عينه التي اسقرت في حويصلة الغراب .
وعندما ارتفعت شمس الضحي،ذهب جماعة من رواد حانة ادم عجبنا بصالح الي المركز الصحي بالحي.كان ثملا ولكنه عادة يكون في احسن احواله عندما يكون ثملا.وعندما تاْكد المساعد الطبي من صحة حكاية الغراب ضحك بملْ فمه واشرف بنفسه علي غسيل العين بالسوائل المطهرة.وخرج صالح من المركز الصحي ونصف وجهه ملفوف بالاربطة الطبية الناصعة البياض يحف به رجلان من ال ادم عجبنا.ودخل صالح منطقة السوق يحرسه الرجلان..توقفت حركة البيع والشراء تماما وتجمهر الناس حول صالح.كلهم يعرفونه فهو شحاذ شهير..
وفي الحال ،وبدون ان يدري احد كيف، تكونت لجنتان متنافستان لجمع التبرعات لصالح المسكين.اللجنة الاولي برئاسة محمد شريف مؤذن الجامع..واللجنة الثانية برئاسة ادم عجبنا.اللجنة الاولي مجال عملها المساجد ودعاتها المصلون.واللجنة الثانية كانت اكثر حنكة واقوي دافعا واحسن تنظيماواصلب عودا..واشتعل التنافس بين اللجنتين عندما عرف كل رئيس لجنة هوية صاحبه،، اللجنة الثانية اتجهت نحو اصحاب المتاجر الاثرياء و الجزارين من اصحاب الحظ والكيف ورواد المقاهي والحانات السرية المنتشرة وسط الاحياء الجنوبية..ولقد وجد ادم عجبنا فرصة ليبرهن لسكان المدينة حبه لعمل الخير..وكانت زوجته الحسناء السمراء التومة،تطوف علي ربات البيوت ومعها وفد من قريباتها لجمع التبرعات..بعد يومين كانت المبالغ قد تجمعت عند التاجر محمد احمد القاضي ومعها كشوفات الممولين نساء ورجالا.خمسمائة جنيه!وقال احد الخبثاء ان المدينة دفعت بسخاء من اجل النكتة المضحكة.وكان الجزء الاكبر من حصيلة لجنة ادم عجبنا.ولقد كان ما فعله الغراب مضحكا و التنافس بين اللجنتين هو الاخر كان مثيرا للتندر.لجنة يراْسها مؤذن الجامع،ولجنة يراْسها صاحب حانة سرية...
ساْواصل..
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

واستدعي صالح ليستلم المال..وفي ذلك اليوم كان صاحيا ولم يشرب قطرة من الخمر.كان المبلغ ضخما بالقياس الي اوضاع شحاذ ولم يكن صالح يبدو سعيدا-بالعكس كان يبدو علي غير عادته صارما ومهموما وشارد الذهن.
لقد كان مفلسا وسعيدا.وها هو الان يملك مبلغا من المال ولكن السعادة وخلو البال فارقاه..ولقد اقترح احد اعضاء اللجنتين ايداع المبلغ في حسابات البوستة علي ان يعمل صالح دفتر توفير يسحب بواسطته اي مبلغ يشاء وقت الحاجة .جاء الاقتراح من محمد شريف مؤذن الجامع - وكان يفكر ان خمسمائة جنيه سوف تبدد في حانة ادم عجبنا ،ولكن التاجر محمد احمد القاضي قابل الاقتراح بالرفض الصارم علي اساس انه لا يجوز الحجز علي مال الصدقة واقترح المساعد الطبي سيد عبدالكريم انه محتاج لخفير ليلي للمركز الصحي وسيقبل صالحا لهذا العمل،ولكن صالح رفض المنصب وكانت نظراته المهمومة الشارة تسرح في البعيد ...وتسلم المبلغ محفوظا في كيس من القماش وبعد ذلك اختفي تماما كاْن الارض ابتلعته ولم يعد احد يراه في الشوارع والاسواق والمقاهي والحانات...
بعد ثلاثة اعوام بداْ يظهر في عالم المدينة ( صالح عين الغراب ) رجل يملك اسطولا من مراكب الصيد..بعضها يسير بالاشرعة والبعض الاخر يسير بماكينات الديزل،ويعمل فيها عشرات من الصيادين الاجراء. هذه المراكب بعضها يسرح في البحر حتي مياه اليمن ،وتبيع محصولها من الاسماك في جدة وينبع وابها وبورتسودان وحلايب وعقيق.وفي كل مدينة من هذه المدن كانت توجد وكالة لتوزيع الاسماك باسم (صالح عين الغراب) ....والمدن عادة ترحب بغزاتها الفاتحين دون ان تساْل عن هوياتهم.وعندما ينبغ رجل في مجال المال والاعمال، فالمدن عادة تهتم بحاضره وتتجاهل تماما ماضيه،وتضمه اليها في اعجاب واعتزاز..لا معني الا للنجاح.ولكن صالحا ظهر ذات يوم في حانة ادم عجبنا.كل شيء وجده كما تركه..لم يتغير شيء الا الاسعار،فلقد تضاعف ثمن الزجاجة من المشروب عدة مرات واشتدت حملات البوليس وارتفعت غرامات المحاكم ارتفاعا رهيبا والسجن لعدة اشهر اصبح من ضمن الاحكام،لكن ادم عجبنا كان مازال علي حاله مبسوطا،معبرا،بشوشا وصارما.
وفي الحال امر صالح بذبح خروف علي نفقته بعد ان اوقف عربته في الخور بالقرب من المكان الذي كان يقضي فيه الليالي..وكان يبدو في ثياب فارهة وفخمة ووجهه لامع وحليق .علي عينييه نظارة سوداء،وعلي راْسه عباءة سعودية من الحرير الخالص..وفي اصابعه خواتم من الذهب الخالص واهدي للتومة ثوبا غاليا رائعا ولادم اهدي ساعة يد من اجود طراز.وجاء زبائن الحانة من جميع الجهات فشربوا حتي سكروا بالمجان واكلوا لحم الخروف...وجاءت الاعواد والكمنجات وغني فنانو الحي واخرج صالح من حقيبته مفاجاْة الحفلة : غراب محنط،فضج المكان بالضحك وسرد لهم القصة :
( تاني يوم من الحادث نمت في الخور.. وصحيت بدري ورقدت كاْني ميت،قبل الشروق جاء الغراب الفالح لياْكل العين التانية..حط علي راْسي فكبست عليه ومسكته من جناحيه ونتفت ريشهما.. وحملت الغراب في رحلاتي حتي مات بعد سنتين عندما كنا في السويس.حملت الغراب الميت الي صاحب اجزخانة فقام بتحنيطه جيدا..وهو يتبعني الان ميتا بعد تبعني حيا )
عزفت الموسيقي وغني المغني ورقص الراقصون والغراب الميت المحنط يتفرج علي الحفل بعينين جافتين وهو موضوع علي منضدة عالية مطلة علي حلبة الرقص.
( انتهت )
طبق الاصل
أضف رد جديد