جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

الأحباء هُنا
الدكتور حسن موسى وأصحاب الملف :
تحية واحتراماً


للنهل من هذا المورد أن نجد فُسحة زمان أو عُطلة .
لا أعرف هل تم عرض الموضوع أم لم يتم ، لكنني أذكر
رقص الذكور ومن كبار السن في حلبة الرقص على مديح رسول الله
وسط زغاريد النسوة . ( المنطقة أمدرمان القديمة ) .

نورد هُنا مقال لي عن ليلة مع الشيخ علي المبارك المادح كنتُ أصفها كما هي :

مرفق النص :


أُمسية مع الراحل/ الشيخ علي المادح .

منْ يُجلِ السرائر غير المولى صاحب الزمان والمكان ، ومن يفتح كنوز النفس البشرية لننهل من مائها العذب غير المعبود الذي احتجبت صورته ترفقاً بمُحبيه .

عندما سأل أكرم الخلق سيدنا عُمر :

ـ أي الناس أحب إليك ؟ .

تلعثم الصحابي الجليل ، فذكَّره المُصطفى عليه الصلاة والسلام بمحبته . تصغُر محبة النفس وتَعظُم محبة المُصطفى . صلاة عليه ذكراً عند كل لمحة ونفسٍ . ففي مُقتبل العُمر تعلَّق قلب الشيخ ( علي المادِح ) بحُب رسول الله ، فحَباهُ المولى بصوتٍ جهير ، و بعُذوبة تزوي عند سماعها الطير لتتسمَّع تغريد الوَلِه الذي عشِق الحبيب .

وجه ( علي ) نضَّره المولى بإصباح عجيب . مربوع القامة ، وضَّاح بسُمرة . نَضار يكسو قُرص وجهه . ضفائر معقودة ترتاح على الكَتِف . وقَّاد النظرة ، حَور العينين يُشرِق . تأخذك محبتُه من أول نظرة . تخرج الطُرفة من فمه بريئة يكسوها الورع من الزينة والزُخرف ، حتى تحسب أن روائح النعيم قد عرَّجت عليك في دُنياكَ لتُغريك بالخير لتفعل ، ويسلَم المُسلمُون من لِسانَك واليد ، ومن كل قسوة تتخفى من لُغة تجاسرت أو طبع طَفَح .

ذكَّرني الصديق ( النيَّل عبد الرحمن المُقدم ) بأن ( علي المادح ) سيؤنِس مساءنا الخميس القادم ، ويُعطرنا بمديح رسول الله . قلت له :

ـ دوماً تُحدثني عنه وألقاه أنا دوماً على عجل ! .

عند التلفزة أحياناً ، يأخذني وهج الإيحاء فأتسمَّر مُشاهداً له ، أنسَ الدُنيا ومن عليها . يُمسِك هو بأحرُف كلمات الشِعر، يستنطقها، ويرُويها من سلسبيل صوتِه الريَّان الذي تضمَّخ بالتجويد القرآني . تشتدُ أوتار الحُنجُور ، وتُرفرِف ريح الصدر وتهتز الأوتار صعوداً مُستغرِقة ، وهبوطاً غارقة في نعيم التصوف الشجي .

على مجلس الكِبار حجزتُ مكاناً وثيرا في المُقدمة مع أعمامنا نُطِّل على الباحة أمام الدار . الطقس أنعم علينا وتجلى ، أمسك قبضة من نسيم الربيع المفقود ونثر بَوحه علينا . فُرِش السجَّاد من تحت أقدامنا وغطى الباحة أمامنا . توسط الشيخ ( علي المادِح ) المجلس مُتقرفِصاً وعلى اليمين واليسار جلس الأحباب معه في الإنشاد . الإيقاع الرشيق رويدا يأخذ بالأسماع.
بدأ ( الشيخ علي المادح ) بإنشاد قصيدة الشيخ ( أحمد ود سليمان )
( ضوء الليالي السود ) :
صاحب اللواء المَعقُود ضوء الليالي السود
أعطوكَ الشَّفاعة وحوضَك المورود
صاحب اللواء المعقُود
بسم الله ابتديت بالواحد المعبود
الصَّمد القديم الباقي حي موجود
صاحب اللواء المعقود

بدأ واضح النبرات ، أضاء المكان بصوت يتلألأ . غرَّد المُحب العاشق ، شقَّ الليل بأنواره ، يُعرِج بك في الصفاء : سماء تتلوها سماء ثم أُخرى ، وتغرف أنتَ من النعيم و تشرب. تقشعِرَّ الأجساد من مُلامسة الإيقاع التصويري وتهتزّ الرؤوس وتطرب القلوب .
يُمسك ( حاج أحمد ) بعصاه يتوسط الباحة راقِصاً ، تدور العصا في هالة قُرص من حول رأسه و ( يَعرِضْ ) . قليلاً ثم تتكئ العصا قُرب خصره ، وبدأ ( رقص الحمام ) . زغاريد النسوة تشَق عنان السماء ، ونحن نغُوص في مقاعدنا الوثيرة تعصُف بنا الأشجان . اضطراب للنفس عظيم حين يموج جسد الشيخ الكهل بنضار شباب اليوم !. لم يكُن

( من تُقل المَرَجرَج و الخايض الوَحل ْ )
، بل غُصن يتلوَّى مع النسيم ! .

يصدح البُلبل العاشِق :

سنَّيت بالرسول ضوء الليالي السود
مصباح الظلام الفَضلو ما مجبود
صاحب اللواء المَعقُود
يوم هَول القيامة النار لِسانا يقود
جانا المُصطفى وخمَّدها لينا خمُود
صاحب اللواء المَعقُود
يوم وُضِع الرسول النور هِلال ضوى
حَاضرات فِي النِساء مَريَم معَ حواء
صاحب اللواء المَعقُود
لولاك يا الرسول لا كان ولا كُنَّا
لولاك يا الرسول ما بَانت الجنَّة
صاحب اللواء المَعقُود
لولاك يا الرسول الدُنيا ما كانتْ
لولاك يا الرسول الآخرة ما بَانتْ
صاحب اللواء المَعقُود
....................

في ربوع ( الفتيحاب ) القديمة ، ترى الأنجُم ساهرة و بيوت الطين نائمة تُطل على النيل الأبيض . هُناك مرتع صبا الشيخ ( علي المادح ) . فيها نشأ وأضاءت شمسه ثم غرُبت في ريعان الصبا ، و فيها سُجيَّ و وُريَّ الثرى . تترفق الأرض ويتسع حِياض باطنها مزرعة للأجساد عند انقضاء الآجال ، أوحين تُرفعُ أبسطة العُمر وترحل الأرواح إلى أفنانها التي لا نعلم .
رحمه المولى وأنـزل على قبره ماءً ينسكب من أباريق الجنان الموعودة يُزهر ، ويُرطِّب الأكباد المُنفطِرة ويلُمَّ العقد النفيس الذي انفرط من مُداح رسول الله ، وهم يتبعون ظلال الخير الوارفة عند ذكر الحبيب المُصطفى . ينتشلوننا من غُبار الدُنيا وملذاتها . يطوَّفون بنا عشقاً بمدحه ، ألف صلاة وألف سلام عليه .

في ذكرى رحيل الشيخ علي المادح ، نمسح دمعاً عن المآقي .

ألف سلام عليه في مرقده ، وألف قارورة عطرٍ تنسكب من الجنان السرمدية
بإذن مولاه .

ذهب الجسد وبقيت السيرة ، و ما أطيبها سيرة .

عبدا لله الشقليني
18/03/2006 م
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جيوبوليتيك الجسد 32

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جيوبوليتيك الج 32

محمد عثمان دريج
شكرا على رابط ندى القلعة و سأعود لجوانب من هذا الأمر الجليل.
مصطفى آدم
إنت ناس العباس ديل كانوا بحملوا السوط بالجد؟ و لا البطان دا استلفوه من نسابتهم النوبيين؟
الشقليني
رقص الذكور في حلبة الذكر فيه جوانب غميسة ، أغمس من رقص الإناث، و هو محتاج لجكّة أطول من جكة رقيص البنات.



اولاد العرب و عبيد الشايقية

و رسالة للفاضل

دوميسارق في 12/12/2004
الفاضل الفاضل،
سلام جاك يا زول و ألف شكر على رسالتك العامرة، و هذا يا صاحبي تعليق على عجلة أخرى من عجلات الشيطان ـ شيطان المشاغل ـفعفوك حتى أعود بتأنّ لمجموعة الملاحظات النقدية المركبة في مكتوبك، و التي أضاءت عندي بعض خوافي أدب الجسد في السودان.
وبعد..
أولا بالتبادي، في نقطتك نمرة تلاتة، في خصوص " مشهد أولاد العرب" فأنا أرى أن ربط مشهد القوم بالعنصرية هو ، من جهة ، يدخل في باب تحصيل الحاصل ، كون عبارة " أولاد العرب " نفسها ، في خشم سيدها، مولانا البروفسير عبدالله الطيب المجذوب، سليل" الفقرا" و حارس اللسان العربسلامي في بلدان أفريقيا قاطبة(و كمان " ود عزّتين و شبعان لكاعة" كما تعبر بلاغة أهلنا في دار حَمَر)، أقول: ان عبارة " أولاد العرب" إنما تنضح بعنصرية غليظة غاشمة ، بل ان غلظتها و غشامتها تشفعان لها فأصنـّفها في باب الأدب الشعبي الواسع.و " أدب الشعب " ـ الذي هو على صورة الشعب نفسه ـ بحر من التناقضات فحدّث.أيوة ، حدّث عن الطيب و حدّث عن الخبيث في أدب هذا الشعب، شعبنا..حدّث عن وضع المرأة و عن الإستعلاء العرقي و عن الرق و عن الخفاض و عن تراث الإستبداد السياسي مما جميعه، و أنت أدرى بـ "أولاد العرب" المقيمين في موقع النخبة المثقفة في بلادنا دون أن تحصّنهم ثقافتهم الحديثة من إعتبار الرق سبّة تشين العبد المسترق دون سيده.( أنظر رسالتي للأخ حيدر ابراهيم علي طيّه)




(فاكس لحيدر)
18/9/1999
دوميسارق
حيدر يا أخانا الذي..
سلام جاك [ و لو]" أكل عشاك و مشى خلاّك"، كون السلام في الزمان الراهن صار " أندر من الكبريت الأحمر".وصلني فاكسك اليوم في خصوص الـ " ديسك" بتاع نص ورقتي التي قدمتها للندوة، و قد توكلت على الحي القيوم و بعثت لك بنسخة جديدة بالبريد اليوم 17/9 و لو وصلتك فاعلم أن بعض التنقيح قد لحق بها في بعض المواضع، و هي أفضل من سابقتها فتوصّى بها و جنبها مشقات التصحيف ينوبك ثواب.
أما بعد .. و أما قبل، فقد كانت القاهرة في ذلك الصباح(4 أغسطس 99) زحاما حبيبا من السودانيين في بهو المجلس الأعلى للثقافة،شيء كصباح العيد، رجال و نساء و أطفال يتصافحون و يضحكون بصوت مرتفع.
كنت قد فرغت من مصافحة الأصدقاء، و وقفنا ننظر لبعض في عجب من كوننا نلتقي ـ باسم الثقافة ـ في مثل هذا المكان ـ بعد إنقطاع طال سنوات ـ و باسم الثقافة أيضا.إتسعت حلقتنا و علت أصواتنا بالسؤال عن الأحوال. محمد المهدي جاء من الخرطوم ليتحدث عن الطيب صالح و مسألة الهوية ،إشراقة جاءت من فينـّا لتتحدث عن الإعلام و التنمية،محمد خلف الله و عبد السلام سيدأحمد جاءا من لندن، و أحمد الأمين البشير و اسمعيل عبد الله من الولايات المتحدة. محمد عبد الخالق ، الباحث الشاعر الشاب المقيم في القاهرة، قال لي : أتابع كتاباتك ،و كنت أظنك أكبر مما يبدو عليك. و لم أقو على كتمان الخاطرة، فقلت : أنا أيضا كنت أقرأ لك و في خاطري أنك أكبر مما تبدو عليه، و على كل ، إن كان للثقافة السودانية فائدة ، فهي في كونها أتاحت لنا أن نرى بعضنا و نضع وجوها على الأسماء التي عرفناها على الورق عبر السنوات.و ضحكنا،فرغم الشتات ظلت تربطنا الكتابات و المتابعات المنشورة في مطبوعات و صحف المنافي غير المنتظمة. و أظن أن فرحتنا الغامرة باللقاء كانت من جراء المشاهدة التي حصلت بعد الجوابات.
الصديق فضيلي جماع شاعر و متحدث ماهر، حيّى الحاضرين و حيّى الطيب صالح الذي انعقدت الندوة على شرفه، و قدم لحديثه بعبارة مأثورة لشاعر أمريكي (إيميرسون؟) و قال : " رجا واحد عظيم يصنع أغلبية"( و أظن أن الصحيح: " رجل واحد شجاع يصنع أغلبية")، و ما يهم؟فنحن هنا شجعانا و شعراء و فنانين و أدباء و باحثين و معلمين تشابكت أقدارنا و مصائرنا من جراء تبعات التقدم و الديموقراطية فاستحلنا، رغما عنـّا، إلى نوع من " أقلية ساحقة" لم يعد السياسيون يملكون القدرة على تجاهلها في الطرح السياسي الراهن في بلادنا.ففي السابق كان ممثلو السلطة السياسية يتحدثون أولا ثم يأتي المثقفون بعدهم ليتولوا مهمة الشرح و التعليق و التأمين على هوامش الخطاب السياسي الذي عرّفه رجال السلطة السياسية.اليوم نلتقي مع السياسيين في المنفى كما نلتقي مع "عزيز قوم ذلّ" و نتحدث و نفتح باب النقاش لنشرّكهم في الكلام إحسانا، و هذه حظوة كبيرة ندين بها لملابسات العمل السياسي في المنافي، و لعل أميز مؤشّر على إنقلاب العلاقة بين المثقفين و السياسيين في السودان هو أن السياسيين السودانيين صاروا يتحدثون في قضايا الهوية الثقافية داخل الخطاب الذي طرحه المثقفون. و تشهد على هذا الإقتطافات ( الإجبارية) من أشعار أدباء الهوية، التي يضطر لها القوم لتوضيح أو لدعم حججهم السياسية.كما تشهد عليه الحظوة ( السياسية؟) التي احتازها بعض رجال الأدب و الفن.( الطيب صالح ، المجذوب، عبد الحي ، فرانسيس دينج، محمد وردي ، محمد الأمين و مصطفى سيدأحمد، ممن نجحوا في بناء صورة الرمز الموحـِّد التي يلتقي حولها إجماع الجمهور..
و على سيرة الطيب صالح ، فقد لاحظت أن هذا الرجل" المشجب"( على حد عبارته"و ما أنا سوى مشجب" في كلمته الإفتتاحية)، قد كان نوعا من" قنطرة" بين " الأجيال"، في تلك الصالة التي اصطفـّت فيها أجيال أهل الهم الثقافي في السودان في هارمونية عجيبة.لقد اختار الطيب صالح لنفسه صفة " المشجب"، و كنت أظن أن صفة "القنطرة" تليق به أكثر، و كنت شجبت عنده ميلا للحديث في السياسة السودانية بغير احتراز و عبت عليه كونه نصّب نفسه مدافعا عن عرب السودان و مسلميه ضد أفارقته و مسيحييه( أنظرجريدة " الخرطوم" 26 أبريل 98)، بل و غتايت في ذلك حتى وصفته بأنه " عبد شايقية".كان هذا في أحد أعداد " جهنم"(رقم 9).و قد شعرت من تعليق المعلقين أيام الندوة أن هذا العدد، هو أكثر أعداد " جهنم " شعبية و أوسعها انتشارا.فقد أسرّ إليّ أكثر من شخص بأنهم لم يحصلوا إلا على هذا العدد، بينما طالبني غيرهم ، إن كان في الوسع، أن أبعث لهم بالعدد.بل أن " جهنم "، التي لا تطمح لأن تصير صحيفة سيارة ، نالت شرف الإستشهاد ( يا لها من عبارة) في صحيفة " الخرطوم" ، فاستـُشهـِد بما جاء فيها في شأن الطيب صالح،ضمن مقالة غاضبة عنوانها" لماذا تجتهد جريدة جهنم في إحياء العنصرية؟"، خطها قلم الأخ أحمد محيسي من" أبوظبي". و هي مقالة ظاهرها الدفاع عن الطيب صالح، و باطنها الدفاع عن قناعات السياسة اللغوية لدولة العربسلامية في السودان، على زعم أن ذيوع العربية و كتابتها يسوّغ اعلانها لغة رسمية للبلاد، فتسهم في " توحيد الشعور العام الوطني و الإنتماء.. و تقريب الأفراد و القبائل إلى بعضهم البعض و توحيد وسيلة التخاطب و لغة التعليم و الإدارة".
و منذ اليوم الأول للندوة سمعت الإشارة الغاضبة لكلمتي في شأن الطيب صالح، أثناء تقديم الأخ أحمد محمود لورقته" نقد عقل الضد و التعرّض التاريخي و الراهن مع الثقافة العربية في السودان". و أحمد محمود مدافع آخر بين المدافعين عن الآيديولوجية العربسلامية السودانية التي تعتقد في " دور توحيدي للثقافة العربية"، كثقافة سائدة بين ثقافات السودان الأخرى.أشار أحمد محمود لجهنم و اختار من كلمتي في شأن الطيب صالح عبارة " إنت عبد شايقية ، مالك و مال العرب؟" ليختم بها مداخلته في الندوة.و قد انتحى بي بعض الأصدقاء جانبا ليتحققوا من الأمر الذي رأوه مستبعدا، فأكـّدته لهم و تعجّبوا و طلبوا مني نسخة من عدد " جهنم " مقطوع الطاري.و بدا لي أن وصفي للطيب صالح بكونه " عبد شايقية " قد صار مثل " حجوة أمضبيبينة" في خطاب المدافعين عن العربسلامية السودانية ، الذين يهجسهم صفاء عرقهم العربي الهابط من سبط العباس.. أو كما قال.و بدا لي أيضا أني لمست وترا حساسا في نفسية هؤلاء المستعربين المتكلمين في الهويولوجيا السودانية و خاطرهم ما زال أسير العقد العرقية للمجتمع العربسلامي التقليدي في السودان.و هو مجتمع ما زال قادرا على فسخ الزيجات بين المحبين بدعوى عدم الكفاءة العرقية (و " العرق دسّاس").
المهم يازول، بدا لي أنني ،من جراء قولتي المشاترة في حق الرجل / الرمز الطيب الصالح، قد انمسخت لنوع من " وحش الشاشة" الثقافية، أو كما قال لي الأخ محمد محمود، عشية تقديمي لورقتي:" أنا كنت قايلك إرهابي ساكت"، فضحكنا معا و افترقنا.غير أن عبارة الطيب صالح في وصفه لنفسه بـالـ "مشجب" بدت لي أكثر صوابا.فقداستخدمته أنا في حديثي كمشجب علّقت عليه نقدي للعربسلاميين، و استخدموه هم لتعليق تبريراتهم و استهجانهم لنقدي، و لنقد غيري .
و واقع الأمر أن ظاهرة الرق في السودان إنما تنطرح كجزء من تاريخ المجتمع السوداني.و نحن الموجودون اليوم لم نختره ، لكننا لا نملك نكرانه، دون أن يلهمنا ذلك مفخرة أو مشانة، حسب موقعنا من عواقب مؤسسة الرق في السودان.و أنا لا أعرف ما إذا كان الطيب صالح " عبد شايقية " أم لا، فهذا أمر لم يشغلني في يوم من الأيام، و إنما خطرت لي العبارة المذنبة كـ " فخ " نفسي أنصبه لأولاد القبايل المتكلمين في الهويولوجيا السودانية، و يبدو أن " الشرك قبض ". فإن كنت قد جدّفت في حق أديبنا الكبير، فهذا شيئ ألام عليه( و " خليهو يمسحها لي في راسي" كما يعبر أهلنا )، و إن كان الأديب الكبير يملك أن يجاهر بانحداره من سلالة رقيق الشايقية فعلا ، فهذا يفسد عليه مقولاته العرقية في الدفاع عن عرب السودان فلا"ينقطع دابرهم" مثل عرب شرق أفريقيا أو عرب الأندلس إلخ..
و إذا كان الأديب يعتبر أن وصفه بصفة " عبد شايقية " مما يعيب فالرماد كال حمّاد، ذلك أن إعتبار صفة العبودية سبّة إنما يعيب كل من يتورط في نفي العبودية عن أصله. و في تحليلي النهائي، فكل من يعتبر العبودية سبّة في سودان اليوم، هو شخص معيب معاب لا يستحق أخوّة سلالات العبيد الموجودين بيننا و الذين يناضلون معنا من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان في السودان".
حسن موسى
18/9/99

سأعود لمواصلة ما انقطع من رسالتي للفاضل الهاشمي..
صورة العضو الرمزية
ÚÕÇã ÃÈæ ÇáÞÇÓã
مشاركات: 814
اشترك في: الأحد أكتوبر 23, 2005 4:48 am
مكان: الخرطوم/ 0911150154

مشاركة بواسطة ÚÕÇã ÃÈæ ÇáÞÇÓã »

مهرجان موحد للرقص المعاصر في 3 عواصم عربية للمرة الأولى

ينطلق في بيروت اليوم وعروضه تمتد إلى عمان ورام الله

صورة
بيروت: كارولين عاكوم / صحيفة الشرق الاوسط

إنها المرة الأولى التي يبدو فيها الرقص فنا له كيان ومؤسسات أهلية عربية متضافرة تعمل من أجله. وابتداء من اليوم ينطلق مهرجان عربي دولي كبير هو الأول من نوعه، تتزامن عروضه على عدة مسارح لبنانية واردنية وفلسطينية، بمشاركة فرق عربية ودولية، ويستمر على مدار 18 يوماً، وهو ثمرة جهود كبيرة في العواصم الثلاث، من أجل إحياء التبادل الثقافي العربي ـ العربي المنفتح على الثقافات الأخرى.


تحتفل بيروت ورام الله وعمان في وقت واحد، بمهرجان موحد لـ«الرقص المعاصر»، تنظمه شبكة تبادل الأنشطة الثقافية «مساحات» لتنمية التبادل الثقافي والفني وتطوير مفهوم الرقص المعاصر ونشره في المنطقة. والمهرجان هو ثمرة تعاون ثلاثة مهرجانات عربية هي: «ملتقى بيروت الدولي للرقص المعاصر»، «مهرجان عمان للرقص الدولي»، و«مهرجان رام الله للرقص المعاصر». وقد قررت أن تعمل هذه المهرجانات مجتمعة لتنمية الطاقات الابداعية وتهيئة المواهب، لتساهم في تأسيس مشهد رقص عربي معاصر، وافساح المجال للقاء مصممي رقص دوليين واكتشاف مواهب جديدة.

تفتتح العروض اليوم عند السادسة مساء على «مسرح مونو» في بيروت مع فرقة برازيلية، بينما تبدأ العروض في عمان يوم 21 من الشهر الحالي وتستمر لغاية 3 من الشهر المقبل، في ما تفتتح في رام الله يوم 24 وتستمر لغاية 5 مايو (أيار).

وتشارك في ملتقى بيروت، الذي يقدم حفلاته يوميا حتى 29 من الشهر الحالي، فرق من دول عدة، اضافة الى لبنان، أهمها اسبانيا والبرازيل وصربيا ومصر والدنمارك وتونس، وتتوزع هذه العروض في بيروت على مسارح «مونو» و«المدينة» و«قصر اليونسكو»، وثمة عرض في مدينة صيدا.

تتمحور فلسفة اللوحات الراقصة، التي تتوجه الى الشباب العربي بشكل خاص، حول مواضيع اجتماعية متنوعة مستوحاة من واقع الحياة، ووثيقة الصلة بتقوية الذات وحرية التعبير، بأسلوب ابداعي راق وبحرفية عالية.

وتشارك في المهرجان سبع فرق لبنانية، من بين ما تقدمه «اسأل التراب» للفنانة يالدا يونس، التي اختارت صوت مغني الفلامنغو الأندلسي خوان موروب، ليساهم معها في ايصال شعور الألم بخسارة أحبائها ومدينتها المدمرة، حيث تلتحم دمعتا الفرح والحزن مع اصرار على المقاومة والكفاح. وتتعاون مدربة الرقص ثريا بغدادي مع الراقص التركي حسن بن غربية لتقديم «جدار الصمت»، معتمدين على الحركة الشرقية في الرقص في عرض يمثل ثمرة تعاون بين الطرفين استمرت عشرين عاما. واختار جمال كريّم حرب يوليو (تموز) 2006 الإسرائيلية على لبنان، لتكون محور عمل يجمع بين الايماء والرقص والتهريج. ويعتبر كريّم أنه عندما يحزن الآخرون لا بد من وجود أحد يضحكهم ليخفف وطأة الألم، فكان هو مهرجا يرقص... لأناس يموتون.

وصمم الفنان اللبناني مالك عنداري عرض «رأسا على عقب» وأخرجه منذر البعلبكي، لالقاء الضوء على حياة شاب منعزل عن العالم الخارجي، يعاني فراغا من دون أن يحرز تقدما في حياته، سائلا عن طبيعة العالم الذي ولد فيه ومن أي نوع هو. واجتمعت المواهب الدنماركية واللبنانية في «لا تفاح في الجنة»، الذي تقدمه فرقة Eye Public، بقيادة المدربة الفنزويلية اللبنانية الأصل سارة جبران. يتألف العمل من أجزاء عدة أخذت من مسرحية «في انتظار غودو» لبيكيت و«المسيح الدجال» لفرناندو فاليجوس وطقوس دينية متنوعة أنتجت نموذجا غير تقليدي يتطرق الى مفهوم الجنة لمعالجته بدقة وتمحيص.

و«مين البطل؟»، هو عنوان لوحة الراقصة دانية حمود، التي تجسد من خلاله مقولة «الانسان يتحرك بهدف ارضاء حاجته». وتناولت مصممة الرقص زي خولي قصة امرأة مثلية، من خلال صراعها بين الايمان وهويتها الجنسية في «سري كبير»، الذي تقدمه فرقة مقامات للرقص المسرحي اللبنانية.

ومن العروض الأجنبية، التي تستقبلها مسارح بيروت، تلك التي تقدمها فرقة «كوبوس ميكا» الاسبانية بقيادة بيتر ميكا وأولغا كوبوس، الأولIf as is always وترتكز على تفاصيل العلاقة اليومية بين الزوجين، بالاعتماد على الأسلوب الارتجالي والانفعالات، التي تترجم بلغة جسدية متوازية. وكذلك A Stream يقدمها أربعة راقصين يتخطون الحدود الجسدية والجمالية، معتمدين تقنيات مختلفة بما فيها الارتجال والفنون القتالية والأساطير والماورائيات لانتاج عمل فريد من نوعه يترك أثرا عميقا في نفس المشاهد.

ومن البرتغال تقدم الراقصة باتريسيا بورتيلا كوميديا تراجيدية تحمل عنوان Flatland وتعكس حالة رجل يكتشف أنه يفتقد البعد الثالث من حياته، التي يلعب الجمهور دورا مهما فيها. تصور بورتيلا مراحل تطور هذا الرجل، وهل سينجح في الوصول الى الخلود عبر نيل اهتمام وسائل الاعلام.

ومن تونس تقدم شذا كمباني، عرضا تحت عنوان Pelvis workers (عمال حزم) والحزم يعني الحوض، هذا الجزء من الجسد الذي يتحكم بالكثير من الحركات وهو رمز للخصب والوجود.

ومن مصر تقدم فرقة أم آر ستديو Purple Red، هو قراءة خاصة لصاموئيل بيكيت ترجمت بواسطة السينوغرافيا والحركة لتقديم النص عبر صور مرئية راقصة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و من السودلن؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »

و من السودان؟
" كالطير يرقص مذبوحا من الألم"
من السودان؟
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جيوبوليتيك الج.33

الفاضل:

السودانوية ما السودانوية
(و" ما القارعة"؟..كل الحقوق محفوظة)
أما في موضوع إغفالي تعريف" السودانوية" و " العودة إلى سنار"، فملاحظتك نمرة أربعة في محلها.فقد شهدت السنوات الأخيرة أكثر من مساهمة في تعريف " السودانوية"، و هي مساهمات تتنوع و تتناقض على تباين المصالح و المطالح بين قوم في إختلاف محمد عبد الحي و محمد المكي إبراهيم و الصلحي و أحمد الطيب زين العابدين و منصور خالد و الطيب صالح إلخ. و في " إلخ" ضف الجماعة الطيبين الماسكين عصاية الهويولوجيا من النـُّص و ما دايرين " يغلـّتوا" على زول و كفى المؤمنين شر القتال و عفا عمّا سلف إلخ . فـ "السودانيون بطبعهم السوداني الأصيل" متسامحون ، و حتى في عزّ الحرب و التقتيل تجد بينهم من يغني مع " منقو زمبيري" و " يوسف فتاكا" :" سوداني بليدنا و كلنا آكوان" أو يتساءل مع الطيب صالح: " من أين أتى هؤلاء الناس؟" إلى أن تدركه رصاصة طائشة( شوف ليك جنس عبارة..و هو في رصاصة غير طائشة؟)تجيب أجله و يبقى لأهل السودان الصبر و السلوان.
أقول : كل زول من السودانيين أعلاه ـ على تباين المشارب و المآكل ـ ليهو نظر خاص في " السودانوية " لكن القاسم المشترك الأعظم بينهم، أنهم يلتقون ـ بصورة أو بأخرى ـ عند زعم اعتباطي فحواه أن هناك نوع من" جوهر" ثقافي سوداني سابق على التجربة و مستعل على التاريخ. جوهر سوداني متصل عبر القرون و على تعاقب الحضارات. هذا الجوهر السوداني المتصل هو الذي يسوّغ مفهوم " الإستمرارية الثقافية السودانية" التي تمسخ حركة الثقافة في السودان إلى ما يسمى بـ " السودانوية".و مفهوم الإستمرارية الثقافية السودانوية، رغم قدرته على جلب الطمأنينة للنفس الوطنية الملتاعة من شرور الكولونيالية و النيوكولونيالية المتعولمة، إلا أنه ، في تحليل نهائي ما ، ضار على أكثر من وجه :
على المستوى القريب، فالمفهوم ضار سياسيا، كونه يتجاهل بداهة البعد التاريخي للثقافة كظاهرة رهينة بواقع الصراع الإجتماعي في مجتمع بعينه.و على المستوى الأبعد ، فهو ضار معرفيا، كونه ينفي عن الثقافة السودانية " أهم عناصر أصالة و حيوية الثقافة: توترها الداخلي و احتشادها بعناصر الصراع و الحركة و النقد و التصادم و المواجهة إلخ، مما يمكن تسميته بجدلية القطع و التواصل في الثقافة الحية..". و العبارة مقتطفة من مقالة بولا في نقد مفهوم الإستمرارية عند أحمد الطيب زين العابدين و المعنونة:"ملاحظات منهجية نقدية من وحي السيمبوزيوم:" الفنانون الأفارقة :المدرسة ، المرسم و المجتمع"[ و هي الورقة التي قدمها أحمد الطيب زين العابدين ضمن تظاهرة آفريكا 95 في منتدى مدرسة الدراسات الشرقية و الأفريقية بجامعة لندن ، 1995]،(أنظر " جهنم" رقم 4 ، أكتوبر 97).
و " السودانوية " لم تلق الرواج الذي عرفته منذ منتصف السبعينات في القرن الماضي، إلا لأن سلطات الطبقة الوسطى العربسلامية ، ( أو لو شئت فقل: " أهل الحواضر العربسلامية " بطريقتك)، وجدت فيها نوع من حصان طروادة لتهريب مشروعها السياسي العربسلامي بذريعة بناء هوية وطنية جامعة لكافة شعوب السودان في إطار العروبة و الإسلام.
و لي ملاحظات في هذا الصدد ، نشرت وسط غلطات مطبعية غليظة، في مقالة بعنوان " شبهات حول الهوية"، في مجلة" كتابات سودانية"، أعادت جريدة الخرطوم ـ أيام أخونا أحمد عبد المكرم ـ نشر جزء منها ( و بضبّانتها).

المنهج أبوخروم:
و في تحليل نهائي ما ، فربما كنت أنت محقا في ضرورة طرح نقدي منظّم بشكل أكثر كفاءة من ما هو حالي في صدد الإشكالية السودانوية و مكوناتها.و فولة كهذي هي بالضرورة من نصيب كيّال غيري.كوني أرتب أولويات بحثي على أساس المنهج " أبوخروم" ، حسب عبارة تكرّم علي بها الصديق عبدالله علي إبراهيم " المناهجي"(و" المناهجية "أو" المناهجاب" قبيلة من حراس مناهج البحث و تصانيفه، يعود لهم فضل صيانة أقاليم البحث " الأكاديمي"، إلا أن نفوذهم ضعيف و خرائطهم تعوزها الدقة في أرض البحث " الفني". و في ذلك نعمة للفنانين مثلما فيه ـ في بعض الأحايين ـ نقمة و الله أعلم)، و هو يؤاخذني على ما اعتبره " آنامولي" في منهج مقاربتي لظاهرة الكتابة الوسمية الجمالية على مسند الجسد.
كتب عبدالله في رسالته(فاكس بتاريخ 10 أكتوبر1999)
"
أخي الأعز حسن،
قرأت باستمتاع و عناية كلمتكم في مؤتمر حيدر بالقاهرة، و قد كلمني عنه من شوّقني و جعلني وددت لو كنت من بين حضوره، فالصفوة تحاول الثقافة بعد طول تمنّع. هذا إقرار عجيب و تواضع.انني سعيد أن تفرد قلمك الخصيب لمنزلة الجسد فينا. حاولت ذلك بحياء ، ناظرا إلى جسد الشهيد محمود محمد طه،و النقوش الغربية، الصديقة و غير الصديقة ، و التي بين ذلك قواما.واستصحبت فوكو، شبقي السري الجديد، و انكشف لي مستور كثير. و لذا أحببت قلما كقلمك نستعين به على كشف بهاء وعورة الجسد عندنا.
ـ أزعجني البحث منهجيا في واحدة هامة: لقد قررت ببسالة غير مبررة أن الكتابات في الجسد ، و الجسد و الحداثة نادرة، و استبحت الأمر لنفسك استباحة، و صرفت الكتابات الأنثروبولوجية و التوثيقية صرفا.
ـ وددت لو اعتنيت بالأمر في مراجعتك البحث، فستجد بين طيات التوثيق قبسات و نظرات متقطعة و متفاوتة الخطر.قليلا أذكر "جيم فارس " عن زينة النوبة، و هو الكتاب الذي صارع، من فوق استنتاجاته ، الألمانية النازية" رافينشتال"(؟).و قد تجد في شعر الحقيبة و نقدته[ خطاب [دسكورس الحقيبة] مؤشرات لأفكار العاديين من الناس و غيرهم، عن توطين جديد للجسد في وقائع الغزل و التشهّي.
ـ وددت لو نظرت " السكة حديد قرّبت المسافات" و التي هي نجوى الجسد الأنثوي في هجير لظى الهجرة عن القرى..
ـ إنني ، باختصار ، أود أن أرى عودتكم الثانية للمقال تعنى بـ
Gathering

بحثك في أصل المادة التي هو فيها. و أملي أن لا تستبق النظر في المادة بالحكم على جوهرها و عددها.
ـ كتاب يوسف فضل [ الشلوخ] توثيقي و منهجي معا.فهو يقع ،آنثروبولوجيا، في باب المنهج الوظيفي.وددت لو استصحبت هذه الوظيفية في تقويمك له.
ـ أعجبني قولك : " رجال و نساء تعلموا أن يفاوضوا حيزا لوجود الجسد ضمن فوضى الحداثة و التقليد" و حديث أمك و رهطها مراجع جبّارة.
ـ لقد قررت أيضا، بغير تحفظ ، أن النساء لا دخل لهن في " الفكرة الجمالية كمرجع ثقافي إجتماعي"، و هذا تقرير عسير في وقت تتساوق فيه دراسات الأنوَثَة عن مَلَكات جمّة للنساء في أوجه مرجعية إجتماعية شتى، حتى في أمور ظاهرها للرجل،و خاصة في المجتمعات العربية والإسلامية.
ـ أطربتني فكرتك عن الشلوخ/ النافذة ، و لكن كون أجساد الرجال و النساء معا عرضة لهذه الكُوَى تجعل من خطر الفكرة التحليلي مشبوها نوعا ما.
ـ ربطك بين الإسلام و النوافذ عليه مآخذ:
1ـ الفكرة الأقوى بين دارسي الشلوخ أنها أقدم من الإسلام( يوسف ، سبولدنق و فيلم بازل دافيدسون) و هذا لا يمنع أن يكون الإسلام قد ألحق الشلوخ بنظمه.
2 ـ لماذا يتشلّخ" اليوروبا" شلوخا سودانية جدا ، جعلتني يوما أجري كالأبله خلف أحدهم في مكتبة جامعة هوارد لما بدا لي أنه شبيه جدا بعمي سالم أحمد طه ـ والد أسامة المخرج ـ؟
3ـ لماذا يتشلخ النوير و الدينكا؟
4ـ لماذا لا يتشلخ العرب و الماليزيون و الباكستانيون و الشيشان؟

ـ لماذا قارنت بين الحناء ، التي هي ممارسة عامة، في السودان المسلم و بين الحناء عند شواذ( من حيث العدد شواذ بالأحرى) من فناني أوروبا؟
خطر لي أن المقارنة قد تستقيم إذا قارنت الحناء المسلمة العربية و البودرة و أحمر الشفايف و طلاء الأظافر في الغرب.
ـ لم يقع لي
Trashing
عبد الحي و المجذوب و صلاح في جملة واحدة ، إلى من يهمه الأمر سلام.وددت لو وقفت على أمرهم بشيء من النقد و الود.
وددت عموما لو قللت من آيات ظرفك و عباراته في حديث يبدو أنه ينتهي إلى كثافة أكاديمية عالية.
ـ انني أقدر أن الورقة كانت لـ " المديدة حرقتني" الفكرية، و ربما سمعت عنها من هم أفضل تأهيلا مني في جوانب أمسّ بها، و آمل أن أرى تحليلها الثاني قريبا.
عبدالله
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

المنهج أبوخروم (تاني)

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جيوبوليتي الجسد34

و رسالة لعبد الله

17/12/1999
عبد الله سلام جاك
و لو أكل.. إلخ.
نعمت بالحديث معك البارحة، و أعادتني ملاحظاتك المنهجية الصائبة للتأمل في بعض الأفكار التي عالجتها الورقة في شأن العلاقة بين الرجال و النساء، ضمن مشهد الجسد الجمالي.و أعادني كل هذا للتأمل في مسألة الأولويات التي نرتـّب عليها واجبات الوجود ضمن فوضى الموجودات.أذكر أنك في رسالة سابقة ، في صدد الطيب صالح، آخذت علينا أننا" مسكنا أقلامنا" و صمتنا عن إضاءة إبداع الرجل في السبعينات.و أننا سلقناه" بألسنة حداد" حين تورّط في بعض " غشامة الأدباء" إلخ. و هذا صحيح. و حتى اليوم ، ما تزال تراودني ، من حين لآخرن فكرة الإنقطاع لدراسة " هم الشكل " عند الطيب صالح باعتباره حالة رائدة في أدب العرب الحديث.لكن الأمر ، فيما أرى، كان أمر أولويات. فقد بدا لي أن " للطيب صالح ربا يحميه" ـ كما الكعبة ـ و أنه من الأجدى لنا أن ننجض أمر التشكيل الذي كان و ما يزال على درجة عالية من الهشاشة النقدية التي تتيح للسلطات في السودان ، و في خارج السودان ، أن تستفرد به و تعيث فيه بلا تبعة.و أظن أن التشكيل ينطرح اليوم ـ في زمن إضمحلال الأديان و الآيديولوجيات ـ كآخر ديانة مستساغة يمكن للسادة أن يهرّبوا من قناتها أعظم و آخر مقدسات المجتمع الرأسمالي: حق الملكية الفردية لمصائر العباد. و في سوء ظني العريض ، أن فن التشكيل، ضمن التقليد الأوروبي كما تمثلناه في مدارس الفنون، إنما يمثـّل أرقى أشكال الوثنية الجديدة التي اخترعتها ثقافة رأس المال.فهو يسوّغ للناس أن يشيّئوا جمالية الحياة و يحنطوها في هيئة شيئ/ جماد ثابت لا يتغير.شيئ لا يحيا و لا يموت، شيئ " تحفة " لا يأتيه الباطل من أي مكان من اللحظة التي ينخرط فيها ، ضمن منطق السوق، كموضوع للإستثمار.و بالذات في زمن الأزمة (المالية) حين يتجاوز الذهب المتكنـّز في أيدي القلّة قيمة البضاعة العادية التي تغمر السوق ، إلى آخر كلام ماركس عليه السلام.

مَنْ هاجَ و من حاجّ المنهج؟
نهايتو، كانت أولوياتي قد ترتـّبت على هم التشكيل لأسباب أوّلها أنني وجدت نفسي في أرض الرسم ، كما تجد السمكة نفسها في الماء، و أظن أن الرسم أعانني كثيرا في تأسيس خصوصيتي و توطيد عزلتي و أنا يافع أحيا في بيت كبير مزحوم بأشخاص مختلفي المشارب. و كنت أنعزل بالرسم عن الآخرين كما كنت أتواصل به معهم.و من قناة الرسم شرعت أستكشف معارف شتى تفرعت بي فروعها في أراض طيرها العجمي ينطق أحيانا في لغة الضاد.أقول هذا و أنا أتأمّل مناقشتنا البارحة في مسائل مناهج البحث السوسيولوجي. فقد قادتني ضرورات الإستبصار في الرسم ، من خلال تراكب اشكاليات مختلفة ، بعضها فلسفي(الهوية الثقافية)و بعضها تشكيلي( مسند الجسد)، قادتني لمشارف أرض تقوم أنت على حراستها بحدب يثير إعجابي بقدر ما يحرّضني حرصك على تحرّي الثغرات و المداخل المنسية فيها، و كل ممنوع مرغوب ، كما تعبّر بلاغة السلطات.و قد بدا لي أنك ـ رغم أنك وصلت لمنهجية البحث " العلمي " من أرض القصة (و أنت دخيل مثلي في تحليل نهائي ما )،بدا لي أنك توصلت لقاعدة (لائحة) تدبّر عليها مرور الغرباء الوافدين من الخارج من شاكلتي ـ أو هكذا تهيأ لي ..فأنت تقبلني في أرض البحث "العلمي" في واحدة من إثنين: يا إمّا أكون " فنان" (فرنسي) صاحب حدس ـ و قيل " صوفي" صاحب " رؤية" تمكنني من اختراق حجب الغيب، و إدراك الجوهر المكنون في الأشياء بـ " علم الذوق"، و في الحالة دي تسوّغ لنفسك أن تتغاضى عن " الشتارة" المنهجية في مبحثي و تقبله على علاته و تجد له خانة على هامش البحث العلمي الجاد.و يا إمـّأ كمان أبقى باحث عديل، زيّي و زي الناس أتقيد منهجية البحث العلمي المعرّفة بـ " ال" ما، و أمشي على العجين ما ألخبطه. قالوا : وحده المؤذن يقوم يوم البعث لابسا سروالا بينما بقية خلق الله ماشين أمفكـّو( فهلاّ أفسحت مكانا للإستثناء يجعل قاعدتك أكثر علمية و أشد إحكاما كونها تفسح للحدس براحا؟أقول هذا و أنا أضمر زعما دوغمائيا ينكر إحتمال وجود" حدس" أو رؤيا" أو " ذوق" لا يموّه وراءه منهجا علميا متماسكا ، دون أن يعني تماسكه اكتماله، فالكمال لله وحده لحسن الحظ).و أقول هذا كوني لمحت في اصرارك على إتساق " علمية " منهج البحث مأخذا على عدم إكتمال منهجي كونه لا يسع التقريرات الشواذ(آنامولي)و لا يفسّرها. و أنا أرتاب بالمنهج العلمي العلموي " الكامل" الذي يستلهم اسلوب البحث العلمي المعاملي و خطابه المتخلّق في مجالات " العلوم " المزعومة " بحتة" بغير نقد.و أنت تعرف أن أهل العلوم العلمية لم يفدوا من كوكب علمي، و إنما تكونوا مثل بقية خلق الله، على جملة من الأساطير الثقافية و المسبقات التي ألهمتهم، قبيل قرون، أحداس و مساع علمية " مشاترة"، من نوع تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب، مثلما تلهمهم اليوم مساع " علمية " أخرى في تسويغ إمكانية وجود حيوات في كواكب أخرى ، أهلها يزورون الأرض من وقت لآخر.
عبد الله ، لا أطيل عليك ، و لكني أراني مثل صاحب " فرانكنشتاين" في معمله، يباصر تحقيق حدس مجنون مشاتر ، فحواه إمكانية خلق إنسان من توليف أعضاء منتزعة من أجساد أخرى مختلفة.لكن الفرق بيني و صاحب" فرانكنشتاين" الذي كان يحيا و يفكر في حدود علم القرن التاسع عشر، هو أنني ، في معملي،أحتاز على جملة لقيات علم الجينات و وسائل الهندسة البيولوجية التي تكسب رؤيتي صفة العادية في مشهد العلوم المعاصرة.
نهايتو، يوم يتسنى لي منهج بحث علمي يسع كافة الشواذ مما لاحظته أنت فلن تبقى للبحث عندي متعة تسوى عناء المتابعة.[ و الباحث متابع أزلي]و طموحي هو أن يظل منهجي قابلا للتحول نحو المزيد من الإحكام ضمن " تفعيله"( يا لها من عبارة) في موضوعه( و العكس صحيح غالبا و الله أعلم). و بين المنهج و النظرية أراوح محملا بأحلامي و غوايات نفسي و غبنها العابر و فرحها الغايب في الروكايب إلخ... فبدون ذلك لا يكون بحث و لا علم و لا حلم و لا يحزنون.
و أنا أنتفع بمآخذك على ورقتي في شأن الجسد الجمالي ، على صعيد المنهجية و على صعيد النظرية ، كونها ملهمة و منعشة في آن. و حين نظرت في اعتراضاتك في خصوص موضوع الشلوخ" كثقب في جسد المرأة" ضمن الجماعة العربية الإسلامية، تبدّى لي بعض التركيب التاريخي و الفكري مما غفلت عنه بصيرتي.

الشواذ:
تقول بأن " الـ " آنامولي" الشاذ الذي لا تفسير له في سياق النظرية المعروضة" يقوم من كوني أفسر الشلوخ " كثقب ..على ضوء وجهات و حقائق نصوصية في الشعر العربي و الإسلام. و سيكون الـ " آنامولي( الأول): لماذا لم تولد هذه الوجهات و الحقائق النصوصية الشلوخ في الغالب من ديار العرب و المسلمين ،في حين تولـّدت في هذا الثغر من ثغور الإسلام؟لماذا اختار الدفع الإيري او الإيروسي أن ينفذ من خلال الشلوخ عند عرب السودان المسلمين، و لم يختر هذه النافذة عند عرب (أو مسلمين) آخرين يستقون من نفس الثقافة؟"
أسئلتك تؤشر عندي لشح المعلومات و الوثائق في شأن ثقافات العرب و المسلمين الآخرين، و هذا بعض من ضيق حال هذا المبحث الذي لا يكون تجاوزه بغير عمل جماعي لا يمون لباحث منفرد أن ينجزه و لو كان في قوة " هرقل" صاحب الأعمال السبعة الشهيرة.و وعيي بالفقر الوثائقي اللاحق بموضوعي حاضر على الدوام في معالجاتي المنهجية و استنتاجاتي التي أحسبها أدخل في الحذر و التحسب ـ عدا السهو و النسيان ـ بيد أن ذلك كله لا يزعزع " خرافة " مبحثي التأسيسية، من كون فعل الشلخ على مسند الجسد إنما ينطوي على رغبة ـ واعية أو لا واعية ـ في النفاذ لداخل الجسد، و يستوي في ذلك العرب مع غيرهم.و أن النفاذ لداخل الجسد ، وراء حجاب الجلد، إنما يقوم في الغالب لأسباب إيروسية إيرية، مثلما يملك أن يقوم على أسباب أخرى علاجية أو سحرية ( كالأسبار) او إنتمائية ( كشلوخ القبيلة او الطريقة) أو إقتصادية (كوسم الرقيق). و قد أشار يوسف فضل ـ عليه السلام ـ في تناوله لمعاني " الفصد" و " الوسم " و" الألعاط " و " التشريط"( الشلوخ ص 10) إلى بعض أشكال ممارسة الشلوخ عند العرب و إن سلّم بعدم انتشار عادة الشلوخ بين العرب بشكل عام.على أن يوسف فضل ـ الذي أعادتني ملاحظاتك لقراءته مجددا ـ يورد شرحا لمعنى الشلخ عند صاحب" تاج العروس بين جواهر القاموس" فيه أن " الشلخ فرج المرأة". فتأمّل في حال قوم بلغ بهم الأمر حد أن يرسموا على وجه الأنثى نسخة ثانية من " أعزّ ما تملك".هل هي رغية رجالية بدائية في ترميز الشلخ/الفرج كأقصر الطرق الإيروسية نحو داخل الجسد الأنثوي؟ أم أن الأمر ينطوي على مناورة ذكورية تستهدف سلب النساء قيمة السرية اللصيقة بأعزّ ما يملكن، و اللازمة لأي تأسيس محتمل للسلطة الأنثوية؟و هذا إشتطاط آخر أذهب فيه ، من حيث أن السرية تستدعي الندرة ، و الندرة شرط أساسي في تنظيم اقتصاد الرغبة بين الرجال و النساء، و من يسيطر على شروط الندرة يحكم.قالوا أن يزيد بن المهلّب قال: " وددت لو كان فرج المرأة في جبهة أسد حتى لا يصل إليه إلاّ شجاع"(تحفة العروس و متعة النفوس للتيجاني ص 141)[ و عندي باب يتخلّق كل يوم في مسألة السلطة بين الرجال و النساء ، قول خير].
أظن أن تقليد الشلوخ قديم في السودان ، قبل وصول العرب. و أظن ان العرب قد تبنـّوه و تمثـّلوه و تملـّكوه كعادة عربية و كدليل على العروبة ضمن منطق التداخل و التبادل الثقافي(إنتركلشورال) الذي تتوطد عليه علائق الأعراق المتجاورة و المتداخلة عبر القرون.و هذا يمكن أن يقال في شأن الخفاض عند عرب السودان، و لباتريسيا ملاحظات ـ في رسالتها ـ في صدد المقارنة بين طقوس الصراع بين البقارة الحوازمة و النوبا. فهي تستنتج أن الحوازمة ـ كعرب ـ تبنّوا عادة الصراع النوباوية، و أكسبوها شكلا طقوسيا عربيا ما يزال يحمل بعض ملامحه النوباوية القديمة.كما أن لها رأيا مشابها في مقارنة " مجلس" الشاي "مجلس البرامكة" بقعدة" الإنداية" عند النوبة.. و لو تسنى لي وقت ترجمت بعضا من ذلك للعربية فينتفع به غيري. و هذا يعيدنا لضرورة التضامن على مبحث الجسد فينتفع بعضنا بما يجد البعض الآخر..كيف العمل و اليد تتقاصر كل يوم و العين كذلك؟( حين أتعب أنا من مغالبة أمر الجسد أنقلب على أدوات الرسم ، ألجأ فيها من رهق الروح و الجسد حتى يستتبّ صفاء الخاطر، فماذا تفعل أنت؟).

لو رجعنا لإعتراضك الأول فأنا لا أفسر الشلوخ ـ بوصفها منفذا نحو الداخل الأنثوي ـ كنتيجة للوجهات و الحقائق النصوصية العربية الإسلامية، ذلك لأن الشلوخ أقدم من العروبة و الإسلام في السودان ، من جهة، و لأن العروبة و الإسلام لك ينتجا أي ممارسة للشلوخ لدى معظم المجتمعات التي اعتنقت الإسلام و الثقافة العربية.
و لكني أعتقد أن الإسلام ، كأي بنية آيديولوجية تؤسس مفهومها للوجود على قاعدة الجسد ( و هذا باب جديد في أشغال الجسد في الإسلام ، قول يا باسط) وجد في السودان جملة من الممارسات الثقافية المعنية بالجسد، كان لزاما عليه أن يفاوض ضمنها براحا يستتب له معها نوعا من التعايش الثقافي لا يمنع الصراع لكنه يحضـّره و يمدّنه إن جازت العبارة.و في هذا المشهد تبنى عرب السودان الشلوخ و الخفاض كممارسات رمزية إسلامية مثلما تبنّوا بعض العادات الدينية المسيحية مثل طقس " الغطاس" (التعميد) على نحو القديس يوحنا مما فصّل فيه جيوفاني فانتيني في كتابه عن تاريخ المسيحية في السودان. (أما كيف و متى تم ذلك التبنـّي؟ فهذا " خرم " آخر أحيله لمباحث التاريخ و الآثار). و هناك باحثون يذكرون نتفا و أشتاتا في خصوص ما ورثه السودانيون من تقاليد عهود " الأموموية"(الماترياركا) حيث سادت سلطة النساء( و هذه فولة أخرى لا أقربها حتى يقيّض الله لها كيـّالا يناسبها)، بجانب أنك تعرف أن الحديث عن " الإسلام" هكذا، بوصفه كتلة ثقافية صمّاء، لا يستقيم. فنحن نحتاج لتحديد أي إسلام ذلك الذي أسهم بشكل رئيسي في صياغة الوجدان الثقافي الإسلامي للسودانيين. و هذه صعوبة ثانية(تاريخية)إلا أنها لا تنال من ثبات دوغمائيات بحثي الإبتدائية، من كون ظاهرة الإنشغال بالجسد، و الذي لا يقتصر على المسلمين وحدهم ،قد تطور، ضمن التنظير الآيديولوجي الإسلامي ،إلى باب مهم في تأسيس الهوية الذاتية للفرد المسلم و للجماعة الإسلامية كلها.فالشارع الإسلامي الأوّل،الرسول ، مؤسس القانون الإبتدائي، قد استلهم اتـّساق الجسد الإنساني، جسده،في تأسيس مستوى من الإتساق التشريعي على مستوى الجماعة الإسلامية ( سأعود لهذا لاحقا)، غير أنه[ الرسول] اتبع في ذلك هيكل التشريع التشريحي للجسد في التقليد اليهودي المسيحي ( الجسد الغلاف و الجسد المعبد و الجسد المملكة و الجسد الكون ).و أظن أنه ، في لحظة مهمة من تقنين العلاقة بين الرجال و النساء، طوّر المسلمون موضوعة الحجاب كمحور مهم في مباشرة المبادئ الحقوقية و تعريف الحقوق بين الممنوع و المباح، بين الداخل و الخارج ، بين الخاص و العام.(أنظر الورقة المرفقة طيّه في صدد " الجلد". و أظن أيضا أن المسلمون الذين طبعوا السودان بطابع الإسلام لم يدخلوا البلاد على أساس برنامج رسالي غايته نشر الإسلام و العروبة، و إنما كانوا " ناس معايش" أولوياتهم تنتظم وفق قانون البقاء ، بما يقتضيه ذلك من أحلاف و مفاوضات و معارضات ـ على المستوى المادي و على المستوى الثقافي ـ تسهم جملتها في تخلـّق الجماعة ككيان متميّز مطبوع بتاريخه الذاتي، تاريخ المكان و الزمان اللذين يحيا ضمنهما. و في هذا المشهد يمكن تصوّر أن أهل المجموعة العربية الإسلامية في السودان قد باشروا للجسد تدابير مركبة ، طرفها الأول في شرع الإسلام و طرفها الآخر في شرع السودان (كيف؟ مندري).
و التساؤل الذي يؤسس اعتراضك الأول يشبه عندي نوع التساؤلات العويصة الأخرى في صدد التحولات الثقافية التاريخية:
لماذا يقبل المنظرون الإسلاميون الإيرانيون تقليد التصاوير الإيراني الذي لا يكتفي بتصوير " ما له ظل " فحسب بل يتمادى لغاية تصوير شخص النبي نفسه ، في بعض المنمنمات الفارسية الشهيرة؟
و لماذا يقبل المنظرون الإسلاميون في مصر تقليد الإحتفاء بالميت و زيارة المقابر و الإحتفاء بالقبور؟
و لماذا يقبل الإسلام في الصين شرب الخمر؟
و لماذا ظلت النساء العربيات المسلمات في بوادي كردفان و دارفور يكشفن عن وجوههن و عن صدورهن في الأسواق دون أن يثير ذلك حفائظ المسلمين و يفسد عيهم دينهم؟( آخر مرة رأيت فيها نساء بقاريات كاشفات الصدور كانت في " سوق أبوجهل " في الأبيّض في مطلع السبعينات.و هي نفس الفترة التي اعتدى فيها بعض المهووسين الإسلاميين على محمود محمد طه أثناء محاضرة كان يتحدث فيها عن تجديد الإسلام في الأبيض. فتأمل في هذا الإسلام الذي يتجاوز عن عري النساء في الأسواق لكنه لا يتلاعب في عرى البصائر)..
على كل حال لا شيئ يلزمني بتوفير إجابة ناجزة لسؤالك في ما منع الشلوخ من الظهور في غير السودان من ديار المسلمين.و منهجي لا يضار كثيرا من وجود هذا " الخرم" الذي تراه أنت " آنامولي" في نظريتي، و الله كريم.و أنا أعمل بما أعلم عسى أن يورثني الله علم ما لم أعلم.و أظن أن الدفع الإيروسي الإيري قد اختار أن ينفذ من خلال الشلوخ النسائية في أمكنة بعينها من حواضر السودان العربي المسلم ضمن حقبة ، بل" حقيبة "، تاريخية معينة، لأنه لم يجد أي منفذ آخر للجسد المحجوب بخلاف منفذ الشلوخ.فما هي الفترة التي تسنـّى لذكور السودان العربي المسلم فيها إحكام قبضتهم على أجساد النساء، فضربوا عليهن حجابا كاملا شاملا حتى اقتضى الأمر فتح الثغرات في " ما بدا" من أجسادهن؟هذا يا سيدي سؤال لمؤرخي الجسد السوداني، لننتظرهم و هم سيأتون بالخبر اليقين (قطعا).
للباحث الجزائري محمد بن خيرة بحث مبتكر ، في العلاقة بين الجسد و القانون ، في المجتمع الإسلامي، عنوانه:" حب الشرع، دراسة في مفهوم الضوابط المعيارية للسلوك في الإسلام"( و ترجمتي للعنوان مؤقتة حتى أجد لها مخرجا أفضل)ـ
M.H.Benkheira,L’ Amour de la Loi, Essai sur la normativité en Islam, Press Universitaires de France, 1997.
و هو يرى أن الحجاب كموضوعة فقهية أمر متأخر لم يشغل الفقهاء المتقدمين كثيرا، بل هو يربط إنبعاث الإجتهادات الفقهية في الحجاب مع الفترة التي يدأت فيها الثقافة العربية الإسلامية تتخذ موقفا دفاعيا من جراء الواجهة الحضارية مع الغرب الأوروبي.و قد أغرتني مقولة بن خيرة بالبحث عن تأريخ لاستتباب الحجاب في حواضر السودان العربي المسلم ، ضمن تطورات التماس و المواجهة الحضارية مع الآخرين ( مع الأتراك العثمانيين الوافدين بموروثهم الفاطمي و المملوكي من شمال الوادي مثلا؟ أم مع البريطانيين الفيكتوريين بموروثهم المسيحي البيوريتاني؟لا أدري ن و لكن هذا دريب آخر للقش في مباحث تاريخ الجسد في السودان. و أظن أن كل تحوّل كبير يطال جسد المجتمع، يلهم الناس ميلا عفويا لتحصين جسد الجماعة و أجساد الأفراد و حجبهم عن الأذى المتوقع الذي يتهددهم و يتهددنا اليوم من جراء إنهيار الحداثة (السوفييتية) و استهلال العولمة ( الأمريكية) إلخ.و لو تأملت في شكل الحجاب الذي انبعث في الحواضر السودانية ، مع الصحوة" الإسلامجية "الأخيرة ، لوجدته ، بفضل الفستان "الماكسي" و البنطلون و الـ " توكة" و الإشارب"( يا لها من عبارات) أدخل في حجاب الراهبات الكاثوليك الأصوليات منه في حجاب المسلمين التقليدي الذي كانت تتخذه أمهاتنا في شكا " القنـّيعّ بالثوب التقليدي.
(هل تعرف زول في السودان يسطيع الحصول على نصوص القوانين و الأوامر و المنشورات الإدارية، التي أصدرتها السلطات في السنوات الأخيرة، في خصوص ضبط الزي و الحجاب في المدارس و المكاتب؟).و من يدري ؟ فربما كان اجتهادنا الراهن في التحجّب ما هو إلاّ بعض من مظاهر إنخراطنا في الحداثة الغربية بطريقتنا كمسلمين..يعني "بطريقة
شرعية"(تقرأ " بطريقة ملتوية") حديثة.

الكتابة النهائية:
نجي لـلـ " آنامولي" التاني في سؤالك:
" لماذا اختارت إيروسات أفريقية، مثل اليوروبا و النوير و الدينكا أن تنفذ إلى المرأة بالشلوخ ، في حين لم تختر ذلك ثقافات عربية اسلامية مماثلة للسودانيين؟"
أظن أن تفسير ذلك يكون في خيار الكتابة النهائية كمرحلة في تأسيس الهوية الفردية و الجمعية على مسند الجسد، فالشلوخ تنطرح على مسند الجلد الأسود كأحد أكثر أشكال " الكتابة النهائية" كفاءة لأن الوشم على الجلد الأسود لا يوفـّر مقروئية واضحة، بل و حتى الكي، بجانب صعوبات الإندمال التي يجرها، فهو في الغالب يتموّه ـ إن لم يضمحل ـ مع الزمن و تبدّل الجلد.

فاعلية النساء:
فيما يخص تعليقك على مسألة السلطة بين الرجال و النساء، كنت حسبتني أقنعتك بفكرتي من كون السلطة أصلا سلطة رجال في مجتمع رجالي أبوي في الجوهر و في المظهر، و أن النساء إنما يتربصن و ينهشن منها نتفا هنا و هناك في كل مرة تغفل فيها رقابة الرجال القابضين على السلطات.و أنت تعترض بكون توطيني النساء في دور الفاعلية ـ إن جازت ترجمتي لعبارتك "إيجنصي"
Agency
ـ بحكم كوني أعتبرهن ـ في علاقتهن بالرجال ـ فاعلات و أنهن ذوات رغائب جمالية مشروعة في الرجل أيضا.و دعمت اعتراضك بحديثي عن سعي النساء لأنـْوَثـَة الرجال في بعض المناسبات ( شلخ الرجل و حنـّته على يد النساء)، لكني ما زلت عند فكرتي الأولى، و إن شابها بعض التلوين، في تعريف توزيع السلطات بين الرجال و النساء ، و داخل كل مجموعة على حدة.و قد وقعت قبل أيام على نص مدهش للباحثة الإثنولوجية الفرنسية المعروفة " كامي لاكوست دو جاردان" في كتابها " الأمهات ضد النساء،دراسة في مفهوم الأمومة و المجتمع الأبوي في المغرب"(1985)، فيه تأملات عامرات بأكثر من دلالة ، على صعيد مناقشتنا. فـ " لاكوست دو جاردان" ترى للنساء في المجتمع المغربي سلطة سرية مموّهة ضمن بنية السلطة الرجالية، لكنها تتجلّى في بعض الطقوس و المناسبات بشكل موضعي ( الولادة و الزواج و الختان و الموت إلخ).فالمرأة تنتظر تحقق سلطتها من خلال فعل الأمومة،أمومة الولد لا أمومة البنت. فمن خلال أمومة الأولاد الذكور تبسط الأم سلطتها على أولادها و على مجموعة النساء الأخريات اللاتي يرتبطن بأولادها. و في السياق التقليدي ، الذي ينطرح فيه الزواج كحلف بين عشيرتين قبل أن يكون قرانا بين شخصين،تكون فرصة الأم في إختيار زوجة لولدها بمثابة فرصة لفرض سلطانها على مستوى العشيرة. و في الحقيقة فالأم التي أنجبت ذكورا قد أمّنت موقفها كفرد فاعل ضمن العائلة أولا،ثم هي تستخدم هذا الرأسمال(الولد) حين تجد له زوجة مناسبة لها هي. و بذلك تفرض سلطانها على زوجة ابنها، بل و على عائلة أصهارها كونها اختارت بنتهم (ص 55) ( و " غطـّت قدحهم" كما يعبر أهلنا في السودان). و من هنا فهي تملك ـ بشيء من كيد الحبوبات ـ أن تمدد من سلطانها عاى أحفادها أيضا.
على أن البنت التي تم تزويجها ـ غالبا بدون استخارتها ـ تجد نفسها مع رجل غريب لا تعرفه و لم تختره، رجل هو ابن أمه ، عدوتها الأزلية. و في هذا المشهد يبقى الرجل الوحيد المتاح لها هو ذلك الرجل الذي عليها ان تخرجه من رحمها: إبنها هو رجلها الذي اختارته و الذي أحبته و الذي بسطت عليه سلطانها فيتصرّف بمشيئتها لينال رضاها ( و الجنة تحت أقدام الأمهات)، و هو وسيلتها لبسط سلطانها على النساء الأخريات، و ربما على قطاع من الرجال الخاضعين لها ، من خلال خضوعهم لولدها.على أن هذا المظهر من مظاهر سلطة النساء يبقى، عند لاكوست دوجاردان،أحد دعائم سلطة الرجال من حيث كونه يصون بنى سلطة المجتمع الأبوي و يعيد انتاجها [ كون الأم تجبل ولدها على قهر النساء كأمر طبيعي.و على كونه يستحق وضعية السيد المطاع لمجرد كونه رجل، و هي تربية تستبعد البنت من إحتمال القوامة إلا كأم دورها أن تهيء ولدها لقهر النساء الأخريات].

يوسف فضل الفصل
في خصوص يوسف فضل الذي تراني أعده " القول الفصل" فأنت على حق ، و لكن ندرة مصادري في مسألة شلوخ السودانيين، تزكيه و تعلّي من قدره. و اني لأجلّ فضوله الكبير ، كونه انشغل بهذا الأمر(أمر الشلوخ) الذي لابد أن عدد كبير من الباحثين بين أبناء جيله يستصغره أو لا يحسبه بين المباحث الجليلة إياها.
شكرا على فاكسك و تليفونك فقد انتفعت بملاحظاتك كثيرا و أسعدني سماع صوتك من على البعد.
مازالت في الخاطر أشياء من نفس حتى و خلافه.
مودتي
( مرفق لك طرف من الكلام في موضوع الجلد فتأمل فيه و نورني بما ترى)
حسن موسى
صورة العضو الرمزية
الحسن بكري
مشاركات: 605
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:51 pm

مشاركة بواسطة الحسن بكري »

عزيزي حسن موسى،

وقع بيدي جزء واحد من بحثك حول الشلوخ منشورا "أظن بالصحافة؟". في مرحلة لاحقة أشرت إليه في مداخلة على عهد أيامي في "سودانيز فور أول" مما أثار فضول صديقتنا الاسفيرية أيامها أماني عبد الجليل "الجندرية" فرجتني أن أبعث لها صورة منه بالبريد العادي على عنوانها باليمن، وقد كان. أقول هذا متشكيا، بمسكنة ربما، من عدم كفاية ما وصلني من بحوثك قبل، وربما بعد، انطلاق هذا المنبر. كيف لنا الحصول على ما نشر، وما سينشر، من "جهنم"؟ حتى "كتابات سودانية" تحتاج إلى "لف ودوران"، فهي مجلة غير راتبة، لا تعلم كيف ومتى يمكنك العثور عليها.

وجدتني اتفق جزئيا، وعلى مضض، مع أستاذنا دكتور عبد الله على ابراهيم بخصوص الطريقة التي تتخذها منهجا في صياغة وترتيب بحوثك. قلت على مضض وجزئيا، لأنك تبتكر بنية جديدة في صياغة وترتيب البحث، وهي بنية أجدها في غاية السحر لأنها في وقت واحد تهدم "صنم" البنية التقليدية لانشاء البحوث العلمية، فتوفر للقارئ ابداعا متجددا، جذابا على مستوى هيكلة النص، وكذا توفر متعة هائلة أخرى على مستوى الإبداع المتعلق بلذة المضمون وقيمته العلمية. إنها كتابة لنج ببعديها الإثنين، الشكل والمضمون، علما بأن هذه البحوث لا يمكن وصفها "بالشعبوية؟ الجماهيرية؟ وأنا هنا أحاول عبثا سك مقابل لمفردة popularization ." يدفع هذا للتساؤل عن رسالتك للدكتوراة، كيف صيغت وفيم كتبت؟ الاتفاق على مضض مع بروفيسر عبد الله يجيء ضمن التساؤل عن إمكانية نشر هذه البحوث بالمجلات المحكمة أو تقديمها للمؤتمرات المتخصصة. وهذه مجالات و"براحات" ضرورية حينما يتعلق الأمر بالجدوى "العملية" لبحوث مثل هذه تتيح التراكم المنهجي للمعرفة وتمكّن من تدقيقها والتوفر عليها.

تجد الرموز الاجتماعية، الانثربولوجية، مبرراتها في سياقها الإنثربولوجي نفسه، تماما كما هو حال كل علامة سيميائية، ولديسوسيير أفضال وفتوح كبيرة هنا. أظن أن بعض ملاحظات أستاذنا دكتور عبد الله على إبراهيم بمحاولتها فصل وترحيل العلامة، الشلوخ هنا، من سياقها العربسلامي السوداني إلى سياقات آخرى ، تنطوى على بعض التبسيط وتعزل الظاهرة من واقعها الاجمالي الذي قمت أنت بدراستها ضمنه، إذ العلامة تكتسب دلالة جديدة في كل سياق جديد، أليس كذلك؟


حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

المنهج أبوخروم (تالت)

مشاركة بواسطة حسن موسى »

الحسن بكري
سلام
و " جهنم" يا زول حالها واقف من سنتين أو أكثر بسبب المشغوليات، لكنها في حيّز النية ـ و إنما الأعمال بالنيات ـ ( شفت العبارة دي مريحة كيف؟)..عندي نوع النصوص و التصاوير التي قد لا تطاق في مقام سودان الجميع و أدّخرها لجهنم و أنتظر فسحة في المجال و سعة في الحال .. و الله كريم.
شكرا على ملاحظاتك الرشيدة ، و قد أتفق معك ـ و مع عبدالله ـ "جزئيا و على مضض" و بعد لأي إلخ، في الكثير مما ذهبتما إليه.و المسألة و ما فيها هي أن الفيل ـ فيل منهج البحث ـ في الظلام ، يملك أن يختزل لذنبه أو لخرطومه أو لأذنه و أنت أدرى.و" منهج البحث زي عود الكبريت ما يولعش غير مرة واحدة " كما يقول المثل الشهير غير المعروف.يعني حكاية المنهج " قميص عامر" بقت مخاطرة جائرة في حق موضوع البحث و في حق الباحث في آن.و الله أعلم.
يشغلني سؤال المنهج في حركتي و في سكوني و لا أجد له إجابة ناجعة ، و أتفاءل بحيرتي وقد أثق فيها ( و هيهات)أكثر من اليقين الظاهر على صفحات " المجلات المحكمة " و " المؤتمرات المتخصصة" المتمسحة بمسوح العلم بالكضب و بالجد.و على كل حال "الحي بشوف" و الحساس يعمل العايزو.و كان لقيت براح نوّرني بما ترى في حكاية المنهج" أبو خروم دي" بالذات على ضوء إشكالية الجسد عند تقاطع السياسة و علم الجمال...
مودتي
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

المنهج أبوخروم (كمان)

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جيوبوليتيك الجسد35

الفاضل،
لو رجعنا لحكاية منهجي" ابوخروم"، فأنا أعتبر أن صفة " الخروم" وقعت لي في جرح،كوني وجدت فيها توصيفا دقيقا لطريقتي الخاصة ـ و لنسمها " غير الأكاديمية" حتى لا نقول " غير العلمية " ـ في مباصرة منهجية البحث في صدد التركيب اللاحق بظواهر الجسد التشكيلي في السودان.أقول :" طريقتي الخاصة" من باب الفرز لا من باب الفخر.كوني أجدني أستلهم " طريقة " ملوِّن المائيات الذي تفرض عليه طبيعة الخامة و سعة الأدوات أن يباشر تخليق الصورة على أساس تعاقب و تراكب العشرات من طبقات الألوان المائية التي لا قيمة فيها لأي طبقة مفردة بمعزل عن الأخريات ـ كون كل طبقة لونية تعنى بجزيئ من الصورة و تهمل ما عداه ـ بيد أن تنظيم تراكب الطبقات الإجمالية على مواضع مختلفة من مسطح الصورة يتيح للعين تلقي الحاصل النهائي الذي يجسّد الصورة الكليّة.أعني العمل النهائي الذي يستحيل إرجاعه إلى أي من مكوناته المفردة. و تقنية تخليق الصورة المائية أمر مركّب، كونها تستفيد من قصور الأدوات و تجعل منه نقطة قوة.فعلبة الملوِّن المائي لا تحتوي على الأبيض ، كما هو الحال عند ملوِّني " الغواش" و ألوان الزيت و " الأكريليك".و الأجزاء المعنية بالأبيض في الصورة المائية هي في الواقع " خروم" في نسيج المُلوَّنةأ كون الملوِّن يستثمر بياض الورقة لصالح الصورة و يهيئ السطح الملوّن بحيث تندمج المنطقة البيضاء من الورقة( الخرم) في المنطق اللوني للصورة..
و هكذا يربط منهج تخليق الصورة المائية عضويا بين أدوات الملوِّن و موضوعه في آن.يعني " من دقنو و افتل لو"، شفت كيف؟
لا عليك يا صاح فهذي بعض من خطرفات الرسامين، لكن ما أقصده هو أن منهجي المتسمي بـ " أبوخروم" واع بخرومه. بل هو يبتدر البحث على قناعة بجدوى الخروم. و كون الطحن الأولي " دُراش دُراش"، فذلك لا يمنع الحاصل من العودة للرحي ، بسبيل سد الخروم في كل مرة بأفضل من سابقتها، ضمن سيرورة كفاح بلا نهاية على جدلية التأثير المتبادل بين الغاية ، غاية البحث، و وسيلته.
و ربما كان المبرِّر المضمَر للتصاوير المائية يتلخّص في مسعى الملوِّن لبناء الصورة على أساس الخروم البيضاء.فالصورة المائية تتأسس منذ البداية على وعي بالأبيض ، قل : على حساب الأبيض.فكأن المصور يداهن حضور الأبيض و يهيئ تراكم طبقات الألوان إحتفاءا بهذا " الخرم " الأبيض على طموح يجعل من خرم المساحة البيضاء قلبا و أساسا للصورة و الله أعلم..
و هذه الطريقة (المنهج) في تخليق الصورة هي طريقة يندمج فيها المنهج كوسيلة مع المنهج كغاية، فكأن البحث في جملته ما هو إلا بحث في المنهج ، بصرف النظر عن نوعية الموضوع و تطبيقاته الوظيفية المحتملة.
و أظن أن متعة صناعة التصاوير المائية إنما تعتمد على الإستدراكات بلا نهاية ، التي تستهدف بذل الحاصل الختامي كقرينة على إحكام المنهج و تملّكه.و قد جاء في مثل (غير معروف) من عنديّاتي:"المنهج سلاح و المنهج كفاح".
و لو نقلت هذه الفكرة ، أعني فكرة المنهج الذي يتأسس على عاهة الأداة و قصورها الطبيعي، لو نقلتها إلى منطقة التعبير الجسدي الحركي ( في الرياضة و بعض الرقص) فستلاحظ أن منهج الخلق الحركي الجسدي إنما ينبني على أساس قصور أداة الجسد عن التحقـّق الحركي الحر ضمن أبعاد المكان و الزمان الفيزيائية.فجسدنا في وضعياته الحركية يظل محكوما بقوانين حركة الأجسام و مقتضيات الجاذبية التي تمنعه أن يعلو في الفضاء حرا( كما الطير على الأقل) وتنتهي كل محاولات حركته الرأسية بالسقوط على الأرض.لكن" ود ابن آدم" لا يقنع بسهولة فيعاود الكرّة المرة بعد المرة. و ينتهي به الأمر بأن يجعل من مجرد تكرار المحاولة ( الطوباوية) وجها في التعبير الجمالي، أو كما يحدث في تنويعات رقصة " العرضة" التي أراها من مشهد منهجي كمحاولات مستميتة للتحرر من أعصى القيود التي تحد من حرية الجسد : قيد فيزياء حركة الأجسام في الزمان و المكان الأرضيين. و ليس صدفة كون الراقصين الذكور بين أهل السودان ـ على إختلاف التاريخ و الجغرافيا ـ " يعرضون" فتوّتهم بتحدّي قوانين الفيزياء.
الفاضل،
عفوك و لكني مضطر لقطع هذه التعريجة داخل أرض الرقص، و سأعود لذلك مرة أخرى ، ضمن ورقة قادمة أعدّها في خصوص " ألعاب الأطفال الجسدية التشكيلية في السودان"، و سيكون فيها حديث آخر في صدد فكرة " الجسد الحي الحيوان" التي استرعت انتباهك..
هل هذه طريقة أكاديمية في البحث؟ مندري.و على كل حال ،فكوني أتبنـّى منهج الملوِّن المائي " أبو خروم"، لا يعطيني الحق في مصادرة حق غيري من الباحثين على مباشرة مباحثهم على منهجية صمدية ، كما منهجية ملوّن الزيتيات الأكاديمي الذي لا يأتيه الباطل من خلفه أو من بين يديه أو كما قال.و في النهاية طبعا " الحشـّاش يملا شبكتو" ، لكن يملاها بشنو؟
و خلاصة الأمر هو إن كانت أكاديمية المنهج تعني الإنغلاق في منطق قد يضحي بتعقيد الظاهرة باسم التنظيم المدرسي للأفكار، فأنا يا صاح خارج جنـّة المنهج و سقطها أو كما قال.و نحن قوم تقحّمنا أرض البحث " عنقالة " ساكت ـ بدون رخصةـ باسم الضرورات العملية التي فرضت علينا إختراع الإجابات البراغماتية لأسئلة الواقع الحي، فارتجلنا و باصرناو فشلنا في نواح و أصبنا في غيرها و ما زلنا ، و البركة فيكم..
سأعود
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



حاج أحمد زُجاجة مُعبأة بالأنوثة !



نقطُف من نص : (أُمسية مع الراحل/ الشيخ علي المادح ) ما يُيسر لنا أن نتحدث :

القطف من النص :

[ يُمسك ( حاج أحمد ) بعصاه يتوسط الباحة راقِصاً ، تدور العصا في هالة قُرص من حول رأسه و ( يَعرِضْ ) . قليلاً ثم تتكئ العصا قُرب خصره ، وبدأ ( رقص الحمام ) . زغاريد النسوة تشَق عنان السماء ، ونحن نغُوص في مقاعدنا الوثيرة تعصُف بنا الأشجان . اضطراب للنفس عظيم حين يموج جسد الشيخ الكهل بنضار شباب اليوم !. لم يكُن

(من تُقل المَرَجرَج و الخايض الوَحل ْ )
، بل غُصن يتلوَّى مع النسيم ! .]

لم يكن حاج أحمد مسخاً أو يتوسط قاسماً مشتركاً بين الذكورة والأنوثة أو حتى خصياً ، بل رجل مذكر مُكتمِل التكوين ويفيض كما يقول العامة !. بل له نظرة تُخيف أكثر من المُعتاد في نظر طفولتنا ، فلا سنه ولا صحابته يمكننا أن نجالسهم في صغرنا أو حتى نطَّوَف بقربهم ، فقد كان في عالم كبار السن الذين نتلصص على مجالسهم بمسافة متوارية عن الملاحظة ، يتضاحك حاج أحمد مع أقرانه عند السمر، وهو ما لا نراه في حياته التي نعتاد معايشتها . صورة تُناسب ( سي السيد ) الذي يعيش وسط السودان ! .

في المآتم والأفراح هو ورفاقه في العُمر يُثقلون علينا بخدمة الأضياف . الشارب عنده كثٌ مُبيَضّ ، والجسد متوسط الطول ، ضَمُر في مسيرة العُمر ، إلا أن قبضة يده كمخالب صقر . إن أمركَ وتراخيت فقبضة حديد يده كمقبض آلة . بينه وبين الأنوثة في زعم الخيال تجديفاً ما بعده تجديف . فكيف( لصاحب اللواء المعقود ) ومحبته القادمة من قاع الذاكرة التي شربت من صفات المُصطفى ما جمَّل الحديث عنه فأضحى المصطفى بجمال صورة ونقاء سريرة : نحت باهر في جمال ذكوري مُترف ، أخذ من ملامح النبي يوسف من ستر ومن خلف ظهر المراجع . ففي مُخيلة الضراوة البدوية الملامح للحاج أحمد هنالك جمال باهر لصورة رسول الله وخاتم النبيين ، فترتج العادة من حلاوة العبادة ، وترتخي شمائل الذكورة عند الحاج أحمد ساجدة عند مدح النبي الأكرم ولُغة التطريب الشجية لمُداح رسول الله .

من هز النخل يتساقط الرُطب الجَني :

من فارس تلتفُ عصاه لولبية من حوله ، و فتنة فارسٍ لا يُشقُ له غُبار في وسط الحلبة ، حتى تأتيه رياح الخضوع في انعطاف الطرب في حضرة ذكر صاحب المقام الرفيع فتنخفض الذكورة وتحني رأسها طوعاً ، وتستدعي مفاتن الخضوع الأنثوي الباهر ، فتتقمصه رياح شيطانية في قالب ملائكي لا يُثير حفيظة قرون الاستشعار الشرعية ، وينقلب الساحر من رقص ذكوري إلى رقص الأنوثة وهي تتثنى !. في جلال ينخفض الثور الذكوري للذبيحة في عيون الأشهاد . تستنفر الأنوثة التي جذبتها المُشاهدة وقد قدمت بعد اكتمال طقوس الإطعام من مآكل ومشارب تُليق بليلة المديح النبوي ، قدمت وقد استبد بها النصر المؤزر من أن الأنوثة ذاك الجسد المطمورة ألاعيبه وقد فاح من جسد ذكورة حاج أحمد وهي شاخصة تفوح وقد قاربت الستين من العُمر . يتماوج الجسد كغصن أخضر العود في طوره الأول يُراقص النسمة قبل الريح :

سنَّيت بالرسول ضوء الليالي السود
مصباح الظلام الفَضلو ما مجبود
صاحب اللواء المَعقُود
يوم هَول القيامة النار لِسانا يقود
جانا المُصطفى وخمَّدها لينا خمُود
صاحب اللواء المَعقُود
يوم وُضِع الرسول النور هِلال ضوى
حَاضرات فِي النِساء مَريَم معَ حواء
صاحب اللواء المَعقُود

وتنطلق الزغاريد ...

صورٌ من تآلف المؤنث والمذكر في شمس العلن ، تمُر مرور الكرام تحت أشرعة تعبُدية تُظللها ساكتة عن الحق هُنا دون أن تنبس ببنت شفة !!!!.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

عبدالله بيكاسو الشقليني
سلام
و شكرا لهذا الحديث الشيـّق في خصوص تداخل الذكورة و الأنوثة ضمن خطاب الرقص الديني.و هذا الأمر يحتاج لـ " جكّة" مستقلة كما قلت لك و أنا عائد له بعد النظر في بعض الوثائق المتراكمة عندي منذ فترة.
أرجو أن تواصل هذه الكتابة الطيبة النافعة.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جيوبوليتيك الجسد36
الكسور و البواقي


الفاضل،
تقول بأنك لا تتفق معي في قولي بأن " منطق السوق الرأسمالي الحديث لا يدمر البنى الإقتصادية للمجتمع التقليدي فحسب، و إنما يدمّر وراءها مجمل البنى الثقافية التقليدية التي كانت تدعمها و تبررها في الخاطر الأخلاقي للمجتمع"ص 8.و تدعم قولك بأن السوق الرأسمالي " احتفظ بالبنى الإقتصادية للمجتمع التقليدي في أفريقيا ، لصالح عملية انتاجية شائهة ليستفيد من العمل الرخيص في القطاع التقليدي. و في السودان أبقى على مؤسسات سياسية ( الإدارة الأهلية) لنفس الغرض". لكن المشكلة مع بنى المجتمع التقليدي هي أن هذه البنى تفقد صفة " التقليدية" من اللحظة التي يتم فيها استيعابها ضمن بنى السوق الرأسمالي.و كون هذا الإستيعاب( الإلحاق بالأحرى) يتم تحت شروط الهيمنة الإستعمارية ـ التي ليس بين أولوياتها رفاه المجتمعات التقليدية المستعمرة ـ و لو في إطار الإقتصاد الرأسمالي الحديث ـ فمن الطبيعي أن منطق إقتصاد الإستعمار يجعل المستعمرين أميل للإبقاء على بعض البنى الإقتصادية التقليدية " قبل الرأسمالية"، طالما هذه البنى تمكنهم من استغلال موارد المجتمعات " التقليدية" المستعمَرة بأقل النفقات. يعني من اللحظة التي يحمل فيها المزارع أو الراعي التقليدي إنتاجه ليبيعه " نقدا" ، تحت شروط السوق ، فهو ضالع في حداثة رأس المال ولات مناص.و حتى مؤسسة " الإدارة الأهلية " نفسها، هي مؤسسة إدارية حديثة، تفتقت عنها "عبقرية" إقتصاد الإدارة الإستعمارية.و كل العُمد و الشيوخ و النظار الذين كانوا يحكمون قبائلهم إنما حكموا بتفويض من الإدارة الإستعمارية، و مارسوا صلاحياتهم الإدارية كتروس محلية ضمن الآلة الإدارية الحديثة للإستعمار.و هم في هذا لا يقلون انخراطا في منطق الحداثة عن الإداريين البريطانيين الذين كانوا يشرفون عليهم.
(أرجو أن تراجع مقالتي :" السير عبد الرحمن المهدي ، حداثة الغُبُش" في " جهنم " رقم 17)، و قد حاولت فيها معالجة طرف من ظاهرة التحوّل في المراجع الثقافية، على هدي تجربة السيد عبد الرحمن المهدي، و مساهمته المركّبة الرائدة في توطين قيم الحداثة الرأسمالية ضمن تربة الثقافة التقليدية. و أرجو أن تتاح لنا يوما فرصة دراسة مساهمة السيد عبد الرحمن المهدي في تأسيس النسخة السودانية من الحداثة.و لو وقع في عينك كتاب " مذكرات الإمام عبدالرحمن المهدي"(مركز الدراسات السودانية، 1996)، و هو منجم غني بالمعلومات،فتمعّن في الكيفية التي دبّر بها " السيد" إنمساخ جموع الأنصار من موقف " المهاجرين" لموقف " العمال الزراعيين" ، بالذات في ذلك الفصل المعنون : " كيف جمعت ثروتي؟".
أقول كل هذا لأدعم مقولتي بكون عملية" تدمير" البنى الثقافية أمر مركب متشعّب تختلط فيه المصالح و تتضارب، حتى أن بعض أهل التقليد قد يقبلون طوعا المساهمة في تقويض تقليدهم بقدر ما تتبدّى لهم المنافع المادية و الروحية في وعد الحداثة، و لله في خلقه شئون ، و العكس صحيح مع أهل الحداثة الأوروبية الذين استعمرونا و نفضوا يدهم من قيم التنوير التي أورثتنا النسخة الإنسانية في الحداثة بما تنطوي عليه من وعود المساواة و الديموقراطية و شراكة الرفاه.و ذلك ببساطة لأنهم لم يجدوا في الأمر المصلحة الطبقية الضيقة التي كانوا ينتظرونها من تمدين أهل المستعمرات و تنميتهم.و اليوم لا ينوبنا من الأوروبيين سوى ذلك الطرف البائس من " كسور و بواقي التقليد النصراني" الذي يحل أعمال البر المسيحي محل القسمة العادلة، فيتصدّقون على الجوعي بفتات الفتات و ضميرهم مستريح بفضل ما صار يعرف بـالـ " شاريتي بيزنيس"
Charity business
و الحمد لله على كل شيء.
و لا تظن أن العدالة ، كمفهوم ، غائبة عن " كسور و بواقي التقليد اليهودي المسيحي".أبدا،بل هي في قلب هذا التقليد الجليل، لكن القوم ، في عزّ الغرض ، و الغرض مرض، فضـّلوا إعادة تنظيم الأولويات بما يوافق مصالحهم المذنبة و تناسوا ـ عن سبق القصد و الترصّد ـ تناسوا العدل،و بدلا عنه بذلوا لنا الإحسان المسيحي في أشنع أشكاله: الشكل البيروقراطي الذي تجسده ظاهرة منظمات الإحسان العالمية، التي تستشري كما السرطان على خشبة مسرح البؤس العالمي.
و هكذا يا صاح ، فلو تأمّلت في مقولة " الكسور و البواقي" التي يبدو أنها أفسدت عليك بهجة قراءتي، فستلمس أنها إنما تنطرح كوجه من وجوه الإلتواء الحداثي الذي يملك أن ينسى أو يتذكّر حسب المصلحة.
و هذا النوع من الإلتواء نتقاسمه جميعا بدون فرز، و بصرف النظر عن موقعنا من جغرافيا البؤس.و لعله في تحليل نهائي ما قاسمنا المشترك الأعظم ( و قيل: الأتعس).
و ربما كانت عبارة " التدمير " أقل دقة في توصيف عملية التحوّل في المراجع الثقافية،ذلك أن البنى الرمزية تستعصي على فعل التدمير الفوري الذي يملك أن يقوّض مؤسسات الثقافة المادية ،كالدولة، بين ليلة و ضحاها.و أنا أفضل على" التدمير" عبارة " الإنمساخ" ـ بذريعة " الكسور و البواقي " ـ رغم أن إتصال فعل الإنمساخ إنما يؤدي إلى واقع التدمير في نهاية مطاف ما.شفت كيف؟
و على هذا، فراقصات الرقبة المعاصرات يؤدين رقصة جديدة علاقتها الوحيدة بـ " الرقص الموروث" تتلخص في رغبة الراقصات إحالة رقصتهن الحديثة لجهة التقليد الشعبي الموروث.و ذلك موقف يوغل في منطق الحداثة بقدر ما تسعى الراقصات و جمهورهن لتثمين الممارسة بحجة صيانة الفولكلور السودانوي.و " الكسور و البواقي" المترسبة في قاع الذاكرة هي نفسها من عواقب المفاوضة المستمرة على حساب المصالح و المطالح.و خلاصة الأمر هي أننا ضالعون في الحداثة بشكل نهائي و بلا رجعة، بيد أن ضلوعنا في منطق الحداثة لا يستقيم في أفق تجربتنا الحداثية ما لم يموّه من نفسه تحت غشاء التقليد. و هذا هو ما يمكن أن نسميه بعنصر " الإلتواء" في حداثتنا.حداثة من" يأكل الراس و يخاف من العيون".و في نظري أن وضعية الإلتواء التي نعيشها على صعيد الموقف من الحداثة هي نتيجة منطقية لظروف الإرتجال العصامي الباسل الذي اخترعنا فيه نسختنا من الحداثة بدون عون من أحد.بل و ضد كافة محاولات التثبيط و المعارضة التي واجهناها و نواجهها كل يوم من طرف القوم الذين لا مصلحة لهم في أن نستحوذ على مفاتيح الحداثة الإنسانية.و سيأتي يوم نتجاوز فيه أرض " الإلتواء الحداثي" بكسورها و ببواقيها نحو حداثة ناجزة رحبة تسع الجميع بـ أو بدون كسور و بواقي.
الفاضل،هذا الأمر ، أمر إلتواءات الحداثة، كما قلت لك ، أمر مركّب و نحن ما زلنا منه في مرحلة " شوف العين"فقط، لكن " الغزال" قدامنا و أنحنا وراه و الزمن طويل.
سأعود..
صورة العضو الرمزية
ÍÇãÏ ÈÎíÊ ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 186
اشترك في: الأحد إبريل 01, 2007 9:17 am

مشاركة بواسطة ÍÇãÏ ÈÎíÊ ÇáÔÑíÝ »

العزيز حسن موسي لك المحبة
ما اود الاشارة اليه - ياالحسن الحسن المشكلة في الموضوع دا تكمن في الخطاب السايقنو البسمو نفسهم مثقفين - ربما هم كذلك لا استطيع اصدار اي حكم اطلاقي في هذة المسألة - مسألة كونهم مثقفين وللا لا ؟ - المهم ان ما ادعية استند فيه علي واقعتين احداهما حدثت في احدى قرى النيل الأبيض حين قرر بعض طلاب الجامعات في تلك المنطقة اطلاق مشروع ضد الختان
طيب يا اخوي الجماعة مشوا وبدوا شغالين في الناس كلام كبار كبار على شاكلة - نعتقد ان المسألة ذات ابعاد سايكولوجية وما شاكل هذا القول - المهم الموضوع صعب على اعمامك الكبار ديلك فلم يجدوا مناصاً من ان يقولوا للبنت التي كانت تتبنى مسألة الشرح (الشرح ) - والله يابنية اكان قلتي الكلام دا لأمهاتك اخير - ذهبت تلكم البنت (لأمهاتها ) وبدأت تشرح - فما كان من امهاتها الا وان ارسلنها back لأبواتها تاني - فقالت : انا كنت بتكلم معاهم هسي وقالوا احسن يكلموكم انتوا - فردت احدى حكيمات القرية : هو دحين يابنية قدرتي تقوليلم حديثك الماسخ دي - الله يعوض امك فيكي .
اما الحادثة الثانية :
حين شارك الصديق المبدع والمخرج التلفزيوني فؤاد عبد الرحيم مع جمعية مكافحة العادات الضارة في شمال كردفان في اعداد مشروع يتم من خلاله محاربة هذه العادة ، ولما كان الرجل على معرفة بأحوال الناس هناك فقد اختار الدخول لهم من خلال ثقافتهم - فذهب للشيخ البرعي - رحمه الله - وعرض عليه فكرته ، فما كان من البرعي الا ان انشأ يقول
بالدين افتنوهن
بالحيل اعتنوهن
قط لا تختنوهن
******
في ذلك مضرة
بالزوجات أضرّ
امراض مستمرة
تزداد كل مرة
*****
نبهوا يا ولاة
في الخلا والفلاة
بالقطع الصِلاة
وأفسد للصَلاة
*******
قال من عنده خبره
قطعه جريمة كبرى
تدفع دية جبراً
قبال جرحه يبرا
***
هكذا قام الصديق فؤاد باعدادها في فيديو كليب وسافر بها الى سواري امبادر وحمرة الشيخ وسودري والأحيمرات وام شتامة وكافة القرى المجاوره ، وكان الناس هناك اذ يستمعون الى هذة الرسالة النادرة -يرفعون الفاتحة بالا يفعلوها - بل وفي قرية (مطاليق) ريفي بارا والتي حولوا اسمها الى (الخضرا) وقرية ام زين بلد الاستاذ قريب محمد راجح - كان شيخ الحله يقف قائلا
- ها ناس ها دي كلام ابوكم البرعي مي كلام عويلة ، ها عليّ الحرام اكان سمعت زولاً منكم قالوا طحّر بنيته تان علا نحاكمة .
اها يااخوي شفت الفرق في الخطاب ولياتوا حد ممكن تحقيق نجاحات بس نخلي الحذلقة والتنطّع
تحياتي ،
حامد
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


حاج أحمد ورقص الأنوثة بعيون الجَدَّة

يقولون : تدلف الرؤى من أبواب القص حالمة كصنبور يُخرج الماء من فم تمثال في مكان عام .

نقطف من النص ( أمسية مع الراحل / الشيخ علي المادح ) ما يُعيننا على السرد :

[ بدأ واضح النبرات ، أضاء المكان بصوت يتلألأ . غرَّد المُحب العاشق ، شقَّ الليل بأنواره ، يُعرِج بك في الصفاء : سماء تتلوها سماء ثم أُخرى ، وتغرف أنتَ من النعيم و تشرب. تقشعِرَّ الأجساد من مُلامسة الإيقاع التصويري وتهتزّ الرؤوس وتطرب القلوب .
يُمسك ( حاج أحمد ) بعصاه يتوسط الباحة راقِصاً ، تدور العصا في هالة قُرص من حول رأسه و ( يَعرِضْ ) . قليلاً ثم تتكئ العصا قُرب خصره ، وبدأ ( رقص الحمام ) . زغاريد النسوة تشَق عنان السماء ، ونحن نغُوص في مقاعدنا الوثيرة تعصُف بنا الأشجان . اضطراب للنفس عظيم حين يموج جسد الشيخ الكهل بنضار شباب اليوم !.
لم يكُن ( من تُقل المَرَجرَج و الخايض الوَحل ْ )، بل غُصن يتلوَّى مع النسيم ! .

يصدح البُلبل العاشِق :

سنَّيت بالرسول ضوء الليالي السود
مصباح الظلام الفَضلو ما مجبود
صاحب اللواء المَعقُود ]

سارة طفلة في الرابعة ، مرفوعة على كَتف الجَدة لتُشاهِد الجَد على باحة الرقص الأنثوي الفادِح . ( ليلة المديح النبوي ) . عيناها تتجول تجول السائحين في أزقة الصناعة اليدوية ، لا يُميزون المُقَلَد من غيره . فاغرة فاهاً والعيون على حَورَها ملوَّنة بأضواء المكان . قطعة هشة تجلس على كتف و تُمسِك بها يدٌ معروقة من فعل السنون ، إنها الجَدة ( صفية ) سُلَم ترتقيه الصغيرة لتنظر الحفل . إن تتبعت جسد الجَدة وهي في سن تُفارق الأنوثة نضارها بفعل الزمن ، لم يتبق منها غير هيكل سُليمان : أنا تبحث عنه لن تجده !. قبضة يدها وهي تُمسك ( سارة ) ، يدٌ رحلت أنوثتها منذ زمان فبقيت أنوثة الروح تُرفرف في البعيد وما أعجبها أنوثة !
الجدة تاريخ في البناء الأنثوي الفادح . قصر من قصور ( سواكن ) القديمة و قد جاءها هازم اللذات و حكاوي الجن والمردة التي تلبس فرو القطط ! . ففي الزمن الغابر حين كانت تمثال إثارةٍ في هيكل الإغراء بجزعها المَجدول ، كانت مُنية المُتَمَني !. فطحين الذكورة في زمان النشوة قد طاف عليها طواف أيام النضار وكانت :

( سيدة وجمالها فريد .. خلقوها زي ما تريد ) ! .

تراخت الفتنة الآن إلى كوم لحم يملأ الخاصرة ، وفوقها ومن تحتها كذلك وتهدل الهندام .لا الحناء تُصلِح ما أفسده الدهر ولا نظرها الذي هدته البصيرة لقادر أن يُلملِم أطراف الأنوثة الراحلة إلى البعيد .
فعلت السنون فعلها ، وبقي الحنين وبقايا صوت تَجرَّد من هُرمون الأنوثة فحلَّ صوت أمومة أكثر شفقة على الصغار ، كي تعوض الأمومة الحقيقية التي محاها الزمان بخطوه الغليظ .

رأت الجدة الفُحولة الغاربة في ( حاج أحمد ) ، وهي تنفلت من الجسد الضامر المعصوب بالشدَّة التي روَّتها سنين العُمر ، وشعرت بحسرة كيف أن اللقاء الحميم الذي كان هو ملك صولجانه وقد لفحته نسائم الأنوثة ، وتبدى لها تفسير كل شيء :

لِمَ تغيرت الدُنيا وتبادل الأنيسان أدوار الأنوثة والذكورة ؟

هي في الخفوت وهو في العلن .

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

واصل

مشاركة بواسطة حسن موسى »

عبدالله بيكاسو الشقليني
أنا متابع و مستمتع
واصل
سلام
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

قانون البوشاني

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جيوبوليتيك الجسد37

قانون البوشاني

أما عن" القانون" يا أوسطى، فهو قانون علم الجمال ( و " علم القبح") الذي عليه يتم إختيار ملكات جمال العالم، مثلما يتم عليه استبعاد كافة من لا تنطبق عليهن مواصفات الجمال القانونية، و عليه أيضا يتم اختيار مواصفات السلع الإستهلاكية و ترميزها فرضها على العالم قاطبة. و هو في النهاية قانون التجارة الكبيرة التي لا تطيق الإستثناءات الثقافية و العرقية التي قد تفسد عليها نظامها( تحريم الربا عند المسلمين مثلا). و التجارة الكبيرة المعولمة هي المساحة التي يتجسد فيها نوذج توحيد مواصفات السوق على أفضل أشكاله. و قديما كان أهلنا يعبرون بقولهم :" سماحة جمل الطين" أو يصفون الشيء الجميل بلا منفعة بكونه " شرافة ساكت" تعبيرا عن مجانية الظاهرة الجمالية و غياب المنفعة التجارية فيها. لكن السوق لا يطيق الظواهر المجانية، فكل شيء يباع و يشترى وفق قانون العرض و الطلب.رحم الله مولانا " جون لينون" و رهطه الذي كان يتغنى بـ
I don’t care too
much money
money can’t by me love
و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، فقد أثرى جون لينون و آله من مجرد رفع شعار التمرد على قانون السوق و اتفرّج و شوف يا سلام.
المشكلة التي تواجهنا اليوم هي أن من يسيطر على السوق يملك أن يفرض مواصفات البضاعة على جمهور المستهلكين. و نحن يا صاح ناس غلابة تحت رحمة أشد آلات حرب التجارة الكبيرة فتكا: آلة علم الجمال.و المثل الشعبي المصري يعبر عن حالنا في عبارة " اللي يتجوز أمي أقول له يا عمّي". و إن كان لنا عزاء في الأمر فنحن لسنا وحدنا المعنيين بعواقب جمالية التجارة الكبيرة. و سنظل نتبنـّى جماليات الأوروبيين و نقتني بضاعتهم حتى نأتي عليها كلها.و إذا تسنى للآسيويين يوما أن يتسنّموا ظهر موجة التجارة الكبيرة فسيفرضون علينا و على الأوروبيين جمالياتهم و يبيعوننا بضاعتهم باسمها و هكذا " دواليبك". فما العمل؟

ـ أما في خصوص إشارتك للعبة "إبرة ودّر" و للـ " ستريبتيز" ، و أنت تتساءل عن ظاهرة السماحة المشهدية في رقصة العروس، فمعلوماتي في خصوص رقصة " إبرة ودّر" لا تسمح لي بالخوض في الأمر، و لننتظر مساهمات قراء " جهنم"، و فوق كل ذي علم عليم.

ـ أرجو أن تفصح أكثر في خصوص اعتراضاتك على استخدامي لعبارات مثل :" الطبقة الوسطى العربسلامية" و توصيفات " اليمين و اليسار" في السودان.

ـ النموذجان الجماليان اللذان أوردتهما برسم المقابلة مع الجسد السوداني الممسوخ، أعني نموذج " جدي العسين" اللواتي يبذلن لذكورهن برنامج عمل واضح و عادل، فهو في نظري أدخل في ظاهرة تقسيم العمل ضمن المجتمع قبل الرأسمالي.. و الله أعلم.
أما النموذج الثاني، خاصة" البوشاني" الفصيح الذي يتنبّر بالقبح الأكبر: الموت شخصيا،( الجُلـّة الفرطقت) ، الذي لا يضاهيه قبح سوى قبح " عريانة دنقرت"، فهو يكشف على أسلوب الصورة السلبية " النيقاتيف" عن سلم المعايير الجمالية الذي يبدأ من غاية القبح لغاية غاية الجمال.و في خاطره إضمار بكون أصل القبح في فعل الموت بينما منتهى الجمال في فعل الحياة. و من جدلية الحياة و الموت كنقيضين متكاملين يكون تداخل الجمال و القبح و تكاملهما بما يجعل من القبح درجة في سلم الجمال و العكس.
و ليس صدفة أن القبح إنما يستعير صورة الأنثى المقلوبة أو المعكوسة" النيقاتيف" لتوصيف الرجل الفارس الإنفجاري " الجلة"، الذي لا يطاق لأنه يمثل في هيئة الموت. فالجمال ينتفع بصورة الأنثى الإيجابية " بوزيتيف" المقبلة التي تمثل في مقام الحياة.
و أظن أن القانون( و" القانون حمار" في بلاغة الشعب الذي يعبّر عن قصور القانون عن الإحاطة بتعقيد الواقع و تركيبه)، أقول : ان القانون عموما لا يكون بغير تعارض الإيجاب و السلب.أو " النيقاتيف" و " البوزيتيف" ، في تعبير تقنية الفتوغرافيا.و هو تعارض بسيط ،( تعارض "حمار")، لكن سر كفاءة القانون إنما يكمن في هذه البساطة الفادحة، بساطة ترميز الآليغوريا.
Allegory

لصورة التعارض البدائي بين الحياة و الموت ، أو لو أخذت مثال الرمز البصري" بيكتوغرام"
Pictogramme
كما في رموز إشارات المرور، فالتعارض البسيط يدعم من كفاءة القانون المبني عليه كونه ينطلي على كل الخواطر بدون فرز.و يفرض عليها الوعي بحدود القانون.و لهذا لا يستغني قانون الجمال في حجوة " النيتو و اللعيب" عن إيراد قانون القبح.أو كما قال:
" .. و نادى [ محمد الشاطر] عبده و قال له : " يا بشارة أمش بيت العروس، و اتحيّل و شوف لي النيتو دي شكلها كيف إنُه".
و مشى بشارة لأهل العروس و ادّعى انه عطشان جدا.و طلب منهم كوز ما ، و كانت النيتو قاعدة قدام المشاطة، و نظر إليها بشارة بتدقيق و عرف شكلها و رجع لسيده محمد الشاطر،
فقال له محمد الشاطر:كيف وش النيتو؟
بشارة : كدوسك المصّيته.
(ضد وش اللعيب" قمر سبعتين الليها دارة)
محمد الشاطر:كيف عيون النيتو؟
بشارة:كديسك الـ زازيتو.
محمد الشاطر: كيف خشم النيتو؟
بشارة : كنتوش ملاحك الـ تكيته.
محمد الشاطر: كيف شعر النيتو؟
بشارة: صوف كديسك الـ بلّيته.
(ضد شعر اللعيب: هضليم نعام خاتي انقصاره")
محمد الشاطر:كيف إيد النيتو؟
بشارة : مغيزلك التّرّيته.
(ضد ايد اللعيب:"كرباج العنج عند البطارى")
محمد الشاطر: كيف نهد النيتو؟
بشارة: قرقادك الـ شويته.
محمد الشاطر:كيف بطن النيتو؟
بشارة:كرتوبك الـ وسط الديار رميته.
(ضد بطن اللعيب:"طاقة الهنود عند التجارة")
محمد الشاطر: كيف ضهر النيتو؟
بشارة:قوسك الـحنيته.
(ضد ضهر اللعيب:" فِتِر و شِبِر ليهو انفزارة")

محمد الشاطر: كيف كفل النيتو؟
بشارة : طارك الـ دقّيته.
(ضد كفل اللعيب:"ود الجدي الراقد حداره")
محمد الشاطر:كيف كرعين النيتو؟
بشارة:ود السقد الـ سكّيته و اتمطرق طالب بيته.
(ضد " قدم " اللعيب:" قدم الحمام فوق الحجارة")
محمد الشاطر : شن يحلني من النيتو؟
بشارة : جملك ان شديته و مالك ان خليته.و شدّ محمد الشاطر جمله و خلّى ماله، و سافر هو و بشارة بليل، و أصبحا من الصباح في بلدا طيره عجمي.."(عبد الله الطيب " الأحاجي السودانية"، دار جامعة الخرطوم للنشر 1978 ).
أين نحن يا صاح من جدي العسين اللواتي لا يأتيهن الباطل من بين أيديهن و لا من وراء و ..هيهات.أقول :" و هيهات" لأنـّي في (سوء) ظني العريض لا أستبعد إحتمال أن تموّه " جدي العسين"، من وراء البهاء الحبيب الآسر الوجه الآخر لقانون الجمال: وجه القبح الرهيب الذي لا يقوى على مقابلته أشجع الشجعان و أشطر الشطار، ذلك هو يا صاحبي وجه "عريانة دنقرت" الذي استعاره البوشاني الفصيح لتخويف العدو،بوصفه أعلى قيمة في علم جمال الموت، في تلك اللحظات الرهيبة، لحظات الخراب النهائي البديع التي لم يكن يعد في وسع الأنصار" المقنقنين" فيها أن يهربوا من الموت إلى أي" بلد طيره عجمي". يعني ، زي مابقول المثل: " كان غلبك سدّها ، وسّع قدّها".
و لو تأملت في كل هذا لوجدت أن علم جمال الحياة لا يستغني عن علم جمال الموت.
و من يدري ؟ فربما أعاننا التأمل في نسختنا المحلية من علم جمال الموت على تفهم علم جمال الحياة الذي ينبغي علينا إعادة إختراعه عند تقاطع فوضى الحداثات.
الفاضل يا أخانا الذي في تورونتو، أظن أن أدب الجسد عموما،و أدب الجسد المؤنث خصوصا في تقليدنا العربسلامي،بحر واسع ، الإحاطة به أمر عسير يتجاوز طموح هذه الوريقة الباسلة، و فيما وراء قشرة الكليشيهات الأدبية الدارجة التي تحيل خصائص الجسد المؤنّث إلى قانون توحيد المواصفات لصالح النموذج الجمالي لجسد السوق،فمن الممكن ـ لو نبشت شوية ـ من الممكن أن تعثر على تلك الأمور المنسية ـ وعن سبق القصد ـ في تلافيف الذاكرة ، كونها صارت في حكم ما لا يطاق.و سأعود لهذا المبحث لاحقا ، فهو يستحق التأنـّي، و أرفق لك طيه رسالتي ل" إليزابيث جيورجيس"، و هي باحثة و كاتبة ، مهتمة بالفن الأفريقي المعاصر ،حاورتني مرة ، ضمن مشروع نشر،في خصوص تصاويري.و قد نشر جزء من الحوار( وسط الغلطات المطبعية إياها) في مجلة " إنكا" رقم 13 و 14 صيف 2001
NKA n° 13/14, 2001

التي يشرف عليها أخونا صلاح الجرق في الولايات. لكن هذه الرسالة المرفقة لم تنشر في الحوار( و لا أدري لماذا). المهم يا زول، أرجو أن تنظر فيها و تنورني بأنوارك النقدية، فهي تلامس ، على نحو غير مباشر، موضوع البوشاني الفصيح.
الفاضل، أوقف رسالتي هنا و سأنهض على رسالة أخونا عصام علي التورنتي و فيها تفاكير نقدية مجيدة، و في خاطري طرح كل هذا في جهنم القادمة.
".."
أكتب و بلّغ التحيات الزاكيات لناس تورونتو
و لك المودة

حسن
دوميسارق في 17/12/2004
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



السَّوءة ومفاتيح التكاثُر في الكُتب المُقدسة (1)

مقدمة :

ربما كان المدخل لهذا الملف الثري في الأذهان وجه من أوجه المجتمع الذي تلبسته روح ضد الفطرة ، رغم أن الصراخ يعلو في كل المنابر أن دُعاة الختان هم أهل الوسط والتوسط وأصحاب الفطرة : اللبن والماء والعسل والتمر والأعناب والتين والزيتون . يرفدون رؤاهم بآي الذكر الحكيم ، وكِسوة من القداسة حتى لا يقدر عليهم مُقتدِر ، أو يتجول مضاربهم ناظرٌ في المفاتن وهم له بسيوف النفي .

يقول الذكر الحكيم :

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }البقرة143

لم يكُن الجُناة أصحاب توسط أو خُلق من أخلاق الفطرة ، عند تجنيهم على مفاتيح الإكثار لدى الأطفال الإناث .
من الخير لنا أن نفتح الكُتب المُقدسة ، ونتطلع للمتوفر لدينا من رؤاها في إخفاء مفاتيح التناسُل ، و صار مسلك الإخفاء من بعد عادة طالت كل الخراب الذي لحق ولم يزل يلحق بمفاتيح الإكثار من طقوس المجتمعات من حجب وإغلاق وإعمال فؤوس البتر وإصباغ القداسة على الفعل الاجتماعي النَكير .

في النص المُقدس من العهد القديم :

فُتِحت أعيُن آدم وحواء على العري ومُحاولتهما إخفاء مفاتيح الإكثار عند اكتشاف المعرفة بعد أن أكلا من الشجرة المُحرمة التي أغرتهما بها حيَّةً ، فخاطا من أوراق التين وَ صنعَا لنفسيهما مآزر لتغطية مفاتيح التناسُل .

في نصوص من القرآن الكريم :

في حين نجد النص المُقدس في القرآن الكريم حين وصف مفاتيح الإكثار عند آدم وحواء ، أوضح أنها ليست للستر فحسب ، بل هي ( سَّوءة ) تسوء الناظر إليها . ومن هُنا وربما في مقال لاحق ، سنرى كيف آخت كلمة ( السَّوءة ) كلمة أخرى هي ( السُوء ) واقترنا في بواطن اللغة وزحفها الباهر عبر التاريخ واستشرت قيم المجتمعات وطالت حوائطه المقدسة ، الأمر الذي مهد لتنفيذ الجرائم في الخفاء و في مواضع سترت عليها الأديان وأطفأت أضواء النظر عندها ، فأضحى الستر والإحصان من المفاخِر :

يقول الذكر الحكيم :

{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }التحريم12

لقد آن للناظرين في علوم اللسانيات واختلاط أنساب العلوم كشف حفريات اللغة التي كان يُرددها الذاكرون والمُتعبدون دون الغوص في أعماق معانيها : من أين أتت وكيف ؟ ، و التفكر في مكر المُجتمعات وهو يلبس لباس التقديس ، وهو موضوع لا تنفع معه عُجالة الكتابة السماوية .

نترُك الآن كل ذلك ونقف هُنا ونُعيد قراءة بعض القطف من النصوص المُقدسة وهي أوضح مما كُنا نتصور :

( أ ) نص من العهد القديم :

من سفر التكوين ـ من الإصحاح الثاني :

{ وأخذ الرب الإله آدم و وضعه في جنة عدنٍ ليعملها ويحفظها . وأوصى الربُ الإله آدم قائلاً من جميع شجر الجنة تأكُل أكلاً . وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها . لأنكَ يوم تأكل منها موتاً تموت . وقال الرب الإله ليس جيداً أن يكون آدم وحده . فَأصنَعَ له مُعيناً نَظيره . و جَبَلَ الربُ الإله من الأرض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء فأحضرها إلى آدم ليَرى ماذا يدعوها . وكل ما دعا به آدم ذات نفسٍ حيةٍ فهو اسمها . فدعا آدم بأسماء جميع البهائم و طيور السماء و جميع حيوانات البرية . وأما لنفسه فلم يجد مُعيناً نظيره . فأوقع الربُ الإله سُباتاً على آدم فنام . فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحماً . وبنى الربُ الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأةً وأحضرها إلى آدم . فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي . هذه تُدعى امرأة لأنها من امرءٍ أُخذت . لذلك يتُرُك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً . وكانا عُريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان .

تكملة النص في الإصحاح الثالث من سفر التكوين :

وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله . فقالت للمرأة أحقاً قال الله لا تأكُلا من كل شجر الجنة . فقالت المرأة للحية من ثمر الجنة نأكُل وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله الإله لا تأكُلا منه ولا تَمساه لئلا تموتا . فقلت الحية للمرأة لن تموتا . بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعيُنكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر . فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر . فأخذت من ثمرها وأعطت رجُلها أيضاً منها فأكل . فانفتحت أعيُنهما وعلما أنهما عُريانين . فخاطا أوراق تينٍ وصَنعَا لأنفسهما مآزر . }

( ب ) نصوص من الذكر الحكيم ومعانيها الموجزة وفق تفسير الجلالين :

1/

{ فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ }المائدة31

من تفسير الجلالين :

31 – ( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض) ينبش التراب بمنقاره وبرجليه ويثيره على غراب ميت حتى واراه (ليريه كيف يواري) يستر (سوأة) جيفة (أخيه قال يا ويلتى أعجزت) عن (أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين) على حمله وحفر له وواراه

2/

{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ }الأعراف20

من تفسير الجلالين :

20 - ( فوسوس لهما الشيطان) إبليس (ليبدي) يظهر (لهما ما ووري) فوعل من المواراة (عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا) كراهةَ (أن تكونا مَلَكَين) وقرئ بكسر اللام (أو تكونا من الخالدين) أي وذلك لازم عن الأكل منها كما في آية أخرى {هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى}

3/

{ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ }الأعراف22

من تفسير الجلالين :

22 - ( فدلاهما) حطَّهما عن منزلتهما (بغرور) منه (فلما ذاقا الشجرة) أي أكلا منها (بدت لهما سوآتهما) أي ظهر لكل منهما قبله وقبل الآخر ودبره وسمي كل منها سوأة لأن انكشافه يسوء صاحبه ( وطفقا يخصفان) أخذا يلزقان (عليهما من ورق الجنة) ليستترا به (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) بين العداوة ، والاستفهام للتقرير

4/

{ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }الأعراف26
من تفسير الجلالين :

26 - ( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا) أي خلقناه لكم (يواري) يستر (سوآتكم وريشا) وهو ما يتجمل به من الثياب (ولباس التقوى) العمل الصالح والسمت الحسن ، بالنصب عطف على لباسا والرفع مبتدأ خبره جملة (ذلك خير ، ذلك من آيات الله) دلائل قدرته (لعلهم يذكرون) فيؤمنوا فيه التفات عن الخطاب

5/

{ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأعراف 27

من تفسير الجلالين :

27_ (يا بني آدم لا يفتنَنَّكم) يضلنكم (الشيطان) أي لا تتبعوه (كما أخرج أبويكم) بفتنته (من الجنة ينزع) حال (عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه) أي الشيطان (يراكم هو وقبيله) جنوده (من حيث لا ترونهم) للطافة أجسادهم أو عدم ألوانهم (إنا جعلنا الشياطين أولياء) أعوانا وقرناء (للذين لا يؤمنون)

6/

{وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }التوبة 98

من تفسير الجلالين :

98 –( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق) في سبيل الله (مغرماً) غرامةً وخسراناً لأنه لا يرجو ثوابه بل ينفقه خوفاً وهم بنو أسد وغطفان (ويتربص) ينتظر (بكم الدوائر) دوائر الزمان أن تنقلب عليكم فيتخلص (عليهم دائرة السَّوء) بالضم والفتح ، أي يدور العذاب والهلاك عليهم لا عليكم (والله سميع) لأقوال عباده (عليم) بأفعالهم .

سنعود إن كان في ذلك من مُتسع .

عبدالله الشقليني
28/04/2007 م

الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

جسد العِدا
بلابيط برّا فى السّهله:

العزيز حسن موسى هاك هذى الحكوة من عيال الانصار.

أستكتب يونس ود الدكيم عامله فى رسالة تاريخية شديدة اللّّهجة الى ونجت باشا قائلا:
من يونس ودالدكيم صندالة الخيل الى ونجت باشا كبير الَمشارْكه :
بيى الله كيى يومنا النلاقوكو
نربّوكو رب ، ن-ch-وبوكو chبْ
نكوبوكو كبْ
نشربوكو شرابْ
الا تجروا وبلابيطو برّا..

وهو تعبير ذو علاقة لافكاك منها فى عملية تحويل اللبن الى فرصه (زبدة) وروب فى البخسة/القرَعَة...
ليونس ود الدكيم حكاوى اممية كونه طمع فى زواج ملكة بريطانيا بعد هزيمة مستحيله/محتمله للمستعمر حققه روائيا فيما بعد مصطفى سعيد فى رواية موسم الهجرة الى الشمال.

الفاضل الهاشمى
مازن مصطفى
مشاركات: 1045
اشترك في: الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:17 pm
مكان: القاهرة
اتصال:

مشاركة بواسطة مازن مصطفى »

..
آخر تعديل بواسطة مازن مصطفى في الأحد يناير 06, 2013 1:22 pm، تم التعديل مرة واحدة.
iam only responsible for what i say, not for what you understood.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الأعزاء

مشاركة بواسطة حسن موسى »

الأعزاء
مازن و الفاضل و الشقليني
ألف شكر على النظر النقـّاد
ومعذرة على انقطاعتي لكنه تراكب المشاغل و أمور الدنيا أم قدود.
مازن
تقريظك أسعدني ، و قيل : "أثلج صدري" ،( و هي عبارة لا تطاق في شتاء شمالي المتوسط لكنها تنفع في سموم المناخات الحارة الجافة التي تكابدونها)، و أنا انتفع كثيرا بقراءاتك الناقدة و أتفاعل معها و بها فشكرا لك .
الفاضل
بقية الكلام في جيوبوليتيك الجسد ما زالت تشغل جزءا مهما من براح الخاطر و سأعود لحكاية يوسف الدكيم و انتفاع الطيب صالح بها في موسم الهجرة.و كان ما نخاف الكضب أظن ان الطيب صالح نسب القصة لقائد آخر من قواد المهدية ( محمود ود أحمد؟).
عبدالله بيكاسو الشقليني
حديثك في إشكالية " العورة" ضمن مشهد النصوص السماوية ( و الأرضية) يفتح للريح أكثر من باب،و أنا من زمن أحاول تقطيعه وأفتـّح له الأبواب الصغيرة بلا فائدة.فاصبر علي و ربما فتحنا خيطا مستقلا لهذا الموضوع الجبّار.
مودتي
أضف رد جديد